08‏/07‏/2012

التداعيات القانونية والسياسية لاغتيال عرفات

التداعيات القانونية والسياسية لاغتيال عرفات
د.خليل حسين
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية

بعد وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات مباشرة،نُسجت حكايات وأساطير كثيرة،تقاطع فيها التكهن والتوقع بالخيال، والتقارير الصحفية بالوقائع العلمية،لكن ما جمع من هنا وهناك ان ثمة قرائن تصل إلى حد الأدلة، تفيد بإمكانية اغتياله،لكن لم يُحسم الأمر في حينه لسبب أو لآخر.اليوم تحقيق استقصائي ،مقرون بأدلة علمية،تقود إلى تلمّس طريق الاغتيال.
الحدث في حينه، لم يكن أكثر من وفاة زعيم لأعقد قضية دولية ممتدة من منتصف القرن الماضي ولا تزال، واليوم ربما سيقود هذا الاستقصاء إلى تداعيات سياسية وقانونية في غير اتجاه إقليمي ودولي،ومن الممكن أيضا ان تستغل وتستثمر في غير اتجاه عربي وإقليمي ودولي.
في الوقائع ثمة كميات غير معتادة من البولونيوم (TO 84 ) في بعض أمتعة الزعيم الراحل، وهي مادة لا يمكن ان توجد إلا في الأماكن التي يتم فيها تخصيب مادة اليورانيوم المستعملة في الأغراض النووية. فمن أين أتت؟ وكيف وصلت إلى أمتعته ؟وهل فعلا تسمم في هذه المادة؟وكيف يمكن أثبات ذلك؟ ومن هو المسؤول عن عدم كشف ذلك في حينه؟وكيف يمكن مقاضاة المسؤول عن ذلك؟
tي المبدأ تم إثبات ذلك علميا في إحدى المختبرات السويسرية، والقضية أطلقت إعلاميا، وتفاعلاتها أخذت طريقها،وتبقى وسائل تفعيلها قانونيا.أولا لقد أكد الخبراء والأطباء بأن الأعراض التي أصيب بها الزعيم عرفات هي نفسها التي تصيب من يتعرّض لهذه المادة،وبالتالي ثمة اتهام بأن ثمة حالة تسمم إشعاعي أدت إلى الوفاة.وثانيا من المفترض ان حالة التسمم أصيب بها أثناء وجوده في مقره الرسمي في "المقاطعة" في الضفة الغربية،وثالثا ان حالة الوفاة تمت في مستشفى بيرسي العسكري الفرنسي.
أصابع الاتهام تشير أولا وأخير إلى إسرائيل، أولا بالنظر إلى سوابقها في عمليات الاغتيال التي نفذتها ضد كوادر الشعب الفلسطيني، على مر العقود الماضية،وثانيا طبيعة مادة البولونيوم التي لا تمتلكها سوى الدول القادرة على تخصيب اليورانيوم وإسرائيل واحدة منها ، وهي المستفيد الأوحد من ذلك.
طبعا ثمة بعض المصاعب التي يمكن ان تواجه إثبات حالة الاغتيال وهي متعلقة أخيرا بإعادة تحليل رفات عرفات ومن الممكن ان لا تتطابق النتائج مع ما هو مفترض،بالنظر لمرور ثماني سنوات على الوفاة وبالتالي تهالك مادة البولونيوم في الرفات.وإذا ما اثبت فعلا ذلك،فثمة صعوبات أخرى ستواجه إجراءاتها القانونية.فحالة التسمم ان أثبتت فقد تمت في الضفة الغربية في فلسطين، والوفاة حدثت في فرنسا. فعناصر الجريمة انطلقت في فلسطين، والوفاة تمت خارجها.
فإذا ما انطلقت الإجراءات في فرنسا أمام المدعي العام الفرنسي باعتبارها قضية جنائية أدت إلى القتل ، فمن المحتمل ان يأخذ قاضي التحقيق اتجاها آخرا ،ويعتبر ان عناصر الجريمة لم تقع في فرنسا وإنما خارجها ، وبالتالي ان الاختصاص الإقليمي للقضاء الفرنسي هو غير ذي صلاحية وان كانت حالة الوفاة قد تمت على الأراضي الفرنسية. لكن في مطلق الأحوال ثمة مسؤولية تقصيرية من الصعب على فرنسا التنصل منها،باعتبارها لم تكتشف هذه الحالة أو لم تحاول البحث عن السبب الحقيقي للوفاة، ففي العلم لا يوجد سبب غير معروف لحالة وفاة،إلا اذا كان المطلوب آنذاك تجهيل الفاعل والسبب في آن معا.
في هذه الحالة هل يمكن اللجوء إلى القضاء الدولي؟ بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية ،فهي لا تحاكم دولا بل أشخاصا، وهي متاحة أولا اذا اثبت ان ثمة شخص مسؤول محدد وراء قرار الاغتيال،لكن تواجه ذلك مصاعب كثيرة أيضا من بينها ،أولا تحريك الدعوى إما من قبل مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، وإما من قبل مجلس الأمن الدولي وفي كلتا الحالتين الأمر مرتبط بتوازنات مجلس الأمن وحق النقض الفيتو.خيارات أخرى متاحة من بينها مجلس حقوق الإنسان،وهو مرتبط بتوازنات سياسية لا قانونية حاليا،وثمة سوابق تجاه إسرائيل تحديدا،من بينها مثلا تقرير غولدستون الخاص بمجازر غزة.فهل تنشئ محكمة خاصة لاغتيال عرفات كما أنشأت للرئيس رفيق الحريري؟ الأمر هنا كذلك شبه مستحيل بالنظر لآليات تكوينها والمختص به مجلس الأمن الذي سيكون حق النقض الفيتو جاهزا اذا ما كانت إسرائيل هي المعنية بذلك.
التداعيات القانونية ستكون معقدة وصعبة الولوج، لكن تداعياتها السياسية والشعبية ستكون متعاظمة،وستؤكد المؤكد في الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني والعربي.المهم في هذه القضية إعادة إحياء قضية باتت بالنسبة للبعض مجرد لهو سياسي لا قضية شعب أو أمة.
في أثناء نقل ردود الفعل من المقاطعة على حادثة الوفاة، سئل احد الضباط المقربين من عرفات حول أسباب الوفاة، أشار إلى ان كثيرا من المقابلات الصحفية التي كانت تجرى مع الزعيم عرفات، فما الذي يمنع من ان تكون هذه الأجهزة تصوِّب مواد معينة عليه،قالها بكلمات بسيطة جدا تكاد تلامس تسطيح الأمور،فهل لهذه الإشارة معنى مفيد في هذه القضية؟ ربما يبدو الأمر كذلك.









