28‏/04‏/2011

شروط البحث العلمي

شروط البحث العلمي ومتطلباته
د.خليل حسين
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
أهمية البحث العلمي
ان الدول المتقدمة التي حققت تقدما كبيرا في مجال العلم والمعرفة وتلك التي قطعت شوطا بعيدا في مجال التقدم والتنمية هي دول أملت أساسا بالبحث العلمي أسلوبا ووسيلة ومنهاجا فاستطاعت بالبحث العلمي ان تكشف مشكلاتها المختلفة وتمكنت عن طريق البحث العلمي ان تطوّع إمكاناتها بهدف تحقيق التقدم والتنمية لمجتمعاتها والرفاهية والازدهار لشعوبها والأمن والاستقرار لأوطانها ومن هذا المنطلق وبهذا المفهوم، فالبحث العلمي في أي مجتمع يعتبر رصيدا قوميا عزيزا وثروة وطنية غالية يجب تشجيعه ودعمه من مختلف الوسائل وكافة الطرق وفيما يتعلق بخطوات البحث العلمي، فثمة مدارس متنوعة ووجهات نظر متباينة وأراء مختلفة، وإنما لا نؤكد بحزم ان هذه الاختلافات ما هي إلا اختلافات في الشكل فقط فأصول البحث العلمي واحدة مهما اختلفت الإشكال وجوهر البحث العلمي واحد مهما اختلفت المسميات .
أهم الخطوات المنهجية للبحوث العلمية
1- اختيار موضوع البحث وصياغة العنوان
2- إعداد خطة البحث
3- كتابة المقدمة
4 - الإشارة إلى مفاهيم الدراسة
5- الإشارة إلى أهمية البحث
6- تحديد أهداف البحث
7- الإشارة إلى نوع الدراسة
8- تحديد المنهج المستخدم
9- تصميم فروض الدراسة أو تساؤلاتها
10-الإشارة إلى أدوات الدراسة
11- تحديد مجتمع البحث (الفئات المختارة)
12- استعراض الدراسات السابقة والبحوث المقارنة
13-مجالات الدراسة وتنقسم إلى (مجال بشرى – جغرافي – زمني )
14-مرحلة جمع البيانات
15- مرحلة تفريغ البيانات
16- مرحلة جدولة البيانات
17- مرحلة تحليل وتفسير البيانات
18- القضايا التي يسيرها الباحث
19- نتائج البحث (الخلاصة والتوصيات)
20- كتابة المراجع العلمية
21- إرفاق الملاحق

شروط البحث الجيد
1) يجب ان يكون للبحث أهمية وقيمة علمية(سواء من الناحية النظرية أو التطبيقية)
2) مراعاة اهتمام الباحث وإحساسه بموضوع بحثه ورغبته في إعداده
3) يجب ان يكون البحث في مجال تخصص الباحث (تخصص عام ودقيق)
4) ان لا يكون موضوع البحث كبيرا أو متشعبا
5) ان يكون موضوع البحث جديدا وغير مقرر
6) توفر نوع المصادر العلمية المختلفة لإعداد البحث وأهمها
أ- الكتب العلمية المتخصصة
ب- الدراسات السابقة والبحوث المقارنة
ج- الخبراء والمتخصصين في موضوع الدراسة
د- تطبيق عمل ميداني على فئة من المتخصصين
7) مراعاة الزمن المتاح لإعداد البحث
8) مراعاة الإمكانات المتاحة للباحث في إعداد بحثه
9) مراعاة الصعوبات التي يمكن ان تواجه الباحث (اقتصادية أو سياسية ،الخ ..)
10) أفضل البحوث هي التي تجمع بين النظرية والتطبيق وتدفع عجلة التنمية والإنتاج وستواجه مشكلة قائمة .

شروط العنوان الجيد
1- يجب ان يكون العنوان موجزا
2- 2- ان يكون واضحا
3 – يجب ان يحقق العنوان أهدافه
4 – يجب ان يغطى أهداف البحث
5 – مراعاة سلامة الصياغة
6 – ان يكون العنوان جاذبا
7 – ان يتمشى العنوان مع (الأهداف مع الغرض أو التساؤلات مع المشتملات + النتائج)
أدوات الدراسة (الرئيسية – المساعدة – العامة أو الأكاديمية)
(أ)الأساسية :
1- صحيفة المقابلة الشخصية
2- صحيفة الاستبيان
3- المقاييس
4- الإحصاء
5- الاتصال التليفونى
(ب)المساعدة :
1- الخرائط الجيوغرافية
2- صور فوتوغرافية
3- الأشكال الهندسية 4- الرسوم البيانية 5 - الأقلام على اختلافها 6- المعدات الفنية
(ج) العامة :
1- الكتب العلمية المتخصصة
2- الدراسات السابقة والبحوث المقارنة
3-الدوريات على اختلافها 4- البيانات الرسمية
5- النشرات العلمية والمنشورات وتقارير المعلومات
6- دوائر المعارف

قواعد التطبيق الميداني لأدوات الدراسة
1- إلمام الباحث بأهداف بحثه وبجوانب بحثه العام
2- اصطحاب بطاقات الهوية والاستمارات والخطابات التي تساعده في التطبيق
3- مراعاة ظروف المبحوث
4- مراعاة التوقيت المناسب للتطبيق
5 -على الباحث ان يبدأ بمقابلة رؤساء المكان
6- يجب ان يراعى الباحث المظهر المناسب
7- البعد عن الأسئلة الطويلة
8- مراعاة البشاشة فى التطبيق
9- مراعاة الحساسة والسرية الخاصة
10-البعد عن الأسئلة المزدوجة
11- البعد عن الدعائية
12-البعد عن الإيحائية
13- استخدام الأسئلة المباشرة والغير مباشرة
14- استخدام الأسئلة المغلقة ومفتوحة النهاية
15- ان يكون لكل سؤال هدف
16- ان تتوفر لدى المبحوث معلومات تتيح له الإجابة على السؤال
17- ان يكون لكل سؤال رقم
18- ترك مسافات فارغة للإجابة
19- ان تجمع كل مجموعه أسئلة متجانسة تحت عنوان واحد
20-يبدأ الباحث بمقدمة مختصرة من موضوع بحثه
21- يطمئن الباحث المبحوث على سرية البيانات التي سيدلى بها
22- عرض الاستمارة على متخصص في المناهج
23- وعلى متخصص نفسي
24- على متخصص في الإحصاء
25- على متخصص في الحاسب الآلي
26- يكون لكل استمارة رقم عام وخاص
27- نكتب الاستمارة على جانب واحد فقط
28-يصطحب الباحث معه بعض الهدايا الرمزية عند التطبيق
29- مراعاة اختبار الاستمارة قبل التطبيق
30- يكون لكل استمارة غلاف عليه بيانات البحث والباحث
شروط الشكر في البحث العلمي
1- الإيجاز
2- 2- عدم البلاغة
3- 3- الإخلاص
4- يوجه لمن يستحقه فقط
5- يوجه بترتيب الاستحقاق
شروط المراجع العلمية وشروط الاقتباس منها
1- يجب ان يكون المرجع أساسيا
2- ان يكون متخصصا
3- ان يكون حديثا نسبيا
4-على الباحث ان يبرز رأيه فيما يقتبس ولا يكون ناقل
4- ان تكون مساحة الاقتباس محدودة
5- عدم الاعتماد على مرجع واحد أو عدد محدود من المراجع
7-يتم المراعاة في عدم الاقتباس من المرجع الواحد
8- تنقل المراجع بنفس بيانها دون تحريف

حالات الاقتباس
أولا:خطوات الاقتباس من المرجع العلمي (حالات الاقتباس)
*الحالة الأولى/ عند الاقتباس اقتباسا حرفيا يشار إلى ما تم اقتباسه ما بين علامتي تنصيص وعند اقتباس الفكرة تنزع علامات التنصيص ويشار إلى الرقم فقط .
*الحالة الثانية / عند الاقتباس من صفحة ثانية يشار إلى المصطلح (ص10) مثلا وعند الاقتباس من صفحات مقارنة يشار إلى المصطلح (ص ص 10-11) مثلا وعند الاقتباس من صفحات متباعدة يشار إليها(ص 10،ص 100).
*الحالة الثالثة / عند الاقتباس من مرجع سبق الاقتباس منه مباشرة ولنفس الصفحات يشار في هذه الحالة إلى أي المصطلحين إما المرجع نفسه والصفحات نفسها أو المكان نفسه.
*الحالة الرابعة / عند الاقتباس من مرجع سبق الاقتباس منه مع اختلاف الصفحات ويشار هنا إلى مصطلح (المرجع السابق أو المرجع ذاته او المرجع نفسه)مثال (,ص10)
*الحالة الخامسة / عند الاقتباس من مرجع سبق الاقتباس منه مع وجود فاصل مرجع او اكثر يشار إليه هنا إلى اسم المؤلف,مرجع سابق ذكره او مرجع سابق او مرجع سبق الرجوع إليه ( , ص .....)
*الحالة السادسة / عند الاقتباس من مرجع له أكثر من مؤلف
(أ) مؤلفين اثنين يشار إلى اسم المؤلفين بترتيبهما
(ب) ثلاثة مؤلفين فأكثر يشار اسم الأعلى يمينا ثم مصطلح وآخرون وبيانات المرجع
*الحالة السابعة/ عند الاقتباس من مرجع لمؤلفه أكثر من مرجع مقتبس منها داخل البحث ويشار إليه إلى(اسم المؤلف ، عنوان المرجع، بيانات المرجع )
*الحالة الثامنة / عند الاقتباس من مرجع اقتبس مؤلفه من مرجع آخر ويشار إليه هنا إلى بيانات المرجع الأساسي نقلا عن : المرجع الهامشي
وفيما يتعلق بالمراجع الأجنبية تطبق القاعدة ذاتها
(ا) المرجع نفسه أو الصفحات نفسها وعند الاقتباس منهم يشار إلي مصطلح Loc.cit وتعنى المرجع نفسه أو الصفحات نفسها .
(ب)عند الاقتباس من مرجع سبق الاقتباس منه مع اختلاف الصفحات ويشار إليها Ibid,p-. وتعنى المرجع السابق .
(ج)عند الاقتباس من مرجع اجتبى سبق الاقتباس منه مع وجود فاصل مرجع أو أكثر يشار إلى اسم المؤلف ( Op.cit, 1) ، وتعني مرجع سابق صفحة (1)

خطوات الاقتباس الهامشي من المراجع العلمية مع ذكر مثال
1- المسلسل (الدال)
2- 2- اسم المؤلف (بلا ألقاب)
3-عنوان المرجع العلمي
4- بلد النشر (المدينة)
5-دار النشر (الناشر)
6- رقم الطبعة (ان وجد)
7-سنة النشر
8-رقم الصفحة أو الصفحات المقتبس منها

مقومات البحث العلمي (أخلاقيات الباحث وقواعد الكتابة)
أولا: أخلاقيات الباحث وخصائصه وتنقسم إلى :-
1- مراعاة أمانة الإجراءات فهي مسئولية أمام الله والضمير والمجتمع والقانون
2-التواضع في الإجراءات
3-الحفاظ على الإسرار
4-الوفاء لكل من عاون البحث
5-أمانة الاقتباس
6- القدرة على التحليل
7-الموضوعية وعدم التحيز
8- الإلمام بأسس وقواعد البحث العلمي
9- الإلمام بمبادئ الإحصاء
10-الإلمام بمبادئ الحاسب الالى
11-الإلمام بأحد اللغات الأجنبية
12- القدرة على التنسيق والتنظيم داخل البحث
ثانيا : قواعد الكتابة واستخدام الرمز :-
1- مراجعة البحث فهي مسؤولية الباحث أساسا
2- الاستخدام السليم لقواعد اللغة
3-استخدام الجمل الفعلية
4-التواضع في الكتابة
5-البعد عن أسلوب السخرية والاستهزاء من الآخرين
7- مراعاة قواعد الترقيم
7-استخدام الاختصارات كلما وجب
8- مراعاة التشكيل كلما وجد
9-البعد عن الأسلوب الإنشائي الصحفي الرنان
10- البعد عن اسلوب المبالغة
11-البعد عن الأسلوب الغامض
12-استخدام قواعد الرمز في الكتابة البحثية

مراحل اعداد البحث العلمي

مراحل إعداد البحث العلمي
د.خليل حسين
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
يعرف البحث العلمي بأنه التقصي المنظم بإتباع أساليب ومناهج علمية محددة للحقائق العلمية بقصد التأكد من صحتها أو تعديلها أو بإضافة الجديد إليها.والتقصي عن الحقيقة يستلزم إتباع منهج وطريقة تخضع لقواعد ومراحل منظمة ومنضبطة طبقا للتفكير المنطقي، بدءا بتحديد طبيعة ونطاق موضوع البحث واختيار عنوانه ثم وضع إشكالية وخطة تليها جمع المادة العلمية ودراستها ونقذها ثم الوصول إلى استخلاص النتائج المرجوة.ويمكننا أن نقسم مراحل البحث العلمي إلى ثلاث مراحل وهي :
1 – المرحلة التحضيرية .
2 – مرحلة جمع المادة العلمية وكتابة البحث.
3 – المرحلة النهائية .
المبحث الأول : المرحلة التحضيرية .
وتشمل اختيار موضوع البحث واختيار أو تعيين المشرف وإجراءات التسجيل ووضع إشكالية البحث وأخيرا وضع الخطة الأولية للبحث.
1. اختيار موضوع البحث :
يشكل اختيار موضوع البحث الخطوة الأولى في مراحل إعداد البحث العلمي ويقتضي من الباحث أن يكون على دراية وافية بكل القضايا والإشكاليات المطروحة في مجال تخصصه، ولا يأتي له ذلك إلا بالقراءة المستفيضة والإطلاع الواسع التي تمكنه من معرفة القضايا والمشاكل التي لم تسبق دراستها والتي تحتاج إلى دراسة مكملة أو إلى مراجعة لإضافة جديدة إليها أو حلها.واختيار الموضوع يكون إما باقتراح من المؤسسة العلمية أو من الأساتذة أو من اختيار الباحث نفسه، بعد أن يرى أن الموضوع يحظى باهتمام خاص لديه ويرغب في البحث فيه.وتخضع عملية اختيار موضع البحث لجملة من المعايير والشروط يجب على الباحث أن يراعيها وتتمثل فيما يلي :
أ . يجب أن يتعلق الموضوع بنقطة محددة فالمواضيع العامة تجعل الباحث لا يستطيع التعمق في البحث ويلجأ إلى الأفكار العامة، مما يجعل نتائج البحث وقيمته محدودة فلو اختار الباحث موضوع مثل "الجريمة المنظمة" فإنه عليه أن يدرس عدة أنواع من الجرائم، كالاتجار في المخدرات والإرهاب والتزوير وتبييض الأموال إلخ...، أما إذا اختار موضوع مثل : تزوير أرقام السيارات فيكون موضوعه محددا مما يسمح له بالتعمق أكثر في مادة البحث ويكون للبحث قيمة علمية أفضل ونتائج أنجع.
ب. يجب أن يكون موضوع البحث جديدا أي لم تسبق دراسته دراسة وافية لا تترك للباحث ما يكتشفه أو يعقب عليه أو ينتقده.
ج . أن يكون الموضوع له علاقة بالواقع ويشغل بال الناس ويكون البحث فيه له فائدة ونتائجه يمكن الاستفادة منها.
د . أن تتوفر في موضوع البحث مصادر ومراجع تسهل على الباحث تناول مادته العلمية والحصول على كل المعلومات والبيانات المتعلقة بالموضوع وخاصة في اللغة التي يتقنها.
هـ . أن يكون موضوع البحث مندرجا في التخصص العلمي الذي يمارسه الباحث سواء في مجال التدريس أو في مجال وظيفته باعتبار أن له معرفة وافية بالإشكالات والمعلومات المتعلقة به وكذلك بالمصطلحات المرتبطة بطبيعة موضوع البحث.
2. عنوان البحث :
يعتبر عنوان البحث بمثابة الاسم الذي يطلقه الوالد على مولوده الجديد ويجب أن تتوفر فيه الشروط التالية :
- أن يكون جديدا ومبتكرا أي يضعه الباحث متجنبا العناوين القديمة التي استعملت ففي بحوث سابقة أو كتب سبق نشرها.
 أن يكون واضحا دقيقا وشاملا لمضمون البحث.
 أن يكون محددا وقصيرا مع مراعاة وضوح ما يدل عليه.
 أن يكون في عبارة جذابة تجلب انتباه القارئ .
 أن يكون موضوعيا يتحرى الحقيقة والصدق فلا يكون من باب الدعاية أو الكذب.
 أن لا يكون متكلفا في عباراته من حيث اللفظ فلا يتضمن ألفاظا غريبة أو مسجوعا.
3. اختيار وتعيين المشرف :
إن إعداد بحث علمي يتطلب دربة ومراسا في مجال المنهجية العلمية وتقنيات البحث عن المعلومات وأسلوب نقذها وتمحيصها ودراستها وذلك أمر قد يتعسر على الباحث لذلك فهو يحتاج إلى مشرف له خبرة ومستوى علمي رفيع في مجال التخصص يتولى توجيهه وإرشاده والأخذ بيده أثناء كل مراحل إعداد البحث.
ويتم اختيار المشرف من ضمن الأساتذة الدكاترة الذين لهم الخبرة أو الخبراء المتخصصون في مجال البحث، ويكون ذلك إما باختبار الباحث بعد موافقة الأستاذ أو بتعيين المؤسسة العلمية أو الهيئة التي يتم إعداد البحث فيها، وفي الحالتين فإن موافقة المشرف شرط ضروري، إذ يجب أن يقبل الإشراف على البحث ومتابعة الباحث في كل خطوات إعداد بحثه ويوجهه ويساعده في ضبط الخطة وتحديد الإشكالية وصياغة البحث إلى حين الإعداد النهائي للبحث ومناقشته.
4 . تسجيل البحث :
تختلف إجراءات تسجيل البحث تبعا للنصوص القانونية والتنظيمية المطبقة في مجال البحث العلمي والجامعات والمعاهد والمدارس العليا والأكاديميات والمؤسسات المختصة في التعليم العالي ومراكز البحث العلمي.وعملية التسجيل تتم بعد تقديم الباحث لملف يتضمن :
- الأوراق الإدارية المتعلقة بهويته.
- الشهادات والدبلومات العلمية التي تثبت مستواه ومؤهلاته التي تمكنه من إعداد البحث العلمي .
- تقرير موجز يتضمن موضوع البحث وإشكاليته والخطة الأولية ودواعي اختياره والأهداف المتوخاة من البحث فيه.
5 . إشكالية البحث وخطته لأولية :
تعد إشكالية البحث بمثابة الجهاز العصبي للإنسان أو قمرة القيادة بالنسبة للطائرة وتتوقف جودة البحث وقيمته على وجود الإشكالية المضبوطة.والإشكالية هي الفكرة المحورية التي يدور حولها البحث وتصاغ على شكل سؤال محوري تدور حول الفرضيات التي ينطلق منها الباحث في بحثه والإشكالية هي التي تحدد مسار البحث وتوجه الباحث ليبقى ملتزما بحدود موضوعه.وتنقسم الإشكالية إلى نوعين :
الإشكالية المبدئية :يضعها الباحث بمجرد اختيار موضوع بحثه وتحديد عنوانه وهي الفكرة الأساسية التي تصاغ على شكل سؤال وهذه الفكرة ليست نهائية بل يمكن التدقيق فيها وتعديلها وضبطها أثناء جمع المادة العلمية وكل المعلومات المتعلقة بالموضوع لتصبح نهائية.
الإشكالية النهائية :بعد جمع المادة العلمية والمصادر والمراجع قد يتضح للباحث أن الإشكالية التي وضعها ليست مضبوطة أو تحتاج إلى تعديل فيعيد صياغتها ويراجع ضبط السؤال المحوري لتكون متوافقة ومتطابقة مع محتوى البحث ومتناسقة ومنسجمة مع الفرضيات والنتائج.
الخطة الأولية للبحث :
عندما يختار الباحث موضوعه يكون لديه فكرة عامة وشاملة لنطاق ذلك البحث ومجمل العناصر والنقاط والمسائل التي سوف بدور بحثه حولها. لذلك يبادر بوضع خطة تشمل المقدمة والفصول والمباحث والمطالب على أن تتضمن المقدمة إشكالية البحث والفرضيات ومنهجية البحث وتتضمن الفصول والمباحث والمطالب عناوين للأفكار والعناصر الرئيسية للبحث.
6 . تنظيم عملية البحث :
إن السير في إنجاز أي بحث يتطلب من الباحث أن ينظم نفسه ويصنع خطة عمل يلتزم بها.كما يجب عليه أن يجيب على الأسئلة التالية :
أ/ في أي اختصاص ومجال يندرج موضوع بحثه مثال في العلوم القانونية في المسائل الأمنية في مجال الاتصال في مجال الإسناد والدعم في الفنون العسكرية إن الإجابة على هذا السؤال يسمح للباحث بمعرفة الجهات والمكتبات والمراكز التي يعثر فيها على المصادر والمراجع والدراسات المتعلقة بموضوع بحثه.
ب/ من هم الأشخاص الذين يمكن الاستعانة بهم ويكون ذلك بضبط وحصر الأساتذة دوي الخبرة والاختصاص في موضوع البحث وكذا الإطارات وكل من يمارس نشاطا له علاقة بالموضوع لأن هؤلاء الأشخاص أدرى بالمعلومات والإشكالات المطروحة كما أنهم يمكن أن تكون لديهم أفكار وأراء تفيد البحث أو توجهه أو يمكن أن يستعين الباحث بما لديهم من مراجع ووثائق.
ج/ ما هي المدة الزمنية المخصصة لإنجاز البحث وبذلك يمكن للباحث أن يعد جدولا زمنية تتضمن فترات متعاقبة تخصص كل فترة لإنجاز جزء محدد من البحث كأن يخصص فترة للبحث عن المراجع وفترة لمقابلة الشخصيات وتواريخ الاتصال بالمشرف أو المدة الزمنية التي ينجز فيها كل فصل من فصول البحث وتلك التي يخصصها لدراسة المادة العلمية وصياغة البحث وهكذا.

