الخلفيات القانونية والسياسية للقرار 2254
الحايج الاماراتية 30-12-2015
د.خليل جسين
رغم الضجة الإعلامية التي رافقت صدور القرار 2254، على أنه يشكل مدخلاً لحل الأزمة السورية، ويفتح ثُغراً كثيرة في جدار التقاطعات الإقليمية والدولية في ملفات متفرعة، إلا أنه يبدو غير ذلك في المضمون، رغم أن الشكل الذي صيغ فيه، يفتح مجالات كثيرة للتأويل فيه على غرار قرارات عدة ذات صلة بالموضوع السوري.
في الجانب السياسي، أتى القرار ترجمة للقاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منتصف الشهر الماضي، بمعنى اتفاق مبدئي على قاعدة تفاهمات تبدأ بالأزمة الأوكرانية، مروراً بالحل السياسي للأزمة السورية، وانتهاءً بطبيعة العلاقات الروسية الأمريكية. ما شكّل مخرجاً لصدور القرار بالإجماع في مجلس الأمن ضمن الفصل السابع، الملزم التطبيق شكلاً، ذلك لعدم وضوح آليات التنفيذ عملياً، ما يطرح العديد من التساؤلات التي يمكن أن تشكل عقبات حقيقية يصعب تجاوزها.
يرتبط التساؤل الأول، بإطلاق المرحلة الانتقالية من العملية السياسية، خلال شهر من دون الاتفاق على المنظمات الإرهابية وكيفية التعاطي معها، رغم أن الأردن أسهم في تقديم لائحة ضمت 160 منظمة منخرطة في الحرب الدائرة، إلا أن الاختلاف على توصيف الإرهاب ومن يتبع لها من تلك المنظمات ما زال قائماً، ما يعني أن أصل المشكلة ما زال قائماً، فمع من سيتم التفاوض؟ علاوة على آليات تطبيق وقف إطلاق النار، ما يعني حتمية تأجيل اجتماع جنيف 3 لاحقاً.
التساؤل القانوني الآخر، يرتبط بتكليف الأمين العام للأمم المتحدة وفقا للمادة 33 من الميثاق الأممي، بالنص على: «يطلب إلى الأمين العام أن يقوم، من خلال مساعيه الحميدة وجهود مبعوثه الخاص إلى سوريا، بدعوة ممثلي الحكومة السورية، والمعارضة إلى الدخول على وجه السرعة في مفاوضات رسمية بشأن عملية انتقال سياسي»، ما يعني من الوجهة القانونية خروجاً على القرار 2042 المتخذ ضمن إطار الفصل السادس، والمتعلق «بجنيف 1»، وكذلك على القرار 2118 المتخذ في إطار الفصل السابع، ما يعكس إرباكاً واضحاً في تحديد الأطر والآليات القانونية للتنفيذ، علاوة على الصيغة «انتقال سياسي» غير المعرفة ولو ب «ال» التعريف.
