الفصل الحادي عشر
سياسات الإصلاح الضريبي
د.خليل حسين
من كتاب السياسات العامة
دار المنهل اللبناني بيروت 2006
تشكل الضرائب السند الأساس لأي سياسة حكومية، لما تمثل من أداة لتنظيم المسار المالي والاقتصادي في الدولة.فهي تشكل احد أهم مصادر إيرادات الدولة وتتحكم في تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية تختلف باختلاف النظم السياسية للدولة.
وببساطة تُعرّف الضرائب على أنها المساهمة الإلزامية من قبل المواطنين من دون أي مقابل مباشر، إذ يتم فرضها على الأشخاص والمؤسسات والممتلكات بهدف دعم الإنفاق العام، وكما تتعدد أنواع الضرائب بتعدد وظائفها، كإعادة توزيع الدخل وتحقيق الاستقرار الاقتصادي،وتحفيز عمليات الادخار، وإحداث عمليات التنمية وتوجيه الأنماط الاستهلاكية والاقتصادية في الدولة ، إضافة إلى الدور الأساسي في توفير عمليات الإنفاق.
وتسعى الدول بشكل عام عند إصدار التشريعات الضريبية إلى تحقيق غايات محددة مثل تنمية المدخرات لدى الأفراد وتحجيم الاستهلاك غير المنتج ومساعدة القدرة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، كما تحاول تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة عبر تحويل جزء من المداخيل المرتفعة لتلك المداحيل المتواضعة،كما تسعى إلى التقليل من الإنفاق الاستهلاكي كما أسلفنا إلى الإنفاق الاستثماري المنتج وبالتالي التخفيف قدر الامكان من الإنفاق في الأبواب الجارية في الموازنة العامة، كما تعمل على تقديم سياسات الدعم والحوافز والإعفاءات الضريبية بهدف تشجيع الاستثمار.
أما المقصود بالوعاء الضريبي ، فهو من تقع عليه الضريبة أو من يتحملها سواء أكان شخصا طبيعيا كالأفراد، أو اعتباريا كالمؤسسات والشركات التجارية،كما اتجهت التشريعات الحديثة إلى فرض الضرائب على الدخل عن مصدره، كالاقتطاع الضريبي المأخوذ من الموظفين العامين قبل استلام رواتبهم، كما تمّ قرض الضرائب على الأموال المنقولة والموروثة.وقد تعددت أنواع الضرائب على الأوعية الضريبية ومنها:
- الضريبة على الإنفاق والتداول، مثل الضرائب الجمركية وضرائب المبيعات والاستهلاك – القيمة المضافة.
- الضرائب على الدخل والأرباح، مثال الضرائب على الرواتب والأجور، والضرائب على أرباح المؤسسات التجارية.
- الضرائب على الثروات والتركات، كانتقال رؤوس الأموال والتركات الموروثة وانتقالها من شخص إلى آخر.
أولا: أسباب الإصلاح الضريبي
تعاني الدول النامية بشكل عام من مشاكل بنيوية في الإيرادات الضريبية بدءا من ضعف هيكل النظام الضريبي ،وانتهاء بسوء وظائفه ، وتشترك غالبية الدول النامية بمشاكل أبرزها:
1- اختلال الجهد المالي وضعف الجهد الضريبي:
يشكل الضعف في الجهد الضريبي(الحصيلة الضريبية) مظهرا سلبيا لدى معظم الدول النامية ، ويمكن قياس هذا الضعف من خلال مفهوم الطاقة الضريبية، والتي تُعرّف بأنها القدرة الإنتاجية للاقتصاد القومي على أساس الأسعار الجارية مطروحا منها الاستهلاك الأساسي. أو بمعنى آخر الحد الأقصى من الإيرادات التي يمكن تحصيلها دون المسّ بالاعتبارات الاجتماعية لدافعي الضرائب . وتتوقف الحصيلة الضريبية على عدة عوامل مثل مستوى الدخل القومي وتوزيعه، وطبيعة الهيكل الاقتصادي القائم، ودرجة اتساع الهوة بين الشرائح الاجتماعية كما يتوقف على الأهداف الآنية والمستقبلية للسياسات الاقتصادية والمالية للدولة.
ويعيد معظم الباحثين الماليين أسباب ضعف الجهد الضريبي في الدول النامية ومنها الدول العربية إلى العديد من الاعتبارات وأهمها:
- انخفاض مستوى الدخل القومي ونصيب الفرد منه بشكل عام، الأمر الذي يؤدي بالتأكيد إلى انخفاض الواردات الضريبية الممكن تحصيلها،فإيرادات الدولة الضريبية تعتمد بشكل مطرد مع مستوى دخل الفرد من الدخل القومي السنوي. فالبلدان التي يكون متوسط دخل القرد السنوي فيها مرتفعا،عادة ما تكون فيها نسبة الضرائب إلى الدخل القومي أعلى من تلك البلدان التي يكون فيها متوسط دخل الفرد السنوي منخفضا ، ويستثنى من هذه القاعدة معظم الدول الخليجية العربية النفطية
- سيادة النظم الاقتصادية التي تعطي الدور الأكبر للدولة على حساب قوى اقتصاد السوق ، وبخاصة لطرق تخصيص الموارد الاقتصادية.
