البروفسور خليل حسين
الامارات وتجربة حكم الشباب
الخليج الامراتية 11-2-2016
تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة وبفترات قياسية وجيزة، من تخطي الكثير من الإنجازات الرائدة، إن كان على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، لتنتقل إلى مجالات أرحب وأوسع في المجالات السياسية والتشاركية، وهو انعكاس لسياسات واعدة، كان آخرها، طلب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، مشاركة الشباب في إدارة البلاد، من خلال تعيين وزير في الحكومة من فئة عمرية محددة.
وفي الواقع، إن لهذا الخيار دلالات واقعية ورمزية، من بينها، أن الخيارات المتاحة هي من الطلاب الجامعيين والجامعيات، ما يعني، أن هذا الطلب قد أتاح الفرصة مرة أخرى، للمرأة الإماراتية المشاركة في أعلى مستويات القرار السياسي في البلاد، سيما، وأن تجربة الإمارات في هذا المجال قد سبقت الآخرين في إشراك المرأة في العديد من المناصب والمواقع الإدارية التنفيذية الرفيعة.
والأمر لا يقف عند هذا الشأن من وسائل وأساليب المشاركة، فالطلب حدد مشاركة الفئة الجامعية، وبالتالي الفئة المتخصصة في مجالات أكاديمية محددة، ما يعني إتاحة الفرصة أيضا، ليقترن الفعل النظري بالعملي، وهي من السياقات المهمة في التطوير السياسي الاجتماعي في مطلق دولة، وهو أمر تعوّدت الإمارات وقياداتها على المضي فيه ولفترات غير مسبوقة في مجتمعاتنا العربية، ويبدو ذلك جليا، عند التدقيق في العديد من المراكز القيادية في الدولة، والتي تملأ عادة بذوي اختصاصات علمية وأكاديمية رفيعة المستوى.
إضافة إلى ذلك، ثمة مفارقة لافتة في هذا المجال، وهو اختيار الفئة العمرية ما دون الخامسة والعشرين من الطلاب والطالبات الجامعيات، ما يعني، التركيز على الفئة العمرية الأشد نشاطاً وحيوية وطموحاً، وقدرة على التعبير عن طموحاتها المستقبلية في إدارة بلادها.
والمفارقة الأهم في ذلك أيضاً، أن اختيار الوزير المقترح في الحكومة، متروك بداية للجامعات في تحديد من يمتلكون صفات القيادة من الجنسين، الإناث والذكور، إذ إن الاختيار في الاقتراح قد تنحت عنه السلطة السياسية، وهو أمر يثنى عليه، وتعتبر سابقة يبنى عليها في مجتمعاتنا العربية. فعندما تترك السلطة السياسية خيار الانتقاء للبيئة المراد تمثيلها في الحكومة، فهذا يعني تجرد وتعفف عن وسائل معتادة ومتعارف عليها في معظم دول العالم، وهي ميزة تسجل للإمارات لا عليها.
لقد أدركت الإمارات منذ أربعة عقود أهمية إيلاء المشاركة السياسية والتطوير الاقتصادي والاجتماعي الأهمية القصوى في سياساتها، ما انعكس بشكل جلي على تصنيفاتها الدولية لجهة مستوى الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية، إذ صُنفت مؤخرا من بين الدول الأولى في العالم في مجال السعادة الفردية والاجتماعية، ما يعكس تصالحاً اجتماعياً وسياسياً مع الذات، وهي ميزة نادرة بل مفقودة في معظم مجتمعاتنا العربية والشرقية.
والخطوة الذكية تعكس أيضاً، فهماً عميقاً لمتطلبات مجتمعاتنا العربية تحديداً، إذ إن اختيار الفئة العمرية هذه، تعكس توجهاً واضحاً نحو الفئة العمرية الأشد تطلعا نحو التطوير والمشاركة، وهي فئة عمرية تشكل أكثر من نصف تعداد سكان مجتمعاتنا العربية، وهي الفئة ألأكثر حماساً للتطوير والتجديد والقدرة على الإبداع والعطاء.
إن تجربة الإمارات وهي سابقة في هذا المجال، تؤسس لوسائل وأساليب حكم وسياسات رائدة، يمكن البناء عليها وتعميمها في بلدان ومجتمعات أخرى، فالخروج مثلا من سياقات تقليدية إلى سياقات تشاركية شبابية، جُربت في العديد من المجتمعات، وتمكنت من نقل مجتمعاتها وأنظمتها من دفة إلى أخرى، وهو أمر من المفيد بل من الضروري تعميمها في غير مجتمع عربي.
إن أبرز مشاكلنا السياسية والاجتماعية في بلداننا العربية، هي تهميش الفئات الشبابية وحرمانها من الدور المفترض الذي ينبغي القيام به، الأمر الذي تنبهت إليه الإمارات وقياداتها، وفتحت الباب واسعاً أمام هذه الفئات تحديدا من صنع مستقبلها، وهو أمر قلَّ نظيره في مجتمعات ودول أخرى. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/bb8aa380-feb8-49e6-9e20-3a899dc60ae2#sthash.XewyQHGV.dpuf
الامارات وتجربة حكم الشباب
الخليج الامراتية 11-2-2016
تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة وبفترات قياسية وجيزة، من تخطي الكثير من الإنجازات الرائدة، إن كان على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، لتنتقل إلى مجالات أرحب وأوسع في المجالات السياسية والتشاركية، وهو انعكاس لسياسات واعدة، كان آخرها، طلب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، مشاركة الشباب في إدارة البلاد، من خلال تعيين وزير في الحكومة من فئة عمرية محددة.
