23‏/11‏/2010

الفدرالية واللا مركزية في العراق: نموذج إقليم كردستان

الفدرالية واللا مركزية في العراق: نموذج إقليم كردستان
د.خليل حسين
استاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية

تنقسم انواع الدول الى قسمين رئيسين،فاما ان تكون الدولة مركبة واما ان تكون بسيطة.وفي كلا الحالتين لكل منها نظام خاص ينظم اوضاعها الداخلية والخارجية على حد سواء.والدولة المركبة هي دولة تتألف من اتحاد عدة ولايات،يكون لنظام الدولة دستور فدرالي ينظم علاقات الولايات مع بعضها البعض،والى جانبه ثمة دساتير خاصة بالولايات تنظم شؤونها الداخلية وعلاقة افرادها بمؤسساتها واداراتها،على ان لا تتعارض او تتناقض الاسس العامة لهذه الدساتير الخاصة بالولايات مع الدستور الاتحادي.ومن المتعارف غليه ايضا في هذا المجال ان الدولة الاتحادية او المركبة لها سياستها الخارجية الموحدة وجيشها وعملتها وغيرها من المظاهر السيادية الموحدة،ومثال الدول المركبة او ذات النظام الفدرالي الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السويسري.فيما النوع الثاني من الدول وهو الدول البسيطة،فتشكل غالبية دول العالم من هذا النظام حيث الدستور الواحد الذي ينظم اوضاع الدولة في الداخل والخارج،ولا وجود لولايات او اقاليم خاصة تتمتع بخصوصيات دستورية او سياسية معينة.
وما يميز النظام الفدرالي عن غيره من الأنظمة السياسية ، توزيع السلطة بين العاصمة الفدرالية والولايات باعتبارها وحدات سياسية تباشر اختصاصاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية باستقلالية عن السلطة الاتحادية وبشكل لا يتعارض مع الدستور الاتحادي ، ما يعني أن النظام الفدرالي يتبنى نظام اللامركزية السياسية الذي يفترض وجود سلطات تشريعية منتخبة في الولايات لها دستورها الخاص إلى جانب الدستور الاتحادي ، والذي ينظم توزيع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في الولاية أو المحافظة ، وتستمد هذه الولايات اختصاصاتها من الدستور الاتحادي وليس من القانون العادي الاتحادي . والملفت في هذا المجال أن الدستور العراقي قد خلط بين المفهومين ، ما يعطي انطباعا بأن واضعي الدستور خلطوا بين المفهومين ولم يميزوا بينهما ،وقد ظهر الخلط واضحا في بعض مواد الدستور التي نظمت العلاقة بين السلطة الاتحادية في العاصمة وسلطات الأقاليم والمحافظات.
اولا: نظام الفدرالية
اللامركزية السياسية او الفدرالية هي نظام يتعلق بشكل نظام الحكم السياسي في الدولة الاتحادية والذي يتم بموجبه توزيع مظاهر السيادة الداخلية بين الدولة الاتحادية والأقاليم التابعة لها مع تمتع كل ولاية باستقلالها الذاتي في مباشرة سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية؛ بينما تبقى مظاهر السيادة الخارجية ضمن اختصاصات السلطات الاتحادية مع بعض الاستثناءات في حدود ضيقة ، كما ان نظام اللامركزية السياسية يندرج ضمن موضوعات القانون الدستوري والنظم السياسية وليس ضمن موضوعات القانون الإداري أو علم الإدارة وينحصر وجود هذا النظام في النظام السياسي الفدرالي.ويفترض نظام اللامركزية السياسية وجود دستور اتحادي ودستور محلي للولاية ،كما يفترض ازدواج السلطات في الدولة الاتحادية . سلطة تشريعية اتحادية وسلطة تشريعية محلية للولاية ، سلطة تنفيذية اتحادية وسلطة تنفيذية للولاية وسلطة قضائية اتحادية وسلطة قضائية للولاية وهذا الازدواج لا يتجسّد سوى في الاتحاد الفدرالي.
ثانيا : كيفية توزيع الاختصاص بين الدولة الاتحادية والولايات
ولتجنب المشاكل التي تثور حول تداخل الاختصاص بين السلطة الاتحادية وسلطات الولايات نتيجة ازدواج السلطات بينهما اتجهت الدساتير الاتحادية إلى اللجوء لواحدة من الطرق التالية لمنع تداخل الاختصاصات.
1- يتم بموجب هذه الطريقة تحديد اختصاصات كل من دولة الاتحاد واختصاصات الولاية أو الإقليم على سبيل الحصر في الدستور الاتحادي .سلبيات هذه الطريقة إن تحديد الاختصاصات على سبيل الحصر للدولة الاتحادية والولايات من الصعب أن يشمل جميع القضايا مهما ذهب الدستور في تفصيلها باعتبار ان تطور الحياة وتغيّر الظروف لابد أن تستجد مسائل لم يكن الدستور قد حددها سلفا ،الأمر الذي يصعب معه تحديد الجهة المختصة هل هي الدولة الاتحادية أم الولاية .
2- يحدد الدستور الاختصاصات الحصرية للدولة الاتحادية ويترك ماعداها للولاية . وفي هذه الطريقة يكون اختصاص الدولة الاتحادية محددا بينما يكون اختصاص الولاية مفتوحا وبمرور الزمن ستزداد صلاحيات الولاية بينما تبقى صلاحيات الدولة الاتحادية على حالها باعتبار أن الاختصاص العام سيكون للولايات . وعادة يتم اللجوء إلى هذه الطريقة في الاتحاد الذي يتكون من اندماج دول كانت مستقلة للمحافظة على استقلالها الداخلي بعد إن تخلت عن استقلالها الخارجي لصالح دولة الاتحاد. وكذلك يخضع إلى ظروف نشأة الاتحاد ورغبة الولايات في تغليب مظاهر الاستقلال على مظاهر الوحدة .ومن أمثلة الدول التي اتبعت هذه الطريقة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي سابقا والأرجنتين وسويسرا وألمانيا والإمارات العربية المتحدة والعراق.
3- يحدد الدستور الاتحادي اختصاصات الولايات على سبيل الحصر ويترك ماعداها للدولة الاتحادية وهذه الطريقة تحدد اختصاص الولاية بينما تبقي الاختصاص العام للدولة الاتحادية .ومن أمثلة الدول التي اتبعت هذه الطريقة الهند وكندا وفنزويلا.