المبحث الثاني : مرحلة جمع المادة العلمية وإعداد البحث.
1. البحث عن المصادر والوثائق وجمع الوثائق .
تتمثل هذه المرحلة في التقصّي عن الوثائق العلمية بنوعيها المصادر والمراجع .والوثيقة تعني المصدر أو المرجع الذي يتضمن معلومات وحقائق وأفكار تتعلق بموضوع البحث والوثيقة تكون مخطوطا أو كتابا مطبوعا أو شريطا سمعيا – بصريا أو مستندات تتضمن وقائع أو تسجيلات لأحداث تهم موضوع البحث كالمحاضر وأرشيف التقارير والسجلات الخ.
وتعد من الوثائق الرسمية الدوريات والمسموعات ودوائر المعارف ونتائج الأبحاث الميدانية وأطروحات الدكتوراه والماجستير والمراسلات العلمية والأفلام الوثائقية.وأهم الوثائق التي تعتمد عليها في الأبحاث العلمية تتمثل في المصادر ويقصد بالمصدر الكتاب أو المخطوط الذي يتناول موضوع البحث تناولا شاملا وأصيلا ولا يعتمد على المصدر أو مرجع قديم وبعابرة أخرى فالمصدر هو أقدم وثيقة تحوي المعلومات المتعلقة بالموضوع كالمخطوطات التي لم يسبق نشرها مثل مذكرات القادة السياسيين وكتب الفقه القديمة.
فالقرآن الكريم والسنة النبوية هما مصدران لأحكام الشريعة الإسلامية والقرارات القضائية الصادرة عن المحكمة العليا هي مصدر الاجتهاد القضائي وكذا الإحصائيات الرسمية التي تنشرها الدوائر الحكومية تعد مصدرا لأي دراسة إحصائية.أما المرجع فهو ما كانت علاقته بالموضوع علاقة تفسير لجزئية من جزئياته ولا يتناول جوهر الموضوع وقضاياه الأساسية ولا يستعين بها في دراسة قضايا الموضوع الأساسية وإنما يستعين في دراسة عنصر أو نقطة من الموضوع.
كيفية البحث عن المصادر :
للبحث عن المصادر والمراجع يجب أن يعرف الباحث أن هناك عدة معايير لترتيبها وتصنيفها في المكتبة :
 معيار موضوع الوثيقة.
 معيار إسم المؤلف.
 الترتيب حسب التاريخ.
 موضوع الجدة والحداثة.
وفي كل مكتبة توضع فهارس عديدة منها :
 فهرس خاص بعناوين الكتب.
 فهرس خاص بعناوين الموضوعات (قانون – تاريخ – جغرافيا ...).
 فهرس خاص بأسماء المؤلفين.
ويكون ترتيب المصادر والمراجع إما تبعا للحروف الهجائية أو حسب الأرقام.
ولقد أصبحت وسيلة الإعلام الآلي من الوسائل الفعالة في ترتيب المراجع وتصنيفها وعلى المكتبات أو التوثيق أصبح علما قائما بذاته.ويتم العثور على المصادر والمراجع بطرق مختلفة منها الرجوع إلى فهرس المراجع لكتاب يتناول موضوع البحث والشروع في البحث عن تلك المراجع في مظامنها على مستوى المكاتب والمعاهد ومراكز البحث العلمي والمكتبات الجامعية كما يمكن وضع قائمة للكلمات المفتاحية التي لها علاقة بموضوع البحث والإنطلاق منها للبحث عن المصادر والمراجع.
كما يستطيع الباحث أن يرجع إلى فهارس مختلف المكتبات أو لقائمة الكتب التي تنشرها دور النشر و يستفيد الباحث أيضا بالرجوع إلى ما يعرف بمصادر المصادر و هي كتب ألفت خصيصا لتتضمن تدوين أسماء مختلف الكتب مثل الفهرست لابن النديم و تاريخ الأدب العربي لبروكلمان .
2- جمع المادة و طرق تسجيل المعلومات :
إن جمع المادة العلمية يشبه ما يقوم به البناء من جمع للمواد اللازمة لتشييد مبنى ، فالمادة العلمية هي التي يقوم عليها بنيان موضوع البحث .ويمر جمع المادة العلمية بمرحلتين مرحلة الجمع التحضيري للمادة ثم مرحلة التدوين للمعلومات .
ويمكن اعتماد طريقتين أو أسلوبين تبعا لمنهجية دقيقة وهما :
أسلوب البطاقات و أسلوب الملفات.ويتمثل أسلوب البطاقات في قيام الباحث بإعداد جملة من البطاقات يسجل عليها المعلومات التي يستقيها من المصادر و المراجع ، و يتم ترتيب تلك البطاقات حسب عناوين الأبواب و الفصول و المباحث .وتتضمن البطاقة عنوان الفصل أو البحث و الاسم الكامل للمؤلف و اسم الكتاب و دار النشر و مكان وجود الكتاب و رمز حفظه في المكتبة – الملاحظات الشخصية – و يمكن للباحث أن يرتب تلك البطاقات ترتيبا يناسب الطريقة التي يعمل بمقتضاها و يراعي في ذلك سهولة الرجوع لها أثناء مرحلة الصياغة .
أما أسلوب الملفات فهو الأسلوب المحبذ لدى الباحثين و يتمثل في لجوء الباحث إلى فتح ملف لكل باب و فصل من فصول البحث و يتضمن كل ملف ملفات فرعية يضع فيها ما يجمعه من معلومات تتعلق بكل نقطة في البحث .و من مميزات هذه الطريقة أنها عملية تسمح للباحث بإضافة التعديل و يجمعه من المعلومات و يمكن للباحث أن يجمع بين الطريقتين أو الأسلوبين فيفتح ملفات و يدرج فيها البطاقات .
3- مرحلة القراءة والدراسة والتفكير تمحيص
بعد الفراغ من جمع المادة العلمية يرجع الباحث إلى هذا المعلومات فيقرأها قراءة متأنية و يضبط أفكاره و يتمثل و الهدف من هذه القراءة في :
- استيعاب كل المعلومات المتعلقة بموضوع البحث .
- الفهم الجيد لكل الأفكار المرتبطة بالبحث .
- تحليل الآراء و نقدها و مقارنتها و ترتيبها و تصنيفها .
- وضع الفرضيات و استخلاص النتائج و النظريات و القوانين العلمية .
- من الضروري أن يولي الباحث عناية للقواعد اللغوية و الاهتمام بالمصطلحات العلمية.
1.3 – مقومات القراءة الجيدة :
- يجب أن تكون القراءة واسعة وشاملة لكل الوثائق والمصادر والمراجع.
- يجب أن يتحلى الباحث بالذكاء والفعالية ويعمل على التمييز بين المصادر والمراجع ويصنفها من حيث أهميتها.
- على الباحث أن يتحلى بالانضباط والمداومة ويعرف اختيار الوقت والمكان المناسبين ولقد أثبتت التجربة أن أنسب الأوقات للقراءة هي الفترة التي تعقب النوم والفترة الصباحية.
- على الباحث أن يتجنب القراءة ودراسة الأفكار عندما يكون قلقا أو مرهقا أو في حالة صحية غير جيدة وعليه أن يأخذ قسطا من الراحة قبل أن يشرع في القراءة.
2.3 – أنواع القراءة :
تنقسم القراءة إلى :
أ. قراءة سريعة أو ما يعرف بالإطلاع وهدفها اكتشاف الوثائق والمصادر والمراجع وتحديد مكان وجود المعلومات والأفكار التي تتعلق بموضوع البحث.وللإطلاع على محتوى كتاب مثلا يكفي أن نقرأ عنوانه ثم نقرأ مقدمته ثم نقرأ فهرس المواضيع وفهرس المراجع فبذلك تتكون لدينا فكرة عن مضمون الكتاب ونستكشف الفصول أو البنود التي تهم البحث الذي نحن بصدد إعداده.
ب . القراءة العادية : وتتمثل في جمع الأفكار وترتيبها وتصنيفها وتحليلها ونقدها واستخلاص النتائج وتدوينها في الملفات أو البطاقات.
ج. القراءة المركزة : وتشمل خاصة المصادر الهامة و الوثائق التي تتناول موضوع البحث تناولا شاملا وعميقا بحيث يقوم الباحث بدراسة تلك المصادر دراسة وافية ومستوعبة ويمحص الأفكار ويرتبها وينتقدها ويقارن بين الآراء ويرجع ما يراه أكثر صوابا وموضوعية وينتقد الآراء التي يراها محل انتقاد كل ذلك مع التعليل والإدلاء بالأفكار الشخصية.
4 – ضبط الإشكالية وخطة البحث النهائية :
بعد القراءة والدراسة وتمحيص المادة العلمية يكون الباحث قد كون فكرة أكثر وضوحا حول موضوع بحثه ويكون قد لاحظ ما تتضمنه الإشكالية الأولية والخطة المدونة من ثغرات أو نواقص ويبادر لتصحيحها وضبطها وتدقيقها ويضبط ويدقق الإشكالية والخطة بصورة نهائية مسجلا كل العناوين والأفكار الرئيسية والفرعية ثم يشرع في عملية الصياغة للأفكار والمعلومات التي درسها.
5 – صياغة البحث :
لا يبدأ الباحث في صياغة المادة العلمية إلا بعد أن تكون الأفكار والمعلومات أي المادة العلمية للموضوع قد نضجت وأنها كافية لتغطية كل عناصر موضوع البحث .
وتعتبر هذه المرحلة أساسية ، في إعداد البحث ويجب أن يراعي الباحث فيها جملة من الضوابط هي:
أ‌) على الباحث أن يلتزم التزاما صارما بقواعد المنهجية العلمية والخطوات المتعلقة بإعداد البحوث العلمية .
ب‌) على الباحث أن يلتزم عند صياغة البحث بقواعد النحو والصرف وقواعد التنقيط وعند الاقتضاء يستعين بخبير في اللغة ليراجع ما كتبه (أنظر قواعد علامات التنقيط وكيفية استخدامها في نهاية هذا الفصل) .
ت‌) إن مراعاة استعمال المصطلحات والعناية بها ضرورة لا مناص منها للباحث في صياغة بحثه.
ث‌) ينبغي على الباحث أن يتجنب الحشو وتكرار الأفكار وتضاربها والمبالغة في تعابيره أو في أحكامه وآراءه وذلك لا يتأتى له إلا بالالتزام بالتسلسل المنطقي والزمني في عرض أفكاره والاعتدال ففي أحكامه.
ج‌) على الباحث أن يتحرى الموضوعية والدقة أي تجنب الاختصار المخل والإطناب الممل.
ح‌) ينبغي على الباحث أن يقلل من الاقتباس حتى لا يكون بحثه نقلا عن غيره وهو ما يتنافى مع الأمانة العلمية إذا اقتبس عليه أن يشير إلى مؤلف الفكرة والمصدر أو المرجع الذي أخذها منه طبقا لقواعد التهميش المعتمدة في البحوث العلمية.
6 - توثيق البحث وإعداد الفهارس:
أ) توثيق البحث : إن توثيق البحث أمر ضروري لأي بحث علمي لأن ذلك يدل على أن المعلومات التي يتضمنها البحث موثقة ومستقاة من مصادر ومراجع لها قيمتها العلمية وهو ما يضفي على البحث قيمة ويكون له مصداقية ويمكن الاعتماد عليه.
وينبغي على الباحث أن يقوم بإعداد قوائم تتضمن كل المصادر والمراجع التي اطلع عليها الباحث أو اقتبس منها بعض المعلومات أو الأفكار التي تضمنها بحثه.
يقسم الباحث المصادر والمراجع إلى :
- مصادر ومراجع باللغة العربية .
- مصادر ومراجع باللغة الفرنسية.
ويتم كتابة هذه المصادر والمراجع في فهرس المراجع بالترتيب التالي :
- الكتب.
- الدوريات.
- الوثائق الرسمية.
- الدراسات غير المنشورة.
ب) فهارس البحث : إن توثيق البحث يختلف عن التهميش فالأول يعني وضع فهارس لكل المراجع والمصادر التي اطلع عليها الباحث أو اقتبس منها أي استعان بها في بحثه أما التهميش فالمقصود به نسبة كل فكرة إلى صاحبها مع الإشارة إلى اسم الكتاب أو الوثيقة واسم المؤلف ورقم الصفحة طبقا للقواعد المعتمدة في تهميش البحوث العلمية.
والفهارس أنواع تختلف حسب طبيعة الموضوع :
- فهرس الأعلام (أي قائمة الأعلام الواردة في البحث ترتب حسب الحروف الهجائية للأسماء).
- فهرس الآيات القرآنية
- فهرس الأحاديث النبوية.
- فهرس المصادر والمراجع.
- فهرس الملاحق والخرائط.
- فهرس موضوعات البحث.

