قمة دورية .. قرارات عادية.. لظروف استثنائية
د.خليل حسين
استاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
www.drkhalilhussein.blogspot.com
ربما تحديات العرب وقمتهم العادية تفوق الامكانات المفترضة لما هو مأمول منها،ذلك قياسا على تجارب القمم السابقة.وبصرف النظر عن المقاربة الموضوعية لمجمل الظروف المحيطة بكل انعقاد قمة، وما صدر عنها من توصيات ومقررات وما تم تنفيذه، تبقى الظروف المستجدة أكثر قسوة وتتطلب المزيد من الجهد، لايقاف المزيد من حالات الابتزاز السياسي الذي يلوح في افق المنطقة. فالقمة تعقد في ظروف أفضل بكثير عما سبقها، لجهة اعادة وصل ما انقطع بين بعض دولها،ما يشكل عاملا مساعدا للخروج بحد أدنى من الاتفاق على قضايا مصيرية كانت حتى الأمس القريب، مدار جدل وخلاف قويين، أثَّر حتى على بنية النظام الاقليمي العربي وترك تداعيات سلبية قاسية على مستوى العلاقة بين اركانها الرئيسيين.
صحيح ان ثمة فروق واضحة في مقاربة وسائل وآليات الحلول للكثير من الأزمات العربية البينية،كما العربية الاقليمية،الا ان ما استجد مؤخرا يعطي دفعا باتجاه وجوب تصويب القوى باتجاه الملفات الأكثر الحاحا على الصعيدين العربي والاقليمي. فاللقاءات التي سبقت القمة ومنها الاتصالات السورية السعودية والمصرية، تؤشر الى مسار مختلف عما سبقه خلال السنوات الخمس الماضية ،وهي بطبيعة الحال من المفترض ان تؤثر على اجواء القمة ومداولاتها ومقرراتها.
وعلى الرغم من هذه المقارقة المطلوبة،تبقى العبرة في آليات ومسار استثمارها لاحقا،فالنظام الاقليمي العربي يعج بالقضايا التي تتطلب تحركا فاعلا يؤسس لتضامن عربي من النوع القابل للصرف السياسي،سيما وان الكثير من تلك القضايا تتطلب اجابات واضحة،والا ستصبح كغيرها من القضايا المنسية منذ زمن طويل.
التحدّي الأول الذي يواجه القمة العربية موضوع تهويد القدس، وهو الموضوع الذي استحوذ على القسم الأكبر من مقررات القمم العربية السابقة ،وكذلك مقررات منظمة المؤتمر الاسلامي ولجنتها الخاصة بالقدس،الا ان التدقيق في مجمل تلك القرارات وكيفية التعامل مع آليات تنفيذها،تظهر ان ثمة قصورا كبيرا في فهم كيفية التعاطي العربي مع قضية بهذا الحجم.فلا الادانات ولا الشجب ،ولا اللجوء الى المحافل الدولية كان الحل، ولا اللجان المختصة،ولا الصناديق المالية للدعم كانت كافية،ما جعل القدس وقضاياها عنوانا دائما في كل محافل العرب واجتماعاتهم وقممهم،الا ان شيئا لم يتحقق، المزيد من المستوطنات، المزيد من تغيير المعالم،المزيد من عمليات الضم والفرز والاقتطاع للأراضي ..،فما العمل؟ان التعويل على بعض المقررات في البيان الختامي للقمة العربية، يبدو امرا عاديا ومألوفا في مثل تلك المنتديات الدورية العربية، لكن العبرة في كيفية التعاطي مع اصل الموضوع ومنذ بدايته.فعلى سبيل المثال،لقد كان ردّ فعلنا على بناء كنيس الخراب متأخّرًا ويؤشر على التقصير الواضح في متابعة شؤون القدس والتفاعل معها، فالاحتلال أقرّ بناء الكنيس منذ العام 2001 وبدأ ببنائه في عام 2006، ولو كان ردّ الفعل العربي آنذاك ،مشابها للهبة التي حصلت عند افتتاحه، لربما ، ما كان ليُبنى في الأساس.
التحدي الثاني وفي الموضوع الفلسطيني أيضا،موضوع الاستيطان،الذي بات هما مزدوجا للعرب بعامة وللفسطينيين بخاصة.فعلى الرغم من عدم مشروعيته وفقا لكافة المقاييس القانونية والأخلاقية والدينية والشرعية،ظلت المطالبات العربية بوقفها من نوع ، لزوم ما لا يلزم، اذا ما رُبطت المطالبة، بالجهة التي يتم التوجه اليها.فالولايات المتحدة بمختلف اداراتها المتعاقبة لم تولي يوما الاهتمام بالمطالبات العربية لجهة الضغط على "اسرائيل" لوقف الاستيطان ،وبدلا من ان يتمكن العرب من التوصّل الى حد معقول في هذه المطالبات،تراجعوا مجددا من صيغة ايقاف الاستيطان،الى صيغة تجميد عمليات الاستيطان، والمضحك المبكي ربطه أيضا باستئناف مفاوضات السلام مع اسرائيل ،والدولة الموعودة للجانب الفلسطيني.فماذا قدمت القمم السابقة، وماذا ستقدم القمة الحالية من مقررات ومتابعات؟
التحدي الثالث،ذات الصلة ايضا بالصراع العربي "الاسرائيلي"، الموقف المفترض من عملية السلام ومفاوضاتها المتعثرة مع بعض العرب،والمتوقفة مع بعضم الآخر.هل سيتم دعم اطلاق المفاوضات الفلسطينية "الاسرائيلية" ذات الأربعة أشهر، بدفع جديد ، وبالتالي اطلاق رصاصة الرحمة على مبادرة قمة بيروت؟ ام ثمة مفاجآت منتظرة ما بعد القمة،بخاصة بعد لقاء نتنياهو اوباما السري اذا جاز التعبير في البيت الابيض؟
التحدي الرابع، يتعلق بالعلاقات البينية العربية، وما يمكن ان تقدمه القمة في مجال اعادة احياء التضامن العربي في حدوده الدنيا، لمواجهة المستقبل القريب المعلوم المجهول؟ ثمة بارقة امل يمكن البناء عليها،لكن التجارب السابقة غير مشجعة البتة،فكثيرا ما كان العرب يفترقون عند اول منعطف يواجهونه ولا يملكون اي اجابات حتى على القضايا المبتوت فيها اصلا.
كثيرة هي التحديات التي تتطلب مواقف مغايرة للتي اعتدنا عليها،وربما تطول اللائحة بطول خطوط العرض والطول، التي تلف عالمنا العربي بأزماته ومشاكله. فرغم خصوصية الظروف واستثنائيتها،عُقدت القمة العادية االثانية والعشرين وسط نكسات ونكبات، فاقت تداعياتها توصيف ذلك الزمن الغابر من عمر العرب وصراعهم مع "اسرائيل".بالأمس اغتصبت فلسطين ومئات التوصيات والقرارات استتبعت لاعادتها الى عرين العروبة والاسلام، واليوم تستكمل حفلات الضم للمقدسات،وغدا تُحضر المجازر،فماذا بعد؟
ربما اهمية انعقاد القمة انها اعادت وصل ما انقطع بين العرب انفسهم،بعد طول خلاف، بين معتدلين ومتطرفين كما اسموهم،وربما ايضا ان المهم هو الاجتماع بصرف االنظر عن المقرارات ومدى فعاليتها،لكن الأهم تدارك ما ينتظرنا بعد كل اقتراح او مشروع او قرار.لقد استنفد العرب كامل اوراقهم العسكرية كما التفاوضية،وبات الجدل قائم الآن، حول بقايا مقترحات من هنا او هناك، أفلا يستدعي هذا الواقع قمة ومقررات استثنائية، بدل ان تكون عادية بانعقادها ومقرراتها وحتما بدون ظروفها ؟!.