- عدم مسك دفاتر محاسبية في القطاع الخاص الأمر الذي يصعب معه تقدير نتائج المشروعات.
- كثرة الإعفاءات الضريبية في السياسات الضريبية التي تعتمدها الحكومات، وبخاصة تلك الموجهة إلى تحفيز الاستثمارات الأجنبية أو تنمية قطاع معين كالقطاع الصناعي على سبيل المثال,
- اتساع نطاق القطاعات غير المنظمة حيث يكون جانبا كبيرا من المداخيل غير مشروعا، وبالتالي بعيدا عن الرقابة الأمر الذي يؤدي إلى ضياع الإيرادات الضريبية من هذا القطاع الذي عادة ما يكون كبيرا.
- ضعف الجهاز الإداري المولج بتحصيل الضريبة ، الأمر الذي يؤدي إلى التهرب والتجنب في دفع الضرائب.
- اتساع التبادلات العينية أي عمليات المبادلات التجارية أو غيرها، لا سسما في المناطق الريفية ، الأمر الذي يؤدي إلى عدم معرفة الأموال والأرباح المتداولة وبالتالي نسبة الضرائب المتوجب دفعها.
2- الاختلال في الهيكل الضريبي
يلاحظ في الدول النامية ارتفاع نسبة الضرائب على الإنتاج والاستهلاك والإنفاق والتجارة الخارجية ، ذلك بعكس الدول الصناعية المتقدمة التي تعتمد بشكل أساسي على ضرائب الدخل من العمل أو الربح من الملكية أو فوائد الثروة ورأس المال، وقد توصلت دراسة بهذا الخصوص إلى أن 86 دولة نامية بينها بعض الدول العربية ، أن ضرائب الدخل تصل إلى 30% من مجمل الإيرادات فيما تمثل الضرائب على الإنفاق والاستهلاك 60% من المجموع. كما بيَّنت هذه الدراسة أيضا إلى اعتماد هذه الدول بشكل مكلف على الضرائب المتأتية من التجارة الخارجية،وبخاصة الضرائب المتعلقة بالواردات،وبعود ذلك إلى عدم التنوع في القاعدة الإنتاجية ، على اعتبار انه كلما توسعت القاعدة الإنتاجية واحتلت درجات أعلى في عمليات التنمية الاقتصادية كلما انخفض اعتماد الدولة على ضرائب التجارة الخارجية كما يعود إلى سهولة هذا النوع من الضرائب ،وكذلك إلى ازدياد دور التجارة الخارجية في اقتصاديات الدول العربية وانفتاحها على العالم الخارجي ، فقد بلغت نسبة التعامل مع الخارج بالنسبة إلى السعودية 99% فيما وصلت بالنسبة إلى الكويت إلى 104% .
3 – ضعف الجهاز الإداري
تعاني معظم الدول العربية من ضعف بنيوي في الجهاز الإداري ما يؤدي إلى نقص المعلومات والبيانات الإحصائية،الأمر الذي ينتج عنه المزيد من عمليات التهرب الضريبي ، علاوة على الفساد واستشراء ظاهرة الرشوة، وهي مسائل تؤدي في مجملها إلى إعاقة مشاريع الإصلاح الضريبي.
4 – العدالة الضريبية والمعالجة المجتزأة
تنتشر ظاهرة عدم العدالة في النظم الضريبية للدول النامية،حيث تتركز معظم الجبايات الضريبية على أصحاب الدخل المحدود، بل وتتركز في كثير من الأحيان على ضرائب المداخيل الشخصية الصغيرة (غياب العدالة الرأسية)، كما يلاحظ غياب العدالة لجهة مطارح الضريبة ، حيث تظهر الضرائب على الرواتب والأجور بنسب عالية جدا، فيما لا تظهر الضرائب على الأرباح ورؤوس الأموال والمداخيل من المهن الحرة (غياب العدالة الأفقية).
ثانيا : مجالات الإصلاح الضريبي
يعتمد الإصلاح الضريبي على العديد من القضايا التي تتطلب مراجعة دقيقة لكي تكون النتائج على قدر عال من الآمال المعلقة عليها وأهمها:
1- توسيع مروحة المطارح الضريبية
يتم توسيع المطارح الضريبية بشكل عام عبر اتجاهين، الأول يعتمد على إيجاد أدوات جديدة لتشمل أنواعا جديدة على المداخيل والسلع والاستهلاكية ، أو الضرائب البيئية التي تهدف في الأساس الحفاظ على نظافة البيئة، أو فرض ضرائب على القطاعات غير المنظمة عبر بيانات خاصة تؤشر إلى نوع النشاط ودرجته . أما الاتجاه الثاني فيتعلق بزيادة كفاءة النظام الضريبي الأمر الذي يسمج بالوصول إلى شرائح لم تشملها الضرائب من قبل.وقي الواقع يشكل الخيار الثاني الحل التمثل لخيارات معظم الدول العربية حيث التهرب الضريبي يشكل مظهرا واسعا في الإيرادات الضريبية.
