في الذكرى ال 70 لقرار التقسيم إلى أين حل الدولتين؟
بروفسور خليل –سين
أستاذ القانون الدولي والدبلوماسي في الجامعة اللبنانية
غريب المفارقات ، أن تعقد مؤتمرات صحفية قبيل لقاء الرؤساء، وهي بمثابة سوابق دبلوماسية غير مألوفة، إلا إذا كان الأمر مرتبط بإسرائيل، وهي الاستثناء الدائم وبخاصة في البيئة الأميركية الحاضنة لسياساتها، وما يرتبط به من مفاوضات سابقة متعلقة بعملية السلام مع الفلسطينيين.
ويبدو أن لقاء القمة الأميركي الإسرائيلي الذي جمع دونالد ترامب مع بنيامين نتنياهو، بمثابة خريطة طريق إسرائيلية ، ستفرض على الجانب الأميركي بما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية وإطار المفاوضات التي انطلقت في مؤتمر مدريد العام 1990، وهذه المرة بتصميم واضح على نسف أسس عملية السلام ، عبر التنصل من حل الدولتين، الذي تكرس بأطر قانونية ودبلوماسية وسياسية منذ العام 1947.
إن ما أشار إليه الرئيس الأميركي ، من عدم ممانعة الولايات المتحدة ، التخلي عن جل الدولتين إذا رغب به الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، يؤشر إلى سياق واضح ، ستمضي به الإدارة الأميركية لاحقا، سيما وان ترامب نفسه ، أطلق تصريحات استفزازية تفضي إلى النتيجة عينها، وبالتحديد حول نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وإطلاقه تصريحات مبهمة ، حول الاستيطان يُستشف منها الدعم المادي والمعنوي لذلك.
فالرئيس الأميركي، بهذه المواقف، ينسف قرارات دولية صدرت عن أعلى مرجعية دولية، كما ينسف أسس مفاوضات انطلقت منذ ثلاث وعشرين سنة، وان تقطعت بها السبل السياسية في بعض الفترات، كما يتجاوز سياسات تقليدية دأبت الإدارات الأميركية المتعاقبة الحرص على التحرك ضمن هوامشها المألوفة لجميع الأطراف.
فحل الدولتين بدأ مع قرار التقسيم 181/ 1947 ، كما دعمت هذه البيئة بقرار عودة اللاجئين 194، اللذان يشكلان البيئة الرئيسة لأي مشروع سلام عربي إسرائيلي، كما تكرس قانونيا بالقرار 242 و337، لاحقا. كما نصت اتفاقيات أوسلو الموقعة في العام 1993 على قيام دولة فلسطينية في حلول العام 1999. كما قدمت اللجنة الرباعية للشرق الأوسط والتي ضمت آنذاك الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في 30 أبريل / نيسان 2003 خارطة طريق نصت على إقامة دولة فلسطينية في حلول العام 2005، مقابل إنهاء الانتفاضة من جهة ، وتجميد عمليات الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أن الأمم المتحدة التي منحت دولة فلسطين وضع العضو المراقب ، أيّدت هذا الحل الذي يشكل المبدأ الرئيس للحل الذي يدعو إليه الاتحاد الأوروبي أيضا. كما استندت المبادرة العربية بعد قمة بيروت في العام 2002 خيار حل الدولتين ، على قاعدة إقامة دولة فلسطينية ، مقابل إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل. والأمر لا يتوقف على الجانب العربي، فحتى بنيامين نتنياهو أيّد فكرة حل الدولتين في خطاب له في 14 يونيو / حزيران 2009، بعد فشل مفاوضات السلام آنذاك، إلا انه بعد ست سنوات تراجع عن تصريحه خلال حملته الانتخابية.
إن مواقف الرئيس الأميركي ، ستطلق لاحقا بيئة تصعيدية في المواقف الفلسطينية عامة، وبطبيعة الأمر ستؤجج بيئة انتفاضة أخرى، ستكون أشد عنفا، كما ستنشئ بيئة توتر في العلاقات البينية بين الولايات المتحدة وروسيا والصين وغالبية دول الاتحاد الأوروبي التي تؤيد هذا المسار، كما ستؤثر على مصداقية واشنطن مع الدول العربية المهتزة أساسا.
إن إسرائيل التي اقتنصت فرصة وصول دونالد ترامب إلى السلطة ، لن تألو جهدا في المضي لتحقيق هذا الخيار الاستراتيجي بالنسبة إليها، الأمر الذي يستلزم جهدا عربيا مكثفا، في وقت تغرق في همومها التي لا تعد ولا تحصى، بخاصة أن الظروف الإقليمية والدولية المحيطة بقضايا العرب عامة والفلسطينية بخاصة ، غائبة تماما عن السمع في دوائر القرار الدولي.والمفارقة الأشد سوءا في هذا المجال، أننا نحن العرب الذين رفضنا قرار التقسيم ، أي حل الدولتين، نستجدي اليوم المضي به، ولو على أقل من عُشر مساحة فلسطين التاريخية!.
