06‏/11‏/2015

شرق اوسط جديد


شرق اوسط جديد د.خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 2-11-2015 عجت فيينا الجمعة الماضية بوفود سبع عشرة دولة، منها الفاعلة ومنها الداعمة، اجمعت جلها على محاربة «داعش»، طريقاً لخلاص سوريا، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ثمة هناك سوريا بعد؟ وهذا ما لفت إليه رئيس المخابرات الفرنسية، من أن الشرق الأوسط كما نعرفه لم يعد موجوداً، وهو استتباع لمواقف كثيرة سابقة، ومنها تصريح رئيس المخابرات الأمريكية في الاتجاه ذاته. ما حدث في فيينا، إعلان واضح لجهة الالتزام بوحدة سوريا، وهو أمر مفروغ منه في اللهجات واللغات الدبلوماسية، لكن تجارب كثيرة سابقة، لم تحترم مثل هذه الالتزامات أو التأكيدات، بل سرعان ما تم التملص منها، فقسمت دول وجزئت أخرى، وما يُجرى اليوم في الشرق الأوسط، يشي بمثل هذه السيناريوهات التي باتت بفعل ما يحدث على الأرض أمراً واقعاً. في سماء سوريا، ثمة تقاسم نفوذ جوي، وتوزيع أدوار وخرائط دقيقة، بين موسكو وواشنطن وحتى «تل أبيب». باختصار، سايكس - بيكو جوي في المنطقة يرسم حدود المعادلات على الأرض، يقابله تطور لافت بإعلان واشنطن نيتها إرسال خمسين خبيراً ومستشاراً عسكرياً إلى شمال سوريا، لتقديم الدعم والمشورة إلى ما تسميه المعارضة المعتدلة. وفي هذا السياق مَنْ سيضمن ألّا يتضاعف هذا العدد إلى مئات أو آلاف المرات، كما حصل أيضاً في مناسبات عدة تدخلت فيها واشنطن في مناطق معينة، ثم ما لبثت أن تمددت بأحجام وأوزان القوة الأمريكية لتبلغ أرقاماً فلكية إذا جاز التعبير، وهو أمر مرتبط بديهياً ليس بالتدخل العسكري الروسي في سوريا فحسب، وإنمّا إلى أكثر من سبب تحاول الولايات المتحدة الدفع فيه حالياً في المنطقة. يدعي بعض العرب، أننا هزمنا مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أطلقه شمعون بيريز رئيس وزراء «إسرائيل» الأسبق في عقد التسعينات من القرن الماضي، والذي هدف أساساً إلى دمج «إسرائيل» في النظام الإقليمي العربي، كما هزمنا «إسرائيل»، ومن معها في العام 2006 مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي أطلقه الأمريكيون مطلع الألفية الثالثة بذريعة الديمقراطية وكسر النظم الديكتاتورية. هل هزمنا المشروعين حقاً؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يستثمر في السياسة والأمن مثلاً؟ أين نحن العرب اليوم بما جرى ويُجرى بيننا وفينا. دولتان عربيتان مركزيتان على الأقل مُزقتا عملياً، العراق وسوريا والباقي أعظم، وبالتالي عن أي شرق أوسط جديد يحكى أو يرسم، وأي احترام لحدود تلقى. فعندما يصرح رؤساء أجهزة المخابرات، يعني أن كلمة السر قد أطلقت بعد تمحيص وتدقيق، أقله أنه أكثر من مشروع، وإنما الخلاف أو التباين حول تفاصيله ليس إلّا. ما يساعد على تقبل الفكرة وتعزيزها في العقل الجماعي لمجتمعات المنطقة وشعوبها، المتغيرات الحاصلة واقعاً، والتي لا ينقصها سوى تشذيبها قانونياً بعدما باتت أمراً واقعياً، وما يعزز هذه الشكوك أيضاً، دعوة لبنان إلى حضور مؤتمر فيينا، فلماذا؟ وما هي فاعليته في تقرير الأزمة السورية؟ أم أن في الأمر ربط نزاع مع لبنان عند تنفيذ المشروع، باعتباره الدولة التي سميت يوماً كياناً ميتاً بحكم الجغرافيا والديموغرافيا التي سيعاد إنتاجه في مراحل لاحقة. في المعلن، ثمة متابعات قادمة لمؤتمر فيينا بعد أسبوعين، لكن في المضمر، ثمة اجتماعات ولقاءات كثيرة موازية، حيث فيها ترسم الخرائط وحدود النفوذ، هل ستبقى حدود سايكس - بيكو محترمة؟ أم حدوداً ستعرف باسم بيكر - لافروف. يقال، إن اجتماع فيينا فتح فجوة في طريق حل الأزمة السورية، ربما يكون ذلك صحيحاً، لكن الصحيح أيضاً ضرورة التساؤل ومعرفة أي حل ينتظر السوريين وغيرهم في المنطقة، إنها فعلاً مأساة أن نتمسك نحن العرب اليوم، باتفاقية سايكس- بيكو، رغم كوارثها، التي كتبنا عنها مجلدات ومعلقات، واليوم نحتمي فيها خوفاً من الأعظم القادم علينا. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/ef9349e0-664b-46e4-9cf6-27a7fec53ee9#sthash.c3Kcb1Bv.dpuf

لمن توجه مناورات الاطلسي


لمن توجه مناورات الاطلسي د.خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 25-10-2015 عندما تطلق الدول والتجمعات العسكرية الإقليمية مناوراتها، يعني أن ثمة متغيرات وازنة، تستدعي إيصال رسائل عاجلة، إما لثني الطرف الآخر عن أفعاله، وإما لردعه فعلاً إذا تجاوز الأمر حدود المخاطر الحيوية المحتملة. وعادة ما تستتبع المناورات بمواقف ولهجات غير دبلوماسية، تمهد لمسارات أشد عنفاً، وفي كثير من الأحيان تتحول إلى نزاعات وصراعات، تبدأ بوجوه ليست بالضرورة عسكرية، لكن غالباً أيضاً ما تصل إلى ذلك. في الشرق الأوسط، ثمة تحولات ذات طبيعة استراتيجية لم تشهدها المنطقة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، هناك دخول عسكري روسي لا سابق له في مواجهة الغرب عامة والأوروبيين خاصة، ما أيقظ عصب حلف الأطلسي الذي لم تنته مهامه مع الانهيار السوفييتي وحل حلف وارسو، بل جدد شبابه للعديد من الاعتبارات الغربية، كونه يشكل دعامة الأمن والسلم الأوروبيين بعد التشكيلات السياسية التي شهدتها المنطقة خلال ربع القرن الماضي. وما عزز ذلك ضم روسيا للقرم مؤخراً، ومجموعة التداعيات التي أفرزتها السياسات الروسية في أوروبا والشرق، بخاصة بعد غوص موسكو المتزايد في ملفات الأزمة السورية، الإقليمية منها والدولية. المناورات العسكرية التي أطلقها حلف الناتو مؤخراً، ليست بالمعنى الأمني والعسكري فجائية، لكن وعلى الرغم من أنها كانت مقررة سابقاً، فهي رد سريع على مجمل قضايا ملحة، بصرف النظر عن قدرة الحلف على تنفيذها جميعاً دفعة واحدة، أو عبر مراحل. بداية اكتفت أوروبا بالرد على موسكو بالعقوبات الاقتصادية بعد ضمها القرم، رغم أنها رفعت سقف المواجهة عبر تحريض أوكرانيا على المواجهة ولو عسكرياً. الأمر ذاته يتطابق عبر الموقف الأوروبي مع التحولات الروسية في سوريا، وإن اختلفت بعض تفاصيله عبر تحريض تركيا على المواجهة، ضمن أطر محددة لا تخلو من التصعيد في إطار سياسات حافة الهاوية. وإذا اكتملت رسائل الناتو التي تبدو مباشرة في موضوعاتها وأماكنها، ثمة ساحة أخرى مغرية بالنسبة للناتو وهي الشمال الإفريقي عبر بوابة الأزمة الليبية التي بدأت مظاهرها تشي بانفلات الوضع على مصراعيه، الأمر الذي يقلق جنوب القارة الأوروبية بشكل مباشر، وهو أمر كافٍ لأن تشمل رسائل المناورات العسكرية في البحر المتوسط الدائرة الليبية، استناداً إلى القرار الدولي في الأزمة الليبية الذي يجيز التدخل في حال نشوء الأخطار وتمددها. في المحصلة، ثمة أصابع على زناد الأعتدة الحربية، وسط ظروف معقدة جداً، تتنافس فيها موسكو مع الناتو في منطقة طالما اعتبرتها الولايات المتحدة حديقة خلفية لها، ومن الصعب السماح لغيرها بالتطلع إليها أو التنزه فيها. لذا فمناورات حلف الأطلسي من الصعب فصلها عن إطار مواجهة روسيا في سوريا وأوكرانيا، باعتبارهما جردة حساب سياسية وعسكرية ممتدة ينبغي الاتفاق عليهما لاحقاً، كما أن المناورات نفسها لا يمكن فصلها عن المجال الحيوي للناتو في شمال إفريقيا، وهي فرصة متاحة لإعادة تموضع عسكري وأمني في ليبيا مثلاً، والذي يشكل فرصة قوية لنقطة انطلاق التمدد الأطلسي في غير اتجاه. ورغم أن هذه الأخيرة، تعتبر فرضية ضمن فرضيات محتملة، إلا أن ذلك هو الاحتمال الأكثر والأنجح استثماراً بين خيارات أخرى، باعتباره يشكل ساحة اشتباك غير مباشر مع روسيا، كما يربك الحسابات الروسية في البحر المتوسط، بخاصة أن الحلف يمسك شمال المتوسط الشرقي عبر تركيا، وهو من بين الأهداف الروسية الرئيسية لانعطافتها العسكرية في الشرق الأوسط، أي للحد من التداعيات التركية في حال قرر الناتو رفع سقف المواجهة. إن كل تلك الوقائع، لا تعني بالضرورة أن المواجهة باتت على الأبواب، وإنما أقله، أن أسباب المواجهة وظروفها وشروطها بدأت بالتكون، كما أن الأكيد في كل ذلك، أن مجمل أزمات المنطقة وبخاصة السورية والليبية، قد انتقلت فعلياً من أزمات ذات طابع مزدوج داخلي إقليمي بدعم دولي، إلى أزمات ذات طابع إقليمي دولي خالص، ما يعني أن كثيراً من القرارات ونتائجها، باتت كلياً لغير مصلحة العرب، وفي الواقع هذا ما اعتدنا عليه سابقاً وبالتأكيد لاحقاً. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/dda88fb9-aa4f-4d5e-aedb-5ee50c399007#sthash.mwXQbuJN.dpuf - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/dda88fb9-aa4f-4d5e-aedb-5ee50c399007#sthash.mwXQbuJN.dpuf