27/03/2010
23/03/2010
هل المفاوضات غير المباشرة خيار صائب؟
هل المفاوضات غير المباشرة خيار صائب؟
د.خليل حسين
استاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
نشرت في الخليج الاماراتية 23/3/2010
www.drkhalilhussein.blogspot.com
ربما لم يعد بمقدور العرب تقديم المزيد من المشاريع او الاقتراحات القابلة من وجة النظر الاسرائيلية للاستثمار وتمديد عمر الازمات وتداعياتها،لذا جاء خيار المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية المحدد زمنيا بسقف الاربعة اشهر ليرسم مفصلا زمنيا ربما يحمل المزيد من التعقيدات التي تنقل البيئة التفاوضية الى اماكن اخرى يسهل فيها تقديم المزيد من التنازلات.
ففي الوقائع والسوابق التفاوضية بين العرب واسرائيل، الكثير من الأدلة التي تشير الى عقم هذا الخيار ،فعلى سبيل المثال مفاوضات واتفاقية كامب ديفيد الاولى في العام 1978 التي اعطت سقفا زمنيا للتسوية الشاملة لمدة خمس سنوات اي للعام 1983،فما الذي حدث اجتاحت اسرائيل لبنان عام 1982 وجرته الى توقيع اتفاقية 17 أيار التي الغيت فيما بعد بضغط سوري.اما سقف اتفاقية اوسلو عام 1993 فكان ست سنوات اي حتى العام 1999،خلالها قزمت السلطة الفلسطينية مساحة وصلاحيات وخلالها اجتاحت اسرائيلي لبنان مرتين 1993 و1996. اما سقف خارطة الطريف في العام 2002 فكان حتى العام 2005 لقيام الدولة الفلسطينية،هربت في خلالها اسرائيل الى المزيد من المجازر ضد الفلسطينيين في غير مكان.اما آخر المواعيد التي ضربت فكان في العام 2007 عبر مؤتمر انابوليس وسقفه سنة واحدة لقيام الدولة الفلسطينية ،فما الذي جرى اقدمت اسرائيل على محرقة غزة في الموعد المحدد لقيام الدولة الفلسطينية اواحر عام 2008. والسؤال الذي يمكن ان يطرح بدون أي خلفيات ماذا تحضر اسرائيل خلال الاربعة اشهر القادمة للفلسطينيين والعرب؟انه سؤال مشروع.
واذا كان السقف الزمني غير مساعد او مشجع قياسا على السوابق السالفة الذكر،فماذا عن التحرك اللاحق لو فشلت المفاوضات وهي بالتأكيد كذلك، سيتجه العرب الى مجلس الأمن ليقول كلمته،وقياسا على السوابق ايضا، عندما اجتاحت اسرائيل لبنان في العام 20006 قرر وزراء الخارجية العرب التوجه في ايلول 2006 الى مجلس الأمن لعرض الموضوع،النتيجة كانت الفيتو الامريكي وتعطل عمل مجلس الأمن،فما الذي سيتغير بعد اربعة اشهر، هل يراهن العرب على ما يسمى بالازمة القائنة بين تل ابيب وواشنطن حاليا وهي الثانية منذ 43 عاما خلت على قاعدة عدم الرضا الامريكي عن حفلة الاستيطان الاسرائيلية في القدس وما تخللها من انتقادات امريكية شكلية لاسرائيل خلال زيارة جوزف بايدن الاخيرة لاسرائيل.وبالمناسبة ايضا متى كان الاستنكار والشجب الامريكي لبناء المستوطنات امرا مهما لاسرائيل؟ الم تتخطى اسرائيل عشرات المواقف الامريكية المحرجة بل تعود وتتلقى مساعدات مالية كبيرة لمزيد من عمليات بناء المستوطنات؟
ولماذا البحث عن الفرص التي تنقذ اسرائيل من ورطتها ولماذا لا نبحث عن الوسائل التي تنهي خلافاتنا اولا؟ اوليس الاجدر بنا نحن العرب ان ننطلق بالمفاوضات اذا سلمنا بها مشدودي العضدد؟ اليس من مصلحتنا ان نبحث في الوسائل التي تصلح ذات البين الفلسطيني اولا قبل اطلاق يدهم في مفاوضات وهي مغلولة بالانقسانات؟ اليس من واجب اصحاب القرار العربي البحث اولا عن آليات ووسائل تحفظ بعضا من اوراق القوة ان وجدت بعد؟ ربما اسئلة قاسية ينبغي الاجابة عنها في ظروف تنتظرنا بعد اربعة اشهر ان لم يكن اقل.
في العام 2002 اطلقت المبادرة العربية للسلام في قمة بيروت،قابلتها خريطة الطريق في نفس العام، اجهضت خطة الطريق والمبادرة العربية بحكم الموت السريري،فهل ستنقذها قمة سرت القادمة ام ستطلق رصاصة الرحمة عليها؟ ان النظام الاقليمي العربي يمر اليوم بأشد الظروف مرارة وقساوة وهو يتطلب جهدا مضاعفا وواعيا للخروج بأقل الخسائر الممكنة.فهل ستكون مقررات القمة القادمة ذات علامات فارقة؟.
لقد عوَّد الزعيم الليبي معمر القذافي الزعماء والقادة العرب في مختلف القمم التي حضرها على تمرير مواقف ذات نكهات خاصة، فهل سيكرر التجربة في هذه القمة؟ام سيكون هم الوحدة الافريقية طاغيا على قضايا العرب وأزماتهم؟. قياسا على التجارب السابقة ايضا،من الصعب تحميل الجامعة العربية أكثر مما تحتمل، فهي منظمة عكست وتعكس واقع الدول العربية ومشاكلها وتناقضاتها،لكن القاعدة التي ينبغي الانطلاق منها،ان ثمة دولة قابعة في قلب نظامنا الاقليمي لا زالت غير مؤمنة لا بكلام المفاوضات ولا بالسلام، بل جل ما تبحث عنه المزيد من الفرص لتقطيع الوقت بانتظار ظروف تجبر العرب على مزيد من التنازلات وهذا ما ينبغي التنبه له في القمة القادمة.
بعد اربعة اشهر ستكون الولايات المتحدة الامريكية غائبة عن السمع بفعل الانتخابات التمثيلية، كما ستكون ملفات المنطقة الساخنة ومنها الملف النووي الايراني على نار حامية، فهل تخبئ اسرائيل مفاجئتها الكبرى للمنطقة؟ ينبغي التنبه قياسا على السوابق. لقد اصاب العرب الكثير من الاكتئاب السياسي، في ظل وصول اسرائيل الى سن اليأس السياسي،وفي ظل هذين الواقعين تكثر الاحتمالات غير القابلة للضبط.