ثالثا : اللامركزية الإدارية
هي طريقة من طرق الإدارة تقوم على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية في العاصمة وبين هيئات منتخبة محليا في الولايات أو هيئات مرفقيه تباشر اختصاصها تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية.ومن ابرز صورها:
1- لا مركزية محلية وتتحقق بمنح جزء من إقليم الدولة الشخصية المعنوية واستقلاله بإدارة شؤونه المحلية تحت رقابة السلطة المركزية
2- لامركزية مرفقيه أو كما يطلق عليها مصلحيه وتتحقق بمنح مرفق معين من المرافق العامة الشخصية المعنوية بهدف إدارة شؤونه بنفسه مستقلا عن السلطة العامة التي يتبعها خاضعا لرقابتها .وثمة ثلاثة اركان للامركزية الادارية ينبغي توفرها وهي:
1- الاعتراف بوجود مصالح محلية مستقلة تقتضي الاعتراف لها بالشخصية المعنوية المستقلة .
2- وجود هيئات محلية منتخبة تتولى إدارة الوحدات المحلية .
3- خضوع الهيئات المحلية لرقابة السلطة المركزية .

رابعا: الفرق بين الفدرالية واللامركزية الإدارية
في نظام الفدرالية يتم تحديد اختصاصات كل من دولة الاتحاد والولايات في الدستور الاتحادي بينما في نظام اللامركزية الإدارية يتم تحديد اختصاصات الولايات بالقانون العادي . ويترتب على هذا الفرق إن الاختصاصات الممنوحة للولاية بموجب نظام اللامركزية الإدارية يمكن إلغائها أو تعديلها بموجب قانون عادي تصدره الجهة التشريعية المختصة في الدولة في أي وقت تشاء بينما في الاختصاصات الممنوحة للولاية بموجب نظام الفدرالية لا يمكن إلغائها أو تعديلها بقانون عادي من قبل الدولة الاتحادية إلا بموجب تعديل دستوري . ويترتب على ذلك أيضا إن موضوعات نظام الفدرالية تندرج ضمن القانون الدستوري والنظم السياسية بينما تندرج موضوعات نظام اللامركزية الإدارية ضمن موضوعات القانون الإداري.
في نظام الفدرالية ثمة في الولايات هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية مستقلة عن الهيئات القضائية والتشريعية والتنفيذية الاتحادية، بينما لا توجد في نظام اللامركزية الإدارية هيئات تشريعية أو قضائية محلية أما الهيئات التنفيذية في الولاية فإنها خاضعة للحكومة المركزية وتستمد صلاحياتها بموجب القوانين المركزية أو بتفويض من الحكومة المركزية.
في نظام الفدرالية لا تخضع الهيئات المستقلة الثلاث لرقابة السلطات الاتحادية وتباشر أعمالها بموجب الدستور الاتحادي والدستور المحلي للولاية بشكل مستقل بينما في نظام اللامركزية الإدارية تخضع الهيئات المحلية في الولايات لرقابة ووصاية الحكومة المركزية عند مباشرتها لإعمالها .
كما ان في نظام الفدرالية تطبق الولايات قوانينها التي تصدرها هيئاتها التشريعية بما لا يتعارض مع الدستور الاتحادي ودستور الولاية، بينما في نظام اللامركزية الإدارية تطبق الولايات القوانين التي تصدرها الهيئة التشريعية للدولة والمطبقة في جميع أنحاء البلاد .كما ان نظام الفدرالية يوجد في الدول الاتحادية، بينما يوجد نظام اللامركزية الإدارية في الدول الموحدة غالبا والدول الاتحادية أحيانا .

