تطور الأنظمة القانونية في الدول الأسيوية عبر التبادل التشريعي
د. خليل حسين
استاذ في الجامعة اللبنانية
ورقة عمل المجلس النيابي الى مؤتمر بيجينغ المنعقد ما بي
24 و 25 – كانون الثاني 2003
بيروت في : 2-1-2003
بات التعاون الاقليمي من سمات النظام العالمي القائم بل احد اسسه المعلنة على الاقل ، ومن باب اولى ان يكون التعاون بين الدول في مجالات التشريع امرا حيويا لأي تجمع اقليمي واعد ، باعتباره اساسا لتوجيه المجتمعات لما تصبو اليه من قيم ومبادىء ؛ سيما وأن العديد من الاسباب والاعتبارات قد اثرت على سلوكيات المجتمعات في الدول في عصرنا الراهن .
وحري ان يكون هذا الوضع من بين اولويات الدول الاسيوية ، التي تشكل بمعظمها اساسا لحضارات ضاربة في عمق التاريخ ، ففي آسيا كان مهبط الاديان السماوية وما جاءت به من تشريعات دنيوية ، كما فيها ترعرعت فلسفات وايدولوجيات فسّرت مظاهر الحياة الميتافيزيقية والمادية، واختزلت الكثير من التاريخ واحداثه بأفكار ومعتقدات لا زالت بصماتها ضاربة في اذهاننا حتى اليوم .
وكما في الماضي ، في الحاضر مظاهر متممّة لما سبق، فالدول الاسيوية بنسيجها الاجتماعي والسياسي افرزت انظمة دستورية وقانونية متعددة ومتنوعة، فكما فيها الانظمة الرئاسية فيها الانظمة البرلمانية والمجلسية، وان احتضنت مجتمعاتها الانظمة الملكية فطورت بعضها الى ملكية دستورية ، وان اتخذ بعضها انظمة سياسية مستندة الى ايديولوجيات وفلسفات متناقضة في طبيعتها ونظرتها للامور ، ففي معظم دولها ما تشترك به من تفاصيل الامور ودقائقها ، ومن هذا المنطلق ان التعاون بين جمعية البرلمانات الاسيوية للتعاون من اجل السلام ، امر من شأنه تطوير مجتمعات الدول وتوجيهها بالشكل الذي يتناسب وطموحاتها وتتطلعاتها .
ان سلسلة النجاحات التي حققتها اجتماعات برلمانات للدول الاسيوية في دوراتها الثلاث السابقة ، يجعل من دورتها الرابعة محط انظار الكثير من الدول للانضمام اليها والمشاركة في فعاليات اعمالها، للعديد من الاسباب وأبروها :
- ان التقدم التكنولوجي الهائل الذي لف دول العالم بأسره والذي بات اسير تفاصيله ، بات بحاجة ماسة الى اعادة النظر بالعديد من التشريعات والقوانين التي تتحكم باسلوب حياة المجتمعات ، بحيث باتت الحاجة ماسة لمجاراة ما تبدل وتغير بقوالب قانونية تحكم نتائج هذه التغيرات ان لجهة الحقوق والواجبات الناجمة عن اي فعل يترتب عليه آثار قانونية .
- ان الاحداث التي عصفت في بداية الالفية الثالثة شكلت تحديات كبيرة للدول الاسيوية ، لما يلصق بها من تهم غالبيتها لا اتمت الى الحقيقية بصلة ، وباتت في موقع تبدو فيها مجبرة على تبرير الكثير من المسائل، الامر الذي يحثها على التعاون الاقليمي لايجاد الحلول لهذه المسائل والاجابة على العديد من الاسئلة والتحديات التي باتت تمس جوهر وجودها وكياناتها .
- ان القارة الاسيوية التي تشكل اكبر تجمع سكاني في العالم ، والاكثر لجهة تعداد الدول ، والاكثر لجهة التنوع الحضاري والثقافي ، وكذلك لجهة الموارد الاقتصادية ، وايضا لجهة الاستهدافات السياسية وما يتبعها من استهدافات اخرى، باتت معنية اكثر من اي وقت مضى لايجاد السبل الكفيلة لحماية مصالحها بمواجهة الغير ، وبما ان التشريعات هي الاساس في تسيير سلوكيات الدول والمجتمعات ، فان جمعية برلمانات الدول الاسيوية تشكل وجهة صحيحة وضمانة معقولة لمناقشة ما تشكو منه وصولا الى ما تصبو اليه من حلول.