د.خليل حسين
استاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
نشرت في الخليج الاماراتية 23/3/2010
www.drkhalilhussein.blogspot.com
ربما لم يعد بمقدور العرب تقديم المزيد من المشاريع او الاقتراحات القابلة من وجة النظر الاسرائيلية للاستثمار وتمديد عمر الازمات وتداعياتها،لذا جاء خيار المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية المحدد زمنيا بسقف الاربعة اشهر ليرسم مفصلا زمنيا ربما يحمل المزيد من التعقيدات التي تنقل البيئة التفاوضية الى اماكن اخرى يسهل فيها تقديم المزيد من التنازلات.
ففي الوقائع والسوابق التفاوضية بين العرب واسرائيل، الكثير من الأدلة التي تشير الى عقم هذا الخيار ،فعلى سبيل المثال مفاوضات واتفاقية كامب ديفيد الاولى في العام 1978 التي اعطت سقفا زمنيا للتسوية الشاملة لمدة خمس سنوات اي للعام 1983،فما الذي حدث اجتاحت اسرائيل لبنان عام 1982 وجرته الى توقيع اتفاقية 17 أيار التي الغيت فيما بعد بضغط سوري.اما سقف اتفاقية اوسلو عام 1993 فكان ست سنوات اي حتى العام 1999،خلالها قزمت السلطة الفلسطينية مساحة وصلاحيات وخلالها اجتاحت اسرائيلي لبنان مرتين 1993 و1996. اما سقف خارطة الطريف في العام 2002 فكان حتى العام 2005 لقيام الدولة الفلسطينية،هربت في خلالها اسرائيل الى المزيد من المجازر ضد الفلسطينيين في غير مكان.اما آخر المواعيد التي ضربت فكان في العام 2007 عبر مؤتمر انابوليس وسقفه سنة واحدة لقيام الدولة الفلسطينية ،فما الذي جرى اقدمت اسرائيل على محرقة غزة في الموعد المحدد لقيام الدولة الفلسطينية اواحر عام 2008. والسؤال الذي يمكن ان يطرح بدون أي خلفيات ماذا تحضر اسرائيل خلال الاربعة اشهر القادمة للفلسطينيين والعرب؟انه سؤال مشروع.
واذا كان السقف الزمني غير مساعد او مشجع قياسا على السوابق السالفة الذكر،فماذا عن التحرك اللاحق لو فشلت المفاوضات وهي بالتأكيد كذلك، سيتجه العرب الى مجلس الأمن ليقول كلمته،وقياسا على السوابق ايضا، عندما اجتاحت اسرائيل لبنان في العام 20006 قرر وزراء الخارجية العرب التوجه في ايلول 2006 الى مجلس الأمن لعرض الموضوع،النتيجة كانت الفيتو الامريكي وتعطل عمل مجلس الأمن،فما الذي سيتغير بعد اربعة اشهر، هل يراهن العرب على ما يسمى بالازمة القائنة بين تل ابيب وواشنطن حاليا وهي الثانية منذ 43 عاما خلت على قاعدة عدم الرضا الامريكي عن حفلة الاستيطان الاسرائيلية في القدس وما تخللها من انتقادات امريكية شكلية لاسرائيل خلال زيارة جوزف بايدن الاخيرة لاسرائيل.وبالمناسبة ايضا متى كان الاستنكار والشجب الامريكي لبناء المستوطنات امرا مهما لاسرائيل؟ الم تتخطى اسرائيل عشرات المواقف الامريكية المحرجة بل تعود وتتلقى مساعدات مالية كبيرة لمزيد من عمليات بناء المستوطنات؟
ولماذا البحث عن الفرص التي تنقذ اسرائيل من ورطتها ولماذا لا نبحث عن الوسائل التي تنهي خلافاتنا اولا؟ اوليس الاجدر بنا نحن العرب ان ننطلق بالمفاوضات اذا سلمنا بها مشدودي العضدد؟ اليس من مصلحتنا ان نبحث في الوسائل التي تصلح ذات البين الفلسطيني اولا قبل اطلاق يدهم في مفاوضات وهي مغلولة بالانقسانات؟ اليس من واجب اصحاب القرار العربي البحث اولا عن آليات ووسائل تحفظ بعضا من اوراق القوة ان وجدت بعد؟ ربما اسئلة قاسية ينبغي الاجابة عنها في ظروف تنتظرنا بعد اربعة اشهر ان لم يكن اقل.
في العام 2002 اطلقت المبادرة العربية للسلام في قمة بيروت،قابلتها خريطة الطريق في نفس العام، اجهضت خطة الطريق والمبادرة العربية بحكم الموت السريري،فهل ستنقذها قمة سرت القادمة ام ستطلق رصاصة الرحمة عليها؟ ان النظام الاقليمي العربي يمر اليوم بأشد الظروف مرارة وقساوة وهو يتطلب جهدا مضاعفا وواعيا للخروج بأقل الخسائر الممكنة.فهل ستكون مقررات القمة القادمة ذات علامات فارقة؟.
لقد عوَّد الزعيم الليبي معمر القذافي الزعماء والقادة العرب في مختلف القمم التي حضرها على تمرير مواقف ذات نكهات خاصة، فهل سيكرر التجربة في هذه القمة؟ام سيكون هم الوحدة الافريقية طاغيا على قضايا العرب وأزماتهم؟. قياسا على التجارب السابقة ايضا،من الصعب تحميل الجامعة العربية أكثر مما تحتمل، فهي منظمة عكست وتعكس واقع الدول العربية ومشاكلها وتناقضاتها،لكن القاعدة التي ينبغي الانطلاق منها،ان ثمة دولة قابعة في قلب نظامنا الاقليمي لا زالت غير مؤمنة لا بكلام المفاوضات ولا بالسلام، بل جل ما تبحث عنه المزيد من الفرص لتقطيع الوقت بانتظار ظروف تجبر العرب على مزيد من التنازلات وهذا ما ينبغي التنبه له في القمة القادمة.
بعد اربعة اشهر ستكون الولايات المتحدة الامريكية غائبة عن السمع بفعل الانتخابات التمثيلية، كما ستكون ملفات المنطقة الساخنة ومنها الملف النووي الايراني على نار حامية، فهل تخبئ اسرائيل مفاجئتها الكبرى للمنطقة؟ ينبغي التنبه قياسا على السوابق. لقد اصاب العرب الكثير من الاكتئاب السياسي، في ظل وصول اسرائيل الى سن اليأس السياسي،وفي ظل هذين الواقعين تكثر الاحتمالات غير القابلة للضبط.
15/03/2010
العرب واسرائيل بين النضوج وسن اليأس السياسي
العرب واسرائيل بين النضوج وسن اليأس السياسي
د.خليل حسين
استاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
www.drkhalilhussein.blogspot.com
غريب مفارقات اجتماع وزراء الخارجية العرب، اطلاق ما اسموه فرصة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية خلال اربعة أشهر،فابله رد اسرائيلي طريف،بأن العرب قد بلغوا النضج السياسي في المفاوضات،فهل ثمة ما يستدعي مثل تلك الفرص؟ وهل يمكن البناء عليها حاليا؟وما هي فرصة نجاح اطلاقها ؟.
