25‏/09‏/2013

سيف التميمي / تأثير الوجود الامريكي في الخليج العربيعلى العلاقات الايرانية الخليجية"

اسم الطالب سيف التميمي
عنوان الرسالة : تأثير الوجود الامريكي في الخليج العربيعلى العلاقات الايرانية الخليجية"
الشهادة الممنوحة : الماجستير في العلوم السياسية تخصص العلاقات الدولية والدبلوماسية
  مع احتلال العراق للكويت في آب 1990، تعرض الخليج لهزة أمنية وعسكرية كبيرة، وترتب على حرب اخراج العراق من الكويت آثار سياسية واقتصادية وثقافية، من اهمها  تبلور ما سمي بـــــ"النظام العالمي الجديد"، ولذي كان من أهم مخرجاته إنشاء قواعد عسكرية أمريكية ثابتة في الخليج العربي تهدف الى ضمان تدفق النفط، وخنق الاتحاد السوفييتي ( سابقاً ) ، وحماية امن "إسرائيل"، ومكافحة الإرهاب وتطويق الأنظمة غير الموالية لسياساتها، بحيث تجسدت هذه القواعد عن طريق اتفاقيات امنية اعطت الغطاء الشرعي للوجود العسكري الأمريكي، إذ تم انشاء خمس قواعد عسكرية في دول مجلس التعاون، وأضحى الخليج بهذا تحت هيمنة الولايات المتحدة براً وبحراً وجواً.
       ألقى الوجود العسكري الأمريكي بظلاله على واقع كل من إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، في مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، وشكل هذا الوجود مصدر خلاف حادّ بين ايران ودول المجلس، نظراً لاختلاف رؤى الجانبين فيما يخص أمن الخليج، فإيران ترى بأن ذلك الأمن لاتكفله إلا دول الخليج، أما دول مجلس التعاون فترى أن أمنها لايمكن ان يتحقق الا بالتحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة نظراً لوجود انكشاف واضح في منظومتها الأمنية والعسكرية.
تكمن أهمية الدراسة لرأي الططالب في أن الوجود العسكري الأمريكي دخيل على المنطقة، ويشكل خطراً على مجمل العلاقات الدولية والاقليمية فيها، ونظراً لتأثيره المباشر على العلاقات الإيرانية- الخليجية، لذا ينبغي الوقوف عنده والبحث فيه.وهدف الدراسة توضيح الآثار التي تنجم عن الوجود العسكري الأمريكي في الخليج العربي على العلاقات الايرانية – الخليجية، ومحاولة إيجاد حلول بديلة لأمن دول مجلس التعاون الخليجي.
اما اشكالية الموضوع فتكمن في تحديد وتوضيح مدى التأثير السلبي للوجود العسكري الأمريكي في الخليج العربي على العلاقات الايرانية - الخليجية، وذلك من خلال التساؤلات الاتية: وما أهمية الخليج العربي الاستراتيجية في منظور السياسة الخارجية الامريكية؟ وماهي مراحل هذا الوجود؟ وماهي دواعي هذا الوجود؟ وماهي مظاهره؟ وماهي أبعاد العلاقات الايرانية- الخليجية في ظل هذا الوجود؟ وهل يوفر هذا الوجود الحماية اللازمة لدول الخليج العربية؟ أم انه فقط لحماية مصالح الولايات المتحدة؟ وماهي الانعكاسات الخطيرة لهذا الوجود على واقع كل من ايران ودول الخليج العربية؟ وماهي الآثار المترتبة عن هذا الوجود على العلاقات الايرانية- الخليجية؟.
       اعتمد الطالب المدخل التاريخي لسرد الاحداث والمنهج التحليلي، الذي يقوم على جمع المعلومات عن قضايا البحث، وعمل على ربط المعلومات مع بعضها البعض وتحليلها، وصولاً الى الاستنتاجات ا، فضلاً عن محاولة إستشراف الاتجاهات المستقبلية لهذه القضية الحساسة.
      تناول الطالب الموضوع في مقدمة وفصل تمهيدي وفصلين وخاتمة، عرض في الفصل التمهيدي، بدايات الوجود العسكري الأمريكي في الخليج العربي ومراحله، أما الفصل الأول بحث في اسباب الوجود العسكري الأمريكي في الخليج العربي وأهدافه ومظاهره وتناوله في مبحثين: نعرض في الاول لدواعي هذا الوجود ، اما في الثاني فنتطرق لمظاهر هذا الوجود،كقوة الانتشار السريع، وعقد الاتفاقيات الامنية، وبناء القواعد العسكرية. وفي الفصل الثاني، تناول أبعاد العلاقات الإيرانية الخليجية في ظل الوجود العسكري الأمريكي في الخليج العربي، حيث تطرق المبحث الأول الى موقف إيران من هذا الوجود، وعالج في المبحث الثاني انعكاسات هذا الوجود على واقع ايران ودول مجلس التعاون، والعلاقات التي تربط الجانبين.
        ناقش الطالب سيف التميمي رسالته المعنونة " تأثير الوجود الامريكي في الخليج العربي على العلاقات الايرانية الخليجية" بتاريخ 25/9/2013، امام اللجنة المكونة من الدكاترة محمد الدسوقي وخليل حسين وربيع فتح الباب . وبعد المناقشة والمداولة قبلت اللجنة الرسالة ورأت ان صاحبها  يستحق درجة الماجستير في العلوم السياسية تخصص العلاقات الدولية بتقدير جيد.
بيروت: 25/9/2013                                                             أ.د.خليل حسين

