هل تعاد جدولة اتفاق الاطار النووي؟
صحيفة الخليج الاماراتية 13-5-2015
د. خليل حسين
في وقت تنفس الكثيرون الصعداء بعد إعلان الثاني من إبريل/ نيسان الماضي التوصل إلى اتفاق الإطار بين إيران ومجموعة الست، وسريان موجة التفاؤل بحلول الثلاثين من يونيو/ حزيران المقبل كموعد نهائي لإبرامه، ثمة الكثير من المواضيع الحساسة الكامنة في التفاصيل، والتي من الممكن أن تعيد جدولة المواعيد، إن لم يكن التحدث عن صعوبة الاتفاق.
وفي الواقع، ثمة ما أعلن من مسائل وقضايا تقنية متعلقة بالتكنولوجيات ووسائل الاستخدام، وصولاً إلى جداول زمنية متصلة بها، وبخاصة لبعض المواقع والمختبرات وأجهزة الطرد، لكن بمجملها ربطت بقضايا أخرى لا تقل خطراً على الاتفاق نفسه، بفعل الحذر والريبة والتوجس الذي تبديه الأطراف المتفاوضة حول طريقة الالتزام الإيراني أو الإلزام الدولي مستقبلاً، وهو ما يعتبر بيت القصيد في مجمل العملية المستمرة منذ 18 شهراً.
إن أبرز ما تمت مناقشته في الجولة الأخيرة في الأمم المتحدة على هامش مؤتمر مراجعة الحد من انتشار الأسلحة النووية، نقطتان أساسيتان. تتعلق الأولى بآليات فرض العقوبات على إيران إذا أخلت بالتزاماتها بعد رفعها، والثانية قناة مشتريات التكنولوجيات النووية وآلياتها وكيفية التعاطي معها.
في النقطة الأولى، وهي بالمناسبة شكل من أشكال التوجّس ليس بين إيران والغرب فحسب، وإنما أيضاً بين الغرب وكل من روسيا والصين. فنقطة الخلاف تكمن في آلية رفع العقوبات هل عبر دفعة واحدة أم بالتدرج وفقاً لجدول زمني وبالمناسبة غير محدد؟، إضافة إلى إعادة تفعيلها في حال عدم التزام طهران بالاتفاق، هل ستكون العقوبات تلقائية عبر مجلس الأمن، أم سيتطلب الأمر قرارات أخرى؟، وبالتالي إمكانية وقوف روسيا والصين مانعاً من استصدار قرارات جديدة، وهو أمر مفضل من وجهة نظر كل من موسكو وبكين. وفي أي حال من الأحوال ما زالت قضية رفع العقوبات لجهة النوعية والآجال والنوع غير محسومة، وتشكل عقبة كأداء للأطراف جميعاً، باعتبارها نقطة الارتكاز في الرؤية الغربية لإلزام إيران بتعهداتها المفترضة، علاوة على أن صعوبات التوصل إلى قرارات جديدة من مجلس الأمن هي أكثر صعوبة في تلك الحالة بالنظر للاستثمار السياسي والاقتصادي بين كل من طهران وموسكو وبكين.، ما يعني أن هذه النقطة بالتحديد تستلزم المزيد من الأفكار الخلاقة في المفاوضات القائمة وهو أمر يبدو متعذراً حتى الآن. إضافة إلى ذلك إن سعي الغرب على الإصرار على هذه الآلية، ينطلق من قاعدة شمولية العقوبات في حال الإخلال عبر مجلس الأمن، فيما العقوبات الأخرى هي سهلة نسبياً لا سيما المتعلقة بالعقوبات الأمريكية والأوروبية الخاصة ضد طهران. ولا تقتصر المسألة عند هذا الحد، فهي تصل إلى الهاجس الإيراني المرتبط بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في العام 2016، وخوف طهران من وصول الجمهوريين إلى البيت الأبيض وإمكانية التحلل من الالتزامات المبرمة في إدارة باراك أوباما، وهو احتمال قائم بالنظر لسياسة واشنطن البرغماتية في مثل تلك الملفات الدولية.
أما النقطة الثانية، وهي المتعلقة بقناة المشتريات التكنولوجية للبرامج الإيرانية، فلا تقل تعقيداً عن النقطة الأولى، إذ ستكون بنظر طهران بيئة مناسبة وسهلة للإشراف الدقيق والمتابعة الحثيثة لمجمل الملف، في وقت لم تعان طهران سابقاً في هذه الناحية، عبر شبكة جيدة تمكنت من خلالها تجاوز العقوبات الدولية، وهو الأمر المقلق بالنسبة للغرب، وبالتالي محاولة التوصل إلى بيئة محكمة لهذه القضية، ومن بينها لجنة دولية تضم الأطراف المفاوضة، لكن لا يحق لطهران حق الفيتو داخلها، وهو أمر لا تستسيغه طهران بطبيعة الأمر. من هنا تعتبر هذه النقطة بالذات منطلقاً لتخدير البرنامج وخنقه مع الوقت من وجهة النظر الإيرانية، وبالتالي إن موقف المفاوض الإيراني في هذه النقطة هي متشددة كغيرها من النقاط، وبخاصة إن جوهر الموضوع، هو امتلاك التكنولوجيا ومعرفتها أيضاً، وهو أمر لامسه اتفاق الإطار عبر تحديد أطر عمل مركز الأبحاث المركزي في طهران، إضافة إلى بيئة عمل مجمع فوردو.
في المحصلة ما أعلن هو غير ما هو مضمر، وبخاصة في الجولة الأخيرة الأسبوع الماضي، ومن المحتمل أن تكون جولة الأسبوع القادم أكثر حساسية، بخاصة ما يرافقها من ضغوط ميدانية في بعض الساحات التي تمتلك جميع الأطراف نفوذاً فيها، كاليمن وسوريا والعراق ولبنان، حيث تعتبر هذه الساحات مجسات أمنية وعسكرية وسياسية دقيقة لكيفية إدارة المفاوضات واستثمارها في غير اتجاه. ورغم الصور الوردية التي رسمت سابقاً لمسار المفاوضات، ثمة عقبات كثيرة تعرقل التوصل بسلاسة إلى الاتفاق النهائي أواخر يونيو المقبل، وهو أمر بات الجميع يستعد له نفسياً وعملياً، إلا إذا عسى وعلَّ!
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/fcbb996d-f1fa-4a6c-bd04-cddab0ac38f2#sthash.Mj56ECH1.dpuf