العرب والصين وضرورات الفهم والتفاهم


العرب والصين وضرورات الفهم والتفاهم د.خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 19-10-2015 ربما يبدو السؤال غريباً، حول حاجة العرب للصين خصوصاً في هذه المرحلة الحساسة، التي تمر بها الأمة العربية، بمجتمعاتها وشعوبها وكياناتها. ففي حسابات الدول القوية، كما الضعيفة، ثمة بحث دائم حول مكامن القوة والاستفادة منها في إطار علاقات الدول، وبخاصة إبان ظروفها الصعبة. ويبدو أن الأمر ينطبق بدقة على مجمل الواقع العربي حالياً، وبخاصة أيضاً، بعد الدخول الروسي العسكري إلى الشرق الأوسط من البوابة السورية مؤخراً. فالعرب ينتظرون ظروفاً، هي أشبه بما بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، كانوا آنذاك تحت حكم عثماني، ولم يشعروا بالتغيير سوى انتقالهم لانتداب ووصاية فرنسية وبريطانية، ورغم الاستقلال الملتبس، لم تتمكن الدول العربية من إقامة علاقات طبيعية مع معظم الدول الكبرى، ذلك لاعتقادهم الخاطئ بأن أي حليف مفترض لهم، ينبغي أن يحارب عنهم في نصرة قضاياهم، فيما منطق العلاقات الدولية يتعارض مع ذلك، الأمر الذي أدى بشكل مستمر إلى بقاء العرب على هامش الدول الفاعلة، فيما غيرهم تمكن من بناء علاقات دولية قلبت أوضاعهم رأساً على عقب. اليوم، تشير ظروف الأزمة السورية، وطبعاً الكثير من أزمات العرب الفرعية الأخرى، إلى أن منطقة الشرق الأوسط تدخل نفقاً مظلماً، لن تكون حلول أزماتها بمعزل عن حسابات الربح والخسارة الروسية الأمريكية، ومعهما بعض الفواعل التابعة لهما، فأين العرب؟ وهل لهم مصلحة في التقرب مع الصين؟ وهل للصين مصلحة للدخول إلى المنطقة من بوابة الأزمات العربية؟ في المبدأ عُرِفَ عن الصين حيادها الإيجابي، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وفي كثير من الأحيان التقرّب من الموقف الروسي تجاه بعض القضايا الدولية، ومنها القضايا العربية، رغم تمايز بكين النسبي عن مواقف موسكو، لجهة تمسكها بالأطر العامة للقانون الدولي ومندرجاته. وعدم اللجوء إلى ما يثير غضب أي منافس دولي يعتبرها خطراً على مصالحه الحيوية، كنموذج الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، لذا تمكنت من خلال استراتيجيات متنوعة، أن تكون رقماً صعباً يصعب تجاوزه في العلاقات الدولية، في وقت لم تبد أي إشارة لطموحات في قيادة النظام العالمي، رغم امتلاكها للعديد من قدرات القوة الناعمة والصلبة. طبعاً يمتلك العرب الكثير مما تبحث عنه بكين، بدءاً من الطاقة وانتهاءً بالأسواق الاستهلاكية، التي بدت وتبدو نموذجية للإنتاج الصيني، وعليه فإن محددات المصلحة الصينية من العرب موجودة، ويمكن أن تفضي إلى ما يريده العرب من دعم دولي لقضاياهم، ذلك إذا أحسن استغلالها جيداً، رغم النموذج الصيني المتحفظ في الدخول المباشر في الأزمات الإقليمية والدولية الحادة كالتي تمر بها الدول العربية. فكيف السبيل لتمكن العرب من إقحام الصين في دعم قضاياهم الملحة حالياً؟ في المبدأ، بصرف النظر عن إمكانية تحقيق هذه الفرضيات أم لا، أو وجود مصلحة صينية حقيقية للوقوف إلى جانب العرب، ثمة حاجة عربية ملحة لحليف قوي، يبعد الكأس المرة التي ذاقوها بعد الحروب الكبرى، وهنا يكمن السؤال الجوهري، حول قدرة الطرفين على حياكة الظروف التي تجمع الطرفين على مصلحة واحدة ومحددة، والتي يبدو فيها العرب هم المستفيدون عملياً من ذلك. إن مفتاح تأطير العلاقات الصينية العربية، هو الطاقة والطاقة فقط، إذ إن بكين بحاجة إلى موارد الطاقة السخية، إذا جاز التعبير، وهي حاولت تأمينها بأسعار تنافسية من مصادر أخرى إضافة إلى العربية من إيران، وهي بحاجة إلى تطوير وتنويع مصادر استيرادها للطاقة وبخاصة من الجهات العربية، ذلك لطبيعة جغرافيا النفط وممراته، إضافة إلى أسعاره التنافسية، الأمر الذي يسهل على العرب بناء مثل تلك العلاقات، والاستفادة منها في المحافل الدولية لدعم الكثير من قضاياهم التي لا تعد ولا تحصى. يتجه العرب اليوم نحو مصير مجهول، بخاصة إذا ما جلس الكبار لتقرير مصير الصغار، عندها ستتكرر مشاهد عشرينات وأربعينات القرن الماضي، حين أكل العرب الضرب وهضموه، بفقدان فلسطين، وغيرها من القضايا المركزية، اليوم إذ لم يحسن العرب التعامل بدراية مع أوضاعهم، فهم أمام مشكلة حقيقية من الصعب تخطيها، إلا إذا تكوّنت ظروف إغراء طرف قوي كالصين لأخذ موقف المدافع عن القضايا العربية. بالمحصلة، ثمة الكثير من أوجه العلاقات الجيدة، التي يمكن أن تُبنى بين الطرفين العربي والصيني، وعلى الرغم من ترجيح المصالح العربية، فإن المصلحة أيضاً بالقدر الكافي الذي يشجع قادة بكين على كسر قاعدة التردد والانخراط في لعبة الدعم والمؤازرة، والذي يبدو أن العرب بحاجة ماسة إليها. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/5961c635-5773-4c67-957c-ab50bd3590b8#sthash.RJEjKs88.dpuf

