29‏/07‏/2015

أوروبا ويسار اليونان

أوروبا ويسار اليونان د.خليل حسين أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية الشرق الاوسط 2-7-2015 ثمة من يقول أن اليونان ترسم حاليا مستقبل أوروبا ، بالاتحاد أو التشجيع على فرط عقده، وبصرف النظر عن تلك الحجج والمبررات ، ثمة ما هو معلن ومضمر في الأزمة اليونانية تخفي ورائها سياسات اقتصادية بخلفيات إيديولوجية ، وهي بالمناسبة ليست أزمة جديدة بحد ذاتها، بل أزمة مالية خاصة ، كنتاج لسياسات مالية دولية ، فاليونان رزحت تحت ضغط هائل منذ سنوات طويلة ، أعيد هيكلة وضعها المالي أوروبيا عبر صندوق النقد الدولي وبشروط اعتبرتها أثينا مجحفة. وبصرف النظر عن نتيجة الاستفتاء اليوناني ، فسيشكل علامة فارقة للرأي العام الأوروبي تحديدا ، حول مستقبل السياسات المالية والاقتصادية المتبعة في دول الاتحاد وعلاقاته البينية والدولية. فآباء الديموقراطية احتاروا بين اللا للتقشف الذي تقوده المؤسسات المالية الدولية وبدعم من الدول الأوروبية القوية اقتصاديا والضعيفة سياسيا ، وفي طليعتها ألمانيا وبلجيكا وغيرهما التي ارتجفت من تجربة وصول اليسار إلى الحكم في اليونان، والنعم التي ستبقيهم في جنة اليورو المفترضة ، والتي أبقتهم في حلقة الاستدانة المفرغة، والتي قادتهم إلى عجز سداد الديون وآخرها المليار وستماية مليون دولار. هذه الحيرة اليونانية ليست وحيدة عمليا، فمعظم دول العالم هي دول مدينة للصناديق الدولية ، وتعاني ما تعانيه أثينا، إلا أن الفارق في هذه الحالة ، خصوصية الوضع الأوروبي ومزاجه السياسي من السياسات المتبعة في غير دولة ، والتي تشير إلى حالات تبرّم وتذمّر ، من الممكن أن تسهم في تغيير سياسات والعودة باليسار إلى الحكم في بعض دول أوروبا، وما يعنيه ذلك من تحولات وتداعيات اجتماعية واقتصادية على المستويين الأوروبي والعالمي. فالتحولات الهائلة التي جرت منذ مطلع عقد التسعينيات من القرن الماضي، أعطت فرصة ذهبية للنيو ليبرالية لإثبات مقولاتها الاقتصادية والسياسية في معظم إرجاء العالم وبخاصة في أوروبا، في ظل غياب الشيوعية، لكن النتائج كانت مختلفة تماما ، لم تدم نعمة غياب الشيوعية كثيرا حتى أطلت الأحزاب اليسارية في غير بلد لتطرح نفسها بديلا بعد سلسلة العثرات والأزمات الاقتصادية الدولية، ومنها اليونان التي غردت خارج السرب الأوروبي ، وشكلت حالة مرعبة لأنظمة كثيرة. ولنكن منصفين وموضوعيين هنا، فمن الصعب إلقاء اللوم كليا على السياسات التي إلزمت فيها اليونان، وترجمت وكأنها فشل للسياسات الليبرالية، فاليونان عمليا لا تتمتع باقتصاد استثماري كبير قادر على منافسة الآخرين، وهو غارق بمشاكل بنيوية من الصعب حلها ببرامج أطلقها اليسار في ظل أزمات متلاحقة عمرها عقود ، كما أن تجربة اليسار ليست بجديدة في المجتمع اليوناني ولا تعتبر سابقة، فقد أخذت فرصتها ،رغم ما يشاع عن تدخلات خارجية ساهمت في إسقاطها سابقا. العالم بمعظم دوله وحكوماته يتخبط في أزمات مالية واقتصادية لا حصر ولا حدود لها، صحيح أن ثمة انتقادات جوهرية توجه لسياسات صندوق النقد الدولي وشروطه القاسية تجاه الدول لجهة إجبارها على السياسات التقشفية التي تطال الشرائح الاجتماعية المتواضعة الدخل، إلا انه في المقابل ثمة مسؤولية على الدول لإتباع سياسات مالية واقتصادية موضوعية تراعي حجم إنتاجها القومي، بشكل لا تتبع سياسات شد الأحزمة وليس بالضرورة سياسات الإفراط في الرفاه على حساب قطاعات استثمارية حيوية ، وهي مشكلة جميع الدول والأنظمة التي تُغرق شعوبها بوعود ليست قادرة على تنفيذها. في أي حال من الأحوال ، اليونان كمن يجلس في منتصف الطريق، فجميع خياراتها المستقبلية مرتبطة بسياسات إصلاحية وإعادة هيكلة مالية اقتصادية، وهي بالمناسبة ليست سهلة، بل تتطلب جهودا من بينها ما يطلبه صندوق النقد الدولي، وبصرف النظر إن خرجت من اليورو ام لا ، فالأزمة ربما ستظل قائمة لوقت طويل، علما أن الخروج من اليورو لا يعني بالضرورة الخروج من الاتحاد ، فدستور الاتحاد وأنظمته لا يربط بين الحالتين، من هنا إن وضع اليونان المالي والاقتصادي من الممكن ن يرخي بظلال كثيفة على المزاج والرأي العام الأوروبيين لجهة إعادة هيكلة السياسات والحكومات وان اختلفت الأسباب والأهداف.