المبحث الثالث : مرحلة تنظيم البحث ومناقشته.
1- طباعة البحث :
طباعة البحث : إن التطور الذي حصل في مجال استخدام وسيلة الإعلام الآلي وانتشار هذه الوسيلة ييسر من عملية النسخ أو الطباعة بحيث أصبحت كتابة البحوث عادة تتم بهذه الوسيلة واصبح متيسرا على الباحث أن يختار حجم الخط ونوعية الخط الذي يريد استخدامه كما يختار حجم الصفحات وطريقة كتابة عناوين الفصول والمباحث والمطالب والمسافات بين الأسطر وبداية الفقرات ... إلخ.
2- عدد نسخ البحث :
تختلف عدد النسخ المطلوبة في الجامعات و المعاهد و المدارس غير أن المتفق عليه أن يكون عدد تلك النسخ كافيا لتسليم نسخة لكل عضو من أعضاء لجنة المناقشة و عدد من النسخ يكون مخصصا للمكتبة و على العموم لا يقل هذا العدد عن عشر نسخ.
3- تجليد البحث و ترتيبه و ترقيمه:
على الباحث أن يقدم ثمرة عمله المتمثلة في البحث في شكل أنيق لذلك عليه أن يجلد بحثه تجليدا فاخرا أو يضع له غلافا بالورق المقوى يحمل عنوان البحث بخط بارز و جميل فالشكل الذي يقدم فيه البحث له أهمية و يعطي فكرة عن شخصيته و ذوق الباحث .
4- ترتيب البحث : يتم على النحو التالي :
أ / صفحة الغلاف الخارجي و يكتب عليها :
- اسم الكلية و الجامعة و المدرسة أو المعهد التي تم البحث فيه.
- عنوان البحث و اسم الباحث و اسم المشرف و أسماء الأعضاء لجنة المناقشة .
- السنة التي نوقش فيها البحث (أسفل الصفحة)
ب / صفحة الغلاف الداخلي (نفس البيانات التي تضمنتها صفحة الغلاف الخارجي).
ج / الإهداء (في صفحة مستقلة) .
د / التقديم (عادة ما يتولى أحد الأساتذة أو الشخصيات تقديم البحث).
هـ/ التمهيد (عند الإقتضاء).
و/ المقدمة .
ز/ المتن(الأبواب و الفصول).
ح/ الخاتمة.
ط/ الملحقات.
ي/ الفهارس.
ك/ المحتويات (فهرس موضوع البحث) و أحيانا تدرج صفحة المحتويات قبل المقدمة.
5- ترقيم صفحات البحث :
الترقيم نوعان : ترقيم بالأحرف الأبجدية (أ ب ج د ه و ز ح ط ك ل م ن س ....الخ)
ويبدأ الترقيم بحرف "أ" في الصفحة الأولى من المقدمة . أما الصفحات التي تسبقها فلا ترقم.
الترقيم بالأعداد : و ترقم به صفحات الأبواب و الفصول و المباحث و الخاتمة و الفهارس و عدد صفحات هذه الأرقام هو عدد صفحات البحث .
6- مناقشة البحث:
مناقشة البحث هي المرحلة الختامية في إعداد البحث العلمي و خلالها يتم مناقشة النتائج التي توصل إليها الباحث :
- تسليم كل عضو من أعضاء لجنة المناقشة نسخ من البحث في شكله النهائي على أن يكون ذلك بفترة زمنية كافية (عادة شهر) قبل تاريخ المناقشة .
- إعداد تقرير يعتمد عليه الباحث في عرضه لبحثه.
- تحديد تاريخ المناقشة و مناقشة البحث .
ونبين فيما يلي بعض الإرشادات المتعلقة بالنقاط و العناصر التي تتضمنها مناقشة البحث العلمي ثم نشير بإيجاز لما يتضمنه تقرير البحث.
مناقشة البحث العلمي :
أ‌. الناحية الشكلية : ويتم من خلالها مناقشة :
- عنوان البحث (مدى تعبيره عن مضمون البحث) و طريقة صياغته و مدى الجدة و الابتكار فيه.
- التزام الباحث في أسلوبه بقواعد النحو والصرف والتنقيط وعدم تكرار الألفاظ والصيغ ودقة المصطلحات.
- خطة البحث – هل عناوين الأبواب والفصول والمباحث منسجمة ومتناسقة وهل وفق الباحث في خطته ومدى شمولها لكل عناصر الموضوع.
- مدى احترام قواعد التهميش والاقتباس.
- مدى احترام الباحث لكتابة العناوين بخط بارز والهوامش المرعية في بداية العناوين والفقرات وحجم الخطوط المستعملة في الطباعة.
- ترتيب الفهارس والمصادر والمراجع الخ...
2 – الناحية الموضوعية :
- هل تضمنت المقدمة – إشكالية البحث والفرضيات والسؤال المحوري للإشكالية وهدف البحث وأهمية ومنهجية البحث والصعوبات التي اعترضت الباحث والمصادر والمراجع التي اعتمد عليها والأبحاث السابقة التي عالجت الموضوع وخطة البحث.
- تسلسل الأفكار الواردة في المتن – مدى إحاطة الباحث بكل عناصر الموضوع – مدى قدرة الباحث على مناقشة الأفكار ومهارته في اقتباس الأفكار عن غيره ونقدها وترجيح ما يراه صحيح – هل أتى الباحث بشيء جديد أفكار جديدة – تصحيح مفاهيم خاطئة وبيان مفاهيم غامضة جمع معلومات مفرقة وترتيبها – اقتراح تعريفات جديدة – هل أجاب البحث عن االإشكالية واستطاع أن يثبت بطريقة علمية الفرضيات سواء عن طريق التجربة أو المقارنة أو الوصف أو الإحصاء الخ...
ما هي النتائج التي توصل إليها الباحث ؟
عرض الباحث لتقريره:
- يجب على الباحث أن يحضر تقريرا ليعرضه أمام لجنة المناقشة يتضمن خلاصة مركزة لمضمون البحث ويشمل عنوان البحث وإشكالية البحث والفرضيات ومنهجية البحث والمصادر والمراجع المستعملة وخطة البحث وأهم الأفكار الرئيسية الواردة فيه والنتائج التي توصل إليها ، انظر نموذجا لهذا التقرير ص .....
على الباحث أن يعرض بحثه خلال فترة زمنية بين 15 و30 دقيقة ويراعي ما يلي:
- تجنب قراءة تقرير البحث بل عرضه شفاهة.
- عدم مقاطعة أي عضو عندما يكون بصدد تقديم ملاحظاته.
- عدم التدخل إلا بإذن من رئيس اللجنة.
- مراعاة قواعد اللياقة والأدب أثناء الإجابة على التساؤلات أو تقديم توضيحات أمام أعضاء لجنة المناقشة.
علامات التنقيط :
إن إنجاز أي بحث علمي يتطلب صياغته وإخراجه في شكله النهائي وكتابته بأسلوب يخلو من الأخطاء النحوية والصرفية ، ومن شروط البحث الجيد أن يراعي فيه الباحث احترام علامات التنقيط المختلفة من نقطة وفاصلة وعلامة استفهام وغيرها.
وعدم احترام الباحث لعلامات التنقيط يدل إما ع ل عدم معرفة الباحث لهذه العلامات أو عدم معرفة مدلولاتها أو عدم المبالاة وعناية بالإخراج الجيد للبحث وهذا عيب وتقصير من قيمة الرسالة أو البحث أو المؤلف.
لذلك ينبغي على من ينجز أي بحث علمي أن يراعي علامات الوقف وقواعد النحو والصرف حتى تكون أفكاره معروضة بطريقة سليمة وجيدة ، وفيما يلي نبين مدلول هذه العلامات وكيفية استخدامها.
1. النقطة (.) : تستعمل في الحالات التالية :
- في نهاية الجملة التامة المعنى ، المستوفية مكملاتها اللفظية.
- بعد الكلمات المختصرة مثل : (هـ.) (م.) اختصارا للكلمتين "هجرية" و "ميلادية" و ت.د أي التاريخ بدون.
تحذف في حالة وجود تلبس بينها وبين الصفر في الرقم فمثلا : ج.و ص. اختصارا لكلمة "جزء" و "صفحة" فوضع الصفر بعدها يوجد لبسا في زيادة الرقم الذي يليه من أجل ذلك وجب حذفها.
- بين اسم المؤلف وعنوان الكتاب ومعلومات النشر في قائمة المصادر (الببلوجرافية). أنظر فهرس المراجع في هذا البحث.
2. الفاصلة (،) : تستعمل في الأحوال الآتية :
- بين الجمل المتعاطفة.
- بين الكلمات المترادفة في الجملة.
- بين الشرط والجزاء، بين القسم والجواب إذا طالت جملة الشرط أو القسم.
- بعد "نعم" أو "لا" جوابا لسؤال تتبعه الجملة.
- بعد المنادى في الجملة، وبعد مخاطبة المرسل إليه في الرسائل وبعد عبارة الختام التي تجيء قبل توقيع المرسل.
- بعد أرقام السنة حين يبتدأ بها في الجملة ،أو بعد الشهر أو اليوم.
- بين اسم المؤلف ، وعنوان الكتاب، ومعلومات النشر أثناء تدوين المصادر في الهامش.
- بين شهرة المؤلف ، واسمه إذا تقدم اسم الشهرة .
3. الفاصلة المنقوطة ( ؛) : تستعمل في الأحوال الآتية :
- لتفصل بين أجزاء الجملة الواحدة حين تكون العبارة المتأخرة سببا أو علة لما قبلها .
- بين الجملتين المرتبطتين في المعنى دون الإعراب مثل : إذا رأيتم الخير فخذوا به ، وإن رأيتم الشر فدعوه.
- في تدوين المصادر في الهامش حين يعتمد المؤلف للفكرة الواحدة أكثر من مصدر واحد توضع عندئذ الفاصلة المنقوطة بين المصادر تحت رقم واحد.
4. النقطتان الرأسيتان ( : توضعان في الموضع التالية :
- بعد كلمة "قال" وما شابهها معنى أو اشتق منها مثل : عبرو "بقوله" إلخ. وبعبارة أخرى بين القول والمقول.
- بين الشيء وأقسامه ، وأنواع مثل الكلمة ثلاثة أقسام : اسم ، فعل و حرف.
- قبل الأمثلة التي توضح القاعدة.
- قبل الجملة أو الجملة المقتبسة.
- بعد البلدة في تدوين المصادر في قائمة المصادر الببلوجرافية وفي الهامش.
5. علامة الاستفهام (؟) : تستعمل في الأحوال التالية :
- بعد الجملة الاستفهامية ، سواء كانت الأداة ظاهرة أو مقدرة.
- بين القوسين للدلالة على الشك ففي رقم أو كلمة أو خبر.
6. علامة التعجب والانفعال (!) : تستعمل في الأحوال التالية :
- للتعبير عن شعور قوي سخطا كان أو رضا ، استنكارا أو إعجابا وتساعد القارئ على التعبير بنغم خاص.
- بعد الجملة المبتدئة بـ "ما" التعجبية مطلقا ، استحسانا كان أو استهجانا وبعد الجملة المبتدئة بـ "نعم" ، و "بئس" ، وبعد الإغاثة.
7. الشرطة (-) : تستعمل في الأحوال التالية :
- في أول السطر في حال المحاورة بين اثنين إذا استغنى عن تكرار اسمهما مثل : قال معاوية لعمر بن العاص :
ما بلغ من عقلك ؟
- ما دخلت في شيء غلا خرجت منه.
- أما أنا فما دخلت في شيء قط ، وأردت الخروج منه.
- بين العدد والمعدود إذا وقع في أول السطر مثل : 1 - ، 2 - .
- بين كلمات في جملة واحدة للدلالة على بطء النطق بها ، إذ تساعد القارئ على التعبير بنغم خاص .
- في أواخر الجمل غير التامة ، دلالة على التردد في إنهائها لسبب ما.
- بعد الأرقام ، أو الحروف ، أو الكلمات دلالة على نقص فيها.
- بين الرقمين المتسلسلين بالنسبة لتدوين رقم الصفحات بالهامش مثل : أنظر ص 32-3.
8. الشرطتان (-..-) : تستعمل في الحالات التالية :
- ليفصلا جملة ، أو كلمة معترض فيتصل ما قبلها بما بعدها.
9. الفاصلتان المزدوجتان ( )).. (( ) : أو (القوسان الصغيران):
- توضع بينهما العبارة المقتبسة حرفيا من كلام الغير ، والموضوعة في ثنايا كلام الناقل ، ليتميز الغير عن كلام الناقل.
- كما توضع حول عناوين القصائد و المقالات في الدوريات.
- عناوين المصادر المخطوطة ، وعناوين البحوث في الموسوعات.
10. القوسان ( ) : يجري استعمالها في الأحوال الآتية :
- يوضع بينهما معاني العبارات و الجمل التي يراد توضيحها .
- يوضعان حول الأرقام ، وقعت في النص أو في الهامش ، دلالة على المصدر المعتمد .
- حول الأرقام الواردة في الجمل في النص .
- حول إشارة الاستفهام بعد خبر ، أو كلمة ، أو سنة ، دلالة على الشك فيه.
- حول الأسماء الأجنبية الواردة في سياق النص ، على أن تكون بأحرفها الأجنبية.
- حول معلومات النشر المدونة بالهامش قصد التوثيق .
11. القوسان المربعان ، أو المعكوفان ] [ :
- يوضعان حول كل زيادة تقع في الاقتباس الحرفي ، أو حول كل تقويم فيه و هناك من يفضل الإشارة إلى التقويم و التصحيح في الهامش .
- يوضعان حول أي من بيانات النشر غير الموجودة في صفحة العنوان .
- يوضعان في حالة ذكر معلومات النشر داخل قوسي التوثيق المختصر المباشر.
12. النقط الأفقية (....):
- توضع بعد الجملة التي تحمل معاني أخرى لحث القارئ على التفكير .
- لاختصار و عدم التكرار بعد جملة أو جمل .
- للدلالة على أن هناك حذفا في الاقتباس الحرفي .
- بدلا من عبارة أخره (الخ) في سياق الحديث عن شيء ما ..

24‏/04‏/2011

نقاب فرنسا وتداعيات حظره

نقاب فرنسا وتداعيات حظره
د.خليل حسين
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
نشرت في الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 24-4-2011
www.drkhalilhussein.blogspot.com
في فرنسا بلد الإشعاع والحضارة، ثمّة ست ملايين مسلم اندمج غالبيتهم بثقافة ربما يعتبرها بعضهم، غريبة عن معتقداتهم الدينية،وحاولوا المواءمة والتكيّف بين شروط الاندماج الاجتماعي والثقافي الغربي وبين مقومات عقائد دينية ومورثات وتقاليد اجتماعية خاصة.وبين الحالتين وما فيهما من مصاعب وشظف التكيّف؛ جاء بدء سريان تنفيذ منع النقاب والبرقع في الأماكن العامة ليزيد حالات التوجّس ويرفع منسوب القلق والتوتر النفسي والسلوكي، ما يؤشر على مراحل قادمة ربما قاتمة وتعيد المجتمع الفرنسي إلى منتصف تسعينيات القرن الماضي حين اشتعلت ضواحي باريس بصدامات دامية وتفجيرات مؤلمة بين قوات الأمن الفرنسي وبيئات اجتماعية جلها إسلامية جزائرية ومغاربية الأصل.
طبعا هي سابقة أوروبية وبالتحديد فرنسية، لكنها لن تبقى كذلك،وربما ستمتد إلى دول ومجتمعات أوروبية أخرى في وقت يسهل الاتهام ولصق الإرهاب والتطرّف بالمسلمين أينما وجدوا سيان في بلاد الغرب أم الشرق. لكن النقاب والبرقع ومنعه ليس بالضرورة يمكن من خلاله رسم صورة السلوك السياسي الفرنسي الداخلي والخارجي،بل سيكون احد مفاتيح تشريع فرنسا على أحداث تعيد بالذاكرة الجماعية الفرنسية لأعمال الانتقام والفعل وردود الفعل.
هي قضية من الصعب فصلها عن سياسات عامة فرنسية انتهجت في سياق متكامل،تستند إلى إعادة الحراك الفرنسي الإقليمي والدولي في غير مكان وزمان.ففرنسا التي انتصرت في ساحل العاج بعزل بغاغبو وإيصال الحسن وتارا صديق الرئيس الفرنسي ساركوزي واشبينه بتزويجه اليهودية الفرنسية قبل وصوله للرئاسة. وكذلك سرعة حراك الرئيس ساركوزي في الأزمة الليبية ودفعه حلف الناتو لتسريع خطواته التدخلية ولو بغطاءات شكلية من قبل مجلس الأمن بالقرارين 1970 و1973،على غرار الدور الفرنسي في تسعينيات القرن الماضي في أزمة كوسوفو.
وإذا كانت السياسة الخارجية الفرنسية تنحو منحا لا يروق للكثيرين في إفريقيا وغيرها،فان سياساتها الداخلية لا تقل غرابة في السنوات الأخيرة.فمن المتواتر بعد الحرب العالمية الثانية وصول اليمين واليسار إلى الحكم دون اختلافات جوهرية ذات شأن في القضايا الداخلية،لكن مع بروز اليمين المتطرف مؤخرا ثمّة كلاما آخرا يعيد خلط الكثير من المفاهيم والمعتقدات والسلوكيات التي ميّزت فرنسا في محيطها الدولي.
اليوم تحاول فرنسا صياغة نسيج سياسي اجتماعي جديد لا يخلو من الغرابة في بلد يدّعي الريّادة في الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان وما يتفرع عنها من قضايا. صحيح ان لفرنسا ومجتمعها العلماني الحق في تشريعات تعبر عن واقع معين،لكن ووفقا لمعايير تدعي العمل بها لا يجوز المضي في سلوك يستشف منه أو يعبر عن تمييز يرقى إلى العنصرية في التعاطي مع قضايا تمس عقائد وموروثات من الصعب فصلها سريعا في حياة بعض الجماعات.
ربما البرقع لا يعني بالضرورة الكثير لبعض مسلمي فرنسا أو غيرها، لكنه سيكون مدخلا وبابا يفتح من خلاله الكثير من القضايا المتعلقة ببعض الأقليات التي تعيش في الغرب بشكل عام. والتي بدورها ستجر واقعا من الصعب تجاوزه في مجتمعات سهلة الاختراق بالابتزاز والاستغلال والتحريض ضد أقليات معينة ومنها المسلمة.
قبل سنتين تقريبا اشتعلت الحرب ضد مآذن الجوامع في سويسرا،وقبلها موجة العداء للمسلمين والعرب في أميركا بعد أحداث 11 أيلول 2001، ماذا نتج عنها سوى المزيد التباعد وازدياد الإصرار على عدم فهم الآخر وعدم الاستعداد لسماعه وعدم الاعتراف به أو حتى بوجود تمايز ما أو مشكلة ما، وفي جميع الأحوال مزيد من العنف ومزيد من التداعيات التي لا نهاية لها.
لا ندّعي القول بعدم وجود خصوصية لكل مجتمع ومنها الغربية وبخاصة الأوروبية،لكن ذلك لا يعطي الحق لهذه المجتمعات ان تدّعي بحريتها المطلقة في فرض معتقداتها وآرائها على شركائهم في المواطنة والمجتمع وان اختلفوا في الدين أو العرق. وبخاصة ان ذلك لن تصل بسالكه إلى مكان ما،بل سيزيد الأمور تعقيدا وستتوارث الأجيال القادمة المزيد من الغربة عن الآخر.
ربما نحن اليوم بحاجة إلى مزيد من فهم الآخر والتفاعل معه ومع متطلياته وخصوصياته،كما ينبغي في نفس الوقت عدم المغالاة في التمسّك ببعض القضايا التي ليست بالضرورة من عقائد الدين، صحيح أننا نعيش في قرية كونية صغيرة، لكن أثبتت الأيام والوقائع ان العولمة لم تستطع تجاوز الكثير من خصوصيات البشر والمجتمعات والثقافات والحضارات.
وبصرف النظر عن أحقية السلوك الفرنسي في قضية البرقع من عدمه،ثمّة تداعيات كثيرة تنتظر المجتمع الفرنسي بمختلف شرائحه وانتماءاته. فتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هدد سابقا بضرب فرنسا ومصالحها اذا ما أقرّت هذا القانون، كما أن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن نفسه وجَّه سابقا رسالة إلى السلطات الفرنسية يطالبها بسحب القوات الأجنبية من أفغانستان للإفراج عن الرهائن الفرنسيين في مالي. لا شك أن لفرنسا الحق في تبني القوانين التي تناسب علمانية الدولة وحرياتها وقيمها الجمهورية، ولا شك أن كثيرا من المسلمين الفرنسيين لا يعترضون على منع النقاب، ولكن الأكيد أن بعضا من هؤلاء المسلمين قد يصبحون أداة مرنة وسهلة بأيادي من يريدون الانتقام من فرنسا، وهذا ما حصل في سنوات التفجيرات خصوصا أن بعض الضواحي تعج بالناقمين.
لقد بات اليمين المتطرف رقما صعبا في الحياة السياسية الفرنسية، وقد يزداد نفوذه قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة الربيع المقبل. ولا يتردد الكثيرين في الإشارة إلى أن لا شيء يمنع بعد اليوم أن يصل إلى رئاسة فرنسا يميني متطرف، ومن هنا بالضبط يمكن فهم النقاش القائم حاليا حول علاقة الدولة الفرنسية بمسلميها، الذين يُقال إن عددهم ربما فاق 6 ملايين نسمة. ولعلَّ تزامن هذا النقاش مع قانون حظر النقاب والحجاب يفتح الأبواب أمام كل الاحتمالات والمخاطر المحتملة.


