31‏/01‏/2015

المقاومة وكسر قواعد الاشتباك مع إسرائيل

المقاومة وكسر قواعد الاشتباك مع إسرائيل د.خليل حسين أستاذ العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية الشرق الاوسط 30-1-2015 بلعت إسرائيل عملية مزارع شبعا، وهي تحاول اليوم هضم إعلان المقاومة اللبنانية سقوط قواعد الاشتباك. وهو أمر ذات دلالات كبيرة لما ستكون عليه طبيعة الأوضاع ليس في جنوب لبنان، وإنما على كامل المناطق المحتلة ومنها الجولان السوري المحتل. هذه الانعطافة الإستراتيجية في طريقة التعامل مع الاعتداءات الإسرائيلية أتت كنتيجة حتمية لطبيعة الصراع مع إسرائيل وما يحيط به من فواعل وقواعد ثابتة ومتغيرة. فبعد اعتداء القنيطرة ، ردت المقاومة في عملية معقدة لجهة المكان والزمان، والوسائل والأدوات، لتؤكد مرة أخرى أن على إسرائيل إدراك عواقب شر أعمالها. فهي لم ترد في الجولان بل ردت في مزارع شبعا التي تعتبر أراض لبنانية محتلة ولا تخضع لمقتضيات وقواعد اشتباك القرار 1701 ، وبالتالي لم تخرق المقاومة البيئة القانونية للقرار. إضافة إلى أن العملية وان كانت عسكرية في الشكل إلا أنها أمنية بامتياز، وهنا اتكأت المقاومة في ردها على نوعية الهدف وليس حجمه، وبالتالي توجيه ضربة ازدواجية موجعة ، هدفها إيصال رسائل متعددة الاتجاهات للداخل الإسرائيلي سياسيا وعسكريا ، وهذا ما ترجمته الوقائع المتلاحقة بعد العملية، مفادها إعادة تركيب وتنظيم قواعد الرعب بأسس وقواعد جديدة. ففي الصراع الممتد بين المقاومة اللبنانية وإسرائيل، تاريخ طويل حاولت إسرائيل خلاله فرض قواعد محددة على خلفية عدم كسر التوازن الذي ترسمه لمصلحتها. ورغم ذلك ، ثمة ثلاثة مفاصل رئيسة في هذه القواعد وان لم تحترمها إسرائيل يوما.الأولى في العام 1996 التي كانت نتاج لعملية "تصفية الحساب" ، التي أنتجت أيضا " تفاهم نيسان" ، الذي رعته ضمنيا كل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وسوريا، والذي أجبر إسرائيل على عدم التعرض للمدنيين في الصراع القائم. والثاني كانت القواعد التي أرسيت مع انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000 وبموجبه احتفظت المقاومة بحقها بتحرير باقي المناطق التي تعتبر محتلة وهي تلال كفرشوبا ومزارع شبعا. وثالثة هي قواعد الاشتباك التي أرساها القرار 1701 الذي أتى كنتيجة لعدوان إسرائيل على لبنان في العام 2006 ، والذي أرسى معادلات وتفاهمات ضمنية. اليوم ، وبعد إعلان المقاومة سقوط هذه القواعد جميعا ، ثمة وقائع ومتغيرات وتداعيات كثيرة ستظهر لاحقا ، وبالتالي تأثيرها المباشر على المنطقة برمتها ، خاصة وان إعلان هذا السقوط ترافق مع الإعلان عن أن الجبهة مع إسرائيل ستكون مفتوحة وممتدة على طول الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، ما يعني إدخال جبهة الجولان في دائرة المقاومة بعد حالة من الستاتيكيو الممتد منذ العام 1974 ، وهو الأمر الذي اقلق إسرائيل وأغرقها في الخوف الذي ترجمته في عملية القنيطرة كرسالة واضحة الدلالات بالنسبة إليها. فكسر هذه القواعد وسقوطها، يعني كسر توازن الردع والرعب أيضا والتي تولي إسرائيل اهتماما كبيرا لبقائه لمصلحتها دائما، وبالتالي يعتبر امرأ من المحرمات بالنسبة إليها ويعتبر من وجهة نظرها المبرر والدافع لتنفيذ اعتداءاتها على لبنان وسوريا. ففي السابق قضت القواعد الضمنية عدم التعرض للمدنيين والاكتفاء بردود تحكمها ضوابط دقيقة لا تسمح بتفلت كبير يشعل حروبا إقليمية. إن إعادة التموضع الجديد للمقاومة في منظومة الصراع مع إسرائيل ، يفتح آفاقا أخرى لطبيعة الصراع وشروط استمراره ونجاحه ، في ظل ظروف عربية وإقليمية استثنائية تصعب فيها القدرة على التحكم في الخيارات المتاحة إلى نهاياتها وفقا لآمال ورغبات أصحابها. في أي حال من الأحوال ، ثمة قراءة واحدة لما جرى مؤخرا في القنيطرة السورية وشبعا اللبنانية،وجميعها تتقاطع على أن العملية الأخيرة ثبتت ان الكلمة الأخيرة هي للمقاومة، وهذا ما اعترفت فيه القراءة الإسرائيلية تحديدا ، وباتت على يقين أن لاءات قمة الخرطوم التي ارتفعت في وجهها بعد حرب 1967 ، تتكرر اليوم بثلاث لاءات جديدة لا لقواعد اشتباك1996(تفاهم نيسان) ولا لقواعد العام 2000,وأيضا لا لقواعد 1701، ذلك في حال استمرت إسرائيل في اعتداءاتها وهو أمر معتاد بالنسبة إليها.

