تحديات العراق ما بعد الاحتلال
د.خليل حسين
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
د.خليل حسين
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
نشرت في صحيفة الخليج الاماراتية بتاريخ 19/ 12 /2011
تمثل الحالة العراقية تحديا واضحا ليس للعراق وحده،وإنما لمجمل البيئة السياسية المحيطة به وفيه.فبعد الانسحاب الأمريكي المفترض يقف العراق أولا على مفترق طرق،إما باتجاه عراق جديد زاخر وواعد،وإما عراق تسوده الفوضى التي ستغرقه بمزيد من الظلمات، التي ستطول كثيرا وتتمدد إلى غير مكان.
ثمة تحديات داخلية كثيرة لا تقل قسوة عن الخارجية. أولى التحديات الداهمة الوضع الأمني غير المستقر في الأساس ،ومع الانسحاب ثمة أسباب وحوافز لا تعد ولا تحصى لانفلاته باتجاهات مختلفة منها الطائفية والمذهبية ،ومنها المناطقية والعرقية، ومنها أيضا المكونات الاقتصادية والاجتماعية.باختصار ثمة عجز عراقي واضح لمسك الملفات الأمنية في ظل بيئة عسكرية أمنية وطنية مفككة وإمكانات لوجستية معدومة نسبيا. فالجيش والقوى الأمنية الداخلية لا تعكس مؤسسات وطنية هدفها الرئيس مصلحة العراق عامة، بل يطغى على تركيبتها بعد طائفي واضح، ما يضعها كجزء من مسببات العنف وليس مواجهته، كذلك ضعف الإمكانات المادية لمنع اندلاع مواجهات طائفية يمكن ان تشتعل عقب الانسحاب ، كما أن الجيش غير قادر على مواجهة التحديات والتهديدات الخارجية بخاصة بعد قرار الحاكم العسكري الأمريكي للعراق بول بريمر بحل الجيش وأجهزة الشرطة، والتي لم تقم الولايات المتحدة بإعادة بناء الجيش وفقا لعقيدة احترافية تمكنه من الدفاع عن البلاد.
أما التحدي السياسي الأخطر، فيكمن في استيعاب حالة المحاصصة الطائفية والمناطقية – الفدرالية، الذي يهدد بتقسيم البلاد الناجم عن اختلال العلاقة بين الحكومة المركزية والأقاليم التي تنحو باتجاه الاستقلالية في جميع مسائل الإدارة والاقتصاد والأمن والسياسات العامة، المعزز والمحصن بقانون الأقاليم الذي تم إقراره والذي يعطي للأقاليم اليد الطولى في مواجهة المركز. وما يعزز تلك التوجهات الحالة الكردية التي كوّنت أسس الكيان السياسي القادر على الانطلاق بعيدا عن العراق الموحد حين توفر الظروف الموضوعية لذلك.
كما يعطي الانسحاب الأمريكي فرصة قوية للاعبين الإقليميين الآخرين في العراق من أخذ مواقع أكثر حساسية،من بينها إيران وتركيا على سبيل المثال لا الحصر. حيث يعزز هذا الاتجاه مجموعة المصالح المتقاربة للعديد من الكيانات السياسية الداخلية مع مصالح هاتين الدولتين،حيث يتم تبادل المنافع والمصالح الإستراتيجية كما التكتية. في وقت تسعى طهران لتوظيف أوراقها العراقية بمواجهة الولايات المتحدة في برنامجها النووي.
أما التحدي الاقتصادي فلا يقل خطورة عن غيره من الملفات التي تنتظر العراق،فثمة بطالة حقيقية ومقنعة تصل إلى 40 في المئة وهي أرقام قياسية على المستوى العالمي،كما حالات التهميش الاجتماعي والاقتصادي الذي تصل معددلات خط الفقر فيه إلى أكثر من 45 بالمئة،إضافة إلى مظاهر الفساد وانتشارها في كل مفاصل السياسة والاقتصاد العراقيين.علاوة على ذلك ثمة ملف المهجرين والمهاجرين إلى الخارج الذي يناهز عددهم الخمسة ملايين،معطوفا عليهم موجة التهجير الداخلي التي شاعت بين المناطق العراقية في الأعوام ما بين 2006 و2008.
