اشكالية البرلمان العربي الموحد
د.خليل حسين
رئيس مصلحة الدراسات في مجلس النواب اللبناني
استاذ القانون الدولي في الجامعة اللبناتنية
لا شك بأن الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للتجمعات الاقليمية اضافة الى وزنها في المعادلات الاقليمية والدولية تلعب اثرا هاما في اي مشروع تكاملي بين هذه الدول او الكيانات ؛ وما ينطبق على العامة من الدول ينطبق على الدول العربية مع بعض الخصوصيات .
فالظاهرة الطبيعية ان لم نقل القاعدة ، ان الميل يزداد نحو التكامل والوحدة بين الكيانات السياسية ذات البعد القومي الواحد كلما ازدادت المخاطر والتحديات عليها، وغريب المفارقات في هذا الموضوع ، ان الامة العربية وما تستوعبها من دول نشأت في ظل تحديات دولية عاتية وظلت عرضة للمخاطر القوية باستمرار ، واليوم تمر بأسوأ ظروف يمكن ان تشهدها ولا زالت تفتقر الى الحد الادنى من شروط بقائها كدول ذات سيادة حقيقية ، فما هي التحديات التي تواجه الامة حاليا ؟ وكيف يمكن تخطيها او المساعدة في تقليل الخسائر قدر الامكان ؟.
ان ما يسود الوضع العربي اليوم هو وضع اشبه ما يكون بالوضع الذي ساد قبل نشوءها ، اقطار متفرقة يباعد بينها السياسات والمحاور، وظروف عالمية غير مؤاتية البتة لمصلحتها في الوقت الذي تحاك ضدها المؤامرات وتوريطها بمسائل وأمور تهدف الى تحميلها اثمانا سياسية واقتصادية كبيرة حتى على حساب سياداتها ووحدة اراضيها ؛ الا ان الشيء الوحيد الواعد في هذه الظروف جماهير تلك الدول وما تتطلع اليه ، وما يحركها من قضايا تقرب بينها، الامر الذي يساعد على تحقيق وحدة المؤسسة التي يمكن ان تمثلها مهما كبرت وتععدت الصعوبات والمعوقات .
فعلى الرغم من الآثار السلبية التي تركتها العلاقات العربية – العربية على مستوى عملية التكامل، فان اتجاهات وتيارات كثيرة لا زالت تعمل بقوة على تحقيق المثل والاهداف العليا للوحدة العربية خارج المؤسسات الرسمية او في بعضها كجامعة الدول العربية على سبيل المثال، وان كانت في الاصل لم تشر في ميثاقها الاساسي الى اي اطار تكاملي برلماني بين الدول العربية ، كما الحال في معاهدة حلف شمالي الاطلسي كمقاربة تكاملية بين الوضعين الاوروبي والعربي رغم ملاحظة الفورقات الهامة بين التجربتين ؛ فالتجربة الاوروبية تمكنت من تخطي العديد من الامور المتعلقة بالمسائل السيادية لمصلحة الوحدة كتجربة البرلمان الاوروبي الموحد ، بينما تجربة جامعة الدول العربية لم تتمكن من التخلص من الاطار الذي رسم لها في الاساس والذي لا يتجاوز اطار التعاون ليس الا .
ان الاوضاع العربية الراهنة رغم حساسيتها وحاجتها الماسة الى اطر وحدوية تكون خط الدفاع عن وجودها ومصالحها ، تبدو الآن غير مهيأة لمثل تلك الاطر التكاملية للعديد من الاسباب والاعتبارات ، الا ان ذلك لا ينفي اهمية العمل على تحقيقها واخراجها الى النور ولو بأطر وبصلاحيات لا تشكل تحديا للدول بحيث يكون البرلمان العربي على سبيل المثال مؤسسة استشارية في المرحلة الاولى وليس له صلاحيات تشريعية ذات صفة سيادية .
اولا – التكوين
يمكن ان يثير تكوين البرلمان العربي في المرحلة الراهنة عدة اشكالات منها:
- ما يتعلق بطريقة انتخاب الاعضاء، هل تتم بطريق مباشر من الجماهير في الدولة المعنية ؟ ام يتم اختيارهم او انتخابهم من المجالس الوطنية؟ .