خامسا:الخلط بين مفهومي الفدرالية واللامركزية الإدارية في الدستور العراقي

ثمة خلط واضح في الدستور العراقي بين مفهومي اللامركزية السياسية واللامركزية الإدارية في أكثر من مادة من مواده ومنها :

- وصفت المادة (116) النظام الاتحادي في جمهورية العراق بأنه يتكون من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية، وإدارات محلية ولم يتم التحديد في هذه المادة شكل اللامركزية هل هي فدرالية أم لامركزية إدارية، إلى أن جاءت الفقرة ثانيا من المادة (122) من الدستور فمنحت المحافظات التي لم تنتظم في إقليم، الصلاحيات الإدارية والمالية الواسعة بما يمكنها من إدارة شؤونها وفقا لمبدأ اللامركزية الإدارية . ولكن الفقرة خامسا من المادة (122) نفسها نصّت على ( لا يخضع مجلس المحافظة لسيطرة أو إشراف أية وزارة أو أية جهة غير مرتبطة بوزارة وله مالية مستقلة ) وهنا وقع أول خلط في الدستور بين مفهومي الفدرالية واللامركزية الإدارية باعتبار ان عدم خضوع الهيئات المحلية المنتخبة إلى رقابة السلطة المركزية هو احد أركان الفدرالية كما انه في نظام اللامركزية الإدارية ،فإن الهيئات المحلية تخضع لرقابة السلطة المركزية في العاصمة وبذلك وقع الخلط بين فقرتين في مادة دستورية واحدة .

- لقد ساوت المادة (155) بين الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم ،حيث أناطت بهذه الأقاليم والمحافظات كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية ، وهذا يعني أن الدستور حدَّد اختصاصات السلطات الاتحادية على سبيل الحصر بينما أبقى اختصاصات الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم مفتوحة لاستقبال المزيد من الاختصاصات بمرور الزمن . وهنا نجد الدستور قد منح المحافظات اختصاصات واسعة جدا ولم يكتف بذلك، وإنما أفرط في توسيع هذه الاختصاصات عندما أعطى الأولوية لقانون الإقليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم في حالة التعارض بينهما في غير الاختصاصات الحصرية . إن إمعان النظر في الاختصاصات التي منحتها هذه المادة الدستورية للمحافظات غير المنتظمة في إقليم يكشف لنا بوضوح تام ان الدستور ساوى بينها وبين الأقاليم في الاختصاصات عندما منحها حق تشريع القوانين وأسند لها كل الاختصاصات العامة، عدا الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية وأعطى الأولوية لقانونها على القانون الاتحادي عند التعارض في غير الاختصاصات الحصرية للحكومة الاتحادية، ما يعني أن الدستور منح المحافظات كل شروط الفدرالية التي مرَّ ذكرها رغم النص في المادة (122) اعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية ، ما يعني أن الدستور وقع في خلط كبير بين مفهومي الفدرالية واللامركزية الإدارية .

- حددت المادة (115) من الدستور سبعة اختصاصات جعلتها مشتركة بين السلطات الاتحادية من جهة والأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم وهي :

- إدارة الجمارك
- تنظيم مصادر الطاقة الكهربائية الرئيسية وتوزيعها .
- رسم السياسة البيئية لضمان حماية البيئة من التلوث والمحافظة على نظافتها
- رسم سياسات التنمية والتخطيط العام
- رسم السياسة الصحية العامة .
- رسم السياسة التعليمية والتربوية العامة.
- رسم سياسة الموارد المائية الداخلية وتنظيمها بما يضمن توزيعا عادلا لها .

الأمر الأهم أن المادة (115) السالفة الذكر أعطت الأولوية في الصلاحيات المشتركة عند التعارض بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم أو المحافظة غير المنتظمة في إقليم لقانون الإقليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، ما يعني من الناحية الفعلية إن الصلاحيات المشتركة في النهاية هي من اختصاص الإقليم والمحافظة طالما أن الدستور أعطى الأولوية لقانون الإقليم والمحافظة وليس أمام السلطة الاتحادية إلا التسليم لقانون الإقليم والمحافظة في حالة إصرارهما على القوانين التي يشرعنها وهذا يعني إن هذا الاختصاص يشكل أقصى ما ذهب إليه نظام الفدرالية المطبقة في العالم ، ما يؤكد مرة أخرى إن الدستور وقع في خلط كبير في بين مفهومي الفدرالية واللامركزية الإدارية الذي تبناه في الفقرة ثانيا من المادة (122) .