14‏/04‏/2011

علي دربج دكتوراه علوم سياسية

الاسم علي دربج الموضوع سياسة ايران الخارجية دتوراه علوم سياسية

سلوان هاشم ماجستير حقوق

الاسم سلوان جابر هاشم

الشهادة ماجستير في الحقوق

عنوان الرسالة:حالة الضرورة في القانون الدولي الانساني

اللجنة:الدكتور محمد المجذوب رئيسا।الدكتور خليل حسين عضوا।الدكتور جورج عرموني عضوا تاريخ المنافشة 7-4-2011 الدرجة جبد جدا تقرير الرسالة تعتبر حالة الضرورة من المبادئ الأساسية في القوانين الداخلية. وتستمد شرعيتها وشروط تحققها من البناء القانوني الذي تننشأ فيه .وتمثل حالة الضرورة فكرة قانونية ثابتة وراسخة في التشريعات الداخلية و مصطلح موجود في كل فروع القانون، إلا أنها تختلف لجهة ماهيتها، وطبيعتها، وشروطها في كل فرع من فروع القانون الداخلي . ولم تقتصر الضرورة على القانون الوضعي، بل ان الشريعة الإسلامية لها موقفا متميزا معها أيضا. وتنهض حالة الضرورة في الوقت الذي تتعرض الدولة فيه ببنائها القانوني وديموتها المرفقية ومؤسساتها الدستورية إلى خطر جسيم يهددها، ولا يمكن درء الأخطار المحدقة بها من خلال الوسائل الممكنة والموجودة في الظروف الطبيعية ، فتلجأ الدولة بمواجهة الأزمات الطارئة بوسائل استثنائية تمكنها بالمحافظة على كيانها و وجودها القانوني. تكتسب هذه الدراسة أهميتها من طبيعة الموضوع الذي تتناوله والذي يُعد من المواضيع الحساسة في الوقت الحاضر ، وتكمن أهميتها في : 1. إن الموضوع يكتسب إهتماماً متزايداً نظراً لتزايد تعرض المدنيين والأعيان المدنية لويلات وآثار النزاعات المسلحة ، وخصوصا ما يحصل في العراق. 2. توضيح نصوص الإتفاقيات الدولية والأحكام والفتاوى القضائية المتعلقة بالضرورة. 3. إن نشر مبادئ القانون الدولي الإنساني وتعميمها هي مسؤولية علمية كبرى من اجل حماية الإنسان من ويلات وأثار الحرب . 4. لم تحظ حالة الضرورة في القانون الدولي الإنساني باهتمام كبير من قبل الباحثين. أما إشكالية الدراسة فتكمن من إن حالة الضرروة تثير تساؤلات عديدة يقتضي الوقوف عليها والبحث فيها ونذكر منها: اذا كانت التشريعات القانونية الداخلية أوجدت مفهوما للضرورة في فرعيها العام والخاص وحددت طبيعتها والغرض منها ، فهل لها المعنى ذاته في القانون الدولي العام ؟ وهل يحق للدولة ان تستند الى حالة الضرورة لتبرير استخدام القوة العسكرية بحق دولة أخرى للمحافظة على كيانها وشخصيتها الدولية؟ ثم ألا يؤثر ذلك على الأمن والسلم الدوليين؟ وهل يصح القول بان الضرورة العسكرية تعتبر استثناءا من الحماية الدولية للحقوق الإنسانية المتعلقة بالمدنيين في وقت النزاعات المسلحة ؟ وفي النزاعات المسلحة هل يمكن ان تكون الضرورة العسكرية مبررا قانونيا لاستخدام الأسلحة النووية ، وهل يمكن اعتبارها من المعايير الدولية لمعرفة مدى مشروعية استخدام الاسلحة الحديثة ؟ . وعليه فان الدراسة هدفت إلى إبراز المعالم الأساسية لحالة الضرورة في القانون الدولي العام من جهة، والقانون الدولي الإنساني من جهة أخرى. وتحديد علاقتها بالاعتبارات الإنسانية وصولا إلى الآثار القانونية المترتبة عليها. أما لجهة المنهجية فقد لجأ الطالب إلى استخدام ثلاث مناهج في البحث: أولهما المنهج القانوني الذي يبحث في الاتفاقيات والتطبيقات القضائية الدولية بغية الوصول إلى نظرية متكاملة حول الضرورة . ثانيهما المنهج المقارن بين الضرورة في القانون الداخلي والدولي. ثالثهما المنهج التحليلي للتصورات والرؤى التي تبناها الفقه الدولي إزاء حالة الضرورة. أما خطة الدراسة وفي ضوء ما تقدم فتم تقسيم الرسالة إلى فصلين، يسبقها بفصل تمهيدي حول مفهوم القانون الدولي الإنساني من حيث تعريفه وتميزه عن غيره في المبحث الأول ، وبحث أهم القواعد الأساسية له في المبحث الثاني. يُعنى الفصل الأول ببيان مفهومي الإنسانية والضرورة،فيتناول المبحث الأول مفهوم الإنسانية، في حين يتطرق المبحث الثاني إلى مفهوم الضرورة في القانون الدولي العام، ويستعرض المبحث الثالث مفهوم الضرورة العسكرية في القانون الدولي الإنساني.أما الفصل الثاني يوضح أهم قواعد القانون الدولي الإنساني القائمة على حالة الضرورة (العراق انموذجا)، فقواعد حماية المدنيين والأعيان المدنية في المبحث الأول وقواعد تنظيم أساليب القتال في المبحث الثاني وقواعد تقييد أو حظر بعض أنواع الأسلحة في المبحث الثالث. وختمت الدراسة بالتوصيات والإستنتاجات التي توصل إليها الطالب. ناقشت اللجنة المؤلفة من الدكاترة،محمد المجذوب،وخليل حسين وجورج عرموني، رسالة الطالب سلوان جابر هاشم،بعنوان " حالة الضرورة في القانون الدولي الإنساني"،،في جلسة علنية بتاريخ 7-4-2011 ، فقبلت الرسالة ومنحت صاحبها درجة جيد جدا في الحقوق. أ.د خليل حسين بيروت: 111-4-2011

12‏/04‏/2011

الحراك اللبناني لإلغاء الطائفية السياسية

الحراك اللبناني لإلغاء الطائفية السياسية د.خليل حسين أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية نشرت في الخليج الامارتية بتاريخ 12-4-2011 www.drkhalilhussein.blogspot.com يعيش لبنان كغيره من البلدان العربية حراكا شعبيا متدحرجا عنوانه إلغاء الطائفية السياسية ودون استبعاد إسقاط النظام السياسي القائم من شعارات رُفعت بخجل، في غير موقع ومحفل.وعلى الرغم من أحقية رفع هذه الشعارات وضرورة الوصول إلى تحقيها،ثمة تساؤلات حول جدواها وقدرة اللبنانيين على الوصول إليها دون إحداث مشاكل إضافية تزيد الأمور تعقيدا في بلد اعتاد شعبه على تضخيم الحبة إلى قبة. فالطائفية السياسية في لبنان التي باتت من أسس نظامه الدستوري والسياسي منذ إعلان كيانه في العام 1920 وبنص دستوري منذ العام 1926،ذلك إذ لم نعد كثيرا إلى الوراء وبالتحديد أيام حكم السلطنة العثمانية،بات اليوم على مفترق طرق، يحاول شبابه التخلص من نظام سبب الكوارث الاجتماعية والسياسية في المجال الوطني، وغالبا ما تعدّت الخلافات الطائفية الداخلية إلى فرز فاضح، اثر في موقع لبنان ودوره في محيطه العربي والإقليمي. وإذا كان الأمر يبدو بهذا التعقيد،فذلك لا ينفي ضرورة التغيير،لكن التغيير من الصعب ان يتم دون إيجاد آليات ووسائل وطرق تضمن نجاح التنفيذ دون تداعيات مستقبلية ربما تكون أخطر من الوضع القائم حاليا.فلبنان الذي يضم تسع عشرة طائفة معترف فيها رسميا،لها امتيازاتها وضماناتها الدستورية والقانونية وتشمل مختلف مناحي الحياة السياسية والاجتماعية وغيرها،الأمر الذي ينشئ واقعا مختلفا عند الانتقال إلى عملية التنفيذ وبخاصة اذا ما اقترن الأمر بمعضلة لبنانية أخرى لا تقل خطورة وأثرا، وهي بحجم وتعداد كل طائفة من هذه الطوائف. وعلى الرغم من ان ثمة إجماعا لبنانيا على ان الطائفية السياسية هي أحد الأسباب الرئيسة لمصائب لبنان، ثمة خلاف عميق حول الأحجام والإعداد،من منطلق التمثيل السياسي أو غيره. وإذا كان هذا الأمر أو الطرح هو محل احتضان من قبل طائفة العلمانيين مثلا وهم ليسوا قلة بالضرورة،فإنه أيضا محل اعتراض من الفئات الأخرى وهم أيضا ليسوا بقلة، وعليه فان أولى المشاكل التي ستعترض هذا الموضوع مستقبلا،إمكانية القول ان إلغاء الطائفية السياسية في مواقع السلطات الدستورية والسياسية والإدارية في الدولة ،فسيؤدي في النهاية إلى استئثار طائفة كبرى في مفاصل الحكم، وستعود القضية - الأزمة إلى المربع الأول. فالتركيبة الاجتماعية اللبنانية الطائفية وحتى المذهبية، مبنية على حسابات دقيقة في الذاكرة الجماعية للبنانيين،ان كان في النظم الحزبية أو غيرها من التشكيلات السياسية، وبالتالي ان كثيرا من الشباب اللبناني الذي انخرط في الحراك القائم حاليا،سرعان ما يتحول إلى طائفته عند أي مفترق يشعر فيه، بأنه مهدد أو مهمش اجتماعيا من قبل موقع سياسي آخر ذات لون طائفي معين. وغريب المفارقات في طبيعة هذا الحراك والقائمين فيه،انه بدأ بمجموعات قليلة نسبيا ،وسرعان ما انتشر وتوسّع بطريقة أفقية وعامودية،بمعنى أنها ضّمت شرائح شبابية لا تنتمي إلى أحزاب سياسية طائفية أو ذات ميول طائفية وجلها علمانية رغم قلتها؛كما ضمّت جماعات حزبية انخرطت في هذا الحراك بقوة رغم لونها الطائفي. وبذلك اختلط حابل الطائفية بنابل العلمانية،ولم يعد بمقدور المراقب التمييز بسهولة بين المطالبين بالإلغاء مثلا ، وبين الممارسين أو المستفيدين من امتيازات الطائفية السياسية. ان التدقيق في جميع البرامج والأدبيات السياسية الحزبية اللبنانية تظهر ابتعادها التام عن ملامح الطائفية،بينما يظهر بوضوح وجلاء تام،ان معظم منتسبي أو مناصري هذا الحزب أو ذاك هو من لون مذهبي معيّن،والكل سواسية في رفع الصوت عاليا لإلغاء الطائفية،وفي نفس الوقت تستشرس في الدفاع عما تعتبره حقا مكتسبا في توزيع المناصب القيادية السياسية والإدارية وصولا إلى أدنى فئات الموظفين رتبة، على قاعدة من حضر السوق الطائفي باع واشترى فيه. فعلا انه واقع مزري وخطير،لكن الأكثر خطورة،ان يتحوّل هذا المطلب المحق والضروري التحقيق في عالم القرن الواحد والعشرين، إلى الكلام الحق الذي يراد به باطلا، وهو تفريق اللبنانيين مرّة أخرى حول موضوع لم يتمكنوا من البت به على مدى عقود طويلة،فكيف وهم يمرون بظروف هي أحلك ما مروا به في تاريخهم السياسي المعاصر؟. ينبغي ان يكون مطلب إلغاء الطائفية السياسية عنوانا لبرنامج وطني كبير قابل للتحقيق على قاعدة الرغبة والقدرة في آن معا من قبل جميع اللبنانيين، سيما وان هذا الأمر منصوص عليه في الدستور أيضا من خلال تعديلات 1990،والذي لم ير النور حتى الآن رغم المحاولات الحثيثة من قبل البعض. الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة حول صدقية الرغبة وأساسها وبالتالي القدرة على ترجمتها واقعا ملموسا. لقد عانى اللبنانيون من انقسامات حادة وقوية حول أمور تعتبر ثانوية في حياة الشعوب والمجتمعات، ويأتي الحراك الشبابي اللبناني اليوم ليرفع شعار يعتبر من الثوابت في الحياة السياسية اللبنانية،فهل سيكون هذا المطلب وهذا الحراك مشروع انقسام وقتال لعشرين سنة قادمة كما تعوَّد عليه اللبنانيون سابقا. يعتبر لبنان من بين الدول القليلة بل النادرة التي لا زالت تمارس حياة سياسية قائمة على عقلية العصور الوسطى ان لم تكن الحجرية اذا جاز التعبير،وقد جاء فيه اليوم الذي ينبغي على اللبنانيين التفكير بالآليات التي ينبغي فيها الانتقال إلى المستقبل بدل التلطي والاختباء في مجاهل الماضي، فإلى أين يسير شبابنا ؟هل سيصنعون بلدا عجز جيلنا عن تحقيق القليل من الآمال فيه؟ أم سيسقط مرة أخرى كما سقط غيره في الخلاف والانقسام والاقتتال؟ الجواب مرهون بحكمة شِيب السياسة ان وجدت، وهمة الشباب اذا اجتمعت.

07‏/04‏/2011

مآل الثورات العرية ودروسها غير المستفادة

مآل الثورات العربية ودروسها غير المستفادة نشرت في صحيفة الخليج الاماراتية بتاريخ 7-4-2011 www.drkhalilhussein.blogspot.com قبل قرن من الزمن تقريبا تهيأت ظروف كثيرة، مهّدت لحراك شعبي عربي شعاره التحرّر والاستقلال عن الحكم العثماني، الذي استمر زهاء أربعة قرون، ورغم قوة المد القومي العارم في العديد من الأنحاء العربية ،لم تُحقق الآمال بفعل تخاذل الحلفاء وتقسيم المناطق العربية وفقا لاتفاق سايكس - بيكو، الأمر الذي أدى إلى نشوء حراك سياسي اجتماعي ضمن الأقطار العربية رفع شعارات الاستقلال مجددا عن الدول المنتدبة،وبذلك طغى همُّ الاستقلال عن أي همٌّ آخر ولو كان متعلقا ببنية النظم السياسية الاقتصادية التي ينبغي الوصول إليها لحكم البلاد العربية،وهو أمر من الناحية المنطقية مقبولا بشروط. مضت عقود، ونالت غالبية الأقطار العربية استقلالها،ببنى سياسية اجتماعية مشوهة،ما أفسح المجال لظهور أحزاب وحركات قادت ثورات داخلية تغيَّر فيها الكثير من الأنظمة وتعاقب على حكمها أشخاص حكموا عقودا طويلة أخرى بشعارات لا تختلف عن شعارات المرحلة التي انقلبوا عليها والتي كانت سببا لوصولهم للسلطة. ما ميَّز تلك المرحلة غياب تداول السلطة إلا بفعل الانقلابات العسكرية،أو بفعل انتخابات تشبه أي شيء سوى الانتخابات.ما أسَّس لوضع سياسي اجتماعي لطالما سعى سرا وعلنا إلى تغيير واقع سئمت منه الناس بفعل موجات الفشل الداخلي، والنكسات والهزائم الخارجية. ثورات العرب اليوم،ربما تعبِّر عن واقع مؤلم، لكل ثورة خصوصيتها رغم ما يجمعهم من قضايا وجوانب، لكن الأخطر في ذلك ان ما يجمعهم أيضا عدم وجود رؤى واضحة أو برامج وحتى قدرات لتسلّم السلطة اذا تمكّنت من حسم وضعها في سياق حراكها ضد أنظمتها.انطلقت الثورتان التونسية والمصرية ،ورغم ما تحقق لا زالتا تبحثان عن بر الأمان لشعبين لا زال كل منهما على يقين بأن مآل ثورته لا يزال بعيدا.في تونس لم يستقر الوضع على هدف الثورة،بل ان قياس الحراك الشعبي يثبت عدم إيمانه بمجريات الأمور الحاصلة. فيما وضع الثورة المصرية لا يقل قلقا وارتباكا ،تقديمات وتنازلات متدرِّجة لم تشفي غليل المطالبين بالتغيير، وكأن ثمَّة من يقول أن أدوات السلطة السابقة لا زالت تتحكم بمفاصل الأمور،في وقت اعتاد المصريون على يوم الجمعة عنوانا للاحتجاج. في المقلب الآخر من نماذج الثورات العربية، اليمن غير السعيد بنظامه لا زال يكابد دون آفاق لشبه الحسم كما الثورتين المصرية والتونسية.فيما الثوار الليبيون لا زالوا أيضا في حالة انعدام الوزن وغير قادرين على حسم الكثير من المواقع التي تحسب عليهم أصلا. وفي بلاد الشام، حراك سوري غير معروف الأبعاد والآفاق وحتى الخلفيات، فيما الشباب اللبناني يُحرِّك ساحاته من بوابة إلغاء الطائفية السياسية. وتبقى معظم الساحات العربية الأخرى غربا وشرقا،تنتظر دور آت ربما يحمل المزيد من المفاجآت ربما غير المتوقعة. باختصار حركة بلا بركة في كل مكان، وكأن ثمة دروس غير مستفادة من ماضٍ مليء بالتجارب التي يمكن الاستفادة منها، فأين تكمن مشكلة الثورات العربية؟ وهل من حل لحسمها؟ طبعا من الصعب تقديم حلول ناجعة لأوضاع عمرها عقود ان لم تكن قرون. لكن الاستفادة من وقائع معيّنة ربما تبدو أكثر احتمالا، مع الاعتراف مسبقا بأن أي حل ليس بالضرورة ان يكون ملائما لوضع آخر. ففي مصر مثلا ثمة قدرة وسوابق من بينها ثورة 1952 على الملكية وما استتبعها من متغيرات بعد العام 1954 وأيضا 1956،حيث تم قلب النظام رأسا على عقب ذلك بفعل البرامج والتوجهات والأفكار،ورغم اختلاف الظروف والوقائع تبدو الاستفادة ممكنة في هذا المجال.فيما التجربة الليبية في العام 1969 بدت وكأنها مرحلة لإدارة أزمة شعب ينقصه الكثير للاستفادة من تجارب غيره وبالأخص جيرانه. فيما الحراك اليمني غير قادر حتى الآن على الاستفادة من تجاربه الخاصة إبان حالة اليمنين.فيما الحراك في الدول العربية الأخرى لا زال في مرحلة جس النبض السياسي للسلطة وإمكانية صمودها في وجه الحراك أم لا. وبذلك يبدو جليا،أن مجمل الثورات العربية حتى الآن لم تخرج عن إطار المحاولات التي يصعب الاتكاء عليها بهدف تغييرات جذرية كما يريدها الشعب.وبصرف النظر عن قدرتها أم لا، ثمة حاجة للاستفادة حتى من الثورات العربية وغير العربية التي لم تتمكن من تحقيق المأمول منها. إن تتبع مسار ومصير هذه الثورات التي وإن بدت عفوية،ينذر بمصير غير وردي،سيما وأن قياداتها وأحزابها وحتى شعاراتها لا زالت أسيرة عدة الشغل السياسية التي سادت الخمسين سنة الماضية. وحتى لا نكون نحن العرب أسرى لخمسين سنة قادمة،علينا تفحص أوضاعنا ومعرفة ماذا نريد ومدى قدرتنا من الاستفادة من السوابق لرسم أجندات قابلة للتحقق بأقل الأثمان الممكنة. في أي حال انطلق التسونامي العربي، ومن الصعب إيقافه، وجل ما يمكن التعامل معه محاولة استيعاب تداعياته ونتائجه، ذلك أمر ليس بالبسيط أو القابل للتحقيق بيسر وسهولة. وإنما يستلزم الكثير من دقة البصر والبصيرة والتبصر في مستقبل امة كتب عليها الحركة بلا بركة وبخاصة في مجالات التغيير.