لتلك الاسباب السالفة الذكر ولغيرها، نرى بأن تطوير العمل التشريعي في البرلمانات الاسيوية وتبادلها يشكل اساسا واعدا لاخذ هذه الدول مكانة هامة على الصعيد الدولي ، ولذلك نقترح ما يلي:
- التأكيد على دورية اجتماعات الجمعية والالتزام بحضورها ومتابعة ما يصدر عنها من توصيات ومقررات .
- انشاء لجنة متابعة خاصة يكون من بين مهامها متابعة وملاحقة التعديلات الدستورية والتشريعية الهامة لهذه للدول المشاركة في الجمعية ، وتوثيق ما يهم التعاون الاقليمي منها وتعميمه على الدول الاعضاء.
- انشاء آلية محددة لرصد آلية العمل التشريعي في الدول الاعضاء واستخلاص الاساليب الاكثر جدوى في تسريع العمل التشريعي وتعميمة.
- انشاء آلية اتصال لمراكز الدراسات في البرلمانت الاسيوية بهدف تبادل المعلومات والعمل على انشاء قاعدة بيانات مشتركة لهذه المؤسسات بهدف تسهيل التبادل والاستفادة القصوى منها .
- تشكيل لجنة خاصة لتحديد الاولويات والتحديات التي تواجه العمل التشريعي في هذه الدول، والعمل على تحديد القواسم المشتركة والتقريب بين المختلف فيها بهدف الوصول الى صياغات متقاربة للنصوص التشريعية اذا امكن .
- محاولة توحيد الرؤى للتحديات التي تواجه الدول الاعضاء بهدف ايجاد النصوص الملائمة في كل دولة ، والعمل على عقد اتفاقات مشتركة للحد من نتائج وذيول هذه التحديات .
ان عملية تطور الانظمة الدستورية والقانونية في مختلف الدول والتجمعات السياسية ، هي عملية دائمة ومستمرة ، وهي غير مرتبطة بظرف محدد ، بل تتطلب جهودا متواصلة ومتابعة مستمرة وجادة ، لذا من الواضح ان جمعية البرلمانات الاسيوية تنتظرها الكثير من العمل سيما في هذه الظروف التي تعصف في معظم دولها ، الامر الذي يرتب على برلماناتها المزيد من العمل للتعبير عن الرؤى الصحيحية للشعوب التي يمثلونها .
د. خليل حسين
استاذ في الجامعة اللبنانية
ورقة عمل المجلس النيابي الى مؤتمر بيجينغ المنعقد ما بي
24 و 25 – كانون الثاني 2003
بيروت في : 2-1-2003
بات التعاون الاقليمي من سمات النظام العالمي القائم بل احد اسسه المعلنة على الاقل ، ومن باب اولى ان يكون التعاون بين الدول في مجالات التشريع امرا حيويا لأي تجمع اقليمي واعد ، باعتباره اساسا لتوجيه المجتمعات لما تصبو اليه من قيم ومبادىء ؛ سيما وأن العديد من الاسباب والاعتبارات قد اثرت على سلوكيات المجتمعات في الدول في عصرنا الراهن .
وحري ان يكون هذا الوضع من بين اولويات الدول الاسيوية ، التي تشكل بمعظمها اساسا لحضارات ضاربة في عمق التاريخ ، ففي آسيا كان مهبط الاديان السماوية وما جاءت به من تشريعات دنيوية ، كما فيها ترعرعت فلسفات وايدولوجيات فسّرت مظاهر الحياة الميتافيزيقية والمادية، واختزلت الكثير من التاريخ واحداثه بأفكار ومعتقدات لا زالت بصماتها ضاربة في اذهاننا حتى اليوم .
وكما في الماضي ، في الحاضر مظاهر متممّة لما سبق، فالدول الاسيوية بنسيجها الاجتماعي والسياسي افرزت انظمة دستورية وقانونية متعددة ومتنوعة، فكما فيها الانظمة الرئاسية فيها الانظمة البرلمانية والمجلسية، وان احتضنت مجتمعاتها الانظمة الملكية فطورت بعضها الى ملكية دستورية ، وان اتخذ بعضها انظمة سياسية مستندة الى ايديولوجيات وفلسفات متناقضة في طبيعتها ونظرتها للامور ، ففي معظم دولها ما تشترك به من تفاصيل الامور ودقائقها ، ومن هذا المنطلق ان التعاون بين جمعية البرلمانات الاسيوية للتعاون من اجل السلام ، امر من شأنه تطوير مجتمعات الدول وتوجيهها بالشكل الذي يتناسب وطموحاتها وتتطلعاتها .