خلاصة القول إن الدستور قد خلط إلى حد بعيد بين مفهومي االفدرالية واللامركزية الإدارية ،ومرد ذلك أن واضعي الدستور لم يكونوا على دراية كافية في الأنظمة السياسية والإدارية المتبعة في العالم ، ومما زاد الأمر تعقيدا إن قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم 21 لسنة 2008 جاء قاصرا ومتعارضا مع أحكام الدستور وأهمل الكثير من أساسيات العمل الإداري.

سادسا دستور كردستان العراق
باختصار يعتبر دستور كردستان العراق، وثيقة استقلالية تبدأ بمقدمة مشحونة بالصيغ العاطفية "للمظلومية التاريخية" لـ "وطننا" الكردي، "من أجل حريتنا وصون كرامتنا وحماية (وطننا)، والإقرار بحقنا في تقرير مصيرنا بملء إرادتنا الحرة".
وبمعزل عن الديباجة ، لا بد من الإقرار بأن النصوص التي تضمنها الدستور أكثر ديموقراطية من الدستور العراقي الذي سُنّ في عام 2005، لولا إقحام النقاط الخلافية، واعتبارها أمراً واقعاً لمصلحة الجهة التي أعدّت الدستور، وهو ما يرجّح حصول إشكالات مستقبلية مع العرب والتركمان يخشى أن تتحول إلى حرب أهلية.وثمة ملاحظات عدة يمكن ادراجها وأبرزها:
1- ورد في المادة (2) من الباب الأول من الدستور ما يأتي: "أولاً: كردستان العراق كيان جغرافي تاريخي، يتكوّن من محافظة دهوك بحدودها الإدارية الحالية، ومحافظات كركوك والسليمانية وأربيل، وأقضية عقرة والشيخان وسنجار وتلكيف وقرقوش، ونواحي زمار وبعشيقة واسكي كلك من محافظة نينوى، وقضاءي خانقين ومندلي من محافظة ديالى، وذلك بحدودها الإدارية قبل عام 1968".
2- تُحدّد الحدود السياسية لإقليم كردستان ـ العراق باعتماد تنفيذ المادة (140) من الدستور الاتحادي.
3- لا يجوز تأسيس إقليم جديد داخل حدود إقليم كردستان.
تحمل هذه المادة في طياتها قراءة خاطئة للتاريخ والجغرافيا والواقع، إذ لم يرد في أي مصدر، في مختلف الحقبات التاريخية، كيان اسمه «كردستان العراق»، فضلاً عن وضع حدود متصوّرة له تتضمن اقتطاع أراض واسعة من محافظات لا علاقة لها بـ «منطقة الحكم الذاتي»، التي أوجدها النظام السابق وأُطلق عليها بعد الاحتلال اسم «إقليم كردستان».
كما تحمل هذه المادة تناقضات كبيرة، إذ لا تجيز تأسيس إقليم جديد داخل إقليم كردستان، ما يسلب الأقليات القومية الأخرى الحقوق التي يريدها القادة الأكراد لأنفسهم. وتنص الفقرة نفسها على تحديد الحدود «السياسية» للإقليم، باعتماد تنفيذ المادة (140) من الدستور الاتحادي، وهي مادة خلافية، تدخل ضمن المادة (142)، التي تنص على تعديل الدستور، ما يعني أن هذه المادة في الدستور الكردستاني لا تتفق مع ما ورد في نظيره الاتحادي بصيغته الحالية، الذي كان القادة الأكراد طرفاً أساسياً في إعداده وتمريره.
ولم يفت معدّو صيغة الدستور دغدغة مشاعر الأطراف الدينية المشاركة في «العملية السياسية»، لغرض كسب نوع من التأييد، من خلال المادة (6) في الباب نفسه، التي تنصّ على أنه «لا يجوز سنّ قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام»، الأمر الذي يناقض النصوص المدنية في مشروع الدستور، إضافة إلى المواد المتعلقة بالاستثمار والسياسات المصرفية.
كما يعاكس مشروع الوثيقة الكردية ما نصّ عليه الدستور العراقي بشأن مرجعية القوات المسلحة، إذ رأى أن رئيس الإقليم هو القائد العام للقوات المسلحة «البشمركة» في كردستان، من دون الإشارة إلى الجهة التي ترتبط بها هذه القوات، وهي وزارة الدفاع العراقية. حتى إنّ المشروع نصّ على عكس ذلك المبدأ، فاشترط «السماح بدخول قوات مسلحة اتحادية إلى أراضي كردستان ـ العراق، عند الضرورة فقط، بعد «استحصال موافقة برلمان كردستان ـ العراق مع تحديد مهماتها ومكان بقائها في الإقليم ومدّته».
ثمة موادّ دستورية تعطي استقلالية تامة لتلك القوات الكردية، وتمنع الجيش العراقي حتى من الدفاع عن الحدود التي تبقى رهن رغبة رئاسة الإقليم وبرلمانه، كأنما الأمر يتعلّق بطلب مساعدة من دولة أخرى. أضافة إلى ذلك ما منحه مشروع الدستور الإقليمي لرئيس الإقليم لجهة حق التصرف بقوات «البشمركة»، ومنحها الرتب والترقيات أو الفصل والإحالة على التقاعد، بمعزل عن آليات القوات المسلحة العراقية.
ويمنح مشروع الدستور نفسه استقلالية كبيرة في الموارد المالية، وفي حصة الإقليم من الموازنة العامة. وتنص إحدى بنوده على أنّ «الموارد والمصادر العامة للثروات الطبيعية والمياه الجوفية والمعادن غير المستخرجة، والمياه السطحية والمقالع والمناجم، ثروة عامة، وينظَّم استخراجها واستغلالها وإدارتها وشروط التصرّف بها بقانون (إقليمي) يحافظ عليها لمصلحة الأجيال الحالية والمستقبلية».
كذلك يلفت إلى أنّ «إدارة كل ما تتطلبه حقول النفط والغاز الخام غير المستخرج، أو المستخرج غير المنتج، من عمليات الاستكشاف والإنتاج والإدارة والتطوير والبيع والتسويق تجارياً قبل 15/8/2005، والتصدير وكل العمليات الأخرى»، تجري «وفق قوانين الإقليم».

