تقرير عن أطروحة الطالب حيدر سامي عبد
" دور القوة الذكية في السياسة الخارجية الأمريكية بعد العام
2008"
لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية
ناقش الطالب حيدر سامي عبد، أطروحته المعنونة:" دور القوة الذكية في السياسة الخارجية الأميركية بعد العام 2008" بتاريخ 21-1-2016 أمام اللجنة المكونة من الدكاترة ، كميل حبيب ومحمد وليد عبد الرحيم وكمال حماد وجورج عرموني وخليل حسين ، وجهت للإطروحة العديد من الأسئلة، أجاب الطالب عنها بموضوعية وبسياق أكاديمي وعلمي مميز. وبعد المناقشة والمداولة رأت اللجنة أن الطالب يستحق درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير ممتاز.
انطلق الطالب
في أطروحته من الفشل العسكري الأمريكي في أفغانستان والعراق وانعكاساته السلبية
على الاقتصاد الأمريكي، حيث شعرت النخب السياسية في الولايات المتحدة بالسخط
الكبير لمقدار الضرر الذي ألحقه الرئيس جورج بوش الابن بصورة الولايات المتحدة
عالمياً بعد مغامراته العسكرية في الحرب ضد الإرهاب. هذا الشعور الذي ما لبث أن
انتقل إلى ملايين المواطنين الأمريكيين، بعد أن تزايدت أعداد الضحايا في صفوف
القوات الأمريكية، فضلاً عن استنزاف الخزينة الأمريكية، وتأثير ذلك في الإنفاق على
البرامج الاقتصادية والاجتماعية، ما دفع فريقاً واسعاً من السياسيين إلى اعتبار ، أن
إدارة الرئيس جورج بوش الإبن لم تكن ذكية في توظيف أدوات سياستها الخارجية، نتيجة
لاستخدامها المفرط للقوة العسكرية في حربها ضد الإرهاب، ما يتناقض مع ما تمتلكه
الولايات المتحدة من أدوات القوة الشاملة، فقد طالب هذا الفريق مراكز صنع القرار
في الولايات المتحدة بضرورة إزالة الصبغة
العسكرية التي لوّنت الأداء الخارجي للسياسة الأمريكية طوال مدة حكم الرئيس بوش
الابن والعودة الصريحة إلى منطق الاعتدال في السياسة الخارجية الأمريكية، انطلاقاً
من مبدأ الموازنة بين القوة الناعمة التي ترتكز على جميع الأدوات القائمة على
التأثير والجذب والإقناع، كالإعلام والدبلوماسية والثقافة والمساعدات الاقتصادية،
وبين القوة الصلبة التي ترتكز على جميع الأدوات القائمة على الإكراه والقسر،
كالقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية، ودمجهما في إستراتيجية جديدة تعرف بالقوة
الذكية.
ويعد رئيس
مجلس الاستخبارات الوطنية الأميركية الأسبق، جوزيف ناي ، أول من طرح مفهوم القوة
الذكية، ونجح في نقله إلى عالم مراكز الأبحاث الأمريكية، من اجل إكسابه الصبغة
الشرعية والاهتمام. كما شرع ناي بتشكيل تحالف مع عدد من الأعضاء الجمهوريين
البارزين الذين لم يكونوا راضين إطلاقاً عن نهج وسياسة جورج بوش الابن في السياسة
الخارجية الأمريكية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS)، ليطلق المركز إستراتيجية القوة الذكية في العام
2007. والتي خالفت العديد من الأفكار الأكاديمية الأخرى بشأن الدور الأمريكي في
العالم، وقد صاغ مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أفكاره بعناية، فيما يتعلق
بتراجع القوة الأمريكية في عهد الرئيس بوش الابن، وما يمكن عمله لاستعادة تلك
القوة من خلال التطبيق الدقيق لأساليب القوة الذكية. وقد أشار المركز إلى ضرورة
المزج بين القوة الناعمة والصلبة لمواجهة التحدّيات التي تواجهها السياسة الخارجية
الأمريكية حاضراً ومستقبلاً، تلك التحديات التي لا تحمل طابعاً عسكرياً كإنقاذ
الاقتصاد الأمريكي من عثراته، ومواجهة بروز قوى جديدة على الساحة الدولية كالصين
مثلاً، فضلاً عن بعض القوى التي بدأت تستعيد قوتها من جديد بعد فترة من التراجع
كروسيا، ومحاولة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وأزمة الطاقة وغيرها من
التحدّيات التي يصعب التعامل معها من خلال القوة العسكرية.