ان سلسلة النجاحات التي حققتها اجتماعات برلمانات للدول الاسيوية في دوراتها الثلاث السابقة ، يجعل من دورتها الرابعة محط انظار الكثير من الدول للانضمام اليها والمشاركة في فعاليات اعمالها، للعديد من الاسباب وأبروها :
- ان التقدم التكنولوجي الهائل الذي لف دول العالم بأسره والذي بات اسير تفاصيله ، بات بحاجة ماسة الى اعادة النظر بالعديد من التشريعات والقوانين التي تتحكم باسلوب حياة المجتمعات ، بحيث باتت الحاجة ماسة لمجاراة ما تبدل وتغير بقوالب قانونية تحكم نتائج هذه التغيرات ان لجهة الحقوق والواجبات الناجمة عن اي فعل يترتب عليه آثار قانونية .
- ان الاحداث التي عصفت في بداية الالفية الثالثة شكلت تحديات كبيرة للدول الاسيوية ، لما يلصق بها من تهم غالبيتها لا اتمت الى الحقيقية بصلة ، وباتت في موقع تبدو فيها مجبرة على تبرير الكثير من المسائل، الامر الذي يحثها على التعاون الاقليمي لايجاد الحلول لهذه المسائل والاجابة على العديد من الاسئلة والتحديات التي باتت تمس جوهر وجودها وكياناتها .
- ان القارة الاسيوية التي تشكل اكبر تجمع سكاني في العالم ، والاكثر لجهة تعداد الدول ، والاكثر لجهة التنوع الحضاري والثقافي ، وكذلك لجهة الموارد الاقتصادية ، وايضا لجهة الاستهدافات السياسية وما يتبعها من استهدافات اخرى، باتت معنية اكثر من اي وقت مضى لايجاد السبل الكفيلة لحماية مصالحها بمواجهة الغير ، وبما ان التشريعات هي الاساس في تسيير سلوكيات الدول والمجتمعات ، فان جمعية برلمانات الدول الاسيوية تشكل وجهة صحيحة وضمانة معقولة لمناقشة ما تشكو منه وصولا الى ما تصبو اليه من حلول.
لتلك الاسباب السالفة الذكر ولغيرها، نرى بأن تطوير العمل التشريعي في البرلمانات الاسيوية وتبادلها يشكل اساسا واعدا لاخذ هذه الدول مكانة هامة على الصعيد الدولي ، ولذلك نقترح ما يلي:
- التأكيد على دورية اجتماعات الجمعية والالتزام بحضورها ومتابعة ما يصدر عنها من توصيات ومقررات .
- انشاء لجنة متابعة خاصة يكون من بين مهامها متابعة وملاحقة التعديلات الدستورية والتشريعية الهامة لهذه للدول المشاركة في الجمعية ، وتوثيق ما يهم التعاون الاقليمي منها وتعميمه على الدول الاعضاء.
- انشاء آلية محددة لرصد آلية العمل التشريعي في الدول الاعضاء واستخلاص الاساليب الاكثر جدوى في تسريع العمل التشريعي وتعميمة.
- انشاء آلية اتصال لمراكز الدراسات في البرلمانت الاسيوية بهدف تبادل المعلومات والعمل على انشاء قاعدة بيانات مشتركة لهذه المؤسسات بهدف تسهيل التبادل والاستفادة القصوى منها .
- تشكيل لجنة خاصة لتحديد الاولويات والتحديات التي تواجه العمل التشريعي في هذه الدول، والعمل على تحديد القواسم المشتركة والتقريب بين المختلف فيها بهدف الوصول الى صياغات متقاربة للنصوص التشريعية اذا امكن .
- محاولة توحيد الرؤى للتحديات التي تواجه الدول الاعضاء بهدف ايجاد النصوص الملائمة في كل دولة ، والعمل على عقد اتفاقات مشتركة للحد من نتائج وذيول هذه التحديات .
ان عملية تطور الانظمة الدستورية والقانونية في مختلف الدول والتجمعات السياسية ، هي عملية دائمة ومستمرة ، وهي غير مرتبطة بظرف محدد ، بل تتطلب جهودا متواصلة ومتابعة مستمرة وجادة ، لذا من الواضح ان جمعية البرلمانات الاسيوية تنتظرها الكثير من العمل سيما في هذه الظروف التي تعصف في معظم دولها ، الامر الذي يرتب على برلماناتها المزيد من العمل للتعبير عن الرؤى الصحيحية للشعوب التي يمثلونها .