المسؤولية والجريمة في القانون الجنائي الدولي
أ.د.خليل حسين
استاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي
في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية
القسم الأول
المسؤولية الجنائية الدولية
اولا: : ما هية المسؤولية الدولية
عُرفت المسؤولية الدولية بعدة تعاريف من قبل فقهاء القانون الدولي، ونعرض بعض التعاريف محاولين من خلالها التقريب بين وجهات النظر المختلفة لوضع تعريف جامع للمسؤولية الدولية.
اتفاقية لاهاي: ورد في اتفاقية لاهاي تبيان خاص للمسئولية الدولية: "الدولة التي تخل بأحكام هذه الاتفاقية تلتزم بالتعويض إن كان لذلك محل وتكون مسؤولية عن كل الأفعال التي تقع من أي فرد من أفراد قواتها المسلحة" فهذه المادة تبين كيف تقوم المسؤولية الدولية وما يترتب على قيامها.
تعريف معهد القانون الدولي : "تسأل الدولة عن كل فعل أو امتناع يتنافى مع التزاماتها الدولية أياً كانت سلطة الدولة التي أتته تأسيسية كانت أو قضائية أو تنفيذية"
تعريف لجنة التحكيم في قضية نير:
- "تتحمل الدولة المسؤولية الدولية إذا فشل أحد أعضاء هيئاتها في تنفيذ الالتزامات الدولية الملقاة على عاتق الدولة وسبب ضرراً لأشخاص وأموال الأجانب في أقليمها".
- المسؤولية الدولية تعني الواجب في أداء التعويض الذي ينتج عن الفشل في الاذعان للالتزامات الدولية.
- تسأل الدولة عندما يقع على عاتقها واجب في التعويض لصالح دولة أخرى عن ضرر تحملته الأخيرة نتيجة لضرر أصاب أحد
رعاياها."
تعريف الجمعية اليابانية للقانون الدولي: تسأل الدولة عن الأضرار التي يتحملها الأجانب في أشخاصهم أو ممتلكاتهم نتيجة أفعال عمدية أو امتناع عن القيام بأفعال يجب القيام بها، من قبل موظفي سلطاتها أثناء تأديتهم لواجباتهم الوظيفية إذا كانت الأفعال، أو الامتناع عنها ناتجة عن انتهاك لواجب دولي يقع على عاتق الدولة التي تتبعها السلطات المذكورة"
تعريف جامعة هارفارد : "تسأل الدولة دولياً عن الأعمال أو الامتناع التي تنسب إليها وتسبب ضرراً للأجانب، ويقع واجباً عليها إصلاح الضرر الذي أصاب الأجنبي مباشرة أو لمن يخلفه أو قبل الدولة التي تطالب به"
تعريف لجنة القانون الدولي لدول أمريكا اللاتينية :
- "لا يجوز التدخل لحمل الدول على تنفيذ التزاماتها الدولية (المبدأ الأول).
- سأل الدولة عن الأفعال أو الامتناع فيما يتعلق بالأجانب باستثناء الحالات المشابهة التي تسأل الدولة فيها عن أفعال أو امتناع رعاياها طبقاً لقوانينها (المبدأ الثاني).
- لا بجوز اللجوء إلى القوة العسكرية لتحصيل الديون العقدية مهما كان الوضع (المبدأ الثالث).
- لا تسأل الدولة عن الأضرار التي تلحق بالأجانب نتيجة أعمال شغب أو ثورة سياسية أو اجتماعية إلا في حالة خطأ سلطاتها (المبدأ الخامس).
- لا تعتبر نظرية المخاطر أساساً للمسؤولية الدولية (المبدأ السادس).
- الدولة التي تسأل عن حرب عدوانية تكون مسؤولة عن الأضرار التي تنشأ عن ذلك (المبدأ السابع)."
تعريف الجمعية الألمانية للقانون الدولي: "تسأل الدولة من قبل الدول الأخرى عن الأضرار التي تصيب الأجانب في إقليمها عند انتهاكها لإلتزاماتها الدولية تجاه هذه الدول"
تعريف (دي فيشي) : "فكرة واقعية تقوم على إلتزام الدولة بإصلاح النتائج المترتبة على عمل غير مشروع منسوب إليها"
تعريف الفقيه (روث): تسأل الدولة عن الأعمال المخالفة لقواعد القانون الدولي من قبل الأفراد أو النقابات التي يعهد إليها في القيام بالوظائف العامة، إذا ثبت أن هذه الأعمال تدخل في النطاق العام للسلطة الدولية القضائية" .
تعريف الدكتور حامد سلطان : "تنشأ في حالة الإخلال بالتزام دولي ـ رابطة قانونية جديدة بين الشخص القانوني الذي أخلَّ بالتزامه أو امتنع عن الوفاء به والشخص القانوني الذي حدث الإخلال في مواجهته، ويترتب على نشوء هذه الرابطة الجديدة أن يلتزم الشخص القانوني الذي أخل بالتزامه أو امتنع عن الوفاء به والشخص القانوني الذي حدث الإخلال في مواجهته، ويترتب على نشوء هذه الرابطة الجديدة أن يلتزم الشخص القانوني الذي أخل بالتزامه أو امتنع عن الوفاء به بإزالة ما ترتب على إخلاله من النتائج كما يحق للشخص القانوني الذي حدث الإخلال أو عدم الوفاء بالالتزام في مواجهته بالتعويض، وهذه الرابطة القانونية بين من أخل بالالتزام ومن حدث الإخلال في مواجهته هي الأثر الوحيد الذي يترتب في دائرة القانون الدولي على عدم الوفاء بالالتزام الدولي"
تعريف الفقيه (روسو) : "وضع قانوني بمقتضاه تلتزم الدولة المنسوب إليها ارتكاب عمل غير مشروع وفقاً للقانون الدولي بتعويض الدولة التي وقع هذا العمل في مواجهتها" .