- وهل سيتم توزيع عضوية البرلمان بين الدول العربية المنضمة على قاعدة التساوي ؟ ام ان العدد سيكون خاضعا لحجم الدولة كعدد السكان او غيره وفقا لنموذج البرلمان الاوروبي على سبيل المثال.
- وممن سيتكون البرلمان العربي في البداية جميع الدول او بعضها ، وما هو المعيار الذي سيتبع في ذلك ، سيما وان بعض الدول ليس لها مجالس تمثيلية في الاساس .
ففي المومضوع الاول ، فان مشكلة التمثيل يمكن ان تظهر على قاعدة الانتخاب ومن هي الهيئة الناخبة ، هل ستكون من قبل الشعب مباشرة وهي الطريقة المنطقية في الاساس على اعتبار ان الممثل في البرلمان العربي يمثل مباشرة من انتخبه، ام ان البرلمانات الوطنية هي التي ستحدد من سيمثلها في البرلمان العربي انتخابا او تعيينا. وهنا تثار قضية اخرى وهي ان بعض الدول العربية لا مجالس تمثيلية فيها ، ولا تجري انتخابات نيابية فيها في الاساس ، فما هو مصير تمثيل مثل هذه الدول ، واذا كان في بعضها الآخر مجالس استشارية فكيف ستحل اشكاليتها.
وفي هذا الاطار يمكن ان يكون التمثيل في المرحلة الاولى انتخاب الاعضاء من قبل المجالس التمثيلية الوطنية ، والسماح لوفود من المجالس الاستشارية تمثيل بلدانها في البرلمان ، على ان يتم العمل في مرحلة لاحقة ووفق جدول زمني تمليه ظروف الدول العربية تأمين الآليات المناسبة للانتخاب المباشر من شعوب الدول المنضمة اعضاء البرلمان العربي .
اما في الموضوع الثاني المتعلق بحجم التمثيل، فيبدو ان الامر يتخذ اشكالا اكثر حدة خصوصا بعد ازديياد النزعة القطرية بين معظم البلدان العربية وتمسك معظمها بالمساوة دون اعتبار للاحجام والاوزان من مختلف الاوجه. فهل ستقبل الدول ذات الامكانات الاقتصادية والسياسية الكبيرة بمبدأ مساواتها مع الدول ذات الامكانات المتواضعة ؟ وهل ستقبل الدول ذات الحجم الكبير في تعداد السكان تمثيلها بالتساوي مع الدول ذات التعداد القليل ؟ وما هي الآلية المفترضة لارضاء الغالبية في عمليات اقرار التوصيات والقرارات في البرلمان؟
هذه الاسئلة تطرح نفسها لا للاحباط او لتثبيط العزائم ، بقدر ما هو امر لايجاد الحلول لها سيما وانها واقعية وموجودة ومطروحة ، والا ستعكس نفسها على الصلاحيات التي يمكن ان تمنح للبرلمان. وعلى اي حال لقد جرت معظم الانظمة السياسية في العالم القائمة على الاساس الفدرالي كنظام دستوري، الى تبني ثنائية التمثيل في المجالس التمثيلية ، ففي حين يؤخذ بقاعدة عدم التساوي في تمثيل الشعوب في الدول او الولايات، يؤخذ بقاعدة التساوي بين الدول او الولايات في المجلس الموازي للمثلين؛ اي بمعنى آخر اذا انتخب المجلس التمثيلي اي النواب على قاعدة الحجم السكاني ، فان المجلس الثاني تتساوى فيه الدول عددا وتصويتا .
ان تجربة البرلمان الاوروبي في مجال التمثيل مر بمراحل متعددة وانتهى به الامر الى الاخذ بالتمثيل غير المتساوي للدول مع آلية في التصويت تضمن للدول الصغيرة التمثيل عدم ضياع مواقفها بين المجموعات الكبيرة ، وهو امر منطقي من حيث المبدأ ، ومن الافضل السلوك في نفس التجربة ومراحلها في تكوين البرلمان العربي لما يحيط به من ظروف في الآونة الحالية .