في المبدا ثمة حراك غير محدد المعالم والاهداف اقليميا ودوليا باتجاه الشرق الأوسط، ففي وقت تتبلد فيه غيوم التأزيم وعدم وجود اي بارقة أمل لاطلاق مشاريع قابلة للحياة،اعطى العرب فرصة مجانية محدودة الزمن بين الفلسطينيين والاسرائيليين،اذ تم تجاوز العديد من المواقف والمقررات السابقة،وكأن القرارات المصيرية باتت من غير اختصاص الزعماء والقادة،او بكلام آخر بات الصراع العربي الاسرائيلي ووسائل حله غير ذي أهمية او في مراتب متدنية من اولويات العرب واهتماماتهم.فلماذا على سبيل المثال تم تجاوز مبادرة قمة بيروت عام 2002 ؟ولماذا ايضا دُفع بورقة التفاوض الجزئية، في وقت لم توافق سوريا على مثل هذه الخطوة وهي المعني الاساسي الآخر، الى جانب لبنان في هذا المسار،ربما اسئلة تستلزم المزيد من التدقيق والمتابعة.
فلم يمض اسبوع على اطلاق المبادرة والرد الاسرائيلي كان وزير خارجية تركيا في دمشق يعزز فرص اطلاق المفاوضات السورية الاسرائيلية غير المباشرة، المتوقفة بإرادة اسرائيلية ، فهل من رابط بين هذا الرفض ومحاولة الاطلاق؟ وهل بامكان تركيا فعل شيء ما في هذا المسار؟ سيما وان تلميح وزير الخارجية التركية الى ان طموح انقرة في هذا السياق اطلاق المفاوضات المباشرة بين تل ابيب ودمشق.ربما سلسلة من الاسئلة التي لا تنتهي باجابات محددة،الا اذا ربطت بالحراك الامريكي على الخط الفلسطيني عبر مبعوث السلام الاميريكي جورج ميتشل، الذي قضى ردحا من الزمن من دون تقديم شيء يذكر في هذا الملف.
ان اجواء دمشق لم تصل الى نقطة النضوج السياسي للمفاوضات المباشرة مع اسرائيل،بل ان قمة الاسد واحمدي نجاد الأخيرة قد اعطت انطباعا خاصا عبر مشاركة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وهو رد واضح من جانب سوريا على المطالب الامريكية الغربية بالابتعاد عن ايران،ما يعني ان دمشق لا زالت تبحث عن السقف الأعلى في اي محاولة لادخالها في بيئة تفاوضية جديدة مع اسرائيل،بل ان التدقيق في نبرة التصريحات السورية الأخيرة تفيد مزيدا من التشدد الذي لا يعني مبدأ رفض التفاوض بهدف السلام، بقدر ما هو السعي وراء الشروط التي تضمن قاعدة انجاح المفاوضات اذا بدأت والتوصّل الى حل نهائي.
علاوة على ذلك،ان لبنان الرسمي وهو الطرف الثالث المعني في هذا الموضوع، لم يقدم حتى الآن اي اشارات معلنة حول موضوع التفاوض،وبالمقارنة مع التجارب السابقة منذ مؤتمر مدريد 1991 اذا استثنينا تجربته عام 1983،ليس بامكانه التحرك او الاتيان بأي موقف دون الرحوع الى دمشق،ما يعني ان طرفا اساسيا بات خارج اطار المسعى التركي او الاميركي،اضافة الى ذلك وان تمكن لبنان في هذه المرحلة التلطي وراء الموقف الفرنسي،فإن الطرف الداخلي الآخر وبخاصة حزب الله لن يكون بمقدوره الا الرفض لتلك الطروح، بصرف النظر عن فشلها او نجاحها.
فالجانب العربي المتمثل بسوريا ولبنان وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية،لم تنضج ظروفهما لا الذاتية ولا الموضوعية لتقبل مثل هذا الثناء الاسرائيلي وهضمه،فإسرائيل حتى الآن لم تقدم اي شيء يذكر للفلسطينيين منذ اطلاق مفاوضات اوسلو واتفاقاتها المعلنة وغير المعلنة،كما لم تقدم لدمشق ما يرضيها ويشجعها على التوغل اكثر،كما انها لم تقدم للبنان سوى المزيد من الخروق والتهديد والوعيد من وقت لآخر.
ان اطلاق المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية غير المباشرة في اطارها الزمني المحدود، هو في حكم الموت السريري،فثمة المزيد من المعوقات التي لا يستهان بها،لجهة موضوع المستوطنات وبخاصة في القدس،علاوة على اعلان اسرائيل لضم بعض المقدسات الاسلامية كالحرم الابراهيمي وغيره،اضافة الى ان واشنطن تحديدا وهي الراعية لهذه المفاوضات لن تعر اهتماما كافيا لها في ظل الانشفال القادم لجهة انتخابات الكونغرس،الا اذا استعمل هذا الملف وهو كذلك من قبيل عدة الشغل السياسية المشتركة بين تل ابيب ووواشنطن،باعتبار حاجتهما الى مكسب دبلوماسي تكتي في هذه الظروف،لجهة الانتخابات النيابية الاميركية وكذلك حاجة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى شيء من الدعم في اطار مأزقه الائتلافي الحكومي الذي يترأسه.
في العام 2006 وفي الوقت الذي كانت تشن اسرائيل عدوانها عل لبنان، كانت تركيا ترعى مفاوضات اسرائيلية سورية غير مباشرة في انقرة،واليوم في الوقت الذي تشتد نبرة الحرب في المنطقة تتحرك انقرة باتجاه دمشق ايضا،فهل ثمة ما ينبئ بجديد ان كان لجهة المفاوضات ام العدوان على لبنان او غزة؟ان الاستناد الى السوابق في الماضي القريب كما البعيد، لا تلغي فرضية استعداد اسرائيل الدائم لشن الحروب هربا من استحقاقات السلام التي اوهمت العرب به.
في الايام القليلة القادمة ستعقد القمة العربية في ليبيا في ظل ظروف عربية واسلامية استثنائية كالعادة، فهل صفة الاستثنائية ستستدعي من العرب مزيدا من التنازلات المجانية وبالتالي اعلان التخلي عمليا وواقعيا عن مبادرة السلام العربية المُقرّة في قمة بيروت ،ام ان استثنائية الظروف ودقتها ستستدعي مزيدا من التصلب بمواجهة اسرائيل والتمسك بالمبادرة.لقد احسنت اسرائيل تعبيرا عندما وصفت مقررات وزراء الخارجية بأن العرب قد وصلوا الى سن النضج السياسي للمفاوضات،بينما واقع الامر كذلك يشير بأن اسرائيل قد تجاوزت سن اليأس السياسي ولم تعد قادرة لا على حمل التفاوض ولا انجاب السلام،وجل ما في الأمر حمل وهمي في احسن أحواله مشروع سلام مشوه غير قابل للحياة سيما لن يتم حمله سوى اربعة اشهر.