03‏/04‏/2011

دراسة منشأ الحركات الاصولية وتداعياتها

منشأ الحركات الأصولية وتداعياتها

أ.د. خليل حسين أستاذ العلاقات والمنظمات الدولية في كلية الحقوق بالجامعة اللبنانية
أستاذ القانون الدولي والدبلوماسي في كلية الحقوق في جامعة بيروت العربية


دراسة مقدمة إلى
الجيش اللبناني
مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية (RSSC)
المؤتمر الإقليمي الأوّل
القضايا الإقليمية الناشئة: التحدّيات والرؤى المستقبلية
بيروت 29 آذار – 1 نيسان 2011










لم ينقص الدول والشعوب الا ظاهرة اخرى تشغلها وتوقفها شاخصة حذرة مرتبكة،تُحارب عدو وهمي من الصعب تحديده أو القبض عليه ،سُميَّ إرهابا والتصق بالتطرّف وشُخِصَ بالأصولية.ومهما يكن من امر التوصيف او التحديد، فثمَّة ظاهرة من الصعب تجاهلها او القفز فوقها؛ تمثلت بالاصولية لها أسبابها وظروفها ونشأتها،إلا أن العديد من التيارات الفكرية خلطت الامور وصوّرت عملا ما ،على انه اصولي نابع من فئة معيّنة ،الا ان الواقع مختلف تماما،فالتطرف لا يعني بالضرورة اصولية،كما ان ليس للأصولية منشأ واحد ،كما انها لم تقتصر على فترة زمنية محدَّدة ،ولا ارتبط عملها بفئة او جماعة واحدة.فمن اين نشأت وما هي أصولها؟وما هي أنواعها وأسباب ظهورها؟وكيف يمكن مواجهتها وحل معضلاتها؟.
الأصولية مصطلح ترجعه الدراسات إلى القرون الوسطى، وتعتبره مصطلحا يختزن تجارب ورموزاً وإيحاءات لا علاقة لها بفئة قومية أو دينية أو عرقية محدَّدة بعينها، بل ارتبط بتاريخ تنوّعت فيه مظاهر التطرّف والأصولية بأوجه مختلفة،منها المسيحية والإسلامية،ومنها اليهودية والهندوسية،ومنها العلمانية واللادينية على حد سواء.
اولا : الاصول التاريخية
تمثلت نشأة الأصولية في التجربة الأوروبية بتسلط الكنيسة على المجتمع والدولة واستبدادها بالوهم والخرافة. أما المشكلة في التجربة العربية الإسلامية فكانت في سعي الدولة للهيمنة على المجتمع بما يعنيه ذلك من سلطة التعليم والتشريع والموروث الديني وصولاً إلى هيمنتها شبه الكاملة مع نشوء الدولة القطرية من مخاض أحلام قومية وتحديداً ايامنا هذه.
وتعرِّف الدراسات الأصولية على أنها حركة تقوم على معتقد ديني أو سياسي مع الشكل الثقافي أو المؤسسي الذي تمكّنت من ارتدائه في عصر سابق من تاريخها، وهي تعتقد أنها تمتلك حقيقة مطلقة وأنها قادرة على فرضها، كنا يذكر مؤرخو الأصولية وحركاتها، أن ثمَّة أصوليين من العلمانيين والتكنوقراطيين الذين يزعمون أن لديهم جواباً لكل شيء باسم تصور قديم، وضعي للعلم، والذين يؤمنون بهيمنة الغرب الخالدة .
ولم تظهر كلمة أصولية في اللغة والمعاجم إلا حديثاً، فهي لم تشرح سنة 1966 في معجم روبير الكبير، ولم تظهر سنة 1968 في الموسوعة العالمية Encyclopaedia Universal . أما قاموس لاروس سنة 1966 فيعرفها بكيفية عامة جداً: "موقف أولئك الذين يرفضون تكييف عقيدة، مع الظروف الجديدة"، أما لاروس سنة 1979: "استعداد فكري لدى بعض الكاثوليكيين الذين يكرهون التكيّف مع ظروف الحياة الحديثة". سنة 1984 ظهر لاروس الكبير ووضعها داخل حركة دينية فـ "الأصولية موقف جمود وتصلب معارض لكل نمو أو لكل تطور". ثم يضيف جاعلاً الكلمة تتعدى نطاق المجال الديني: "مذهب محافظ متصلب في موضوع المعتقد السياسي". ولا يذهب أبعد من ذلك لاروس 1987: "موقف بعض الكاثوليكيين الذين يرفضون كل تطور، عندما يعلنون انتسابهم إلى التراث"، كما يرى جان ديبوا ومن هذه التعريفات يمكن استخلاص المكوِّنات الأساسية للأصولية:
1. الجمودية "رفض التكيّف" و "جمود معارض لكل نمو، لكل تطور
2. العودة إلى الماضي و"الانتساب إلى التراث" و "المحافظة".
3. عدم التسامح، الانغلاق، التحجّر المذهبي: "تصلب" ، "كفاح"، "عناد".
وبذلك يمكن للأصولية على هذا النحو أن تضع نفسها كجمودية في مواجهة التطور، كتراث في مواجهة الحداثة، كتحجّر مذهبي في مواجهة الحياد. بمعنى، يمكن للأصولية أن تكون نقيض العلمانية. والحال يصبح مفهوماً للتشديد في المعاجم الفرنسية على الأصولية الكاثوليكية، المرتبطة في بلاد الغرب، بالصراعات بين الكنيسة والدولة .
فحين يؤسس كل منهما مستلزمات المؤسسة - الكنيسة، الدولة - على تصور العالم، للسياسة، تصبح المجابهة إيديولوجية . ويرجعها الدارسون إلى القرن الذي سبق مباشرة عصر التنوير في اوروبا: اي القرن السابع عشر. فقد كان عصرا لاهوتيا ، العصر الذي شهد سيطرة التيار المضاد للاصلاح الديني، العصر الذي حاكم غاليليو، واجبر ديكارت على الهرب من فرنسا، وأرعب سبينوزا.. انه عصر الحروب المذهبية والاهلية التي اجتاحت اوروبا ويمكن وصفها بعصر الارهاب اللاهوتي.
هكذا نجد أن الأصولية غربية المنشأ وقد ارتبطت بعصور الظلام التي سيطرت على اوروبا وأفرزت حركة التنوير كحركة مضادة قادت معركة استغرقت أربعة قرون متتالية: من لوثر وايراسم، الى هيغل ونيتشه، مروراً بسبينوزا وجون لوك، وفولتير، وديدرو، وروسو، وكانط وغيرهم.
ثانيا:اصولية العصر الحديث
يرجع الدارسون اصولية العصر الحديث إلى مطلع القرن العشرين ويشيرون إلى أن بدايتها كانت في الولايات المتحدة الأميركية، ورغم أنها لم ترتبط بشخص معين، الا أن اليهود قادوا هذه الحركة بمواجهة المسيحية الكاثوليكية، وعلاقة المسيحية بالكاثوليكية قديمة قِدَم المسيحية نفسها، لقد ظهر السيد المسيح واليهودية يتجاذبها تياران كبيران: التيار الفريسيّ، وهو تيار الكهنة الرجعيين الذين تمسّكوا بظاهر النص التوراتي لا بروحه. والتيار الثاني، وهو تيار الصدقيين وهم طبقة الأغنياء المتعصبين للثقافة الهلينية.و ثمة طائفة ثالثة من المتنسّكين الذين كرهوا الزواج وعاشوا متقشفين، فكان منهم يوحنا المعمدان. وليس من دليل على أن المسيح أيّد أياً من هؤلاء، إنما كان سلوكه المعادي للفريسيين، المطرى بالزهد والعفة يوحي أنه مال في تعاليمه إلى هؤلاء المتنسّكين. لقد نشأت المسيحية إذن وفي داخلها هذا التنازع الشديد بين النزوع إلى الأصل اليهودي، والرغبة في العقيدة الجديدة المتحرِّرة من نص الماضي. ولهذا نشأ داخل المسيحية الأولى نفسها حزبان: حزبٌ ميّالٌ إلى اليهودية والتوراة وأصولها، وحزبٌ روماني كان مقدراً له فيما بعد أن يصبح حاكماً في الامبراطورية، على استحياء أولاً في القرن الثالث الميلادي، ثم علناً في أوائل القرن الرابع في عهد الامبراطور قسطنطين الأول.
كان لانتصار المسيحية، في الامبراطورية الرومانية، هزيمةً تاريخية للمسيحية اليهودية، التي تراجعت وخبت، فيما كانت بيزنطة تشنّ حرباً ضروساً على أحزاب مسيحية مشرقية أخرى، منها الأريوسية والنسطورية واليعقوبية. لكنّ ضمور المسيحية اليهودية كان إلى حين.فما أن أخذ المسيحيون الأوروبيون يتململون تحت وطأة السلطة البابوية، من تأثير حركة النهضة الأوروبية وظهور النوازع القومية في انكلترا وألمانيا، على الأخص، حتى سارعت المسيحية اليهودية، وربما اليهودية نفسها، إلى تأييد هذه الحركات القومية، وساندت التمرّد الانكليكاني على الكثلكة، ونصرت حركة لوثر الألمانية وكالفن غانسينوس. وكانت هذه الفرصة التاريخية المنفذ الذي تسلّلت منه النزعات التوراتية إلى المذاهب الجديدة في أوروبا .
وقد صدف في الوقت ذاته أن الأوروبيين اكتشفوا القارة الامريكية واستعمروها،وكانوا بحاجة إلى عقيدة تضفي على هذا الاستعمار الصفة الشرعية، فكانت نظرية أرض الميعاد، هي العقيدة المنشودة التي أباحت لجحافل الانغغلوساكسون والجرمانيين أن يستوطنوا أميركا، ويبيدوا شعبها وحضارتها وضميرهم مطمئن إلى صواب فعلهم. فأي شرعية يمكن أن تسمو على شرعية وعد صريح من الله، أن يهب شعبه المختار تلك الأرض الجديدة.
أما الأصولية الإسلامية فتشير الدراسات إلى انه في عصر النهضة الأوروبي وسقوط الـ 800 عام للحكم الإسلامي في إسبانيا أواخر القرن الخامس عشر، بدأت فترة الانحطاط الطويل في معظم العالم الاسلامي. بسبب عوامل تاريخية واجتماعية متعددة ،وبدأت الحركة الإسلامية المضادةّ للمجتمع العبودي بالركود، ما أدى إلى استعمار أغلب العالم الاسلامي من قبل ا الغرب الصاعد. كما وضعت الثورة الصناعية في أوروبا القاعدة الاقتصادية والعسكرية لهذا الاستعمار، وكانت النظم الإقطاعية في البلدان الإسلامية قد أصبحت عائقا أمام التنمية الاجتماعية، وكانت ثمَّة عدّة حركات مستندة إلى الإحياء الإسلامي ضدّ هذه الحكومات الملكية الإقطاعية وضدّ الحكّام.
بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت الاصولية الإسلامية ظاهرة رجعية ومضادة كليا للثّورة، واستغلت من قبل الغرب لضرب الحركات اليسارية والتقدمّية في البلدان الإسلامية. وكان التيار الرئيسي للأصوليّة الحديثة مستندا الى الاخوان المسلمين في مصر وبلدان أخرى من الشرق الأوسط والجماعة الاسلامية في باكستان .
تأسّست حركة الاخوان المسلمين سنة 1928 في مصر كما كانت الجماعة الاسلامية استمرارا لهذه الحركة التي تأسّست في الهند البريطانية عام 1941. وبالمقارنة مع الصوفية وتيارات معتدلة أخرى من حركات الصحوة الإسلامية، فان الاخوان المسلمين والجماعة الاسلامية كانتا ذات لهجة قوية، ما انتج فكرا أكثر ميلا للأصولية الإسلامية في العقود التالية .
وفي الخمسينيات، والستّينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ظهرت تيارات يسارية قوية في العالم الإسلامي. في سوريا ولبنان ، اليمن، الصومال، وإثيوبيا وبلدان إسلامية أخرى، كما نفذت إنقلابات عسكرية يسارية على الانظمة الاقطاعية ـ الرأسمالية الامر الذي أدّى إلى نشوء دول بروليتارية ـ بونابارتية، أو دول عمّالية مشوّهة. وفي بلدان اخرى كانت موجات قوية من الحركات الجماهيرية ذات ميول يسارية وزعماء شعبيين. وفي مناخ الحرب الباردة تحدىَّ بعض هؤلاء الزعماء الامبريالية الغربية نفسها وشرعوا في سياسة التأميم والقيام بإصلاحات جذرية مثال عبد الناصر في مصر.

ثالثا:الأصولية اليهودية أساس العنف في الشرق الأوسط
يمكن اعتبار الأصولية اليهودية الأكثر تطرفا من بين جميع الأصوليات، فقد تغلغلت في اروقة القرار السياسي وأصبح المتطرفون اليهود يتحكّمون في مفاصل السياسة الأميركية بعد تحكمهم بالسياسة الاسرائيلية .
ولم يكن لدى الأصوليين وقت للديمقراطية أو التعدَّدية الحزبية، أو التسامح الديني أو الحفاظ على السلام أو الخطاب الحر، أو فصل الدين عن الدولة، فالأصوليون المسيحيون قاوموا الاكتشافات العلمية الخاصة بعلوم الأحياء والفيزياء، وأصروا على أن كتاب سفر التكوين يبدو علميا في جميع تفاصيله ولا يحتاج إلى إضافات من أي نوع، وفي الوقت الذي كانت غالبية البشرية تلقي بقيود وأصفاد الماضي، أظهر الأصوليون اليهود أن قانونهم المقدس، الذي مارسوه بصرامة وتشدد، هو القانون الدولي الوحيد القابل للتطبيق. وقد تبعهم الأصوليون المسلمون في تحويلهم الصراع العربي ـ الإسرائيلي، من قضية دنيوية إلى قضية دينية خالصة.
وترى كارين آرمسترونغ أن اليهود كانوا أول من أقبل على التطرف الديني، باعتبارهم عانوا أزمة العدالة الاجتماعية، ووجدوا أن مدنية العصر الحديث هي السبب وراء اضطهادهم ومعاناتهم، فهم بكل ما يحملونه من خرافات دينية وأساطير، لم يعودوا مقنعين لعقلية عصر العلم والتكنولوجيا، وهم مع شعورهم بالدونية الذي عاصروه على يد المجتمع المتمدِّن، الذي يؤمن بالنصرانية الغربية في نهاية القرن الخامس عشر دفعوا إلى ضرورة استخراج مخزونهم من الحيل البارعة والمبادئ الدينية والخرافات والأساطير التي تمنعهم من إعادة سلطة الدين في الحصول على حقوقهم المهضومة على يد الغرب ، وقد استمروا في إخراج وتدوير هذا المخزون لسنوات، حتى أصبح فيما بعد حقيقة مقنعة للغرب إلى حد ما، وممارسات شائعة في العالم الحديث، واتجاهات نحو المزيد من التطرّف الديني، لإخضاع العقل لسيطرة الدين. وعلى الرغم من محاولات بعض الأحبار والمفكرين اليهود إبعاد تهمة التطرف الديني الإرهابي عن أبنائهم وشعبهم .
ويعتبر ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية من دعاة الأصولية الارهابية الصهيونية، فقد شكَّل فريقاً من الإرهابيين ووزعهم بداية على روسيا والدول الأوروبية بهدف الانتقام من الدول الأوروبية ، وكان هرتزل قد ألقى في المؤتمر الصهيوني الأول مجموعة محاضرات لتعبئة الشعب اليهودي بالحقد على العالم، وجرى التكتم على تلك المحاضرات الى ان تمَّ جمعها في كتاب بعنوان "المؤامرة اليهودية" وكان أبرزها في تلك المحاضرات هو وضع المخططات للسيطرة على العالم عن طريق الوسائل الإرهابية التي نشاهد تطبيقها على أرض فلسطين منذ أن وطأت قدم أول يهودي في مطلع القرن حتى اليوم.
وجاء تروتسكي بعد هرتزل الذي ارتكب مختلف أنواع العنف بحجة مواجهة عمليات اضطهاد اليهود في روسيا القيصرية ، إلى أن استطاع أن ينضم إلى قيادة الثورة التي قادها لينين. وكان أول قراراتها اعتبار اللاسامية واضطهاد اليهود جريمة لا تغتفر في تنظيماتها حتى أنهم سيطروا على قيادتها ، وإذا كان هرتزل نظرياً أكثر منه عملياً في سلوكه،أي أنه كان يخطط للقتل ولم يكن ينفذها شخصيا، إلا أن تروتسكي اختلف عنه نهائياً إذ كان يخطط وينفذ جميع عمليات الإرهاب .
وللارهاب الصهيوني اصول دينية، فقد عملت الحركة الصهيونية على تحويل العقيدة الدينية اليهودية إلى نظرية سياسية تطالب بحق تاريخي، وتستند إلى وعد إلهي، ولهذا كان الدين اليهودي الأساس الذي ارتكزت عليه النظرية السياسية الصهيونية، والذي اتخذه دعاتها للمناداة بالقومية اليهودية وسنداً للمطالبة بتحقيق الوعد الإلهي، وصكاً لملكية أرض فلسطين وحق العودة إليها لبناء الدولة الحديثة والمعبد الثالث في أورشليم، وتزعم الصهيونية أنه مثلما حفظ الدين اليهودي الشعب من الاندثار والضياع عبر قرون طويلة، يستطيع الدين في الحاضر أن يعيد شمله فوق أرض الميعاد، وأن يشكل العروة الوثقى التي تربط بين تراث الماضي السحيق وتطلعات الحاضر وأمنيات المستقبل .
ويستمد الفكر العسكري جذوره من العقيدة الصهيونية، فاستخدام القوة والقتل والإرهاب والعنف هو أساس هذه العقيدة، وقد جاء في التوراة "إذا لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين يستبقون، فهم أشواك في أعينكم ومناخس في جوانبكم، ويضايقونكم على الأرض التي أنتم ساكنون فيها". ويحاول المؤرخون الإسرائيليون والقادة الصهاينة استقراء التجارب الحربية من نصوص التوراة بهدف غرس روح القتال في نفوس الجنود اليهود، وبيان قدرة إسرائيل في الماضي والحاضر والمستقبل على شن الحملات الناجحة وفق تخطيط دقيق وفكر أصيل متطور. ويؤكدون باستمرار على أن ضخامة الجيش وكثرته ليست هي العامل الأول في إحراز النجاح، بل أن الروح الهجومية العالية والقدرة على تحقيق المفاجأة من حيث وقت ومكان وأسلوب شن الهجوم هي العامل الأساسي في تحقيق النصر الحاسم .
واستلهم اليهود من التوراة سياستهم في البطش والعنف، وليس تدميرهم لأريحا في قديم الزمان وقضائهم على جميع سكانها وحتى البهائم، وما دير ياسين القرية العربية التي دمرها اليهود في 1948، وذبحوا جميع سكانها من نساء وأطفال وشيوخ إلا شواهد على البربرية الصهيونية، التي تستمد من التوراة أفكارها الرئيسية، وتستوحيها في منطلقاتها السياسية والعملية في الحياة. والتوراة تزخر بالآيات التي تحض على هذا السلوك، إذ تأمر باستعمال أقصى درجات العنف مع العدو وتسوق الكثير من أساليب العنف الوحشية كضرب المدن بالسيف والعقاب الجماعي والإبادة التامة "ويلزم أن تنحدر الأساليب الوحشية إلى الدرك الأسفل من البهيمية فتنادي بأن تحطم أطفالهم أمام عيونهم، وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم، لا يرحمون ثمرة بطن ولا تشفق عيونهم على الأولاد" ، ولعلَّ ما حدث وما زال يحدث للفلسطينيين أكبر دليل على استمرار تلك السياسة.
والأصولية اليهودية في إسرائيل، نمت أهميتها السياسية نمواً هائلاً في ربع القرن الأخير. ويعتقد أن النواة الصلبة للمؤمنين بها، تمييزاً لهم عن الجسم الأكبر للمتدينين الأكثر تقليدية،الذين يشكلون ما يتراوح بين 20 و25 في المئة من السكان. ويحتمل أن هذه النسبة أعلى من نسبة الأصوليين المسلمين الحقيقيين في معظم بلدان المنطقة. وفازوا بثلاثة وعشرين من مقاعد الكنيست الـ 120 في انتخابات 1999، مقارنة بحفنة مقاعد فقط في السنوات المبكرة من عمر الدولة وتكرَّرت في الانتخابات اللاحقة،. وحازوا، خصوصاً المستوطنين منهم، على نفوذ لا يتناسب مع أعدادهم، ذلك يؤثر في العملية السياسية الإسرائيلية برمتها، خصوصاً في ما يتعلق باليمين القومي المتطرف الذي يشاطرهم، تحت مظهره الخارجي العلماني، جزءاً كبيراً من نظرتهم المحمومة المتعالية إلى العالم. إنها أصولية من نوع خاص جداً، متمركزة حول العرق، شديدة الكراهية للأجانب، وذات معتقدات وممارسات يقول شاحاك: إنها "أكثر تطرفاً حتى من تلك الأنظمة المخترعة شمولية".
وتتحول الدولة العبرية اليوم وبشكل غير مسبوق إلى كيانات اجتماعية وعقائدية وسياسية معزولة في معسكرات متناقضة يشبه كل منها نموذج الغيتو اليهودي في أوروبا الشرقية ويشكل معالم الأصولية اليهودية المتطرفة، وربما رسمت حالة الطوارئ والحروب المتواصلة مع المحيط العربي ملامح التماسك الداخلي على الدولة العبرية، على اعتبار أنّ بروز عدو خارجي من شأنه أن يدفع الجبهة الداخلية إلى التكتل واستلهام معاني وحدة المصير التي تستدعي القواسم المشتركة إلى الأذهان .
لعلَّ هذه الحقيقة ذاتها هي ما يفسر أيضاً اندلاع الصراع الديني العلماني في الدولة العبرية في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، فمرحلة "اللا سلم واللا حرب" مع العرب أفسحت في المجال أمام تفشي أعمال العنف في الشارع الصهيوني بمبررات تبدو شكلية للوهلة الأولى، كإحراق المتدينين لمحطات الحافلات التي تعرض إعلانات مبتذلة، وإغلاق بعض المناطق في وجه حركة السير في عطلة السبت، ولكن نظرة متأملة تؤكد أنّ تلك الحوادث هي قمة جبل الجليد لا أكثر، خاصة وأنها ترافقت مع احتدام الجدل بشأن قضية "من هو اليهودي؟" في الأوساط الدينية والقانونية والسياسية والإعلامية، وتبقى السياسة الاسرائيلية اسيرة المعتقد الديني الذي يبني طموحاته على اقدام التوراة والعهود القديمة ويسوق التطرف والقلق لكل العالم.

