د.خليل حسين النووي الايارني بين التهديد والتمديد / صحيفة الخليج الاماراتية 18-10-2014في وقت تتصاعد فيه التصريحات حول مستقبل مفاوضات إيران النووية مع الدول الست، واحتمال تمديدها لفترات أخرى، تتصاعد وتيرة تأجيج الأزمات وملفاتها في المنطقة . وعلى وقع التفاوض على حافة الهاوية، تظهر بؤر التصعيد الاستثماري في غير منطقة وفي غير ملف، فما هي إمكانية التمديد؟ وما حقيقة التهديدات المتبادلة ولو بالواسطة؟ والى أين تتجه الأمور؟
في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي، وفي خضم الأزمة السورية وتبدد مسلسل جنيف السوري، تم التوصل إلى اتفاق إطار بين طهران ومجموعة الست، سقفه الزمني يوليو/تموز العام ،2014 بهدف التوصل إلى حل نهائي . وفي تلك الفترة تصاعد النزاع الداخلي على السلطة في العراق وتم إبعاد نوري المالكي الذي استبدل بحيدر العبادي، ترافق ذلك مع تمديد جزئي حتى 24 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل . وعلى الرغم من عدم الإفصاح لا تلميحاً ولا تصريحاً عن خطوات نوعية في مسار المفاوضات، تم الإيحاء بأن مسار المفاوضات يتطلب قفزات نوعية يبرر التمهيد لوقت إضافي مستقطع لمتابعة المفاوضات . وفي وقت شهد اليمن تطورات نوعية في مسار أزمته الداخلية ببعدها الإقليمي وسيطرة الحوثيين على مناطق استراتيجية على البحر الأحمر، ما مهّد لبيئة إمكانية تمديد المفاوضات على قاعدة أن الاتفاق الإطاري شهد تفهماً متبادلاً يستوجب أحكاماً غير نهائية في هذه الفترة .
وسط ذلك، كله تمدد تنظيم "داعش" باتجاهات إقليمية موجعة للفواعل الأساسيين، إن كان في العراق أو سوريا، وكذلك التمهيد إلى إدخال لبنان أيضاً في لعبة الشد والجذب الإقليمي، وهو المكان الأكثر حساسية لطهران، وبرز ذلك عبر افتعال معارك عرسال في سلسلة لبنان الشرقية المواجهة للقلمون السوري، إضافة إلى جبهة الجنوب باتجاه مزارع شبعا والعملية التي تبنتها المقاومة ضد "إسرائيل"، الأمر الذي اعتبر محاولة للتأثير في إمكانية تغيير قواعد الاشتباك وإدارة الأزمات في المنطقة من البوابة اللبنانية عبر "إسرائيل" تحديداً، المعني المباشر في تأزيم الملف النووي الإيراني وإيصاله إلى أماكن غير مرغوبة أمريكياً أو أوروبياً .
إن إمكانية إدخال تنظيم "داعش" كحالة استثمارية في الملف النووي الإيراني من البوابة اللبنانية، أمر وارد بنسب عالية، وهي الورقة التي تحرص طهران على عدم اللعب بها في لبنان تحديداً، ويبدو أن الورقة الأصعب التي سترمى في سلة التجاذبات المقبلة هي معركة الشمال اللبناني بدءاً من جرود عرسال مروراً بعكار وصولاً إلى طرابلس، وهي المنطقة التي تتيح ل"داعش" الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط وما يعنيه هذا الوصول من خلط أوراق استراتيجية في المنطقة توازي إن لم يكن أكثر وصول الحوثيين إلى مياه البحر الأحمر .
إن عمليات ربط الجغرافيا السياسية بأزمات المنطقة وملفاتها، باتت واضحة وأمراً مرغوباً فيه من كافة الفواعل الإقليمية، لما لها من تأثير مباشر في اتخاذ قرارات مصيرية، وهذا ما أجادته وتجيده القوى صاحبة المصلحة بذلك .
وإذا كان الكثير من الملفات يحتاج إلى المزيد من الوقت والمزيد من تبادل التهديدات الموجعة، فإن حسم بعضها أو معظمها، أمر يبدو بعيد المنال، لذا فإن تبادل الضغوط وبخاصة في الجغرافيا السياسية للمنطقة أمر بات من مسلمات إدارة أزمات المنطقة، ومنها الملف النووي الإيراني، وعليه فإن إدارة الأزمات بالأزمات هي السمة الأكثر وضوحاً في هذه المرحلة .
لم يعد هناك متسع للوقت قبل استنفاد الوقت المستقطع من عمر التمديد الأول للمفاوضات النووية الإيرانية، الذي سينتهي في الرابع والعشرين من الشهر المقبل، في وقت يتزايد فيه منسوب التهديدات الموجعة للأطراف كافة، فهل ستتمكن أطراف الملف النووي من اجتراح وسائل أخرى لتمديد المفاوضات؟ أم أن الطرف "الإسرائيلي" الأكثر تضرراً بهذا الملف سيعمد إلى إجبار واشنطن على خلط الأوراق مجدداً؟ يبدو أن عملية مزارع شبعا الأخيرة في الأراضي اللبنانية المحتلة رسالة واضحة ل"إسرائيل" في هذا المجال، ويبدو أن القيادتين السياسية والعسكرية "الإسرائيليتين" قد قرأتاها جيداً، ما يعني أن احتمال تمديد المفاوضات بين طهران والدول الست بات أمراً واقعاً ومرغوباً فيه .
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/d36be1c1-6c93-496b-a1b1-e02e1dabcd61#sthash.MTaRpoTr.dpuf