لبنان والتجارب الفاشلة
نشرت في صحيفة الخليج الاماراتية بتاريخ 07/06/2014
ربما يعد لبنان نموذجاً فريداً في كل ما يخطر أو لا يخطر على البال . فهو الدولة الوحيدة في العالم الذي فشل ممثلو الشعب في انتخاب رئيس للجمهورية لثلاث مرات في الأعوام 1988 بعد نهاية ولاية الرئيس أمين الجميل، فآل الحكم إلى حكومة عسكرية أدت إلى حرب داخلية طاحنة، تكرر المشهد في العام 2007 بعد نهاية ولاية الرئيس إميل لحود الممددة أصلاً، فاستمرت حكومة وصغت بغير الميثاقية بعدما استقال بعض مكوناتها السياسية، ومؤخراً بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان . وإذا كان الأمر يبدو واضحاً في فراغات السلطة التنفيذية، فإن المجلس النيابي ليس بأحسن حال . فلبنان أيضاً له تجربة مريرة في إعادة تكوين السلطة التشريعية، فمثلاً مدد المجلس النيابي لنفسه من العام 1976 حتى العام ،1991 أي بعد اتفاق الطائف، ثم عاد وعين أعضاء فيه من دون انتخاب حتى العام 1992 والتي شهدت فيها انتخابات قاطعها نصف اللبنانيين . ثم عاد مجلس النواب ومدد لنفسه في العام 2013 تنتهي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل . باختصار رغم ما يشاع عن بلد الحرية والديمقراطية، فلبنان خلال أربعة عقود ونيف لم يتمكن من إعادة تكوين سلطاته الدستورية وتداول السلطة وفق معايير واضحة أو على الأقل غير ملتبسة .
ولبنان تكاد الدولة الوحيدة في العالم الذي لا موازنة له على الأقل في السنوات العشر الأخيرة، كما ينفرد أيضاً بحجم الديون الخارجية التي يفوق معدلها ال 120 في المئة من الناتج الصافي القومي، وهو رقم مخيف يؤدي بالدول إلى الانهيار المالي والاقتصادي، فكيف يستمر إلى الآن؟ ولبنان أيضاً يأتي في أواخر الدول لجهة الشفافية والمحاسبة العامة ولا يسبق حتى الدول الإفريقية التي تصنف متخلفة في هذا المجال .
ولبنان أيضاً من بين الدول القليلة جداً، إن لم نقل الوحيد في العالم الذي لم يصحح رواتب وأجور موظفيه منذ 17 عاماً، وبالتأكيد الأول الذي تستمر إداراته العامة بشغور يبلغ أكثر من النصف، فضلاً عن أرقام البطالة الحقيقية والمقنعة التي تصل إلى حدود ال 40 في المئة . ولبنان الوحيد أيضاً في العالم الذي يستضيف على أرضه من دول مجاورة ما يوازي ثلث تعداد سكانه، كما هو الدولة الوحيدة في العالم الذي يبلغ تعداد مهاجريه أكثر من ثلاثة أضعاف عدد مواطنيه المقيمين في لبنان .
ولبنان من بين الدول القليلة أيضاً التي تنازلت عن أحد مكونات سيادتها عبر إخضاع بعض مواطنيها لقضاء ومحاكم غير لبنانية، كما حدث مؤخراً لوسائل إعلامية . كما يعد من بين الدول القليلة جدا التي لا تنعم السلطات القضائية فيه باستقلالية مفترضة .
لبنان اليوم نموذج مثالي للدولة الفاشلة، التي لم تتمكن من تقديم الحد الأدنى لمواصفات الدولة والمؤسسات والشعب، ويكاد يكون أيضاً من بين الدول النادرة التي لا تملك خططاً لسياسات عامة داخلية وخارجية، فهو غالباً ما ينخرط بصراعات إقليمية ودولية تبقيه ضمن الدول الهامشية، حتى غير القادرة على تصريف بعض أمور الدولة التي تعتبر بديهية . فتاريخه السياسي الحديث والمعاصر لم يكن يوماً بمعزل عن التأثيرات الخارجية حتى في أبسط قراراته ومواقفه .