رابعا: الاصولية الهندوسية وحلم الامبراطورية الموعودة
يعود تاريخ الهندوسية التي يعتنقها سكان مناطق في اسيا وخاصة الهند لاكثر من ثلاثة آلاف عام وتعتبر من اقدم الديانات في العالم وما يميزها من الديانات الاخرى مثل المسيحية هو ان لها اكثر من كتاب مقدس وتزخر بالمعتقدات الفرعية والشعائر المختلفة .
والقومية الهندوسية ظاهرة آخذة في النمو ما ادى الى تصاعد النفوذ السياسي لمجموعة "سانق باريفار" الني نفذت عمليات منظمة هدفت الى انتهاك حقوق الانسان سواء الاقيات المسيحية او المسلمة، اضافة الى اعمال العنف التي لم تستهدف الافراد فقط، بل استهدفت ممتلكاتهم ومؤسساتهم ايضا ومع ذلك لا تعدو ان تكون حركة ضيقة النطاق الامر الذي قد يؤدي لانهيارها!
وكانت صورة التسامح الديني والعرقي في الهند هي الاقرب الى الاذهان رغم المجازر التي تعرَّض لها المسلمون تحديدا في بدايات القرن الماضي وما تلا ذلك من سقوط اكثر من مليون مسلم على يد الاصوليين الهندوس اضافة للدمار الاقتصادي الذي لحق بهم ليقود ذلك الى قيام دولة باكستان عام 1947. وربما كانت هذه الصورة عن الهند مرتبطة في الاساس بقادة الهند التاريخيين من امثال المهاتما غاندي وجواهر لال نهرو الذي ارتبط اسمه بحركة عدم الانحياز ومواقفها المؤيدة للقضيايا العربية وكذلك سياساتها الداخلية التي ارتكزت الى العلمانية في مجتمع شديد الخصوصية لجهة التنوع عرقيا ودينيا. لكن الصورة سرعان ما تغيّرت في العقد الاخير من القرن الماضي مع بروز قوى يمينية متطرّفة تتبنى نهجا مغايراً للقادة التاريخيين ومغايراً للاساس العلماني الذي اعتمده الدستور الهندي للحفاظ على وحدة البلاد .
واذا كان العام 1980 هو البداية الرسمية لاعلان تأسيس الحزب إلا انه كان متواجدا على الساحة منذ فترة مبكرة من خلال الميليشيات الهندوسية المتطرفة وبخاصة ما عرف بمنظمة "أر أس" التي ينظر بعض انصارها الى المسلمين كغزاة احتلوا بلادهم ودمروا معابدهم ومن ثم يجب اعادة المسلمين الهنود الى الهندوسية او التخلص منهم بالقائهم في البحر او ابعادهم الى باكستان.
لقد تحولت هذه الافكار الى برامج سياسية لحزب بهارتيا جناتا وروج لها زعيمه لال ادفاني ورفاقه من قادة الحزب وسط المجتمع الهندي الذي يعاني من الامية والجهل والتخلف؛ ونجح ادفاني في استقطاب الآلاف من المهووسين الذين قادهم في مسيرة بلغت عدة آلاف من الكيلومترات لهدم مسجد بابري بدعوى بنائه على معبد آلهة الهندوس: "راما" في 6/12/1992.
كان تدمير مسجد بابري مؤشرا لدخول الهند مرحلة جديدة خطرة أسس لها اليمينيون المتطرفون الهندوس بعد ان وجدت افكار الحزب التي تدعو الى استعادة الهند لهويتها التاريخية والتخلص من كل ما يمت بصلة للحقبة الاسلامية وبقاياها قبولا واسعا خاصة بين المثقفين الذين سئموا سياسات حزب المؤتمر الذي ترهل وبات غير قادر على تطوير نفسه، الامر الذي فتح المجال امام حزب بهارتيا جناتا الذي اكتسح الانتخابات وعاد الى تطبيق عقيدة الهنودة اي تجريد المجتمع الهندي من كل ما ليس له صلة بالهندوسية ويعني ذلك بالطبع الغاء القوانين الشخصية للاقليات الدينية الاخرى وطمس ثقافاتها على اعتبار انها شكلت ولا تزال مصدر خطر على الثقافة الهندوسية.
وبالرغم من الانتقادات الحادة التي قوبلت بها تلك السياسات من مختلف الشرائح بما في ذلك قطاعات واسعة من الهندوس الذين رأوا فيها خطرا على النسيج الاجتماعي للهند، إلا ان التخلي عنها اليوم قد لا يعني بالضرورة ازالتها من عقلية قيادات الحزب التي ترى فيها الاسباب لنهضة الهندوس وتقدمهم.
ولتأكيد نواياها في استعادة المجد الهندوسي، نفذت الحكومة في اطار ما تراه جزءا من ذلك المجد والرؤية الشاملة للحزب برنامجا لتوسيع القدرات العسكرية الهندية وتطويرها بما يضع البلاد في مصاف الدول الكبرى في العالم، وهو ما وجد استحسانا كبيرا في الشارع الهندي الذي تفاعل مع هذا التوجه وأيده بشدة.
لقد تسبب هدم واحراق مسجد بابري العام 1992 لاقامة ما يسمى بمعبد "رام" على أنقاضه في وقوع احداث عنف طائفي راح ضحيتها عشرات الآلاف وجاء اصرار الهندوس من اتباع حزب فيشط هندو باريشاد الاصولي وهو بمثابة مؤتمر هندوسي عالمي، وجماعة شيف سينا ومنظمة ما هاسبها على الشروع في بناء المعبد جاء ذلك رمزا للاضطهاد والحقد ومشاعر الكراهية التي يكنها الهندوس الاصوليون للمسلمين في الهند التي وجدت مناخا مشجعا بعد تولي حزب بهاراتيا جاناتا الحكم وكان من نتاجها ايضا حرق مسجد كستوار في ولاية كشمير في كانون الثاني2001 وهو من المساجد الاثرية الكبيرة في الهند.
وبجانب حزب فيشط هندو باريشاد اليميني ثمة منظمة راشتريا سوايا نسيفال سنج التي تعتبر الاساس الايديولوجي الذي قام عليه حزب بهاراتيا جاناتا، وتعتبر المتحكم الفعلي في سياسات الحزب باعتبار ان كثيرا من اعضائه وعلى رأسهم كريشنا ادفاني اعضاء في المنظمة وينفذون ايديولوجيتها على الاصعدة السياسية والامنية والاجتماعية وهو ما يفسر ضلوع المنظمة في كثير من احداث العنف التي يتعرض لها المسلمون والمسيحيون وطائفة المنبوذين حيث يؤمن اعضاء المنظمة المتطرفة بأنه يتعين على جميع المواطنين في الهند ايا كانت ديانتهم اتباع القيم الهندوسية .
وقد اكدت تصريحات فاجبايي صلة حزبه بالاصوليين الهندوس الذين يحلمون ببناء دولة الهندوس الكبرى ليس فقط في جنوب اسيا بل ايضا في شرق وغرب آسيا خاصة في العالم العربي اذ تقول الاسطورة الهندية ان الامبراطورية الهندوسية كانت تمتد ذات يوم في سنغافورة في الشرق الى نهر الشيل، مرورا بشبه الجزيرة العربية، وفي هذا الصدد قال نهرو في كتاب disscover india إن الهند كما خلقتها الطبيعة لا يمكنها ان تلعب دورا ثانويا في شؤون العالم، فاما ان تعتبر من القوى العظمى او لا تكون.
ويفسر الدبلوماسي الهندي اس باتيل في كتابه foreign policy of india بالقول من المهم للغاية ان تسيطر الهند على سنغافورة وخليج السويس اللذين يشكلان البوابتين الرئيسيتين لها، واذا ما فرضت قوى اخرى نفوذها عليهما فانها تهدد بذلك استقلال الهند، كما أن حاجة الهند للنفط تجعلها تهتم بدول الخليج العربي ، إضافة إلى أن كتب الهندوس القديمة تتحدث عن دولة الهندوس الكبرى التي يجب ان تضم المنطقة الممتدة من مضيق ملاقا وحتى منطقة قناة السويس وهو ما قد يفسر الحروب الثلاثة التي شنتها الهند ضد باكستان في 1947 و1971 والحملة العسكرية ضد سريلانكا 1980.
ويتصور حزب بهاراتيا جاناتا والمنظمات الهندوسية المتطرفة الاخرى ان المسلمين الهنود يعتبرون انفسهم مسلمين اولا ثم مواطنين هنودا ثانيا، ولهذا لابد من "هنودتهم" اولا وبعد احداث 11 ايلول 2001 بدأ غلاة الاصوليين الهندوسيين اثارة العداء ضد الاسلام كدين، والمسلمين الهنود كمواطنين في بعض ولايات الهند واعتبر المتطرفون الهندوس ان عليهم الانتصار لثقافة وقيم الهندوس مثلما يفعل الاميركيون في افغانستان دفاعا عن حضارة الغرب وتقدمه، ودعا بعضهم الولايات المتحدة للوقوف الى جانب الهند في جامو وكشمير كما بدأت حكومة نيودلهي باعادة النظر في المناهج الدينية في المدارس والمعاهد الاسلامية لتبتعد عما يرتبط بالعنف والارهاب كما يزعم الاميركيون.
الا ان معظم المراقبين لحركة الاصولية الهندوسية صعودا وهبوطا بأنها الى زوال قريب، لمجموعة من الاسباب المتنوعة والتي يأتي في مقدمها العنصرية المفرطة سواء داخل الهند او خارجها، والافتقار الى الرؤية وتعدد الموروثات الدينية. كما يُعتقد ان الحركات التي تعتمد على اظهار الهوية القومية تسعى دائما الى تقوية اواصر التضامن والتعاضد في الداخل وتقديس الاختلاف والتميز في الخارج ومعظم هذه الحركات تمكنت من غرس الهوية القومية التي تميزها واستخدامها في اخذ الدولة نحو تحقيق اهدافها .
وعلى الرغم من الاحساس الطاغي والاصرار على ان الهنودة هي مرادفة للهندوسية، الا ان معتقدات الهندوسية لا زالت تفتقر لرؤية مستقبلية للهند وفشلت في الاجابة على اسئلة مثل من هو راما، وما هي تعاليمه، وكيف هي الهند التي تتصورها الاصولية الهندوسية؟.

خامسا : المحافظون الجدد في أمريكا
استخدم مصطلح المحافظون الجدد أو اليمين الجديد لوصف الأفكار التي تراوحت ما بين المطالبة برفع الضرائب إلى المطالبة بوجود رقابة صارمة على برامج الإذاعة والتلفزيون أو حتى الحملات التي قامت ضد الهجرة من خارج الولايات المتحدة. ويلاحظ اتجاهين واضحين في تلك التيارات الصاعدة: الأول تمثل في إحياء الاقتصاد الليبرالي الكلاسيكي، وبخاصة الأفكار الليبرالية لآدم سميث. أما الثاني فيهتم بالأفكار الخاصة بالنظام والسلطة .
أن الظروف التي سادت بداية الألفية الثالثة قد زوَّدت المحافظون الجدد بعناصر قوة اضافية، فالمحافظون حققوا خلال القرن العشرين الكثير وبخاصة منذ عام 1945 في سعيها لإنشاء بديل "مع السوق"، الا أن الأهم الذي تمَّ تحقيقه هو القضاء على عدوها اللدود الاشتراكية. فانهيار الاشتراكية في أنحاء العالم قد أعطى الفرصة لظهور مذاهب سياسية أخرى، مثل الدعوة إلى السوق الحرة. وتوقف مستقبل المحافظة في ظل الفراغ الأيدلوجي على قدرتها على تجديد وتحديث نفسها بما يتوافق مع المفاهيم الحديثة، فبرزت في مظهر اليمين الجديد لتتوافق مع مفاهيم الفردية والمشاركة الاجتماعية في السلطة.
وعلى الرغم من أن المحافظة في الغرب كأيدلوجية هي نسق من الأفكار المتنوعة، إلا أن أبرز ما تتسم به هو تعريفها بما تعارضه وليس بما تمثله، أي أن المحافظين وبخاصة على المستوى السياسي يحددون مواقفهم كرد فعل رافض للسياسات الليبرالية، فحين كان الفكر الليبرالي يؤمن بحرية الفرد ركزوا على قيم الجماعة، وحين كان يؤمن بتحجيم الدولة ركزوا على النظام والتقاليد والتاريخ والمؤسسات النيابية المستقرّة، لكن حين تنامت أفكار المواطنة الاجتماعية وحقوق المواطنين في الرعاية الصحية والتعليمية والحد الأدنى من الرفاهة الذي توفره الدولة عارضوا هذا التوجّه باعتباره يزيد من سلطة الدولة في الاقتصاد والاجتماع، ويقيّد الفرد والجماعات الاجتماعية. وهو ما دفع منافسي المحافظة لوصفها بالمراوغة والانتهازية والرغبة في مخالفة الليبرالية أيا كانت سياساتها.
وفي الواقع إن المحافظة كأيدلوجية لم تجد لها صدى في الولايات المتحدة الأمريكية حتى الستينيات من القرن الماضي ، فقد كان كل من الجمهوريين والديمقراطيين يأنفون من تلك التسمية حتى ذلك العقد من القرن العشرين، لكن مناخ الحرب الباردة والرغبة في تكريس القيم الأمريكية في مواجهة المد الفكري الشيوعي أدى إلى بداية ظهور الأفكار المحافظة على سطح الحياة الفكرية والسياسية الأمريكية واكتساب وصف المحافظة ثقلا متناميا في الخطاب السياسي في الستينيات .
إن أبرز ما يميز المشهد الأمريكي حاليا ما يمكن تسميته "مثلث الرعب"، وهو التقاء الجمهوريين مع أتباع الفكر المحافظ مع أنصار اليمين الديني المتطرف بشكل غير مسبوق ، وهو ما أفرز محافظين "جددا" أفكارهم لا تقاس على الفكر المحافظ كما يتم تدريسه نظريا في كتب الفكر والنظرية السياسية، إذ إن المحافظين الجدد في الولايات المتحدة يركزون على التاريخ والثقافة الأمريكية كفكرة إقصائية، فلا عجب أن تكرِّس سياساتهم التمييز المدني والأمني ضد الأقليات العرقية والدينية .
فمن أسباب العداء الصاعد للإسلام التعريف الضيق للتاريخ الأمريكي كمصدر للشرعية والهوية الأمريكية وزعم "المحافظة على التقاليد الأمريكية" فضلا عن الحاجة للبحث عن عدو، فكما اسلفنا فالمحافظون بنوا رؤية الذات عبر تمييزها عن الآخر،وفعلوا ذلك مع تنامي افكارهم في الستينيات ضد الشيوعية، وبعد تراجع قوة الشيوعية كأيدلوجية صار الإسلام عدوا مثاليا.
سبب أخر للعداء للإسلام هو التحالف المحافظ مع اليمين المتشدد الديني، وبخاصة أصحاب الرؤى الأصولية الإنجيلية الألفية التي تؤمن بقرب نهاية العالم، وتبشر بعودة المسيح وتدعم إسرائيل كي تعجِّل بمجيئه كما تقول تأويلاتها للإنجيل، فلا بأس بذبح وإبادة الفلسطينيين لو كان هذا هو الثمن، وتقطيع أوصال العالم الإسلامي إذا كان هو القوة الرئيسية التي تقف في مواجهتها.
هذا المثلث المرعب يدمر الآن التجربة الليبرالية والإنسانية الهامة للولايات المتحدة ويوظف الفكر الجمهوري المحترم صاحب رؤى المواطنة الإيجابية والفعالة والديمقراطية النشطة ضد الحريات المدنية لجموع الأمريكيين في هذه اللحظة التاريخية، ويهدر جوانب اجتماعية هامة في الفكر المحافظ حين يصبغها برؤية إقصائية ضد التعدّد الثقافي، ويضرب حقوق الإنسان في مشهد غوانتانامو أو أبو غريب وصولا إلى فضيحة السجون الطائرة، ويستقر هذا المثلث بقوة على أرضية الرأسمالية العالمية، فهي ترى فيه حليفا سياسيا يحقق لها اجتياح المزيد من الأسواق، وعقد المزيد من الصفقات، وفتح المزيد من مجالات الاستثمار، وفي هذا المشهد تتراجع قيم حقوق الإنسان والمساواة والعدالة وتسود معايير المصلحة والمنفعة، والعقل المحافظ الذي كان قديما ضد العقلانية النفعية يجيد الآن تبرير سياساته بخطاب مائع عن الحرية و"الحرب على الإرهاب" ونشر الليبرالية بالقوة، أما البنية التحتية للرأسمالية العالمية من قوى وشركات ومنظمات ومؤسسات ومصارف وأسواق نقدية لا تبالي أي خطاب يستخدمه الساسة على أية حال