وفي ظل بروز
هذه التحدّيات رفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما شعار التغيير في حملته
الانتخابية، وكان لزاماً عليه التّخلي عن أفكار سلفه السابق بوش الابن وسياساته
المتهوّرة، فعرض أفكاراً تتلاءم مع الوضع الدولي الجديد، الذي لم تعد فيه الولايات
المتحدة القوة العظمى المهيمنة بلا منافس، لذلك تبنى فكرة التحوّل في أداء السياسة الخارجية
الأمريكية من القوة الصلبة إلى القوة
الذكية.
تكمن أهمية الدراسة في النقاط الآتية:
1- تستمد الدراسة أهميتها من حيوية موضوعها وحداثته وندرته
النسبية في أدبيات العلاقات الدولية، فلم يبرز موضوع القوة الذكية إلا بعد أن
أصيبت الولايات المتحدة بإخفاقات عسكرية أدّت إلى تراجع مكانتها في قمة هرم النظام
الدولي، نتيجة الاستخدام المفرط للقوة العسكرية الأمريكية في أفغانستان والعراق.
2- تُقدم هذه الدراسة تصوّراً عن ثوابت ومتغيرات السياسة
الخارجية الأمريكية.
3- تُعد هذه
الدراسة إضافة معرفية للمكتبة العربية في مجال السياسة الدولية ، إذ يندر وجود
دراسات تُعنى بالقوة الذكية في مكتبتنا العربية، وربما يعود ذلك لحداثة هذا
المفهوم في الدراسات السياسية والإستراتيجية.
4- تُقدم
الدراسة رؤية تحليلية لأثر القوة الذكية في تجديد وتحديد ملامح السياسة الخارجية
الأمريكية واتجاهاتها مستقبلاً.
5- إن
معرفة ماهيّة القوة الذكية وأصولها الفكرية حتماً ستسهم في رسم خطوط أساسية يمكن
الإفادة منها مستقبلاً للتنبؤ بمسارات وتطورات السياسة الخارجية الأمريكية.
انطلقت إشكالية الدراسة من محورين أساسيين هما:
1- إن السياسة الخارجية الأمريكية ومنذ بداية عهد الرئيس
باراك أوباما باتت تواجه تحدّيات غير
تقليدية، تنذر بتراجع الهيمنة الأمريكية على العالم، وهذه التحدّيات كانت في
معظمها نتيجة تداعيات حربي أفغانستان والعراق، إذ أفضت تلكما الحربان إلى نكسة
حقيقة للقدرة الاقتصادية الأمريكية، والتي تكلّلت بانهيار أسواق المال الأمريكية
في العام 2008، وتراجع سمعة الولايات المتحدة وثقلها العالمي، وقد تزامن ذلك مع
ظهور تحدّيات دولية أخرى ليست ذات طابع
عسكري، متمثلة في بزوغ نجم قوى دولية
جديدة بدأت تنافس الولايات المتحدة وتملأ الفراغ الذي خلّفه تفكك الاتحاد
السوفياتي، وتعيد التوازن إلى النظام الدولي من جديد. ومن بين أكثر القوى المرشحة
لإحتلال هذه المكانة، هي الصين وروسيا، بوصفهما قوتين دوليتين صاعدتين ومتقدمتين، فضلاً عن أنّ أزمة انتشار السلاح النووي، وأزمة الطاقة وغيرها من التحدّيات ،
قد بات من الصعب التعامل معها من خلال القوة العسكرية، لا سيما وأن هذه التحدّيات
تختلف كليّاً عن بعضها الآخر، كما تقتضي بعض هذه التحدّيات ترجيح أدوات القوة
الناعمة أو القوة الصلبة لمواجهتها.
2- إن البحث عن دور القوة الذكية في السياسة الخارجية
الأمريكية مع ظهور هذه التحدّيات أصبح من
الضرورات الإستراتيجية.
حاول الطالب في الدراسة تحقيق الأهداف الآتية:
1- تحديد الإطار النظري والمفاهيمي للقوة الذكية ومقوماتها
في المنظور الأمريكي.
2- كشف أسباب تحوّل أداء السياسة الخارجية الأمريكية من
القوة الصلبة إلى القوة الذكية وإظهارها.
3- كشف أهداف القوة الذكية ووسائل تنفيذها في السياسة
الخارجية الأمريكية وإظهارها.
4- تبيان دور القوة الذكية في مواجهة تحدّيات السياسة
الخارجية الأمريكية.
5- استشراف مستقبل أداء القوة الذكية بعد معرفة مؤشرات
تطبيقها في السياسة الخارجية الأمريكية خلال عهد الرئيس باراك أوباما.
