الخيارات الروسية في الأزمة الأوكرانية
نشرت في صحيفة الخليج الاماراتية بتاريخ 31/05/2014
عندما اندلعت الأزمة الأوكرانية تنبأ كثيرون بأن روسيا ستكرر ما فعلته في أزمة أوسيتيا الجورجية في عام ،2008 وتحسم الأزمة عسكرياً . إلا أن واقع الأمر مختلف تماماً حالياً للعديد من الاعتبارات المتعلقة بظروف ووقائع الأزمة كما أدواتها ووسائلها .
بداية اعتمدت موسكو الخيارات القانونية الدولية عبر الاستفتاء، ورغم حسمها للملف قانوناً، إلا أن الغرب لم يعترف به، فتمادت الأزمة عسكرياً، ورغم الانخراط الروسي غير المباشر به حتى الآن، إلا أنها لا تزال تبحث عن وسائل وأدوات أخرى لئلا تكرر تجربة أفغانستان إبان الحقبة السوفييتية، مخافة أن يصبح التدخل العسكري المباشر وسيلة استنزاف تقوّض قدراتها وتقضي على هيبتها الصاعدة .
صحيح أن الغرب استعمل سيف العقوبات الاقتصادية لثنيها، إلا أنها تملك من قدرات المواجهة والاستيعاب لفترات ليست طويلة، فالاقتصاد الروسي انكمش بنسبة 5 .0 % في الربع الاول من هذا العام وهو بالتأكيد سيتزايد بوتيرة متسارعة، ما يعني التفكير بخيارات روسية أخرى ويبدو أنها متجهة إلى سياسة إدارة الأزمة من دون التورط الكبير للحسم السريع وهو غير متوفر في الأصل، وإنما إطالة عمر الأزمة كوجه من وجوه لعبة عض الأصابع .
صحيح أن موسكو تملك خيارات أخرى، أبرزها ورقة الغاز المصدر إلى أوروبا، لكنه خيار استراتيجي لن تستعمله موسكو باعتباره سرعان ما سيستهلك ولن تستفيد منه طويلاً . فبعض دول أوروبا تستورد طاقتها بمعدل 100% كاستونيا ولاتفيا وسلوفاكيا، فيما لا يصل المعدل إلى 15% لفرنسا و18% لألمانيا . علاوة إلى أن البدائل الاوروبية للطاقة متوفرة من مصادر أخرى وإن كانت أكثر كلفة . لذلك لن تجرؤ موسكو على استعمال ورقة الغاز تحديداً في هذه الفترة .
أما الخيار الآخر، وهو الانخراط العسكري المباشر، فإن حصل سيكون له عواقب وخيمة، إضافة إلى عدم قدرتها في المبدأ الدخول في مواجهات مفتوحة غير محسوبة النتائج نظراً لعدم القدرة على المنافسة العسكرية مع الغرب . فصحيح أن روسيا وأوكرانيا والأطلسي يمتلك كل منهم كماً هائلاً من الأسلحة غير التقليدية، إلا انهم جميعاً أيضاً يعتبرونه سلاحاً خارج المعركة فعلياً . أما لجهة التسلح والتطوير فلا تزال موسكو متخلفة بنسب عالية . فنصيب الموازنة العسكرية الروسية لا تتعدى 12% من مثيلتها الامريكية و8% عن الأطلسية، إضافة إلى أن الجيش الروسي لا يزال في عقلية الثمانينات لجهة التسلح وأنواعه، فيما الولايات المتحدة لا زالت متفوقة بعشرات الأضعاف .وبذلك أن الانخراط العسكري المفتوح في أوكرانيا خيار غير واقعي من وجهة النظر الروسية .
يبدو أن موسكو اليوم استفادت كثيراً من التجارب السوفييتية السابقة، فهي وإن تحاول العودة إلى سياسات المنافسة إلا أنها تدرك أكلافها الباهظة، لذلك تعتبر أن من مصلحتها عدم المواجهة المباشرة، والاكتفاء بشراء الوقت مع الغرب من خلال الأزمتين الأوكرانية والسورية . وما يعزز هذا الخيار السلوك الذي اعتمده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اتسم بالتلكؤ في استعمال القوة العسكرية رغم موافقة الدوما عليه، وهذا ما اعتاد على سلوكه بشكل عام أي تردده في استعمال القوة العسكرية للوصول إلى مكاسب سياسية إلا في حالات استثنائية جداً .
يبدو أن موسكو لن تسعى إلى حل سريع للأزمة الأوكرانية، فستحاولُ إطالة أمدِ الأزمةِ بهدف تقليل خسائرها وتجنّب تقديم التنازلات، إضافة إلى استثمارِ الأزمة داخلياً وتحويلها إلى وسيلة للمطالبة بتخصيص موازنات عسكريّة أكبر تسهم في اختزال المراحلِ وتطوير قدرات الجيش الروسي .