هل سيوقع اتفاق الإطار النووي في موعده ؟

هل سيوقع اتفاق الإطار النووي في موعده ؟ د.خليل حسين أستاذ القانون الدولي والدبلوماسي في الجامعة اللبنانية الشرق الأوسط 25-6-2015 أيام قليلة تفصلنا عن الثلاثين من يونيو/ حزيران كموعد لتوقيع اتفاق الإطار، فهل سيوقع، أم ستمدد المهلة ؟ وما هي العقبات الفعلية والعملية؟ ثمة مزيج من العقبات يتداخل فيها التقني بالسياسي والمالي، وان كانت غالبية الجوانب قد أنجزت ولو على"زغل" سياسي ، إلا أن تفاصيلها تبدو محيّرة للأطراف جميعا، وبخاصة مسألة العقوبات، فما هي أطرافها ووسائلها وحدود تجاوزها. تعود العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران إلى بدايات سقوط نظام الشاه في إيران، والتي قدرتها الإدارة الأميركية في حينه بما بين 10 و12 مليار دولار أميركي. واتفق الطرفان في محادثات الجزائر في كانون الثاني / يناير 1981 على إطلاق المحتجزين مقابل تعهد أميركي بـ : عدم التدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، وعدم السماح للمحتجزين بمقاضاة إيران بعد إطلاقهم، ومساعدة طهران في المحاكم الأميركية للحصول على أموال الشاه، وإعادة الأموال الإيرانية المحتجزة وقيمتها حوالى 8 مليار دولار. إضافة إلى الخلاف على عقود سلاح دفعت طهران ثمنها ولم تسلم، وتبلغ قيمتها 12 مليار دولار وفق الإيرانيين، و500 مليون دولار وفق الأميركيين. أما أموال الشاه التي قدرتها إيران في حينه بـ24 مليار دولار، فتم تجاهلها بعد وفاة الشاه في مصر.وبعد تفجير مقر المارينز في بيروت 1983 تجددت العقوبات. وفي سنة 1995 أصدر الكونغرس الأميركي قانوناً يسمح بمحاكمة حكومات أجنبية، ما فسح المجال لدعاوى كثيرة ربحها المدّعون وبلغت قيمتها مليارات الدولارات من دون الحصول على الأموال من الأصول الإيرانية المجمدة بسبب نفادها. وبين الأعوام 1995 و2013 وضعت أميركا قوانين وإجراءات طاولت أشخاصاً ومؤسسات وتعاملات مصرفية إيرانية ، ثمة قضيتان في هذا المجال، العقوبات التي وضعها الكونغرس والأخرى التي وضعها الرئيس الأميركي بموجب أوامر تنفيذية. ويعود الحق في رفع العقوبات الرئاسية إلى رئيس الجمهورية، كما بإمكانه "تعليق" عقوبات اتخذها الكونغرس وليس "رفعها" بعد إعلام الكونغرس بزوال الأسباب.إلا أن الكونغرس ربح الجولة الأولى في مواجهة أوباما بعد توقيعه قراراً للكونغرس نال تأييد كل الجمهوريين والغالبية الساحقة من الديموقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ، بإلزامه تقديم أي اتفاق مع إيران لمناقشته أمام الكونغرس خلال خمسة أيام من انتهاء المفاوضات، مرفقاً بتقرير من وزير الخارجية جون كيري، حول التحقق من امتثال إيران لشروط الاتفاق، وضمانات ذلك وآليات رفع العقوبات. مقابل حق الكونغرس لجهة الاتفاق أو رفضه خلال 30 يوماً يجمَّد خلالها أي رفع للعقوبات. والمشــكلة هنا إذا رفض الكونغرس الاتفاق، ما يسمح لأوباما استعمال حق الفيتو الذي يستوجب الحصول على ثلثي الأصوات في المجلسين ، وهو أمر غير متوفر حالياً، إذ سيتوقف على نوعية الاتفاق والضغوط التي ستمارسها إسرائيل لرفضه. في المقابل تتفق الإدارة الأميركية والكونغرس على عدم رفع العقوبات المتعلقة بالإرهاب في المرحلة الأولى، وحتى التوصل إلى حلول للقضايا المتعلقة بإيران في المنطقة ، وفصلها عن العقوبات الأخرى، بخاصة المتعلقة بالبرنامجين النووي والصاروخي. ولا تقتصر العقوبات على الجانب الأميركي، والتي توسعت جغرافياً من العام 2006 بعد قرار مجلس الأمن 1696 تحت الفصل السابع، الذي أمر إيران بإيقاف التخصيب كلياً، وأتبعه بخمسة قرارات باستثناء واحد تحت الفصل السابع، تم بموجبها تجـــميد أمـــوال وحظر سفر بحق أشخاص وشركات تتعامل مع إيران في برنامجها النووي، وطالب طهران بإيقاف عملها على تطوير الصواريخ البالستية. والمشكلة هنا أن الاتفاق المنتظر لم يطالب طهران بإيقاف التخصيب ، بل تخفيض نسبته فقط، ولا يطلب إيقاف عملها على تطوير الصواريخ البالستية، أي المطلبين الرئيسين الذين على أساسهما صدرت القرارات الدولية. وبالتالي سيكون على مجلس الأمن أن يرفع العقوبات دون زوال الأسباب التي وُضعت من أجلها، والأمر ذاته ينسحب على الدول التي استجابت للقرارات الدولية. يشار إلى أن حساسية العقوبات الأمريكية ليست في قيمة الأموال والممتلكات الإيرانية المحتجزة بل في العقوبات الأخرى، بخاصة المصرفية والتي تجعل تعاملات إيران التجارية بالدولار واليورو مستحيلة، فالأموال الإيرانية المحتجزة حول العالم والتي تقدر بما بين 50 و100 مليار دولار ناتجة في أغلبها عن مبيعات النفط غير المسددة بسبب العقوبات المصرفية الأميركية والأوروبية والتي يصعب ضبطها بدقة. والأمر لا يقتصر على العقوبات الاقتصادية، فهو يشمل السلوك السياسي بنظر أطراف إقليمية في المنطقة كدول الخليج وتركيا وإسرائيل، التي ترى أن رفع العقوبات ينبغي ربطه بالسلوك السياسي الإيراني في المنطقة، إضافة إلى الضمانات التي تطالب بها إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك إن تصويت مجلس الشورى الإيراني مؤخرا على مشروع الاتفاق وتوصيته بالتشدد لجهة العديد من الجوانب، يبطئ من إمكانية التوصل الى توقيع الاتفاق في الآجال المعلنة. إن مطالب واشنطن وحلفائها من العرب والأوروبيين وإسرائيل وغيرهم ، لجهة ربط رفع العقوبات بالسلوك السياسي الإقليمي لإيران، معطوفا على كل من البيئتين في الكونغرس الأميركي ومجلس الشورى الإيراني، إضافة إلى تنوع وتعدد العقوبات وصعوبة تفكيكها، قد تسهم جميعها في تأخير الوصول إلى الاتفاق النهائي، والمشكلة الأهم هي في إيجاد القطبة المخفية في الاتفاق لتجاوز رفع العقوبات بصورة فورية، وقبول إيران برفعها على مراحل.

