26‏/05‏/2016

الدستور السوري يلتحق بالعراقي


الدستور السوري يلتحق بالعراقي
د.خليل حسي
أستاذ القانون الدولي والدبلوماسي في الجامعة اللبنانية

       في العام 2005 وفي ظل الاحتلال الأميركي للعراق ، اصدر الحاكم العسكري دستورا غيّر بموجبه معالم النظام، إيديولوجيا وسياسيا،وصولا إلى نظام فدرالي. واليوم وفي ظل حالات شد وجذب دولي وإقليمي، وسط تعثر وقف إطلاق النار وتخفيف وتيرة مؤتمر جنيف،عملت روسيا وبقوة استنادا إلى القرار الدولي 2254 وبتفاهم أميركي، على التوصل إلى مشروع دستور سوري،  فيه الكثير من نزع الايدولوجيا عن نظام الحكم، وتكوين نظام سياسي لا مركزي سياسي، يتجه نحو الفدرلة، عبر إعادة فك وتركيب السلطات الدستورية
     فوفقا للمادة الأولى من مشروع الدستور، باتت تسمية الدولة "الجمهورية السورية"، بعد شطب "العربية". فيما أسقطت المادة الثالثة دين الرئيس ومصدر التشريع أي الإسلام. إلى جانب ذلك، باتت اللغة الكردية لغة رسمية بالمساواة مع اللغة العربية. وفي الجانب اللامركزية السياسية، أنشأت "جمعية المناطق" ، بصلاحية واسعة على حساب مركزية السلطة، على أن يبيّن القانون "وضعية الحكم الذاتي الثقافي الكردي" ، وعلى ان تتولى "جمعية المناطق" السلطة التشريعية إلى جانب "جمعية الشعب" ، كتسمية بديلة عن "مجلس الشعب"، والتي تعقد اجتماعاتها باستقلال عن «مجلس الشعب»، ويجوز لها عقد جلسات عامة للانتخاب والاستماع إلى رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية ، ولها الحق في وضع نظامها الداخلي. وينظم الدستور المقترح ، علاقة المجلسين عبر مواد محدّدة، وفي إحداها تجبر الرئيس التوقيع على أي قانون سبق ورفضه خلال سبعة أيام ، في حال وافقت عليه الجمعيتين المناطق والشعب بأغلبية الثلثين. كما أعطيت لجمعية الشعب حق تعيين المحكمة الدستورية ذلك على حساب الرئيس، كما تمَّ إلغاء نظام الكوتا لجهة تخصيص نصف أعضاء مجلس الشعب وفقا للدستور الحالي، أي من العمال والفلاحين.
       ووفقا لمشروع الدستور الروسي، ينتخب الرئيس لمدة سبع سنوات ولولاية واحدة، لا تجدد إلا بعد مرور ولاية أخرى،  وتشير مادة جديدة أخرى، إلى أنّ الرئيس يتولى "مهمة الوساطة بين سلطات الدولة وبين الدولة والمجتمع"، ولم يشر المشروع على أي سلطات تشريعية للرئيس. ويحقّ للرئيس إعلان التعبئة العامة على أن تطرح على جمعية المناطق للموافقة على إعلانها،كما يحق له إعلان حالة الطوارئ "بالموافقة المسبقة لجمعية المناطق". كما تتولى جمعية المناطق مهمات رئيس الجمهورية في حال الشغور الرئاسي ، أو عجز الرئيس عن تأدية مهماته، بعد إثبات عجز رئيس مجلس الوزراء أيضاً عن ذلك.
        كما أعطي لمجلس الوزراء صلاحيات واسعة على حساب الرئيس مقارنة بالدستور الحالي، فهي تحدد السياسات العامة، على أن تكون مسؤولة سياسيا أمام "جمعية المناطق" ، كما يُعيّن نوابا لرئيس مجلس الوزراء وفقا للأطياف القومية والطائفية في سوريا، ويحق للحكومة، في صلاحيات إضافية عن الدستور الحالي، "عقد معاهدات واتفاقيات تعطي الشركات الأجنبية حقوق الامتياز"، كما يحق لثلث أعضاء "جمعية المناطق" حجب الثقة عن الحكومة مثل «جمعية الشعب». كما لم يذكر المشروع ، أي إشارة لما ذكر في دستور 2012 بأنّ "رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء مسؤولون أمام رئيس الجمهورية"، وأنّ للأخير "الحق في إحالة هؤلاء إلى المحاكمة". وتجرى انتخابات "جمعية المناطق خلال فترة لا تزيد على سنة منذ تبني الدستور" ،  الجديد، الذي يعد نافذاً بعد إجراء استفتاء عليه.
    وفيما يتجه النظام الاقتصادي نحو نظام السوق، عبر عدم التدخل كما كان معتمدا لجهة إتباع نظام الاقتصاد الموجه، يشير المشروع إلى أنّ القوات المسلحة " تحت الرقابة من قبل المجتمع ولا تتدخل في مجال المصالح السياسية ولا تؤدي دوراً في عملية انتقال السلطة" ، وفيما لم تعد الخدمة العسكرية إلزامية ،ثمة إشارات واضحة إلى التعدّدية السياسية لدى الإشارة إلى الجمعيات الاجتماعية المتساوية أمام القانون. كما لحظ المشروع الروسي تعديل القسم الدستوري، ليُسقط مثلاً القسم بلفظ الجلالة، أو أي إشارة  إلى القومية العربية أو الاشتراكية.
       إذن ثمة تعديلات دستورية جوهرية أتت على طبيعة نظام الحكم، وهي تتوافق مع نزوع الواقع العربي الحالي نحو الفدرلة، كما جرى سابقا في العراق واليمن. ربما ثمة ضرورة لإعادة تكوين السلطة في بعض الدول العربية، ومرد ذلك فشل بعض الأنظمة في التعاطي مع بعض الأقليات المتواجدة فيها، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن تُعاقب شعوب ومجتمعات هذه الأنظمة على جرائم لم ترتكبها، كم يحصل اليوم. 

