رئيس «صنع في لبنان».. مع حبكة خارجية غير معلنة
تاريخ النشر: 27/10/2016
د.خليل حسين
اثنا عشر رئيساً لبنانياً انتخبوا في ظروف مختلفة، لكنها متماثلة في منسوب التأثيرات الخارجية، عشرة منهم حكموا فعلياً، فيما اغتيل اثنان، الأول الشيخ بشير الجميل الذي انتخب إبان الاجتياح «الإسرائيلي» للبنان في عام 1982 والذي اغتيل قبل أيام من القسم الدستوري واستلامه السلطة، والثاني الرئيس رينيه معوّض الذي اغتيل بعد انتخابه بأسبوع والذي اعتبر نتاج تسوية اتفاق الطائف. وحكم بين العشرة الباقين، ثلاثة رؤساء مددت ولاياتهم ثلاث سنوات، إلياس الهراوي وإميل لحود في عهد اتفاق الطائف بين الأعوام 1990 و2006، والثالث الرئيس بشارة الخوري وهو الرئيس الأول بعد الاستقلال. وأيضاً بين الرؤساء العشرة، ثلاثة انتهت ولايتهم بفراغ رئاسي، إذ لم يتمكن المجلس من انتخاب بديل عنهما خلال المدة الدستورية، هما أمين الجميل 1988، إميل لحود 2006، وميشال سليمان 2014، الذي كان انتخابه نتاج تسوية الدوحة في عام 2008.
ومن بين العشرة أيضاً، ثلاثة رؤساء شغلوا قبل انتخابهم قيادة الجيش اللبناني، وهم فؤاد شهاب وإميل لحود وميشال سليمان، وإذا انتخب ميشال عون رئيساً، كما هو مؤكد، يكون الرئيس الثاني بعد الرئيس فؤاد شهاب، الذي عين كل منهما رئيس للحكومة قبل وصوله إلى سدة الرئاسة الأولى.
وما يجمع بين الرؤساء الاثنا عشر، هو حجم التدخل الخارجي في إيصال كل منهم للرئاسة. حتى أن ثمة إجماع بين مؤرخي انتخابات الرئاسة الأولى، أنه لا رئيس صنع في لبنان، وأن هناك دائماً قطبة مخفية توصل مرشح على حساب آخر. فالرئيس الأول بعد الاستقلال بشارة الخوري، انتخب في ظل توافق فرنسي - بريطاني وغطاء عربي، على صيغة الثنائية التي اتسمت بها وثيقة 1943، فيما انتخب كميل شمعون إثر ما سمي بالثورة البيضاء لإنهاء ولاية الخوري الثانية، ورغم الثورة البيضاء التي أوصلته للرئاسة، انتهى عهده بثورة عليه نتيجة انحيازه للسياسات الغربية. ونتيجة لتسوية خارجية أيضاً، مع تأثير واضح للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، انتخب فؤاد شهاب رئيساً، والذي حاول أن يحكم بعد انتهاء ولايته في الظل عبر إيصال شارل حلو للرئاسة بحبكة فرنسية واضحة. ومهما قيل عن لبننة الاستحقاق الرئاسي إبان انتخاب سليمان فرنجية في العام 1970، ثمة الكثير ممن يشككون بوصوله دون تدخل أو ضغط خارجي، وإن يُقال إن الصوت المرجح كان لكمال جنبلاط آنذاك في محاولة لإقصاء مرشح الشهابية إلياس سركيس، والذي انتخب مع دخول سوريا على خط الأزمة اللبنانية في عام 1976 وبغطاء عربي. فيما انتهى عهد الرئيس أمين الجميل في عام 1988 بحكومة عسكرية تقلّد رئاستها العماد ميشال عون، والذي أطيح به بعد اتفاق الطائف وتم نفيه إلى باريس.