ان التحدي السياسي الأكبر، يكمن في إمكانية صياغة سياسة خارجية،تحكم وتضبط العلاقات العراقية مع دول الجوار الجغرافي،والتي بمجملها لها من الأهداف والغايات والمصالح، ما يجعلها لصيقة بالعراق وإمكاناته،وبالتالي ان قراءة العراقيين الدقيقة لمستقبل علاقاتهم العربية والإقليمية هي ضرورة ولازمة لبناء عراق قوي، يعيد دوره الفاعل في وسطه العربي والإقليمي.
ثمة صور قاتمة وسوداء لمختلف تداعيات هذه التحديات،لكن التجارب السابقة التي مرَّ بها العراقيون منذ حرب الخليج الأولى والثانية وصولا إلى مرحلة الاحتلال والانسحاب، يُفترض ان تكون من الدروس المستفادة لشعب يصنف على أنه القارئ الأول بين المجتمعات العربية.فالعراق اليوم أمام اختبار حقيقي، فالانسحاب يمكن ان يكون خطوة أولى نحو استعادة العراق لسيادته الكاملة ودوره العربي والإقليمي عبر تعاضد العراقيين وتعاونهم جميعا في تقرير مستقبل بلدهم عبر حوار وتوافق وطني هادف ، ونبذ الطائفية والمذهبية ، وبناء العراق المرتكز على قواعد وأسس الديمقراطية والمواطنة التي تساوي بين جميع العراقيين بصرف النظر عن التنوع والتعدد السياسي والديني والعرقي واللغوي
ان استمرار الغرق في أتون المذهبية والعرقية والمناطقية،وهيمنة فئة على فئات أخرى،أمر سيقود العراق إلى مرحلة أخرى من التقاتل، لن يكون أحد رابحا فيها، يل ستكون مرحلة ما بعد الانسحاب أشد وطأة من المراحل التي سبقت،الأمر الذي يعزز ضرورة التوحد في الوجهة والاتجاه بين مختلف مكونات بلاد الرافدين التي صدّرت الحضارات والثقافات إلى مختلف أصقاع العالم.
تمثل الحالة العراقية تحديا واضحا ليس للعراق وحده،وإنما لمجمل البيئة السياسية المحيطة به وفيه.فبعد الانسحاب الأمريكي المفترض يقف العراق أولا على مفترق طرق،إما باتجاه عراق جديد زاخر وواعد،وإما عراق تسوده الفوضى التي ستغرقه بمزيد من الظلمات، التي ستطول كثيرا وتتمدد إلى غير مكان.
ثمة تحديات داخلية كثيرة لا تقل قسوة عن الخارجية. أولى التحديات الداهمة الوضع الأمني غير المستقر في الأساس ،ومع الانسحاب ثمة أسباب وحوافز لا تعد ولا تحصى لانفلاته باتجاهات مختلفة منها الطائفية والمذهبية ،ومنها المناطقية والعرقية، ومنها أيضا المكونات الاقتصادية والاجتماعية.باختصار ثمة عجز عراقي واضح لمسك الملفات الأمنية في ظل بيئة عسكرية أمنية وطنية مفككة وإمكانات لوجستية معدومة نسبيا. فالجيش والقوى الأمنية الداخلية لا تعكس مؤسسات وطنية هدفها الرئيس مصلحة العراق عامة، بل يطغى على تركيبتها بعد طائفي واضح، ما يضعها كجزء من مسببات العنف وليس مواجهته، كذلك ضعف الإمكانات المادية لمنع اندلاع مواجهات طائفية يمكن ان تشتعل عقب الانسحاب ، كما أن الجيش غير قادر على مواجهة التحديات والتهديدات الخارجية بخاصة بعد قرار الحاكم العسكري الأمريكي للعراق بول بريمر بحل الجيش وأجهزة الشرطة، والتي لم تقم الولايات المتحدة بإعادة بناء الجيش وفقا لعقيدة احترافية تمكنه من الدفاع عن البلاد.