24‏/09‏/2013

الكيماوي السوري بين موسكو وواشنطن

الكيماوي السوري بين موسكو وواشنطن
نشر في صحيفة الخليج الاماراتية بتاريخ 24/9/2013
     
خليل حسين


في الأساس لا يحتاج المتابع لتفاصيل الأزمة السورية ومساراتها لجهد كبير لمعرفة ما أتى به التقرير الأممي حول الأسلحة الكيمائية السورية وحادثة الغوطة الشرقية سلفاً . إنما ثمة جهد ينبغي إعطاؤه للقراءة بين سطور التقرير لمعرفة المسارات اللاحقة والمفترضة للقضية .
في المبدأ لم يأت التقرير بجديد حول تأكيد استعمال غاز السارين في الهجوم على منطقة بعينها، لكن الجديد الذي حاول إظهاره هو تقنيات إيصال المواد الكيميائية ومكان إطلاقها بهدف وضع الإشكالية والبناء عليها، أو بمعنى آخر تحضير القطبة المخفية بهدف الولوج في مسارات متعددة وفقاً لظروف كل حالة يمكن أن تظهر لاحقاً .
وعلى الرغم من عدم وجود الصلاحية أو القدرة للجنة الأممية على تعيين وتوضيح من استعمل السلاح الكيميائي، إلا أن الاشارة بالتلميح يمكن أن تنشئ بيئة اتهامية للطرف المراد زجه في هذه القضية
إلا أن التدقيق مثلاً في تعابير ومصطلحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول القضية استناداً إلى التقرير الأممي، تشير بوضوح إلى المسارات التي يمكن الولوج بها مستقبلاً . فهو وصف القضية ب “جريمة حرب”، ما يعني في القانون الدولي الجنائي، أن ثمة مسؤولاً عن هذا الفعل وبالتالي يجب مقاضاته ومحاكمته أمام محكمة جنائية دولية . والسوابق الدولية في هذا الأمر كثيرة من بينها، قضية دارفور في السودان ورئيسها عمر حسن البشير، وقضية سلوبودان ميلوسوفيتش في يوغسلافيا السابقة، وقضية الخمير الحمر في كمبوديا، إضافة إلى مذابح بروندي ومجازر تيمور الشرقية وسيراليون وغيرها .
فالإشارة إلى جريمة الحرب تعني أن ثمة متهماً مفترضاً بصرف النظر عن تراتبيته السياسية أو العسكرية سيكون مسؤولاً عن هذا الفعل، استناداً إلى عدم امكانية الاستناد إلى الحصانات المعطاة للرؤساء السياسيين، باعتبار أن الفعل وان نُفذ عبر قادة عسكريين ميدانيين فهو لا يلغي قانوناً مسؤولية الرؤساء السياسيين عن أفعال مرؤوسيهم، وهنا تكمن القطبة المخفية التي يمكن أن تظهر لاحقاً .
لقد تمكنت الدبلوماسية الروسية والأمريكية من التوصل إلى اتفاق مبدئي للملف الكيميائي السوري، فيه الكثير من الحنكة السياسية التي يمكن أن تستثمر بكافة الاتجاهات والمجالات بدءاً بأطرافه الاساسيين مروراً بفواعله المباشرين وغير المباشرين وصولا إلى أطراف ثالثة مستفيدة من نتائجه في حال وصوله إلى نهايات محددة .
لكن المعلوم في ملفات الأسلحة غير التقليدية هو أقل بكثير مما هو مجهول، وعليه فإن معالجة مثل تلك الملفات أمر يتطلب مناورات ومفاوضات كثيرة غالباً ما تتعثر لسبب أو لآخر، ما يستدعي اللجوء إلى أساليب أخرى من بينها الوسائل الزجرية أو استعمال القوة وهذا ما جرى في سوابق عدة دولية كمثال العراق وكوريا وإيران وغيرها .
واليوم يشكل الملف الكيميائي في الازمة السورية
العنصر الاستراتيجي الأبرز غير المعلن في سياق إدارة الأزمة السورية  بين موسكو وواشنطن، ما يستدعي أيضاً قراءة متأنية لمصالح هاتين الدولتين وكيفية ترجمتها في سياق الحل السياسي المفترض .
وبصرف النظر عمن استعمل المواد الكيميائية، ثمة شعور عام لدى جميع الأطراف أن ثمة سعي جاد لوضع الملف في إطار الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة رغم المواجهة الروسية لهذا الأمر . إلا أن تتبع السوابق المماثلة تشير بوضوح إلى الوصول إلى هذا الهدف ولو بعد حين .
لقد استمرت عملية تدمير القوى الاستراتيجية العراقية مثلاً أكثر من عقدين وتوج باحتلاله . وبالتالي فإن المسارات المحتملة لهذا الملف هي طويلة وسيتخللها مفاصل صعبة في سياق إدارة الأزمة مستقبلاً .
ربما يكون هذا التقرير شكلاً كغيره من التقارير الأممية، لكن يحمل في ثناياه خارطة طريق غير معلنة ومن بينها الوسائل غير الدبلوماسية للحل . من بينها الوسائل القضائية الجنائية عبر المحاكم الدولية . ومنها الوسائل العسكرية المعروفة عبر مجلس الأمن أو خارجه، كما جرى في العديد من محطات بعض الأزمات في العقدين الماضيين .