في النص، استبعد القرار 2254، أي جماعة من المفاوضات المفترضة، لا تؤمن بسوريا موحّدة ذات سيادة وغير طائفية، وهو أمر يصعب على أي طرف القفز فوقه، ودعا القرار إلى تنظيم مفاوضات، تبدأ في كانون الثاني 2016، ذلك ضمن بيئة التفاهم الأمريكي الروسي، ووفقاً للقراءة الروسية لبيان جنيف الذي يكرس القرار بوضوح، رغم أن الوضوح لا تعتبر ميزة القرارات الدولية، وبخاصة لجهة هيئة انتقالية ذات صلاحيات كاملة تحت القيادة السورية، ما وضع الأسد ضمن المرحلة الانتقالية، رغم رهن بقائه بإرادة السوريين أنفسهم، وبانتخابات تشريعية تحت رقابة دولية في غضون 18 شهراً. كما طلب القرار من الأمم المتحدة تنظيم آليات تطبيق ومراقبة وقف إطلاق النار خلال شهر. كما استبعد القرار الدولي من وقف العمليات العسكرية، الدفاعية أو الهجومية، كلاً من تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» وجماعات أخرى مماثلة عند البحث في القائمة السوداء، علماً بأن لا وجود لاتفاق أمريكي -روسي ودولي على تنسيق العمليات العسكرية في سوريا، وتفادياً لذلك أشار نص القرار، إلى حلّ «قد يُتفق عليه» بين الأطراف، وبالتالي هو أمر غير مؤكد، ومعلق على إمكانية اتفاق غير واضح المعالم، ما يخفي صراعاً جيوبوليتيكياً وجيواستراتيجياً بين الجانبين الروسي والأمريكي في سوريا والمنطقة، لا يزال موجوداً على قضايا أمنية وعسكرية، ذات صلة بالجوانب الهجومية والدفاعية للطرفين والتوازن بينهما. إضافة إلى ذلك، ثمة جوانب إجرائية متعلقة أصلا بطبيعة الانتخابات الواردة في القرار،ومن ستشمل بخاصة «أولئك الذين يعيشون في المهجر»، أي اللاجئين طوعاً أو قسراً، وبالتالي من يحق لهم المشاركة في الانتخابات وفقاً للقوانين الداخلية السورية.
ثمة الكثير من الملاحظات التي يمكن أن تُساق للقرار، ورغم ذلك، يشكل منطلقاً واقعياً، باعتباره يمثل حالة من التقاء توازنات محلية وإقليمية ودولية في مكان ما، على السوريين تلقفها وحسن استخدامها، فثمة عشرات، بل مئات القرارات الدولية، ذات الصلة بأزمات عمرها عقود من الزمن ولم تنفذ، وهنا تكمن العبرة في كيفية قراءة القرارات واستخلاص العبر لتنفيذها
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/7afedaf5-3658-4bef-b19c-59fd21343625#sthash.ASEd6Lx5.dpuf
الحايج الاماراتية 30-12-2015
د.خليل جسين
رغم الضجة الإعلامية التي رافقت صدور القرار 2254، على أنه يشكل مدخلاً لحل الأزمة السورية، ويفتح ثُغراً كثيرة في جدار التقاطعات الإقليمية والدولية في ملفات متفرعة، إلا أنه يبدو غير ذلك في المضمون، رغم أن الشكل الذي صيغ فيه، يفتح مجالات كثيرة للتأويل فيه على غرار قرارات عدة ذات صلة بالموضوع السوري.
في الجانب السياسي، أتى القرار ترجمة للقاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منتصف الشهر الماضي، بمعنى اتفاق مبدئي على قاعدة تفاهمات تبدأ بالأزمة الأوكرانية، مروراً بالحل السياسي للأزمة السورية، وانتهاءً بطبيعة العلاقات الروسية الأمريكية. ما شكّل مخرجاً لصدور القرار بالإجماع في مجلس الأمن ضمن الفصل السابع، الملزم التطبيق شكلاً، ذلك لعدم وضوح آليات التنفيذ عملياً، ما يطرح العديد من التساؤلات التي يمكن أن تشكل عقبات حقيقية يصعب تجاوزها.
يرتبط التساؤل الأول، بإطلاق المرحلة الانتقالية من العملية السياسية، خلال شهر من دون الاتفاق على المنظمات الإرهابية وكيفية التعاطي معها، رغم أن الأردن أسهم في تقديم لائحة ضمت 160 منظمة منخرطة في الحرب الدائرة، إلا أن الاختلاف على توصيف الإرهاب ومن يتبع لها من تلك المنظمات ما زال قائماً، ما يعني أن أصل المشكلة ما زال قائماً، فمع من سيتم التفاوض؟ علاوة على آليات تطبيق وقف إطلاق النار، ما يعني حتمية تأجيل اجتماع جنيف 3 لاحقاً.