لقد أظهرت تجارب العديد من الدول النامية أن هنالك علاقة قوية ومباشرة بين توسيع المطارح الضريبية وتدعيم الجهاز الإداري الضريبي، كما يفترض أن يترافق مع توافر الإرادة السياسية لشمل جميع الشرائح الاجتماعية لدفع الضرائب دون الأخذ بعين الاعتبار لأي مظهر آخر كالنفوذ السياسي والثروة التي تتمتع بها بعض الشرائح.إذ يمكن القول انه كلما تضاءل حجم المطارح الضريبية كلما ازداد معدل الضريبة ما يؤدي إلى ازدياد ظاهرة التهرب الضريبي وبالتالي انخفاض الجبايات الضريبية.أما إذا كان الجهاز الإداري الضريبي فعالا وناجحا في أدائه، فيصبح التهرب والتجنب في دفع الضرائب أمرا أكثر صعوبة، ما يعني أن الضرائب سوف تقوم بإحدى وظائفها الأساسية لجهة إعادة تخصيص الموارد وتوجيهها نحو النشاطات التي تنخفض فيها معدلات الضرائب المدفوعة، وهي بشكل عام نشاطات تود الدولة تنميتها وتوسيعها لأهداف اجتماعية أو اقتصادية.وبالتالي يمكن القول أن توسيع الوعاء الضريبي المترافق مع تخفيض معدل الضريبة تعتبر وسيلة ناجعة لإحداث الزيادات في الحصيلة الضريبية المستهدفة.
أ- الضرائب على السلع والخدمات
تحتل الضرائب على الواردات والمبيعات في الدول النامية مكانة هامة في جملة الإيرادات الضريبية. وقد دلَّت دراسة عن وضع الفيليبين أن التكلفة الحدية لجمع الضريبة على الواردات اكبر بكثير من التكلفة الحدية لجمع الضرائب المحلية على السلع وانتهت دراسة أخرى إلى نفس النتيجة عن الهند،وقد عمدت بعض الدول النامية إلى توسيع الوعاء الضريبي عن طريق تحويله من الوعاء الضيق للضرائب على التجارة الخارجية إلى الوعاء الواسع على الاستهلاك والإنفاق المحلي، وهذا ما يضمن توسيع نطاق السلع الخاضعة للضريبة إن كانت منتجة محليا أو خارجيا.كما لجأت هذه الدول إلى فرض الضرائب على تجارة التجزئة، أي على المستهلك النهائي للسلعة.
- ضريبة القيمة المضافة
لجأت العديد من الدول النامية والمتقدمة إلى هذا النوع من الضرائب باعتبار أنها تصيب غالبية الأنواع المستهلََكَة في المجتمع، كما لا تفرق بين شرائح المجتمع من حيث الدخل، فهي مرتبطة أولا وأخيرا بحجم الاستهلاك للفرد.
والضريبة على القيمة المضافة هي ضريبة "تسري على الإنتاج في جميع مراحله إلا أنها لا تصب في كل مرحلة سوى القيمة المضافة التي تمثل الزيادة في قيمة الإنتاج وفي المرحلة التي يكلف فيها هذا الإنتاج,والقيمة المضافة تمثل الفرق بين بيع السلع وشرائها في كل مرحلة,وبالتالي فالضريبة هذه لا تدع مجالا لأوضاع مركبة .
اذا الضريبة على القيمة المضافة _باختصار هي احد أشكال الضرائب على المبيعات الأكثر تطورا وقد اعتمدت لتفادي العيوب التي أخذت على الضريبة المتتابعة التي تفرض على مختلف المعاملات في مختلف مراحلها أي التي تفرض على قيمة كل سلعة عدة مرات حتى وصولها إلى المستهلك النهائي.
ونظرا لما تتمتع به الضريبة على القيمة المضافة من معالجة ما تؤدي إليه الضريبة على رقم الأعمال, وبخاصة في صورتها التراكمية ومن تغيرات عنيفة في الأسعار فقد اتسع نطاق الأخذ بها في الدول المتقدمة وفي بعض الدول الآخذة في النمو، بحيث زاد عدد الدول التي تأخذ بالضريبة على القيمة المضافة عن 125 دولة.