السباق على محاربة الارهاب


السباق على محاربة الارهاب د.خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 15-10-2015 طبيعي اختلاف الدول والمنظمات الإقليمية والدولية على وسائل مكافحة الإرهاب، لكن من غير الطبيعي أن نشهد فصلاً لا سابق له في العلاقات الدولية، حين نرى سباقاً غير مبرر بين أطراف متضادة تكافح الإرهاب كل على طريقتها. فالتحالف الدولي الذي أخذ فرصته الكافية منذ أكثر من عام، لم يحقق عملياً شيئاً يذكر في مواجهة تنظيم داعش، بل على العكس من ذلك، تمدد التنظيم في أكثر من منطقة، وسيطر على مساحات واسعة بمواردها المادية والبشرية، ونفذ إرهاباً لا يتخيله عقل بشري بحق جماعات بأكملها. اليوم تجرّب روسيا حظها إذا جاز التعبير من بوابة الأزمة السورية، وتحاول رسم صور إعلامية ذات دلالات رمزية متنوعة، جلها الكفاءة العالية في تنفيذ ضربات نوعية في أكثر من موقع للتنظيمات الإرهابية. وبصرف النظر عن دقة تلك الصور النمطية التي ترسخت في أذهان الكثيرين، من أن ثمة جدية روسية في التعاطي مع مكافحة الإرهاب، إلا أن التدقيق في ظاهرة التسابق، يخفي خلفيات ربما لا تخفى على أحد. أبرزها أن مواجهة الإرهاب ليست سوى شماعة كبيرة، تستوعب الكثير ممن يريد التعليق عليها، روسيا أو أمريكا. ولسنا هنا في معرض تعداد الخلفيات التي باتت واضحة للقريب والبعيد، لكن يبقى لها عنوان كبير واحد، هو ماذا بعد هذا التسابق غير المسبوق؟ طبعاً، إن الانغماس الدولي بمختلف صوره وأنماطه في الأزمة السورية، يثير أسئلة أخرى ربما ليست متناسبة مع مصلحة السوريين أو غيرهم، بعد جلاء غبار التنافس، فربما ثمة مصالح مشتركة بين أطراف كثيرة للقضاء على التنظيمات الإرهابية في المنطقة ولو بعد حين، أو بمعنى أدق حين الوصول إلى الحد الأقصى من الاستثمار في تلك الجماعات، حينها فقط سنرى كيف سيتم إغلاق ملفها بشكل أو بآخر، لكن بعد أن تكون جميع القوى في المنطقة قد استُنفدت قواها، وحينها فقط يسهل أكلها وبلعها وهضمها. وحينها أيضاً سيجلس الكبار لتقرير مصير الصغار. قبل سنة ونيف، وضع مجلس الأمن ثقله بمن فيه، لإصدار القرار 2170 ومن بعده 2199، اللذين نظما وهندسا الحملة على المنظمات الإرهابية في سوريا والعراق، ورغم الاتفاق الظاهر بين موسكو وواشنطن مبدئياً على تلك الآليات والصيغ، إلا أن الثغرات في القرارين المذكورين كانت واضحة لكلا الطرفين، مع علمهما بعدم الفاعلية التي علقت الآمال عليها، فموسكو تدرك تماماً، أن واشنطن لن تتمكن من إحراز الكثير بعملها من الجو، واليوم تدرك موسكو أيضاً، أنها لن تتمكن من قطف الثمار من الجو، وبالتالي لا بد من السباق على الأرض، لا في الجو، وهو أمر متعذر للطرفين الروسي والأمريكي، بفعل التجارب المريرة التي خاضها الطرفان في غير مكان من العالم، منذ حقبة الستينات والسبعينات من القرن الماضي إلى يومنا هذا. ثمة مصلحة حقيقية للبشرية جمعاء وليس للطرفين الروسي والأمريكي فقط للقضاء على التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط، بعد ما أيقن العالم كله، أن العمليات الإرهابية تطال الجميع أينما وجدت وفي أي زمن يمكن أن تختاره هذه الجماعات. لذا فإن السباق غير المبرر بوسائله وأدواته وربما بتوقيته، ينبغي التعامل معه على أنه فرصة حقيقية متاحة لجميع الأطراف الفاعلة للتخلص من وحشية هذه التنظيمات، لاسيما أن كثيراً ما تتقاطع مصالحها في ظروف مثلى للتعاون، وليس التسابق من بوابة تسجيل المكاسب بهدف صرفها في النفوذين الإقليمي والدولي. ثمة سبع عشرة اتفاقية دولية، وعشرات القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، حدّدت ونظّمت كيفية التعامل مع المنظمات الإرهابية ووسائل وأدوات مواجهتها، لكن العِبرة تبقى دائماً في التنفيذ الصحيح والمناسب، لكل حالة بعينها، وهنا تبرز أسئلة أخرى أشد خطورة وحرجاً على المتسابقين الروسي والأمريكي، مضمونها، هل أن المواجهة كتب لها أن تبقى في إطار حسابات الطرفين، لجهة السيطرة على المنطقة التي تتيح بالتالي إلى التمدد سياسياً واستراتيجياً إلى فضاءات أخرى، أقلها التحكم في الكثير من مفاصل النظام الدولي. ثمة إرهاب منظم بحرفية عالية جداً، وفي وقت يواجه بتنافس مقلق جداً، حيث تجري عمليات الفعل ورد الفعل في ظروف هي الأسوأ في تاريخ العرب، حيث لا فعل ولا حتى كلام، ننتظر الطائرات من هنا وهناك، لتصم آذاننا وتلعثم ألسنتنا، باختصار، هم دائماً يراجعون، ونحن دائماً نتراجع. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/93f73469-ef13-421f-aab0-8ec1a25fd875#sthash.NiP4KquB.dpuf

روسيا وتركيا مجددا


روسيا وتركيا مجددا د.خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 9-10-2015 طرح اختراق الطائرة الروسية للسيادة التركية، أسئلة كثيرة حول مستقبل العلاقات بين البلدين، سيما أن هذه الحادثة، أتت في سياق تدخل روسي عسكري متزايد في الأزمة السورية، ما أيقظ مخاوف تركيا من السلوك الروسي، الذي تعتبره ليس مجرد خطوة تكتيكية في مسار الأزمة السورية، بقدر ما له من أبعاد استراتيجية، تبدأ بعودة النفوذ الروسي إلى الشرق الأوسط، ولا تنتهي عملياً بإعادة فك وتركيب للدور التركي الذي لعبته أنقرة لعقود طويلة، باعتبارها دولة مانعة في وجه الاتحاد السوفييتي السابق، وحاجزاً بوجه روسيا حالياً لمنع التمدد. وما يعزز بيئة المواجهة الحالية، أن الحادثة بحد ذاتها ليست سابقة، فسبق وأن أسقطت طائرة تركية في عام 2013 في البحر في خلال مواجهة سورية - تركية، وترددت معلومات عن إسقاطها بطائرات روسية وليست سورية. ورغم بلع أنقرة الحادثة وهضمها آنذاك، إلا أن التباين الروسي - التركي حول إدارة الأزمة السورية، ظل يفعل فعله بين الجانبين، وحرص الطرفان على اللعب ضمن سياسة حافة الهاوية، وعدم إيصال الأمور إلى نهايات غير مرغوب فيها من قبل الجانبين. وليس سراً، أن العلاقات الثنائية تسبح في بحر من العداء التاريخي، منذ الحروب المتتالية بين الدولة العثمانية وروسيا القيصرية، مروراً بمرحلة الحرب الباردة عندما لعبت تركيا دور الشرطي الأطلسي في مواجهة الاتحاد السوفييتي السابق، وليس انتهاءً بالصدام المتعدد المستوى تجاه الأزمة السورية ومجمل السياسات في الشرق الأوسط، ولعلَّ مصدر ذلك العداء والتوتر شبه الدائم، هو التباين الحاد في الاستراتيجيات والاختلاف في السياسات والرؤى، رغم الحجم الكبير من المصالح المشتركة والعلاقات الاقتصادية القوية بين البلدين. ترى اليوم روسيا بوتين، أن أنقرة تلعب دوراً متجاوز الحدود في المنطقة، ليس ما يخص الأزمة السورية فحسب، بل في عدة إجراءات تركية تشكل تهديداً لأمن روسيا والمنطقة ككل، ولعلَّ أهم تلك الإجراءات التركية التي تشكل قلقاً روسيا، نشر منظومة الدرع الصاروخية الأمريكية - الأطلسية على أراضيها، رغم الاعتراضات الروسية والإيرانية، إذ يعتبر البلدان هذه المنظومة تهديداً لأمنهما والمنطقة. وكذلك نشر أنقرة لصواريخ الباتريوت على أراضيها بحجة الدفاع في مواجهة هجوم سوري محتمل، رغم اتخاذها طابع الاستعداد للتدخل العسكري في سوريا، وهو ما ترفضه روسيا بشكل مطلق. علاوة على ما تسميه موسكو دعماً تركياً للجماعات الإسلامية المتطرفة التي تحارب في سوريا والذي يشكل قلقاً بالغ الأهمية لروسيا في ظل وجود قرابة أكثر من خمسين مليون مسلم في جمهوريات آسيا الوسطى، حيث التجربة المرة لروسيا في الشيشان لا تزال ماثلة بقوة في أذهان الروس وحساباتهم الاستراتيجية. كما تعتبر موسكو أن إسقاط النظام السوري كما تصر أنقرة عليه، يعني خروجاً روسياً مدوياً من الشرق الأوسط، وما سيتسبب به من تداعيات وخيمة على الأمن القومي الروسي، في وقت ترى موسكو أن دمشق، تمثل عمقاً استراتيجياً لها ومن الصعب التخلي عنها، وهذا ما يفسر السلوك الروسي في إعادة التموضع والتمدد العسكري في سوريا مؤخراً. وانطلاقاً من تلك الحسابات الاستراتيجية، يمكن القول، إنه من الصعب تخلي موسكو عن حليف وشريك قديم جديد، إذ يشكل قيمة أمنية إضافية عالية في الاستراتيجية الروسية، إلا أن تفاقم الوضع في العلاقات الروسية - التركية يبقى قائماً، طالما أن أنقرة تصر على مواقفها. ولا يعني ذلك أن روسيا لا تريد حلاً للأزمة السورية، فهي تسعى إلى حل عبر مرحلة انتقالية، والحصول على ضمانات كافية لتأمين مصالحها الاستراتيجية، وهي بذلك تنظر إلى المسألة في إطار إقليمي استراتيجي، عبر إدراك أهمية العلاقات بين سوريا وإيران والعراق كوحدة إقليمية يمكن من خلالها خلط الأوراق في المنطقة، إذا ما أصرت أنقرة على التصعيد واختيار الحل العسكري لتغيير الخرائط السياسية وربما الجغرافية في المنطقة. في أي حال من الأحوال، فإن التدقيق بالمواقف المتبادلة بين الطرفين، على خلفية اختراق الطائرة الروسية للمجال الجوي التركي، لم تخرج حتى الآن عن إطار الاستيعاب المتبادل للحادثة، رغم السقف العالي التركي، الذي يعتبر الحادثة قضية سياسية، وليست قضية تقنية كما تراها موسكو، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار، النفخ الأطلسي في نيران الأزمة، فإن العلاقات الروسية - التركية تبدو وكأنها تمر بمرحلة حساسة، وفيها الكثير من الحسابات الدقيقة غير القابلة للتراجع أو غض الطرف، سيما أن ثمة طرفين يقاتلان الإرهاب ، كل على طريقته فوق سماء المنطقة، حيث تزدحم الأجواء بوسائل إشعال فتيل الحروب الكبرى. في العودة لعام 1961 إبان أزمة الصواريخ الروسية في كوبا، نصبت واشنطن صواريخها في تركيا لمواجهة موسكو، فكان الحل الدبلوماسي الذي قضى بسحب الصواريخ الروسية من كوبا مقابل سحب الصواريخ الأمريكية من تركيا، فتجنب العالم آنذاك تفجير أزمة كبرى، كادت أن تؤدي إلى إشعال حرب عالمية ثالثة. ومع اختلاف الوقائع والظروف، هل تبدو أنقرة اليوم في وضع إعادة تجربة العام 1961 بين موسكو واشنطن، أم ستكون هي نفسها، سبباً لإشعال المنطقة؟ لا شيء في السياسة مستحيل، التسويات ممكنة، كما الانفجار في لحظة الحسابات الخاطئة. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/e5136d3a-7f38-4ec5-abb5-7af51c93025f#sthash.9IUtjoMp.dpuf