إسرائيل والعبث بقواعد الاشتباك

إسرائيل والعبث بقواعد الاشتباك د.خليل حسين أستاذ العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية عمدت إسرائيل في الفترة السابقة إلى تسريب معلومات حول قدرات حزب الله الصاروخية ومدى جدية التهديد الذي تمثله بعض الصورايخ النوعية منها. وأرفقت هذه التسريبات قبل أسبوع بالتحديد تصريحات استندت إلى بيئة ضيقة من مجموعة صناعة القرار الإسرائيلي ، مفادها أن العام 2015 ينبغي أن يكون عام حل هذه المعضلة. وسرعان ما أجج الرهاب الإسرائيلي المواقف التي أطلقها مؤخرا الأمين العام لحزب الله، الذي وضع إستراتيجية واضحة ترتكز على النقلة النوعية لعمل المقاومة ضد إسرائيل وانتقالها من الدفاع إلى الهجوم، واضعا بيئة المعركة المقبلة مع إسرائيل في إطار الدخول إلى الجليل ومؤكدا في الوقت عينه، أن الرهاب من صواريخ أم 110 بات عملا من الماضي ،وثمة أسلحة أخرى كاسرة للتوازن هي في حوزة المقاومة. على أهمية هذه الوقائع وتأثيراتها في إدارة الصراع، ثمة قضيتان أساسيتان تترافقان أيضا مع العملية ،ولهما أيضا الخلفيات غير المعلنة للعملية. الأولى هي الهمُّ والقلق والريبة الإسرائيلية من إمكانية التوصل لحل ما للملف النووي الإيراني ، بعيدا عن المؤثرات والتمنيات الإسرائيلية. والثاني الانتخابات التشريعية الإسرائيلية التي ستجرى في آذار المقبل ، والذي يبدو بنيامين نتنياهو الأضعف فيها. فقبل تنفيذ العملية بيوم واحد ، تم لقاء شبه حاسم بين وزراء خارجة كل من إيران والولايات المتحدة وفرنسا ومن ثم مع مجموعة الست، وبصرف النظر عن المعلومات المسربة حول حجم ونوعية التوصل إلى إطار الاتفاق في حزيران المقبل، ثمة أجواء ايجابية في هذا المسار، ما يدلل على ازدياد منسوب الرعب الإسرائيلي وتوجهها كما هي العادة، للجوء إلى إدارة الأزمة بالأزمات ،عبر افتعال أزمات فرعية بهدف استثمارها لقلب قواعد الاشتباك في العديد من الملفات، فكانت عملية القنيطرة مدخلا مناسبا لذلك ، وبصرف النظر عن قدرتها في التحكم بنتائجها النهائية، فهي مستعدة لإشعال أزمات كبرى، وصولا إلى حرب إقليمية ضد إيران لضرب البرنامج النووي الذي تعتبره تحديا وجوديا بالنسبة لها. في المقلب الإسرائيلي الداخلي، ثمة تراجع واضح في شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي سيخوض غمار الانتخابات التشريعية وسط تضاؤل حظوظه لترؤس الحكومة المقبلة، ما دفعه إلى البحث عن نصر ما يعزز من فرصه الانتخابية عبر الذهاب إلى عمليات نوعية تشد الجذب تجاهه، كما تحضر بيئات إقليمية ودولية لتموضع إسرائيلي جديد ضمن أزمات المنطقة ومشاريع حلولها. وإذا كانت هذه العوامل الإسرائيلية والإقليمية قد لعبت دورا كبيرا في تحديد زمان ومكان العملية ونوعية الهدف ، فان ما يقابلها من تداعيات لن تكون إسرائيل بمنأى عنها، كما لن تستطيع أيضا التحكم بنوعية رد الفعل الذي سيسلكه حزب الله في رده ، وهو الذي تعود العمل ببرودة موصوفة لاختيار الهدف النوعي والزمان والمكان للرد.، مع إضافات أخرى هذه المرة لمصلحته، وهي أن إسرائيل قد قدمت هدية مجانية له عبر فتح جبهة الجولان وهي الخاصرة الرخوة بعد تغلغل جبهة النصرة إليها والإرباكات التي حصلت سابقا لقوات الاندوف في خط فض الاشتباك القائم منذ حرب 1973. لقد حاولت إسرائيل منذ سنوات العبث بقواعد الاشتباك الذي أرساها القرار 1701، نجحت ببعضها وتمكن حزب الله من إعادة إرسائها بأطر وأشكال متقدمة لمصلحته، اليوم تحاول إسرائيل إيصال رسائل متعددة الأوجه والغايات ، جلها متعلقة بما يحدث في سوريا تحديدا ودور حزب الله فيها وما يقال عن إنشاء بيئة سورية مقاومة في جبهة الجولان، والتي تقاطعت معلومات كثيرة عن أن المجموعة المستهدفة في العملية شكلت عصب هذه الجماعات لجهة التدريب والتجهيز وغيره. اليوم تمكنت إسرائيل مجددا من توجيه ضربة معلم، بأهداف انتخابية داخلية، كما لغايات خارجية إقليمية، ذلك بصرف النظر عن حسابات الربح والخسارة فيها، ورغم ذلك يعتبر حزب الله أن ما بعد العملية ليس كما قبلها، وبالتالي هو مستعد وقادر كما تؤكد بياناته، على فرض قواعد اشتباك جديدة. علما أن رده هذه المرة سيكون محكوما بالعديد من العوامل ، أبرزها منسوب علو أسهم التوصل لحل للبرنامج النووي الإيراني، علاوة على مقتضيات الوضع اللبناني وخصوصياته في هذا المجال. وعليه، إن رد حزب الله في المرحلة الراهنة سيكون اكبر من رد معتاد ضمن قواعد الاشتباك السابقة، وأقل من سقف يمكن أن يؤدي إلى حرب إقليمية ضيقة أو واسعة ،بمعنى أن الحروب الأمنية والاستخبارية هي سيدة الموقف الآن ، كما حدث في القنيطرة، بانتظار صيف ربما ستكون أجوائه ساخنة.