15‏/09‏/2013

دبلوماسية روسيا الكيميائية في الأزمة السورية

دبلوماسية روسيا الكيميائية في الأزمة السورية     
نشرت في صحيفة الخليج الاماراتية بتاريخ 14/9/2013
خليل حسين
من المعلوم أن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية تُدرج ضمن إطار الأسلحة غير التقليدية وفي مقدمتها الأسلحة النووية . وإذا كانت هذه الأخيرة قد حظيت بكم إعلامي هائل نظراً لخطورتها، إلا أن السلاح الكيميائي والبيولوجي لم يأخذا نفس الاهتمام رغم أسبقيته وقدمه في تاريخ الحروب حتى القديمة منها . وحالياً ثمة اتفاقات ومعاهدات ومنظمات تعنى بالعمل على عدم انتشار الأسلحة غير التقليدية ومنها منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية التي توصلت إلى اتفاقية دولية بهذا الشأن في الأول من إبريل/ نيسان 1993 ودخلت حيز النفاذ في العام 1997 . ويشار هنا إلى أن سوريا لم تنضم إلى الاتفاقية ولم توقع عليها إلا أنها بدأت بإجراءات الانضمام مؤخراً .
في المبدأ ليس الانضمام إلى أي منظمة عالمية يعتبر ملزماً للدول، إلا أن ما يصدر عنها من اتفاقات ذات طابع عرفي، على الدول الانصياع لها والتقيد بالتزاماتها . وتأتي منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية كغيرها من المنظمات الدولية ذات الطابع غير الملزم إلا وفقاً لآليات محددة يمكن اتخاذها عبر الأمم المتحدة وبالتحديد مجلس الأمن وفقاً لصلاحياته ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة .

لقد أتى المقترح الروسي في لحظة حاسمة وتلقفتها جميع الأطراف المعنية بها، لكن العبرة في المتابعة والآليات الممكنة لتنفيذها . ففي المبدأ يعتبر جميع الاطراف في جزئية الأزمة السورية الحالية في مأزق، والواضح أن معظم الفواعل فيها يفتشون عن حل ما بهدف تفادي الخسائر الكبرى . لكن هل يمكن الولوج في اطار مقترح يبدو هلامياً وغير واضح المعالم
لقد هدفت دبلوماسية روسيا الكيميائية المفاوضة على طريقة حافة الهاوية، وهي تجربة تحاول موسكو استنساخها عن أزمة الصواريخ الكوبية ،1961 حين وصلت الأمور بين موسكو آنذاك وواشنطن إلى الاقتراب من إشعال حرب نووية، وتم تراجع الفريقين عبر سحب الصواريخ من كوبا مقابل سحب صواريخ الناتو من تركيا .
واليوم تحاول روسيا عبر مقترحها سحب فتيل الأزمة المتمثلة بالضربة العسكرية على قاعدة الأسلحة الكيميائية التي من المفترض أن توضع تحت رعاية دولية وصولاً إلى تدميرها . لكن هل يعتبر هذا المقترح قابلاً للحياة في ظل مخاوف وشكوك متبادلة بين أطراف كثيرين في الأزمة السورية؟
أولاً، لقد تمكنت روسيا من إبعاد الولوج بقرار أممي في مجلس الأمن وفقاً للفصل السابع وهو ما حاولت باريس القيام به بداية، ما يعني أن الولوج في الملف الكيميائي السوري بات مرهوناً بأسلوب المفاوضات وغاياته ونتائجه بين الفريقين الأمريكي والروسي في جنيف . وثانياً أن بدء دمشق بإجراءات الانضمام إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية هو دليل واضح على نيتها تقديم تنازلات في هذا الملف بالتحديد .
وبصرف النظر عن محاكمة النوايا، ثمة سوابق كثيرة في مثل تلك الملفات ومن بينها تجربة واشنطن مع العراق في تسعينيات القرن الماضي، وهو هاجس يُحرك الغرائز السياسية والعسكرية لكل الأطراف ويجعل المقترح الروسي ضرباً من الخيال للعديد من الاعتبارات العملية والعلمية المتعلقة بالأسلحة الكيميائية السورية ومن بينها، أولاً عدم المعرفة الدقيقة للحجم والكم والكيف لهذه الأسلحة ما سيعني صعوبة التعامل معها، وإذا تم تجاوز هذا الموضوع فإن التعامل التقني مع الاسلحة دونه صعوبات كثيرة بالنظر لانتشارها في اماكن متفرقة يصعب الوصول إليها في ظل فلتان أمني موصوف وبغياب ضمانات رفيعة المستوى للفريق الذي سيكلف بهذا الملف . اضافة إلى ان الوصول إلى المراحل المتقدمة في هذه العملية يتطلب اجراءات دقيقة لجمعها وإعادة تلفها والتي يمكن ان تستغرق سنوات كثيرة، علاوة على وضع ضوابط دقيقة على وسائل إنتاجها ووسائل إطلاقها .
ان تجربة العراق لا تزال ماثلة في الاذهان وهي آلية لم تتمكن الامم المتحدة ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية من تقديم شيء يذكر في هذا الملف، وقد تم احتلال العراق في العام 2003 على قاعدة الأسلحة غير التقليدية وكانت شهادة هانس بليكس في ما بعد واضحة لجهة عدم جدية التحقيقات وعمليات التفتيش والنتائج التي تم التوصل إليها . وعلى الرغم من اختلاف الظروف والوقائع في كلتا الحالتين العراقية والسورية، ثمة من يقول ان الأهداف الأمريكية غير المعلنة في كلتا الحالتين هي واحدة متعلقة بتدمير القوى الاستراتيجية العربية، بصرف النظر عن إمكانية استعمالها في هذا الاتجاه تحديداً .
إن مشكلة الأسلحة غير التقليدية وإمكانية استعمالها باتت من القضايا ذات الاهتمام العالمي في القرن الحادي والعشرين، لكن أساليب حلها الظاهرة حالياً لم تعد تقنع الرأي العام العالمي، بالنظر إلى الازدواجية التي يتم التعامل بها في نفس الملفات . ففي الوقت الذي تمتلك “إسرائيل” على سبيل المثال كميات هائلة من الأسلحة غير التقليدية من النووية والبيولوجية والكيميائية ثمة تعتيم وغموض مقصود في التعاطي معه . لذا فإن المقترح الروسي في هذا المجال سيظل حلاً جزئياً لقضية بعينها، إن لم يكن الحل في إمكانية الوصول إلى بيئة اتفاقات إقليمية ودولية لنزع وتدمير أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط ومن بينها الأسلحة الاسرائيلية وغيرها .
في الظاهر تمكنت الدبلوماسية الروسية من تسجيل نقاط واضحة المعالم، لكن إمكانية الاستمرار والبناء عليها دونها عقبات كثيرة، وبخاصة أنه مقترح متعلق بأطراف كثيرة وآليات عمل متشعبة وطويلة الأمد ومرتبطة بظروف مستقبلية يصعب السيطرة عليها .