سادسا:الحركة التدبيرية والحزب الجمهوري في الولايات المتحدة
يعتبر القرن العشرين قرن زحف المسيحية الصهيونية على الولايات المتحدة بامتياز.. وما بدأ فكراً تطور إلى ممارسة بعد إنشاء دولة اسرائيل فقد ترجمت بعض فقرات العهدين القديم والجديد ترجمة سياسية مباشرة صبت بقوة في دعم الدولة الصهيونية الوليدة،وحرّفت التفاسير الروحية واستخدم المسيحيون الصهاينة وسائل الإعلام الأميركية الجماهيرية أفضل استخدام لنشر أوهامهم وأحلامهم ومعتقداتهم. وتمَّ تفسير الأحداث السياسية باعتبارها "علامات أزمنة" تسبق المجيء الثاني للمسيح ومن بينها تجمع اليهود في فلسطين وإنشاء دولة اسرائيل، ولم يبق إلا ظهور "المسيح الدجال" وحدوث موجة من الصراعات تتوج بمعركة "هر مجدون" .
وضمن هذا التصور المستند الى "سفر الرؤيا" فإن السلاح النووي يصبح عندئذ أداة لتحقيق مقاصد الله، كما أن الميل الى تفسير أحداث السياسة الدولية استناداً الى منظور نهاية العالم، لا يصبح مشروعاً فقط وإنما يمثل أمراً ضرورياً. وهذا الشعور الداخلي من الأصولية المسيحية الأميركية، والمنطوي على أفكار سامة جعلت المؤمنين بنهاية العالم يعتقدون أن الحرب ضد العراق هي الحرب ذاتها التي جرى التنبؤ بها في الكتاب المقدس "على فاسقة بابل" ولذلك فإنهم كانوا مدفوعين إليها ، ووفقاً لاعتقادهم عندما تأتي نهاية العالم سيصعدون مباشرة الى الجنة، ويعتنق اليهود جميعاً المسيحية أو يهلكون، أما المسلمون فسوف يهلكون في جهنم نهاية العالم.
وحسب الاسطورة الأميركية الأصولية المستندة إلى بعض أسفار العهد القديم كسفر حزقيال وسفر دانيال ومن العهد الجديد على سفر يوحنا فإن العالم قد أشرف على النهاية وان ألف عام تبدأ بعد هذه النهاية تتميز بالسلام ووفرة الخيرات والأخوة بين الناس ويحل السلام بين الحيوانات أيضاً.. وهذ النهاية آتية، ليست بفعل جنون رجل يشعل الحرب النووية، بل لأن هذا قصد الله، ويعتقد معتنقو الأصولية الانجيلية أن المسيح لن يعود الى الأرض قبل ان يرجع جميع اليهود الى فلسطين، كما تتحدث اللوبيات الأصولية عن عقيدة مفادها ان اسرائيل قوية ضرورة لتحقق خطط "الرب" في فلسطين، ومن ثم فإن على الولايات المتحدة أن تجعل من إسرائيل قوة عسكرياً لدرجة كبيرة حتى يأتي يوم الحساب وأي شيء يقل عن ذلك يعتبر مخالفة لأوامر الله .
وبما أن ظهور المسيح سيكون مسبوقاً بحرب مدمرة فإن أميركا تجد نفسها ملزمة عقائدياً بتسليح اسرائيل ما أمكنها ذلك وبدعم كل مخططاتها داخل فلسطين وخارجها استعداداً لوقوع هذه الحرب لضمان انتصار إسرائيل وحلفائها ضد أعداء الله. وضمن هذا النطاق يدخل اعفاء اسرائيل من الانصياع للقوانين والمواثيق الدولية، فشريعة الله وحدها ـ التوراة ـ هي التي يجب ان تطبق على اليهود في فلسطين .
وقد ساد اعتقاد خاطئ بأن الحركة الأصولية المسيحية قد تراجعت وانطفأت جذوتها بخروج الرئيس رونالد ريغان من البيت الأبيض نهاية الثمانينيات من القرن الماضي فقد تعرف الناس قبل خروجه على الأغلبية الأخلاقية لجيري فالويل وعلى برامج بات روبتسون التلفزيونية، لكن فضائح القساوسة الإنجيليين الذين صنعوا شهرتهم عبر برامج التلفزيون أمثال بيكر وجيمي سورغارت أفقدت التيار كثيراً من الثقة، وتصوّر الناس حينها ان تيار المسيحيين المحافظين قد انتهى.الا ان المسيحيون المحافظون تمكنوا بحلول عام 1992 من احراز مكانة متميّزة داخل الحزب الجمهوري فقد سيطر التيار على سبع مندوبيات ولايات من بينها 42 من 46 مندوباً لولاية أو ثلاثة ارباع ولاية أوريغون في كارولينا الجنوبية ونصف ألاسكا وثلث مندوبي ولاية كاليفورنيا ويشير المراقبون الى ان 40% من الاصوات الذاهبة الى بوش الأكبر جاءت من الإنجيليين .
ورغم ان التأييد المسيحي الاصولي لإسرائيل يستند عند الكثيرين الى رؤية لنهاية العالم تفترض تبشير اليهود، غير ان أولوية كسب التأييد السياسي تتغلب على الاعتبارات الدينية الصرفة. وقد تشكلت حركات أصولية مسيحية رأت عدم تبشير اليهود بل الوقوف الى جانبهم أو "تعزيتهم" كما جاء في سفر اشعيا التوراتي .
أما أخطر حركات المسيحية الأصولية داخل أميركا فهي الحركة التدبيرية، فكما تقول غريس هالسل: نشأت هذه الحركة بعد قيام اسرائيل وتضم في عضويتها 40 مليون أميركي، وقد انخرط فيها بعض رؤساء أميركا. وتعتقد الحركة في أن الله وضع في الكتاب المقدس نبوءات واضحة حول كيفية تدبيره لشئون الكون ونهايته ورتبها كما يلي (قيام اسرائيل ـ هجوم أعداء الله على إسرائيل ووقوع معركة هر مجدون النووية ـ انتشار الخراب والدمار ومقتل الملايين ـ ظهور المسيح المخلص وتخليصه لأتباعه من المحرقة ـ إيمان من بقي من اليهود بالمسيح ـ ثم انتشار السلام في مملكة المسيح في أرض جديدة وتحت سماء جديدة لألف عام). ويعتقد أتباع الحركة التدبيرية ان مهمتهم هي تهيئة وتدبير كل الأمور التي يمكن أن تعجِّل في عودة المسيح الى الأرض .
سابعا :أصولية الرئيس الأمريكي جورج بوش
يعتقد كثير من المحللين والمعلقين ان الرئيس بوش يتصف بضيق الأفق وانه مجرد ألعوبة في يد اليمين المسيحي، غير أن المسألة ليست على هذا النحو من التبسيط، إذ إن لبوش شخصية مستقلة، وتصرفاته تنبع من دوافع ذاتية، تكوّنت خلال سنوات نشأته ومن واقع خبرته السابقة .
لدى جورج بوش حماس ديني متأجج تعود جذوره التاريخية في تراث المستوطنين الأوروبيين الأوائل للقارة الأميركية، فهولاء كانوا متدينين الى درجة التعصب، ويعتقدون أن أميركا هي صهيون الجديد، والقارة الأميركية هي الأرض الموعودة. وبحسب ما يقوله القس فريتس ريتسش فإن الأميركيين الحاليين مثل أجدادهم السابقين يؤمنون بأنهم محط عناية إلهية وقدر إلهي محتوم.. غير أن اليمين المسيحي صاغ الافكار القديمة صياغة سياسية عملية. ومع أن الخريطة الدينية للولايات المتحدة معقدة ولا يمكن رسم حدودها بوضوح، إلا أن انصار بوش هم عموماً من البيض البروتستانت ومن المنتمين الى الكنيسة المعمدانية، أما الكنيسة الكاثوليكية التي يتبعها نحو 60 مليون أميركي فليست على علاقة ود بالرئيس لأسباب سياسية ودينية وتاريخية،كما أن اليهود الأميركيين بمختلف طوائفهم المتدينة والليبرالية يؤيدون سياسته في المنطقة العربية بقوة، ويعتقد كثيرون أنهم صاغة هذه السياسة ومخططوها من خلال أتباعهم في دوائر صنع القرار.
وبحسب رأي القس فريتس فإن بوش وأنصاره من الاصوليين المسيحيين واليهود في الولايات المتحدة يمثلون فلسفة دينية اساسها العنف والكراهية والتكبر،كما يلعب الدين دوراً في السياسة الخارجية أكثر من اي وقت مضى، فلم يحدث في التاريخ ان كانت أميركا مسيحية سياسيا وبشكل علني مثلما هي عليه في ولاية جورج بوش الابن، وهذه القناعة بأن الرب إلى جانب أميركا يقلل الحاجة الطبيعية إلى التواضع ومراجعة الذات. ما أوجد نوعا من التكبّر، وهذا التكبّر في عصر نووي كالذي نعيشه لا يمثل انحرافا اخلاقيا، بقدر ما يحمل بين طياته بذورا كارثية.
غير أن امتزاج الدين بالسياسة في تكوين بوش لم يسفر عن وجهه إلا عام 1988، ففي الحملة الانتخابية لوالده أوكل إليه تولي ملف العلاقات مع القسيسيين والوعاظ المسيحيين وكسبهم حتى يصوتوا له. وحينما بدأ بوش الاتصال بهذا الوسط ادرك القوة الدينية اليمينية الصاعدة خصوصا في الجنوب، وهذا الحدس لم يخب اذ لم تمض سنوات قليلة، إلا وكانت تلك المجموعات قد سيطرت على الحزب الجمهوري وتحولت الى قوة سياسية ضاربة. هذه القوة منحت بوش تأييدها في تقلد منصب حاكم ولاية تكساس ثم في وصوله إلى البيت الأبيض بداية الألفية الحالية .
ويقول المقربون من بوش ان هجمات 11 أيلول لم تعط معنى لرئاسته فقط، بل جعلته يصدق الهواجس السابقة عن ذاته، ومنحته مهمة ورسالة في الحياة، فهو يعتبر قيادته لأميركا امرا إلهياً واختيارا ربانيا.. وهذه الجبرية الدينية هي مصدر التفاؤل الساذج الذي يطبع خطاب بوش وقراراته .
ويميل بوش إلى التفسير الديني للأحداث السياسية ولذلك جعل للدين أثرا غير مسبوق في الحياة السياسية الأميركية؛ إذ يقول في حديث للمذيعين الدينيين "إن الإرهابيين يمقتوننا، لأننا نعبد الرب بالطريقة التي نراها مناسبة". ويفضل بوش استخدام كلمة الحرية بدلاً من الديمقراطية وذلك مدلولها الديني فهي تعني "حرية اكتشاف الرب" بكل ما تحمله من مدلول مسيحي تبشيري. ولذلك فإنه كثير الحديث عن "الرب" والصراع بين الخير والشر .
وحاول بوش اعتماد برامج اقتصادية واجتماعية ترسخ الدين المسيحي في المجتمع الأميركي والعالم. فقد خصص بندا من الميزانية لتمويل المؤسسات التربوية والاجتماعية الدينية، من كنائس ومدارس دينية. واعتبرت تلك سابقة في التاريخ الأميركي وبداية النهاية للموقف الحيادي من الدين الذي تلتزم به الادارات الأميركية طبقا للدستور الأميركي. اما خارجياً فقد اعتبرت مجلة نيوزويك ان تخصيصه 15 مليار دولار لمكافحة الايدز في افريقيا كان في نظر حلفائه من الحركة الانجيلية تعبيرا عن مطامح لاستعمال تلك الأموال في نشر المسيحية في افريقيا.
وقد حاول القس فريتس تحليل فلسفة بوش وحماسه الديني الذي يطغى على الحكمة السياسية، فقد تتبع العبارات الدينية التي توحي الى ان الرب بجانبه، مثل قول بوش "إن الحرية والخوف، العدل والفظاعة ظلا دوما في صراع، ونحن نعرف ان الرب ليس حياديا في هذا الصراع" وضغطه الدائم على ان اميركا أمة مؤمنة وخيرة ومثالية ورحيمة وسخية، ويعلق فريتس قائلا "إن اغلب المصلين الذين يأتون إلى كنيستي الصغيرة لا يعتبرون أنفسهم، ولا يعتبرون الأمة الأميركية مجموعة من القديسين، هم غير موقنين بالورع الأميركي ولا يرون انتصارنا على صدام حسين دليلا على الفضيلة، لا أمام الناس ولا أمام الله".
وشخصية بوش ليست بسيطة ولا يمكن تفسيرها تفسيرا أحاديا فهي مركبّة من الحماس الديني والمنفعية السياسية والمالية، فهو متدين أصولي بحق، لكنه ايضا رجل نفط، وهذه السمات موجودة ايضا في فريق عمله وإدارته، فكونداليزا رايس،وزيرة الخارجية، كانت تاجرة نفط ناجحة قبل تقلد منصبها، ووالدها عمل واعظا في احدى كنائس ألاباما، وزوجة أندرو كارد مدير مكتب بوش قسيسة، وجون اشكروفت وزير العدل الأميركي احد الناشطين المعروفين بولائهم لأفكارهم المسيحية الأصولية.
ولبّت شخصية جورج بوش طموح انصار اليمين المسيحي الأميركي، فهؤلاء كانوا يسعون على الدوام الى قائد على منوال شخصية داود التوراتية يوحد مطامحهم السياسية مع رؤاهم الدينية،وهذا يمثل انقلابا في التاريخ الأميركي اذ ان ذلك يقلب العلاقة التقليدية بين الكنيسة والدولة، ويمكن من استغلال المسيحية في تبرير الغرب والاستعمار وإشعال الحروب مع ديانات أخرى، كما أنه يجعل انصار بوش المتدينين مجموعة من المريدين ـ باللفظ الصوفي الإسلامي ـ بدلا من أن يقدموا له الهداية الأخلاقية او الرأي السياسي الصائب، ومن سوء الحظ ان رجال الدين المسيحيين الأصوليين الذين يصادقون بوش ويدعمونه كاملا هم امثال بيل غراهام وابنه فرانكلين، وجيري فالويل وبات روبرتسون، وكلهم معروفون بعدائهم للإسلام ومقدساته .

ثامنا:تصاعد الحركات الأصولية في الشرق الأوسط
ثمَّة العديد من الأسباب الذاتية والموضوعية التي ساعدت في تصاعد الأحزاب والحركات الأصولية في المنطقة العربية ومن بينه:
1. ان وصول الجمهوريون وبالتحديد فئة "المحافظون الجدد" إلى السلطة في الولايات المتحدة،شكَّل تحوّلا دراماتيكيا في السياسات الخارجية الأمريكية وبخاصة تجاه الشرق الأوسط،والذي أدّى إلى تشكيل بيئة مواجهة وصلت إلى حدود استعمال القوة العسكرية في مواجهتها.فاجتياح إسرائيل على سبيل المثال للبنان في العام 1982، وبدعم أمريكي واضح نقل منطقة الشرق الأوسط من ضفة إلى أخرى،تميّزت بمواجهات دامية وأسست لبيئات سياسية واجتماعية متطرِّفة نظرت إلى الولايات المتحدة نظرة عداء بكونها تشكل الداعم الاستراتيجي لإسرائيل في المنطقة. وسرعان ما ترسخ هذا الاتجاه في عقد الثمانينيات من القرن الماضي وما تلاه.
2. إن الوضع السالف الذكر،ساعد بشكل مباشر على إحياء إيديولوجيات ذات طابع أمني عسكري، مرد ذلك الاحتلالات التي ظهرت في غير منطقة في الشرق الأوسط، بدءاً من لبنان وصولا إلى أفغانستان،الأمر الذي أوجد غطاءً شرعيا اجتماعيا حاضنا للأحزاب والحركات التي واجهت الوضع القائم آنذاك.
3. ان فشل الأحزاب القومية العربية والشيوعية في تحقيق الآمال التي وعدت بها شعوبها، أدى إلى واقع اجتماعي سياسي تعبوي مختلف،سرعان ما تحولت الجماهير العربية والإسلامية عن أحزابها ومضت باتجاه الأحزاب الراديكالية التصورات والتي تمثلت بالأحزاب ذات التوجه الديني وحتى المذهبي.
4. ان قدرة هذه الأحزاب التعبوية الهائلة بحكم الأدوات والوسائل التي تستعملها وبخاصة الدينية منها،جعلها بحرا كبيرا لاستيعاب جماهيرها في الوقت الذي تميّزت بحسن تقديماتها وحل مشاكل جماهيرها،الأمر الذي رسّخ فكرة نجاحها في الذاكرة الجماعية لمناصريها، وبالتالي تأييدها والاندماج في صفوفها بصرف النظر عن دقة وصوابية طروحاتها تجاه الأزمات التي ينبغي اتخاذ مواقف فيها.
5. ان فشل الأنظمة الحاكمة في تقديم أي أمر وعدت به، أدّى إلى تهميش دورها ورعايتها المفترضة لناسها ومواطنيها،ما سهّل للأحزاب البديلة الحلول مكانها وقيادتها للسياسات الداخلية والخارجية للدولة،حتى باتت سلطات الأنظمة هيكلا فارغا دون مضمون، الأمر الذي سهل عمليا تآكلها من الداخل تمهيدا لانهيارها.
6. ان فشل مشاريع السلام المقترحة أميركيا أدّى بشكل أو آخر إلى تقوية مواقف الأحزاب الدينية التي توصف عادة بالراديكالية أو بالأصولية،ما عقَّد الأوضاع القائمة دون ظهور محاولات جديدة قابلة للحياة.
ان الواقع الاجتماعي والسياسي الذي تعيشه معظم الدول العربية والإسلامية في الشرق الأوسط ،باتت قاب قوسين أو أدنى لتغيير العديد من أنظمتها التي استهلكتها عبر عقود طويلة. بل ان مجمل الثورات العربية القائمة حاليا تعبّر عن انعكاس موضوعي لواقع الحال التي وصلت إليها هذه الأنظمة وعدم قدرتها على تقديم أي بديل للأمر الواقع التي تعيش فيها جماهيرها.
صحيح ان عمليات التغيير يمكن ان تؤدي إلى استقرار سياسي واجتماعي ،لكنه ليس بالضرورة قادر عل إنتاج وقائع وأوضاع يمكن ان يبنى عليها لبيئة سلمية في الشرق الأوسط.مرد ذلك ان هذه الثورات في الأعم الأغلب سوف تتجه بعكس ما كان عليه الأمر مع الأنظمة السابقة،وبالتالي عودة التشدد إلى الحياة السياسية العربية في ظل إعادة تموضع الأحزاب المتشددة بين الثورات القائمة وشرائح السباب المحرك لها.