د.خليل حسين
استاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
www.drkhalilhussein.blogspot.com
غريب مفارقات اجتماع وزراء الخارجية العرب، اطلاق ما اسموه فرصة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية خلال اربعة أشهر،فابله رد اسرائيلي طريف،بأن العرب قد بلغوا النضج السياسي في المفاوضات،فهل ثمة ما يستدعي مثل تلك الفرص؟ وهل يمكن البناء عليها حاليا؟وما هي فرصة نجاح اطلاقها ؟.
في المبدا ثمة حراك غير محدد المعالم والاهداف اقليميا ودوليا باتجاه الشرق الأوسط، ففي وقت تتبلد فيه غيوم التأزيم وعدم وجود اي بارقة أمل لاطلاق مشاريع قابلة للحياة،اعطى العرب فرصة مجانية محدودة الزمن بين الفلسطينيين والاسرائيليين،اذ تم تجاوز العديد من المواقف والمقررات السابقة،وكأن القرارات المصيرية باتت من غير اختصاص الزعماء والقادة،او بكلام آخر بات الصراع العربي الاسرائيلي ووسائل حله غير ذي أهمية او في مراتب متدنية من اولويات العرب واهتماماتهم.فلماذا على سبيل المثال تم تجاوز مبادرة قمة بيروت عام 2002 ؟ولماذا ايضا دُفع بورقة التفاوض الجزئية، في وقت لم توافق سوريا على مثل هذه الخطوة وهي المعني الاساسي الآخر، الى جانب لبنان في هذا المسار،ربما اسئلة تستلزم المزيد من التدقيق والمتابعة.
فلم يمض اسبوع على اطلاق المبادرة والرد الاسرائيلي كان وزير خارجية تركيا في دمشق يعزز فرص اطلاق المفاوضات السورية الاسرائيلية غير المباشرة، المتوقفة بإرادة اسرائيلية ، فهل من رابط بين هذا الرفض ومحاولة الاطلاق؟ وهل بامكان تركيا فعل شيء ما في هذا المسار؟ سيما وان تلميح وزير الخارجية التركية الى ان طموح انقرة في هذا السياق اطلاق المفاوضات المباشرة بين تل ابيب ودمشق.ربما سلسلة من الاسئلة التي لا تنتهي باجابات محددة،الا اذا ربطت بالحراك الامريكي على الخط الفلسطيني عبر مبعوث السلام الاميريكي جورج ميتشل، الذي قضى ردحا من الزمن من دون تقديم شيء يذكر في هذا الملف.
ان اجواء دمشق لم تصل الى نقطة النضوج السياسي للمفاوضات المباشرة مع اسرائيل،بل ان قمة الاسد واحمدي نجاد الأخيرة قد اعطت انطباعا خاصا عبر مشاركة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وهو رد واضح من جانب سوريا على المطالب الامريكية الغربية بالابتعاد عن ايران،ما يعني ان دمشق لا زالت تبحث عن السقف الأعلى في اي محاولة لادخالها في بيئة تفاوضية جديدة مع اسرائيل،بل ان التدقيق في نبرة التصريحات السورية الأخيرة تفيد مزيدا من التشدد الذي لا يعني مبدأ رفض التفاوض بهدف السلام، بقدر ما هو السعي وراء الشروط التي تضمن قاعدة انجاح المفاوضات اذا بدأت والتوصّل الى حل نهائي.
علاوة على ذلك،ان لبنان الرسمي وهو الطرف الثالث المعني في هذا الموضوع، لم يقدم حتى الآن اي اشارات معلنة حول موضوع التفاوض،وبالمقارنة مع التجارب السابقة منذ مؤتمر مدريد 1991 اذا استثنينا تجربته عام 1983،ليس بامكانه التحرك او الاتيان بأي موقف دون الرحوع الى دمشق،ما يعني ان طرفا اساسيا بات خارج اطار المسعى التركي او الاميركي،اضافة الى ذلك وان تمكن لبنان في هذه المرحلة التلطي وراء الموقف الفرنسي،فإن الطرف الداخلي الآخر وبخاصة حزب الله لن يكون بمقدوره الا الرفض لتلك الطروح، بصرف النظر عن فشلها او نجاحها.
فالجانب العربي المتمثل بسوريا ولبنان وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية،لم تنضج ظروفهما لا الذاتية ولا الموضوعية لتقبل مثل هذا الثناء الاسرائيلي وهضمه،فإسرائيل حتى الآن لم تقدم اي شيء يذكر للفلسطينيين منذ اطلاق مفاوضات اوسلو واتفاقاتها المعلنة وغير المعلنة،كما لم تقدم لدمشق ما يرضيها ويشجعها على التوغل اكثر،كما انها لم تقدم للبنان سوى المزيد من الخروق والتهديد والوعيد من وقت لآخر.
ان اطلاق المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية غير المباشرة في اطارها الزمني المحدود، هو في حكم الموت السريري،فثمة المزيد من المعوقات التي لا يستهان بها،لجهة موضوع المستوطنات وبخاصة في القدس،علاوة على اعلان اسرائيل لضم بعض المقدسات الاسلامية كالحرم الابراهيمي وغيره،اضافة الى ان واشنطن تحديدا وهي الراعية لهذه المفاوضات لن تعر اهتماما كافيا لها في ظل الانشفال القادم لجهة انتخابات الكونغرس،الا اذا استعمل هذا الملف وهو كذلك من قبيل عدة الشغل السياسية المشتركة بين تل ابيب ووواشنطن،باعتبار حاجتهما الى مكسب دبلوماسي تكتي في هذه الظروف،لجهة الانتخابات النيابية الاميركية وكذلك حاجة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى شيء من الدعم في اطار مأزقه الائتلافي الحكومي الذي يترأسه.
في العام 2006 وفي الوقت الذي كانت تشن اسرائيل عدوانها عل لبنان، كانت تركيا ترعى مفاوضات اسرائيلية سورية غير مباشرة في انقرة،واليوم في الوقت الذي تشتد نبرة الحرب في المنطقة تتحرك انقرة باتجاه دمشق ايضا،فهل ثمة ما ينبئ بجديد ان كان لجهة المفاوضات ام العدوان على لبنان او غزة؟ان الاستناد الى السوابق في الماضي القريب كما البعيد، لا تلغي فرضية استعداد اسرائيل الدائم لشن الحروب هربا من استحقاقات السلام التي اوهمت العرب به.
في الايام القليلة القادمة ستعقد القمة العربية في ليبيا في ظل ظروف عربية واسلامية استثنائية كالعادة، فهل صفة الاستثنائية ستستدعي من العرب مزيدا من التنازلات المجانية وبالتالي اعلان التخلي عمليا وواقعيا عن مبادرة السلام العربية المُقرّة في قمة بيروت ،ام ان استثنائية الظروف ودقتها ستستدعي مزيدا من التصلب بمواجهة اسرائيل والتمسك بالمبادرة.لقد احسنت اسرائيل تعبيرا عندما وصفت مقررات وزراء الخارجية بأن العرب قد وصلوا الى سن النضج السياسي للمفاوضات،بينما واقع الامر كذلك يشير بأن اسرائيل قد تجاوزت سن اليأس السياسي ولم تعد قادرة لا على حمل التفاوض ولا انجاب السلام،وجل ما في الأمر حمل وهمي في احسن أحواله مشروع سلام مشوه غير قابل للحياة سيما لن يتم حمله سوى اربعة اشهر.