16‏/01‏/2015

هل يتم جرّ “إسرائيل” إلى المحكمة الجنائية؟

هل يتم جرّ “إسرائيل” إلى المحكمة الجنائية؟ د . خليل حسين - 15-1-2015 عندما أعلنت السلطة الفلسطينية نيتها التوجه إلى المحافل الدولية لا سيما الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، هدفت إلى الضغط على "إسرائيل" والولايات المتحدة لتسريع عملية المفاوضات والوصول قانونياً للدولة الفلسطينية، وبالتالي ليس واقعياً أو تعاقدياً كما رغبت واشنطن ربط السلطة بالمفاوضات وبنتائجها غير المعروفة سلفاً . فالحراك الفلسطيني نحو المحكمة يثير العديد من الأسئلة حول الاستفادة والضرر من الخطوة، والذي بدوره يثير أسئلة مركزية عدة حول استيفاء السلطة الفلسطينية لشروط الانضمام إلى المحكمة، وهو أمر تدعي واشنطن عدم اكتمال شروطه، وكذلك ما فاعلية الإجراءات التي يمكن أن تتخذها المحكمة تجاه "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، وما المخاطر التي تواجه عمل المحكمة ؟ أولاً: شروط الانضمام إلى المحكمة يُعد نظام المحكمة اتفاقاً متعدد الأطراف بين الدول، والمعروف، فإن الدولة بموجب القانون الدولي العام، تتكون من الشعب والإقليم والسلطة، وهذه الشروط ليست متوافرة بالمعنى المطلق للسلطة الفلسطينية، لجهة الإقليم الذي لم تحدد حدوده المرتبط أساساً بالمفاوضات مع "إسرائيل" . ورغم ذلك فقد حصلت منظمة التحرير الفلسطينية على اعتراف أكثر من مئة دولة، كما رحبت الجمعية العامة بإعلان المجلس الوطني الفلسطيني بتاريخ 15-11-1988 قيام الدولة الفلسطينية . وفي العام 2012 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قبول الدولة الفلسطينية كدولة غير عضو في الأمم المتحدة بصفة مراقب، الأمر الذي حفّز المزيد من الدول الغربية على الاعتراف بها، وكان آخرها فرنسا . وفي أي حال، فقد وافق الأمين العام للأمم المتحدة على قبول طلب فلسطين الانضمام إلى نظام المحكمة، وهو أمر إجرائي تخطته السلطة الفلسطينية، وبات بإمكانها الاستفادة من مزايا الانضمام بدءاً من الأول من إبريل/ نيسان المقبل 2015 . ثانياً: اختصاصات المحكمة والاستفادة الفلسطينية يحدد نظام المحكمة نطاق الاختصاص الزمني، والإقليمي والشخصي، والموضوعي . فقد نصت المادة (11) الفقرة ( 1) على أنه : "ليس للمحكمة اختصاص إلا فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام الأساسي" . ما يعني أن المحكمة تختص بالنظر في الجرائم التي ترتكب بعد دخول نظامها الأساسي حيز التنفيذ، أي أنه لا اختصاص للمحكمة على الجرائم التي وقعت قبل بدء النظام الأساسي . فالنظام الأساسي للمحكمة أخذ بالقاعدة العامة المطبقة في جميع الأنظمة القانونية في العالم والتي تقضي بعدم جواز تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعي . وكذلك الحال بالنسبة للدول التي تصبح طرفاً في النظام الأساسي بعد نفاذه، فلا يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إلا فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ النظام بالنسبة لتلك الدولة . وبالتالي يمكن القول: إن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية هو اختصاص مستقبلي فقط . ويرتكز الاختصاص الإقليمي على مبدأ راسخ في القوانين الداخلية والدولية المتعلق بسيادة الدولة على أراضيها . ويقف الاختصاص الإقليمي مستقلاً أمام الاختصاص الشخصي، لتكون المحكمة الصالحة للنظر في قضايا جرائم المادة 5 عند وقوعها في إقليم إحدى الدول الأطراف، سواء أكان المعتدي تابعاً للدولة الطرف أم لدولة ثالثة، مع فارق جوهري عند وجود المتهم في دولة ثالثة، إذ إن هذه الأخيرة غير ملزمة بالتعاون مع دولة الإقليم، إلا بتوافر دولي كاتفاقيات التسليم أو المعاهدات المتعددة الأطراف . أما الاختصاص الشخصي فمرده المسؤولية الجنائية للفرد التي لا تؤثر في مسؤولية الدول بموجب القانون الدولي، وهذا ما قررته الفقرة (4) من المادة الخامسة، بنصها على: "لا يؤثر أي حكم في هذا النظام الأساسي يتعلق بالمسؤولية الجنائية الفردية في مسؤولية الدول بموجب القانون الدولي" . فالدولة تبقى مسؤولة عن الضرر الذي يلحق بالآخرين نتيجة لأعمالها غير المشروعة، وتلتزم الدولة بالتعويض عن هذا الضرر على النحو المقرر في أحكام المسؤولية الدولية . وبحسب المادة (27 ) والمادة (28)، يمكن ملاحقة فئتين من الأشخاص: رؤساء الدول وأصحاب المناصب العليا، والقادة والرؤساء العسكريون المسؤولون عن أعمال مرؤوسيهم . فوفقاً للمادة (27) فإن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون من دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية . فالشخص سواء أكان رئيساً لدولة أو حكومة أو عضواً في حكومة أو برلمان أو ممثلاً منتخباً أو موظفاً حكومياً، مسؤول عن جريمته، وصفته الرسمية لا تعفيه بأي حال من المسؤولية الجنائية، كما أن هذه الصفة لا تكون سبباً في تخفيف العقوبة عن الجرائم التي يكون قد ارتكبها في أثناء وجوده في منصبه . ووفقاً للمادة (28 فقرة أ) اعتبرت القائد العسكري أو من يقوم مقامه يكونان مسؤولين مسؤولية جنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، والمرتكبة من جانب قوات تخضع لإمرته وسيطرته الفعليتين، في حال توافر شرطين :أن يعلم القائد أن قواته ترتكب أو توشك أن ترتكب إحدى الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة . أو إذا لم يتخذ القائد العسكري جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع هذه الجرائم أو قمعها أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة . أما الاختصاص الموضوعي وهي الأخطر والذي اختصرته المادة الخامسة بجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانة، وجرائم الحرب، وجرائم العدوان . وقد عرفت المادة السادسة جريمة الإبادة الجماعية أي فعل من الأفعال يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه إهلاكاً كلياً أو جزئياً . أما المادة (7) فعرفت الجرائم ضد الإنسانية عبر تعداد الأفعال التي تشكل في حالة ارتكابها في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد مجموعة من السكان المدنيين عن علم بهذا الهجوم وهي :القتل العمد والاسترقاق والتعذيب والإبادة وإبعاد السكان أو النقل القسري والإخفاء القسري للأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم ورفض إعطاء معلومات عن مصيرهم . أما جرائم الحرب، فنصت عليها المادة 8 وهي الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 أغسطس / آب 1949 . أما جريمة العدوان: فلم ينجح مؤتمر روما في تعريف لها . فيما عرفها القانون الدولي وحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14-12-1974 فهو: "استعمال دولة ما، القوة المسلحة ضد دولة أخرى ضد السيادة وسلامة الأرض والحرية السياسية أو بأية طريقة أخرى" . أما ممارسة الاختصاص فتتم عبر مرجعيات حددها النظام، فوفقاً للمادة 14 لكل دولة طرف في الاتفاقية أن تحيل للمدعي العام إذا ما كان هناك أي جريمة دولية للنظر فيها، كما يجوز لدولة غير طرف أن تتقدم بذلك شرط إعلانها خطياً القبول باختصاص المحكمة . كما يمكن لمجلس الأمن إحالة القضية للمدعي العام لمباشرة التحقيق وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة . كما للمدعي العام وفقاً للمادة 15 المباشرة عفواً بالتحقيق إذا توفرت لديه معلومات عن الجرائم المرتكبة،إن عبر دولة طرف أو غير طرف في الاتفاقية، علماً أن التحقيق مرتبط بموافقة الغرفة الابتدائية . ووفقاً لهذه الصلاحيات يمكن للسلطة الفلسطينية الاستفادة منها عملياً بمواجهة "إسرائيل" إلا أن ذلك دونه عقبات كثيرة . ثالثاً: عقبات التحقيق والتنفيذ التي ستواجه السلطة الفلسطينية إذا سلمنا جدلاً بأن المحكمة ستسلك في قضية ما تقدمها السلطة الفلسطينية، فما الاحتمالات؟ لعلَّ الثُغر الأساسية في المحاكم الدولية ومنها المحكمة الجنائية الدولية، صعوبة تنفيذ أحكامها . إضافة إلى ذلك العقبة "الإسرائيلية" التي ستواجهها السلطة الفلسطينية بطبيعة الأمر . وهنا لا سبيل أمام المحكمة إلا اللجوء إلى مجلس الأمن لمباشرة التحقيق وتنفيذ الأحكام . وقد لجأت المحكمة في مناسبات عدة إلى ذلك كقضية درافور، وقضية الرئيس السوداني الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف، وكذلك سيف الإسلام في ليبيا . وإذا كان هدف السلطة الفلسطينية الاكتفاء بالإدانة السياسية إذا تعذرت القضائية، فأيضاً دونها عقبات معروفة وبخاصة من الولايات المتحدة . علاوة على ذلك وبموجب المادة 16 يجوز لمجلس الأمن إيقاف التحقيق أو تنفيذ الحكم لمدة 12 شهراً، وتمديد ذلك أيضاً بنفس الشروط وفقاً للفصل السابع من الميثاق . وبالمقارنة هنا لا يستطيع مجلس الأمن مثلاً إيقاف أو تعطيل قرار محكمة العدل الدولية بشأن أي قضية وفقاً للمادة 94 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، فيما يستطيع ذلك وفقاً لنظام المحكمة الجنائية . كما أن نظام المحكمة يتيح التملص من المثول أمامها، عن طريق المحاكمة الوطنية أي أمام المحاكم "الإسرائيلية" وقد لجأت إليها "إسرائيل" في معرض تقرير غولدستون عام 2009 . أو عن طريق اللجوء للمادتين 17 و18 حول الموافقة على الدعوة بداية وموافقة الهيئة التمهيدية . رابعاً: مخاطر الانضمام ومحاذيره إن قبول السلطة الفلسطينية بنظام المحكمة الجنائية يحتم عليها موجبات والتزامات . فإذا كان من الفوائد التي يمكن أن تجنيها السلطة الفلسطينية من إمكانية رفع الدعاوى بعد الحصول على الاعتراف بها كدولة، فينبغي عليها التدقيق والتبصر في حالات ستحاول "إسرائيل" جرها إليها ومن بينها، التوصيف القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة التي تبقى ضمن حماية اتفاقيات جنيف الأربعة ،1949 وقد فرضت "إسرائيل" بعد اتفاق أوسلو 1993 منحى "الأراضي المتنازع عليها" وبالتالي إخضاعها للمفاوضات الثنائية، وبالتالي عدم اعتبارها مسألة قانونية، وهذا ما يجب على السلطة تجنبه أو أخذه بعين الاعتبار، إضافة إلى مسائل أخرى من بينها، محاولة "إسرائيل" المطالبة بمحاكمة بعض الفلسطينيين أمام المحكمة بالاستناد إلى التوصيف الأمريكي وبعض الغربي بأن "حركة حماس" منظمة إرهابية، وذلك على السلطة تسليم المتهمين وفقاً للمادة 95 . إضافة إلى إمكانية سعي "إسرائيل" بدعم من الولايات المتحدة على استصدار قرار من مجلس الأمن بوقف التحقيق أو التنفيذ وهو أمر معتاد في ظل المساومات في مجلس الأمن وطبيعة الضوابط التي تتحكم بقراراته . وكذلك رفض "إسرائيل" الاستجابة للمحكمة وعدم تسليم المتهمين، وفي هذه الحالة ما على المحكمة إلا الاستعانة بمجلس الأمن وهنا الفيتو الأمريكي جاهز للاستعمال كالعادة . خلاصة القول، إن ثمة محاذير على السلطة الفلسطينية التبصر فيها، وينبغي عليها التشبث بالحقوق القانونية التي اكتسبتها سابقاً ومنها، الإبقاء على توصيف "الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وبالتالي محاسبة "إسرائيل" على جرائمها وفقاً لاتفاقيات جنيف، لا سيما الرابعة منها وبخاصة المواد 7 و147 و148 . والتمسك بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية العام 2004 حول الجدار العازل، وأهميته لجهة توصيف الأراضي المحتلة . والعمل على الانضمام للمنظمات الدولية المتخصصة، وتحفيز الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية بعدما تخطى عدد المعترفين بها المئة دولة . كلمة أخيرة ينبغي قولها، أن ليس ثمة سابقة دولية، إن تمكنت محكمة دولية أو مختلطة أو خاصة من الوصول إلى نهايات وردية بالنسبة لأصحابها . - See more at: http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/b65de431-4fac-4c36-8b19-72d6eea90a45#sthash.jA2a2b1q.dpuf