 

من النكبة الى النكبات والمصائب


من النكبة الى النكبات والمصائب
د.خليل حسين
الخليج الاماراتية 25-5-2016

ربما بات ضرورياً إعادة النظر في الكثير من المصطلحات اللغوية العربية المتداولة، من قبيل النكبة، أو النكسة، أو المؤامرة، أو الحراك والتغيير، وغيرها الكثير الكثير مما يخطر، أو لا يخطر على البال، باعتبارها أدوات لغوية ووسائل تعبيرية، لم تعد تُعبر بشكل دقيق عن واقع مرير تعيش فيه الأمة العربية بمجتمعاتها ودولها.
قبل قرن من الزمن كان اتفاق سايكس - بيكو، الذي أرسى بعد سنة قواعده التنفيذية بما يخص فلسطين، عبْر وعد بلفور، أطلق على تلك البيئة مؤامرة لتقسيم الوطن العربي بين فرنسا وبريطانيا، وبصرف النظر عن دقة التوصيف والغرق في تفاصيله، يبدو أننا نحن العرب نعيد بعد قرن من الزمن التجربة نفسها، اليوم ثمة تداول مكثف لمصطلح اجتماع لافروف - كيري على سبيل المثال لا الحصر، للإيحاء بإمكانية اتفاق ما في السر على مصير المنطقة العربية، وبصرف النظر عن دقة التوصيف أيضاً، فهو يُعبر بشكل أو بآخر، عن سلوك نمطي تمّ التعود عليه، وبالتالي أصبحنا أسرى أنماط معينة من التفكير، الذي يتجاوز المصطلحات والتعابير اللغوية، لتشكِّل حالة من الهواجس، وهي بطبيعة الأمر مبررة، فلماذا كل ذلك؟
في الواقع أن في التدقيق في حال الأمة العربية وأوضاعها منذ قرن من الزمن، لا نجد سوى الهزائم ضد أعداء الخارج، تقابلها انتصارات وهمية لا معنى لها هنا أو هناك، كمثل نكبة فلسطين في العام 1948 التي استتبعت بمعارك وحروب عربية - «إسرائيلية»، ورغم بعض مظاهر الانتصارات لم تتم استثمارها، فغالباً ما تحولت الانتصارات العسكرية المتواضعة، إلى خسائر مباشرة في السياسة وغيرها.
والأمر عينه ينطبق مثلاً على النكسة العربية في العدوان «الإسرائيلي» العام 1967، حيث استتبعت باللاءات الثلاث وبحرب 1973، ورغم هزيمة «إسرائيل» في تلك الحرب، تحولت تداعياتها إلى انتصارات «إسرائيلية» موصوفة عبر «كامب ديفيد»، ومن بعدها الكثير من المحطات الفرعية كاجتياح لبنان 1982 والعدوان على لبنان في الأعوام 1993 و1996 و2006، والعدوان على غزة 2008 و2012، وما ينتظرنا حالياً في هذا الصيف الملتهب.
ولم يعد أمر النكبات والنكسات والمؤامرات مقتصراً على معاركنا الخارجية، بل شملت أيضاً أوضاع مجتمعاتنا ودولنا، وما يستعمل فيها من مصطلحات، كالثورات والحراك والإصلاح والتغيير، وغيرها.
أليست جميعها نكبات متتالية من العيار الثقيل، أو بالأحرى مصائب موصوفة، تنزل بمجتمعاتنا يومياً، من العام 2010 بدء الحراك العربي. أين أصبحنا اليوم، أليس ثمة من ينادي ويطالب بإعادة تثبيت خرائط سايس - بيكو خوفاً من اتفاق كيري - لافروف، وكما نسميه في عقلنا الباطني مؤامرة روسية - أمريكية لتقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ، وهي حالة ترقى بحد ذاتها إلى نمط تفكيري غريب عجيب؟
والأمر عينه، ينسحب أيضاً على سلوكات التكفير والإرهاب المستشري في أوطاننا ومجتمعاتنا، وما استتبع من اقتتال وتدمير طال البشر والحجر، أليست أوضاعاً كارثية؟ ألم نعد قروناً إلى الوراء، وأين نحن اليوم من النكبات والنكسات والمؤامرات؟
ببساطة لم تعد مصطلحات اللغة العربية المشهود لها باشتقاقاتها اللغوية، قادرة على توصيف الواقع المزري الذي نعيش فيه، ذلك لا يعني إلا شيئاً واحداً، نحن بحاجة إلى إعادة بنيان فكري مجتمعي، قادر على فهم مستلزمات التحول والتغيير بالقدر الذي تحتاجه أمة، كانت يوماً منارة للثقافات والحضارات في غير مكان من العالم.
باختصار شديد، نحن نعيش حالات نكبات ونكسات بعروض متتالية وتكاد لا تنتهي مآسيها وتداعياتها، حتى يمكن القول، إن التعبير عنها باتت تشكل نكبة بحد ذاتها، وهنا تكمن الطامة الكبرى. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/0271f662-6828-4a36-9640-9d932d2b8c36#sthash.QXZcwEa5.dpuf