بروفسور خليل –سين
أستاذ القانون الدولي والدبلوماسي في الجامعة اللبنانية
غريب المفارقات ، أن تعقد مؤتمرات صحفية قبيل لقاء الرؤساء، وهي بمثابة سوابق دبلوماسية غير مألوفة، إلا إذا كان الأمر مرتبط بإسرائيل، وهي الاستثناء الدائم وبخاصة في البيئة الأميركية الحاضنة لسياساتها، وما يرتبط به من مفاوضات سابقة متعلقة بعملية السلام مع الفلسطينيين.
ويبدو أن لقاء القمة الأميركي الإسرائيلي الذي جمع دونالد ترامب مع بنيامين نتنياهو، بمثابة خريطة طريق إسرائيلية ، ستفرض على الجانب الأميركي بما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية وإطار المفاوضات التي انطلقت في مؤتمر مدريد العام 1990، وهذه المرة بتصميم واضح على نسف أسس عملية السلام ، عبر التنصل من حل الدولتين، الذي تكرس بأطر قانونية ودبلوماسية وسياسية منذ العام 1947.
إن ما أشار إليه الرئيس الأميركي ، من عدم ممانعة الولايات المتحدة ، التخلي عن جل الدولتين إذا رغب به الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، يؤشر إلى سياق واضح ، ستمضي به الإدارة الأميركية لاحقا، سيما وان ترامب نفسه ، أطلق تصريحات استفزازية تفضي إلى النتيجة عينها، وبالتحديد حول نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وإطلاقه تصريحات مبهمة ، حول الاستيطان يُستشف منها الدعم المادي والمعنوي لذلك.
فالرئيس الأميركي، بهذه المواقف، ينسف قرارات دولية صدرت عن أعلى مرجعية دولية، كما ينسف أسس مفاوضات انطلقت منذ ثلاث وعشرين سنة، وان تقطعت بها السبل السياسية في بعض الفترات، كما يتجاوز سياسات تقليدية دأبت الإدارات الأميركية المتعاقبة الحرص على التحرك ضمن هوامشها المألوفة لجميع الأطراف.
فحل الدولتين بدأ مع قرار التقسيم 181/ 1947 ، كما دعمت هذه البيئة بقرار عودة اللاجئين 194، اللذان يشكلان البيئة الرئيسة لأي مشروع سلام عربي إسرائيلي، كما تكرس قانونيا بالقرار 242 و337، لاحقا. كما نصت اتفاقيات أوسلو الموقعة في العام 1993 على قيام دولة فلسطينية في حلول العام 1999. كما قدمت اللجنة الرباعية للشرق الأوسط والتي ضمت آنذاك الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في 30 أبريل / نيسان 2003 خارطة طريق نصت على إقامة دولة فلسطينية في حلول العام 2005، مقابل إنهاء الانتفاضة من جهة ، وتجميد عمليات الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أن الأمم المتحدة التي منحت دولة فلسطين وضع العضو المراقب ، أيّدت هذا الحل الذي يشكل المبدأ الرئيس للحل الذي يدعو إليه الاتحاد الأوروبي أيضا. كما استندت المبادرة العربية بعد قمة بيروت في العام 2002 خيار حل الدولتين ، على قاعدة إقامة دولة فلسطينية ، مقابل إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل. والأمر لا يتوقف على الجانب العربي، فحتى بنيامين نتنياهو أيّد فكرة حل الدولتين في خطاب له في 14 يونيو / حزيران 2009، بعد فشل مفاوضات السلام آنذاك، إلا انه بعد ست سنوات تراجع عن تصريحه خلال حملته الانتخابية.
إن مواقف الرئيس الأميركي ، ستطلق لاحقا بيئة تصعيدية في المواقف الفلسطينية عامة، وبطبيعة الأمر ستؤجج بيئة انتفاضة أخرى، ستكون أشد عنفا، كما ستنشئ بيئة توتر في العلاقات البينية بين الولايات المتحدة وروسيا والصين وغالبية دول الاتحاد الأوروبي التي تؤيد هذا المسار، كما ستؤثر على مصداقية واشنطن مع الدول العربية المهتزة أساسا.
إن إسرائيل التي اقتنصت فرصة وصول دونالد ترامب إلى السلطة ، لن تألو جهدا في المضي لتحقيق هذا الخيار الاستراتيجي بالنسبة إليها، الأمر الذي يستلزم جهدا عربيا مكثفا، في وقت تغرق في همومها التي لا تعد ولا تحصى، بخاصة أن الظروف الإقليمية والدولية المحيطة بقضايا العرب عامة والفلسطينية بخاصة ، غائبة تماما عن السمع في دوائر القرار الدولي.والمفارقة الأشد سوءا في هذا المجال، أننا نحن العرب الذين رفضنا قرار التقسيم ، أي حل الدولتين، نستجدي اليوم المضي به، ولو على أقل من عُشر مساحة فلسطين التاريخية!.