فرنسا تدخل عين عاصفة الارهاب

د . خليل حسين - فرنسا تدخل عين عاصفة الارهاب - الخليج الاماراتية 14-1-2015 ليست سابقة أن يضرب الإرهاب عاصمة أوروبية، إنما ما شهدته باريس مؤخراً يشكل سابقة فرنسية لم تشهدها منذ الحرب العالمية الثانية، قياساً على نوعية الهدف الذي تم اختياره، ومكانه وكيفية تنفيذه، ونتائجه المحتملة على الصعيدين الداخلي والخارجي . فالمكان المستهدف هو صحيفة كاريكاتيرية في قلب العاصمة، سبق أن كان لها باع طويل في نشر صور مستفزة للإسلام والمسلمين، الذين يصل تعدادهم إلى ستة ملايين من أصل 65 مليون فرنسي، ويعتبرون أكبر جالية في فرنسا، الأمر الذي يشكل حالة متميزة في الاستثمار السياسي الداخلي والخارجي في سياق تحفيز النزعة العنصرية المتنامية ضد المسلمين في غير دولة غربية . وعلى الرغم من أن اختيار الهدف ليس جديداً في سياق عمل الإرهابيين في غير دولة أوروبية، إذ جرت أعمال مماثلة لوسائل إعلامية أخرى خارج فرنسا، إلا أن اختيار هذه الصحيفة الفرنسية بالذات له دلالات واضحة لجهة ربط مواقف السياسات الفرنسية، وبخاصة العربية منها، وما يجري في بعض بلدانها، لتصوير الحدث كأنه رد فعل على اشتراك فرنسا مثلا في المجموعة الدولية لمكافحة الإرهاب وفقاً للقرار 2170؛ لكن وإن كان هذا العمل غير مبرر ومدان في المبدأ، فإن تداعياته الأولى والأخيرة ستصب على المسلمين تحديداً، وبالتالي هم الفئة الأكثر تضرراً، وأعداءهم هم المستفيدون من ردات الفعل المحتملة . كما أن السوابق المماثلة تمت بوضع عبوات أو قنابل، بخلاف هذه العملية التي كان القصد منها، ليس الاعتراض على سياسة فرنسية محددة، بقدر ما هو نشر الرعب والذعر في المجتمع الفرنسي، الشديد الحذر في سلوكه الاجتماعي والسياسي، فهي عملية قصد الإرهابيون تنفيذها كأنها تتم مباشرة ببثها على الهواء، وهي صور تضاعف الذعر والإحساس بالاستهداف الشخصي للفرنسي ولأمته في آن معاً، وهي أسوأ الصور التي تحاول المجموعات الإرهابية القيام بها نظراً لآثارها المرعبة التي يمكن لصقها في الذاكرة الجمعية للمجتمع الفرنسي . طبعاً في أطياف المجتمع الفرنسي ثمة نقاش حاد حول السياسات الفرنسية من قضية "الجهاديين الفرنسيين"، الذين يتم تسهيل خروجهم من فرنسا إلى بعض الدول العربية التي تشهد صراعات داخلية ومن بينها سوريا، وثمة رأي شائع، أن هذا السلوك في التعامل مع مثل تلك القضايا أمر سيرتد سلباً على المجتمع الفرنسي أولاً وأخيراً، باعتباره هروباً من المشكلة وليس محاولة لإيجاد حل لها . فعلى الرغم من صدور القانون الفرنسي لمكافحة الإرهاب والتعاطي مع تلك الجماعات الإرهابية، فإن آليات تطبيقه والتعاطي مع نتائجه لم تكن بالمستوى المطلوب فرنسياً، فهناك أسئلة مبررة وحرجة في آن معاً توجه للسياسات الفرنسية، من بينها كيف يمكن التوفيق بين السياسات الفرنسية التي تحارب الإرهاب في مالي مثلاً، وتغض الطرف قصداً، أو عرضاً عن الجماعات الإرهابية التي تخرج منها إلى سوريا مثلا . هذا الأمر، لا يجد إجابات مقنعة لدى الفرنسيين، بل يترك حالات وصوراً استفزازية ذات طبيعة عنصرية ضد المسلمين . بل إن التدقيق في نوعية بعض ردود الفعل والمواقف، تظهر وجهاً آخر من عنصرية أخرى، متعلقة بالهوية الفرنسية؛ فبعد تزايد الأصوات والمطالب حول مزاحمة بعض الجاليات، ومنها المسلمة في فرنسا على بعض الأعمال، وانتشار البطالة وتزايد الهجرة الوافدة، عززت من منسوب الشعور الشوفيني الفرنسي، وهو ما يهدد بمظاهر أكثر حدة في سلوك الفرنسيين؛ وهو أمر سبق واستعملته كل من النازية في ألمانيا وقبلها الفاشية في إيطاليا، اللذان يعتبران من بين الأسباب الرئيسية لنشوب الحرب العالمية الثانية . وكما أن هذا العمل الإرهابي سيترك آثاره المدمرة في الوعي والسلوك الفرنسي المعروف بالتسامح تجاه الغير، فإن آثاره ستمتد إلى الداخل الفرنسي من خلال سياسات يمكن أن تتبع لاحقاً، وهي التشدد في مسائل الحريات العامة وتشديد الرقابة ومضاعفة العقوبات، الأمر الذي سيعيد المجتمع الفرنسي إلى أجواء الرعب والإرهاب الذي انتشر بعيد الثورة الفرنسية وبخاصة العام 1793 وما تلاه من أعمال تنكيل وقتل وإعدام لكل من يشتبه في مواقفه من الثورة، ولو كانت غير واقعية . بأي حال من الأحوال، يعتبر هذا الفعل من الأفعال المدانة التي ينبغي توجيه ضربات قاصمة لمن نفذها . على أن الحلول الموضعية لا تجدي نفعاً بمواجهة أفعال ذات طبيعة إرهابية عالمية، بل تتطلب إعادة تقييم لسياسات حادت عنها فرنسا منذ زمن طويل، فأين فرنسا الديغولية مثلاً من قضايا العرب والمسلمين وكل الشعوب المقهورة، ألم تكن فرنسا يومها مرتعاً لكل راغب في تنفس الحرية؟ ألم تكن باريس محجة العرب والمسلمين؟ ألم تكن باريس هي من احتضنت مفجر الثورة الإسلامية في إيران؟ يبدو أن باريس بحاجة لقراءة جديدة تعيد لها وجهها المضيء لمساندة حركات التحرر، وأيضاً وأيضاً لمحاربة الجماعات الإرهابية التي تدعي زوراً انتفاضتها ضد الظلم والاضطهاد في غير بلد عربي . - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/c49c91d3-237f-4312-a70d-2b0d47b5f716#sthash.eh1bH9Cn.dpuf