09‏/05‏/2016

تأثير الصعود الصيني في مستقبل الهيمنة الأميركية على القارة الأسيوية

الطالب منتصر الرفاعي
تأثير الصعود الصيني في مستقبل الهيمنة الأميركية على القارة الأسيوية
دكتوراه في العلوم السياسية
 
ناقش الطالب منتصر الرفاعي، أطروحته المعنونة:" تأثير الصعود الصيني في مستقبل الهيمنة الاميركية على القارة الأسيوية" بتاريخ 21-1-2016 أمام اللجنة المكونة من الدكاترة ، خليل حسين وعمر حوري وكميل حبيب وجورج عرموني وسناء حمودي ، وجهت للإطروحة العديد من الأسئلة، أجاب الطالب عنها بموضوعية وبسياق أكاديمي وعلمي مميز. وبعد المناقشة والمداولة منحت اللجنة الطالب درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير ممتاز.

بيروت: 21-1- 2016                                                   أ.د.خليل حسين

 
     تكمن أهمية الدراسة في تناولها لموضوع بالغ الأهمية، وهو المتغيرات الحاصلة في خارطة العلاقات السياسية الدولية، وما ترتّب عليها من تداعيات، إذ أن دولاً كثيرة ومن جملتها الصين، وبسبب الكثير من العوامل، سواءً أكانت داخلية أم خارجية، يمكن أن تعد من أبرز الدول الصاعدة إن لم تكن الأكبر على الإطلاق، كما تكمن الأهمية العلمية لهذه الدراسة أساسا، في تناولها لحقل مهم من حقول الدراسات الإستراتيجية المعاصرة، وبخاصة ما يتعلق بالنقاش الأكاديمي والسياسي حول موضوع الهيمنة في إطار التفكير الإستراتيجي الأمريكي، لجهة المكانة والأهمية التي تمثله الهيمنة في أولويات وأهداف ذلك التفكير، وتتبع مسارات تطوره وتكيّفه مع المتغيرات الدولية في سياق الهيمنة؛ والكيفية المتبعة في التعبير عن التفكير الإستراتيجي الأمريكي عن تلك الغاية وسبل تحقيقها، ومن ثم أساليب ووسائل ديمومتها لأطول مدة ممكنة.
   وبحسب رأي الطالب تكمن الأهمية أيضا، في كون هذه الدراسة أتت في وقت تواجه فيه الهيمنة الأمريكية تحدّيات وعقبات متتالية، في ظل واقع يشتمل على إخفاقات وتراجعات كثيرة، بعد سلسلة من الحروب والتدخلات العسكرية في مناطق حيوية من العالم، حتى بدأ التساؤل يظهر بجدية وقوة، حول مدى حقيقة كون الولايات المتحدة الأمريكية قوة مهيمنة، ومن ثم مدى حقيقة وجود رؤية إستراتجية متناسقة وشاملة للهيمنة في ضوء التبدّل والتنّوع في الإستراتيجيات الأمريكية المتبعة من إدارة إلى أخرى، كما تكمن أهمية هذه الدراسة في تكوين رؤية مستقبلية للهيمنة الأمريكية، بناءً على معدلات النمو الصينية العالية جداً، فضلاً عن نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري المتعاظم حول العالم، والمخاوف الدولية من ظهور قوى كبرى جديدة على المسرح العالمي، تؤدي إلى إثارة عدم الاستقرار العالمي، إذ أن الدروس المستقاة من التاريخ تربط بصورة صحيحة بين كل إضافة جديدة إلى صفوف القوى الكبرى، وظهور الفوضى في النظام الدولي منذ الحرب البيلوبونزية قبل ألفي عام، وصولاً الى صعود ألمانيا في القرن الماضي. 
    فضلاً عن ذلك، فإن أهمية هذه الدراسة تتأتى من خلال تناولها للجدل الأكاديمي القائم حول صعود الصين، ووقوفها على حجم القوة الصينية النامية التي هزت أركان النظام الدولي، وقراءة توجهها المستقبلي على الصعيدين الإقليمي والدول
    تنطلق إشكالية الدراسة وتتمحور حول الدور الصيني في النظامين الإقليمي والدولي، لجهة عاملي الاستمرار والتغيّر، فالصين دولة استقطبت أنظار العالم بسرعة نموها وازدهار صناعتها وغزوها للفضاء وتطور ترسانتها العسكرية، فضلاً عن ودورها السياسي الجديد من خلال دبلوماسية الحضور السياسي في التدخل، لتقديم الحلول حول مشاكل النظام الدولي بشكل عام والنظام الإقليمي بشكل خاص، فبعد أن كانت بريطانيا واليابان في القرون الماضية، والولايات المتحدة الأمريكية في بداية القرن العشرين تجوب أساطيلهم في المحيط الهندي وتهيمن على سياسات دول آسيا، أصبح هناك عملاق جديد يجب استشارته أو على أقل تقدير عدم تجاهله، خصوصا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، كما تنطلق الإشكالية من محاولة معالجة الجدل الكبير الذي يدور حول توقعات التحاق الصين بركب الولايات المتحدة الأمريكية، وزعزعة هيمنتها وتحدّيها في نطاق القارة الآسيوية بشكل خاص والعالم بشكل عام.
      منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، بدأت الصين تأخذ طريقها جدّياً نحو تبوء مكانة عالمية متميّزة، لذلك تزايدت الشكوك وتعاظمت الريبة حول نتائج وتداعيات تلك المكانة، فمن أهم المشكلات التي أصبحت تثيرها قضية الصعود الصيني هي مسألة الهيمنة الأمريكية، وقد صار هذا الاحتمال هاجساً قوياً يقضُّ مضاجع الساسة في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل عام، والعالم الغربي والآسيوي بشكل خاص، لذا لم يكن غريبًا، أن يندفع قسم كبير من الباحثين والأكاديميين في هذه الأجزاء من العالم، لا سيما هذه الدراسة، لتقصي ومراقبة السلوكيات الصينية الخارجية في محاولة لاستنتاج توجهاتها في هذا الشأن، كما تهدف هذه الدراسة إلى تقييم قدرات الصين المتنامية ونواياها المستقبلية، وعرض الجدل حول تأثير هذا الصعود في القارة الآسيوية والنظام الدولي، وتهدف الدراسة أيضا إلى تسليط الضوء على مسار العلاقات الصينية الآسيوية والدولية وتطورها وتعاظم دورها في مجال الاستثمارات الاقتصادية، والسياسية والعسكرية، كما تهدف الدراسة إلى استشراف مستقبل الهيمنة الأمريكية في النظام الدولي.
   تنطلق الدراسة من فرضية مؤداها، أن مستقبل النظام الدولي هو رهينة امتلاك القوى الدولية الصاعدة، كل مقومات القوة مجتمعة، إذ أن الارتقاء بمقوِّم على حساب آخر، لن يكون له تأثير فاعل في هرمية النظام الدولي، كما تسعى هذه الدراسة إلى إثبات فرضية مؤداها أن انتهاج الصين لسياسات الإصلاح والانفتاح الاقتصاديين- إدراكا منها لأهمية العامل الاقتصادي في تكوين قوة الدولة- أدّى إلى أن تحقق الصين معدلات نمو متسارعة كان لها بالغ الأثر في تحفيز النمو الإقليمي والعالمي، مما جعل الصين تحتل مراتب متقدمة في سلم الاقتصاد العالمي، وللبرهنة على فرضية هذه الدراسة نطرح تساؤلات أساسية من بينها: 
1-   ما المقصود بالهيمنة وما هي مراحلها ووسائلها؟
2-  أين تكمن قوة الصين كدولة صاعدة؟
3-  ما هي المبادئ التي تستند عليها الصين في المجالات المختلفة لصعودها؟
4-  ما هو الثابت والمستقر في النظام السياسي الصيني؟
5-  ما هي أبرز المقومات التي تجعل من الصين دولة صاعدة؟
6-  ما هو الدور المنشود للصين في القارة الأسيوية مستقبلاً؟
7-  ما هي الآفاق المستقبلية للهيمنة الأمريكية وتداعياتها على النظام الدولي؟
      اعتمدت هذه الدراسة على عدد من المناهج العلمية، منها المنهج التحليلي الذي يُعد من أكثر المناهج العلمية ملاءمة لهذه الدراسة، باعتباره يقوم بالغوص في آثار الصعود الصيني وآلية عمل النظامين السياسي والاقتصادي الصيني، وتوضيح مقوماته، ذلك بالتطرق إلى القواعد والأسس التي قام عليها ذلك الاقتصاد، وتحقيقه تلك الطفرات في النمو الاقتصادي وبالمكانة الدولية للصين. كما استندت الدراسة على المنهج الوصفي في بعض مواقع الأطروحة،  ذلك في معرض وصف مظاهر الهيمنة الأميركية ووسائلها. كما اعتمدت الدراسة أيضا المنهج التاريخي لتوضيح المراحل التاريخية لتطور الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي، فضلاً عن تسليط الضوء على الإطار التاريخي للصين، كما اعتمدت الدراسة على المنهج المقارن من خلال الوقوف على المتغيرات الحاصلة في مقومات القوة الصينية خلال العقدين السابقين، فضلا عن الوقوف على مسألة تآكل الفجوة بين القوة الصينية ونظيرتها الأمريكية، كما لجأ الطالب إلى الاستشراف الاحتمالي وهو منهج صريح لبيان الآفاق المستقبلية للهيمنة الأمريكية في ظل القوى الدولية الصاعدة، وبخاصة الصين على النظامين الإقليمي الآسيوي والدولي.
    استناداً إلى منطلقات ومدركات الفرضية والإشكالية التي تمَّ صياغتها ، قصم الطالب هيكل الدراسة على بابين، وتضمن كل باب فصلين، وسبقهما مقدمة وفصل تمهيدي. وانتهت الدراسة بخاتمة تضمنت الاستنتاجات التي تم التوصل إليها، إضافة إلى المقترحات، علاوة على لائحة المراجع وفهرست الأطروحة.
    جاء الفصل التمهيدي ليوضح مفهوم الهيمنة الأمريكية، من خلال مبحثين رئيسيين، اختص الأول بدراسة مراحل الهيمنة الأمريكية، إبان الحرب العالمية الأولى والثانية والتي عرفت بالهيمنة (التقليدية)، وفي مرحلتي انهيار الاتحاد السوفيتي، وما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر العام 2001، التي عرفت أيضا بالهيمنة (في مرحلة ما بعد الحرب الباردة)، واختص المبحث الثاني بدراسة أهم الوسائل التي مكنت الولايات المتحدة الأمريكية من الهيمنة على النظام الدولي.