تاسعا: ملاحظات ومقترحات
بعد هذا السرد لمجموعة من الأصوليات ومنهجية وطرق عملها،يمكن تسجيل العديد من الملاحظات والمقترحات وأبرزها:
1. بعكس ما هو شائع ومتداول في الإعلام الغربي من أن الأصولية هي توصيف مرادف للإسلام والمسلمين، وأن منشأها وجذورها هي من طبيعة عربية واسلامية؛فالأصولية وجدت ونشأت في المجتمعات الغربية وترعرعت وتطوّرت على أيدي غلاة غير إسلامية،ووجدت بيئتها الحاضنة في غلاة المتصهينين وبخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية،وتمثلت في العديد من التيارات الدينية والسياسية وصولا إلى المحافظين الجدد الذين حكموا أميركا ويحاولون تنظيم العالم على مقاس معتقداتهم.
2. لقد سارع البحاثة الغربيين إلى إطلاق لفظة أصولية على الحركات التي ارتبطت بالإسلام المسلح في الشرق الأوسط وآسيا منذ اللحظة الاولى التي عرفت فيها هذه الحركات طريقها إلى النور. وفي الواقع تعود اللفظة إلى حركة دينية عرفتها الولايات المتحدة في مطلع القرن بعد أن تمكّنت مجموعة من البروتستانت من طبع 12 مجلدا في الفترة ما بين 1910 إلى 1915 بعنوان "أصول ـ شهادة على الحقيقة" وانتشرت في وقت وجيز بين الملايين من المسيحيين الأمريكيين وقد نظر الكثيرون إلى هذه الحركة بوصفها الرد العملي على الداروينية، واعتبرت أول إلتفاتة إلى الدين بعد أن اتجه المجتمع الغربي بكليته نحو العلم، وقد حدد اصوليو أميركا أربعة أعمدة أساسية لأصوليتهم هي الإحياء والتمسك بالجوهر والتجديد واقتران القول بالعمل، وتشير الدلائل إلى أن هذا الإسقاط شابه ظلم كبير للمجتمعات الإسلامية.
3. لقد كان الفرق الأساسي بين الأصولية الأمريكية والأصولية الشرقية ، أن الاولى كانت نقاشا حقيقيا لقضيتي العلم والدين ومناطق التماس بينهما، بينما عاشت الحركة الأصولية الشرقية حالة من الجهالة الفكرية منذ صعودها أواخر السبعينيات وحتى ضمورها عام 2001، وفي صيغة أخرى كانت الأصولية الشرقية استدعاء لزخم حركي لم يرتكز ولم ينتظر حتى إمكانية إرساء أي قواعد فكرية له.
4. إن الجسم الأساسي للحركة الأصولية الإسلامية المعاصرة نشأ في الفضاء الآسيوي في ظروف فقهية وسياسية استثنائية، فقد تم تغليب المدرسة الديبوندية على المدرسة الهندية المقاومة، تلك المدرسة التي يرى المفكر المصري فهمي هويدي في كتابه "طالبان" أنها تهتم بالفروع أكثر من الأصول، ويرى آخرون أن الكثير من استنتاجاتها وصلت إليه بالاستناد إلى كتب القرون الوسطى ، وفي اتجاه مواز تم التغاضي عن دعم ودفع الحركات الإسلامية الآسيوية إلى مقدمة الصورة السياسية في مواجهة صعود كتلة عدم الانحياز وحركة التحرر الوطني وأيضا في مواجهة النفوذ الصيني والسوفييتي السابق .
5. لقد جمع الغرب تحت هذه العباءة التي اخترعها بكلمة الأصولية مجموعة حركات سياسية تصل علاقة بعضها بالبعض الآخر إلى مستوى التضاد، فقد ضمّت الكلمة حركات الإسلام المسلح المصرية الجهاد والجماعات تلك التي ظهرت في أوائل الثمانينيات وصعدت من عملها العسكري في التسعينيات وكان جسمها الأساسي ارتدادا للظاهرة الأفغانية، جنبا إلى جنب مع الجبهة الإسلامية السودانية التي ولدت ثم تضادت مع حركة الأخوان المسلمين المصرية والسودانية، مع التجربة الإيرانية المعادية للإمبريالية الأمريكية والصهيونية وذات التوجهات المنفتحة نسبيا داخليا مع حركة طالبان المتزمتة على خلفية الوضع الاجتماعي الأفغاني والتي وصل بها الشطط إلى تحريم لعب الأطفال بالطائرات الورقية، إلى حركة التحرّر الوطني حماس التي تمثل الايدولوجيا الإسلامية أطارا لخطابها المقاوم، وخطورة هذا الطرح انه يلغي القضايا وتمايزاتها ويخلق صورة نمطية واحدة لمسلم ملتحٍ يحمل رشاشا لا يدافع عن قضاياه المباشرة وإنما يدافع عن نموذج فكري في ذهنه.
6. لم تتناول الدراسات والمقالات التي تمَّ بها التوجه إلى الأصولية لغير الحركات الإسلامية كما أسلفنا، وتمَّ التغاضي عن قصد إلى أصوليات هي اخطر بكثير ولها سوابق إرهابية تمتد عميقا في جذور التاريخ .
7. وفي معرض البحث عن جذور الإرهاب وأسسه وكيفيته،تمَّ اللجوء إلى الأصوليات كجذر يمكن الاستناد إليه في معرض توصيف ظواهر ومنفذي العمليات الإرهابية.فيما تمَّ تجاهل الأسباب الحقيقية التي جعلت مثل تلك الجماعات تلجأ إلى التطرف لمواجهة ما تتعرض له.
8. وفي النهاية كلمة حق لا بد أن تذكر وهي أن العودة للأصول لا ضير فيها ولا ينبغي أن تشكِّل عقدة خوف أو نقص لما اعتراها من تحريف في المعنى.كما ينبغي على دارسي تلك الحركات أن يكونوا موضوعيين في إيضاح منشأها والحكم على أعمالها،لكي لا تشوه صورة الدين أي دين على انه سببا في انتعاش الأعمال الإرهابية.

كتاب ذرائع الارهاب الدولي وحروب الشرق الاوسط الجديد

الكتاب :ذرائع الارهاب الدولي وحروب الشرق الأوسط الجديد المؤلف: البروفسور خليل حسين الناشر :منشورات الحلبي الحقوقية/ بيروت 2011
المقدمة

في الحادي عشر من شهر ايلول / سبتمبر 2001 ،تلقت الولايات المتحدة الامريكية صدمة تعتبر سابقة منذ تأسيسها।فقد اهتزت على وقع ضرب العصب الاقتصادي والمالي عبر انهيار البرجين بلحظات،وما تلاه من استهداف للبنتاغون ووزارة الخارجية، وما حكي عن استهداف لم يتم للبيت الأبيض.باختصار زلزال ضرب الاقتصاد والامن والسياسة في عقر دارها، وهي الدولة التي طالما تغنى محللوها الاستراتيجيون،بأنها الارض التي لا يمكن ان تهدد اوتضرب الا بأسلحة او بحروب نووية من دول كبرى،ولكن اتتها الضربة من الداخل وليس من الخارج وبوسائل غير متوقعة وغير مسبوقة. طبعا،لم يكن الحدث عاديا لا بتوقيته ولا دلالاته ولا خلفياته وحتى تداعياته الداخلية والعالمية.فسرعان ما وُجِه الاتهام الى تنظيم القاعدة،وما لبث ان تحوَّل الاتهام من اتهام لتنظيم هي من ساهمت في نشأته ودعمه، الى اتهام المسلمين وابراز الدين كبيئة قابلة لاحتواء الاعمال الارهابية وتصديرها. ردة الفعل الأولى كانت اجتياح افغانستان وهي سابقة ان عوقبت دولة بجريرة تنظيم يتواجد على ارضها.وبطبيعة الامر ليست المسألة القاعدة وانما افغانستان تحديدا من موقع استراتيجي يحاكي جنوب روسيا وشرق الصين،والموقع الذي يتحكم بممرات النفط علاوة على ما يختزن من موارد اولية تجعله من بين الدول الغنية على المستوى العالمي. في العام 2003 استكملت الولايات المتحدة حربها ضد الارهاب وعبر بوابة اسلحة الدمار الشامل العراقية، غزت العراق واحتلته وفعلت ما فعلته تحت شعارات وذرائع سرعان ما انكشفت وتوضّحت،وليس بغريب ان جميع من شاركوا من قوى دولية اساسية في اجتياح العراق الى جانب الولايات المتحدة اعترفوا بصراحة زيف الادعاءات التي استندوا اليها في غزوهم العراق. لقد اعادت واشنطن طرح دمقرطة الشرق الاوسط واعادة بنائه على اسس جديدة،فكان الغزو الاسرائيلي للبنان في 12 تموز 2006 عنوانا لمحاولة استيلاد شرق اوسط جديد كما قالت وزيرة الخارجية الامريطية السابقة كونداليزا رايس عند بداية الغزو.لم تتمكن واشنطن وتل ابيب من حصد النتائج السياسية للعدوان وسجل لبنان عبر مقاومته سابقة ثانية في نصرها على اسرائيل. لم تستطع اسرائيل ولا الولايات المتحدة بلع هزيمتها في لبنان،كررت التجربة في غزة في كانون الاول 2009 على عتبة انتقال السلطة في الولايات المتحدة. وايضا لم يستفد الطرفان الامريكي والاسرائيلي من محرقة غزة. وفي ظل هذه الحروب الاريعة التي خيضت في العقد الأول من الألفية الثاثة،كان الصراخ عاليا باتجاه التهديد بشن حرب على ايران على قاعدة البرنامج النووي.ورغم حساسية الموضوع واستراتيجيته بالنسبة لكل من اسرائيل والولايات المتحدة، لم تتجرآعلى الدخول في هذه المغامرة،واكتفى الطرفان الاسرائيلي والامريكي بحرب الواسطة في لبنان وغزة،فهل ستشتعل هذه الحرب قريبا؟. لقد خاضت الولايات المتحدة اربعة حروب في عقد واحد بحجة محاربة الارهاب،ولكنها لم تتوصل الى نتيجة محددة بل زادت فرص العداء والتعرّض لها .لقد حاولنا في هذه الدراسة تقديم مادة علمية اكاديمية لتوضيح الخلفيات الحقيقية والاسباب غير المعلنة لهذه الحروب في احد عشر فصلا.في الفصلين الأول والثاني عرضنا لمفهوم الارها ب وانواعه وتداعياته وسبل مكافحته. وفي الفصل الثالث سلطنا الضوء على الهجوم الذي تعرضت له الولايات المتحدة في 11 ايلول 2001 وتداعياته الامريكية والدولية.ثم انتقلنا في الفصل الرابع للحديث عن احتلال افغانستان وخلفيات قرار الحرب.اما الفصل الخامس فقد خصصناه لغزو العراق وتداعياته المحلية والاقليمية والدولية.فيما انتقلنا في الفصل السادس الى توضيح الاستراتيجية الامريكية تجاه الشرق الاوسط وتحديدا لبنان؛فيما الفصل السابع خصصناه للعدوان الامريكي الاسرائيلي على لبنان في العام 2006.اما الفصل التاسع فقد تحدث عن محرقة غزة في العام 2009 وتداعياتها القانونية والسياسية. فيما الفصل العاشر خصص للمنهجية التي اتبعت للصق الاؤهاب بالاسلام.اما الفصل الحادي عشر فقد سلط الضوء على تحوّل استراتيجية الأمن القومي الامريكي لمواجهة الارهاب.اما الخاتمة فقد القت الضوء على صعود الامبراطورية الامريكية وهبوطها. لقد حاولنا في هذا المؤلف، التأريخ والتحليل لمرحلة تعتبر من اشد المراحل حساسية في حياة منطقة الشرق الأوسط. ومحاولة موضوعية لتقنين اربع حروب خيضت في عقد واحد،في محاولة متواضعة لكشف ملابسات وخلفيات طالما تلطت ورائها دول عظمى لصياغة استراتيحيات تحفظ مصالحها وتطلعاتها في منطقة تعتبر الأشد تعقيدا وتطويعا عبر التاريخ. فهرس الكتاب الفصل الاول ماهية الإرهاب اولا: التعريف اللفظي للإرهاب ثانيا: التعريف الموسوعي للإرهاب ثالثا: الفقه الغربي والإرهاب رابعا:القوانين الوضعية الغربية لتعريف الإرهاب خامسا: الفقه العربي والإرهاب سادسا:الفقه الإسلامي والإرهاب الفصل الثاني الإرهاب عوامل الانتشار وسبل المكافحة ثانيا: الاتجاهات الرئيسة في تعريف الإرهاب ثالثا: التمييز بين مفهوم الإرهاب ومفاهيم أخرى القسم الثاني واقع التنظيمات الإرهابية وانتشارها القسم الثالث أشكال الإرهاب وعــوامــل انتشــــــــاره القسم الرابع مكافحة الإرهاب الفصل الثالث الهجوم على أميركا الأهداف والدلالات أولا: خصوصية الهجوم ثانيا: الاتهام الأمريكي ثالثا: المأزق الأمريكي رابعا: انعكاسات هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة خامسا: الإجراءات والقرارات المتعلقة بالأمن القومي بعد11 أيلول / سبتمبر . سادساً: آثار هجمات 11 أيلول على السياسة الخارجية الأمريكية سابعا: آثار الهجمات على الإستراتيجية الأمريكية ثامنا: انعكاسات الإرهاب الدولي على الشرعية الدولية الفصل الرابع الحرب على أفغانستان أولاُ : عوامل استمرار الصراع ثانياً :أسباب الصراعات ثالثاً: الصراع بعد أحداث 11 أيلول / سبتمبر رابعاً : أهداف الحرب في أفغانستان الفصل الخامس اميركا تغزو العراق أولا : إستراتيجية الولايات المتحدة ثانيا : وثيقة الأمن القومي الأمريكي 2006 ثالثا: من أفغانستان إلى العراق بذريعة الحرب ضد الإرهاب ثالثا: من أفغانستان إلى العراق بذريعة الحرب ضد الإرهاب خامسا : 11 أيلول / سبتمبر والحرب ضد الإرهاب بغزو العراق سادسا: العقيدة العسكرية الأمريكية والهدف الحقيقي للحرب سابعا : رائحة النفط قي الاتفاقية العراقية الأمريكية ثامنا:اعادة التموضع الأمريكي في العراق الفصل السادس الاستراتيجيات الأمريكية - الإسرائيلية والعدوان على لبنان اولا: الأبعاد القانونية والسياسية للقانون الأمريكي لتحرير لبنان وسوريا ثانيا: الولايات المتحدة وإسرائيل والشرق الأوسط الكبير ثالثا: خريطة الشرق الأوسط الكبير - الجديد الفصل السابع العدوان الاسرائيلي على لبنان / تموز 2006 القسم الاول العدوان والهزيمة ثانيا :الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في حروبها مع العرب ثالثا: الهزيمة تغيِّر استراتيجيات وعقائد عسكرية إسرائيلية رابعا : في أسباب الفشل العسكري خلال العدوان القسم الثاني الحصار والقرار 1701 واليونيفل المعززة أولا: التكييف القانوني للحصار في القانون الدولي ثانيا: خلفيات وأبعاد القرار 1701 رابعا : قواعد الاشتباك بين قوة اليونيفيل المعززة وغيرها القسم الثالث الهزيمة بعيون إسرائيلية أولا:خلفية العدوان ثانيا التراجع عن الأهداف المعلنة ثالثا :الإقرار بالفشل رابعا: والهزيمة الإعلامية خامسا : وتحقيقات تقر بالفشل والهزيمة سادسا : تقرير لجنة فينوغراد الفصل الثامن محرقة غزة وآثارها القانونية اولا: انتهاكات اسرائيل للاتفاقيات الدولية ثانيا: منظمات حقوق الانسان وكيفية التعامل ثالثا: ازدواجية المعايير في التعاطي مع المجازر رابعا: ضرزرة توثيق الجرائم وسبل مقاضاة اسرائيل خامسا: القرار 1860 وخلفياته القانونية والسياسية سادسا : الاهداف الاسرائيلية غير المعلنة من محرقة غزة الفصل التاسع الغرب ولصق الارهاب بالإسلام أولاً : النظرة الغربية لربط الإرهاب بالإسلام والعرب ثانياً :حرب الأفكار ثالثاً: حكم الإرهاب في الإسلام رابعاً : الخطاب الديني المصحح لمفهوم الإرهاب خامساً: العودة إلى تعريف الإرهاب سادساً : تعميم الإرهاب سابعاً : اصطدام العولمة بالفهم الإسلامي الفصل العاشر نتائج الحرب على الإرهاب وآثارها أولاً :آثار حربّي أفغانستان والعراق على منطقة الخليج ثانياً :الإرهاب وإقامة نظام أمني خليجي مشترك ثالثاً: شبكات الإرهاب وتداعياتها الإقليمية والدولية رابعاً: تداعيات الحرب على الشرعية الدولية خامساً : تأثير الحرب على الاقتصاد العالمي سادسا : تداعيات الحرب على الشرق الأوسط سابعاً : أثر الإرهاب في الوطن العربي ثامناً:الوجود الأجنبي الكثيف في المنطقة تاسعاً : التوازن الإقليمي والخريطة السياسية الإقليمية عاشراً:الخريطة السياسية لمنطقة جنوبي ووسط آسيا حادي عشر: تحوّلات ميزان القوى الإقليمية بعد غزو العراق ثاني عشر - مستقبل النظام الإقليمي العربي ثالث عشر : حاضر ومستقبل الحملة الأمريكية ضد الإرهاب الفصل الحادي عشر إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي لمواجهة الإرهاب (2006) أولاً : المحافظون الجدد وتطور الإستراتيجية الأمريكية ثانياً : الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط ثالثاً :الإستراتيجية الأمنية الأمريكية 2006 خامساً : تقرير بيكر ـ هاملتون وإعادة تقييم الوضع في العراق سادسا: هل ستتغير السياسة الأميركية في العراق الخاتمة