“داعش” والصهيونية وجهان لإرهاب واحد

“داعش” والصهيونية وجهان لإرهاب واحد - 08/01/2015 د . خليل حسين ليست مفارقة أن تجتمع صور الإرهاب ووسائله وأهدافه بين التنظيمات والحركات على مر العصور، إنما المفارقة أن تتخذ بعض التنظيمات من الأديان السماوية، ذريعة لتنفيذ برامجها وغاياتها، بأدوات وطرق لا علاقة لها بالأديان لا من قريب ولا من بعيد . والمفارقة الأدهى أن يجتمع تنظيمان في منطقة هي الأشد حساسية بين أصقاع الأرض، حيث مهبط الرسالات ومكان انطلاقتها ووجهة البشر للحج إليها . زرعت الصهيونية فكراً ومكاناً في فلسطين، واستعملت شتى صنوف الإرهاب والعنف، لإرعاب شعب فلسطين وتشريده من موطنه، ونجحت في كثير من المحطات في الوصول إلى غاياتها وصولاً إلى إنشاء دولة "إسرائيل"، ولم تكتف بذلك فما زالت تعمل على تحقيق يهودية الدولة، وما ورائها من تداعيات وآثار كارثية . كل ذلك تكرّس وكادت ان تعوِّدنا نحن العرب والمسلمين على ذلك خلال قرن مضى . اليوم انطلق تنظيم "داعش" من نفس الطينة والعجينة الإرهابية التي سبقته الصهيونية إليها، بل أن التدقيق في السلوك الإرهابي الذي يستعمله تنظيم "داعش" يتطابق تماماً مع أساليب الصهيونية ووسائلها من القتل، والذبح، والتفنن في أشكاله وصوره، وهو الهدف المشترك بين التنظيمين، لطبع صور الرعب في العقل والذهن الجماعي لمن تريدان الحلول مكانه . فالعصابات الصهيونية مثل شترن والهاغانا تعتبران نموذجين واضحين لسلوك "داعش" وأخواتها من التنظيمات الإرهابية التي تدّعي الإسلام، كالنصرة والقاعدة ولقطائها الآخرين . وإذا كان التستر وراء الدين وسيلة يستعملها الطرفان لتبرير وجوده واستمراره، فإنهما يجاهران بإقامة الدولة الدينية بالإرهاب والعنف والتنكيل والترهيب في وجه كل من يتصدى لهما، ويتوجهان بأفعالهما إلى الأكثريات والأقليات حيثما يتواجدان، فيروعون السكان وتتم سبي النساء وذبح الأطفال، وتخريب وتدمير المؤسسات، إنهما أشبه بحملات التتار والمغول، بل تخطيا أفعال ما سبقهم بأشواط وأشواط . وما يعزز فرضية النشأة والتوجهات الواحدة، الاستناد إلى بعضها البعض، لجهة تبرير إنشاء الدولة الدينية، ففكرة الدولة اليهودية لم يتم بلعها وهضمها إلى الآن، وهي تواجه بمقولات وتحديات وازنة، إلا أن نشوء "دولة الخلافة الإسلامية" في صورتها "الداعشية"، يقوي ويعزز التمسك بإنشاء الدولة اليهودية في فلسطين المغتصبة، وبالتالي القضاء على أي أمل أو مشروع حل للقضية الفلسطينية . من هنا تتعزز فرضية النشأة والأهداف الواحدة، لا سيما أن الكثير من المعطيات والوقائع الموثقة تشير وتؤكد إلى التعاون الميداني بشتى صوره بين الجانبين الصهيوني و"الداعشي" . وإذا كان الاثنان يتقاسمان وجوه الإرهاب وآثاره، فإنهما تقاسما ويتقاسمان أيضاً صور المكافحة وآلياتها حتى من نفس المنظمة الدولية التي تختص بحماية السلم والأمن الدوليين . فبتاريخ 10/11/،1975 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 3379 الذي نص على أن "الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري"، وقد صوَّت لمصلحة القرار 73 دولة، بينما صوتت 35 دولة ضده، وامتنعت 32 دولة عن التصويت . إلا أن اللوبي الصهيوني ومن خلال نفوذه السياسي في الأمم المتحدة وبالتعاون مع حلفائه وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وخلال ست عشرة سنة من العمل المستمر، استطاع إجبار الجمعية العامة وفي خطوة غير مسبوقة، على إلغاء القرار واستبداله بالقرار رقم 8646 بتاريخ 16/12/،1991 حيث صوّت لمصلحة الإلغاء 111 دولة، وعارضته 25 دولة، وامتنعت 13 دولة عن التصويت، وجاء قرار الإلغاء في كلمات معدودة صاغها نائب وزير الخارجية الأمريكي آنذاك لورنس إيغلبرغ؛ "تُقرر الجمعية العامة للأمم المتحدة نبذ الحكم الوارد في قرارها رقم 3379" . اليوم تحارب الأمم المتحدة تنظيم "داعش" عبر القرار 2170 الصادر عن مجلس الأمن، تحت مسمى مكافحة الإرهاب في إطار تجمع دولي قلَّ نظيره شكلاً، لكن التدقيق في آليات ووسائل القرار ومضمونه، تظهر احتواء الإرهاب لا مكافحته أو محاربته، كما تمَّ فعلاً مع الصهيونية، فحين تغيّرت الظروف والأوضاع انتهى قرار الجمعية العامة بشأن الصهيونية، فهل سيكون الأمر متطابقاً مع الإرهاب "الداعشي"، إن سير وسلوك التعاطي مع "داعش"، يشير أيضاً إلى أن ثمة سياسة احتوائية واضحة، بحيث يستعمل تنظيم "داعش" كحالة استثمارية إقليمية ودولية، ومن يضمن أن الأمر لن يتكرر مع هذا التنظيم كما تكرر مع الصهيونية . ثمة مفارقة أخرى ينبغي التركيز والتنبيه والعمل عليها، وهي تقاسم التنظيمين في أسلوب واحد، وهو العمل على اقتلاع وتشريد وترويع المجتمعات والحلول مكانها، الأمر الذي يستوجب العمل على كيفية المواجهة وصمود هذه المجتمعات في أرضها، وهي الطريقة الوحيدة التي تقضي على أهدافهما وغاياتهما، وبالتالي على إرهابهما اللذان يملكان وجهاً واحداً!- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/25483657-c654-4464-a9f1-e6f786cf0af9#sthash.skYMe8Mo.dpuf