     أما الباب الأول ، تناول المكانة الدولية للصين من خلال فصلين، ركز الفصل الأول على الإطار التاريخي والجغرافي للصين ومراحل وأسباب صعودها في سلم الهرم الدولي، من خلال مبحثين، تناول الأول العهدين الإمبراطوري والجمهوري، فضلا عن موقع ومساحة وتضاريس الصين، أما الثاني فتناول الإصلاح والانفتاح في عهد الرئيسين الصينيين السابقين (ماو تسي تونغ، ودنغ شياو بينغ).
     وعرض الفصل الثاني من الباب الأول من هذه الدراسة، مقومات قوة الصين الشاملة، وقد أمتاز هذا الفصل بالتفصيل في إعطاء الأرقام والنسب التي أصبحت عليها قوة الصين الاقتصادية والسياسية الذاتية منها والمكتسبة، فضلاً عن المقومات العسكرية التقليدية والنووية والتكنولوجية والثقافية، التي أصبحت مصدراً أكثر أهمية في التماسك الوطني والإبداع وعاملاً من عوامل القوة.
     فيما اشتمل الباب الثاني على فصلين رئيسيين ، سلط الضوء فيهما على تعاظم الدور الصيني ومستقبل الهيمنة الأمريكية، وغاص الفصل الأول في تعاظم الدور الصيني في البيئتين الإقليمية والدولية، وأحاط المبحث الأول بتعاظم الدور الصيني في البيئة الإقليمية على مجمل التطورات الحاصلة في العلاقات الصينية الإقليمية، والمتمثلة بدول شمال وشمال شرق آسيا وجنوب وجنوب شرق آسيا، بينما تضمن المبحث الثاني البيئة الدولية، وذهب إلى توضيح تطور العلاقات الصينية الشرق أوسطية، والعلاقات الصينية - الأمريكية والعلاقات الصينية - الأفريقية والأوروبية واللاتينية.
     وعالج الفصل الأخير، محاولة استشراف مستقبل الهيمنة الأمريكية، إذ تناول مجمل الأسانيد الفكرية والموضوعية للفريقين المؤيد والمعارض لانحسار الهيمنة الأمريكية أو استمرارها، فذهب المبحث الأول إلى استشراف الهيمنة الأمريكية في المستقبل، وفي تدعيم الأسانيد المادية والموضوعية الداخلية والخارجية التي تذهب جميعها إلى الإقرار بحتمية تراجع الهيمنة الأمريكية إن عاجلاً أم أجلاً، بينما ذهب المبحث الثاني، لإبطال حجج وأسانيد مشهد التراجع الأمريكي، مستندين إلى جملة من الإجراءات والإصلاحات التي طرأت على إستراتيجية الأمن القومي في الآونة الأخيرة، لا سيما في ظل إدارة الرئيس الأمريكي (بارك أوباما)، والمتمثلة في تجديد الفكر الاستراتيجي الأمريكي، وتفعيل إستراتيجية القوة الذكية، فضلا عن احتواء وتطويق القوى الدولية الصاعدة، وبخاصة الصين.
    وخلصت الدراسة إلى خاتمة، اشتملت على جملة من الاستنتاجات والمقترحات التي توصّلت إليها هذه الدراسة.
          يسجل للأطروحة التالي:
أولا: في الشكل:
1.     جاء التقسيم الثنائي للأطروحة موفقا ومتلائما مع طبيعة الموضوع ووسائل البحث المفترضة.
2.    ثمة توازن بين البابين والفصول والمباحث والمطالب.
3.    خلت الأطروحة من الأغلاط المطبعية واللغوية.
4.    التوثيق والهوامش جيدة جدا، وطرق الإسناد إلى المعلومات واضحة.
5.    اللافت في الأطروحة المراجع والمصادر الحديثة التي تضمنت لوائح حتى العام 2016.
ثانيا:  في المضمون:
1.    جاء اختيار الموضوع موفقا في مرحلة تمر فيها الولايات المتحدة الأميركية بأزمة خفوت السيطرة على النظام العالمي، وهذا ما تم التعبير عنه بشكل واضح في معظم مراحل الأطروحة وأقسامها.
2.    كما أتى عنوان الأطروحة والعناوين الأساسية والفرعية متطابقة مع المضمون ومتفقة في الإطار العام لسياق الأطروحة.
3.    المنهجية والفرضيات التي تمت صياغتهما، كانتا واضحتين، وأدتا الدور المفترض لانجاز كتابة الأطروحة.
4.    الاستنتاجات والمقترحات التي تم التوصل إليها كانت واضحة وتعبّر عن استيعاب الطالبة لدقائق الأمور في الأطروحة.
5.    استعمل الطالب مروحة واسعة من المراجع العربية والأجنبية المهمة والحديثة ذات الصلة بموضوع الأطروحة.
6.    استند الطالب إلى جداول إحصائية جيدة ومعبرة عما توصلت إليه الطالب من استنتاجات ومقترحات.،
7.     الأبرز في الأطروحة محاولته تقديم جديد في الأطروحة
      ناقش الطالب منتصر الرفاعي، أطروحته المعنونة:" تأثير الصعود الصيني في مستقبل الهيمنة الاميركية على القارة الأسيوية" بتاريخ 21-1-2016 أمام اللجنة المكونة من الدكاترة ، خليل حسين وعمر حوري وكميل حبيب وجورج عرموني وسناء حمودي ، وجهت للإطروحة العديد من الأسئلة، أجاب الطالب عنها بموضوعية وبسياق أكاديمي وعلمي مميز. وبعد المناقشة والمداولة منحت اللجنة الطالب درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير ممتاز.
بيروت: 21-1- 2016                                                   أ.د.خليل حسين

