لأسم : سفيان علي
عنوان الرسالة : التعسّف في استعمال حق النقض في مجلس الأمن الدولي
الدرجه العلمية : الماجستير في الحقوق
تاريخ المناقشة 2422012
اللجنة :الدكتور خليل حسين مشرفا،الدكتور محمد المجذوب مشرفا جورج عرموني والدكتور وليد عبد الرحيم عضوين
الدرجة جيد جدا
يعتبر التصويت في مجلس الأمن من أدق المشاكل التي واجهتها "الأمم المتحدة" ، وبقيت هذه المسألة معلّقة إلى أن عقد مؤتمر يالطا في شباط (فبراير) 1945، حيث تقدّم الرئيس الأميركي روزفلت باقتراح حول هذه المسألة. وهذا الإقتراح هو الذي صيغ في المادّة (27) من الميثاق الأممي والتي تنص على: "1- يكون لكل عضو من أعضاء مجلس الأمن صوت واحد. 2- تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الإجرائية بموافقة سبعة (تسعة بعد التعديل) من أعضائه. 3- تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الأخرى بموافقة سبعة (تسعة) من أعضائه يكون من بينها أصوات الدائمين متفقة...". ولكن عندما عرضت أحكام التصويت على اللجنة المختصة في مؤتمر سان فرنسيسكو احتدم الخلاف في شأنها وهوجمت امتيازات الدول العظمى بالصيغة التي أقرّتها في مؤتمر يالطا، إلاّ أن الدول الكبرى تمسّكت بهذه الإمتيازات ولم تأبه باعتراضات الدول الصغرى.
أن ميزة حق النقض أو (الفيتو) لم ترد صراحة وبالنص في الميثاق، ولكن حق النقض جاء مغلفاً بكلمة "متفقة". فتلك الكلمة جاءت ضمن صيغة ناعمة وغير استفزازية ولا تدعو للتفكير بما تحمله من شرط كبير جداً من شأنه التأثير في حركة سير ونجاح أو فشل المنظمة العالمية. ولا شك أن الإخلال أو التعسّف بهذه الميزة يهدّد حياة هذه المنظمة، إذ أن حق النقض يجعل من صدور أي قرار لمجلس الأمن، في المسائل غير الإجرائية، رهناً بموافقة جميع الأعضاء الدائمين في المجلس ومن عدم صدوره رهناً بمعارضة دولة واحدة. فمشروع القرار الذي يحصل على تسعة أصوات أو حتى على أربعة عشر صوتاً في المجلس ولم يحظ بموافقة دولة واحدة دائمة وتصوت عليه بـ (لا) لا يمكن أن يصدر. ولذلك كانت هذه الميزة من أخطر المميّزات التي حصلت عليها الدول الدائمة وناضلت من أجله.
أن حق النقض الممنوح للدول الخمس الكبار لم يكن أداة لدكتاتورية الدول الكبرى على الدول الصغرى، في البداية، بقدر ما كان عنصراً من العناصر التي أُدخلت على علاقات الدول الكبرى فيما بينها. ومن ثم فإن هذا الحق بدلاً من أن يكون أداة لتيسير العالم على يد العمالقة، أصبح أداة تسببت في عجز الزملاء الأقوياء عن العمل بتاتاً، سواءً للسيطرة على العالم أو لإنقاذه. ولقد كان هذا هو لب المعارضة في حق النقض في مؤتمر سان فرنسيسكو. وكانت هذه النقطة الرئيسية هي الأساس الذي بنى عليه المعارضون حجّتهم، والتي جابهوا بها الكبار في المؤتمر، حيث قامت الحجّة على أساس أن هذا الحق سيعرقل العمل الجماعي الفعّال تحت قيادة الخمسة الكبار، وسيبدد الأمل في إمكان اعتماد الأمم المتحدة على الدول الكبرى لكي تقوم بعمل جماعي إذا تطلب الموقف منها ذلك.
لقد قبلت الدول الصغرى في سان فرنسيسكو تفوّق الأقوياء كحقيقة من حقائق الحياة، على أمل أن تلتزم هذه الدول بالتعهّدات التي كانت قد قطعتها في هذا المؤتمر، وخصوصاً عدم استعمالهم لحق النقض إلاّ في أضيق حدوده. وعلى أمل منهم أيضاً أن هذا الحق سوف لن يكون أداة تعرقل صدور قرارات من مجلس الأمن، أو تعرقل العمل الجماعي الإيجابي ضد أيّ دولة تتجاوز حدود الميثاق وتنتهك القانون الدولي العام وتتسبب في تهديد السلام والأمن الدوليين. وعلى أمل أن هذا الحق سيكون كفيلاً بالحؤول دون اللجوء إلى استخدام القوة والإعتداء تجاه الدول الضعيفة للسيطرة عليها واحتلالها ونهب ثرواتها.
من هنا تأتي أهمية البحث في الموضوع، كون مجلس الأمن أصبح هو الجهاز التنفيذي للمنظمة الدولية وهو المختص في تحديد الحالات التي تهدّد السلام والأمن الدوليين واتخاذ بشأنها القرارات والتدابير اللازمة، وهو المختص الأول في حفظ السلم والأمن الدوليين وتحقيقهما. خصوصاً أن هذه السلطات الواسعة لهذا الجهاز، وما يتمتع به من مميّزات من حيث العضوية الدائمة وحق النقض لبعض أعضائه، ليس عليها أي رقابة سواءً من محكمة العدل الدولية أو من الجمعية العامة أو الأمين العام. فهو سيد قراره ولا سلطان عليه عند ممارسته لاختصاصاته المنوطة به. لذلك كان هناك حق للدول الصغرى عندما تتخوف من الدول الدائمة، التي تتمثل في هذا الجهاز المهم، من أن تسيطر عليها رغباتها وأهوائها وتقوم بمحاباة مصالحها ومصالح حلفائها الخاصة على مصالح مجموع أعضاء المنظمة العالمية، وعلى حساب المبادئ والأهداف التي تنادى بها، بما تملكه هذه الدول الكبرى من مميّزات. وبالتالي تتسبّب في عجز هذا الجهاز من أن يقوم بواجباته الرئيسية، ممّا يؤدّي إلى فشل هذه المنظمة الجديدة ويكون مصيرها مصير سابقتها عصبة الأمم.