اما لجهة شمول الدول العربية جميعها او بعضها فهو امر ذات صلة بمن سيرغب الانضمام الى البرلمان ، وبالتالي فان شمول الجميع بشروط معينة تبدو امرا صعبا في ظل الواقع العربي الراهن، ومن الطبيعي ان تبدأ نشأة البرلمان بمن يقبل بالشروط العامة على امل توفير عوامل جذب لانضمام دول اخرى اليه في مراحل لاحقة .
ثانيا - الصلاحيات
ان سلطة اي مجلس تمثيلي هو الجانب التشريعي ، الا ان الامر لا يغدو بهذه البساطة ، فهو امر متعلق بالمدى المنوي الذهاب به من قبل الدول الاعضاء، فاللاسباب السالفة الذكر ، لم توفر غالبية الدول المعنية حتى الآن الارضية او الاجواء المناسبة لمثل ذلك الدور والصلاحية المفترضة لاي مجلس تمثيلي حتى في الشأن الداخلي فكيف بالامور ذات الطبيعة السيادية ، لذلك نقترح ان تكون سلطات البرلمان العربي في مراحله الاولى صلاحيات ذات طبيعة استشارية ، على امل تطويرها في مراحل لاحقة وفقا لما تقتضيه ظروف الدول العربية ؛ وفي هذا الاطار يمكن الاشارة الى نوع من الصلاحية يمكن ان يبدأ بها، كمشاركته في الموافقة على الاتفاقيات التي تعقد بين الدول العربية قبل ابرامها من قبل البرلمانات الوطنية.
ان الظروف التي تمر بها الدول العربية الآن هي ظروف قاسية جدا ، وتتطلب المزيد من الوحدة في المواقف لمواجهتها ، ومن الصعب ان تتم عمليات توحيد القرارات العربية الا بايجاد المزيد من المؤسسات التكاملية الفاعلة ومنها البرلمان العربي ، باعتباره يمثل جماهير الدول العربية التي تعتبر الاقرب لبعضها البعض من سياسات دولها ، وعليه ان اعطاء الاولوية لمثل هذا العمل يشكل تحديا هاما للدول العربية في مواجهة ما يتربص بها من مخاطر كبيرة .
د.خليل حسين
رئيس مصلحة الدراسات في مجلس النواب اللبناني
استاذ القانون الدولي في الجامعة اللبناتنية
لا شك بأن الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للتجمعات الاقليمية اضافة الى وزنها في المعادلات الاقليمية والدولية تلعب اثرا هاما في اي مشروع تكاملي بين هذه الدول او الكيانات ؛ وما ينطبق على العامة من الدول ينطبق على الدول العربية مع بعض الخصوصيات .
فالظاهرة الطبيعية ان لم نقل القاعدة ، ان الميل يزداد نحو التكامل والوحدة بين الكيانات السياسية ذات البعد القومي الواحد كلما ازدادت المخاطر والتحديات عليها، وغريب المفارقات في هذا الموضوع ، ان الامة العربية وما تستوعبها من دول نشأت في ظل تحديات دولية عاتية وظلت عرضة للمخاطر القوية باستمرار ، واليوم تمر بأسوأ ظروف يمكن ان تشهدها ولا زالت تفتقر الى الحد الادنى من شروط بقائها كدول ذات سيادة حقيقية ، فما هي التحديات التي تواجه الامة حاليا ؟ وكيف يمكن تخطيها او المساعدة في تقليل الخسائر قدر الامكان ؟.
ان ما يسود الوضع العربي اليوم هو وضع اشبه ما يكون بالوضع الذي ساد قبل نشوءها ، اقطار متفرقة يباعد بينها السياسات والمحاور، وظروف عالمية غير مؤاتية البتة لمصلحتها في الوقت الذي تحاك ضدها المؤامرات وتوريطها بمسائل وأمور تهدف الى تحميلها اثمانا سياسية واقتصادية كبيرة حتى على حساب سياداتها ووحدة اراضيها ؛ الا ان الشيء الوحيد الواعد في هذه الظروف جماهير تلك الدول وما تتطلع اليه ، وما يحركها من قضايا تقرب بينها، الامر الذي يساعد على تحقيق وحدة المؤسسة التي يمكن ان تمثلها مهما كبرت وتععدت الصعوبات والمعوقات .