من خلال إستعراضنا للتعاريف السابقة يمكن تعريف المسؤولية الدولية على أنها:
تلك المسئولية التي تترتب قبل شخص من أشخاص القانون الدولي جراء قيامه بفعل (إيجابي أو سلبي) غير مشروع دولياً من شأنه إحداث ضرر بشخص آخر مما يحمل الأول إلتزام بالتعويض عن هذا الضرر شريطة أن يكون الفعل منسوب إلى الشخص الأول.
ثانيا: انواع المسؤولية الدولية
1- مسؤولية الأفراد الطبيعيين
إن موضوع المسؤولية الدولية للفرد متشعب إلى عدة آراء من هذه الآراء:
رأي يقول بأن الفرد يعتبر شخص من أشخاص القانون الدولي العام، ويستند هذا الرأي إلى أن القانون الدولي يرتب على الفرد واجبات ويمنحه حقوق كعدم الإتجار بالرقيق وعليه فإنه يسأل"
وأما الرأي الآخر فهو لا يعترف للفرد بأنه شخص من أشخاص القانون الدولي، وسند هذا الرأي إلى أن الحقوق التي يكفلها القانون الدولي للأفراد لا تدخل حيز النفاذ إلا عند إقرار الدولة لها.
"والرأي الثالث يرى بأن الفرد شخص غير مباشر للقانون الدولي العام لأن الدولة موجودة لأجل الفرد تعمل لمصلحته والمجتمع الدولي عبارة عن مجموعة من الدول والدول مجموعة من الأفراد وبالتالي فإن الفرد يتمتع بحقوق ويتحمل إلتزامات وهو شخص غير ظاهر، والدولة هي الشخصية الدولية وليس الفرد."
والرأي الذي أميل إليه هو الرأي الأول لأنه من غير المتصور أن نكون أمام قانون جنائي دولي يتسم في شقه الجنائي على مبدأ هام وهو شخصية العقوبة وعليه فإنه يجب أن يساءل كل من قام بالعمل غير المشروع عن فعله.
2- مسؤولية المنظمات(الدولية ـ الإقليمية)
يعترف العديد من الفقهاء بالشخصية القانونية للمنظمات الدولية مما يحملها الأهلية التي بموجبها تساءل دولياً. إذ أن غالبية الفقهاء، وخاصة المحدثين منهم، تعترف للمنظمات الدولية بالشخصية القانونية لا سيما بعد تواتر دساتير هذه المنظمات على النص عليها. إلا أن البعض حاول أن يحد من آثاره الشخصية بقدر تمتع هذه المنظمات بالأهلية القانونية دون الشخصية القانونية، أو يحاول قصرها على بعض المنظمات الدولية، فيقرر أنها لا تثبت إلا للمنظمات الدولية التي تملك تكوين الإرادة الدولية الشارعة، أو تلك التي تصدر بالأغلبية وليس بالإجماع" .
إلا أن فريقاً من آخر من الفقهاء خالفهم الرأي حين ذهب رأي إلى أن "المنظمة لا يكون لها وجود إلا في علاقاتها مع الدول التي وقعت وصدقت أو إنضمت إلى دستورها"
بل أن رأياً آخر توسع في الموضوع بشكل أوسع حين ذهب إلى التفرقة بين حالتين فيما يتعلق بالتعويض عن الأضرار التي تلحق ممثلي الأمم المتحدة:
"الحالة الأولى: الموظفون الذين يتم اختيارهم دون النظر إلى جنسياتهم وهؤلاء يجوز للمنظمة الدولية المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم.
الحالة الثانية: الموظفون الذين يتم اختيارهم بالنظر إلى جنسياتهم فهؤلاء تطالب دولهم التي ينتمون إلى جنسياتها بالتعويض عن الأضرار التي أصابتهم" .
وبالنسبة للمنظمات الإقليمية التي وضحت المادة (52) من ميثاق الأمم المتحدة مهامها على أنها:
"تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.
يبذل أعضاء الأمم المتحدة الداخلون في مثل هذه التنظيمات أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات الإقليمية وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن" .
نستدل من هذه المادة دور المنظمة الإقليمية الهامة في حل المنازعات بالطرق والوسائل السلمية، الأمر الذي يفتح أمام هذه المنظمات باب الاجتهاد الذي قد يصيب أو يخطأ ومما لا شك فيه فإن مسئوليتها تقوم عند حدوث الخطأ.
بل إن محكمة العدل الدولية ذكرت في رأيها الاستشاري "أن أهداف المنظمات الإقليمية أهداف تستحق أن يعترف لمثل هذه المنظمات بقدر من الشخصية الدولية في نطاق المسئولية الدولية وخاصة بعد أن دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة جامعة الدول العربية لحضور دوراتها مما يزيد من أهمية دور المنظمات الإقليمية"
3- مسؤولية الدولة
الدولة هي مجموعة من الأفراد تعيش بشكل مستقر ودائم على إقليم محدد تحت ظل سلطة تتولى دفة حكم الأفراد في حدود الإقليم.