من الواضح ان اقليم كردستان العراق قد اتخذ منحى انفصاليا، بعدما تمت صياغة بيئته الدستورية والقانونية بشكل يتيح له تنظيم كافة اوضاعه الاساسية بمعزل عن السلطة المركزية.فنفط كردستان له عقوده الخاصة،كما قواته العسكرية وعلاقتها بالجيش العراقي الذي لا يأتمر بأوامره، علاوة على سياسته الخارجية شبه المستقلة.باختصار دولة مستقلة بلبوس نظام حكم خاص، فهل المطلوب تعميم هذه التجربة على باقي مكونات الشعب العراقي كمقدمة لتعميمها ونشرها على باقي دول المنطقة التي تحفل بالبيئات المناسبة لاطلاق مثل تلك التجارب.
لقد غزت الولايات المتحدة العراق واحتلته تحت عناوين وشعارات متعددة،لكن الهدف واحد هو نهب ثرواته ومقدراته،ولكي يتم لها ذلك باقل كلفة ممكنة رفعت شعارات الديموقراطية وحقوق الانسان وحماية الاقليات في المنطقة،وغلفت جميع هذه الشعارات بمشروع شرق اوسط جديد - قديم هدفه تقسيم المقسم وتجزأة المجزأ.
الامر لا يقتصر بالضرورة على العراق وحده، فمجتمعاتنا ودولنا العربية والاسلامية تحفل بالتناقضات القابلة للاستغلال السهل،ومنها الوضع اللبناني على سبيل المثال لا الحصر، فثمة جماعات طائقية ومذهبية تبحث باصرار وبدعم خارجي عن نظام مماثل للذي وصل اليه كردستان العراق، واليوم يمر لبنان بأسوأ الظروف التي لم يشهدها منذ تأسيسه في العام 1920،وما يمر به الوضع الداخلي محاولة لبلورة بيئة انفصالية تنهي ما تبقى من اسس الكيان التي ضاعت معالمه منذ عقود مضت. قبل عقود وبالتحديد ابان الحرب الأهلية سطع نجم بعض المصطلحات السياسية ومنها اللبننة عند الاشارة الى بلد ما مرشح للاقتتال الداخلي والانقسام،اليوم يسطع نجم مصطلح العرقنة،وأبرز المرشحين له لبنان. فهل ان المداخل الدستورية والقانونية قد فعلت فعلها في العراق وستنتقل الى غير مكان عربي،ربما اسئلة تنتظر اجوبة في القريب من الايام.