أن مجموع هذه المخاوف التي ساورت الدول الصغرى، وحتى بعض الدول الكبرى، كانت طرحت أسئلة مهمّة: هل أن مجلس الأمن استطاع أن يستخدم هذه السلطات بالطريقة التي تحقق أهداف ومقاصد المنظمة الدولية، وخاصة حفظ السلم والأمن الدوليين ومنع كل ما من شأنه تهديدهما أو الإخلال بهما، أم أنه على العكس من ذلك كان يتصرف بطريقة أدّت إلى تفعيل "قانون القوّة لا قوّة القانون" وما يؤدّي إليه هذا القانون من إخلال وهدم لكل أهداف ومقاصد المنظمة الدولية؟
لقد حاول الطالب الإجابة على الفرضيات التالية،
1- أن تشكيل المجلس لما عليه اليوم لا يحقّق التمثيل العادل لجميع المناطق في العالم.
2- لم تعد هناك أي مبرّرات لاحتفاظ مجموعة من الدول، دون غيرها، بحق العضوية الدائمة وحق النقض في مجلس الأمن. وذلك لتغير موازين القوى في العالم وكذلك لتغيير الظروف التي أدّت إلى ذلك، سواءً كانت هذه الظروف اقتصادية أو عسكرية.
3- أن استخدام حق النقض في مجلس الأمن قد أُسيء استخدامه، ولم يكن يستخدم بحسن نيّة وبصورة طبيعية، وإنما تمَّ استخدامه بإفراط وتعسّف ووفقاً لمصالح بعض الدول وحلفائها، وخصوصاً من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
4- أن حق النقض قد تغير معناه ومضمونه الحقيقي بسبب تصرّفات الولايات المتحدة. وأصبح هذا الحق امتيازاً واحتكاراً لها إلى إشعار آخر.
5- أن المنظمة الدولية، بما فيها مجلس الأمن، بات عاجزاً عن حلّ المشكلات الدولية الصعبة بسبب إساءة استخدام حق النقض وهيمنة الولايات المتحدة عليها.
6- أن الدول دائمة العضوية في المجلس هي نفسها تتجاوز قرارات المجلس لأهداف وأجندات خاصة، وكذلك عجز المجلس من اتخاذ أي إجراء ضد الدول التي لا تتلزم بقراراته.
تفسير وتحليل ظاهرة تمتد جذورها إلى الماضي، وكيف أثر استخدام حق النقض في أداء الأمم المتحدة في ممارستها لوظائفها. كما اعتمد المنهج التحليلي النقدي، فمن خلاله يمكن تحليل نصوص الميثاق ومواده وكذلك تحليل قرارات مجلس الأمن، للوقوف على المعاني والأبعاد الحقيقية التي أرادتها الدول الكبرى، وبالتالي يوفر إمكانية انتقادها بطريقة موضوعية وكشف الممارسات الفعلية والحقيقية للولايات المتحدة في طريقة الحصول على قرارات من مجلس الأمن. كما تمَّ اعتماد المنهج الموضوعي التوضيحي والذي من خلاله تم توضيح تكوين مجلس الأمن واختصاصه وأسلوب عمله.
أما خطّة البحث فتتكون من مقدّمة وفصلين، تضمنها أربعة مباحث، وتضمن كل مبحث مطلبين، ثم الخاتمة .
الفصل الأول: حق النقض في مجلس الأمن
المبحث الأول: تكوين المجلس وطريقة التصويت فيه
المطلب الأول: تأليف المجلس واختصاصاته
المطلب الثاني: أسلوب عمل المجلس
المبحث الثاني: التعسّف في استعمال حق النقض
المطلب الأول: تكريس هذا الحق لدولة واحدة والإفراط في استعماله
المطلب الثاني: المطالبة بتغيير تشكيل مجلس الأمن وطريقة التصويت
الفصل الثاني: نتائج التعسّف في استعمال حق النقض
المبحث الأول: تجريد النظام الدولي من المقوّمات التي قام عليها
المطلب الأول: عجز النظام الدولي عن حلّ المشكلات الدولية الصعبة
المطلب الثاني: تجاوز قرارات مجلس الأمن وعدم الإلتزام بقراراته
المبحث الثاني: استخدام القوة العسكرية خارج إطار الشرعية الدولية
المطلب الأول: الوسال المتبعة للهيمنة على قرارات مجلس الأمن
المطلب الثاني: العدوان على العراق مثل صارخ على عجز مجلس الأمن
أما الخاتمة فشملت على أهم الإستناجات التي توصّل إليها البحث في هذا الموضوع، بالإضافة إلى مقترحات لتحسين أداء مجلس الأمن والحفاظ على الأمن والسلام في العالم.
ناقش الطالب رسالته بتاريخ 24/2/2012 ،أمام اللجنة المكونة من الدكاترة محمد المجذوب وخليل حسين وجورج عرموني ووليد عبد الرحيم،حيث قبلت الرسالة ومنحت صاحبها درجة الماجستير في الحقوق/ قانون عام ،بدرجة جيد جدا.
بيروت: 27/2/2012 أ.د.خليل حسين