في بداية حديثنا عن مفهوم المسؤولية الدولية قلنا بأنها " المسؤولية التي تترتب قبل شخص من أشخاص القانون الدولي جراء قيامه بفعل (إيجابي أو سلبي) غير مشروع دولياً من شأنه إحداث ضرر بشخص آخر مما يحمل الأول إلتزاما بالتعويض عن هذا الضرر شريطة أن يكون الفعل منسوب إلى الشخص الأول".
من خلال هذا التعريف نستخرج أركان المسؤولية الدولية:
- أن يكون الفعل المولد للمسؤولية منسوباً إلى شخص من أشخاص القانون الدولي.
- أن يكون غير مشروع دولياً.
- أن يلحق ضرراً بشخص دولي آخر.
واستعرضنا في المطالب السابقة مسؤولية كل شخصية على حدى دون التطرق إلى مسؤولية الدولة، وبالتالي فإن مسؤولية الدولة تنقسم إلى قسمين الأول وهو القسم المتعلق بأفعال السلطات والثاني عن الأفراد العاديين.
ففيما يخص القسم الأول فمن المتعارف عليه أن غالبية دول العالم تنقسم سلطاتها إلى ثلاثة سلطات "التنفيذية - التشريعية - القضائية".
مسؤولية الدولة عن الأفعال التي تصدر من موظفيها في السلطة التنفيذية "يقصد بالأفعال هنا تلك الأفعال التي يخالف فيها الموظف إلتزاماً دولياً" ففي هذه الحالة تقوم المسؤولية الدولية للدولة على أفعال موظفيها في السلطة التنفيذية مثل القرار الإداري الذي ينفذ مخالفاً لمعاهدة دولية فالقرار غير مشروع من وجهة القانون الدولي ومشروع في نظر القانون الداخلي.
ومثال لمسؤولية الدولة عن أفعال السلطة القضائية صور حكم قضائي مخالف لإتفاقية دولية التزمت بها الدولة، وعن السلطة التشريعية فإن المسؤولية تقوم بإصدار السلطة لتشريع مخالف لاتفاقية دولية الدولة طرف فيها أو قيام السلطة بمنع تنفيذ إلتزام دولي تلتزم الدولة به من خلال إتفاقية أو معاهدة.
وعن القسم الثاني من مسؤولية الدولة الدولية وهو القسم المتعلق بالأفراد العاديين فإن مسؤولية الدولة تقوم إذا نسب الفعل إليها كأن يثبت إهمال الدولة في توفير الحماية اللازمة لبعثة دبلوماسية تعرضت لإعتداء من قبل أفراد عاديين.
ثالثا : المسؤولية الجنائية الدولية
في العام 1979 إعترفت لجنة القانون الدولي في مشروعها الخاص بالمسؤولية الدولية على إمكان الأخذ بفكرة المسؤولية الجزائية للدولة، أي من نافلة القول أن المجتمع الدولي حرص على تبيان هذا النوع من المسؤولية ووضع أنواع لها.
ولا يعني إعتراف اللجنة بالمسؤولية الجزائية للدولة أنها وجدت للتو بل عرفت قبل ظهور الأمم المتحدة ، على سبيل المثال محاكم نور بميببرج، أو قيام الجيش الأمريكي بمجموعة من المحاكمات الخاصة بمساءلة جنوده عن جرائم يمكن تسميتها بجرائم حرب في السنوات من 1899 إلى 1902 .
1- المسؤولية الجنائية الدولية للفرد الطبيعي
ورد في اتفاقية لاهاي الرابعة (1907) أن الأطراف المتحاربة ستكون مسؤولة عن كل الأعمال التي يرتكبها اشخاص منتمون إلى عضوية القوات المسلحة، أي أن الأفراد يمكن مسائلتهم عن الجرائم الدولية، حتى أن مؤتمر القرم قرر مسؤولية الأفراد في عام 1945 حيث ورد فيه "يتعرض كل مجرمو الحرب للعقوبات العادلة والسريعة" .
نستشف مما سبق أن الفرد الطبيعي الذي يتعرض للمسائلة إما أن يكون رئيساً أو مرؤوساً في جرائم الحرب كالقادة العسكريين. ومن الواقع العملي نجد العديد من السوابق مثل محاكمة الزعيم السياسي لصرب البوسنة (رادوفان كارادزيتش) والجنرال العسكري (راتكوملاديتش) عن جرائمهم البشعة ضد الإنسانية من تعذيب وما يعرف بالتطهير العرقي، اضافة الى سوابق محاكم نورمبيرج في أربعينات القرن الماضي.
2- المسؤولية الجنائية الدولية للدولة
عند الحديث عن المسؤولية الجنائية الدولية للدولة فإننا نقف أمام مشكلة سيادة الدولة من حيث أن تقرير مثل هذا النوع من المسؤولية قد يمس سيادة الدولة وهيبتها الأمر الذي دفع عدداً من فقهاء القانون إلى الإختلاف وتقرير كل منهم لحججه بالأدلة والبراهين المختلفة فمنهم من اعتبر مسألة سيادة الدولة حجر عثرة أمام المسؤولية الجنائية الدولية لأنها معدومة والبعض الآخر خالفهم الرأي على أن المسؤولية تثار بل وموجودة ولا تعد ماسة لسيادة الدولة.