خلفيات القرار 2231 وابعاده

خلفيات القرار 2231 وابعاده الخليج 27-7-2015 د. خليل حسين * يعكس القرار 2231 مساراً طويلاً ومعقداً للاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الست، وهو بمثابة خريطة طريق يتعين على أطرافه وبخاصة إيران احترامه بدقة متناهية، باعتباره يتضمن نقاطاً إجرائية وتنفيذية لشبكة معقدة من الالتزامات المرتبطة بجداول زمنية طويلة نسبياً، إضافة إلى تعدد وتنوع البيئات المتصلة بها لجهة الرقابة وآلياتها، ونوعية الخطوات التي ستتبع في كل مرحلة من مراحله. علاوة على ذلك، فالقرار لا يعتبر سابقة دولية لجهة آليات التنفيذ المعقدة، بقدر ما هو ربط محكم لحالات يمكن أن تظهر مستقبلاً، ومرتبطة بتعهدات دولية وبخاصة من روسيا والصين لاتخاذ ما يلزم في حال الإخلال بآليات التنفيذ. فقد حددت مدة القرار بعشرة أعوام، وترتبط مدة التخفيض بتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا ما تضمن أن البرنامج النووي الإيراني سلمي بالكامل. واللافت هو في تحديد الفترات الزمنية المتتالية والمرتبطة بقيود على أسلحة ذات طابع خاص كالصواريخ البالستية، وهي مسألة حاولت الدول الست إدراجها في جولات المفاوضات، إلا أنها وجدت رفضاً قوياً من طهران، في المقابل يرفع القرار العقوبات الاقتصادية كبيع النفط والتحويلات المالية. استذكر قرار مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، القرارات الدولية التي صدرت بحق إيران، منذ العام ٢٠٠٦، بدءاً بالقرار ١٦٩٦ وانتهاءً بالقرار ١٩٢٩ الصادر عام ٢٠١٠. ونص على: «تعهد إيران في اتفاق جنيف عدم إنتاج أو حيازة سلاح نووي في أي وقت من الأوقات»، وكذلك: «الاستعداد لإخضاع برنامجها للشفافية اللازمة». وأكد منع الانتشار النووي والحل السياسي والدبلوماسي. ونص القرار على إطار قانوني معقد للوساطة حين الاشتباه في أي انتهاك. عبر لجنة متابعة مشتركة، تتكوّن من مجموعة الست وإيران، تقوم بمراجعة نظام العقوبات الصادر سابقاً عن مجلس الأمن، للتثبت من الالتزام الإيراني وإعادة فرضه في حال تم التأكد من انتهاكه جدياً. يشار إلى أن هذه الآلية، كانت في مقدمة القضايا التي تم التباحث بها وكادت أن تطيح بالمفاوضات في مراحلها الأخيرة، لولا الجهد الروسي والصيني آنذاك؛ إذ جرى تجاوز ذلك، بجعل الاتفاق مبنياً على قرارات مجلس الأمن المعتمدة حالياً، إذ يُعاد العمل فيها تلقائياً، حال بلوغ العملية السياسية والوساطة طريقاً مسدوداً في المفاوضات داخل مجلس الأمن. لقد رُبط القرار بشكل مباشر مع إعلان ١٤ يوليو/ تموز ٢٠١٥ في فيينا. وأعطى للوكالة الدولية للطاقة الذرية دوراً محورياً ومركزياً لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة للتثبت وللرقابة على برنامج إيران النووي، وألزم مدير الوكالة بتقديم تقارير منتظمة ومفصلة إلى حكام الوكالة الذرية ومجلس الأمن حول تنفيذ القرار، وفق اتفاق فيينا، وأن يقدم تقرير عند وجود «مبررات معقولة عن وجود شواغل تؤثر في تطبيق الاتفاق». كما يطلب بمجرد تأكيد الوكالة أن إيران طبقت المطلوب منها، كما وردت في الفقرات والملاحق، أن تقدم الوكالة تقريراً يؤكد هذه الوقائع لحكام الوكالة ولمجلس الأمن بالتوازي. ويطلب أن ترفع الوكالة استنتاجاتها بعد التحقق من سلمية البرنامج إليهما. وبذلك حدد القرار بدقة الإجراءات التنفيذية للتقرير الذي سيكون متوازياً ومترافقاً مع عمل كل من مجلس الأمن والوكالة، أي تم ربط الجانب التقني بالسياسي، بهدف تسريع اتخاذ القرار المناسب وفقا للجنة مجلس الأمن، وبهدف عدم كسب الوقت لأي طرف مخلٍ في الاتفاق. وبهدف التأكيد على الآلية، نص القرار استناداً للمادة ٤١ من ميثاق الأمم المتحدة، أنه إذا لم يتبنّ مجلس الأمن قراراً، وفق الفقرة ١١ من هذا القرار، يستأنف العمل بقرارات مجلس الأمن السابقة، ما لم يقرّر مجلس الأمن غير ذلك. ولا يجري تطبيق القرارات السابقة في هذه الحالة بأثر رجعي. ويتضمن القرار استثناءات على العقوبات المتصلة ببيع ونقل مواد ومعدات وسلع وتقنيات وخبرات وتدريب ومساعدة مالية واستثمارات وسمسرة وغيرها من الخدمات من الدول المشاركة في اتفاق فيينا، تتصل مباشرة بتعديل منشأة (فوردو) لكي تصبح صالحة لإنتاج النظائر المشعة، كما تشمل السماح للدول بالمساعدة على تحديث مفاعل (آراك) بناءً على التصميم المتفق