أما التحدي السياسي الأخطر، فيكمن في استيعاب حالة المحاصصة الطائفية والمناطقية – الفدرالية، الذي يهدد بتقسيم البلاد الناجم عن اختلال العلاقة بين الحكومة المركزية والأقاليم التي تنحو باتجاه الاستقلالية في جميع مسائل الإدارة والاقتصاد والأمن والسياسات العامة، المعزز والمحصن بقانون الأقاليم الذي تم إقراره والذي يعطي للأقاليم اليد الطولى في مواجهة المركز. وما يعزز تلك التوجهات الحالة الكردية التي كوّنت أسس الكيان السياسي القادر على الانطلاق بعيدا عن العراق الموحد حين توفر الظروف الموضوعية لذلك.
كما يعطي الانسحاب الأمريكي فرصة قوية للاعبين الإقليميين الآخرين في العراق من أخذ مواقع أكثر حساسية،من بينها إيران وتركيا على سبيل المثال لا الحصر. حيث يعزز هذا الاتجاه مجموعة المصالح المتقاربة للعديد من الكيانات السياسية الداخلية مع مصالح هاتين الدولتين،حيث يتم تبادل المنافع والمصالح الإستراتيجية كما التكتية. في وقت تسعى طهران لتوظيف أوراقها العراقية بمواجهة الولايات المتحدة في برنامجها النووي.
أما التحدي الاقتصادي فلا يقل خطورة عن غيره من الملفات التي تنتظر العراق،فثمة بطالة حقيقية ومقنعة تصل إلى 40 في المئة وهي أرقام قياسية على المستوى العالمي،كما حالات التهميش الاجتماعي والاقتصادي الذي تصل معددلات خط الفقر فيه إلى أكثر من 45 بالمئة،إضافة إلى مظاهر الفساد وانتشارها في كل مفاصل السياسة والاقتصاد العراقيين.علاوة على ذلك ثمة ملف المهجرين والمهاجرين إلى الخارج الذي يناهز عددهم الخمسة ملايين،معطوفا عليهم موجة التهجير الداخلي التي شاعت بين المناطق العراقية في الأعوام ما بين 2006 و2008.
ان التحدي السياسي الأكبر، يكمن في إمكانية صياغة سياسة خارجية،تحكم وتضبط العلاقات العراقية مع دول الجوار الجغرافي،والتي بمجملها لها من الأهداف والغايات والمصالح، ما يجعلها لصيقة بالعراق وإمكاناته،وبالتالي ان قراءة العراقيين الدقيقة لمستقبل علاقاتهم العربية والإقليمية هي ضرورة ولازمة لبناء عراق قوي، يعيد دوره الفاعل في وسطه العربي والإقليمي.
ثمة صور قاتمة وسوداء لمختلف تداعيات هذه التحديات،لكن التجارب السابقة التي مرَّ بها العراقيون منذ حرب الخليج الأولى والثانية وصولا إلى مرحلة الاحتلال والانسحاب، يُفترض ان تكون من الدروس المستفادة لشعب يصنف على أنه القارئ الأول بين المجتمعات العربية.فالعراق اليوم أمام اختبار حقيقي، فالانسحاب يمكن ان يكون خطوة أولى نحو استعادة العراق لسيادته الكاملة ودوره العربي والإقليمي عبر تعاضد العراقيين وتعاونهم جميعا في تقرير مستقبل بلدهم عبر حوار وتوافق وطني هادف ، ونبذ الطائفية والمذهبية ، وبناء العراق المرتكز على قواعد وأسس الديمقراطية والمواطنة التي تساوي بين جميع العراقيين بصرف النظر عن التنوع والتعدد السياسي والديني والعرقي واللغوي
ان استمرار الغرق في أتون المذهبية والعرقية والمناطقية،وهيمنة فئة على فئات أخرى،أمر سيقود العراق إلى مرحلة أخرى من التقاتل، لن يكون أحد رابحا فيها، يل ستكون مرحلة ما بعد الانسحاب أشد وطأة من المراحل التي سبقت،الأمر الذي يعزز ضرورة التوحد في الوجهة والاتجاه بين مختلف مكونات بلاد الرافدين التي صدّرت الحضارات والثقافات إلى مختلف أصقاع العالم.