تقرير حول أطروحة الطالب منتصر الرفاعي

تأثير الصعود الصيني في مستقبل الهيمنة الأميركية على القارة الأسيوية

لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية

 

     تكمن أهمية الدراسة في تناولها لموضوع بالغ الأهمية، وهو المتغيرات الحاصلة في خارطة العلاقات السياسية الدولية، وما ترتّب عليها من تداعيات، إذ أن دولاً كثيرة ومن جملتها الصين، وبسبب الكثير من العوامل، سواءً أكانت داخلية أم خارجية، يمكن أن تعد من أبرز الدول الصاعدة إن لم تكن الأكبر على الإطلاق، كما تكمن الأهمية العلمية لهذه الدراسة أساسا، في تناولها لحقل مهم من حقول الدراسات الإستراتيجية المعاصرة، وبخاصة ما يتعلق بالنقاش الأكاديمي والسياسي حول موضوع الهيمنة في إطار التفكير الإستراتيجي الأمريكي، لجهة المكانة والأهمية التي تمثله الهيمنة في أولويات وأهداف ذلك التفكير، وتتبع مسارات تطوره وتكيّفه مع المتغيرات الدولية في سياق الهيمنة؛ والكيفية المتبعة في التعبير عن التفكير الإستراتيجي الأمريكي عن تلك الغاية وسبل تحقيقها، ومن ثم أساليب ووسائل ديمومتها لأطول مدة ممكنة.

   وبحسب رأي الطالب تكمن الأهمية أيضا، في كون هذه الدراسة أتت في وقت تواجه فيه الهيمنة الأمريكية تحدّيات وعقبات متتالية، في ظل واقع يشتمل على إخفاقات وتراجعات كثيرة، بعد سلسلة من الحروب والتدخلات العسكرية في مناطق حيوية من العالم، حتى بدأ التساؤل يظهر بجدية وقوة، حول مدى حقيقة كون الولايات المتحدة الأمريكية قوة مهيمنة، ومن ثم مدى حقيقة وجود رؤية إستراتجية متناسقة وشاملة للهيمنة في ضوء التبدّل والتنّوع في الإستراتيجيات الأمريكية المتبعة من إدارة إلى أخرى، كما تكمن أهمية هذه الدراسة في تكوين رؤية مستقبلية للهيمنة الأمريكية، بناءً على معدلات النمو الصينية العالية جداً، فضلاً عن نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري المتعاظم حول العالم، والمخاوف الدولية من ظهور قوى كبرى جديدة على المسرح العالمي، تؤدي إلى إثارة عدم الاستقرار العالمي، إذ أن الدروس المستقاة من التاريخ تربط بصورة صحيحة بين كل إضافة جديدة إلى صفوف القوى الكبرى، وظهور الفوضى في النظام الدولي منذ الحرب البيلوبونزية قبل ألفي عام، وصولاً الى صعود ألمانيا في القرن الماضي. 

    فضلاً عن ذلك، فإن أهمية هذه الدراسة تتأتى من خلال تناولها للجدل الأكاديمي القائم حول صعود الصين، ووقوفها على حجم القوة الصينية النامية التي هزت أركان النظام الدولي، وقراءة توجهها المستقبلي على الصعيدين الإقليمي والدولي.

 

    تنطلق إشكالية الدراسة وتتمحور حول الدور الصيني في النظامين الإقليمي والدولي، لجهة عاملي الاستمرار والتغيّر، فالصين دولة استقطبت أنظار العالم بسرعة نموها وازدهار صناعتها وغزوها للفضاء وتطور ترسانتها العسكرية، فضلاً عن ودورها السياسي الجديد من خلال دبلوماسية الحضور السياسي في التدخل، لتقديم الحلول حول مشاكل النظام الدولي بشكل عام والنظام الإقليمي بشكل خاص، فبعد أن كانت بريطانيا واليابان في القرون الماضية، والولايات المتحدة الأمريكية في بداية القرن العشرين تجوب أساطيلهم في المحيط الهندي وتهيمن على سياسات دول آسيا، أصبح هناك عملاق جديد يجب استشارته أو على أقل تقدير عدم تجاهله، خصوصا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، كما تنطلق الإشكالية من محاولة معالجة الجدل الكبير الذي يدور حول توقعات التحاق الصين بركب الولايات المتحدة الأمريكية، وزعزعة هيمنتها وتحدّيها في نطاق القارة الآسيوية بشكل خاص والعالم بشكل عام.