ويقع عبء الضريبة على القيمة المضافة على المستهلك النهائي وهي ضريبة غير مباشرة تقع على الدخل أو على المال عند إنفاقه، وعلي سلع المال المدخر أو المال المستثمر وهي تفرض على قيمة السلعة المباعة أو المنتجة أو الخدمات المقدمة.وهذه الضريبة لا تفرض على القيمة المضافة عمليا ولكنها وفي سبيل تسهيل العمل تطبق على عنصرين هما عمليا الشراء والبيع بالنسبة لتسليم الأموال.أي العمليات التي تتم مع عملاء المؤسسة التي تفرض الضريبة على مبيعاتها إلى الزبائن وتحسم الضريبة التي دفعت على مشترياتها من الموردين. اما خصائص هذه الضريبة فتبرز في التالي:
- تعد من أفضل إشكال الضرائب على المبيعات من حيث الكفاءة الاقتصادية فهي تختلف عن الضريبة على رقم الأعمال بصورها المتعددة كالضريبة الوحيدة التي تصيب المنتجات أو الخدمات في مرحلة معينة من الدورة الاقتصادية وتفرض في مرحلة واحدة الاستهلاك:
- أنها ضريبة غير مباشرة أي أنها لا تجبى من المستهلك مباشرة بل تستوفى من قبل المؤسسات الخاضعة لها التي تعرض السلع والخدمات في كل من مراحل التصنيع والتوزيع والاستهلاك ، وهي تفرض على الدخل عند استعماله أو إنفاقه وتقع على عاتق المستهلك النهائي مهما تمتد مراحل سير السلع والخدمات
- إنها ضريبة عينية تفرض على العمليات (تسليم أموال,تقديم خدمات)بصرف النظر عن المكلف الشخصي,أي أنها لا تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الشخصية للمكلف (أعزب،متأهل،غني، فقير) إلا ما يخفف من عدم شخصيتها الإعفاءات العديدة التي اقرها القانون.
- إنها حيادية لا تؤثر على الكلفة وليس لها اثر سلبي على قرارات الوحدة الاقتصادية لأن هذه الوحدات تستطيع إرجاع الضريبية التي دفعتها على المواد الأولية وغيرها من النفقات ، وهي تفرض على المنتجات المحلية والمستوردة دون تفريق وبإعفاء السلع المصدرة منها يؤمن للضريبة حيادية تامة إزاء التبادل التجاري الخارجي و الداخلي.
- تمتاز بنوع من العدالة حيث تطال كل مستهلك حسب استهلاكه غير أن عبئها هو اشد وأعظم على محدودي الدخل.
- تمنع التهرب منها أو تحد منه لأن تواطؤ المكلفين في هذا المجال محدود ولا يجود أي دافع مباشر لدى المؤسسات للتهرب منها لأن المستهلك النهائي هو الذي يدفعها.
- لا تأثير لهذه الضريبة على حساب النتيجة للمؤسسات لأنها لا تعتبر عبئا على نشاطها.
- لا يذكر تأثيرها على سيولة المؤسسات خاصة عندما تكون الضريبة المدفوعة اكبر من الضريبة المحصلة أو عندما تبيع هذه المؤسسات أموالا وسلفا بالدين.
- أنها تعوض الإيرادات التي تنتج عن تخفيض الرسوم الجمركية إذ أن التوجه الحكومي هو لإلغاء الرسوم تدريجيا عملا بتوصيات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وذلك لتسهيل الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية والإقليمية.
- هي ضريبة تعتمد في إطار الدولة وتقوم على مبدأ الإقليمية.
لا شك إن التحولات الاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم ليست وليد هذه المرحلة الجديدة التي تدعى العولمة الاقتصادية أو الاقتصاد الجديد، ولهذا نجد أن الدول التي بدأت تطبيق ضريبة القيمة المضافة، منذ الستينيات كانت نسبتها 10% ثم ارتفعت في السبعينيات إلى 30%، وفي الثمانينيات 50% وفي التسعينيات أكثر من 90%، مع العلم أن دولة بنغلادش ذات الإدارة الفاسدة وغير الفاعلة استطاعت رفع دخلها الضريبي لدى تطبيق ضريبة القيمة المضافة في التسعينيات من 7.8% نسبة للناتج المحلي الإجمالي إلى 9.5%.. اضافة الى ذلك، فإن تجارب الدول المطبقة لهذه الضريبة تؤكد أهميتها في الاقتصاد لا سيما في المغرب العربي كتونس، الجزائر، المغرب وفي مصر والدول الصناعية الكبرى.كما تعتبر التجربة الاندونيسية من انجح التجارب في هذا المجال إذ بدأت في تطبيقها في العام 1985 بمعدل 10% على جمبع السلع المصنعة محليا وخارجيا وزاد عدد المسجلين لدفع هذه الضريبة من 25 ألفا في العام 1985 إلى 85 ألفا في العام 1989، وارتفعت الحصيلة الضريبية من هذا النوع من 1% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 4% خلال الفترة نفسها،كما اتبعت هذا النموذج كل من تركيا والبرازيل وكولومبيا وكوريا في نهاية الثمانينات . وكذلك لبنان في العام 2002 .