07/03/2010
احكام القانون الدولي لمواجهة ضم الحرم الابراهيمي
احكام القانون الدولي لمواجهة ضم الحرم الابراهيمي
د.خليل حسين
استاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
نشرت في صحيفة الخليج الاماراتية 7/3/2010
www.drkhalilhussein.blogspot.com
تعرضت الاماكن الدينية والتراثية في الاراضي الفلسطينية المحتلة الى شتى صنوف الانتهاكات والاعتداءات من هدم وضم وتغيير معالم وغيرها من الأشكال المخالفة لقواعد القانون الدولي العام.ويأتي اعلان اسرائيل ضم الحرم الابراهيمي، ليشكل تحديا جديدا للعرب والمسلمين ،بخاصة ان الاعتداء على الحرم لم يكن الأول من نوعة بل تسبّب في السابق ما سميَّ بالانتفاضة الثانية بعد المجزرة التي ارتكبت فيه من قبل متطرف يهودي.
لقد نظمت المواثيق والاتفاقيات الدولية وضع الاماكن الدينية والتراثية والثقافية ابان الحروب والاحتلال على حد سواء.وأكدت بمجملها على عدم التعرّض لها، بل اوجبت تقديم الحماية في بعض الجوانب. ، فقد نصت المادة (27) من اتفاقية لاهاي لعام 1907 أنه في حال الحصار والضرب بالقنابل ينبغي اتخاذ كل ما يمكن اتخاذه من الوسائل لعدم المساس بالمباني المعدّة للعبادة ، والفنون، والعلوم، وللأعمال الخيرية ، والاثار التاريخية ، بشرط الا تكون مستعملة في الوقت ذاته لأغراض عسكرية، كما تضمّنت المواد الخاصة بالضرب بالقنابل عن طريق القوات البحرية، نصوصاً تتعلق بأماكن العبادة بصفة عامة؛ فأكدت المادة (5) منها على أنه يجب على القائد عند الضرب بالقنابل بواساطة قوات بحرية أن يتخذ كل الإجراءات اللازمة لابعاد المنشآت المخصصة للعبادة عن العمليات العسكرية.
وبالنظر الى التباعد والتباين بين النظرية والواقع بين اتقافية لاهاي لعام 1907 والواقع الذي تم التعامل به مع تلك المنشآت وقت الحروب وفي ظل الاحتلال، أعيد النظر في نصوص الاتفاقية عبر اتفاقية جنيف لعام 1949 والملحقان الاضافيان لها ، اذ تم توضيح المقصود بأماكن العبادة والت ي اعتبرت بأنها تمثل تراثاً ثقافيا أو روحياً للشعوب، فنصت المادة (53) من الملحق الاضافي الأول على حظر ارتكاب اي من الاعمال العدائية الموجهة ضد الاثار التاريخية أو الاعمال الفنية أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب. كما أورد البروتوكول الثاني الخاص بالنزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي في المادة (14) ما نصه " يحظر ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الاثار التاريخية، أو الاعمال الفنية، أو أماكن العبادة التي تشكّل التراث الثقافي والروحي للشعوب واستخدامها في دعم المجهود الحربي".
كما نصت المادة (56) من لائحة الحرب البرية لاتفاقية لاهاي لعام 1907 على ان املاك المجالس البلدية واملاك المنشآت المخصصة للعبادة والتعليم والفنون لها حمايتها ولو كانت مملوكة لدولة الخصم، فهي تأخذ حكم الملكية الخاصة، وحرّمت عمليات التخريب المتعمد لها، كما اوجبت المحاكمة عن هذه الجرائم. كما وردت باتفاقية جنيف في شأن حماية الأشخاص المدنيين لعام 1949 في القسم الخاص بالاحتلال الحربي كالمادة (53) التي حظرت على دولة الاحتلال أن تدمر أية متعلقات ثابتة أو منقولة خاصة بالافراد أو الجماعات أو للحكومة أو غيرها من السلطات العامة أو لمنظمات اجتماعية أو تعاونية إلا اذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً ضرورة هذا التخريب.
واذا كانت اتفاقية جنيف قد أجازت استخدام القوة ضد أماكن العبادة في حالة الضرورة فإن اتفاقية لاهاي لعام 1954 في شأن حماية الممتلكات الثقافية، قد وردت نصوصها على نحو مماثل، حيث حظرت بصفة خاصة في المادة الرابعة المساس بحرمة هذه الممتلكات والتي نصت على ان: " تتعهد الأطراف السامية باحترام الممتلكات الثقافية سواءً في أراضيها أو في أراضي الاطراف السامية المتعاقدة الاخرى، وتطالب بالامتناع عن استعمال هذه الممتلكات أو الوسائل المخصصة لحمايتها، أو الاماكن المجاورة لها مباشرة لاغراض قد تعرضها للتدمير أو التلف " ، إلا انها اجازت ضرب هذه الاماكن في حالة الضرورة وأن اي ضرر يصيب الممتلكات الثقافية لشعب من الشعوب يصيب التراث الثقافي للبشرية جمعاء. ويرجع الفضل لمنظمة اليونسكو في صياغة هذذه الاتفافية في لاهاي عام 1954 ومضمونها الرئيس حماية الممتلكات الثقافية.
وقد اعتبرت محكمة نورمبرغ أن تعرّض سلطات الاحتلال لأماكن العبادة يشكّل جريمة دولية، إذ اعتبر مساعد المدعي العام الفرنسي أمام المحكمة بأن بعض المتهمين ارتكبوا جرائم دولية، حيث قاموا باغلاق أديرة، وسلب أموال الكنائس والمعابد، وانتهاك حرمتها كما ادانت المحكمة قادة الجيش الألماني في روسيا لقيامهم بتدمير أماكن العبادة والكنائس في بعض المدن الروسية المحتلة، ولذلك استقر الفقة الدولي على ادانة انتهاك حرمة دور العبادة او التعرّض لها بالتدمير او السلب او النهب او الاغلاق او اي تصرف يضر بهذه الاماكن خلال فترة الاحتلال ، وإن من واجب سلطات الاحتلال احترام الحقوق العقائدية الدينية للمدنيين من سكان الاراضي المحتلة، وكذلك عدم التعرّض لاماكن العبادة بالتدمير او السلب أو النهب او تعطيل ممارسة الشعائر وطقوس العبادة.
لقدد اعتبرت اللجنة التي شكلها مؤتمر السلام في 25 كانون الثاني 1919 ان الأفعال والانتهاكات ضد الاثار التاريخية والمنشآت الدينية او الخيرية من قبيل الجرائم الدولية، كما ان المادة السادسة من محكمة نورمبرغ عدّدت القضايا التي تفصل فيها وهي ، الجرائم ضد السلام وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وفي 21 تشرين الثاني عام 1947 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 177 اكدت فيه تبنيها للمبادىء التي أقرتها محاكمات نورمبرغ وأهمها المسؤولية الشخصية للفرد عن ارتكاب الجريمة الدولية ومسؤولية رئيس الدولة عن الجريمة الدولية فضلاً عن إقرار الطوائف الثلاث المختلفة للجرائم الدولية وهي المسائل التي يمكن توجيهها لاسرائيل ايضا عبر المحكمة الجنائية الدولية.