عجز دولي عن محاربة الارهاب


عجز دولي عن محاربة الارهاب د.خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 4-10-2015 في عيدها السبعين، رفعت قمة الأمم المتحدة شعار محاربة الإرهاب، علها تستفيد من اجتماع قيادات دول، يصعب جمعها حول موضوع واحد وفي مكان واحد. لكن المفارقة في ذلك، أن المجتمعين وإن عانوا الأمرين لم يتفقوا على بيئة تنفيذية عملية موحدة لمواجهة أخطر إرهاب تواجهه البشرية جمعاء، منذ نشأة الدول والمجتمعات، وحتى الأمم المتحدة نفسها. طبعاً للأمم المتحدة نفسها، دور حافل في التوصل إلى سبع عشرة اتفاقية دولية شارعة لمكافحة الإرهاب، علاوة على عشرات القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، بما فيها القرارات الملزمة تحت الفصل السابع، لكن أياً منها لم تتمكن حتى الآن من تحقيق الحد الأدنى للقضاء على المنظمات الإرهابية وتفادي تداعيات إجرامها وآخرها تنظيم «داعش». والمفارقة اليوم أن الهوة في مواجهة الإرهاب تزداد اتساعاً، فالتحالف الدولي الذي انطلق العام الماضي وفقاً للقرارين 2170 و2199، لم يحقق شيئاً يذكر، بل إن تنظيم «داعش» ورغم الضربات التي وجهت له جواً، ضاعف قدراته لجهة التمدد الجغرافي، كما نفوذه المادي والمعنوي في كثير من المناطق التي استحوذ عليها. وفي الوقت نفسه انقسمت القوى المتضررة منه، في كيفية مواجهته، حتى وصلت الأمور إلى حد تشكيل تحالف جديد لمواجهة التنظيم، إلى جانب التحالف الدولي القائم. طبعاً، كعادتها لم تتمكن الأمم المتحدة في دورتها الحالية من فعل شيء يذكر في هذا المجال، بل كانت مرتعاً رحباً لتنظير رؤساء الدول وقياداتها، ومكاناً مناسباً لتبادل اللياقات الدبلوماسية المعتادة، في وقت تكثر فيه تبادل الأدوار والمزايدات لمواجهة الإرهاب خارج قاعات الأمم المتحدة. فروسيا أطلقت ضرباتها الأولى في سوريا ضد تنظيم «داعش» وأخواته، ذلك في إطار حلف سوري عراقي إيراني مواز للتحالف الدولي، لكن السؤال الذي يطرح هنا، أليس الهدف واحداً والغاية مشتركة؟ فإذا كان الأمر كذلك لماذا لم يتم التوصل إلى استراتيجية مشتركة؟ أما إذا كان الأمر مختلفاً وهو كذلك، فإلى أين ستسير الأمور؟ وأين دور الأمم المتحدة التي أخذت الأمر على عاتقها عبر سلسلة من المعاهدات والقرارات الدولية الملزمة؟ في الواقع، تعتبر الأمم المتحدة انعكاساً لواقع القوى المتنفذة فيها، وبالتالي هي أعجز من أن تتمكن من تنفيذ قرار متخذ وسط خلاف دولي عليه، الأمر الذي سيزيد الوضع تعقيداً إذا سارت الأمور على هذه الحال، لاسيما إذا كان الانخراط العسكري الروسي الحالي، يمثل حالة استثمارية خاصة في مواجهة إرهاب تنظيم «داعش»، فربما سيتحول في المستقبل إلى مواجهات بين أطراف، يفترض أنها تحارب عدواً واحداً هو تنظيم «داعش». صحيح أن المنطلقات والتوجهات بين الطرفين متباينة تجاه العديد من الملفات الفرعية المتصلة بموضوع الإرهاب، إلا أن ظروف المنطقة لا تحتمل الكثير من الضغوط القابلة للانفجار بشكل يصعب السيطرة عليها. وهنا تكمن مفارقة الأمم المتحدة نفسها لجهة عدم قدرتها على إدارة أزمات بعض الملفات الفرعية المتصلة في المنطقة. إلا ما خلا بعض الحالات الناشئة عن الحروب، وهي في طبيعتها مسائل ذات طابع إنساني بوجهيه الاجتماعي والاقتصادي. لقد زُجّت الأمم المتحدة على مدى سبعة عقود في قضايا هي أكبر منها، ومن بينها قضايا الإرهاب، وعلى الرغم من أن هذه القضية هي ضيف ثقيل دائم على جدول أعمالها السنوي، إلا أنها لم، ولن تكون قادرة على إنجاز شيء يذكر في هذا المجال للعديد من الاعتبارات التي باتت معروفة في ظل آليات العمل المتوفرة لها. ومن هنا، يبدو أن ضرورات الأوضاع القائمة حالياً، تستدعي التفكير ملياً في البحث عن آليات جديدة مبتكرة لمكافحة الإرهاب، كإنشاء «مجلس دولي لمكافحة الإرهاب»، له سلطات وصلاحيات خاصة به، على غرار مجلس الأمن والصلاحيات المنوطة به. صحيح أن الأمم المتحدة أنشأت العديد من اللجان والمجالس المتخصصة في هذا الموضوع، إلا أن آليات عملها، كانت مرتبطة بأجهزة أخرى تخضع لأمزجة سياسية مختلفة، الأمر الذي عطل عملها وزاد الطين بلّة. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/d36c3707-4f02-44e2-bdec-35136650200a#sthash.4DXpqHQn.dpuf