- نظرية عدم مسائلة الدولة الجنائية: "تبنى هذه النظرية كلاً من الفقيه Trainin وبولاسنكي Polanski حين برروها وشرحوها على أن الدولة عبارة عن منظمة ذات سيادة تسمو وتعلو عن غيرها من المنظومات أو الهيئات الأخرى لأن هذه المنظمات أو الهيئات مهما علت فإنها لن تعلو على سيادة الدولة"
- نظرية مسائلة الدولة الجنائية:
"تبنى هذه النظرية الفقيه بلافسكي الذي شرحها على أن مسؤولية لدولة تُثار بل ولا تتعارض مع سيادة الدولة، حتى أن الدولة في مجال العلاقات الدولية تتنازل عن جزء من سيادتها، والجدير بالذكر أن الفقيه بلافسكي استدل بما قرره الأستاذ نانت في إحدى محاضرته" . وذكر بلافسكي أن: "للدولة سيادة ولكنها سيادة تعني استقلال تصرفاتها وكونها السيد الحر التصرف لصالح الأفراد أو الدول الأقل قوة منها. ولكن إطلاق حرية التصرف أدى حسبما يطالعنا التاريخ إلى ارتكاب الجرائم وانتهاك الحرمات ومثالنا الواضح على التدليل على سوء استعمال فكرة السيادة "الدولة الألمانية النازية". ولكي نتجنب ما حدث في الماضي يجب ألا نعطي الدولة الحق في الظلم أو القهر تجاه الأفراد أو الدول الضعيفة باسم السيادة" .
من خلال عرض آراء الفقهاء يتضح أن مبدأ سيادة الدولة لا يعرقل مسؤوليتها الجنائية الدولية بل يدل مسألة إقرار المسؤولية أن الدولة تحترم وجودها في المجتمع الدولي وتساهم في إقرار العدالة الدولية وتحافظ على العلاقات السلمية بينها وبين أقرانها من الدول.
القسم الثاني
الجريمة الدولية
اولا: مفهوم الجريمة الدولية وأركانها
قام نخبة من فقهاء القانون بوضع تعاريف مختلفة للجريمة الدولية ومن هؤلاء الفقهاء الفقيه بيلا حين عرف الجريمة الدولية بأنها "إذا كانت عقوبتها تطبق وتنفذ بإسم الجماعة الدولية" في حين عرفها الفقيه غلاسير بأنها "واقعة إجرامية مخالفة لقواعد القانون الدولي تضر بمصالح الدول التي يحميها هذا القانون"
أما لجنة القانون الدولي في مشروعها لتقنين قواعد المسؤولية الدولية عن الأعمال غير المشروعة دولياً تطرقت إلى تعريف الجريمة الدولية على أنها "تلك التي تقع مخالفة لقواعد القانون الدولي الواردة في نصوص اتفاقية مقبولة على نطاق واسع أو الثابتة كعرف دولي أو كمبادئ عامة معترف بها من قبل الدول المتمدنة وأن تكون تلك الجريمة من الجسامة بحيث أنها تؤثر في العلاقات الدولية أو تهز الضمير الإنساني" .
من خلال ما تقدم فان الجريمة الدولية تعرف بأنها الجريمة التي تقع مخالفة للقانون الدولي حيث يرتكبها الشخص الدولي بسلوك إيجابي أو سلبي عالماً بحرمة السلوك وراغباً بارتكابه محدثاً ضرراً على المستوى الدولي.
وكما للجريمة في التشريعات الوطنية الداخلية أركان ثلاثة "ركن شرعي– ركن مادي ـ ركن معنوي" فإن الجريمة الدولية تشمل هذه الأركان مع الركن الرابع وهو الركن الدولي ، والآتي بيانها بالتفصيل :
1- الركن الشرعي: يفترض هذا الركن وجود نص قانوني يجرم الفعل وأن يكون النص موجوداً في الجريمة الدولية ، الا إننا نجد أن طبيعته عرفية لا تسمح بمحاكمة الشخص على عمل لا يعتبر في العرف الدولي جريمة عند ارتكابها ولا يوجد أي مشرع للقانون الدولي، لذا فإن الركن الشرعي يستمد وجوده من العرف وإلى جوار العرف الدولي توجد الاتفاقيات الدولية وتحتل الاتفاقيات الدولية المرتبة التالية للعرف الدولي في مصادر القانون الدولي بل أن العديد من الاتفاقيات الدولية تحيل إلى العرف الدولي.
2- الركن المادي: هو النشاط أو الفعل الخارجي الذي يرد فيه نص قانوني يجرمه. والجريمة الدولية حالها من حال الجريمة الداخلية تفترض وجود نشاط إنساني خارجي محسوس لا يختلف إن كان سلوكاً إيجابياً أم سلبياً، وعادة ما يؤدي إلى نتيجة يجرمها القانون الجنائي الدولي.
3- الركن المعنوي: هو كافة الصور التي تعبر عنها الإرادة في الجريمة سواء كانت عمدية أو غير عمدية والواقع العملي يثبت لنا ندرة وقوع جرائم دولية غير عمدية.