عليه. كما حدد مجلس الأمن في قراره وجوب الدول إخطاره بأي مساعدة ستقدمها لطهران في غضون عشرة أيام فقط، أي ربط أي مساعدة بموافقة مسبقة من مجلس الأمن وبالتالي إتاحة الفرص للاعتراض وبالتالي التوقيف. وزيادة في التدقيق في برامج إيران للصواريخ البالستية، دعا القرار طهران، إلى وقف إجراء التجارب على صواريخ بالستية قادرة على حمل وإيصال رؤوس نووية إلى ما بعد ثمانية أعوام من تبني الاتفاق، وهذا الأمر كان مطلباً «إسرائيلياً» دائماً لإدراجه كبند مستقل في المفاوضات التي سبقت الاتفاق. وفي مقابل ذلك بإمكان الدول المشاركة في برامج إيران التقنية على أنواعها، بما في ذلك الصاروخية والخدماتية، تقديم خدماتها لإيران بعد الحصول على ترخيص من مجلس الأمن، ولكل حالة على حدة. قليلة هي القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن التي ظهرت بمظهر المتشدد، ذلك لطبيعة الفاعلين في تركيبة المجلس والظروف الدولية المحيطة به، إلا أن هذا القرار رسم خريطة طريق دقيقة جداً، فيها من الوعيد المستقبلي ما يلزم ويلجم أي محاولة للخروج عنه، وبصرف النظر هنا عن المستند القانوني والسياسي الذي أحاط بالقرار، تبقى العبرة في النية والإرادة للتطبيق والتنفيذ، إن كان في طهران أو عواصم الدول الست، علاوة على الإجراءات اللازمة للتصديق في كل من طهران وواشنطن، وهي بالمناسبة ليست آلية سهلة، إذ تتحكم فيها الكثير من العوامل السياسية قبل القانونية. *أستاذ القانون الدولي والدبلوماسي في الجامعة اللبنانية - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/837d113f-7b73-45fa-bfbf-639a82726e37#sthash.bM5eAQmm.dpuf

التمييز العنصري والكرامة الانسانية

التمييز العنصري والكرامة الانسانية الحليج 24-7-2015 د.خليل حسين يُعدّ ازدراء الأديان والتمييز العنصري، من أقوى الاعتداءات التي تمسّ الكرامة الإنسانية والحريات الأساسية للإنسان، كما يشكلان تحدياً جسيماً للسلم والأمن الدوليين. وبالرغم من أن الكفاح ضد العنصرية وازدراء الأديان، قد احتل أولويات العمل في الأمم المتحدة منذ إنشائها، بهدف تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها للجميع وبلا تمييز، فإن المجتمع الدولي ما زال يعاني وبشكل واضح من النتائج والويلات التي يثيرها تنامي الأشكال الجديدة للعنصرية والشعور بالتفوق العرقي أو الثقافي أو الديني، ما أدى إلى جعل العالم أمام تحديات تجلت بوضوح، من خلال تزايد المشكلات القانونية والسياسية والاقتصادية التي تشكل في الحقيقة، جوهر المعضلات التي يتعين على المجتمع الدولي مواجهتها بشكل جدي والعمل على حلها. وتعكس معالجة هذا الواقع، العمل الدؤوب لقيادة دولة الإمارات ممثلة في صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي أصدر مرسوماً بقانون، قضى بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة كل أشكال التمييز، ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل التعبير، وهو أمر شائع وطبيعي في دولة تحتضن شرائح اجتماعية متنوعة ومتعددة، وتعمل للحفاظ على هذه الخصوصية الواعدة. فدولة الإمارات العربية المتحدة، هي من بين أوائل الدول التي وقّعت على اتفاقية محاربة التمييز العنصري في عام 1974، وهي الموقعة أيضاً على معظم الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وهو أمر يعكس جوّ التسامح الذي يعبق به المجتمع الإماراتي قيادة وشعباً. وتأتي خطوة صاحب السموّ رئيس الدولة، تعبيراً عن رفض المجتمع الإماراتي، لما يجري حالياً في غير بلد ومنطقة عربية، من غلو وتطرف في المواقف، وظهور لجماعات متطرفة، تحاول زرع فتنها عبر ازدراء الأديان والتمييز بين البشر على أساس ديني وعرقي ومذهبي، وهو أمر عملت علية قيادة الإمارات، عبر شبكة أمان قانونية داخلية وخارجية، تجلت الأولى بالمرسوم المذكور، والثانية بالانضمام إلى المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتصديق عليها من جوانبها كافة. ويعكس هذا الإصرار، حيثيات القانون، الذي أتى متدرجاً في وصف الأفعال الجرمية والعقوبات التي تقابلها، وحدد بشكل موضوعي ودقيق، لوسائل ردعها ومواجهتها، وهي في الواقع من الأعمال التي تتطلب توجيهات حكيمة، بهدف عدم استغلال القانون لأهداف تتعارض مع غاياته الأساسية، وهي متوافرة بوضوح في حيثيات المرسوم