صحيح إن الضريبة على القيمة المضافة توصف بأنها عادلة لجهة عدم التمييز بين الأفراد، إلا انه يُعاب عليها أيضا عدم عدالتها من وجهة أخرى، أي لجهة عدم التمييز بين مداخيل الأفراد التي تقع على عاتقهم دفع الضريبة وفقا لاستهلاكهم؛ فمن المعروف أن أصحاب المداخيل المتواضعة هم الفئة الأكثر إنفاقا على السلع الأساسية، بعكس الأفراد ذوي الدخل المتوسط والمرتفع، وبالتالي تحمل ذوي الدخل المحدود عبئا كبيرا نسبة إلى المداخيل والمصاريف التي ينفقونها.
وفي محاولة لحل هذه القضية عمدت الدول النامية إلى اللجوء إلى سياسة الإعفاءات لبعض السلع الأساسية ، كالسلع الغذائية غير المصنعة، في مقابل فرض ضرائب على مبيعات السلع الكمالية.وتدل الدراسات إلى أن هذه السياسة وإن لم تلاق نجاحا في بعض الدول مثل كوريا، فقد لاقت نجاحا في دول أخرى مثل السنغال واندونيسيا.
وقد لجأت بعض الدول إلى استثناء المنشآت الصغيرة من ضريبة القيمة المضافة فيما لجأت دولا أخرى إلى تقديم المنح الضريبية لهذه المنشآت، وتعتبر تركيا من البلدان الرائدة في هذا المجال إذ أدخلت الضريبة الاعتبارية الثابتة وفرضت معدلا تخمينيا ثابتا وإجباريا لضريبة القيمة المضافة وشمل كل المؤسسات التي تتعامل وتجارة التجزئة.
- ضريبة البيئة
إن الهدف الأساس في هذه الضريبة موجه إلى حماية البيئة من الملوثات ،أو الحد من الأضرار الناشئة عن استعمال واستهلاك السلع التي تساهم في تلوبث البيئة كالوقود،وتلويث مياه الأنهار والبحار،أو قد يكون الهدف توفير الموارد لإصلاح الأضرار كتوسيع الطرق للحد من الازدحام والتلوث، أو معالجة النفايات الصناعية أو القمامات المنزلية والنفايات الصحية. وقد يكون الغرض من هذه الضريبة أيضا الحد من استعمال المواد التي تسبب في إضرار بيئية كوقود السيارات مثلا، حيث تطبق ضرائب مرتفعة نسبيا في الدول الصناعية التي وصلت إلى 39% و 60% على برميل الغازولين في محطات التعبئة،وبلغت في دول غرب أوروبا 57 دولارا على البرميل،فيما بلغ السعر للمستهلك في هذه الدول 96 دولارا أمريكيا. كما حذت الكثير من الدول النامية حذو الدول الصناعية وفرضت ضرائب على الوقود وصلت إلى 20% ، ودلت الدراسات إلى أن إيرادات هذه الدول قد زادت في حدود 5% من الناتج المحلي الصافي.أما في لبنان فقد فرضت ضرائب متتالية على وقود السيارات وصلت إلى حد 15 دولارا للصفيحة الواحدة وهو معدل عال جدا، أي ضعف ثمنها تقريبا بالأسعار المتداولة دوليا، رغم أن هذه الزيادات ليس الهدف منها بيئيا، بل لسد عجز الموازنة العامة الذي في معظمه ناجم عن ديون خارجية وداخلية.
ب –الضرائب على المداخيل والثروة
إن توسيع الوعاء الضريبي في هذا النوع يجب أن يشمل أنواعا جديدة من المداخيل والتقليل من الإعفاءات والاستثناءات الخاصة على الدخل ومنها:
- ضرائب الشركات
عبر استهداف جميع إيرادات الشركة وبخاصة المردود الاقتصادي،حيث يكون الربح المحاسبي الصافي المستهدف الأول، مع الأخذ بعين الاعتبار نسبة الاستهلاك لرأس المال ، وفي نفس الوقت عدم توسيع قواعد الاستثناءات الضريبية على الشركات أو الإعفاءات، بل أن بعض النظم الضريبية تتعامل مع الشركات الكبرى على أساس نظام الضرائب التصاعدي ، ويبرر الكثير من باحثي الأمور الضريبية التشديد على عدم الإعفاءات والاستثناءات لأسباب كثيرة من بينها:
- إن الإعفاءات الضريبية تؤدي إلى فساد الوعاء الضريبي ، الآمر الذي ينعكس على مستوى الإيرادات في الموازنة العامة، ما يدفع الحكومة إلى تأمين الفروق الناشئة من مطارح أخرى، الأمر الذي يسبب في اختلالات اقتصادية ومالية كثيرة.
- إن معظم الإعفاءات الضريبية إن لم تكن جميعها ناجمة عن تدخلات سياسية نافذة ، الأمر الذي يعني مزيدا من الفساد الضريبي وعدم عدالة في توزيع مطارحها.
- كما أن الإعفاءات الضريبية تؤدي إلى سوء استعمالها عبر تحقيق أرباح ومكاسب شخصية، إضافة إلى التلاعب الممكن في أرباحها عبر تحويلها إلى منشئات وشركات تابعة للشركة الأم ، تجنبا لدفع الضرائب.
