رحيل رفيق الحريري : زلزال ضرب التاريخ والجغرافيا
د.خليل حسين
استاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
رئيس مصلحة الدراسات في مجلس النواب
من أين نبدأ فالتاريخ تلاشى، والجغرافيا ضاقت بأصحابها،وكأن الزمن يهرب بنا إلى الوراء والمساحات تضج ذرعا بمن يدبُّ عليها،الكل يسأل عن رفيق رحل عنه أو أخذ منه،يتردد الصدى بداخل أجوف لا معنى له،وتسكت الحدقات عن الحراك وترتخي الجفون بأهداب تتوسل الإتكاء على قلب حريري اتسع لوطن لا زال يناديه. رجل دولة لم تَسَعهُ،ورجل سلطة لم تِذعِنهُ، حاكم حكيم،طيب النفس كريم،كلمته حد سيف في الوغى وقراره حسام إذ انبرى.
جال في أصقاع الأرض مشرقها ومغربها فكبر لبنان به واتكأ شعبه على طمأنينة افتقدها فكوَّن لبلده رصيدا بين الدول وشعر الكبير كما الصغير بأهمية دوره وموقعه. فلبنان لم يعد كما كان وبات دائما في الحسبان. وحَّد شعبا مزقته الحروب وفرقته التدخلات، علَّم أجيال وبنى مؤسسات.
هاجسه وحدة لبنان وما يحفظها، حمى المقاومة بريف العيون،فأمَّن لها غطاء دولي وجَهِدَ في لمِّ اللبنانيين حولها. كسر خطط التوطين وفرض قرار اللبنانيين . عمَّر بشرا في الثمانينيات، وعمَّر حجرا في التسعينيات، ونقل لبنان إلى ألفية ثالثة موحدا مستقرا آمنا،فأين نحن اليوم؟
سنة من الظلام غابت فيها الحقيقة أو غُيبت، دولة ومؤسسات واهنة، شعب تباعده الأهواء وتهدده الأنواء، وحدة وطنية في مهب الريح، مصير مجهول وأمل مقتول ، قضايا مركزية باتت تلوكها الألسن بمشاعر استفزازية، لا قيِّمَ حضارية ولا إنسانية،أمور فلتت من عِقالها،قلة تعرف ماذا تريد وكثرة تختبئ بالشعارات لتستفيد، لبنان بشعبه ماض إلى مصير محتوم يعيد كرَّة زمن غابر دُفع فيه الكثير الكثير.
في الذكرى الأولى لغيابه ثمة أسئلة تُطرح وتنتظر أجوبة واضحة بوضوح جريمة الاغتيال،ما هي الأهداف الرئيسة لاغتياله ؟وما هي سبل المواجهة لدرء تداعياته؟وغيرها الكثير من الأسئلة التي لا تعد ولا تحصى،إلا أن أهمها على الإطلاق هو هل يرضى الرئيس الشهيد بما هو عليه لبنان الآن؟
أن تكريم رجل بهذا القدر من المكانة مرتبط بالمضي في تحقيق ما حلم به لوطنه وشعبه، وبالتالي تضافر كل الجهود الصادقة لإعادة نقل لبنان إلى بر الأمان كما نقله الرئيس الشهيد، وهذا يتطلب مكاشفة صريحة بين مختلف شرائح المجتمع اللبناني حول سبل إعادة ترميم الوحدة الوطنية ،وهذا الشرط مرتبط بثابت آخر وهو الكشف عن حقيقة الاغتيال وأهدافه ودوافعه علَّ في ذلك بداية جامعة على مختلف القضايا المصيرية.
لقد بات لبنان في عين العاصفة ويتطلب الوضع مواقف وخيارات بمستوى خيارات ومواقف شهيد الدولة، فهل يعي من بيدهم الأمر خطورة ذلك؟إن اخطر الزلازل تلك التي تضرب الزمان لا المكان،فهي تمحي ذاكرة الشعوب عندما تفتقد قادتها أو تنقلب على قيمها،فيما المكان قابل للتطويع كما نريد.
إن رجلا وقف في وجه الأعاصير دفاعا عن قِيَمَ لبنان وأسباب منعته وقوته يجب أن يُكرم مكرمة الشهداء، فلم يسأل يوما عن خرائط الجغرافيا ولا التاريخ لأن إيمانه بوطنه وشعبه لا يحده المكان ولا الزمان، فأي معنى للحدود وهو الذي لفَّ العالم بأسره بحثا عن سبل حماية وطنه. فكم نحن اليوم بحاجة لحكمتك في حمأة الهوج الذي نعيش، وكم نحن اليوم بحاجة إلى بعد نظرك وعلاقتك، إننا بحاجة لكل شيء ولا نملك شيء،نحتاج لرفيق صادق إذا وعد وفى، نحتاج لرفيق كلمته خيار وقرار،من أين ننهي فراغ في المكان والزمان صعب النطق فيه.
