هل هي حكومة حرب إسرائيلية؟
د.خليل حسين
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
نامت إسرائيل على انتخابات استباقية برلمانية،واستيقظت على زواج متعة سياسي بين طرفين من الصعب توصيفهما إلا بلغة الحروب الاستباقية.فبعد سلسلة من الانقسامات السياسية الحادة في المجتمع السياسي الاسرائيلي، تم ما يشبه الصفقة التي وصفت بـ "النتنة" بين بنيامين نتنياهو وشاؤول موفاز على حكومة وصلت تغطيتها السياسية البرلمانية إلى حدود الـ 80% وهي تعد من السوابق اللافتة في الائتلافات الحكومية في تاريخ إسرائيل السياسي. فما هي برامجها المعلنة وغير المعلنة؟ وهل سينام المستهدفون من برامجها على حرير برامجها المعلنة ويستيقظون على نياتها المضمرة؟
طبعا ليس من السهل الركون إلى طبيعة الحكومات الإسرائيلية لجهة النوع أو الكيف لتوصيف ما يمكن ان تقوم به داخليا أو خارجيا،لكنه يبقى مفتاحا لاستشراف بعض ما يمكن ان تتصرف به بالاستناد إلى ظروف سابقة،رغم بعض المتغيرات الناظمة لكثير من السلوك السياسي والعسكري الإسرائيلي حاليا.
في المبدأ عندما نتحدث عن حكومة إسرائيلية بهذا النوع والحجم السياسي الذي تشغله،فهذا يعني ان ثمة إمكانية لاتخاذ قرارات تعد مصيرية في القاموس السياسي الإسرائيلي،وبخاصة في القضايا الخارجية التي تشكل تحديا كيانيا.علاوة على الخطوات التي تعتبرها أولوية في الوضع الداخلي.
وان كانت بعض التصريحات المعلنة قد أوحت بالاهتمام الداخلي من قبيل المسائل التي تشغل بعض الشرائح في المجتمع الإسرائيلي لجهة أعباء الخدمة العسكرية بحيث تشمل المتدينين اليهود، والمصادقة على موازنة عامة توازن بين مختلف الاحتياجات، وتغيير طريقة نظام الحكم ومحاولة دفع مسيرة السلام المسؤول مع الفلسطينيين ،إلا ان ثمة قضايا غير معلنة تشغل العقل الباطني للحكومة الإسرائيلية ومن بينها البرنامج النووي الإيراني،وفي أحسن الأحوال موضوع المفاوضات مع الفلسطينيين، إضافة إلى الجبهة الشمالية المتمثلة بلبنان وسوريا، وانتهاءً بالملف المصري الذي يمكن ان يشكل باباً جديدا للمتاعب الإسرائيلية مستقبلا.
فعلى الرغم من المصلحة المشتركة بين نتنياهو وموفاز في الشأن الداخلي لجهة تخلص الأول من ضغوط ليبرمان في حكومته الحالية، واطمئنان الثاني لوضعه السياسي في ظل ترجيحات سقوطه في انتخابات مبكرة؛ فان الهم الخارجي المشترك يطغى على ما عداه من أمور. فقد بذل نتينياهو جهدا مضاعفا في الفترة السابقة لإقناع الإدارة الأمريكية بجدوى الحل العسكري لبرنامج إيران النووي، وتأتي حكومة الوحدة الوطنية لتشكل الذراع السياسية القوية لتنفيذ طموحاته في ظل ظهوره أمام الإدارة الأمريكية بالرجل القوي الذي يحظى بتغطية سياسية غير مسبوقة في حياة الحكومات الإسرائيلية السابقة.وفي هذا الإطار أيضا يمكن ان يستخدم هذا الائتلاف المفاجئ كورقة ضغط إضافية بوجه الرئيس الأمريكي باراك اوباما في ظل سعيه للفوز بولاية رئاسية ثانية،سيما ان إسرائيل أجادت سابقا استثمار مثل تلك الأوراق وبفعالية عالية في انتخابات رئاسية أميركية كثيرة سابقة.