07‏/07‏/2012


بشير الجبوري / انتهاكات حقوق الإنسان في العراق في ظل الاحتلال

اسم الطالب : بشير الجبوري
موضوع الرسالة:انتهاكات حقوق الإنسان في العراق في ظل الاحتلال
الشهادة : الماجستير في الحقوق
تاريخ المناقشة: 4/7/2012 
رغم تأكيد المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان من الأمم المتحدة وصدور الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الهادفة إلى الحفاظ على حقوق الإنسان، فان تلك المبادئ ظلت محصورة في المجال النظري ، ولم تأخذ بعين الاعتبار إطلاقا عند احتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، الذي شكل انتهاكاً واضحاً لكل المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وخرقاً صارخاً لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. ومن هنا برزت المسؤولية الدولية للولايات المتحدة الأمريكية وضرورة محاكمة مجرميها لما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب العراقي ضاربين كل الأعراف والقوانين الدولية بعرض الحائط.
حاول الطالب في هذه الدراسة تسليط الضوء على الخروق والانتهاكات الأمريكية في حربها على العراق، باعتبار الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأولى التي فكرت وروجت وحشدت جيوشها للغزو، وكان لها الدور الأكبر في جميع العمليات التي حدثت في العراق، نظراً لحجم قواتها، وضخامة دعمها المالي، ومكانتها العالمية.
لقد انتهكت الولايات المتحدة الأمريكية سيادة الدولة العراقية، بعد ان حولت البلد إلى تجمعات متناحرة متقاتلة فيما بينها في جو من الطائفية بكل أشكالها لخدمة أهداف المحتل وإسرائيل عبر مخططها بإضعاف العراق وإنهاء دوره الإقليمي والعالمي لأنه يمثل السد المتين بوجه الصهيونية العالمية.
وحلت سلطة الاحتلال محل جميع السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، فألغت قوانين كانت سارية، وسّنت قوانين أخرى تتماشى مع مصالحها ومطامعها في هذا البلد، ثم حلت محل السلطة التنفيذية، عندما حلت الجيش العراقي بكامله وحلت معه بعض الأجهزة والهيئات العسكرية الأخرى لتعم الفوضى في البلاد وتصبح الحدود مفتوحة. وبذلك يصبح العراق ساحة للصراع وتصفية الحسابات وتنفيذ الخطط الإجرامية. وغيرت التنظيم القضائي بإنشاء محاكم جديدة وإلغاء محاكم أخرى، وتدخلت في شؤون القضاء، مما افقده استقلاليته.
ولم تكف الولايات المتحدة الأمريكية باستباحة دماء العراقيين، بل نهبت موارد العراق الطبيعية، وأولها النفط، الذي حرصت عليه منذ دخولها إلى العراق. ونتج من تلك الانتهاكات حصول العراق على المراتب المتقدمة في الفساد الإداري. ومع كل ذلك استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية كل أنواع الأسلحة الفتاكة، خاصة الكيماوية منها والقنابل العنقودية المحرمة دولياً، ليكون الإنسان العراقي حقل تجارب لهذه الأسلحة التي تم إلقاؤها على المدنيين العزل، بالإضافة إلى أعمال القتل العمد من قبل سلطة الاحتلال والشركات الأمنية التي أتى بها المحتل، وأعمال الاعتقال ومداهمة المنازل وسرقة محتوياتها، ووضع المعتقلين في سجون انفرادية أو جماعية لمدة طويلة، بدون أي محاكمة مع تعذيبهم بشتى طرق التعذيب. وسجن ابو غريب شاهدٌ على ذلك، فقد ارتكب الجنود الأمريكيون في داخله العنف ضد النساء العراقيات وضد الأطفال الذين لم تحمهم المواثيق الدولية من بطش سلطات الاحتلال.