ومن خلال تلك المبررات يمكن طرح العديد من علامات الاستفهام حول جدوى الإعفاءات لتحقيق الأهداف المرجوة منها، بل إن الاتجاه الحديث يميل إلى الحد منها قدر الامكان باعتبار أن الحوافز الممنوحة لا تتساوى مع نتائجها السلبية على الأقل.
- ضريبة الدخل الشخصي
يعتبر هذا النوع من اقل الإيرادات الضريبية في الدول النامية لعدة أسباب منها ما يتعلق بارتفاع معدلاته وصغر وعائه الضريبي، إضافة إلى أن جميع أنواع المداخيل الناجمة عن رأس المال والفوائد والأرباح الناجمة أيضا عن ازدياد قيمة العقارات لا تغطيها الأنظمة الضريبية ، إضافة إلى انتشار التهرب والتجنب الضريبي في مداخيل المهن الحرة، ولذلك فان توسيع الوعاء الضريبي في مثل هذه الحالات يتوجب وضع هذه المداخيل تحت مظلة الضريبة وعدم اللجوء أيضا إلى الإعفاءات .
- ضريبة الإرث والثروة
من المفيد التعامل مع هذا النوع من الضرائب بعناية كبيرة، بحيث يتجنب الآثار السلبية على الادخار والاستثمار، وبخاصة أن هذا النوع لا يشكل جزءا كبيرا من الإيرادات الضريبية في معظم الدول النامية،نظرا للتهرب الضريبي عبر تسجيلات الإرث قبل حالات الوفاة على أساس ممتلكات مباعة وعادة ما تكون بأثمان رمزية لا تمثل واقع الحال الحقيقي لقيمة الموروثات.كما تبرز إشكاليات كثيرة ومنها تقييم الأصول الموروثة وإمكانية اللجوء إلى القضاء عند حدوث المنازعات بشأنها.
- ضريبة لقطاع غير المنظم
تشكل القطاعات غير المنظمة كقطاعات الأعمال الصغيرة والزراعية نسبة لا يستهان بها من العمليات الاقتصادية في البلدان النامية،الأمر الذي يوجب إدخالها ضمن النطاق الضريبي.ولقد تمَّ استخدام المؤشرات التخمينية على نطاق واسع في تقدير الضرائب على تلك القطاعات في بعض الدول، الا ان السؤال الذي يطرح نفسه هو، هل إن هذه التخمينات هي مطابقة للواقع؟ وهل أن إجراءاتها ليست مكلفة من ناحية الجدوى الاقتصادية؟ إذ أن المهم في تطبيقها هو تخفيف الإجراءات المحاسبية وبخاصة في دول ترتفع فيها نسب الأمية والخوف من التعقيدات الإدارية.ومن التجارب الناجحة تجربة كولومبيا في الثمانينيات، والتجربة التركية في التسعينيات حيث استخدمت مؤشرات تعكس مستوى المعيشة الأسرية كمؤشر للضريبة المستهدف تطبيقها، كما تمَّ اللجوء إلى مؤشرات الأصول المملوكة والسفر في السنة وعدد الخدم في المنزل لتقدير الضريبة، بينما استخدم الحد الأدنى من الدخل الزراعي ومعدل الهامش الربحي في القطاعات التجارية، وقد حقق نجاحات كبيرة في مجال التخفيف من التهرب والتجنب الضريبي.
إلا انه يُعاب على هذا الأسلوب التخميني كلفته الإدارية العالية وبخاصة في الجانب التطبيقي،والأمر الأهم كما أسلفنا هو مطابقة التخمينات للواقع والحقيقة بهدف تحقيق العدالة في التوزيع الضريبي.
2- ترشيد معدل الضريبة
يقصد بمعدل الضريبة على الوعاء الضريبي تحديد الضريبة المستحقة على هذا الوعاء أو المطرح، وهناك ثلاث مناهج لتحديد المعدلات:
- المعدل النسبي ( الضرائب الجمركية، والقيمة المضافة)
- المعدل التصاعدي ( الضريبة على الدخل والأرباح)
- المعدل التنازلي ( الضرائب على الدخل والأرباح أيضا)
تأتي مرحلة ترشيد معدل الضريبة كخطوة أولى في عملية الإصلاح الضريبي،والمعروف انه كلما زادت معدلات الضريبة زادت التعقيدات والتهرب الضريبي،ولذلك فإن عملية الترشيد في معدلات الضريبة تعني تخفيض هوامش الفوارق بين تلك المعدلات في الهيكل الضريبي، ولقد دلّت التجارب العملية في بعض الدول النامية أن هناك ضغوطا كبيرة للقيام بترشيد الضريبة في حال زادت عن العشرة للأداة الضريبية الواحدة، في حين لا توجد مشاكل تذكر في حال كانت في حدود الخمسة بالمئة.