د.خليل حسين
استاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
رئيس مصلحة الدراسات في مجلس النواب
من أين نبدأ فالتاريخ تلاشى، والجغرافيا ضاقت بأصحابها،وكأن الزمن يهرب بنا إلى الوراء والمساحات تضج ذرعا بمن يدبُّ عليها،الكل يسأل عن رفيق رحل عنه أو أخذ منه،يتردد الصدى بداخل أجوف لا معنى له،وتسكت الحدقات عن الحراك وترتخي الجفون بأهداب تتوسل الإتكاء على قلب حريري اتسع لوطن لا زال يناديه. رجل دولة لم تَسَعهُ،ورجل سلطة لم تِذعِنهُ، حاكم حكيم،طيب النفس كريم،كلمته حد سيف في الوغى وقراره حسام إذ انبرى.
جال في أصقاع الأرض مشرقها ومغربها فكبر لبنان به واتكأ شعبه على طمأنينة افتقدها فكوَّن لبلده رصيدا بين الدول وشعر الكبير كما الصغير بأهمية دوره وموقعه. فلبنان لم يعد كما كان وبات دائما في الحسبان. وحَّد شعبا مزقته الحروب وفرقته التدخلات، علَّم أجيال وبنى مؤسسات.
هاجسه وحدة لبنان وما يحفظها، حمى المقاومة بريف العيون،فأمَّن لها غطاء دولي وجَهِدَ في لمِّ اللبنانيين حولها. كسر خطط التوطين وفرض قرار اللبنانيين . عمَّر بشرا في الثمانينيات، وعمَّر حجرا في التسعينيات، ونقل لبنان إلى ألفية ثالثة موحدا مستقرا آمنا،فأين نحن اليوم؟
سنة من الظلام غابت فيها الحقيقة أو غُيبت، دولة ومؤسسات واهنة، شعب تباعده الأهواء وتهدده الأنواء، وحدة وطنية في مهب الريح، مصير مجهول وأمل مقتول ، قضايا مركزية باتت تلوكها الألسن بمشاعر استفزازية، لا قيِّمَ حضارية ولا إنسانية،أمور فلتت من عِقالها،قلة تعرف ماذا تريد وكثرة تختبئ بالشعارات لتستفيد، لبنان بشعبه ماض إلى مصير محتوم يعيد كرَّة زمن غابر دُفع فيه الكثير الكثير.
في الذكرى الأولى لغيابه ثمة أسئلة تُطرح وتنتظر أجوبة واضحة بوضوح جريمة الاغتيال،ما هي الأهداف الرئيسة لاغتياله ؟وما هي سبل المواجهة لدرء تداعياته؟وغيرها الكثير من الأسئلة التي لا تعد ولا تحصى،إلا أن أهمها على الإطلاق هو هل يرضى الرئيس الشهيد بما هو عليه لبنان الآن؟
أن تكريم رجل بهذا القدر من المكانة مرتبط بالمضي في تحقيق ما حلم به لوطنه وشعبه، وبالتالي تضافر كل الجهود الصادقة لإعادة نقل لبنان إلى بر الأمان كما نقله الرئيس الشهيد، وهذا يتطلب مكاشفة صريحة بين مختلف شرائح المجتمع اللبناني حول سبل إعادة ترميم الوحدة الوطنية ،وهذا الشرط مرتبط بثابت آخر وهو الكشف عن حقيقة الاغتيال وأهدافه ودوافعه علَّ في ذلك بداية جامعة على مختلف القضايا المصيرية.
لقد بات لبنان في عين العاصفة ويتطلب الوضع مواقف وخيارات بمستوى خيارات ومواقف شهيد الدولة، فهل يعي من بيدهم الأمر خطورة ذلك؟إن اخطر الزلازل تلك التي تضرب الزمان لا المكان،فهي تمحي ذاكرة الشعوب عندما تفتقد قادتها أو تنقلب على قيمها،فيما المكان قابل للتطويع كما نريد.
إن رجلا وقف في وجه الأعاصير دفاعا عن قِيَمَ لبنان وأسباب منعته وقوته يجب أن يُكرم مكرمة الشهداء، فلم يسأل يوما عن خرائط الجغرافيا ولا التاريخ لأن إيمانه بوطنه وشعبه لا يحده المكان ولا الزمان، فأي معنى للحدود وهو الذي لفَّ العالم بأسره بحثا عن سبل حماية وطنه. فكم نحن اليوم بحاجة لحكمتك في حمأة الهوج الذي نعيش، وكم نحن اليوم بحاجة إلى بعد نظرك وعلاقتك، إننا بحاجة لكل شيء ولا نملك شيء،نحتاج لرفيق صادق إذا وعد وفى، نحتاج لرفيق كلمته خيار وقرار،من أين ننهي فراغ في المكان والزمان صعب النطق فيه.