الفخ الإسرائيلي للانسحاب من الغجر اللبنانية

الفخ الإسرائيلي للانسحاب من الغجر اللبنانية
د.خليل حسين
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
تشكل قضية بلدة الغجر اللبنانية المحتلة حجر الرحى في المعركة التي تحاول خوضها إسرائيل في هذه المرحلة تحت ستار الانسحاب من جانب واحد.لكن الأبعاد والخلفيات التي تتلطى وراءها لا تعدو فخاً من العيار الثقيل،سيما وان إسرائيل عوّدت اللبنانيين على مثل تلك الخطوات،والتي لا تكاد تمحى من الذاكرة الجماعية للبنانيين.فما هي قضية الغجر وكيف تحاول إسرائيل استغلالها؟وما يمكن ان تؤدي هذه الخطوة من نتائج سلبية؟
بالعودة إلى العام 1967 عندما احتلت إسرائيل هضبة الجولان السورية ،أقدمت على ضم هذه القرية التي تقع ضمن المثلث اللبناني السوري الإسرائيلي.وخضعت في حينها لقوات "الاندوف".لكن المشكلة ما لبثت ان برزت إبان الانسحاب الإسرائيلي غير المشروط من غالبية الأراضي اللبنانية المحتلة في العام 2000 ،إذ عمدت قوات الطوارئ في لبنان "اليونيفل" إلى تقسيم هذه القرية وفقا للخط الأزرق الذي وضع ثلث أراضيها الشمالية في الجانب اللبناني وثلثيها الآخرين ضمن المنطقة السورية المحتلة،في الشمال قوات "اليونيفل" وفي الجنوب "الاندوف"،وبين الاثنتين وقع أهاليها الألفي نسمة تحت رحمة مزدوجة إسرائيلية وأممية،تخفي ورائها قضايا إنسانية وسياسية لا تقل خطورة عن قضية الاحتلال بحد ذاتها. وفي مطلق الأحوال أطلقت إسرائيل العنان لهذا الفخ في ظروف لبنانية حساسة تعطيها المزيد من إمكانات الاستثمار السياسي والأمني في الواقع اللبناني الصعب.
فالخطوة الإسرائيلية التي لا تعتبر جديدة بل عمرها سنوات وبالتحديد إلى العام 2006 ربطا بالقرار 1701، يأتي حاليا في سياق جو دولي ضاغط على لبنان، على قاعدة القرار الظني بقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ومن هنا تبدو عملية الضم والفرز في الاستثمار الإسرائيلي لهذا العرض المفخخ. فمن جهة تظهّر إسرائيل صورة دبلوماسية لامعة في المجتمع الدولي مفادها الركض وراء السلام بانسحابها من أراضٍ لبنانية محتلة،وفي نقس الوقت تحرج لبنان ومقاومته في حال رفض العرض؛ ما يعني بنظر المجتمع الدولي ان المقاومة ولبنان لا يستجيبان للدعوات الإسرائيلية إذ يصبح الغطاء الشرعي للمقاومة أكثر هشاشة في الواقع الداخلي اللبناني والخارجي،والذي يترافق مع هجمة دولية هائلة من باب المحكمة الخاصة بلبنان وقرارها الظني.
في موازاة ذلك يأتي القرار الإسرائيلي مترافقا مع تسريبات سياسية وأمنية واستخبارية مفادها عدم أحقية لبنان بأي مطالبات أخرى،ومن بينها المطالبة بالانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلتين من قبل إسرائيل. ما يعني ان هذا الانسحاب سيكون بمثابة ختام الانسحابات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية المحتلة،وبالتالي محاولة إغلاق الملفات الأخرى من أراض ومياه وخروقات يومية موصوفة.
علاوة على ذلك،ان المقترح الإسرائيلي سيشكل مناسبة قوية لفئة من اللبنانيين مفادها،ان الوسائل الدبلوماسية هي الطريق الأقصر لإجبار إسرائيل على انسحابها من الأراضي اللبنانية،وبالتالي رسالة واضحة للمقاومة الإسلامية في لبنان لوجوب الرضوخ لتسليم سلاحها وهو الهدف الأول والأخير للقرار الظني للمحكمة الخاصة بلبنان كما هدف إسرائيل الذي لا يقدر بثمن.
ومن المفارقات الغربية لقرار الحكومة الإسرائيلية المصغرة، إطلاق المشروع دون تنسيق، لا مع الأمم المتحدة ولا بالواسطة مع لبنانين،وبالتالي بقاء التحرك ضبابيا غير معروف التوقيت أو التداعيات المباشرة وغير المباشرة على سكان البلدة الذين يحملون الهوية الإسرائيلية وهم سوريو التابعية في الأساس ويعيش قسم منهم على الأراضي اللبنانية المحتلة أيضا.
ان الفخ الذي نصبته إسرائيل، ذات دلالات وخلفيات وتداعيات سياسية وأمنية وإنسانية متعددة. محاولة لتلميع صورتها الدولية بعد إفشالها المفاوضات مع السلطة الفلسطينية،كما محاولة لرمي الكرة في الملعب اللبناني.إضافة إلى التخلص من منطقة هي بمثابة الشماعة الإسرائيلية غير الرابحة واقعيا بمواجهة المقاومة لاحقا.علاوة على الواقع الإنساني السيء الذي ستحدثه جراء تقسيم البلدة بعائلاتها وواقعها الاجتماعي والمعيشي.
ربما يكون موقفا محرجا للبنان، فهو غير قادر على رفضه باعتبار إجراءً إسرائيليا من جانب واحد أولا،ولا يحسم قضية الملفات الأخرى ثانيا،لكنه في المقابل إجراء يسترجع لبنان أرضا محتلة بصرف النظر عن مساحتها ووضعها القانوني.ربما يعوز لبنان في هذه المرحلة تحركا دوليا قويا للالتفاف على الأهداف الإسرائيلية،عبر جعل هذا الإجراء ضمن عملية متكاملة وغير منفصلة عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا،وهذا ما تتحسب له إسرائيل وتحاول إفشاله ضمن منظومة من التسريبات والمواقف ذات الصلة بحجم الانسحاب ومساحته وتداعياته.
ان سجل إسرائيل الحافل بالاعتداءات على لبنان واحتلال أراضيه، يفيد أيضا ان إسرائيل لم تنسحب يوما من أي ارض محتلة بإرادتها،بل كانت إما مجبرة بفعل المقاومة وإما بفعل عمليات لا تعدو إعادة تموضع عسكري أو امني يكون محاولة حل لمشاكلها ومآزقها في لبنان. وفي كلا الحالتين ثمة ضرورة للتيقّظ وعدم الوقوع في فخ حاولت إيقاع لبنان به منذ سنوات،أما خطورة الأمر حاليا ما يتم ربطه بملفات داخلية متنوعة وأبرزها ما يحاك من قرار ظني ضد حزب الله، الذي يعتبر نفسه "أم الصبي"في قضية الغجر وغيرها من الأراضي المحتلة.