وتفاصيله. لقد شهدت بنية المجتمعات الوطنية الدولية تطورات لا حصر لها، مع نهاية القرن العشرين، أدت إلى تداخل وتعدد اجتماعي، ما تطلب توفير الغطاء القانوني ومزيد من الانفتاح والحوار والتقارب الإنساني بين شعوب الأرض قاطبة، ومع ذلك فإن بقاعاً شتى في العالم، ما زالت تعيش حالة مضطربة بسبب تزايد حدة النزاعات الإثنية وتفشّي الممارسات العنصرية الموجهة نحو الفئات الضعيفة، مثل المهاجرين أو اللاجئين والأقليات الإثنية أو الدينية، بإنكار حقوقهم الأساسية التي أدت بمجملها إلى التهميش والتفاوت الاقتصادي والاجتماعي وعدم الاستقرار. كما أن ما يثير القلق والريبة، أن العنصرية أخذت أشكالاً جديدة أكثر مكراً يصعب اكتشافها ومحاربتها عن طريق القوانين، باستخدام تكنولوجيات الاتصال الحديثة لنشر العنصرية والتحريض عليها، فهناك مواقع لمنظمات إرهابية وتكفيرية على الإنترنت، تقوم ببث الدعايات المضللة. ويشار إلى أن مواقع الدعايات العنصرية وازدراء الأديان والكتب السماوية والرسل، تزايدت في السنوات المنصرمة، لتصبح أكثر من أربعة آلاف موقع، وهذه الظاهرة تتطلب المزيد من التعاون الدولي والوطني، لوضع سبل التوعية في مجال حقوق الإنسان وتبادل المعلومات بشأن الخبرة في مجال مكافحة العنصرية والتصدي للأفكار التي يسوقها دعاة ازدراء الأديان العنصرية. ومن هنا أتى المرسوم، تتويجاً لسياسات دأب عليها صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، التي توصِّف واقعاً وحلاً بات ضرورياً في منطقة تشهد الكثير من المظاهر التي تتطلب حلولاً، عبر بيئات وبنيات قانونية تحمي المجتمعات من الشر المستطير الذي يحاول غزوها. ولم يميز المرسوم بين فئة وأخرى، بل حدد طبيعة الأعمال الصادرة، إن كانت عن أشخاص طبيعيين أو معنويين في القطاعين العام والخاص، وهو أمر من شأنه تأمين شبكة أمان قانونية. إن اهتمام صاحب السموّ رئيس دولة الإمارات، باعتماد النهج الوطني المناهض لكل النزعات الطائفية والدينية، قد أسهم في تحقيق المساواة بين أفراد شعبه، وحافظ على النسيج الاجتماعي المتجانس الذي كان مصدر ثراء لحضارته الإنسانية. إذ إن هذه السلسلة من التدابير التشريعية والتنفيذية، انطلقت من منظور حضاري وإنساني، مبنيّ على خلفية التراث الحضاري لمجتمع الإمارات، المعروف بالتعدد والتسامح والتعايش. في النهاية لابدّ من الاعتراف، بأن لا سبيل أمامنا لبلوغ عالم تسوده العدالة، وتتحقق فيه المساواة، بغير محاربة ازدراء الأديان والعنصرية. ذلك فإننا أمام مسؤولية قانونية وسياسية وإنسانية في أن نتوصل إلى ما يسرّ تطلعات شعوبنا، وهو ما قام به صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، من إصدار لهذا المرسوم الذي يشكل قاعدة صلبة لمجتمع يرنو نحو الأفضل. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/045da808-6dfb-43e2-a983-e580248e5bf4#sthash.hp9fmrRk.dpuf

ماذا في اتفاق الضرورة

ماذا في اتفاق الضرورة الخليج الاماراتية 18-7-2015 د. خليل حسين لا فرق أن يسمى اتفاق الضرورة بين إيران ومجموعة الدول الست، أو اتفاق «رابح - رابح» بالمصطلح الدبلوماسي، ففيه من الصياغات التي يمكن تأويلها، ما يتيح تفسير كل طرف فيه ما يقرأه مكسباً له، ومن هنا تبدو القراءة اللغوية والقانونية والدبلوماسية للنص، أكثر دقة في التعبير عن مضمونه وتداعياته مستقبلاً. رفض الإيرانيون بداية الأفخاخ اللغوية، أو التي تحمل معاني مزدوجة. وتمت الموافقة على تزامن رفع العقوبات مع إعلان الاتفاق، وعلى آلية تحرير الأرصدة الإيرانية، ومئات مليارات الدولارات في المصارف الغربية. كما تم الاتفاق على آلية قانونية مرنة لتقصير المهل، فإبلاغ المصارف بالاتفاق لا يجعل من تحرير الأرصدة المجمدة مسألة تلقائية. كما تم الاتفاق على تحديد أدق لحق إيران في استيراد تكنولوجيا نووية، تسمح بها اتفاقية التعاون مع وكالة الطاقة الدولية، وفق معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التي وقعت طهران عليها. كما تم حل الاعتراض الغربي على نوعية المعدات التي طالب بها الإيرانيون، والتي تدخل في مجال الاستخدام المزدوج العسكري والمدني، كما تم التوصل إلى آلية عمل اللجنة الدولية المشتركة التي ستتألف من ممثلين عن الدول الست (الخمسة الأعضاء في مجلس الأمن + ألمانيا)، وإذا ما كانت القرارات الصادرة