التساؤل القانوني الآخر، يرتبط بتكليف الأمين العام للأمم المتحدة وفقا للمادة 33 من الميثاق الأممي، بالنص على: «يطلب إلى الأمين العام أن يقوم، من خلال مساعيه الحميدة وجهود مبعوثه الخاص إلى سوريا، بدعوة ممثلي الحكومة السورية، والمعارضة إلى الدخول على وجه السرعة في مفاوضات رسمية بشأن عملية انتقال سياسي»، ما يعني من الوجهة القانونية خروجاً على القرار 2042 المتخذ ضمن إطار الفصل السادس، والمتعلق «بجنيف 1»، وكذلك على القرار 2118 المتخذ في إطار الفصل السابع، ما يعكس إرباكاً واضحاً في تحديد الأطر والآليات القانونية للتنفيذ، علاوة على الصيغة «انتقال سياسي» غير المعرفة ولو ب «ال» التعريف.
في النص، استبعد القرار 2254، أي جماعة من المفاوضات المفترضة، لا تؤمن بسوريا موحّدة ذات سيادة وغير طائفية، وهو أمر يصعب على أي طرف القفز فوقه، ودعا القرار إلى تنظيم مفاوضات، تبدأ في كانون الثاني 2016، ذلك ضمن بيئة التفاهم الأمريكي الروسي، ووفقاً للقراءة الروسية لبيان جنيف الذي يكرس القرار بوضوح، رغم أن الوضوح لا تعتبر ميزة القرارات الدولية، وبخاصة لجهة هيئة انتقالية ذات صلاحيات كاملة تحت القيادة السورية، ما وضع الأسد ضمن المرحلة الانتقالية، رغم رهن بقائه بإرادة السوريين أنفسهم، وبانتخابات تشريعية تحت رقابة دولية في غضون 18 شهراً. كما طلب القرار من الأمم المتحدة تنظيم آليات تطبيق ومراقبة وقف إطلاق النار خلال شهر. كما استبعد القرار الدولي من وقف العمليات العسكرية، الدفاعية أو الهجومية، كلاً من تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» وجماعات أخرى مماثلة عند البحث في القائمة السوداء، علماً بأن لا وجود لاتفاق أمريكي -روسي ودولي على تنسيق العمليات العسكرية في سوريا، وتفادياً لذلك أشار نص القرار، إلى حلّ «قد يُتفق عليه» بين الأطراف، وبالتالي هو أمر غير مؤكد، ومعلق على إمكانية اتفاق غير واضح المعالم، ما يخفي صراعاً جيوبوليتيكياً وجيواستراتيجياً بين الجانبين الروسي والأمريكي في سوريا والمنطقة، لا يزال موجوداً على قضايا أمنية وعسكرية، ذات صلة بالجوانب الهجومية والدفاعية للطرفين والتوازن بينهما. إضافة إلى ذلك، ثمة جوانب إجرائية متعلقة أصلا بطبيعة الانتخابات الواردة في القرار،ومن ستشمل بخاصة «أولئك الذين يعيشون في المهجر»، أي اللاجئين طوعاً أو قسراً، وبالتالي من يحق لهم المشاركة في الانتخابات وفقاً للقوانين الداخلية السورية.
ثمة الكثير من الملاحظات التي يمكن أن تُساق للقرار، ورغم ذلك، يشكل منطلقاً واقعياً، باعتباره يمثل حالة من التقاء توازنات محلية وإقليمية ودولية في مكان ما، على السوريين تلقفها وحسن استخدامها، فثمة عشرات، بل مئات القرارات الدولية، ذات الصلة بأزمات عمرها عقود من الزمن ولم تنفذ، وهنا تكمن العبرة في كيفية قراءة القرارات واستخلاص العبر لتنفيذها
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/7afedaf5-3658-4bef-b19c-59fd21343625#sthash.ASEd6Lx5.dpuf