مفارقة الدولة الفلسطينية

د .خليل حسين- مفارقة الدولة الفلسطينية الخليج 2-1-2015 انقضى العام 2014 على ستة وستين عاماً على اغتصاب فلسطين، القضية الوحيدة المتبقية من مخلفات قضايا القرن الماضي . ومفارقة العام المنصرم بالتحديد، الحراك غير المسبوق الذي أعطي لمشروع القرار في مجلس الأمن، وسط ضبابية مرجعيته، لجهة من يقف وراء طرحه بالتحديد، أو لجهة صياغاته الملتبسة، هل هي الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني؟ أم قرارات الشرعية الدولية؟ أم اتفاقية أوسلو وتوابعها ؟ أم موازين القوى الراهنة وما تفرضه من أمر واقع؟ ثمة ثمانية تعديلات أدخلت على مشروع القرار، ما زاده التباساً وتوجساً، لدى شرائح سياسية واسعة من الشعب الفلسطيني، مع شعورها بتغييب الحقوق التاريخية المشروعة، والاستناد إلى قرارات الشرعية الدولية فقط لبناء الدولة الموعودة، وهو أمر يخالف الثوابت الفلسطينية المتعارف عليها في مسار المفاوضات التي دخلت فيها منذ مؤتمر مدريد للسلام 1990 وما زالت مستمرة ولو متقطعة من دون تحقيق مكسب ذات وزن يذكر . ثمة شبه إجماع فلسطيني على مبدأ التسوية السلمية للصراع مع "إسرائيل"، واعتراف بأهمية التعامل مع الشرعية الدولية وفي مقدمها الأمم المتحدة، شرط أن يكون ذلك استعادة الحقوق التاريخية في فلسطين وأقلها حدود إعلان الاستقلال في الجزائر في تشرين الثاني /نوفمبر عام ،1988 وهو الإعلان الذي أقرَّ لأول مرة الاعتراف بدولة فلسطينية اعتماداً على قرارات الشرعية الدولية، إلا أنه أكد على الحق التاريخي للفلسطينيين في فلسطين وبخاصة في قضايا القدس واللاجئين والحدود . لم تمنح القرارات الدولية يوماً حقوقاً تاريخية أو وطنية للشعوب إلا في حالات استثنائية جداً، بل دعمت الشعوب التي ناضلت لانتزاع حقوقها، وبالتالي فمصدر الحقوق ليس قراراً دولياً إن كان من الجمعية العامة أو مجلس الأمن، وهنا بصدد حق تاريخي فلسطيني يعود لأربعة آلاف عام مضت، الأمر الذي غاب عن صيغة القرار المقدم لمجلس الأمن الذي تعامل مع الشعب الفلسطيني وكأنه شعب أفرزته حروب ومشاكل المنطقة، وبالتالي ينبغي إيجاد حل يريح المنطقة من صراخه وضجيجه . ومشروع القرار لا ينقصه فقط الحق التاريخي، بل بالعكس من ذلك أضاف ضمن ثناياه نصاً ملتبساً، ينسجم مع الرواية "الإسرائيلية" التي تطالب بالاعتراف بيهودية دولة "إسرائيل"، إضافة إلى ذلك إن التدقيق في صيغة مشروع القرار حول القدس واللاجئين إضافة لغياب أية إشارة للحقوق التاريخية، سيتأكد وكأن القرار يشكل استجابة مبطنة للرواية التاريخية الصهيونية ويتطابق مع مطلب يهودية الدولة . ثمة من يتبنى الاقتداء بالتجربة "الإسرائيلية" تحديداً لجهة قيام الدولة "الإسرائيلية" عبر قرار الأمم المتحدة ،181 أي قرار التقسيم، إلا أن المقاربة هنا، لا تعدو مقاربة هشة، فقيام "إسرائيل" ليس في القرار الدولي، وإنما تظهير لمسار صهيوني طويل بدءاً بالأعمال الإرهابية التي تمت في فلسطين، وليس انتهاءً بالضغوط الصهيونية التي مورست في بريطانيا وغيرها من عواصم القرار آنذاك . إن خطوة الذهاب إلى الأمم المتحدة تم تفريغها من مضمونها ومن قوة الدفع الأساسية المفترضة لها، إذ إن الصيغة الراهنة للقرار والتي أكدت على العودة للمفاوضات (وعلى الرغم من الإشارة إلى أجل لإنهاء الاحتلال)، إلا أن المؤكد من القرار في حال صدوره هو العودة لطاولة المفاوضات ليس إلا، وغير المؤكد هو التوصل لتفاهمات خلال سنة من المفاوضات أو أن تستمر المفاوضات لسنة فقط، ومن غير المؤكد أيضاً وكالعادة التزام "إسرائيل" بالانسحاب خلال ثلاث سنوات، فلا ضمانات بإلزام "إسرائيل" بالمواعيد المحددة، ولا عقوبات أو آلية للمساءلة في حالة اختراق إسرائيل للمواعيد المقررة، سيما وأن القرار هو مندرج ضمن الفصل السادس وليس السابع، وبالتالي لا صيغة أو آلية إلزامية لتطبيقه، شأنه شأن أي قرار مثل 242 أو 338 أو غيرهما . منذ أيام قليلة فقط، تمكنت كوبا من إجبار الولايات المتحدة على تعديل سياساتها لجهة الحصار المفروض عليها منذ نصف قرن ونيف، حيث لم تتمكن الأمم المتحدة وقراراتها من إنهاء الحصار، ذلك تم بفعل إرادة وتصميم شعب وقيادة، على قيادة دفة المواجهة، علَّ وعسى أن نستفيد نحن العرب من تجارب غيرنا ونحاول الاقتداء ببعض وسائلها الناجحة . - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/ea3352b6-5ea1-4d9b-8adb-198e518cb8a1#sthash.IVyZSK9S.dpuf