إن أهم متطلبات القيام بعملية الترشيد توفر المعلومات الدقيقة التي تسمح بالتمييز بين المطارح الضريبية الفرعية،وهذا ما تعاني منه معظم الدول النامية لجهة نقص المعلومات والبيانات، ما ينعكس سلبا على هيكل المعدل الضريبي فيهأ .ففي حالات الضرائب على الاستهلاك وضريبة القيمة المضافة، فان معدل الضريبة يجب أن يكون معتدلا ويتراوح بين 10% و 20% كحد أقصى، وفيما يتعلق بتجارة التجزئة فإن معدلا اقل من 10% لن يتأتى عنه إيرادات ذات شأن مقارنة مع كلفة جبايتها.
إن الفوارق في معدلات الضريبة على الاستهلاك (السلع والخدمات) يتم استخدامها لهدفين أساسيين هما: تحقيق العدالة بين شرائح المجتمع من جهة وزيادة كفاءة الجهاز الإداري الضريبي من ناحية ثانية.فتحقيق العدالة يعني استثناء السلع الهامة والأساسية من الضريبة وبخاصة السلع الأكثر استهلاكا من الشرائح الاجتماعية المتولضعة الدخل، وزيادة الكفاءة تتحقق عند فرض الضرب على السلع الاستهلاكية الثانوية ( الكمالية) التي تستهلك عادة من قبل الفئات الميسورة، ومن المفيد أن تصنف تلك السلع في مجموعات وفقا لجهة المستهلكين وفرض ضرائب مختلفة في معدلاتها بحسب ما تقتضي ظروف مرونتها الاستهلاكية.ودلَّت التجارب أيضا على ضرورة التفريق بين السلع الخاضعة لضريبة القيمة المضافة، وبخاصة السلع المستهلكة من قبل شريحة معينة ،كالضرائب التي تفرض على السجائر والتبغ والمشروبات الروحية والتي عادة ما تلاقي قبولا من المجتمع ، باعتبار ان خلفيتها الحماية الصحية .
3 - التناسق بين الأدوات الضريبية
يحتاج الإصلاح الضريبي إلى النظرة الشمولية لمختلف نطاق الإصلاحات، إذ أن العمل على إصلاح جانب معين قد يضر بجانب آخر، لذا فالعملية الإصلاحية تستوجب بالدرجة الاولى نظرة شمولية لمختلف جوانب القطاع إضافة إلى المتابعة والتنسيق بين مختف أدواته.ومثال ذلك أن إصلاحات نظام الضريبة على الواردات قد تكون له أثارا سلبية على ضريبة الاستهلاك من السلع والخدمات.
كما انه من الضروري قبل البدء في الإصلاحات أن يتم التركيز على المراقبة والمتابعة والتدقيق في البيانات والمؤشرات لكي تتلاءم عمليات الإصلاح مع الوقائع ، ولكي تأتي الإصلاحات متوافقة مع متطلبات هذا الواقع.كما أثبتت التجارب التي خاضتها كل من المكسيك وجاميكا واندونيسيا وبوليفيا وغيرها من الدول على أهمية إعطاء الوقت الكافي لعملية تصميم النظم الضريبية ومن ثم تطبيقها، والتمهل للحكم على نتائج تطبيقه قبل أن تتم عملية التقييم الشاملة لعملية الإصلاحات وجدواها العملية.
إن نجاح أي خطة إصلاحية توجب على مخططي السياسات الضريبية المراعاة والتنسيق بين الضرائب على التجارة الخارجية والضرائب المحلية على الاستهلاك، فإذا كان الهدف الأساسي من فرض الضرائب على التجارة الخارجية زيادة الإيرادات وحماية المنتجات المحلية فإن فرض ضرائب على السلع والخدمات المنتجة محليا، يوصل للهدف نفسه أي زيادة الإيرادات من دون التمييز بين السلع المنتجة محليا وتلك المنتجة خارجيا، وفي ظل المتغيرات الاقتصادية الدولية لا سيما سياسات العولمة وإلغاء الحواجز الجمركية ، فان غالبية الدول اتجهت إلى فرض الضرائب على السلع المستهلكة بدلا من الضرائب والرسوم على السلع المستوردة، إلا أن النظر بشكل موضوعي إلى هذه المسألة تظهر جانبا سلبيا لجهة كشف الصناعات الوطنية أمام المنافسة الأجنبية، وبالتالي عدم قدرة الكثير من الصناعات المحلية الصمود أمام الصناعات الأجنبية المستوردة التي غاليا ما تكون اقل كلفة للعديد من الأسباب والاعتبارات. ولحل هذه المشكلة لجأت بعض الدول إلى اللجوء لضريبة القيمة المضافة باعتبارها لا تميز بين السلع المحلية والأجنبية ، فالمستهلك في كلتا الحالتين سيدفع الضريبة.