وفي المقلب الفلسطيني الآخر،صحيح ان ثمة تصريحات إسرائيلية باتجاه إحياء المفاوضات مع الفلسطينيين، لكن ثمة إشارات قوية بان شيئا ما يحضر لقطاع غزة،فهل ستُهيئ لإسرائيل أفضل من هذه الفرصة لتوجيه ضربة ما في الوقت السياسي الضائع في المنطقة؟
الأمر نفسه ينطبق على الجبهتين الشمالية والجنوبية في مواجهة المقاومة اللبنانية، والوضع غير المستقر في مصر وما ينذر بتقويض معاهدة السلام وربما انهيارها في لحظة ما.كل تلك الظروف المحيطة بإسرائيل تعزز الشكوك بنوايا الائتلاف الحكومي الإسرائيلي،سيما وان كثيرا ما لجأت إسرائيل إلى تشكيل مثل تلك الحكومات بهدف الهروب من مشاكلها واستحقاقاتها الداخلية الى حروب خارجية غاليا ما أمنت لها نتائج هامة.
وعلى الرغم من وجود تلك المعطيات التي تبرر مثل تلك الفرضيات التصعيدية،كذلك ثمة معطيات أخرى تبعد تلك الفرضيات وهي أيضا لا يستهان بها.لكن المشكلة ان تلك الظروف من الصعب ان تتجاوزها تل ابيب او تغض النظر عنها من دون أجندات هي تتحكم بتوقيتها وأساليب التعامل معها.
ثمة ما يشبه القاعدة الذهبية في إسرائيل، مفادها انه عندما تتشكل لجنة ما يعني ان ثمة أزمة كبيرة،وعندما تشكل حكومات وحدة وطنية يعني ان ثمة مؤشرات حرب تتطلب قرارا يغطيه إجماعا سياسيا وهذا ما حاول كل من نتنياهو وموفاز القيام به عبر حكومة وحدة وطنية تعيد لها الثقة بالنفس بعدما فقدتها في حربين متتاليتين مع لينان في العام 2006،وفي غزة عام 2009.
د.خليل حسين
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
نامت إسرائيل على انتخابات استباقية برلمانية،واستيقظت على زواج متعة سياسي بين طرفين من الصعب توصيفهما إلا بلغة الحروب الاستباقية.فبعد سلسلة من الانقسامات السياسية الحادة في المجتمع السياسي الاسرائيلي، تم ما يشبه الصفقة التي وصفت بـ "النتنة" بين بنيامين نتنياهو وشاؤول موفاز على حكومة وصلت تغطيتها السياسية البرلمانية إلى حدود الـ 80% وهي تعد من السوابق اللافتة في الائتلافات الحكومية في تاريخ إسرائيل السياسي. فما هي برامجها المعلنة وغير المعلنة؟ وهل سينام المستهدفون من برامجها على حرير برامجها المعلنة ويستيقظون على نياتها المضمرة؟
طبعا ليس من السهل الركون إلى طبيعة الحكومات الإسرائيلية لجهة النوع أو الكيف لتوصيف ما يمكن ان تقوم به داخليا أو خارجيا،لكنه يبقى مفتاحا لاستشراف بعض ما يمكن ان تتصرف به بالاستناد إلى ظروف سابقة،رغم بعض المتغيرات الناظمة لكثير من السلوك السياسي والعسكري الإسرائيلي حاليا.
في المبدأ عندما نتحدث عن حكومة إسرائيلية بهذا النوع والحجم السياسي الذي تشغله،فهذا يعني ان ثمة إمكانية لاتخاذ قرارات تعد مصيرية في القاموس السياسي الإسرائيلي،وبخاصة في القضايا الخارجية التي تشكل تحديا كيانيا.علاوة على الخطوات التي تعتبرها أولوية في الوضع الداخلي.