من الواضح أنّ الأزمة الأوكرانيّة ستتحول إلى أزمة طويلة، لأن جميع أطرافها تريد ذلك، فالغرب يحاول استنزافَ قدرات روسيا ولجمها، فيما موسكو ستتجنب المواجهة المباشرة بسبب قلة الخيارات وعدم فاعلية بعضها الآخر .
بداية اعتمدت موسكو الخيارات القانونية الدولية عبر الاستفتاء، ورغم حسمها للملف قانوناً، إلا أن الغرب لم يعترف به، فتمادت الأزمة عسكرياً، ورغم الانخراط الروسي غير المباشر به حتى الآن، إلا أنها لا تزال تبحث عن وسائل وأدوات أخرى لئلا تكرر تجربة أفغانستان إبان الحقبة السوفييتية، مخافة أن يصبح التدخل العسكري المباشر وسيلة استنزاف تقوّض قدراتها وتقضي على هيبتها الصاعدة .
صحيح أن الغرب استعمل سيف العقوبات الاقتصادية لثنيها، إلا أنها تملك من قدرات المواجهة والاستيعاب لفترات ليست طويلة، فالاقتصاد الروسي انكمش بنسبة 5 .0 % في الربع الاول من هذا العام وهو بالتأكيد سيتزايد بوتيرة متسارعة، ما يعني التفكير بخيارات روسية أخرى ويبدو أنها متجهة إلى سياسة إدارة الأزمة من دون التورط الكبير للحسم السريع وهو غير متوفر في الأصل، وإنما إطالة عمر الأزمة كوجه من وجوه لعبة عض الأصابع .
صحيح أن موسكو تملك خيارات أخرى، أبرزها ورقة الغاز المصدر إلى أوروبا، لكنه خيار استراتيجي لن تستعمله موسكو باعتباره سرعان ما سيستهلك ولن تستفيد منه طويلاً . فبعض دول أوروبا تستورد طاقتها بمعدل 100% كاستونيا ولاتفيا وسلوفاكيا، فيما لا يصل المعدل إلى 15% لفرنسا و18% لألمانيا . علاوة إلى أن البدائل الاوروبية للطاقة متوفرة من مصادر أخرى وإن كانت أكثر كلفة . لذلك لن تجرؤ موسكو على استعمال ورقة الغاز تحديداً في هذه الفترة .
أما الخيار الآخر، وهو الانخراط العسكري المباشر، فإن حصل سيكون له عواقب وخيمة، إضافة إلى عدم قدرتها في المبدأ الدخول في مواجهات مفتوحة غير محسوبة النتائج نظراً لعدم القدرة على المنافسة العسكرية مع الغرب . فصحيح أن روسيا وأوكرانيا والأطلسي يمتلك كل منهم كماً هائلاً من الأسلحة غير التقليدية، إلا انهم جميعاً أيضاً يعتبرونه سلاحاً خارج المعركة فعلياً . أما لجهة التسلح والتطوير فلا تزال موسكو متخلفة بنسب عالية . فنصيب الموازنة العسكرية الروسية لا تتعدى 12% من مثيلتها الامريكية و8% عن الأطلسية، إضافة إلى أن الجيش الروسي لا يزال في عقلية الثمانينات لجهة التسلح وأنواعه، فيما الولايات المتحدة لا زالت متفوقة بعشرات الأضعاف .وبذلك أن الانخراط العسكري المفتوح في أوكرانيا خيار غير واقعي من وجهة النظر الروسية .
يبدو أن موسكو اليوم استفادت كثيراً من التجارب السوفييتية السابقة، فهي وإن تحاول العودة إلى سياسات المنافسة إلا أنها تدرك أكلافها الباهظة، لذلك تعتبر أن من مصلحتها عدم المواجهة المباشرة، والاكتفاء بشراء الوقت مع الغرب من خلال الأزمتين الأوكرانية والسورية . وما يعزز هذا الخيار السلوك الذي اعتمده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اتسم بالتلكؤ في استعمال القوة العسكرية رغم موافقة الدوما عليه، وهذا ما اعتاد على سلوكه بشكل عام أي تردده في استعمال القوة العسكرية للوصول إلى مكاسب سياسية إلا في حالات استثنائية جداً .
يبدو أن موسكو لن تسعى إلى حل سريع للأزمة الأوكرانية، فستحاولُ إطالة أمدِ الأزمةِ بهدف تقليل خسائرها وتجنّب تقديم التنازلات، إضافة إلى استثمارِ الأزمة داخلياً وتحويلها إلى وسيلة للمطالبة بتخصيص موازنات عسكريّة أكبر تسهم في اختزال المراحلِ وتطوير قدرات الجيش الروسي .
من الواضح أنّ الأزمة الأوكرانيّة ستتحول إلى أزمة طويلة، لأن جميع أطرافها تريد ذلك، فالغرب يحاول استنزافَ قدرات روسيا ولجمها، فيما موسكو ستتجنب المواجهة المباشرة بسبب قلة الخيارات وعدم فاعلية بعضها الآخر .