عنها ستكون صالحة إذا ما صدرت بالإجماع أو بالأكثرية. وكان الاتفاق على تشكيلها حل محل اقتراح فرنسي، بإعادة فرض العقوبات تلقائياً على طهران، بمجرد انتهاك الالتزامات المقررة، بناءً على أي تقرير من مفتشي وكالة الطاقة الدولية، ومن دون المرور مجدداً بمجلس الأمن. في المقابل نص الاتفاق على استمرار حظر الأسلحة المفروض من قبل الأمم المتحدة على إيران خمس سنوات، وعلى ألا تُرفع العقوبات المتعلقة بالسلاح الصاروخي قبل ثماني سنوات. كما يسمح الاتفاق بإعادة فرض العقوبات خلال 65 يوماً إذا لم تلتزم إيران بالاتفاق. وفي المقابل، ستستمر المنشآت النووية الإيرانية بالعمل ضمن قيود محددة لجهة الطاردات المركزية أو التخصيب، أو أبحاث تطوير أجهزة الطرد مثل (أي.آر6 وأي.آر-5 وأي.آر4 وأي.آر8). كما سيرفع الحظر والقيود المفروضة على التعاون الاقتصادي في جميع المجالات، بما في ذلك مجالات الاستثمار النفطي والغازي. وسيجري رفع الحظر على الطيران الإيراني، والمصرف المركزي وشركة النفط الوطنية الإيرانية وخطوط الملاحة الإيرانية وإيران للطيران، وبعض المؤسسات الأخرى والأشخاص. إن التدقيق في نص الاتفاق يظهر بعض التنازلات المؤلمة التي قدمتها طهران، كالتجميد الذي لحق بأكثر أقسام البرنامج تقدماً، خصوصاً إنتاج البلوتونيوم بالمياه الثقيلة، وتحريم بناء منشآت جديدة، ووقف منشأة فوردو عن العمل، ولجم تطوير البحث في طاردات مركزية جديدة، واقتصار البرنامج والتخصيب على نماذج قديمة لمدة عشر سنوات. في المحصلة ينبغي الانتظار لظهور صورة جلية مستقبلاً حول ما ينتظر الإقليم من تسويات، من دون خلط الوقائع بالتوقعات لجهة المزايا المقدمة والأثمان المدفوعة، والتي من خلالها تأمل طهران حصول متغيرات في موازين القوى الإقليمية لمصلحتها. لكن الاتفاق في الحد الأدنى، سيفتح هدنة طويلة المدى مع واشنطن، وتحديداً في بعض ملفات العراق حيث تتقاطع مصالحهما حول «داعش»، وبنسبة أقل في اليمن وسوريا ولبنان، حيث لا تلوح إمكانات جدية للتعاون حتى الآن. في الواقع، يمكن لاتفاق فيينا أن يتعرض لهزات، لا تخلو منها عملية تطبيق الاتفاق، علاوة على أزمات محتملة حول ثغرات في تطبيقه، أو في جولات التفتيش التي ستقوم بها فرق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي قد تلجأ «إسرائيل» إلى استغلالها، وباعتبار أن ليس ثمة اتفاق كامل قابل للتطبيق بتفاصيله الدقيقة، لاسيما وأنه مرتبط بإرادات سياسية بين أطراف لا محل للثقة بينها. في المحصلة أيضاً، لقد جعل الاتفاق إيران رسمياً دولة نووية تقف عند عتبة النادي النووي، فهي قادرة ضمنياً على إنتاج السلاح النووي، لكنها لن تنتجه، كدول كثيرة تعمل في نادي العتبة النووية، كاليابان وكندا وأستراليا والأرجنتين وكوريا الجنوبية. ومهما يكن من أمر الاتفاق وضوابطه وتعقيداته، تبقى المسألة الأساس هي في نية التطبيق والالتزام بمضمونه، في ظروف هي الأشد تعقيداً في منطقة تعج دائماً بالمفاجآت غير المتوقعة، خاصة أن «إسرائيل» التي اعتبرت نفسها غير معنية به، لن تترك الاتفاق وشأنه كما المح إليه رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، وهو أمر ليس بمستغرب. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/15263aba-6b60-446a-bfbf-a6dedb988fca#sthash.LOgU5SOf.dpuf

ارقام دولية مرعبة

ارقام دولية مرعبة الخليج الاماراتية 25-6-2015 د.خليل حسين لو تمكنا من جمع اللاجئين والنازحين وطالبي اللجوء في مختلف دول العالم في منطقة واحدة، لشكلوا دولة تصنف من الدول الإقليمية الكبرى لجهة التعداد والإمكانات المتوفرة في هذه الأعداد. وغريب المفارقات في هذه القضية الدولية، أنها مرتبطة بأزمات أخرى يصعب السيطرة عليها أو التحكم بها، وبالتالي ثمة تضخم متسارع في الأعداد، يقابله شح متزايد في الإمكانات للاستيعاب، بموازاة مراكمة الأخطاء في توصيف وتصنيف الحلول، إن كان من الدول الجاذبة أو الطاردة لتلك الجماعات. ففي التقرير الأخير للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، نجد أرقاماً مرعبة، حيث وصل تعداد هذه الجماعات في مختلف الدول نهاية العام 2014 إلى ستين مليوناً، وهو رقم يرخي بظلال كثيفة على العديد من التداعيات الحالية والمستقبلية. خاصة أن الزيادات بلغت أرقاماً قياسية مقارنة بالأعوام السابقة، ففي العام 