اسم الشاعر :عماد قاروط
اسم الديوان: ديوان إرحل
بيروت : 2013
قدم له الدكتور خليل حسين
"إرحل"، أمنية اختلجت صدور الملايين، واختزلت دهرا من الأمل؛ فبُعث "ابو عزيزي" ، في الأمة التي اخرجت للناس، فكان تلظيه عبقا لثورة اعتملت ارادة شعوب رزحت عقودا من القهر.
تمددت بقعة الزيت في غير مكان وزمان ، فانهارت انظمة ، وبعضها لا يزال يعاند منطق التاريخ ، وكما في مغربنا العربي، كذلك مشرقه وقبلته، حراك يعدُ بالياسمين، المشتاق لنسيمات الحرية ، تعسعس بين دساكرنا وروابينا.
وشاعرنا الميسي عماداً ، تميّز عن غيره ، فطوَّع الحرف ومعانيه، ومزج احساسه المرهف بأصوات المتألمين، فأبزغ "الصباح الجديد" انشودة تحاكي وتناغي ارادة الشعب في الحياة، واستجابة القدر للشابي ابو القاسم ، وكأن شاعرينا الكبيرين ، يرتلان قرآن الرحمة ويرنمان انجيل السلام ، بردا وسلاما على من تاق ويتوق لنزع أصفاد الكبت والظلام.
وعمادنا الميسي ، المغمّسمة مشاعره ، بالتراب الذي ليس بعده جنوب، اختلج عشقا وولعا بعبق حواكير الطفولة ، التي امتشقها ثورة قبل سنين ، فكانت قصائده شجونا ونبوءات تحققت وتشظت صباحاتها الجديدة في التونس الخضراء والكنانة واليمن السعيد.
شاعرنا ، الذي تخاله شاعراً متمسكاً بما سلف من طقوس الشعر وبحوره، تراه ببعض قصائده يسبح بحكايا الناس وشارعها ، فكانت رائعته " حتشوفوا مصر الغيّة" تتراقص وتتمايل مع شيخ المنشدين وإمامهم، فترجعك إلى عصر كأنه اليوم صباح، قوة وعزم،ارادة وحياة، زمن ليس فيه ليل، سوى القمر والشمس للاهثين وراء العزة لهم ساجدين.
"إرحل" ديوان جمع في وريقاته، عنفوان الشباب، وحلم الأجيال ؛ آمال الآباء وآلام الأمهات؛ فرسم صورا سوريالية لواقع تحتار كيف تصفه، فكان شعرا محركا، منشطا لذاكرة جماعية كادت تموت.
وإذا كان الطلب بالرحيل ، صيغة أمر حملت خشونة الرجال والتصميم على التغيير؛ فقد سبق لشاعرنا العظيم، ان ترك من الروح ظلالا ترفرف فوق الأحرف ، لتصنع غريب الهمسات، تلعلع حبا ووجدا وهياما في قلوب المولعين.
ظلال الروح،وهمسات الغريب، ديوانان تلعثمت بهما الأحرف والكلمات، تعيدك إلى الأيام الخوالي حيث رجفة القلب وتلعثم اللسان ورهبة الحبيب، تحثك على التفلت من كل قيد، تحرضك على عشيقك، تدفعك للتمرد والعصيان عليه.
في الدواوين الثلاثة. صورة واحدة تلحظها، انسياب الكلام إلى المسامع ، ورقة التعابير إلى المشاعر، تغرق الروح والجسد في دهاليز العشق وأهازيج الغرام، انه عميد في الأدب ، وعماد في الشعر.
أطيب المنى لشاعرنا الميسي عماد قارووط، الذي فجّر قريحته شعرا وأدبا رفيعين ، بين أهله ومحبيه ورفاقه ومريديه، فاستحق لقب الشاعر الميسي في لبنان والمغترب.
الدكتور خليل حسين