اوروبا والهجرة غير المعلنة


اوروبا والهجرة غير المعلنة د.خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 17-9-2015 عانى العالم مراراً وتكراراً موجات الهجرة القسرية، وإن تعددت عناوينها وتوصيفاتها القانونية، تبقى هذه القضية تقض مضاجع العديد من الدول بفعل تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية وحتى الإنسانية بالمفهوم العريض، لكل من الدول الطاردة أو المستقبلة. وإن كانت الحروب ومآسيها تشكل السبب الأكبر للهجرة، فإن ثمة عناوين فرعية كثيرة تنضوي تحتها بفعل نوعية المهاجرين لجهة المناطق التي ينطلقون منها، أو لجهة الدول التي يستقرون فيها، وفي الواقع مهما تمكنت الدول من حماية نفسها بأطر قانونية وشبكة أمان إقليمية، تبقى تداعيات القضية أكبر من أن تستوعب بأقل الخسائر الممكنة، ويأتي في طليعة ذلك الاتحاد الأوروبي بدوله ال 28، التي كافح بعضها في الماضي واليوم مجتمعة، محاولة استيعاب الهجرة التي تكاد أن تكون منظمة لكن بشكل غير معلن. تغرق اليوم أوروبا بمئات آلاف المهاجرين غير الشرعيين، تحت مسمى اللجوء لدواع إنسانية، وهي ناجمة عن الحرب ، خاصة في سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان وغيرها، وهي بالتأكيد ستتزايد بعدما تم التفكير اقتصادياً بهذه الظاهرة على ما يبدو في الكواليس المغلقة للاقتصاد الأوروبي. فمن المعروف أن لقب القارة العجوز التي أطلق على أوروبا في القرن الماضي، ما زالت تحتفظ به من دون منازع حقيقي، ذلك بالنظر للهرم العمري الذي تأخذه المؤشرات إلى مستويات مخيفة، فمعدل الوفيات هو الأقل في العالم كما هو معدل الولادات، وفي الوقت نفسه يسجل في أوروبا أعلى معدلات متوسط العمر عالمياً، ما سيجعل هذه القارة كما يتوقع البعض في العام 2030 قارة ليست عجوزاً، وإنما مقعدة بفعل النقص الحاد في الأيدي العاملة، واختلال البنى الاجتماعية الاقتصادية ، وهو المقرر الأول في حياة الشعوب والدول وازدهارها. فقبل ستة أشهر، طالب وزير الداخلية الألماني طوماس ميزير، بضرورة العمل على رفع أعداد الكفاءات المهاجرة إلى ألمانيا عبر الترويج والدعاية للحوافز التي يمكن أن تقدم، وألمانيا ترى نفسها اليوم أمام فرصة مناسبة وقوية لاستيعاب هؤلاء المهاجرين سريعاً في سوق العمل ومن دون الحاجة إلى الدعاية والترويج، في ظل واقع العمالة الصعب في أوروبا الذي يفرض نفسه، إذ تتوقع مؤسسة (بروغنوس) نقصاً في العاملين في جميع قطاعات الاقتصاد الألماني يُقَدّر 1.8 مليون شخص في العام 2020، و3.9 مليون في العام 2040، وذلك إذا لم تحصل تبدلات ديموغرافية. ويبدو هنا النموذج الألماني هو التعبير الأمثل عن خلفية التفكير الأوروبي وتطلعه إلى فوائد الهجرة إلى أوروبا التي تعاني ضائقة الأيدي العاملة. فالرقم المرعب المتداول عن حاجات أوروبا للأيدي العاملة يصل إلى ثلاثة عشر مليون مهاجر سنوياً تعويضاً لنسبة المسنين الأوروبيين المحالين إلى التقاعد، فيما النسبة المنخفضة للولادات بين الأوروبيين تثير الرعب في أوساط الباحثين في الديموغرافيا. ثمة انتباه وتيقظ كبيران في أوساط خبراء الاقتصاد الأوروبيين ومنظمات التنمية والتعاون الاقتصادي، إذ تتم المتابعة الدقيقة لقوافل اللاجئين، وبخاصة فئة الشباب التي تشكل النسبة الكبرى بينهم. وهو بالتحديد ما يحتاج إليه أرباب العمل الذين لم يتأخروا في إرسال خبرائهم لتقصي الكفاءات والخبرات الممكن العثور عليها في تجمعات اللاجئين، وهي بالتأكيد ستكون أقل كلفة من مثيلاتها الأوروبية. ينقل عن أرباب عمل ألمان قولهم إنهم يطالبون السلطات بتسهيل الإجراءات أمام اللاجئ الكفؤ وتقديم الخدمات السريعة كتعليم اللغة الألمانية على وجه السرعة، وربما لا يكون تعلم اللغة شرطاً إلزامياً. يذكر أن وزارة التوظيف والشؤون الاجتماعية خففت في نهاية يوليو /تموز الماضي من الشروط الموضوعة بهدف تسهيل التدريب في المؤسسات الألمانية، وبالتالي تسهيل الدمج الاقتصادي والاجتماعي. ربما تكون العقبة الأساسية في تلك الهجرات الكبيرة إذا جاز التعبير، الانقسام الذي تعيشه أوروبا بخصوص التعامل مع القضية، فمن المنتظر أن يتبلور بوضوح أثر موجات الهجرة في المجتمعات الأوروبية. فظاهرة الدفاع عن سياسة التساهل مع اللاجئين توسعت في الفترة الأخيرة، لكن الاعتداءات التي تعرض لها المهاجرون في ألمانيا، أعادت التذكير بالخطر المتمثل بالمتطرفين اليمينيين الذين حسّنوا مواقعهم في الانتخابات الأخيرة في كل من وفرنسا وبريطانيا، وهم بالتالي لن يظلوا متفرجين على ما أسموه الابتلاع البطيء لمجتمعاتهم. ففي فرنسا أشار استطلاع للرأي إلى أن أكثر من نصف الفرنسيين، يرفضون استقبال المهاجرين في بلادهم. هذه النسبة خاضعة للارتفاع إذا ازداد ضغط اللاجئين وسط الانقسام العارم حول أحجام وطرق الاستيعاب الجارية حالياً في الاتحاد الأوروبي. في المحصلة ثمة هجرة تكاد تكون جماعية، سببها الحرب أولاً، ومن ثم الفقر والتهميش ثانياً، وتصاعد النزاعات من دون حل دولي ثالثاً، في المقابل، ثمة من يفكر في عقلية المال والاقتصاد في الجهة المقابلة وهو أمر طبيعي في مجتمعات نيو ليبرالية، يتحكم فيها العرض والطلب، فهل سيتحول هؤلاء اللاجئون أو معظمهم إلى آلات في أدوات الإنتاج الأوروبية ، كما حدث في أواسط القرن التاسع عشر خلال النهضة الصناعية؟ مع فوارق الوقائع والظروف والنوعيات. ثمة صورة متطابقة ترسم في أفق الاتحاد الأوروبي. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/3830b5f7-e3b3-4e17-93a0-8137861dc7b7#sthash.fEfvpixq.dpuf

روسيا والعودة العسكرية الى الشرق الأوسط


روسيا والعودة العسكرية الى الشرق الأوسط د.خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 12-9-2015 ليست سابقة أن تجدد روسيا تموضعها العسكري في بعض المناطق التي تعتبرها حيوية، أو تمثل هدفاً استراتيجياً، لكن الجديد هو زيادة منسوب التموضع في سوريا، والمترافق مع سياسات عسكرية تسليحية نوعية، اعتبرتها الولايات المتحدة «مقلقة»، وهو مصطلح تستعمله واشنطن تعبيراً عن أزمة قائمة تستلزم البحث فيها قبل انسيابها إلى أماكن يصعب السيطرة عليها، وهو ما صدر عن وزير الخارجية جون كيري، الذي كان بمثابة رسالة واضحة إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف. فالتواجد العسكري الروسي في سوريا، الذي بات يتخذ نقلات نوعية في العديد والعتاد، لا يعني بالضرورة فقط كما يفسره البعض، أنه دعم مباشر للقوى العسكرية النظامية وسياساتها الداخلية، بل يمكن أن يفسر أيضاً، بأن موسكو قد اتخذت قرارات من نوع استراتيجي، مرتبطة بسياسات دولية وليست مجرد دعم نظام أو فئة سياسية محددة، وما يعزز ذلك المسار، نوعية التعاطي الروسي مع الملفات السورية، ومن بينها مثلا ملف السلاح الكيميائي الذي كان لروسيا دور أساسي في إغلاقه، والتي حصلت دمشق في مقابله على وضع سوريا تحت المظلة النووية الروسية. فموسكو نشرت أعداداً إضافية من مستشارين وفنيين عسكريين في قاعدة طرطوس، وهي بالمناسبة الرئة المائية الوحيدة لموسكو في المياه الدافئة، وبحسب تقارير غربية، فإن الانتشار تمدد إلى مواقع ومناطق محاذية تقدر الأوساط نفسها، أنها ستكون بيئات عسكرية إضافية روسية على ساحل المتوسط، ما يعزز الاعتقاد أيضاً أن لموسكو برامج إقليمية خاصة أبعد من مسألة دعم عسكري لوجستي، وحتى قتالي للقوة النظامية السورية. وفي موازاة ذلك السلوك المدفوع بهاجس العودة إلى الشرق الأوسط، ثمة ديناميات متسارعة في العلاقات الأمنية والعسكرية الروسية الإيرانية، وهي ليست بالضرورة أيضاً مفصولة عن سياقات العلاقات مع سوريا، بل ثمة ربط موضوعي بها. فثمة حديث عن صفقة طائرات «سوخوي 30» ستعقد لمصلحة طهران، وهي طائرات استراتيجية ومزدوجة المهمات دفاعياً وهجومياً علاوة على التفاصيل والمزايا المتقدمة التي تتمتع بها، وهي بالمناسبة لا تمتلكها سوى دول قليلة جداً حليفة لموسكو، إضافة إلى صفقة صواريخ «إس إس 300»، التي باتت شبه منجزة بعد اتفاق الإطار الإيراني مع الدول الست بخصوص البرنامج النووي، وهنا يطرح السؤال الأكثر حراجة، هل إن موسكو وضعت إيران أيضاً تحت المظلة النووية بعد اتفاق الإطار؟ نظرياً ما ينطبق على دمشق من الممكن منطقياً أن ينطبق أيضا على طهران. في المحصلة ثمة حراك روسي متعدد الاتجاهات في الزمان والمكان المقلقين لواشنطن ول «إسرائيل» أيضاً، وما يعزز ذلك أيضاً ارتفاع منسوب تصريحات القيادات العسكرية والسياسية «الإسرائيلية» مؤخراً والمتوجسة من هذا الحراك، الذي اعتبرته «تل أبيب» خطراً على جبهتها الشمالية في حال ازدياد الاندفاع الجوي الروسي في سماء سوريا. في أي حال من الأحوال، لم تكن موسكو في يوم من الأيام غير مهتمة بمنطقة الشرق الأوسط، بل سعت بكل ثقلها لتكون طرفاً فاعلاً في أزماتها ومشاريع حلولها ماضياً ومستقبلاً، بل ظلت المنطقة باباً رئيسياً لعودتها للنظام العالمي، لكن مراقبة السلوكين السياسي والعسكري الحاليين، يشيران إلى جملة من الأسئلة التي ينبغي التوقف عندها، ومن بينها، هل تعتبر موسكو أن ظروف المنطقة مناسبة لهذه الاندفاعة؟ وهل بمقدورها حالياً الوصول إلى أهداف محددة عجزت عن تحقيقها خلال العقدين المنصرمين مثلاً؟ وهل ثمة فك وربط بين ما يجري في شرقي أوروبا، وتحديداً في البلقان، وما يجري في الشرق الأوسط؟ ثمة الكثير من يربط بين أزمات القرم سابقاً، وما جرى من حروب امتدت عالمياً، وكانت حساباتها مرتبطة بحسابات شرق أوسطية! لكن الأسئلة الأكثر إلحاحاً هي المرتبطة بقدرة المنطقة في ظل هذه الظروف على تحمّل هذه السياسات الخطرة، إن لم تكن مقلقة كما تدعي واشنطن، في الواقع، إن عودة أي قوة هادفة إلى المنطقة ومنها روسيا، ستتسبب بأوضاع ليست مريحة لدولها ولشعوبها، لاسيما وأن واشنطن ومن يتحالف معها، لن تقف مكتوفة الأيدي أمام من يندفع إلى منطقة تعتبرها مجالاً حيوياً لها، وفي أضعف الإيمان حديقة في فنائها الخلفي. فهل يعلم العرب ماذا ينتظرهم؟ يساورنا شك دائم في ذلك. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/3068e5c7-dd49-4fcc-aa05-085132e6a5ee#sthash.2QC67EsR.dpuf