وفي الواقع، إن لهذا الخيار دلالات واقعية ورمزية، من بينها، أن الخيارات المتاحة هي من الطلاب الجامعيين والجامعيات، ما يعني، أن هذا الطلب قد أتاح الفرصة مرة أخرى، للمرأة الإماراتية المشاركة في أعلى مستويات القرار السياسي في البلاد، سيما، وأن تجربة الإمارات في هذا المجال قد سبقت الآخرين في إشراك المرأة في العديد من المناصب والمواقع الإدارية التنفيذية الرفيعة.
والأمر لا يقف عند هذا الشأن من وسائل وأساليب المشاركة، فالطلب حدد مشاركة الفئة الجامعية، وبالتالي الفئة المتخصصة في مجالات أكاديمية محددة، ما يعني إتاحة الفرصة أيضا، ليقترن الفعل النظري بالعملي، وهي من السياقات المهمة في التطوير السياسي الاجتماعي في مطلق دولة، وهو أمر تعوّدت الإمارات وقياداتها على المضي فيه ولفترات غير مسبوقة في مجتمعاتنا العربية، ويبدو ذلك جليا، عند التدقيق في العديد من المراكز القيادية في الدولة، والتي تملأ عادة بذوي اختصاصات علمية وأكاديمية رفيعة المستوى.
إضافة إلى ذلك، ثمة مفارقة لافتة في هذا المجال، وهو اختيار الفئة العمرية ما دون الخامسة والعشرين من الطلاب والطالبات الجامعيات، ما يعني، التركيز على الفئة العمرية الأشد نشاطاً وحيوية وطموحاً، وقدرة على التعبير عن طموحاتها المستقبلية في إدارة بلادها.
والمفارقة الأهم في ذلك أيضاً، أن اختيار الوزير المقترح في الحكومة، متروك بداية للجامعات في تحديد من يمتلكون صفات القيادة من الجنسين، الإناث والذكور، إذ إن الاختيار في الاقتراح قد تنحت عنه السلطة السياسية، وهو أمر يثنى عليه، وتعتبر سابقة يبنى عليها في مجتمعاتنا العربية. فعندما تترك السلطة السياسية خيار الانتقاء للبيئة المراد تمثيلها في الحكومة، فهذا يعني تجرد وتعفف عن وسائل معتادة ومتعارف عليها في معظم دول العالم، وهي ميزة تسجل للإمارات لا عليها.
لقد أدركت الإمارات منذ أربعة عقود أهمية إيلاء المشاركة السياسية والتطوير الاقتصادي والاجتماعي الأهمية القصوى في سياساتها، ما انعكس بشكل جلي على تصنيفاتها الدولية لجهة مستوى الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية، إذ صُنفت مؤخرا من بين الدول الأولى في العالم في مجال السعادة الفردية والاجتماعية، ما يعكس تصالحاً اجتماعياً وسياسياً مع الذات، وهي ميزة نادرة بل مفقودة في معظم مجتمعاتنا العربية والشرقية.
والخطوة الذكية تعكس أيضاً، فهماً عميقاً لمتطلبات مجتمعاتنا العربية تحديداً، إذ إن اختيار الفئة العمرية هذه، تعكس توجهاً واضحاً نحو الفئة العمرية الأشد تطلعا نحو التطوير والمشاركة، وهي فئة عمرية تشكل أكثر من نصف تعداد سكان مجتمعاتنا العربية، وهي الفئة ألأكثر حماساً للتطوير والتجديد والقدرة على الإبداع والعطاء.
إن تجربة الإمارات وهي سابقة في هذا المجال، تؤسس لوسائل وأساليب حكم وسياسات رائدة، يمكن البناء عليها وتعميمها في بلدان ومجتمعات أخرى، فالخروج مثلا من سياقات تقليدية إلى سياقات تشاركية شبابية، جُربت في العديد من المجتمعات، وتمكنت من نقل مجتمعاتها وأنظمتها من دفة إلى أخرى، وهو أمر من المفيد بل من الضروري تعميمها في غير مجتمع عربي.
إن أبرز مشاكلنا السياسية والاجتماعية في بلداننا العربية، هي تهميش الفئات الشبابية وحرمانها من الدور المفترض الذي ينبغي القيام به، الأمر الذي تنبهت إليه الإمارات وقياداتها، وفتحت الباب واسعاً أمام هذه الفئات تحديدا من صنع مستقبلها، وهو أمر قلَّ نظيره في مجتمعات ودول أخرى. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/bb8aa380-feb8-49e6-9e20-3a899dc60ae2#sthash.XewyQHGV.dpuf