اليوم لبنان ينتظر انتخابات رئاسية لا أفق لها، ويعيش شغوراً رئاسياً مرتبطاً إلى حد كبير بتفاهمات إقليمية ودولية، كما أنه مرتبط بتفاهمات حول الانتخابات التشريعية إذا حدثت مستقبلاً . باختصار إن إعادة تكوين السلطة وتداولها أمر مرهون بوسائل وأدوات وفواعل ليس للبنانيين قدرة في تقريرها أو التأثير فيها . باختصار بلد وشعب متروك لقدره . فراغ رئاسي، وشلل حكومي وتشريعي، إضرابات تشل ما تبقى من مرافق ومؤسسات تحت عناوين مطلبية شتى يتلاعب فيها أهل السلطة والمال . فهل ينقصنا نحن اللبنانيين والوضع كذلك، ألا نكون "دولة" نموذجية فاشلة؟
ولبنان تكاد الدولة الوحيدة في العالم الذي لا موازنة له على الأقل في السنوات العشر الأخيرة، كما ينفرد أيضاً بحجم الديون الخارجية التي يفوق معدلها ال 120 في المئة من الناتج الصافي القومي، وهو رقم مخيف يؤدي بالدول إلى الانهيار المالي والاقتصادي، فكيف يستمر إلى الآن؟ ولبنان أيضاً يأتي في أواخر الدول لجهة الشفافية والمحاسبة العامة ولا يسبق حتى الدول الإفريقية التي تصنف متخلفة في هذا المجال .
ولبنان أيضاً من بين الدول القليلة جداً، إن لم نقل الوحيد في العالم الذي لم يصحح رواتب وأجور موظفيه منذ 17 عاماً، وبالتأكيد الأول الذي تستمر إداراته العامة بشغور يبلغ أكثر من النصف، فضلاً عن أرقام البطالة الحقيقية والمقنعة التي تصل إلى حدود ال 40 في المئة . ولبنان الوحيد أيضاً في العالم الذي يستضيف على أرضه من دول مجاورة ما يوازي ثلث تعداد سكانه، كما هو الدولة الوحيدة في العالم الذي يبلغ تعداد مهاجريه أكثر من ثلاثة أضعاف عدد مواطنيه المقيمين في لبنان .
ولبنان من بين الدول القليلة أيضاً التي تنازلت عن أحد مكونات سيادتها عبر إخضاع بعض مواطنيها لقضاء ومحاكم غير لبنانية، كما حدث مؤخراً لوسائل إعلامية . كما يعد من بين الدول القليلة جدا التي لا تنعم السلطات القضائية فيه باستقلالية مفترضة .
لبنان اليوم نموذج مثالي للدولة الفاشلة، التي لم تتمكن من تقديم الحد الأدنى لمواصفات الدولة والمؤسسات والشعب، ويكاد يكون أيضاً من بين الدول النادرة التي لا تملك خططاً لسياسات عامة داخلية وخارجية، فهو غالباً ما ينخرط بصراعات إقليمية ودولية تبقيه ضمن الدول الهامشية، حتى غير القادرة على تصريف بعض أمور الدولة التي تعتبر بديهية . فتاريخه السياسي الحديث والمعاصر لم يكن يوماً بمعزل عن التأثيرات الخارجية حتى في أبسط قراراته ومواقفه .
اليوم لبنان ينتظر انتخابات رئاسية لا أفق لها، ويعيش شغوراً رئاسياً مرتبطاً إلى حد كبير بتفاهمات إقليمية ودولية، كما أنه مرتبط بتفاهمات حول الانتخابات التشريعية إذا حدثت مستقبلاً . باختصار إن إعادة تكوين السلطة وتداولها أمر مرهون بوسائل وأدوات وفواعل ليس للبنانيين قدرة في تقريرها أو التأثير فيها . باختصار بلد وشعب متروك لقدره . فراغ رئاسي، وشلل حكومي وتشريعي، إضرابات تشل ما تبقى من مرافق ومؤسسات تحت عناوين مطلبية شتى يتلاعب فيها أهل السلطة والمال . فهل ينقصنا نحن اللبنانيين والوضع كذلك، ألا نكون "دولة" نموذجية فاشلة؟