10‏/09‏/2013

مغزى تجربة إسرائيل الصاروخية

مغزى تجربة إسرائيل الصاروخية     
نشرت في صحيفة الخليج الاماراتية بتاريخ 10/9/2013
خليل حسين


في حمأة الجدل الدبلوماسي والعسكري الغربي لتحضير الضربة العسكرية لسوريا، نفذت “إسرائيل” تجربة صاروخية فوق البحر الأبيض المتوسط، لها دلالاتها وأبعادها، كما لها تداعياتها المفترضة على مختلف الصعد في المنطقة . فما خلفياتها ورسائلها المعلنة والمضمرة؟ وهل تمكّنت تل أبيب من تحقيق غاياتها المفترضة؟

في المبدأ، ثمة قراءات “إسرائيلية” مختلفة لما يجري في سوريا، وبالتالي كيفية الاستفادة القصوى من هذا الوضع، وفي مطلق الأحوال وأيا تكن هذه القراءة، يجمع “الإسرائيليون” على ضرورة توجيه ضربة قاصمة للجانب الذي قد يهدد أمنها، وبالتالي تدمير كل القوى الاستراتيجية السورية لا سيما منها الأسلحة غير التقليدية، وبالتحديد الكيميائية والبيولوجية، وأيضاً وسائل إطلاقها، أي الصواريخ البالستية .
لقد عمدت “إسرائيل” منذ حادثة “مجزرة الغوطة” وبصرف النظر عمن نفذها، إلى دفع الأمور إلى نهاياتها في المواجهة مع النظام السوري وإيجاد السبل الآيلة لقطف ثمار الحدث وفقاً لمصالحها . حرّكت وسائل ضغوطها في الداخل الأمريكي وخارجه، وجيّشت الإعلام وبنت كل البيئات الداعمة لإجبار واشنطن على اتخاذ القرار للبدء في العملية، وأخيراً بعدما شعرت أن الأمور بدأت تبتعد وتخرج عن نطاق سيطرتها نفذت فعلتها . فهل استفادت من هذه التجربة؟
في المبدأ، يُسجل ل”إسرائيل” جرأتها على اقتحام الأزمات المتفجرة ومنها هذه الجزئية من الأزمة السورية، لكن الذي حدث تأكيد “إسرائيل” الدخول العسكري المباشر على خط الأزمة الإقليمية - الدولية القائمة ومحاولة إشعالها من باب التجربة الصاروخية على خلفية إعلامية دفاعية وعلى قاعدة أنها المستهدف الأول عند البدء في تنفيذ الضربة العسكرية على سوريا، وهذا صحيح من الناحيتين العملية والواقعية، لكن النتيجة المباشرة لهذه التجربة انتهت بعد إطلاقها بأقل من دقيقة واحدة، للعديد من الاعتبارات ومن بينها، أولاً الكشف المبكر جداً عن إطلاق الصاروخ من قبل موسكو، ما يعني أن الجهوزية الروسية في البحر المتوسط عالية جداً، وثانياً فشل “إسرائيل” الواضح في إنجاح عمليات التشويش على الرادارات الروسية المنصوبة جنوباً وشرقاً، أي في المواقع المواجهة مباشرة لحف الأطلسي ومجاله الحيوي في المتوسط، وثالثاً تحديد موسكو لنقاط الالتقاء والافتراق بين سياستي روسيا و”إسرائيل”، وبخاصة في المسائل الاستراتيجية التي تعتبرها موسكو من قواعد اللعبة الأساسية في شرق المتوسط وهنا بيت القصيد .