 

      منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، بدأت الصين تأخذ طريقها جدّياً نحو تبوء مكانة عالمية متميّزة، لذلك تزايدت الشكوك وتعاظمت الريبة حول نتائج وتداعيات تلك المكانة، فمن أهم المشكلات التي أصبحت تثيرها قضية الصعود الصيني هي مسألة الهيمنة الأمريكية، وقد صار هذا الاحتمال هاجساً قوياً يقضُّ مضاجع الساسة في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل عام، والعالم الغربي والآسيوي بشكل خاص، لذا لم يكن غريبًا، أن يندفع قسم كبير من الباحثين والأكاديميين في هذه الأجزاء من العالم، لا سيما هذه الدراسة، لتقصي ومراقبة السلوكيات الصينية الخارجية في محاولة لاستنتاج توجهاتها في هذا الشأن، كما تهدف هذه الدراسة إلى تقييم قدرات الصين المتنامية ونواياها المستقبلية، وعرض الجدل حول تأثير هذا الصعود في القارة الآسيوية والنظام الدولي، وتهدف الدراسة أيضا إلى تسليط الضوء على مسار العلاقات الصينية الآسيوية والدولية وتطورها وتعاظم دورها في مجال الاستثمارات الاقتصادية، والسياسية والعسكرية، كما تهدف الدراسة إلى استشراف مستقبل الهيمنة الأمريكية في النظام الدولي.

 

   تنطلق الدراسة من فرضية مؤداها، أن مستقبل النظام الدولي هو رهينة امتلاك القوى الدولية الصاعدة، كل مقومات القوة مجتمعة، إذ أن الارتقاء بمقوِّم على حساب آخر، لن يكون له تأثير فاعل في هرمية النظام الدولي، كما تسعى هذه الدراسة إلى إثبات فرضية مؤداها أن انتهاج الصين لسياسات الإصلاح والانفتاح الاقتصاديين- إدراكا منها لأهمية العامل الاقتصادي في تكوين قوة الدولة- أدّى إلى أن تحقق الصين معدلات نمو متسارعة كان لها بالغ الأثر في تحفيز النمو الإقليمي والعالمي، مما جعل الصين تحتل مراتب متقدمة في سلم الاقتصاد العالمي، وللبرهنة على فرضية هذه الدراسة نطرح تساؤلات أساسية من بينها: 

1-   ما المقصود بالهيمنة وما هي مراحلها ووسائلها؟

2-  أين تكمن قوة الصين كدولة صاعدة؟

3-  ما هي المبادئ التي تستند عليها الصين في المجالات المختلفة لصعودها؟

4-  ما هو الثابت والمستقر في النظام السياسي الصيني؟

5-  ما هي أبرز المقومات التي تجعل من الصين دولة صاعدة؟

6-  ما هو الدور المنشود للصين في القارة الأسيوية مستقبلاً؟

7-  ما هي الآفاق المستقبلية للهيمنة الأمريكية وتداعياتها على النظام الدولي؟

      اعتمدت هذه الدراسة على عدد من المناهج العلمية، منها المنهج التحليلي الذي يُعد من أكثر المناهج العلمية ملاءمة لهذه الدراسة، باعتباره يقوم بالغوص في آثار الصعود الصيني وآلية عمل النظامين السياسي والاقتصادي الصيني، وتوضيح مقوماته، ذلك بالتطرق إلى القواعد والأسس التي قام عليها ذلك الاقتصاد، وتحقيقه تلك الطفرات في النمو الاقتصادي وبالمكانة الدولية للصين. كما استندت الدراسة على المنهج الوصفي في بعض مواقع الأطروحة،  ذلك في معرض وصف مظاهر الهيمنة الأميركية ووسائلها. كما اعتمدت الدراسة أيضا المنهج التاريخي لتوضيح المراحل التاريخية لتطور الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي، فضلاً عن تسليط الضوء على الإطار التاريخي للصين، كما اعتمدت الدراسة على المنهج المقارن من خلال الوقوف على المتغيرات الحاصلة في مقومات القوة الصينية خلال العقدين السابقين، فضلا عن الوقوف على مسألة تآكل الفجوة بين القوة الصينية ونظيرتها الأمريكية، كما لجأ الطالب إلى الاستشراف الاحتمالي وهو منهج صريح لبيان الآفاق المستقبلية للهيمنة الأمريكية في ظل القوى الدولية الصاعدة، وبخاصة الصين على النظامين الإقليمي الآسيوي والدولي.

    استناداً إلى منطلقات ومدركات الفرضية والإشكالية التي تمَّ صياغتها ، قصم الطالب هيكل الدراسة على بابين، وتضمن كل باب فصلين، وسبقهما مقدمة وفصل تمهيدي. وانتهت الدراسة بخاتمة تضمنت الاستنتاجات التي تم التوصل إليها، إضافة إلى المقترحات، علاوة على لائحة المراجع وفهرست الأطروحة.

    جاء الفصل التمهيدي ليوضح مفهوم الهيمنة الأمريكية، من خلال مبحثين رئيسيين، اختص الأول بدراسة مراحل الهيمنة الأمريكية، إبان الحرب العالمية الأولى والثانية والتي عرفت بالهيمنة (التقليدية)، وفي مرحلتي انهيار الاتحاد السوفيتي، وما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر العام 2001، التي عرفت أيضا بالهيمنة (في مرحلة ما بعد الحرب الباردة)، واختص المبحث الثاني بدراسة أهم الوسائل التي مكنت الولايات المتحدة الأمريكية من الهيمنة على النظام الدولي.

     أما الباب الأول ، تناول المكانة الدولية للصين من خلال فصلين، ركز الفصل الأول على الإطار التاريخي والجغرافي للصين ومراحل وأسباب صعودها في سلم الهرم الدولي، من خلال مبحثين، تناول الأول العهدين الإمبراطوري والجمهوري، فضلا عن موقع ومساحة وتضاريس الصين، أما الثاني فتناول الإصلاح والانفتاح في عهد الرئيسين الصينيين السابقين (ماو تسي تونغ، ودنغ شياو بينغ).