لبنان من الحوار الى الانفجار


لبنان من الحوار الى الانفجار د.خليل حسين صحبفة الخليج الاماراتية 7-9-2015 ليست سابقة أن يلجأ اللبنانيون إلى الحوار، فهي عادة تكررت مع كل مفصل من مفاصل أزماته التي لا تعد ولا تحصى، حتى باتت عرفاً سياسياً يحكم الكثير من ضوابط اللعبة السياسية في الداخل ، التي غالباً ما تتناغم مع الضوابط الخارجية . والحوار في لبنان ليس أمراً لبنانياً بحتاً، بل ظهر في معظم محطاته مع مستلزمات ضبط إيقاع الأزمات الإقليمية المرتبطة به والتي تعبر في الواقع عن تداخل واضح بين مصالح الخارج والداخل. منذ نهاية ستينات القرن الماضي، مروراً ببدايات الأحداث في السبعينات والحوارات لم تغب عن سياقات الحلول، إلى أن أخذت أشكالاً أخرى في الثمانينات مع مؤتمرات الحوار في لوزان وجنيف، وصولاً إلى الطائف والدوحة، وما بينهما من حوارات ومشاورات لأزمات فرعية داخلية. واليوم، ثمة دعوة لإقامة حوار يقتصر على الكتل الممثلة في مجلس النواب، بعدما أخذ الحراك الشعبي أشكالاً أخرى، فتجاوز الشعارات المطلبية الحياتية إلى رفع شعارات استقالة الحكومة والنظام، ما يعني أن هذا الحوار المفترض انطلق تحت ضغط الشارع، فهل سيصل إلى نهاياته المفترضة ؟ أم أن الاحتجاجات الشعبية ستتجاوز الحوار وأطرافه، وبالتالي أخذ لبنان إلى مواقع أخرى؟ في قراءة سريعة لجدول أعمال الحوار ومدى تجاوب أطرافه أولاً، ومن ثم محاولة استشراف مواقف الفئات المحتجة ثانياً، يبدو أن كلا الطرفين، يرفع شعارات وجداول متشابهة، لكن لكل فئة غاية في نفس يعقوب. فالحوار المزمع يتدرج في شعارات الإصلاح وانتخابات رئاسية ونيابية، وقانون انتخاب، ومطالب مزمنة كاللامركزية والإنماء وغيرها، وهي في الواقع مطالب محقة ومطلوب إقرارها والعمل فيها، لكن الأمر لا يعدو كونه تعبيراً عن صور ومشاهد يتلطّى خلفها من يحاول الحفاظ على مصالحه ومكتسباته في السلطة، وأيضاً من يسعى إلى تغيير هذه السلطة ولو بوسائل تبدو سلمية، لكنه يعجز عن إبقائها كذلك، بفعل ممارسات السلطة التي تأخذ الحراك بيده إلى أماكن ربما لا يريدها. فأصل الموضوع، أي الحوار، هو شرط ضروري لفهم المشكلة والولوج في حلها، لكنه شرط غير كافٍ في ظل معطيات ووقائع ربما تجاوزت السلطة والمحتجين معاً، وبالتالي فإن التوصل إلى قواعد حل ما، يبدو أمراً مستبعداً، إلا إذا تمكن من يدير الاحتجاجات من تسييرها وتصويبها ضمن أطر واقعية قابلة للحل، وهو أمر يبدو متعذراً أيضاً، في ظل عدم وجود أطر حزبية أو نقابية تمتلك القدرة على إعادة إنتاج وقائع جديدة لجذب الشارع مجدداً، ذلك أن أغلبية الشعب اللبناني، لم تعد تنظر بعين من الارتياح لأي حزب أو تيار، نتيجة الممارسات التي سادت سابقاً. في المحصلة، يبدو أن الحوار المزمع، لن يكون إلا تاريخاً يُضاف إلى تواريخ سابقة، ستليها موجات من العنف الداخلي، الذي يعرف الخارج كيف يلتقط أدواته، ويعرف أيضاً كيف يستثمر فيه داخلياً وإقليمياً، وهو أمر بات من ثوابت إدارة الأزمات الوطنية اللبنانية. لكن، وعلى أي حال من الأحوال، لا يعني ذلك بالضرورة الوقوف مكتوفي الأيدي كأنه قدر بقدر، ثمة مخارج ليست بالضرورة أيضاً مكلفة، إذا صفت النيّات لدى السلطة، وكذلك لدى معارضيها في الشارع، فإسقاط الحكومة والنظام لا يحل المشكلة في ظل فراغات دستورية يأتي في مقدمها رئاسة الجمهورية، بل يمكن البدء بإعادة تكوين النظام، عبر خيارين، الأول اقتناع السلطة أنها باتت أمام مأزق حقيقي، وبالتالي الدعوة أولاً، إلى انتخاب مجلس نيابي جديد، ومن ثم رئيس للجمهورية في ظل القانون الانتحابي المتوفر حالياً، وهو الأكثر إقناعاً والأقل تكلفة من الناحية السياسية والمطلبية، أو توصّل المتحاورين إلى اتفاق حول اسم لانتخابه رئيساً للجمهورية، ومن بعدها يعمل على إعادة تكوين السلطة مجدداً بعد انتخابات نيابية جديدة. مصيبة لبنان الكبرى أن هناك رؤوساً حامية، لا تدرك خطورة ما يجري، ولا تفقه شيئاً في إدارة الأزمات، وهي نفسها تأخذ البلد إلى أماكن شهدنا فيها أسوأ مظاهر الفوضى والتطرف، وهو أمر شبه محتم، إذ إن الحوار يبدو كحوار الطرشان، والآخرون لكل منهم، غاية للتي في نفس يعقوب. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/14fac948-466c-4a0c-af37-b3826d8c6724#sthash.o7QEgi9u.dpuf

لبنان الى التغيير ام الفوضى


لبنان الى التغيير ام الفوضى د.خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 27-8-2015 ليست سابقة أن تنزل مختلف شرائح الشعب اللبناني إلى الشارع للتعبير عن مطلب ما، أو حتى إصلاح النظام وصولاً إلى إسقاطه، فتاريخ لبنان المطلبي يعج بمثل تلك الحالات، إلا أن ما جرى مؤخراً يرسم علامات فارقة تتميز عن غيرها من التحركات المطلبية السابقة. هذه المرة، انطلقت الاحتجاجات الشعبية من دون خلفية سياسية ، كما اعتاد عليها اللبنانيون سابقاً، وحجبت المطالب الشعبية المحقة، (وهي بالمناسبة مطالب تعتبر سخيفة في الأنظمة التي تحترم نفسها وتحترم الحد الأدنى لحقوق الإنسان)، كافة التلاوين السياسية من قوى 8 و14 آذار، فتخطت منظميها من تجمعات أهلية، لتكتسي طابعاً وطنياً ناقماً على سلطة سياسية حكمت البلاد منذ ربع قرن، ولم تقدم لشعبها سوى الفساد وإغراق البلاد بالانقسامات الطائفية والمذهبية، علاوة على واقع اقتصادي اجتماعي مزرٍ. والمفارقة، أن الشعب اللبناني سجّل سبقاً في حراكات احتجاجية، انطلقت قبل سنوات من انطلاق الحراك العربي في بعض بلدانه (أي منذ العام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري)، وظل في الشارع سنوات، حتى ظهرت «تسوية الدوحة»، التي كانت بمثابة تأجيل للانفجار ومحاولة لشراء وقت ضائع، طالما بحث عنه سياسيو لبنان وزعاماته في مختلف الحقب السياسية التي حكموا بها البلاد عنوة أو تستراً بالديمقراطية. اليوم ارتدى التحرك مطالب حياتية عادية ومحقة، فهل هناك شعب في الألفية الثالثة، يطالب بالكهرباء والماء، أو بإزالة النفايات من الشوارع ، أي الحق في النظافة والصحة العامة؟ وهل تعتبر هذه المطالب تعجيزية أو من خارج نطاق صلاحيات الدولة ؟ وهل يُتخيل للبعض أن الشعب اللبناني بات بسيطاً لهذه الدرجة في مطالبه؟ إنها فعلا مفارقة.. تحتمل طرح العديد من الأسئلة، ثمة سوابق جرت في العديد من دول العالم، وليس بالضرورة تشبيهاً بالحراك العربي الذي ذهب باتجاهات أخرى، فهل الحراك الحالي في لبنان، قادر على التحرك بديناميات لبنانية بحتة؟ أم هو بحاجة لمنشطات خارجية لدفعه باتجاهات أخرى؟ بكلام آخر، هل الشعب اللبناني الغارق في تفاصيل طائفية ومذهبية وهموم اجتماعية واقتصادية لا حصر لها، قادر على التحرك للنهاية بمعزل عن المحفزات الخارجية؟ وهل أن لبنان يراد له الانفجار عبر هذه الاحتجاجات، أم أنه ما زال تحت تغطية إقليمية ودولية تمنع عنه الانفجار الكبير، وبالتالي هل هذا الحراك لا أفق له في المدى المنظور؟ وبمعنى أكثر وضوحاً، هل أن المطلوب من لبنان في هذه المرحلة بالذات، أن يكون مرتعاً لتبادل الأدوار والضغوط بانتظار التسويات الإقليمية الكبيرة؟ أسئلة كبيرة ومن العيار الثقيل تطرح ، ومن الصعب الإجابة عنها في ظل تداخل وتشابك العديد من الاعتبارات الداخلية والخارجية، التي كانت لها الكلمة الفصل في حسم أي موقف أو خيار أو خطوة كان لبنان مجبراً على اتخاذه. ثمة شروط ضرورية ولازمة لإنجاح أي تحرك مطلبي في أي دولة أو أي نظام، ومن بينها، وجود قوى منظمة قادرة على تسويق نفسها في مجتمعها، إضافة إلى مشروعية مطالبها، وبالتأكيد تنطبق بعض هذه المسائل على الواقع اللبناني، شعباً وتيارات وقوى مجتمعية منظمة، لكن في المقابل، ليس ثمة قوة منظمة قادرة على إنتاج خرائط طرق، تستطيع من خلالها إيصال مطالب ناسها وشعبها إلى النهاية المرجوة، خاصة أن الكثير من التجارب اللبنانية السابقة باءت بالفشل، كما أن الكثير من نظيراتها العربية باءت بالفشل أيضا، فأكلت الثورات أبناءها، وضاع حراكها في أتون حروب أهلية، دمرت الدول بمؤسساتها ومجتمعاتها، وانتشر التطرف والإرهاب باسم الدين، حتى باتت الشعوب تترحم على الماضي، وتقارن بين السيئ والأسوأ. ما جرى ويجري في لبنان اليوم، مبرر بكل المقاييس، فالشعب اللبناني من حقه المطالبة بنظام يحمي أبسط حقوقه التي حصل عليها أي شعب في مجاهل إفريقيا، كما أيضا من حقه عدم التعرّض لسرقة حراكه وأخذه إلى أماكن أخرى، كما حصل في العديد من البلدان العربية، فالشعب اللبناني بكل مشاربه وشرائحه، مطالب بالوعي واليقظة لكي يسلك الطريق الصحيح، كي لا يقع بما وقع به غيره، صحيح أن مطالبه محقة وأكثر من ضرورة ليتصف عيشه بالكرامة، لكن الصحيح أيضا أن هناك متخصصين في سرقة الثورات دائماً، وهم غالباً ما ينجحون بذلك، فهل اللبنانيون قادرون على حماية حراكهم من سارقي الداخل والخارج؟ إن التجارب السابقة في لبنان وخارجه ليست بمبشرة! - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/24c39a07-517b-4a6d-be25-a35ba9c3893f#sthash.ysXzDc6w.dpuf