صحيح أن العلاقات الروسية -”الإسرائيلية” هي علاقات استراتيجية في الكثير من الملفات، وكادت هذه العلاقة تبدو أكثر وضوحاً وقوة من العلاقات مع الولايات المتحدة بفعل تأثيرات اللوبي اليهودي في موسكو من خلال ثلث اليهود المهاجرين إلى “إسرائيل”، لكن موسكو رسمت خلال الفترة الماضية خطاً أحمر لمصالحها الخاصة بصرف النظر عن الرغبة “الإسرائيلية” في بعض الملفات ومنها الأزمة السورية .
إن تجربة الصاروخ المعلن قد أعطى اندفاعة معاكسة للغايات التي أطلقت من أجله، فهي لم تشعل فتيل الأزمة الصاروخية ضد دمشق، وفي الوقت نفسه لم تتمكن القوى المواجهة من إلغائها أو التغيير في مسارات التحضير لها . لكن القراءة السياسية للصاروخ تعطي انطباعاً واضحاً أن ثمة تصميماً روسياً على إبقاء الأزمة القائمة في مسارات يمكن السيطرة عليها، بصرف النظر عن حجم ونوعية وكيفية الضربة المفترضة ضد سوريا . إضافة إلى ذلك، وبصرف النظر ما إذا نفذت الضربة أم لا، ثمة وقائع ونتائج حصلت وهي موازية تقريباً لنتائج ضربة تقليدية رمزية ولو لم تحصل، وهنا تكمن خطورة القضية أيضاً، للعديد من الاعتبارات والأسباب، من بينها أن كل طرف سيدعي أنه المنتصر في هذه اللعبة، وسيبني مواقفه على هذا الأساس ما سيؤدي إلى مواقف أخرى تزيد الأمور تعقيداً، والخاسر الأكبر في هذه العملية هو الشعب السوري بمختلف فئاته واتجاهاته، وثانياً القضاء على أي أمل في حل سياسي للأزمة السورية مثل “جنيف 2” أو غيره، وثالثاً التأكيد مرة أخرى أن العرب، مجتمعين، لم يعد لهم أي دور في الحل والعقد في المنطقة، وبات القرار بيد فاعلين إقليميين ودوليين أقوياء يقررون ما يجب أن نفعله وماذا يجب ألا نفعله .
إن تجربة “إسرائيل” الصاروخية ليست سابقة في تاريخها العسكري، وقد اعتادت تل أبيب القيام فيها في غير مناسبة وظرف سياسي وعسكري، إلا أن اللافت فيها هذه المرة سرعة تنصل الكثيرين منها بعد الإعلان عنها، في مقابل التوضيح “الإسرائيلي” إعلامياً لا عملياً . ما يثير مخاوف جدية مستقبلية حول منطقة هي أشبه بفوهة بركان على قاب قوسين أو أدنى من الانفجار .

05‏/09‏/2013

منال الغوش / عدم خضوع المبعوث الدبلوماسي للقضاء الإقليميL

اسم الطالبة : منال الغوش
موضوع الرسالة : عدم خضوع المبعوث الدبلوماسي للقضاء الإقليمي
الشهادة الممنوحة : درجة الماجستير في الحقوق