وان كانت بعض التصريحات المعلنة قد أوحت بالاهتمام الداخلي من قبيل المسائل التي تشغل بعض الشرائح في المجتمع الإسرائيلي لجهة أعباء الخدمة العسكرية بحيث تشمل المتدينين اليهود، والمصادقة على موازنة عامة توازن بين مختلف الاحتياجات، وتغيير طريقة نظام الحكم ومحاولة دفع مسيرة السلام المسؤول مع الفلسطينيين ،إلا ان ثمة قضايا غير معلنة تشغل العقل الباطني للحكومة الإسرائيلية ومن بينها البرنامج النووي الإيراني،وفي أحسن الأحوال موضوع المفاوضات مع الفلسطينيين، إضافة إلى الجبهة الشمالية المتمثلة بلبنان وسوريا، وانتهاءً بالملف المصري الذي يمكن ان يشكل باباً جديدا للمتاعب الإسرائيلية مستقبلا.
فعلى الرغم من المصلحة المشتركة بين نتنياهو وموفاز في الشأن الداخلي لجهة تخلص الأول من ضغوط ليبرمان في حكومته الحالية، واطمئنان الثاني لوضعه السياسي في ظل ترجيحات سقوطه في انتخابات مبكرة؛ فان الهم الخارجي المشترك يطغى على ما عداه من أمور. فقد بذل نتينياهو جهدا مضاعفا في الفترة السابقة لإقناع الإدارة الأمريكية بجدوى الحل العسكري لبرنامج إيران النووي، وتأتي حكومة الوحدة الوطنية لتشكل الذراع السياسية القوية لتنفيذ طموحاته في ظل ظهوره أمام الإدارة الأمريكية بالرجل القوي الذي يحظى بتغطية سياسية غير مسبوقة في حياة الحكومات الإسرائيلية السابقة.وفي هذا الإطار أيضا يمكن ان يستخدم هذا الائتلاف المفاجئ كورقة ضغط إضافية بوجه الرئيس الأمريكي باراك اوباما في ظل سعيه للفوز بولاية رئاسية ثانية،سيما ان إسرائيل أجادت سابقا استثمار مثل تلك الأوراق وبفعالية عالية في انتخابات رئاسية أميركية كثيرة سابقة.
وفي المقلب الفلسطيني الآخر،صحيح ان ثمة تصريحات إسرائيلية باتجاه إحياء المفاوضات مع الفلسطينيين، لكن ثمة إشارات قوية بان شيئا ما يحضر لقطاع غزة،فهل ستُهيئ لإسرائيل أفضل من هذه الفرصة لتوجيه ضربة ما في الوقت السياسي الضائع في المنطقة؟
الأمر نفسه ينطبق على الجبهتين الشمالية والجنوبية في مواجهة المقاومة اللبنانية، والوضع غير المستقر في مصر وما ينذر بتقويض معاهدة السلام وربما انهيارها في لحظة ما.كل تلك الظروف المحيطة بإسرائيل تعزز الشكوك بنوايا الائتلاف الحكومي الإسرائيلي،سيما وان كثيرا ما لجأت إسرائيل إلى تشكيل مثل تلك الحكومات بهدف الهروب من مشاكلها واستحقاقاتها الداخلية الى حروب خارجية غاليا ما أمنت لها نتائج هامة.
وعلى الرغم من وجود تلك المعطيات التي تبرر مثل تلك الفرضيات التصعيدية،كذلك ثمة معطيات أخرى تبعد تلك الفرضيات وهي أيضا لا يستهان بها.لكن المشكلة ان تلك الظروف من الصعب ان تتجاوزها تل ابيب او تغض النظر عنها من دون أجندات هي تتحكم بتوقيتها وأساليب التعامل معها.
ثمة ما يشبه القاعدة الذهبية في إسرائيل، مفادها انه عندما تتشكل لجنة ما يعني ان ثمة أزمة كبيرة،وعندما تشكل حكومات وحدة وطنية يعني ان ثمة مؤشرات حرب تتطلب قرارا يغطيه إجماعا سياسيا وهذا ما حاول كل من نتنياهو وموفاز القيام به عبر حكومة وحدة وطنية تعيد لها الثقة بالنفس بعدما فقدتها في حربين متتاليتين مع لينان في العام 2006،وفي غزة عام 2009.