4- الركن الدولي: يعتبر هذا الركن أساس التفرقة بين الجريمة الداخلية (التي تحصل داخل الدولة) والجريمة الدولية (موضوع الدراسة). فلو زالت صفة الدولية عن الجريمة نكون بصدد جريمة داخلية لا دولية.
وبالتالي فإنه يشترط في الركن الدولي صفة الدولية أي أن يكون النشاط، والفعل "الإيجابي أو السلبي" يمس مصلحة من المصالح التي يسعى القانون الدولي إلى حمايتها أو بمعنى أصح تمس مصلحة من مصالح المجتمع الدولي.
على سبيل المثال قيام مجموعة إجرامية من دولة معينة بالتخطيط على إرتكاب جريمة مدبرة ضد دولة أخرى، أو قيام منظمة إرهابية بتوجيه ضربة ضد أشخاص يتمتعون بحماية دولية "وفد دبلوماسي" كعملية تفجير لموكبه.
ثانيا:انواع الجريمة الدولية
1- جرائم الحرب
"تعرف جرائم الحرب بأنها تلك الأفعال التي تقع أثناء نشوب الحرب مخالفة للمواثيق والعهود المتعلقة بالحرب والمواثيق الدولية المرتبطة بالحرب عددية مثل اتفاقية جنيف لسنة 1864 وأعمال معاهدة إلفوسفور 1888 ومعاهدة لاهاي لسنة 1899" وقد وضحت اتفاقيات جنيف لعام 1949 بعضاً من الانتهاكات (جرائم الحرب) مثل: "المعاملة السيئة ـ إبعاد المدنيين عن مساكنهم ـ القتل المتعمد ـ تخريب المدن السكنية والأحياء السكنية" فهذه الأعمال تفترض وجود حرب قائمة مستمرة ويقوم أطراف الحرب أثنائها بهذه الأفعال.
ولو أردنا أن نوضح معنى جرائم الحرب بشكل أوضح فإنها الأعمال الواقعة من قبل المحاربين أثناء الحرب بمخالفة مواثيق الحرب وعاداتها المعروفة في العرف الدولي والمعاهدات الدولية.
ولهذه الجرائم ثلاثة أركان نذكرها بالتفصيل:
- الركن المادي: حتى يتوافر هذا الركن ينبغي أن نكون أما م حرب قائمة فعلاً وأن يقوم أحد أطراف الحرب بأحد الأفعال، المحضورة "المخالفة للأعراف الدولية ومواثيق الحرب".
والحرب القائمة ينبغي أن تنشب من نزاع مسلح يتبادله طرفان أو أكثر والأفعال المحضورة في مواثيق الحرب والأعراف الدولية كثيرة مثل استعمال الأسلحة الكيماوية "غاز الخردل ـ غاز الأعصاب" أو استعمال أسلحة جرثومية أو بيولوجية "قذف ميكروبات ضد العدو أو أسلحة ذات تركيبة تمنع التكاثر في الجسم أو تمنعه"، واستعمال أسلحة حارقة كالفسفور، واستعمال المفاعلات النووية، وحتى اللجوء إلى وسائل الغش والخداع المحرمة كقتل الخصم عن طريق إيهامه بالاستسلام.
"ويعد من ضمن هذه الطائفة إخضاع الأسرى أو المدنيين للتجارب الطبية أو البيولوجية أو معاملة الأسرى معاملة لا إنسانية كالحط من كرامته وإهانته أو الاعتداءات الجسمية المفرطة على جسد الأسير أو إخضاع الأسير للتعذيب" .
- الركن المعنوي: يتفق جميع فقهاء القانون الدولي على أن جرائم الحرب هي جرائم عمدية يتطلب ركنها المعنوي ضرورة توافر القصد الجنائي [العلم مع الإرادة]" أي أن يعلم الفاعل بحرمة الفعل ويقوم به.
- الركن الدولي: يعني بهذا الركن أن تتم جريمة الحرب من قبل دول متحاربة "على سبيل المثال من أحد مواطنيها" باسم الدولة ويرضاه ضد دولة أخرى معادية لها، أي مفهوم المخالفة لو وقعت الجريمة من مواطن ضد مواطن آخر فلا دولية فيها.
ومن المعاهدات والمواثيق الدولية التي أولت اهتماماً واضحا على تجريم هذه الجريمة نذكر حول موضوع تجريم استعمال بعض الأسلحة:
- إعلان لاهاي 1899.
- معاهدة فرساي 1919.
- بروتوكول لندن 1936.
- مؤتمر طهران الدولي لحقوق الإنسان 1968.
- مؤتمر جنيف لنزع السلاح 1973.
2- جرائم ضد الانسنانية
تهدف هذه الطائفة من الجرائم إلى حماية الصفة الإنسانية بالإنسان نفسه والعمل على المحافظة عليها.
فتعرف بأنها تلك التي تنطوي على اعتداء صارخ على إنسان معين أو جماعة معينة لأسباب معينة قد تكون دينية أو عرقية أو سياسية.وهذه الجريمة لا تتحقق إلا توافر أركانها الآتي ذكرها:
- الركن المادي: يقوم هذا الركن على مجموعة من الأفعال الجسيمة التي تمس إحدى المصالح الجوهرية للإنسان أو مجموعة بشرية تشترك بالدين أو بالفكر السياسي أو بالعرق، وأن يتم على شكل هجوم منهجي مدروس ضد هذه المجموعة.