كما توّجت لجنة القانون الدولي البصمات والمحاولات الفقهية وموقف دول العالم الثالث في اطار وضعها لمشروع قانون المسؤولية الدولية، إذ أكدت في المادة 19/2 من المشروع أن الجريمة الدولية، هي كل واقعة غير مشروعة ترتكبها دولة ما بالمخالفة لالتزاماتها الأساسية المنصبة على حماية المصالح الحيوية للمجتمع الدولي والذي يعد انتهاكها وجريمة في نظر المجتمع الدولي، كما اوضحت المادة 19/3 من المشروع صوراً لبعض التصرّفات التي تمثل السلوك غير المشروع المكوِّن للجريمة الدولية.
وفي مقاربة بسيطة لتلك المواد توضح ان الفعل الاسرائيلي بضم الحرم الابراهيمي، فعل انتهاك للأماكن الدينية المقدسةن ويندرج في اطار الجريمة المنصوص عليها في المادة 19/2 ، حيث اعتبرت أن الفعل المكوِّن للجريمة الدولية هو نتاج انتهاك الدولة لالتزام يحمي ويصون مصالح الجماعة الدولية، كما يندرج ضمن الأوصاف المنصوص عليها في المادة 193 والتي نصت على أن من بين الجرائم الدولية تلك الأعمال التي تشكِّل انتهاكاً خطيراً لالتزام الدول للحفاظ على السلم والأمن الدوليين ،سواءً أكانت الجهة التي يُناط بها فعل الجريمة، للدولة كشخص معنوي عام، أم الى الشخص الطبيعي، كما حدث في محاكمات نورمبرغ وطوكيو.
ثمة بعض الخيارات التي يمكن اللجوء اليها،ومن بينها اللجوء الى رفع الدعوى ضد اسرائيل امام محكمة العدل الدولية،وهي بطبيعة الأمر غير مجدية لأن المحكمة لا تمتلك الولاية الجبرية على الدول بحكم المادة (36) من نظامها الأساسي ،او اللجوء الى مجلس الامن وهو كذلك بحكم المعطل بفعل امكانية الفيتو الاميريكي،اما الخيار الآخر فهو امكانية اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية بفعل ما يمكن نسبه الى اسرائيل عبر القرار المتعلق بالضم والذي يمكن ان يصنف في اطار الافعال التي تنتهك الاطار العام للقانون الدولي الانسناني عبر قرارات قياداتها السياسية والعسكرية وهم بفعل نظام المحكمة الجنائية الدولية غير مشمولين بأي حصانة سياسية او دبلوماسية.
ومن المسائل التي يتوجب على العرب والمسلمين القيام بها،الحراك الفاعل في اتجاه المجتمع الدولي لابرام معاهدات متعدِّدة الطرف، تلزم وجوب حماية الاماكن المقدسة في فلسطين المحتلة وتحريم المساس او التعرّض لها بالضم او غيره من الأفعال.كما ينبغي عرض هذه الانتهاكات في المنظمات الدولية والتذكير بأن الأراضي المحتلة هي بحماية المجتمع الدولي وأنها من اهتمامات منظمة الأمم المتحدة ومختلف اجهزتها لا سيما مجلس حقوق الانسان.
من المعلوم ان القانون ينشئ الحق،لكن استرداده يستلزم القوة والارادة فأين نحن العرب والمسلمين هذه الايام من ارضنا ومقدساتنا،لا زالت مجتمعاتنا غارقة في التفاصيل المملة لبعض المسائل الطائفية والمذهبية في وقت اكملت اسرائيل ضم الارض والمقدسات بما فيها وما عليها.
د.خليل حسين
استاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
نشرت في صحيفة الخليج الاماراتية 7/3/2010
www.drkhalilhussein.blogspot.com
تعرضت الاماكن الدينية والتراثية في الاراضي الفلسطينية المحتلة الى شتى صنوف الانتهاكات والاعتداءات من هدم وضم وتغيير معالم وغيرها من الأشكال المخالفة لقواعد القانون الدولي العام.ويأتي اعلان اسرائيل ضم الحرم الابراهيمي، ليشكل تحديا جديدا للعرب والمسلمين ،بخاصة ان الاعتداء على الحرم لم يكن الأول من نوعة بل تسبّب في السابق ما سميَّ بالانتفاضة الثانية بعد المجزرة التي ارتكبت فيه من قبل متطرف يهودي.
لقد نظمت المواثيق والاتفاقيات الدولية وضع الاماكن الدينية والتراثية والثقافية ابان الحروب والاحتلال على حد سواء.وأكدت بمجملها على عدم التعرّض لها، بل اوجبت تقديم الحماية في بعض الجوانب. ، فقد نصت المادة (27) من اتفاقية لاهاي لعام 1907 أنه في حال الحصار والضرب بالقنابل ينبغي اتخاذ كل ما يمكن اتخاذه من الوسائل لعدم المساس بالمباني المعدّة للعبادة ، والفنون، والعلوم، وللأعمال الخيرية ، والاثار التاريخية ، بشرط الا تكون مستعملة في الوقت ذاته لأغراض عسكرية، كما تضمّنت المواد الخاصة بالضرب بالقنابل عن طريق القوات البحرية، نصوصاً تتعلق بأماكن العبادة بصفة عامة؛ فأكدت المادة (5) منها على أنه يجب على القائد عند الضرب بالقنابل بواساطة قوات بحرية أن يتخذ كل الإجراءات اللازمة لابعاد المنشآت المخصصة للعبادة عن العمليات العسكرية.
وبالنظر الى التباعد والتباين بين النظرية والواقع بين اتقافية لاهاي لعام 1907 والواقع الذي تم التعامل به مع تلك المنشآت وقت الحروب وفي ظل الاحتلال، أعيد النظر في نصوص الاتفاقية عبر اتفاقية جنيف لعام 1949 والملحقان الاضافيان لها ، اذ تم توضيح المقصود بأماكن العبادة والت ي اعتبرت بأنها تمثل تراثاً ثقافيا أو روحياً للشعوب، فنصت المادة (53) من الملحق الاضافي الأول على حظر ارتكاب اي من الاعمال العدائية الموجهة ضد الاثار التاريخية أو الاعمال الفنية أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب. كما أورد البروتوكول الثاني الخاص بالنزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي في المادة (14) ما نصه " يحظر ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الاثار التاريخية، أو الاعمال الفنية، أو أماكن العبادة التي تشكّل التراث الثقافي والروحي للشعوب واستخدامها في دعم المجهود الحربي".
كما نصت المادة (56) من لائحة الحرب البرية لاتفاقية لاهاي لعام 1907 على ان املاك المجالس البلدية واملاك المنشآت المخصصة للعبادة والتعليم والفنون لها حمايتها ولو كانت مملوكة لدولة الخصم، فهي تأخذ حكم الملكية الخاصة، وحرّمت عمليات التخريب المتعمد لها، كما اوجبت المحاكمة عن هذه الجرائم. كما وردت باتفاقية جنيف في شأن حماية الأشخاص المدنيين لعام 1949 في القسم الخاص بالاحتلال الحربي كالمادة (53) التي حظرت على دولة الاحتلال أن تدمر أية متعلقات ثابتة أو منقولة خاصة بالافراد أو الجماعات أو للحكومة أو غيرها من السلطات العامة أو لمنظمات اجتماعية أو تعاونية إلا اذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً ضرورة هذا التخريب.