هدفت الدراسة لإثبات فرضية مفادها، أن القوة
الذكية، قد أصبحت من المرتكزات الفاعلة التي تعتمدها السياسة الأمريكية في أدائها
الخارجي، من أجل تحقيق أهدافها وديمومة هيمنتها ونفوذها على العالم، سيما وأن
مؤسسات صنع القرار الأمريكي باتت تؤمن بأن استمرار العمل بالقوة العسكرية وبالشكل
الانفرادي بات لا يجدي نفعاً في ظل تزايد الخسائر الناجمة عن الحروب المستمرة، وأن
القوة الذكية ستكون من وجهة نظر إدارة الرئيس باراك أوباما أكثر فاعلية وأمضى
تأثيراً في مواجهة تحدّيات السياسة الخارجية الأمريكية .
استعان
الطالب بمناهج عدة ، فقد اعتمد على المنهج التاريخي في تحليل الأحداث التاريخية
على امتداد الأطروحة، واعتمد المنهج الوصفي كأحد المناهج الرئيسة في دراسة مفهوم
القوة الذكية الأمريكية ومقوماتها وأهدافها ووسائل تنفيذها، فضلاً عن وصف المؤسسات
الرسمية وغير الرسمية التي تؤدي دوراً مؤثراً في عملية صنع السياسة الخارجية
الأمريكية. كما استخدم المنهج التحليلي، عند دراسة المتغيرات
والعوامل التي أسهمت في تبلور مفهوم القوة الذكية، فضلاً عن تحليل النماذج
التطبيقية للقوة الذكية في السياسة الخارجية الأمريكية. ولدراسة مستقبل أداء
القوة الذكية تمّت الاستعانة بالمنهج الاستشرافي الاحتمالي القائم على عرض أكثر من
احتمال، واستشراف المستقبل عن طريق ترجيح أحد الاحتمالات التي يمكن لصورة المستقبل
أن تقترن به أكثر من غيره.
يسجل للأطروحة التالي:
أولا:
في الشكل:
1. جاء
التقسيم الثنائي للأطروحة موفقا ومتلائما مع طبيعة الموضوع ووسائل البحث المفترضة.
2. ثمة توازن بين البابين والفصول والمباحث
والمطالب.
3. خلت الأطروحة من الأغلاط المطبعية واللغوية.
4. التوثيق والهوامش جيدة جدا، وطرق الإسناد إلى
المعلومات واضحة.
5. اللافت في الأطروحة المراجع والمصادر الحديثة
والتي تضمنت لوائح حتى العام 2016.
ثانيا: في المضمون:
1. جاء اختيار الموضوع موفقا في مرحلة تمر فيها
الولايات المتحدة الأميركية بأزمة خفوت السيطرة على النظام العالمي، وهذا ما تم
التعبير عنه بشكل واضح في معظم مراحل الأطروحة وأقسامها.
2. كما أتى عنوان الأطروحة والعناوين الأساسية
والفرعية متطابقة مع المضمون ومتفقة في الإطار العام لسياق الأطروحة.
3. المنهجية والفرضيات التي تمت صياغتهما، كانتا
واضحتين، وأدتا الدور المفترض لانجاز كتابة الأطروحة.
4. الاستنتاجات والمقترحات التي تم التوصل إليها
كانت واضحة وتعبّر عن استيعاب الطالبة لدقائق الأمور في الأطروحة.
5. استعمل الطالب مروحة واسعة من المراجع العربية
والأجنبية المهمة والحديثة ذات الصلة بموضوع الأطروحة.
6. استندت الطالب إلى جداول إحصائية جيدة ومعبرة
عما توصلت إليه الطالب من استنتاجات ومقترحات.،
7.
الأبرز في الأطروحة
محاولته تقديم جديد في الأطروحة، وهو التفريق والتمييز بين القوة الذكية والقوة
الناعمة تحديدا
ناقش الطالب حيدر
سامي عبد، أطروحته
المعنونة:" دور القوة الذكية في السياسة الخارجية الأميركية بعد العام 2008"
بتاريخ 21-1-2016 أمام اللجنة المكونة من الدكاترة ، كميل حبيب ومحمد وليد عبد الرحيم وكمال حماد
وجورج عرموني وخليل حسين ، وجهت للإطروحة العديد من الأسئلة، أجاب الطالب
عنها بموضوعية وبسياق أكاديمي وعلمي مميز. وبعد المناقشة والمداولة رأت اللجنة أن
الطالب يستحق درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير ممتاز.
بيروت:
21-1- 2016 أ.د.خليل
حسين