ومن صور هذه الأفعال أو الاعتداءات " الاسترقاق ـ الإبادة ـ إبعاد السكان الأصليين أو نقلهم قسراً من مناطقهم ـ القتل المتعمد ـ السجن الذي يشكل حرمانا شديدا للحرية البدنية ـ التعذيب ـ إضطهاد الجماعة ـ الاغتصاب ـ اختطاف الأشخاص".
- الركن المعنوي: يتفق فقهاء القانون الدولي في هذه الجريمة أيضاً على أنها جريمة عمدية تتطلب القصد الجنائي العام (العلم ـ الإرادة) العلم بتجريم الفعل والقيام به رغم المعرفة بحرمته.
- الركن الدولي ويتوافر الركن الدولي كأن تخطط دولة معينة بوضع خطة مدروسة ضد جماعة معينة تشترك بالدين أو الفكر السياسي أو العرق والأمر سيان سواء بتمتع الجماعة بجنسية الدولة المعتدية أو غير متمتعة. "لا فرق بين المواطن والأجنبي".
ومن المعاهدات والمواثيق الدولية التي اهتمت وأدانت مثل هذا النوع من الجرائم الدولية نذكر:
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 .
- مشروع تقنين الجرائم ضد السلم وأمن البشرية 1954 .
- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966 .
- النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (ميثاق روما) 1998 .
3- جريمة ابادة الجنس البشري
تعرف الإبادة بأنها استئصال مادي أي إتيان أفعال مادية تؤدي إلى القضاء على الجماعة البشرية عن طريق إضطهادها أو تعرضيها للمذابح أو أن تتخذ شكل الاستئصال المعنوي المتمثل بالتأثير على النفس البشرية أو حملها على العيش تحت ظروف معينة كنقل صغارها إلى جماعات أخرى تختلف عنها في الدين أو العادات أو التقاليد أو الأعراف السائدة.
ولعل أهم الاتفاقيات والمعاهدات التي عالجت هذه الجريمة بذكر صورها وتقرير عقوبات إزاء إرتكابها هي اتفاقية مكافحة جريمة إبادة الجنس البشري لعام 1948 وبالتحديد في المادة الثانية الى المادة الثامنة فقد ورد في المادة الثانية تعريف جريمة إبادة الجنس البشري على أنها "أي فعل من الأفعال الآتية يرتكب بقصد القضاء كلاً أو بعضاَ على جماعة بشرية بالنظر إلى صفتها الوطنية أو العنصرية أو الجنسية أو الدينية"
- قتل أعضاء هذه الجماعة.
- الاعتداء الجسيم على أفراد هذه الجماعة جسمانياً أو نفسياً.
- اخضاع الجماعة عمداً إلى ظروف معيشية من شأنها القضاء عليها مادياً كلاً أو بعضاً.
- اتخاذ وسائل من شأنها إعاقة التناسل داخل الجماعة.
- نقل الصغار قسراً من جماعة إلى جماعة أخرى"
كما بينت الاتفاقية الأفعال المعاقب عليها وهي:
- "إبادة الجنس.
- الاتفاق بقصد ارتكاب إبادة الجنس.
- التحريض المباشر والعلني على ارتكاب إبادة الجنس.
- الشروع في إبادة الجنس.
- الاشتراك في إبادة الجنس."
وحددت شروط الجاني هل يقتصر على فئة معينة أم مفتوحة بذكرها "سواء أكان الجاني من الحكام أو الموظفين أو من الأفراد" .
كما بينت الاتفاقية تسليم المجرمين، وبينت كذلك اختصاص المحاكم الوطنية بأنه متاح وكذلك للمحاكم الجنائية" .
بناءاً على ما سبق ذكره نستشف أركان الجريمة على الوجه الآتي:
أ- الركن المادي: بالرجوع إلى نص المادة الثانية من اتفاقية مكافحة جريمة إبادة الجنس البشري والجزاء عليها والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة السادسة يتبين أن كل من الأفعال التالية موقعة للركن المادي وهي:
- قتل أعضاء جماعة معينة "أي وقوع عملية قتل جماعية سواء كانت كلية أو جزئية".
- الإعتداء الجسيم الجسماني أو النفسي على أفراد جماعة معينة "وهو كما أسلفنا الاستئصال المادي والاستئصال المعنوي بحيث يتمثل الأول بالاعتداء على الجسد كتعذيبه وتشويهه الثاني بالإرهاب النفسي المتمثل على حمل الشخص على العيش بشكل معين"
- إرغام الجماعة على منعها من التناسل أو التكاثر: "كالفصل الإجباري بين الجنسين ومنع الجماعة من الزواج، القيام بعمليات إبادة بيولوجية".
- إخضاع الجماعة على العيش تحت ظروف معيشية معينة بهدف القضاء عليها "كمنعهم من إرتياد المستشفيات وإجبارهم على الاعمال الشاقة"
- إجبار الصغار من الانتقال إلى جماعة أخرى غير جماعتهم "كنقل أطفال مسلمين إلى جماعة يهودية بهدف تهويدها وتكفيرها ومحو هويتها الإسلامية".
ب- الركن المعنوي: تعتبر جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي (العلم ـ الإرادة) العلم بأن الفعل جريمة والرغبة بارتكابها.