2013 بلغ المجموع 51,2 مليون، فيما وصل قبل عشر سنوات إلى 37,5. ما يعني أن ثمة أزمة حقيقية لم تتمكن المؤسسات المعنية من حلها. يشار إلى أن هذا الارتفاع سُجل منذ العام 2011، والذي ترافق مع نشوب الأزمة السورية التي تسببت في أضخم عملية تهجير ونزوح للسكان في العالم. وهي حصيلة مباشرة لأزمات إقليمية عدة، حيث أحصت المفوضية العليا للاجئين في السنوات الخمس الأخيرة نشوب أو تجدد 14 نزاعاً على الأقل، وهي ثلاث أزمات في منطقة الشرق الأوسط (سوريا والعراق واليمن) وثماني أزمات في إفريقيا ( ليبيا ومالي وجنوب السودان وشمال نيجيريا وساحل العاج وجمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية، إضافة إلى بوروندي في العام 2015)، وأزمة واحدة في أوروبا (أوكرانيا)، وثلاث أزمات في آسيا ( قرغيزستان وعدد من مناطق بورما وباكستان). ولعلَّ التدقيق في هذه الأرقام، يشير إلى عدم القدرة على استيعاب آثار المشكلة، ففي العام 2014 وحده، تمكّن 126,800 لاجئ فقط من العودة إلى مناطقهم بصرف النظر إن كانت هذه العودة طوعية أم نتيجة تقطع السبل بهم، وهو بالمناسبة يعتبر أدنى عدد سُجل خلال 31 عاماً، والملفت أيضاً أن الأطفال يشكلون أكثر من نصف اللاجئين. وعلى ضخامة المشكلة، ليس في المدى البعيد أي مؤشر إيجابي لاستيعاب ذيول هذه الأعداد، رسيما وأن أسبابها ما زالت في اطراد مستمر، نتيجة تجدد النزاعات والتصعيد الحاصل في السياسات الدولية وعودة أجواء الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على الهجرات التي أخذت طابعاً شبه جماعي من مناطق محددة تتسم بالتخلف والفقر والعوز، إلى مناطق جاذبة تتسم بالغنى والتقدم الاقتصادي والاجتماعي. وعلى الرغم من أن ثمة اتفاقيات دولية ناظمة للهجرات واللجوء بكافة أشكاله السياسية وحتى الاجتماعية، فلم تعد هذه الظاهرة مرتبطة بشكل محدد بأطر واضحة، إذ يمتزج فيها، اللجوء هرباً من النزاعات المسلحة، إضافة إلى الهرب من التطهير العرقي والديني والمذهبي، مضافاً إليها الهرب من الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الدول والمناطق التي يتواجدون فيها. فمنذ بداية العام الحالي 2015، لجأت أعداد غير مسبوقة عبر الشمال الإفريقي إلى أوروبا، وغرقت أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين في البحر الأبيض المتوسط، في ظل معالجات خجولة اقتصرت على الجوانب الأمنية، بدلاً من الاهتمام بأصل المشكلة ومعالجتها في بيئتها الأساسية، أي في الدول التي ينطلقون منها. لقد شكلت الهجرات غير الشرعية واللجوء من بلاد الجنوب إلى دول الشمال، معضلة كبرى لطرفي المشكلة، فبالنسبة للدول الطاردة هي عملية تهديم إضافي للشرائح الاجتماعية والهرمية السكانية، في مقابل استفادة نسبية للدول الجاذبة عبر استغلال هذه الموارد البشرية الجديدة، إن تضمنت فئات شبابية نوعية، كما حالة اللاجئين السوريين في السويد أو غيرها، إلا أنه غالباً ما يتم استغلال هذه الجماعات في حال إعادة توطينهم في أعمال متواضعة اجتماعياً واقتصادياً. في أي حال من الأحوال، ثمة مشكلة حقيقية من الصعب السيطرة عليها وحلها بالطرق التقليدية التي تتم فيها، بل باتت تتطلب أساليب أخرى ولو كانت مكلفة سياسياً للدول التي تتحكم بسياسات العالم وبالنظام الدولي. أي بمعنى آخر تهدئة النزاعات الإقليمية التي تعتبر المسبب الأول لهذه المشكلة، ومن ثم العمل على إعادة توطين ما أمكن من هذه الجماعات في بيئتها ودولها الأساسية، إضافة إلى برامج اجتماعية اقتصادية إنمائية لهذه الدول، بهدف أن يصمد أبناؤها فيها، وألا تظل الدول الغنية حلم يراود هذه الجماعات للهجرة إليها. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/e96d7b44-3c0c-4ff3-83c7-2357605608b5#sthash.2tBxBghP.dpuf

لتداعيات الكردية للانتخابات التركية