ان الآثار والممتلكات الثقافية العراقية لم تسلم من التدمير فقد كانت عرضه للسلب والنهب اللصوص لها أمام أنظار قوات الاحتلال. لقد تّخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن التزاماتها بالمواثيق الدولية لحمايتها. وكذلك جعلت بعض المواقع الأثرية قواعد لقواتها، وأبرزها موقع آثار بابل. ونتج من هذه الأوضاع المأساوية انتشار الأوبئة والأمراض في مختلف مدن العراق بعد ان قُتل أو هجّر أو صفي الكثير من الأطباء والعلماء العراقيين.
ان المشكلة التي انطلقت منها هذه الدراسة هي كيفية مقاضاة أفراد قوات الاحتلال عن جرائمهم المرتكبة في العراق. وتأتي أهمية هذه الدراسة بتبيان قسم كبير من الانتهاكات التي ارتكبت، والبحث عن الوسائل والآليات القانونية التي يمكن ان يستخدمها العراقيون لمقاضاة مرتكبي الجرائم، من جنود الولايات المتحدة الأمريكية أو الدول التي شاركتها في غزو العراق، مما يؤدي بالنتيجة إلى تحقيق العدالة وتطبيق القانون الدولي.
وتبين الدراسة موقف مجلس الأمن من القضية العراقية ومواقفه من القضايا الدولية المشابهة للحالة العراقية، عندما تدخل في حل هذه القضايا، سواء بصورة مباشرة بقرارات أصدرها وشكل بموجبها محاكم دولية جنائية مؤقتة خاصة، كما حصل في يوغوسلافيا ورواندا، أم عن طريق محاكم أخرى سميت بالمحاكم الدولية الخاصة، كما حدث في سيراليون ولبنان.
وقد قسم الطالب الدراسة إلى فصل تمهيدي وفصلين:ففي الفصل التمهيدي تناول بالشرح أهمية حقوق الإنسان والاهتمام العالمي بها، مع ذكر أهم المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تعنى بها وكيفية إدخالها في الدساتير والتشريعات وكيفية معاقبة المنتهكين لها.وفي الفصل الأول درسنا نشأة القانون الدولي لحقوق الإنسان وتطوره ومصادره، مع تمييزه عن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي الجنائي. وفي الفصل الثاني ركز على الأفعال التي ارتكبتها القوات الأمريكية، سواءً كانت قانونية أم مادية، فضلا عن دراسة آليات المحاسبة والمقاضاة أمام الهيئات الدولية، سواء عن طريق الجهات الرئيسية والثانوية أم عن طريق الهيئات القضائية الدولية والإقليمية الأخرى.
ناقش الطالب بشير الجبوري رسالته بتاريخ 4/4/2012" انتهاكات حقوق الإنسان في العراق في ظل الاحتلال" اما اللجنة المكونة من الدكاترة محمد المجذوب وجورج عرموني وخليل حسين ووليد عبد الرحيم ،حيث قبلت اللجنة الرسالة ومنحت صاحبها شهادة الماجستير في الحقوق بدرجة جيد جدا.

بيروت: 4/7/2012 أ.د.خليل حسين