فعلى الرغم من الآثار السلبية التي تركتها العلاقات العربية – العربية على مستوى عملية التكامل، فان اتجاهات وتيارات كثيرة لا زالت تعمل بقوة على تحقيق المثل والاهداف العليا للوحدة العربية خارج المؤسسات الرسمية او في بعضها كجامعة الدول العربية على سبيل المثال، وان كانت في الاصل لم تشر في ميثاقها الاساسي الى اي اطار تكاملي برلماني بين الدول العربية ، كما الحال في معاهدة حلف شمالي الاطلسي كمقاربة تكاملية بين الوضعين الاوروبي والعربي رغم ملاحظة الفورقات الهامة بين التجربتين ؛ فالتجربة الاوروبية تمكنت من تخطي العديد من الامور المتعلقة بالمسائل السيادية لمصلحة الوحدة كتجربة البرلمان الاوروبي الموحد ، بينما تجربة جامعة الدول العربية لم تتمكن من التخلص من الاطار الذي رسم لها في الاساس والذي لا يتجاوز اطار التعاون ليس الا .
ان الاوضاع العربية الراهنة رغم حساسيتها وحاجتها الماسة الى اطر وحدوية تكون خط الدفاع عن وجودها ومصالحها ، تبدو الآن غير مهيأة لمثل تلك الاطر التكاملية للعديد من الاسباب والاعتبارات ، الا ان ذلك لا ينفي اهمية العمل على تحقيقها واخراجها الى النور ولو بأطر وبصلاحيات لا تشكل تحديا للدول بحيث يكون البرلمان العربي على سبيل المثال مؤسسة استشارية في المرحلة الاولى وليس له صلاحيات تشريعية ذات صفة سيادية .
اولا – التكوين
يمكن ان يثير تكوين البرلمان العربي في المرحلة الراهنة عدة اشكالات منها:
- ما يتعلق بطريقة انتخاب الاعضاء، هل تتم بطريق مباشر من الجماهير في الدولة المعنية ؟ ام يتم اختيارهم او انتخابهم من المجالس الوطنية؟ .
- وهل سيتم توزيع عضوية البرلمان بين الدول العربية المنضمة على قاعدة التساوي ؟ ام ان العدد سيكون خاضعا لحجم الدولة كعدد السكان او غيره وفقا لنموذج البرلمان الاوروبي على سبيل المثال.
- وممن سيتكون البرلمان العربي في البداية جميع الدول او بعضها ، وما هو المعيار الذي سيتبع في ذلك ، سيما وان بعض الدول ليس لها مجالس تمثيلية في الاساس .
ففي المومضوع الاول ، فان مشكلة التمثيل يمكن ان تظهر على قاعدة الانتخاب ومن هي الهيئة الناخبة ، هل ستكون من قبل الشعب مباشرة وهي الطريقة المنطقية في الاساس على اعتبار ان الممثل في البرلمان العربي يمثل مباشرة من انتخبه، ام ان البرلمانات الوطنية هي التي ستحدد من سيمثلها في البرلمان العربي انتخابا او تعيينا. وهنا تثار قضية اخرى وهي ان بعض الدول العربية لا مجالس تمثيلية فيها ، ولا تجري انتخابات نيابية فيها في الاساس ، فما هو مصير تمثيل مثل هذه الدول ، واذا كان في بعضها الآخر مجالس استشارية فكيف ستحل اشكاليتها.
وفي هذا الاطار يمكن ان يكون التمثيل في المرحلة الاولى انتخاب الاعضاء من قبل المجالس التمثيلية الوطنية ، والسماح لوفود من المجالس الاستشارية تمثيل بلدانها في البرلمان ، على ان يتم العمل في مرحلة لاحقة ووفق جدول زمني تمليه ظروف الدول العربية تأمين الآليات المناسبة للانتخاب المباشر من شعوب الدول المنضمة اعضاء البرلمان العربي .