خريف اميركا العنصري

د.خليل حسين خريف اميركا العنصري صحيفة الخليج الاماراتية 24-12-2014 عندما وصل باراك أوباما إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، اعتقد الكثيرون في أمريكا وخارجها خطأ، أن المجتمع الأمريكي وبخاصة الشرائح الفاعلة فيه، قد تخطت خطايا التمييز العنصري، الذي لوّث الصورة النمطية التي حاولت الإدارات الأمريكية محوها من الذاكرة الجمعية الأمريكية . إلا أن تلاحق الأحداث ووقائعها أعاد من جديد الجدل الصارخ حول إمكانية ردم الهوة بين البيض وذوي السحنة السمراء في المجتمع الأمريكي . في الواقع، إن مقاربة بعض الأرقام والتدقيق في خلفياتها وتداعياتها الاجتماعية والسلوكية، تظهر صورا قاتمة لمستقبل غير وردي . فتعداد السود يبلغ حوالي ستة وعشرين مليوناً أي 4 .11 في المئة من مجموع سكان الولايات المتحدة . وهي بذلك تعتبر من الأقليات الكبيرة، التي جلبت بغالبيتها من القارة الإفريقية والتي استعملت كوقود إنتاجي في ظروف قاسية، عمّقت الشرخ الطبقي الاجتماعي والاقتصادي، وأعطت التمييز العنصري لونا أشد سواداً على مرِّ العقود، وبات صورا من تراث يتم التعامل فيه دون خجل أو وجل في مجتمع يدّعي شرب الديمقراطية مع حليب الأطفال . وعلى الرغم من الإنجازات السياسية المتفرقة، مازال السود يعانون تمييزاً قاسياً، ويظهر ذلك من خلال الوظائف المتاحة لهم والتي لا تصل في أحسن الأحوال إلى الواحد في المئة من الوظائف الإنتاجية المهمة، في حين يبلغ دخل الفرد الأبيض ضعف نظيره الأسود، ما عزز التفاوت الطبقي بشكل مخيف، لاسيما أن نسبة البطالة لدى السود هي أيضاً ضعفها لدى البيض، وتنعكس تلك النسبة على الحالة التعليمية في مختلف مستوياتها، حيث يسجل ترك السود التعليم في مختلف المراحل لأسباب متعددة كصعوبة الاندماج، أو عدم القدرة على تأمين البدلات التعليمية ومتطلباتها، ما أسس لشروخ نفسية وسلوكية يصعب ردمها في ظروف تقليدية . وظاهرة التمييز ليست بجديدة، بل تعود جذورها وتداعياتها إلى قرون مضت، وعلى الرغم من بروز محاربتها في غير مفصل تاريخي، كنضالات مارتن لوثر كنغ، وتمددها من الجنوب باتجاه الشمال، إلا أن استمرار الفروق الشاسعة، أعاد ظهور التمييز بأشكال وصور اشد إيقاعاً على تلك الشريحة، خاصة أن أحداثا متفرقة تظهر حالات قتل لأفراد سود لأسباب لا يعتد بها، ويمكن تفاديها، في الوقت الذي يتم غض الطرف عن الوسائل السيئة لمعالجتها، الأمر الذي زاد من نقمة السود وتبرمهم في الفترة الأخيرة، وتم التعبير عنها بوسائل وأساليب عنفية، ورغم محاولات الاحتواء، تمددت حالات الاحتجاج لتصل إلى مستويات غير مسبوقة . ثمة مشكلة حقيقة يصعب التغاضي عنها في مجتمع تعددي، تحكمه آليات اجتماعية واقتصادية لا تتسم بعلاقات إنسانية مرنة، ما يعزز الشعور بالدونية لشريحة عانت كثيراً ولم تجد مخرجاً لها، بل تجمعت صور مضادة لها، تمثلت بشعور التفوّق العرقي لدى البيض والذي يولد غالباً احتقاناً يصعب السيطرة عليه . فعلى الرغم من وجود الآليات السياسية والقانونية التي حاولت الحد من المظاهر السلبية للتمييز، ظلت الفوارق متأصلة في السلوك المجتمعي لمختلف الشرائح وبخاصة لدى السود، الأمر الذي كوّن البيئات المناسبة لإعادة إنتاج العنف الاجتماعي بين فترة وأخرى، وآخرها ما حدث في غير ولاية أمريكية . إن إعادة التكوين في المجتمعات المتعددة، تتطلب مسيرة طويلة من التضحيات المتبادلة وبخاصة من الشرائح المتحكمة اقتصادياً وسياسياً، الأمر الذي لم يظهر في المجتمع الأمريكي حتى الآن، ما يثير تساؤلات مرعبة حول ديمقراطية النظام وقدرة الليبرالية الجديدة التي طرحت من غير مدرسة فكرية أمريكية بعد استلام زمام الأمور، في ظل الأحادية في النظام العالمي بعد انهيار المنظومة الاشتراكية . وبالتالي مشروعية الأسئلة التي توجه للنظم الليبرالية، وبخاصة قدرتها على ترجمة العديد من شعاراتها وبرامجها المتعلقة بالمساواة والعدالة الاجتماعية وتأمين فرص الحياة الكريمة . لقد ساد المجتمع الأمريكي قبل ست سنوات نشوة الديمقراطية وعبق النصر، بوصول رئيس أسود ومن أصول إفريقية وديانة إسلامية، واعتقد الكثيرون أن الولايات المتحدة انتقلت إلى القرن الحادي والعشرين بجلباب التسامح مع الماضي الأسود للتمييز العنصري، إلا أن الوقائع أثبتت عكس ذلك تماماً، فهل سيكون باراك أوباما هو الرئيس الأسود الأول والأخير في الحياة السياسية الأمريكية؟ إن مجمل الظروف الخارجية والداخلية التي تعيشها الولايات المتحدة تشير إلى صعوبة ردم الفجوة في مجتمعها التعددي، ما يفاقم المشكلة ويعقدها ويزيد من صورها النمطية في الحياة السياسية والاجتماعية اليومية . - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/0567e96b-4851-411f-85b8-4110564678e0#sthash.Xz2fKryW.dpuf