ماذا بعد تكليف السنيورة تشكيل الحكومة اللبنانية؟
د.خليل حسين
رئيس المركز اللبناني للدراسات الاستراتيجية والدولية
ثمة أسئلة كثيرة يمكن أن تطرح حول ما جرى في اتفاق الدوحة لجهة اتفاقات الجنتلمن والتي لم تكتب في نص الاتفاق،ومنها هل جرى الاتفاق مسبقا على استبعاد السنيورة من تكليف حكومة الوحدة الوطنية ومن ثم تم تجاوز هذا الخيار الاتفاق؟ وإذا صحت هذه الفرضية فما ستؤول إليه أوضاع لبنان القادمة؟ وهل هذا التكليف سيطيح ببنود أخرى وردت في نص الاتفاق؟
بداية من غير المعروف إذا تم الاتفاق على استبعاد السنيورة أم ظلت هذا الموضوع مبهما ومتروكا لأمور أخري،باعتبار أن التوافق السريع كان مطلوبا حينها،لكن في وقائع ما تم في الدوخة أن ثمة اتفاقا قد تم على تشكيل حكومة وحدة وطنية فيها الثلث الضامن للمعارضة،وهذا يعتبر إنجازا ومكسبا وبالمقابل ثمة سكوت عن إعادة تكليف السنيورة برئاسة الحكومة وان لم ينص الاتفاق على ذلك.
وما يعزز هذه الفرضية،أن عمر الحكومة الحالية لن يتجاوز العشرة اشهر وفيها بند واحد ملح التنفيذ وهو قانون الانتخاب الذي ستجرى انتخابات 2009 على أساسه،إضافة إلى ذلك فان مشروح الحكومة الاقتصادي والمالي السابق ارتكز على ما يتعلق بمقررات مؤتمر باريس 2007 لجهة الإصلاحات والمساعدات الاقتصادية والمالية للبنان،ومن هذا المنطلق فان السنيورة أولى بالبرامج الذي بدأها سابقا،وعليه يأتي هذا التكليف.
إلا أن ذلك لا يخفي أمورا أخرى متعلقة بسياسات وخيارات إقليمية ودولية،فمن المعروف أن كل الملفات ذات الوزن في المنطقة هي عمليا مؤجلة إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية،وبالتالي فان توابع هذه الملفات ينبغي تجميدها أو عدم إجراء تبديلات جوهرية فيها،ويأتي اتفاق الدوحة ليساير هذا الخيار من منطلق إبقاء الأمور في لبنان إلى ما هو عليه في هذه الفترة ومن هنا جاء تكليف السنيورة تشكيل الحكومة.
لكن الأمر لن يقف عند ذلك،فثمة عقبات كثيرة يمكن أن تقف في وجه تشكيل الحكومة لجهة نوعية الأسماء التي ستطرح للتوزير،إضافة إلى نوعية البيان الوزاري الذي ستأخذ الحكومة على أساسه ثقة المجلس.
في المقلب الأول فان حجم التوزير لكل فريق هو محسوم من الناحية المبدئية،16 للموالاة 11 للمعارضة و3 لرئيس الجمهورية، إلا أن العقبة الأولى ستظهر في توزير بعض الشخصيات المحسوبة على المعارضىين والتي يمكن أن تشكل استفزازا لأقطاب منافسة لها في الموالاة،وبخاصة من الطائفة الدرزية والسنية.إضافة إلى ذلك إن نوعية الوزارات سيكون لها عمليات شد وجذب كثيرة وبخاصة وزارات الخدمات والسيادية.
وإذا تم تخطي هذه العقبات ثمة البيان الوزاري الذي سيكون مطرحا لمناقشات ومداولات حادة وبخاصة ما يتعلق بالمقاومة وسلاحها،وهي حجر الرحى في أية سياسة عامة ستقدم عليها الحكومة مستقبلا.
ثمة مصاعب كثيرة تنتظر السنيورة في تشكيل الحكومة وبيانها الوزاري،إلا إن ما يستشف من أجواء إقليمية ودولية أن ثمة اتفاق مبدئي على تجميد الأمور في لبنان وعدم وصول الأوضاع إلى نهايات غير قابلة للسيطرة عليها،وبالتالي ثمة مصاعب كثيرة سوف يتم تذليلها وبخاصة من قبل الراعي القطري.
غريب المفارقات في لبنان،ما يكون محسوما مئة بالمئة،يصبح في اليوم التالي أمرا مغايرا تماما،وهذا ما حدث لجهة تكليف السنيورة،فمن يسمع مواقف المعارضة، يشعر بأن الحشيش سينبت على أدراج بيت السنيورة قبل أن تتاح له العودة مجددا للحكم.لكن للسياسة ومن يتحكم فيها في لبنان قول آخر.
في 30 حزيران نال السنيورة موافقة 126 من اصل 126 نائبا يمثلون مجلس النواب اللبناني ( اغتيال الرئيس الحريري والنائب باسل فليحان) أي كان ثمة إجماع عليه،اليوم نال 68 من اصل 127 (اغتيال انطوان غانم)،أي انه فقد ثقة نصف أعضاء مجلس النواب إذا استثنينا صوت ميشال المر،فهل يعلم السنيورة ذلك؟ وكيف ستكون السنة الأولى من ولاية الرئيس ميشال سليمان؟وألا يمكن القول أن التوافق على اسم رئيس الجمهورية ينبغي التوافق أيضا على اسم رئيس الحكومة؟ أسئلة ينبغي الإجابة عليها قبل فوات الأوان.
إن المفاجئة الأبرز إذا لم يتمكن السنيورة من تشكيل الحكومة في خلال شهر كما نص على ذلك الدستور،ومن ثم العودة إلى نقطة الصفر أي إعادة تكليفه وبالتالي استمرار ألازمة،عندها سيكون الوضع العودة إلى ما كان عليه قبل قراري حكومته الشهيرين،أي تقطيع الوقت حتى الانتخابات النيابية العام 2009 إذا تمت أيضا،وهذا ما توقعناه في خلال حوار الدوحة!