ج- الركن الدولي: يعني بهذا الركن أن تقوم الجريمة على خطط مدروسة ومعدة مسبقاً من قبل أفراد تابعين للدولة أو رؤساء على القيام بمثل هذه الأفعال المكونة للركن المادي مع ملاحظة أن الركن الدولي يتحقق سواء تمت الجريمة على مواطنين أو أجانب وسواء وقعت في زمن الحرب أو السلم.
4- جرائم العدوان
أثار تعريف جريمة العدوان جدلاً واسعاً في الفقه القانوني إلا أننا لن نتعرض إليه في دراستنا واضعين تعريفاً يقرب من وجهات نظر الشراح والفقهاء المختلفة على أن جريمة العدوان ما هي الا فعل عدائي يتمثل باستخدام القوة المسلحة تنفيذا لأمر صادر من الحاكم في الدولة أو قيادين بارزين فيها ضد دولة أخرى. وهذا التعريف يأخذنا إلى أركان الجريمة:
أ - الركن المادي: كما بينا في تعريف العدوان فهو يتمثل بأمر صادر من شخص مسؤول حاكم أو قيادي على القيام بفعل عدائي ضد دولة أخرى أي أن الركن المادي يقوم على فعل عدائي وأمر صادر من شخص يتمتع بسلطة إصدار الأمر، فالفعل العدائي أو العدواني لا يكون الا باستعمال القوة المسلحة على هيئة الهجوم لا الدفاع ، لأن الدفاع يعتبر أمر مشروع يمنع الدولة من المسائلة "الدفاع الشرعي" أما الهجوم فهو عدوان ونشاط مؤثم ضد دولة أخرى.
ب - الركن المعنوي: تعد كحال باقي الجرائم الدولية عمدية وأن يتوفر فيها القصد الجنائي مع "العلم ـ الإرادة" علم الفاعل بتجريم الفعل وتوجه إرادته لارتكابه مع العلم ، وعليه فإن علم الجاني بعدم مشروعية العدوان وقيامه به يعرضه للمساءلة القانونية.
ج- الركن الدولي: ينبغي لقيام هذا الركن أن يتم العدوان باسم الدولة أو بناء على خطتها أو برضاها على وقوع فعل العدوان ضد دولة أخرى.
من خلال عرض الاركان السابقة يتضح أن قيام طيار عسكري بشن غارة جوية ضد دولة مجاورة دون صدور أمر لذلك أي من وليد إرادته لا يشكل جريمة عدوان لأن الفعل قد تم دون أمر صادر من مسؤول حاكم أو قيادي، أي بمعنى أدق الفعل لم يتم بإسم الدولة أو بناء على خطتها.
ومن المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي سلطت الضوء على جريمة العدوان نذكر: مؤتمر نزع السلاح في لندن 1933. والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998.
5 – الجرائم المنظمة
تتسم الجرائم المنظمة عادة بأنها تهدف إلى التجارة ، لا التجارة العادية المشروعة بل التجارة غير المشروعة ، التي باتت محل رفض واستياء المجتمع الدولي نذكر منها:
- جريمة الإتجار بالرقيق.
- جريمة الإتجار بالأشخاص لغرض أعمال الدعارة.
- جريمة الاتجار بالمخدرات.
- جريمة الاتجار بالمطبوعات الإباحية والجنسية.
- جريمة غسيل الأموال.
- جرائم الإرهاب.
هذه الطائفة من الجرائم تتفق على أنها جرائم منظمة ، ويجمع المجتمع الدولي على أنها باتت تهدد النظام العالمي أي انها ظاهرة عالمية مما دفع المجتمع الدولي إلى عقد المؤتمرات الساعية للحد منها ومن ثم القضاء عليها، مثل مؤتمر نابولي لسنة 1994، والذي ناقش موضوعات هامة مثل:
- المشاكل والأخطار التي تطرحها الجريمة المنظمة عبر الدول في مختلف مناطق العالم.
- التشريعات الوطنية ومدى كفاءتها في التصدي لمختلف أشكال الجريمة المنظمة عبر الدول.
- أشكال التعاون الدولي لمنع ومكافحة الجريمة المنظمة عبر الدول على مستويات التحقيق والإنابة والقضاء.
- الأساليب والمبادئ التوجيهية الملائمة لمنع ومكافحة الجريمة المنظمة عبر الدول على الصعيدين الإقليمي والدولي.
- مدى جدوى الصكوك والاتفاقيات الدولية في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الدول.
- منع ومكافحة غسل الأموال ومراقبة عائدات الجريمة.
وانتهى المؤتمر إلى إصدار إعلان نابولي السياسي والذي من خلاله وضعت خطة عمل عالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر دول العالم المختلفة. ولكن المؤتمر لم يكن أول تحرك للمجتمع الدولي بل جاء مكملاً للعديد من جهود القانونيين السابقين نذكر منها:
- مؤتمر فيينا 1815م "إنتهى بإصدار تصريح يقرر فيه تعاون الدول ضد تجارة الرقيق"
- اتفاقية سان جرمان 1919م "بشأن حظر الرق والعبودية والسخرة".
- اتفاقية السخرة 1930 .
- الاتفاق الدولي المعقود في 18 أيار / مايو 1904 حول تحريم الإتجار بالرقيق الأبيض ، والمعدل بالبروتوكول الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 3 ديسمبر 1948 .