إن استقرار النظام الضريبي يعتبر عنصرا هاما وجاذبا لرؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية كما الاحتفاظ برؤوس الأموال المحلية وعدم تهريبها إلى الخارج،لذا يجب عند تصميم السياسة الضريبية التأكد من ملائمة النظام الضريبي المحلي والأخذ في الاعتبار السياسات الضريبية المعمول بها في الدول المصدرة لرؤوس الأموال وكذلك الدول المستوردة لها.
4 – إصلاح الجهاز الإداري للضريبة
دلَّت التجارب الدولية على أهمية التنسيق بين مستوى الإصلاحات الضريبية وبين فاعلية الجهاز الإداري وقدرته على التكيف السريع في الأداء، إذ أن مقدرة الجهاز الإداري على التصحيح والتكيف يعتبر العنصر الحاسم في الإصلاحات الضريبية المنشودة لأي مخطط إصلاحي.
فالعمليات الإصلاحية يمكن أن تقسم إلى ثلاث مراحل:
- البيئة القانونية لجهة تحديد الوعاء الضريبي ( أي تحديد من تقع عليه الضريبة).
- تقييم وتحديد حجم الضريبة وفقا للانظمة والقوانين المقرة والمعمول بها.
- جباية الضريبة المستحقة على المكلف بها..
إن دور الجهاز الإداري للضريبة في كل مرحلة من هذه المراحل يعتبر عاملا أساسيا ومهما، إذ أن أي خلل في إحداها سيؤدي إلى خلل العملية برمتها وبخاصة المرحلة الأخيرة المتعلقة بعملية وآلية الجباية.
ومن الأسباب الرئيسة لعدم الالتزام بدفع الضريبة تعقيد الإجراءات المتعلقة بالجباية ودفعها، وبهذا فان تعقيد الإجراءات يؤثر سلبا على تقييم الضريبة وزيادة العبء في تحديدها وتحصيلها، ولذلك إن تبسيط الإجراءات من شأنه تخفيف العبء الإداري ومرونة سير العمل وفعاليته وجدواه الإنتاجية.
كما يلعب التقدم التكنولوجي دورا أساسيا في تحسين أنجاز المعاملات الضريبية إن للجهاز الإداري أو المكلفين به، فقد لجأت الكثير من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء إلى مكننة العمليات الضريبية ، إذ أصبح متوفرا الاتصال بشكل دائم بين المكلفين والجهاز الإداري، ما يتيح سهولة ومرونة العمل ، كما يتيح تقليص الإجراءات وسرعة إنجازها بالشكل والكيفية التي تتوافق مع الجدوى الاقتصادية للضريبة.
كما يُستدل من بعض التجارب الدولية ، أن أنجع وسيلة لتحصيل الضرائب هي إجرائها في موضعها الأساسي، أي تحصيلها من المصدر الأساسي لها عبر حسومات الأجور وفوائد رؤوس الأموال على سبيل المثال.وقد حققت كل من تايلاند وغانا نجاحات ملفتة في هذا الشأن إذ تمكنتا من تحصيل 50% من الدخل الشخصي .كما حذت تركيا المسار نفسه في العام 1994 إذ تمكنت من زيادة وارداتها الضريبية 30% .
ومن الآليات التي أثبتت نجاحا ، ترك تقييم الضريبة للمكلفين، شرط أن تتم العملية وفقا لقوانين شفافة وواضحة الأمر الذي يؤدي إلى عدم التماس مع الموظفين والتقليل من التهرب الضريبي والمساعدة على التخفيف من بيئة الفساد الإداري الضريبي ، إلا انه يُعاب على هذا الأسلوب خفض الإيرادات الضريبية الناجمة بشكل أساسي عن ميل المكلفين إلى تخفيض قيمة الضريبة المتوجبة، إلا أن الرقابة اللاحقة على الكشوفات يمكن أن تساعد في حل بعض جوانب هذه المشكلة.
إن إصلاح نظام الحوافز والعطاءات والأجور للجهاز الإداري الضريبي يساعد في القضاء على ظاهرة الفساد المنتشرة في هذا القطاع في معظم دول العالم، كما أن تشديد العمليات الرقابية وتطبيق العقوبات أمر من شانه تفعيل العمل الإداري لجباية الضريبة، أي بمعنى إن تطبيق مبدأ الثواب والعقاب في هذا المجال أمر من شأنه تسوية العديد من المشاكل الإدارية التي تعاني منها معظم الأجهزة الضريبية في العالم.
إن توافر الإرادة السياسية في مطلق نظام سياسي هو المفتاح لنجاح أي عمل تود الحكومة القيام به. لذا إن منع التدخلات السياسية في الجهاز الإداري للضرائب هو أمر أساس لنجاح هذه الإدارة. كما أن على الحكومة أن تبذل الجهود المضاعفة في الشأن الإعلامي والإعلاني عن أي مشروع إصلاح ضريبي لكي تقنع المجتمع والمكلفين به، باعتبار أن الإقناع والاقتناع هو المدخل أيضا للحد من التهرب والتجنب الضريبي.