اليوم يشهد لبنان مخاضاً طويلاً لانتخاب رئيس للجمهورية، بعد فراغ دستوري استمر لأكثر من سنتين، وبعدما استهلك تعيين 45 جلسة لم يتم فيها التوصل لانتخاب رئيس، بات من المؤكد ونتيجة تسوية داخلية خلطت فيها الكثير من الأوراق، مع حبكة خارجية غير معلنة، من المؤكد وصول ميشال عون لرئاسة الجمهورية. لكن السؤال الأهم في ذلك، ماذا بعد الانتخاب؟
ثمة سوابق كثيرة في الحياة السياسية والدستورية اللبنانية، إبان اتفاق الطائف والدوحة وقبلهما، متصلة بتشكيل الحكومات، والتي باتت المحور الرئيسي بعد اتفاق الطائف لإدارة الحكم، حيث بات مجلس الوزراء هو الحاكم مع رئيس الجمهورية، وبالتالي ما مصير التكليف والتشكيلة الحكومية؟ فهل سيكون الممر مرناً ومريحاً في التعاطي؟ أم أن وعوداً قد أعطيت وستجد صعوبات في تنفيذها؟ ما سبق من حالات تشي بهذه الافتراضات والتساؤلات،إذ ثمة حكومات استلزم تشكيلها شهوراً كثيرة، عكست موازين قوى داخلية وخارجية محيطة بلبنان، وهو أمر قد تعوّدت عليه الحياة السياسية والدستورية اللبنانية، وباتت جزءاً من الحياة السياسية المعاشة. ووسط كل ما يجري، ثمة كلام واضح للعديد من السياسيين اللبنانيين الفاعلين، يؤكد أن مسيرة التشكيل ستطول، وهي بطبيعة الأمر، ستعكس ما يجري حول لبنان من أحداث، وثمة من يقول، إن طبيعة الظروف الخارجية هي التي ستتحكم في منسوب نجاح العهد القادم من عدمه، فهل يعي اللبنانيون ذلك ويكون الرئيس المقبل صناعة لبنانية خالصة؟ ثمة الكثير من المعطيات تشي بعكس ذلك.
اثنا عشر رئيساً لبنانياً انتخبوا في ظروف مختلفة، لكنها متماثلة في منسوب التأثيرات الخارجية، عشرة منهم حكموا فعلياً، فيما اغتيل اثنان، الأول الشيخ بشير الجميل الذي انتخب إبان الاجتياح «الإسرائيلي» للبنان في عام 1982 والذي اغتيل قبل أيام من القسم الدستوري واستلامه السلطة، والثاني الرئيس رينيه معوّض الذي اغتيل بعد انتخابه بأسبوع والذي اعتبر نتاج تسوية اتفاق الطائف. وحكم بين العشرة الباقين، ثلاثة رؤساء مددت ولاياتهم ثلاث سنوات، إلياس الهراوي وإميل لحود في عهد اتفاق الطائف بين الأعوام 1990 و2006، والثالث الرئيس بشارة الخوري وهو الرئيس الأول بعد الاستقلال. وأيضاً بين الرؤساء العشرة، ثلاثة انتهت ولايتهم بفراغ رئاسي، إذ لم يتمكن المجلس من انتخاب بديل عنهما خلال المدة الدستورية، هما أمين الجميل 1988، إميل لحود 2006، وميشال سليمان 2014، الذي كان انتخابه نتاج تسوية الدوحة في عام 2008.
ومن بين العشرة أيضاً، ثلاثة رؤساء شغلوا قبل انتخابهم قيادة الجيش اللبناني، وهم فؤاد شهاب وإميل لحود وميشال سليمان، وإذا انتخب ميشال عون رئيساً، كما هو مؤكد، يكون الرئيس الثاني بعد الرئيس فؤاد شهاب، الذي عين كل منهما رئيس للحكومة قبل وصوله إلى سدة الرئاسة الأولى.