19‏/11‏/2010

تحديات اوباما الخارجية بعد الصفعة الجمهورية

تحديات اوباما الخارجية بعد الصفعة الجمهورية
د.خليل حسين
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
نشرت في الخليج الاماراتية بتاريخ 16/11/2010
رغم العديد من الملاحظات التي يمكن ان تساق لسياسة الرئيس باراك اوباما الخارجية لجهة عدم تمكنها من الإفلات من عقال سياسة سلفه،فان ما ينتظره في النصف الثاني من ولايته تشكل تحديا قويا،ليس لمجمل السياسات المتبعة وإنما أيضا على مستقبل الولاية الثانية التي يتطلع إليها.وعلى الرغم من الظهور بمظهر القوي في قمة العشرين الأخيرة وكذلك في اجتماع منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ "أبيك"،فان جملة تحديات تنتظره والتي من الصعب التفلت منها أو تهميشها بالنظر إلى موقعها في الأجندة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في المرحلة المقبلة.
بداية من الشرق الأوسط ، وبالتحديد لبنان، حيث استعادت الإدارة الأمريكية لهجتها العالية عبر موفدها جيفري فيلتمان،الذي زار بيروت بهدف إعادة شد عصب فريق من اللبنانيين على قاعدة المحكمة الخاصة بلبنان،بعدما تراخت قوتها وحراكها خلال الفترة الماضية،والذي اعتبر هذا الحراك الأمريكي بمثابة الإشارة الأولى بعد فوز الجمهوريين في انتخابات الكونغرس كسلفة سياسية أولى لعودة التشدد للسياسة الخارجية، والسؤال المطروح في هذا الاتجاه هل سيكون لبنان ساحة شد وجذب جديدة باتجاه سوريا وإيران؟وما هي قدرة الديموقراطيين على السير بسياسات مغايرة للتي أتت بهم إلى البيت الأبيض بعد خسارتهم في انتخابات الكونغرس؟
جانب آخر من التحديات المنتظرة وهي العلاقات الأمريكية السورية بعدما ارتفعت وتيرة التصعيد الأمريكي باتجاه دمشق،تارة على موقفها من دعم المقاومة اللبنانية،وتارة أخرى على قاعدة الحديث مجددا عن الطموحات السورية النووية من باب التفتيش عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية،بعدما أزيح ملف التهم الموجهة إليها باغتيال الرئيس رفيق الحريري،وأيضا بعد الفشل الأمريكي الفرنسي في مشروع إبعاد سوريا عن إيران.سياق سياسي من الصعب على الإدارة الأمريكية الحالية تخطيه دون متاعب واضحة بدأت بالظهور من جانب الجمهوريين، تجلت بالمطالبة بتسمية روبرت فورد سفيراً في سوريا.في وقت تتعالى شيئا فشيئا النبرة الدبلوماسية بين واشنطن ودمشق على ملفات عديدة أخرى كالعراق مثلا.
في المقلب الآخر،وبالتحديد في أفغانستان ،حيث التقى الديموقراطيون والجمهوريون في العام 2009 على إرسال أربعين ألف جندي،لكنهم اختلفوا على توقيت الانسحاب المقرر في تموز 2011،فهل سيتمكن بارك اوباما من تنفيذ وعده أم سيتمكن الجمهوريون من إبقاء الولايات المتحدة في رمال كابول المتحركة،بعد إعادة انتشارهم في العراق؟