الاخوان ومستقبل اليمن


الاخوان ومستقبل اليمن د.خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 22-8-2015 فيما خرجت جماعة «الحوثيين» من المحافظات الجنوبية، سُربت وثيقة يتم التداول بشأنها بين وفد يمثلها في العاصمة العمانية مسقط والمبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ. وتتضمن الوثيقة حسب التسريبات عشر نقاط، أبرزها: الاستعداد للتعامل الإيجابي مع جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والتي آخرها القرار 2216، وقف دائم وشامل لإطلاق النار وانسحاب كل الجماعات والميليشيات المسلحة من المدن وفقاً لآلية يتفق عليها لسد الفراغ الأمني والإداري، رفع الحصار البري والبحري والجوي، الاتفاق على رقابة محايدة على تنفيذ الآلية التي سيتم الاتفاق عليها، احترام القانون الإنساني الدولي، استئناف وتسريع المفاوضات بين الأطراف اليمنية التي تجري بوساطة الأمم المتحدة، وضع خطة وطنية لمواجهة التنظيمات الإرهابية بمساعدة ودعم المجتمع الدولي، الاتفاق على آلية تحفظ أمن الحدود والسيادة، تعهد المجتمع الدولي والإقليمي بمعالجة مخلفات الحرب وآثارها الكاملة وإعادة إعمار شامل لليمن، وأخيراً التزام كل الأطراف بتسليم السلاح الثقيل إلى الدولة وفقاً لمخرجات الحوار الوطني الشامل. وفي ظل الخطوات المتسارعة للأطراف اليمنية والإقليمية ، لحجز كل طرف موقعاً فاعلاً له في تركيبة اليمن الجديدة ، سعت أطراف عربية أخرى لإعادة تموضع سياسي في أعقاب ما جرى مؤخراً، وتعكس هذه المساعي في الظرف الراهن، ما تخطط له جماعة الإخوان المسلمين وما تريده من دور في الساحة اليمنية، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة عن مصير اليمن القادم بعد سلسلة التجارب المريرة، التي جرت في غير بلد عربي لاسيما في تونس ومصر وليبيا. ويأتي هذا التوجه على الرغم من أن حزب الإصلاح لعب دوراً ثانوياً في المقاومة الجارية حالياً ضد جماعة «الحوثيين» والرئيس السابق علي عبدالله صالح، فضلاً عن اتهامات كثيرة على قاعدة أنه السبب الرئيس لاستدراج المتمردين للسيطرة على عمران ثم صنعاء، وفتح بقية المحافظات أمامهم دون أيّ مقاومة تذكر من ميليشياته. إن ما يجري هو محاولة لفرض جماعة الإخوان المسلمين بهدف تأمين مكان في صناعة القرار اليمني، مع اقتراب عودة حكومة عبد ربه منصور هادي. وثمة من يرى أن أطرافاً خليجية، تخشى من تراجع نفوذها في اليمن، وذلك بسبب الدور الكبير للإمارات العربية المتحدة في التحالف العربي عبر نجاح رؤيتها بدعم اللجان الشعبية الجنوبية بالسلاح والعتاد والخبرات العسكرية، ما أدى إلى قلب المعادلات في اليمن، وهو ما يجعل للإمارات مكانة قوية في مستقبل اليمن، بعكس الذين فشل رهانهم على الإخوان المسلمين في مواجهة الحوثيين، فيما نجح رهان الإماراتيين في قراءة الواقع اليمني بشكل جيد. ثمة رفض واضح في مختلف الشرائح الاجتماعية والقبلية والسياسية اليمنية، لأي محاولة لاختطاف نتائج ما جرى، وتجييرها لصالح جهة غير فاعلة على الأرض كجماعة الإخوان، فضلاً عن تجنّب تكرار تجربة «الإخوان» في مصر التي مهدت لموجة الإرهاب والفوضى التي تعيشها البلاد حالياً. خاصة وأن الداخل اليمني اكتوى من تجربة التيارات الإسلامية التي طحنت البلاد والعباد. لقد كان «الإخوان» شركاء دائمين في الحكم خلال العقود الأربعة الماضية، ومنذ تولي علي صالح الحكم وهم في السلطة بصورة أو بأخرى، وقبل خروجه من سدة الحكم في العام 2012، كان لدى «الإخوان» ما يقرب من 70% من مديري الوزارات. أما بعد علي عبد الله صالح فقد توسعت سيطرتهم، وأحكموا قبضتهم على كافة المنافذ الجوية والبحرية وعلى دوائر الضرائب. وبعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، ومع بدء عاصفة الحزم في 26 مارس/آذار 2015، أُتيح التخلص من نفوذ الإخوان المسلمين وسيطرتهم على الدولة اليمنية، وهو ما أسهم في أن يكون اليمن أقل تضرراً من «الإخوان»، إذ تراجعت قوتهم وضعف تأثيرهم في الساحة اليمنية. ثمة إعادة قراءة لمجمل مفاصل التعامل مع حركات الإخوان المسلمين، وبخاصة من الدول الخليجية الفاعلة، حيث أثبتت التجارب عقم المراهنة عليهم، وهي قراءة تستند إلى حقائق ووقائع لا لبس فيها، بخاصة أن تجارب استلامهم للسلطة، كانت وبالاً على المجتمعات التي حكمتها عنوة ولو باسم الثورات والدين والتغيير. أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/9b12ddfa-2df5-4aac-abca-ae813d0b6efc#sthash.JU2v2Nej.dpuf