- الاتفاقية الدولية المعقودة في 4 مايو 1910 حول تحريم الإتجار بالرقيق الأبيض، والمعدلة بالبروتوكول السالف الذكر.
- الاتفاقية الدولية المعقودة في 30 سبتمبر 1921 حول تحريم الإتجار بالنساء والأطفال والمعدلة بالبروتوكول المقر من الأمم المتحدة في 20 أكتوبر 1947 .
- الاتفاقية الدولية المعقودة في 11 أكتوبر 1933 حول تحريم الإتجار بالنساء البالغات ، والمعدلة بالبروتوكول السالف الذكر.
- اتفاقية جنيف للحد من تصنيع المواد المخدرة 1931 .
- الاتفاقية الموحدة للمخدرات 1961 .
- اتفاقية جنيف الخاصة بتجريم وعقاب الإرهاب الدولي 1937 .
- اتفاقية واشنطن الخاصة بمنع ومعاقبة أعمال الإرهاب 1971 .
- اتفاقية نيويورك الخاصة بمنع ومعاقبة الجرائم الموجهة ضد الأشخاص المقيمين بالحماية الدولية 1973 .
- الاتفاقية الأوروبية لقمع الإرهاب 1977 .
من الملاحظ على هذه الاتفاقيات والمؤتمرات أنها وضعت خصائص مشتركة لطائفة من الجرائم المنظمة بحيث لو توافرت نكون أمام جريمة منظمة وهي:
1- أن الجريمة المنظمة ترتكب من عصابات أو جماعات إجرامية منظمة على الصعيد العالمي.
2- أن هذه الجماعات تتخذ من العنف والتهديد والترويع أسلوباً لتعاملها مع الآخرين حتى تضمن تسيير أعمالها.
3- أن الجريمة المنظمة لابد وأن تكون مدروسة و مخطط لها.
4- تهدف الجماعات الإجرامية إلى الربح والكسب من وراء عملياتها على الغالب.
5- تتحرى هذه الجماعات السرية والدقة في ارتكاب جرائمها.
6- لا تقوم هذه الجماعات على شخص واحد بل مستمرة على الدوام.
فهذه الخصائص من شأنها أن تسهل لنا معرفة ما إذا كانت الجريمة جريمة منظمة دولية ، كما أن الجرائم التي عرضناها ليست هي فقط جرائم دولية منظمة أي إنها ليست على سبيل الحصر بل المثال لأن هناك جرائم أخرى مثل الإتجار بالسلاح والاحتيال الدولي وتهريب التحف والآثار وسرقة المصنفات الفكرية أو الفنية وتزويرها ، فكل هذه الصور يمكن اعتبارها جرائم منظمة .
6 - الجرائم البيئية
وردت قيود عديدة في بعض الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والخاصة بأطراف النزاعات المسلحة كحظر استعمال أنواع معينة من الأسلحة المضرة بالبيئة كاتفاقية لاهاي لعام 1907، (المادة 22) حق المتحاربين في اختيار وسائل الإضرار بالعدو ليس حقاً مطلقاً من أية قيود أو حدوده كما ورد في ديباجة الاتفاقية الخاصة بحظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة على أن "حق الأطراف في النزاع المسلح باختيار أساليب ووسائل القتال ليس بالحق غير المحدود"
كما جاء في الاتفاقية الخاصة بحظر و تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة (الديباجة) "أنه من المحظور استخدام أساليب ووسائل حربية يقصد بها أو يتوقع منها أن تسبب للبيئة الطبيعية أضرار بالغة واسعة النطاق وطويلة الأمد"، وحظر البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف استعمال وسائل أو أساليب القتال التي يتوقع منها أن تسبب أضرار بالغة واسعة الإنتشار وطويلة الأمد للبيئة الطبيعية (مادة 35)، وجاء في المادة الأولى من الاتفاقية الخاصة بحظر الاستخدام العسكري ((تتعهد الدول الأطراف بعدم القيام باستخدام عسكري أو باستخدام عدائي آخر للتقنيات التي تؤدي الى إحداث تغييرات بيئية تكون لها آثار بالغة الضرر أو واسعة النطاق طويلة الأمد كوسيلة لإلحاق الدمار والخسائر والأضرار بأية دولة طرف في الاتفاقية".
نستخلص مما سبق أن المجتمع الدولي دأب ومنذ أمد بعيد على الاهتمام بالبيئة والثروات الطبيعية لأنها تعد مصلحة من المصالح التي يسعى المجتمع الدولي على حمايتها.
لذلك تعرف الجرائم البيئية بأنها: جرائم تتم بسلوك إيجابي أو سلبي من قبل شخص من أشخاص القانون الدولي مع علمه بحرمة السلوك المرتكب بأن يترتب على هذا السلوك ضرر بالبيئة الطبيعية على مستوى دولي.
أي أنه يمكن تقسيم أركان الجريمة البيئية إلى ثلاثة أركان: الركن المادي و المتمثل بصدور فعل إيجابي أو سلبي يترتب عليه إلحاق ضرر بالبيئة ، والركن المعنوي المتمثل بالعلم بحرمة الفعل أو السلوك مع توافر إرادة ارتكابه ، والركن الدولي الذي يشترط أن تتم الجريمة البيئية على نطاق دولي أي تترتب آثاره من دولة إلى دولة أخرى أو من أحد أشخاص القانون الدولي ضد الآخر.