ملف آخر لا يقل حساسية وهو من النوع الذي لا يملك الطرفان الأمريكيان وحدهما قدرة في توجيهه بمعزل عن الرغبات الإسرائيلية، وهو الملف النووي الإيراني،الذي شهد مرونة ملحوظة في السنتين الماضيتين قياسا على عهد الرئيس جورج بوش،فما هو مصير المحادثات المنتظرة بين إيران ومجموعة الست بداية الشهر المقبل؟هل سيتمكن باراك اوباما من متابعة نهجه في التعامل مع طهران في نفس المنهج والسياق ؟أم للجمهوريين كلام آخر؟ الواضح ان اوباما لن يكون مرتاحا في إدارة هذا الملف مستقبلا دون تعديلات واضحة ترضي الجمهوريين ومن يقف وراءهم.
في العام 2008 وعد الرئيس باراك اوباما خلال حملته الانتخابية مضاعفة المعونات المالية والاقتصادية للدول الحليفة،كما تعهدت لاحقا وزيرة الخارجية هيلاري كيلينتون بذلك على ان لا تكون الدبلوماسية وحدها طريقا لجذب المزيد من التأييد لواشنطن واعتمدت المعونات والتنمية إلى الجانبين الأمني والعسكري.فهل سيستطيع اوباما تنفيذ تعهداته في ظل سيطرة جمهورية في الكونغرس تتواءم مع سياسات تتطلع إلى تخفيض الأعباء عن دافع الضرائب الأمريكي.وينسحب الأمر نفسه على الميزانية العسكريّة إذ عرفت مرحلة ما قبل الانتخابات جدلاً محتدماً حول ما إذا كان على الولايات المتّحدة تخفيض ميزانيتها العسكريّة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردّية.
جانب آخر ينتظر المزيد من الخلافات حوله،وهو الاتفاقات النووية المدنية. إذ من الواضح استخلاص الموقف السلبي للجمهوريين في ما يخص هذه الاتفاقات الجديدة التي تبرمها الإدارة الحالية مع عدد من البلدان. ومع انتهاء الاتفاقية التي أبرمتها إدارة الرئيس السابق جورج بوش مع الإمارات العربية المتّحدة، وضعت إدارة أوباما تخصيب اليورانيوم وتدوير البلوتونيوم في دائرة المحظورات التي تنصّ عليها الاتفاقية، كما جعلت من هذا الحظر "القاعدة الذهبيّة" للاتفاقات المستقبلية. وبرغم نجاحه في إقناع الإمارات بذلك، يُستبعد أن توافق كل من فيتنام والأردن على ذلك. حيث يرى الجمهوريون بذلك تصاعدا خطرا لانتشار الأسلحة غير التقليدية.وفي جانبٍ موازٍ، يطالب الجمهوريون علناً بتأجيل التصويت على معاهدة تخفيض الأسلحة النوويّة مع روسيا "ستارت 2". وبرغم عدم تبدّل موازين القوى في مجلس الشيوخ، فإنه لن يكون من السهل إيجاد العدد الكافي من الأصوات لإقرار المعاهدة.
وفي مجال التجارة الدولية ،ثمة العديد من الاتفاقات التي أبرمتها الإدارة الحالية مهددة بالإلغاء بعد نتائج انتخابات الكونغرس، حيث تعتبر الجهة المعنية بالتصديق عليها،ومنها مشاريع الاتفاقات مع كوريا الجنوبية وكولومبيا وبناما وغيرها،وبذلك ثمة متاعب قوية ستواجه الرئيس اوباما في هذا المجال.علاوة على ذلك المواجهة المنتظرة بين الجمهوريين والرئيس اوباما على قاعدة البدء بتخفيف العقوبات المفروضة على كوبا من خمسينيات القرن الماضي،حيث يعتبر الجمهوريون ان سجل كوبا لا يزال مقلقا في مجال حقوق الإنسان وعيرها من القضايا ذات الصلة.
ثمة قضايا داخلية لا تقل أهمية عن القضايا الخارجية التي ستواجه الإدارة الأمريكية الحالية،والتي سيكون لها تداعيات ملحوظة في النصف الثاني من ولاية اوباما،فهل سيتمكن من إعادة ترشيح نفسه لولاية ثانية؟أم ان ظروف أميركا الداخلية والأوضاع الدولية تتطلب إدارة أميركية أخرى؟ربما أسئلة من المبكر الإجابة عليها، لكن ما يلوح في الأفق يشير إلى ذلك.