اما في الموضوع الثاني المتعلق بحجم التمثيل، فيبدو ان الامر يتخذ اشكالا اكثر حدة خصوصا بعد ازديياد النزعة القطرية بين معظم البلدان العربية وتمسك معظمها بالمساوة دون اعتبار للاحجام والاوزان من مختلف الاوجه. فهل ستقبل الدول ذات الامكانات الاقتصادية والسياسية الكبيرة بمبدأ مساواتها مع الدول ذات الامكانات المتواضعة ؟ وهل ستقبل الدول ذات الحجم الكبير في تعداد السكان تمثيلها بالتساوي مع الدول ذات التعداد القليل ؟ وما هي الآلية المفترضة لارضاء الغالبية في عمليات اقرار التوصيات والقرارات في البرلمان؟
هذه الاسئلة تطرح نفسها لا للاحباط او لتثبيط العزائم ، بقدر ما هو امر لايجاد الحلول لها سيما وانها واقعية وموجودة ومطروحة ، والا ستعكس نفسها على الصلاحيات التي يمكن ان تمنح للبرلمان. وعلى اي حال لقد جرت معظم الانظمة السياسية في العالم القائمة على الاساس الفدرالي كنظام دستوري، الى تبني ثنائية التمثيل في المجالس التمثيلية ، ففي حين يؤخذ بقاعدة عدم التساوي في تمثيل الشعوب في الدول او الولايات، يؤخذ بقاعدة التساوي بين الدول او الولايات في المجلس الموازي للمثلين؛ اي بمعنى آخر اذا انتخب المجلس التمثيلي اي النواب على قاعدة الحجم السكاني ، فان المجلس الثاني تتساوى فيه الدول عددا وتصويتا .
ان تجربة البرلمان الاوروبي في مجال التمثيل مر بمراحل متعددة وانتهى به الامر الى الاخذ بالتمثيل غير المتساوي للدول مع آلية في التصويت تضمن للدول الصغيرة التمثيل عدم ضياع مواقفها بين المجموعات الكبيرة ، وهو امر منطقي من حيث المبدأ ، ومن الافضل السلوك في نفس التجربة ومراحلها في تكوين البرلمان العربي لما يحيط به من ظروف في الآونة الحالية .
اما لجهة شمول الدول العربية جميعها او بعضها فهو امر ذات صلة بمن سيرغب الانضمام الى البرلمان ، وبالتالي فان شمول الجميع بشروط معينة تبدو امرا صعبا في ظل الواقع العربي الراهن، ومن الطبيعي ان تبدأ نشأة البرلمان بمن يقبل بالشروط العامة على امل توفير عوامل جذب لانضمام دول اخرى اليه في مراحل لاحقة .
ثانيا - الصلاحيات
ان سلطة اي مجلس تمثيلي هو الجانب التشريعي ، الا ان الامر لا يغدو بهذه البساطة ، فهو امر متعلق بالمدى المنوي الذهاب به من قبل الدول الاعضاء، فاللاسباب السالفة الذكر ، لم توفر غالبية الدول المعنية حتى الآن الارضية او الاجواء المناسبة لمثل ذلك الدور والصلاحية المفترضة لاي مجلس تمثيلي حتى في الشأن الداخلي فكيف بالامور ذات الطبيعة السيادية ، لذلك نقترح ان تكون سلطات البرلمان العربي في مراحله الاولى صلاحيات ذات طبيعة استشارية ، على امل تطويرها في مراحل لاحقة وفقا لما تقتضيه ظروف الدول العربية ؛ وفي هذا الاطار يمكن الاشارة الى نوع من الصلاحية يمكن ان يبدأ بها، كمشاركته في الموافقة على الاتفاقيات التي تعقد بين الدول العربية قبل ابرامها من قبل البرلمانات الوطنية.
ان الظروف التي تمر بها الدول العربية الآن هي ظروف قاسية جدا ، وتتطلب المزيد من الوحدة في المواقف لمواجهتها ، ومن الصعب ان تتم عمليات توحيد القرارات العربية الا بايجاد المزيد من المؤسسات التكاملية الفاعلة ومنها البرلمان العربي ، باعتباره يمثل جماهير الدول العربية التي تعتبر الاقرب لبعضها البعض من سياسات دولها ، وعليه ان اعطاء الاولوية لمثل هذا العمل يشكل تحديا هاما للدول العربية في مواجهة ما يتربص بها من مخاطر كبيرة .