وما يجمع بين الرؤساء الاثنا عشر، هو حجم التدخل الخارجي في إيصال كل منهم للرئاسة. حتى أن ثمة إجماع بين مؤرخي انتخابات الرئاسة الأولى، أنه لا رئيس صنع في لبنان، وأن هناك دائماً قطبة مخفية توصل مرشح على حساب آخر. فالرئيس الأول بعد الاستقلال بشارة الخوري، انتخب في ظل توافق فرنسي - بريطاني وغطاء عربي، على صيغة الثنائية التي اتسمت بها وثيقة 1943، فيما انتخب كميل شمعون إثر ما سمي بالثورة البيضاء لإنهاء ولاية الخوري الثانية، ورغم الثورة البيضاء التي أوصلته للرئاسة، انتهى عهده بثورة عليه نتيجة انحيازه للسياسات الغربية. ونتيجة لتسوية خارجية أيضاً، مع تأثير واضح للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، انتخب فؤاد شهاب رئيساً، والذي حاول أن يحكم بعد انتهاء ولايته في الظل عبر إيصال شارل حلو للرئاسة بحبكة فرنسية واضحة. ومهما قيل عن لبننة الاستحقاق الرئاسي إبان انتخاب سليمان فرنجية في العام 1970، ثمة الكثير ممن يشككون بوصوله دون تدخل أو ضغط خارجي، وإن يُقال إن الصوت المرجح كان لكمال جنبلاط آنذاك في محاولة لإقصاء مرشح الشهابية إلياس سركيس، والذي انتخب مع دخول سوريا على خط الأزمة اللبنانية في عام 1976 وبغطاء عربي. فيما انتهى عهد الرئيس أمين الجميل في عام 1988 بحكومة عسكرية تقلّد رئاستها العماد ميشال عون، والذي أطيح به بعد اتفاق الطائف وتم نفيه إلى باريس.
اليوم يشهد لبنان مخاضاً طويلاً لانتخاب رئيس للجمهورية، بعد فراغ دستوري استمر لأكثر من سنتين، وبعدما استهلك تعيين 45 جلسة لم يتم فيها التوصل لانتخاب رئيس، بات من المؤكد ونتيجة تسوية داخلية خلطت فيها الكثير من الأوراق، مع حبكة خارجية غير معلنة، من المؤكد وصول ميشال عون لرئاسة الجمهورية. لكن السؤال الأهم في ذلك، ماذا بعد الانتخاب؟
ثمة سوابق كثيرة في الحياة السياسية والدستورية اللبنانية، إبان اتفاق الطائف والدوحة وقبلهما، متصلة بتشكيل الحكومات، والتي باتت المحور الرئيسي بعد اتفاق الطائف لإدارة الحكم، حيث بات مجلس الوزراء هو الحاكم مع رئيس الجمهورية، وبالتالي ما مصير التكليف والتشكيلة الحكومية؟ فهل سيكون الممر مرناً ومريحاً في التعاطي؟ أم أن وعوداً قد أعطيت وستجد صعوبات في تنفيذها؟ ما سبق من حالات تشي بهذه الافتراضات والتساؤلات،إذ ثمة حكومات استلزم تشكيلها شهوراً كثيرة، عكست موازين قوى داخلية وخارجية محيطة بلبنان، وهو أمر قد تعوّدت عليه الحياة السياسية والدستورية اللبنانية، وباتت جزءاً من الحياة السياسية المعاشة. ووسط كل ما يجري، ثمة كلام واضح للعديد من السياسيين اللبنانيين الفاعلين، يؤكد أن مسيرة التشكيل ستطول، وهي بطبيعة الأمر، ستعكس ما يجري حول لبنان من أحداث، وثمة من يقول، إن طبيعة الظروف الخارجية هي التي ستتحكم في منسوب نجاح العهد القادم من عدمه، فهل يعي اللبنانيون ذلك ويكون الرئيس المقبل صناعة لبنانية خالصة؟ ثمة الكثير من المعطيات تشي بعكس ذلك.