     وعرض الفصل الثاني من الباب الأول من هذه الدراسة، مقومات قوة الصين الشاملة، وقد أمتاز هذا الفصل بالتفصيل في إعطاء الأرقام والنسب التي أصبحت عليها قوة الصين الاقتصادية والسياسية الذاتية منها والمكتسبة، فضلاً عن المقومات العسكرية التقليدية والنووية والتكنولوجية والثقافية، التي أصبحت مصدراً أكثر أهمية في التماسك الوطني والإبداع وعاملاً من عوامل القوة.

     فيما اشتمل الباب الثاني على فصلين رئيسيين ، سلط الضوء فيهما على تعاظم الدور الصيني ومستقبل الهيمنة الأمريكية، وغاص الفصل الأول في تعاظم الدور الصيني في البيئتين الإقليمية والدولية، وأحاط المبحث الأول بتعاظم الدور الصيني في البيئة الإقليمية على مجمل التطورات الحاصلة في العلاقات الصينية الإقليمية، والمتمثلة بدول شمال وشمال شرق آسيا وجنوب وجنوب شرق آسيا، بينما تضمن المبحث الثاني البيئة الدولية، وذهب إلى توضيح تطور العلاقات الصينية الشرق أوسطية، والعلاقات الصينية - الأمريكية والعلاقات الصينية - الأفريقية والأوروبية واللاتينية.

     وعالج الفصل الأخير، محاولة استشراف مستقبل الهيمنة الأمريكية، إذ تناول مجمل الأسانيد الفكرية والموضوعية للفريقين المؤيد والمعارض لانحسار الهيمنة الأمريكية أو استمرارها، فذهب المبحث الأول إلى استشراف الهيمنة الأمريكية في المستقبل، وفي تدعيم الأسانيد المادية والموضوعية الداخلية والخارجية التي تذهب جميعها إلى الإقرار بحتمية تراجع الهيمنة الأمريكية إن عاجلاً أم أجلاً، بينما ذهب المبحث الثاني، لإبطال حجج وأسانيد مشهد التراجع الأمريكي، مستندين إلى جملة من الإجراءات والإصلاحات التي طرأت على إستراتيجية الأمن القومي في الآونة الأخيرة، لا سيما في ظل إدارة الرئيس الأمريكي (بارك أوباما)، والمتمثلة في تجديد الفكر الاستراتيجي الأمريكي، وتفعيل إستراتيجية القوة الذكية، فضلا عن احتواء وتطويق القوى الدولية الصاعدة، وبخاصة الصين.

    وخلصت الدراسة إلى خاتمة، اشتملت على جملة من الاستنتاجات والمقترحات التي توصّلت إليها هذه الدراسة.

          يسجل للأطروحة التالي:

أولا: في الشكل:

1.     جاء التقسيم الثنائي للأطروحة موفقا ومتلائما مع طبيعة الموضوع ووسائل البحث المفترضة.

2.    ثمة توازن بين البابين والفصول والمباحث والمطالب.

3.    خلت الأطروحة من الأغلاط المطبعية واللغوية.

4.    التوثيق والهوامش جيدة جدا، وطرق الإسناد إلى المعلومات واضحة.

5.    اللافت في الأطروحة المراجع والمصادر الحديثة التي تضمنت لوائح حتى العام 2016.

ثانيا:  في المضمون:

1.    جاء اختيار الموضوع موفقا في مرحلة تمر فيها الولايات المتحدة الأميركية بأزمة خفوت السيطرة على النظام العالمي، وهذا ما تم التعبير عنه بشكل واضح في معظم مراحل الأطروحة وأقسامها.

2.    كما أتى عنوان الأطروحة والعناوين الأساسية والفرعية متطابقة مع المضمون ومتفقة في الإطار العام لسياق الأطروحة.

3.    المنهجية والفرضيات التي تمت صياغتهما، كانتا واضحتين، وأدتا الدور المفترض لانجاز كتابة الأطروحة.

4.    الاستنتاجات والمقترحات التي تم التوصل إليها كانت واضحة وتعبّر عن استيعاب الطالبة لدقائق الأمور في الأطروحة.

5.    استعمل الطالب مروحة واسعة من المراجع العربية والأجنبية المهمة والحديثة ذات الصلة بموضوع الأطروحة.

6.    استند الطالب إلى جداول إحصائية جيدة ومعبرة عما توصلت إليه الطالب من استنتاجات ومقترحات.،

7.     الأبرز في الأطروحة محاولته تقديم جديد في الأطروحة

      ناقش الطالب منتصر الرفاعي، أطروحته المعنونة:" تأثير الصعود الصيني في مستقبل الهيمنة الاميركية على القارة الأسيوية" بتاريخ 21-1-2016 أمام اللجنة المكونة من الدكاترة ، خليل حسين وعمر حوري وكميل حبيب وجورج عرموني وسناء حمودي ، وجهت للإطروحة العديد من الأسئلة، أجاب الطالب عنها بموضوعية وبسياق أكاديمي وعلمي مميز. وبعد المناقشة والمداولة منحت اللجنة الطالب درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير ممتاز.

بيروت: 21-1- 2016                                                   أ.د.خليل حسين