لتداعيات الكردية للانتخابات التركية الخليج الاماراتية 16-6-2915 د. خليل حسين ربما ستقف تركيا مرة جديدة على مفترق طرق، بفعل ما آلت إليه الانتخابات، وما يمكن أن تؤول إليه التحالفات في التركيبة الجديدة، خاصة أن حزب العدالة والتنمية علق آمالاً كبيرة على فوز ساحق يتيح لرئيسه حكم تركيا بنظام رئاسي، وبصورة سلطان يعيد عثمانية ليبرالية تعمّم على منطقة شرق أوسطية، تشهد غلياناً وفراغاً في الأنظمة والمجتمعات، وتنتظر ما يفصّل لها من لبوس لأنظمة سياسية فشلت في كثير من الدول العربية كنموذج مصر مثلاً. في المحصلة، سقط مشروع رجب طيب أردوغان، وبات عليه إما التحالف مع خصوم ليس من السهل معهم تمرير سياساته المعهودة خلال ثلاثة عشر عاماً، التي انطلقت من «صفر مشاكل»، وانتهت بعداءات لا تُعدّ ولا تحصى، وإما استعمال حقه الدستوري لاحقاً، إذا ما فشل حزبه في تشكيل حكومة ائتلافية، بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة، وفي كلتا الحالتين ثمة صفعة قوية لسياسات حزب العدالة والتنمية أولاً، وضربة قاضية لمستقبل أردوغان السياسي، بعدما رسم في عقله الباطني إمبراطورية افتراضية سعى إلى تظهيرها ولو على حساب شرائح واسعة في المجتمع التركي، وعلى حسابات دقيقة رُسمت سابقاً في السياسات الخارجية منذ عهد الجمهورية الأولى في عام 1923. إلا أن المفارقة الأبرز في هذه الانتخابات، فوز الأكراد بنسبة أتاحت لهم ليس دخول البرلمان فحسب، وإنما إمكانية التأثير القوي في أي ائتلاف حكومي مفترض، وهي سابقة مدوية في الحياة السياسية التركية، لما لها من تداعيات داخلية وخارجية، وبخاصة الدول التي تتقاسم وإياها القضية الكردية، كالعراق وسوريا وإيران، وهي معضلة لم تتمكن يوماً الحكومات التركية المتعاقبة من إيجاد مقاربة موضوعية للمشكلة، سواء في الداخل أو في الخارج، فضلاً عن أن التدقيق في نتائج الفوز الكردي في بعض المناطق الانتخابية، يظهر دلالات جدية على تغير السلوك السياسي الكردي في تعاطيه مع قضاياهم في تركيا أو خارجها، بخاصة أن قسماً كبيراً من المقترعين، كانوا سابقاً في سلة حزب العدالة والتنمية تحديداً، الأمر الذي يؤشر على مزاج مختلف، ومن نوع تصاعدي في مقاربة الأمور مع أي حكومة مقبلة. فحزب الشعوب الديمقراطي، الذي شكل تحدياً حقيقياً لسياسات أردوغان منذ عام 2012، والذي عُدّ الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني، انطلق من برامج خاصة إلى برامج عامة تهمّ شرائح متنوعة في المجتمع التركي، وتظهر مزاجاً عاماً في السياسات الخارجية، وبخاصة تجاه القضية الكردية في الداخل التركي وخارجه، فمن المؤكد انه سيعيد رسم سياسات مغايرة على الصعيد الخارجي، لا سيّما أن ما شهدته منطقة «عين العرب» (كوباني) في شمال سوريا، وما وصلت إليه مكونات الدولة في كردستان العراق، ستسهم بشكل آو بآخر في اتجاهين أساسيين، الأول يتعلق بوضع الأكراد في الداخل التركي؛ فإمّا الاندماج السياسي وهو أمر مستبعد نتيجة التجارب السابقة بين الأكراد والسياسات الحكومية التي اتبعت، وإمّا التأثير في مزيد من الدعم نحو كل من كوردستان باتجاه إعلان الدولة المفترضة، وكذلك حثّ أكراد كوباني، على تشكيل نواة دولة والتمثل بسابقة كوردستان في العراق. وفي مطلق الأحوال، إن هذين الاحتمالين يشكلان منطلقاً واقعياً من وجهة النظر الكردية للسباق الجاري في الشرق الأوسط، على إعادة رسم الجغرافيا السياسية للكثير من المكونات العرقية القومية، والطائفية والمذهبية، وهي صور باتت أقرب إلى القبول بها واقعياً إن لم تكن قانونياً. في المحصلة، ثمّة وصف دقيق يمكن إطلاقه على الانتخابات البرلمانية التركية، وهو الانتخابات الكردية التركية وتأثيراتها الجيوسياسية في المنطقة، وبصرف النظر عن النجاحات المحتملة لتلك المسارات، فثمّة سوابق تعزز فرضية إعادة تعويم القضية الكردية، وسط انهيارات متسارعة للنظم الموجودة فيها، وهي فرصة انتظرها الأكراد طويلاً، وباتت الكثير من العوامل تتقاطع لتعزيز حلم الدولة الكردية. صحيح أن سقوط برامج حزب العدالة والتنمية، أنهى عملياً حلم السلطنة العثمانية، وأعاد رسم خرائط سياسية جديدة في الداخل التركي لمصلحة التعددية السياسية،لكنّه من جهة أخرى، سيعيد تظهير صور جديدة في السياسة الخارجية، من بينها ابتعاد تركيا التدريجي من الملفات الساخنة في الشرق الأوسط، وبخاصة المتعلقة بالقضايا العربية، خاصة أن ملفات الصراع القائمة، باتت ذات أبعاد دولية أكثر منها إقليمية، وبالتالي إن الدور التركي لم يعد بإمكانه التأثير فيها بالقدر الذي أتيح له سابقاً، إبان الحرب الباردة، أو في المرحلة الانتقالية من تشكل النظام الإقليمي الشرق الأوسطي خلال العقدين الماضيين. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/d2555165-9114-43cc-9f1b-f8a4a9c35407#sthash.wQD449HP.dpuf