واذا كانت اتفاقية جنيف قد أجازت استخدام القوة ضد أماكن العبادة في حالة الضرورة فإن اتفاقية لاهاي لعام 1954 في شأن حماية الممتلكات الثقافية، قد وردت نصوصها على نحو مماثل، حيث حظرت بصفة خاصة في المادة الرابعة المساس بحرمة هذه الممتلكات والتي نصت على ان: " تتعهد الأطراف السامية باحترام الممتلكات الثقافية سواءً في أراضيها أو في أراضي الاطراف السامية المتعاقدة الاخرى، وتطالب بالامتناع عن استعمال هذه الممتلكات أو الوسائل المخصصة لحمايتها، أو الاماكن المجاورة لها مباشرة لاغراض قد تعرضها للتدمير أو التلف " ، إلا انها اجازت ضرب هذه الاماكن في حالة الضرورة وأن اي ضرر يصيب الممتلكات الثقافية لشعب من الشعوب يصيب التراث الثقافي للبشرية جمعاء. ويرجع الفضل لمنظمة اليونسكو في صياغة هذذه الاتفافية في لاهاي عام 1954 ومضمونها الرئيس حماية الممتلكات الثقافية.
وقد اعتبرت محكمة نورمبرغ أن تعرّض سلطات الاحتلال لأماكن العبادة يشكّل جريمة دولية، إذ اعتبر مساعد المدعي العام الفرنسي أمام المحكمة بأن بعض المتهمين ارتكبوا جرائم دولية، حيث قاموا باغلاق أديرة، وسلب أموال الكنائس والمعابد، وانتهاك حرمتها كما ادانت المحكمة قادة الجيش الألماني في روسيا لقيامهم بتدمير أماكن العبادة والكنائس في بعض المدن الروسية المحتلة، ولذلك استقر الفقة الدولي على ادانة انتهاك حرمة دور العبادة او التعرّض لها بالتدمير او السلب او النهب او الاغلاق او اي تصرف يضر بهذه الاماكن خلال فترة الاحتلال ، وإن من واجب سلطات الاحتلال احترام الحقوق العقائدية الدينية للمدنيين من سكان الاراضي المحتلة، وكذلك عدم التعرّض لاماكن العبادة بالتدمير او السلب أو النهب او تعطيل ممارسة الشعائر وطقوس العبادة.
لقدد اعتبرت اللجنة التي شكلها مؤتمر السلام في 25 كانون الثاني 1919 ان الأفعال والانتهاكات ضد الاثار التاريخية والمنشآت الدينية او الخيرية من قبيل الجرائم الدولية، كما ان المادة السادسة من محكمة نورمبرغ عدّدت القضايا التي تفصل فيها وهي ، الجرائم ضد السلام وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وفي 21 تشرين الثاني عام 1947 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 177 اكدت فيه تبنيها للمبادىء التي أقرتها محاكمات نورمبرغ وأهمها المسؤولية الشخصية للفرد عن ارتكاب الجريمة الدولية ومسؤولية رئيس الدولة عن الجريمة الدولية فضلاً عن إقرار الطوائف الثلاث المختلفة للجرائم الدولية وهي المسائل التي يمكن توجيهها لاسرائيل ايضا عبر المحكمة الجنائية الدولية.
كما توّجت لجنة القانون الدولي البصمات والمحاولات الفقهية وموقف دول العالم الثالث في اطار وضعها لمشروع قانون المسؤولية الدولية، إذ أكدت في المادة 19/2 من المشروع أن الجريمة الدولية، هي كل واقعة غير مشروعة ترتكبها دولة ما بالمخالفة لالتزاماتها الأساسية المنصبة على حماية المصالح الحيوية للمجتمع الدولي والذي يعد انتهاكها وجريمة في نظر المجتمع الدولي، كما اوضحت المادة 19/3 من المشروع صوراً لبعض التصرّفات التي تمثل السلوك غير المشروع المكوِّن للجريمة الدولية.
وفي مقاربة بسيطة لتلك المواد توضح ان الفعل الاسرائيلي بضم الحرم الابراهيمي، فعل انتهاك للأماكن الدينية المقدسةن ويندرج في اطار الجريمة المنصوص عليها في المادة 19/2 ، حيث اعتبرت أن الفعل المكوِّن للجريمة الدولية هو نتاج انتهاك الدولة لالتزام يحمي ويصون مصالح الجماعة الدولية، كما يندرج ضمن الأوصاف المنصوص عليها في المادة 193 والتي نصت على أن من بين الجرائم الدولية تلك الأعمال التي تشكِّل انتهاكاً خطيراً لالتزام الدول للحفاظ على السلم والأمن الدوليين ،سواءً أكانت الجهة التي يُناط بها فعل الجريمة، للدولة كشخص معنوي عام، أم الى الشخص الطبيعي، كما حدث في محاكمات نورمبرغ وطوكيو.
ثمة بعض الخيارات التي يمكن اللجوء اليها،ومن بينها اللجوء الى رفع الدعوى ضد اسرائيل امام محكمة العدل الدولية،وهي بطبيعة الأمر غير مجدية لأن المحكمة لا تمتلك الولاية الجبرية على الدول بحكم المادة (36) من نظامها الأساسي ،او اللجوء الى مجلس الامن وهو كذلك بحكم المعطل بفعل امكانية الفيتو الاميريكي،اما الخيار الآخر فهو امكانية اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية بفعل ما يمكن نسبه الى اسرائيل عبر القرار المتعلق بالضم والذي يمكن ان يصنف في اطار الافعال التي تنتهك الاطار العام للقانون الدولي الانسناني عبر قرارات قياداتها السياسية والعسكرية وهم بفعل نظام المحكمة الجنائية الدولية غير مشمولين بأي حصانة سياسية او دبلوماسية.
ومن المسائل التي يتوجب على العرب والمسلمين القيام بها،الحراك الفاعل في اتجاه المجتمع الدولي لابرام معاهدات متعدِّدة الطرف، تلزم وجوب حماية الاماكن المقدسة في فلسطين المحتلة وتحريم المساس او التعرّض لها بالضم او غيره من الأفعال.كما ينبغي عرض هذه الانتهاكات في المنظمات الدولية والتذكير بأن الأراضي المحتلة هي بحماية المجتمع الدولي وأنها من اهتمامات منظمة الأمم المتحدة ومختلف اجهزتها لا سيما مجلس حقوق الانسان.
من المعلوم ان القانون ينشئ الحق،لكن استرداده يستلزم القوة والارادة فأين نحن العرب والمسلمين هذه الايام من ارضنا ومقدساتنا،لا زالت مجتمعاتنا غارقة في التفاصيل المملة لبعض المسائل الطائفية والمذهبية في وقت اكملت اسرائيل ضم الارض والمقدسات بما فيها وما عليها.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)