نجحت الامم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية في اصدار اتفاقيات تنظم قواعد التبادل الدبلوماسي الدائم والخاص من جهة والمنظمات الدولية من جهة أخرى, حيث صدرت اتفاقية العلاقات الدبلوماسية لعام 1961 ,ثم اتفاقية البعثات الخاصة لسنة 1969 , ثم اتفاقية بعثات الدول لدى المنظمات 1975 , بالإضافة الى اتفاقية العلاقات القنصلية لعام 1963, وجميع اتفاقيات المقر  المبرمة منذ العام 1946، والتي تنظم العلاقة بين الدول المضيفة والمنظمات الدولية الاقليمية .وتمخضت تلك الاتفاقيات بالفعل عن امتيازات وحصانات الدبلوماسيين واقرار تلك الحصانات وتنظيمها حتى يستطيع الدبلوماسي اداء عمله على الوجه الفعال فكانت الحصانة الشخصية الا ان الفقه والعرف الدوليين لم يكتفيا بالحصانة الشخصية وحدها فقد استقر الرأي الفقهي والعرف الدولي منذ القرن السابع عشر على عدم خضوع الدبلوماسيين للقضاء المحلي للدولة المعتمد لديها بشقيه الجنائي والمدني.حيث رأى الفقهاء أن تمتع الدبلوماسيين بالحصانة الشخصية وحدها لا يكفى بل لا بد أن يتمتعوا أيضا بحصانة قضائية كاملة تعفيهم من الخضوع لقضاء الدولة المعتمد لديها ولقد ثار جدل فقهي وقانوني كبير حول مدى تلك الحصانة...
إذا كانت الحصانة الدبلوماسية وجدت لتحصين الدبلوماسي وحمايته وتأمين ضمانات له، فإن الدولة المعتمد لديها تقوم لهذا الواجب تعبيراً عن لياقتها واحترامها للدولة الأجنبية.
والحصانة الدبلوماسية هي نوع من الحصانة القانونية وسياسة متبعة بين الحكومات تضمن عدم ملاحقة ومحاكمة الدبلوماسيين تحت طائلة قوانين الدولة المضيفة. كما تم الاتفاق على الحصانة الدبلوماسية كقانون دولي في مؤتمر فيينا للعلاقات الدبلوماسية الذي عقد في 1961..
إنما هذه المزايا والحصانات الدبلوماسية تمثل قيداً على مبدأ سيادة الدولة على إقليمها ولا يجوز للدولة المضيفة الخروج على مقتضاها عند التعامل مع البعثة الدبلوماسية وأعضائها. وإلا عد ذلك إهانة موجهة للدولة الموقرة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تعكير صفو العلاقات الودية بينهما، وتتوزع هذه الامتيازات والحصانات ما بين مزايا وحصانات وتسهيلات مقرة للبعثة الدبلوماسية ذاتها، وأخرى مقررة لصالح المبعوثين الدبلوماسيين.
ومن الثابت أن فقهاء القانون الدولي العام قد اهتموا ، بالبحث عن الأساس النظري المناسب الذي يمكن الرجوع إليه لتأصيل وتبرير وتفسير ما استقر العرف الدولي على وجوب منحه للبعثات الدبلوماسية وأعضائها من حصانات وامتيازات متفاوتة الطبيعة والأهمية وهي حصانات وامتيازات مقتضاها، عدم خضوع مقر البعثة الدبلوماسية وأعضائها لقوانين الدولة المستقبلة وسلطاتها. في حدود تبنيها بدقة قواعد القانون الدولي العام، وأهم ما قيل به في الفقه من نظريات نظرية الخروج عن الإقليم ونظرية الأساس الوظيفي.
تتمحور اهمية الدراسة في معرفة الحصانة القضائية التي يتمتع بها المبعوث الدبلوماسي في الدولة المعتمد لديها وحدود هذه الحصانة وأنواعها ومجال سريانها والاتفاقية التي نصت عليها وما الجدوى من هذه الحصانة في توطيد العلاقات الدولية وكيف يمكن اعتمادها دون المساس بالنظام العام للدولة المعتمد لديها.
ترتكز المشكلة الأساسية لهذه الدراسة على مدى الحصانة القضائية هل هي مطلقة أم نسبية ؟ والأثر القانوني المترتب عليها هل تبيح الفعل وتكون سبب من أسباب التبرير أو تمنع العقاب حيث يبقى الجرم ولا تنفذ العقوبة
       ناقشت الطالبة رسالتها بتايخ 4/9/2013 امام اللجنة المكونة من الدكاترة خليل حسين ومحمد المجذوب وجورج عرموني ووليد عبد الرحيم، وبعد المناقشة والمداولة رأت اللجنة ان الطالبة تستحق درجة الماجستير في الحقوق تخصص العلاقات الدولية والدبلوماسية بتقدير جيد جدا.
بيروت: 4/9/2013                                                     أ.د. خليل حسين