العرب والاكراد وضرورات الفهم والتفهم


العرب والاكراد وضرورات الفهم والتفهم خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 15-8-2015 شكلت معاهدة لوزان 1923 ضربة قاسية للأحلام الكردية ببناء وطن قومي لشعب يشكل تعداده رقماً صعباً بين شعوب المنطقة ودولها. وأصبحت القضية الكردية مع الوقت أحد مصادر الصراع في الشرق الأوسط. وفي ظل التحولات السياسية والديموغرافية في المنطقة، بدأت القوى الكردية في تأسيس أدوات عسكرية وأمنية وسياسية وإدارية، بهدف الاستفادة من واقع فرضته الأحداث الجارية في المنطقة، حيث تشكلت مساحات جغرافية تديرها جماعات مسلحة. لقد عمل الأكراد على تشكيل حيثيات جغرافية وديموغرافية في مناطق تواجدهم، إن كان في سوريا أو العراق، ولم تكن معركة «كوباني» سوى منعطف مهم في تاريخ القضية الكردية، حيث بدت كأنها صك اعتراف مسبق بما يمكن أن تؤول إليه أمور المنطقة، وحقهم في تظهير أحلامهم الموعودة بوطن قومي، بعدما بلورت كردستان العراق هذه الصورة بشكل جلي. ورغم ذلك لم تكن هذه الفرصة عامل توحّد لدى مجمل الفصائل الكردية، بقدر ما هي نقطة تقاطع المصالح في لحظة معينة. وهنا بالذات يظهر خطأ العرب في نظرتهم للأكراد وأحزابهم، إذ تتم قراءتهم على أنهم كتلة واحدة تجاوزت الخطوط الحمر ولامست محرمات فرضت عليها عقوداً ودهوراً، إلا أن التدقيق في الكثير من الواقع والوقائع، يظهر ويثبت أن العرب والأكراد هم، تاريخياً، مستهدفون، وهم حالياً في سلة واحدة في مواجهة المد التكفيري والإرهاب، أياً كان مصدره أو عنوانه أو مكان إحلاله. وفي قراءة موضوعية وهادئة، ثمة عدة صور يمكن التوصل إليها. في المبدأ لا يمكن إنكار أن الأكراد استفادوا من الفوضى العارمة التي تحيط بهم وبأماكن تواجدهم، وتمكنوا ليس من تكوين بيئات جادة لمناطق من الممكن أن تكون أرضاً لدولة واعدة وحسب، وإنما أيضاً إقناع المجتمع الدولي، وبخاصة الغرب، بأن قضيتهم لم يعد من الجائز تجاهلها، بخاصة أن الأكراد أنفسهم يعتقدون أن فرصتهم باتت في متناول اليد إذا ما نجح المشروع الأمريكي في تفتيت المنطقة ديموغرافياً وجغرافياً، إن كان على أسس عرقية قومية أو طائفية مذهبية، أو الاثنين معاً. وما يعزز ذلك، النجاحات التي تحققت في إدارة المناطق التي يسيطرون عليها في سوريا والعراق، وقد يشجع الإنجاز الانتخابي الأخير في تركيا، والمتزامن مع الحملات التركية العسكرية والأمنية ضدهم، من مد نفوذهم إلى الداخل التركي في لحظة ما. يشار هنا إلى أن واشنطن ربما تعتبر النموذج الكردي للدولة، يمكن تعميمه والاستفادة منه عملياً في مواجهة دويلات أخرى موجودة بحكم الأمر الواقع كدولة «داعش»، إذا اقتضت ظروف المعارك ذلك. إن تعقيدات الأزمة في الشرق الأوسط وفي مختلف فروعها، معطوفة على غياب القوى الإقليمية القادرة على حماية ما تبقى من أنظمة، وفشل الغرب في إملاء شروطه، علاوة على الصراع القائم لملء الفراغ، كل ذلك يرخي بظلاله على الأكراد والعرب في الوقت نفسه، فيؤجج الصراع والتنافس على الزعامة والمصالح؛ فالخيارات والتوجهات الكردية ليست واحدة، كما هي خيارات وتوجهات العرب المختلفة أيضاً، ويخطئ العرب إن اعتقدوا أو عاملوا الأكراد على أنهم ذات مشرب أو توجه واحد. أو اعتبارهم منافسين أو خصوماً أو أعداء محتملين. وفي الواقع، تعتبر الحركة الكردية حركة تحرر أسهمت في المواجهة ضد الهيمنة والاحتلال الصهيوني، وليس غريباً أن تشهد بعض الفصائل الكردية بعض الانحرافات والإخفاقات، فهي مثل نظيراتها العربية التي شهدت في بعض مراحل عملها مثل تلك الانحرافات. فبعض المظاهر لا تعدو كونها تقاطع مصالح، فهي لا تحالفات استراتيجية، لا مع الغرب ولا مع غيره. فالأكراد يقبلون الدعم الأمريكي لمواجهة «داعش»، كما حاجتهم لضغوط واشنطن على أنقرة لعدم تقويض إنجازاتهم، والأكراد يعرفون أيضاً أنهم بنظر الغرب أداة للضغط على تركيا، كما يدركون أن «إسرائيل» والولايات المتحدة حليفان استراتيجيان لتركيا ولجيشها العدو اللدود لهم. فباستثناء الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، وبعض الأحزاب الصغيرة، فإن الخيارات الكردية لا تناقض ولا تواجه خيارات القوى الوطنية في المنطقة. في المحصلة، ربما قدر العرب والأكراد أنهم اجتمعوا في نطاق جغرافي واحد، وهم في حقيقة الأمر الأقرب إلى بعضهم بعضاً، مقارنة بظروف الأكراد وأوضاعهم في المناطق الأخرى غير العربية، كإيران وتركيا، وبهذا المعنى والواقع وأيضاً الوقائع التي تحكم ظرفهما، لا بد من فهم متبادل للقضية الكردية، بأبعادها المختلفة، بعيداً عن التوجس والخوف والقلق الذي يراه العرب داهماً عند كل منعطف، في الوقت الذي يكون فيه الاثنان العرب والأكراد في مواجهة خطر واحد. *أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولي في الجامعة اللبنانية - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/b93567d7-99e2-4c84-89f3-1ee84da65da2#sthash.z0KmlMWp.dpuf

خلفيات الحوار الأمريكي المصري وآماله


خلفيات الحوار الأمريكي المصري وآماله د. خليل حسين* الخليج الاماراتية 9-8-2015 في وقت انهمكت القاهرة بافتتاح قناة السويس الجديدة،، انطلق حوار أمريكي مصري، وُصِف بالاستراتيجي، إلّا أن وجهة نظر الطرفين المتباينة من قضايا كثيرة تعم المنطقة، تجعل هذا الحوار ضمن سقف الحوارات «التكتية»، وفي الواقع يمثل لحظة الضرورة للطرفين بهدف إعادة ترميم العلاقات بين البلدين التي شهدت فتوراً ملحوظاً مقارنة بفترات سابقة. فالحوارات التي تجريها، عادة، واشنطن مع دول وازنة في إقليم معين، تتم في أطر وجداول محددة، يكون الهدف منها إعادة تكوين وتموضع لبيئات وسياسات إقليمية تهدف إلى حفظ مصالح مشتركة بين الطرفين. وفي السياق نفسه، أجرت واشنطن حوارات عدة مع القاهرة كان آخرها في العام 2009، وسبقها حوار 1998 و1999 في عهد الرئيس بيل كلينتون على قاعدة متابعات اتفاق أوسلو، وقضايا السلام بين العرب وإسرائيل، ثم جولة حوار أخرى في العام 2006، إبان حكم جورج بوش الابن، والذي تزامن مع عدوان «إسرائيل» على لبنان. وفي الواقع تعكس هذه الحوارات وجدواها مستوى العلاقات بين القاهرة وواشنطن، وفي قراءة سريعة يلاحظ فتور العلاقة بعد فشل الرئيس باراك أوباما في رهانه على الإخوان المسلمين، إذ زاد منسوب التوتر بين الطرفين بعد خلع الرئيس الأسبق محمد مرسي، وانتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي. والحوار الأخير يمثل مصلحة للطرفين، بعد تحسن نسبي ناجم عن لقاء أوباما السيسي في الأمم المتحدة العام 2014، والمرونة الأمريكية لقضية المساعدات العسكرية والمالية، التي تبلغ 1.3 مليار دولار، والتي أوقفتها واشنطن سابقاً. وقد ارتكز الحوار على قواعد محددة من بينها دور مصر في عملية السلام، والتسهيلات المصرية للإدارة الأمريكية في إطار عملياتها في المنطقة كحرب الخليج الثانية 1991، واحتلال العراق 2003، إلّا أن مجمل المتغيرات الحاصلة في الإقليم وتغير أولويات واشنطن في المنطقة، وبخاصة بعد توقيع الاتفاق النووي، ربما سينعكسان سلباً على دور مصر الإقليمي وبالتالي نظرة واشنطن في الاعتماد عليها كلاعب إقليمي فاعل. فالقاهرة لديها ملفات حيوية تسعى إلى بناء قواعد صلبة لحلها، أو على الأقل إدارتها بأقل الخسائر الممكنة، ومن بينها مثلاً القضية الليبية التي تشكل الخاصرة الرخوة من الغرب، ومياه النيل والعلاقات مع إثيوبيا في الجنوب، إضافة إلى قضايا الثروات النفطية وأنابيبها في المنطقة شمالاً، علاوة على قضية القوة العربية المشتركة، والتي تحاول القاهرة أن تكون جسر عبور بواسطتها إلى القضايا العربية. إن الأولويات المصرية تبدو متعارضة بل متصادمة في بعض الأحيان مع السياسات الأمريكية، التي تحاول تحجيم دور مصر وإبقاءها ضمن قضايا محلية وإقليمية ودولية عامة كمحاربة الإرهاب والتصدي لتداعياته، أي بمعنى آخر لا تهتم واشنطن حالياً بإعادة تركيب أدوار فاعلة، وبخاصة لمصر في وقت يشهد الإقليم إعادة تموضع وترتيب لموازين القوى تبدأ من طهران مروراً بالرياض وأنقرة وتل أبيب، ولا يبدو أن واشنطن مستعجلة لحجز دور ما للقاهرة في هذه التركيبة الجديدة. في المحصلة، وإن كان هذا الحوار هو الخامس من نوعه بين البلدين، والأول بعد موجات الحراك العربي، ينبغي على القاهرة إعادة قراءة وتقييم لمجمل سياساتها الخارجية وبخاصة مع واشنطن، إذ إن هذه الأخيرة لم تكن يوماً من الأيام صاحبة مبادئ، بل تعكس سياساتها براغماتية واضحة في العلاقات مع غيرها، وبخاصة مع العرب. وبذلك يعكس الحوار الحالي مستويات «تكتية» لا استراتيجية من وجهة نظر الطرفين، باعتبار أن الأولويات المطروحة الآن، لا تعدو كونها الحفاظ على ما تبقى من علاقات دافئة، على أمل شراء الوقت وتقطيعه، ريثما تنجلي الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، كما ظهور تداعيات الاتفاق النووي الإيراني في المنطقة، والذي سيستتبع خرائط قوة سياسية وعسكرية إن لم تكن جغرافية. *أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/b3b99e61-5c00-4452-83cb-4683df0b67d4#sthash.kRhq8M8e.dpuf