19‏/02‏/2013

المعلن والمضمر في استقالة البابا


المعلن والمضمر في استقالة البابا
د.خليل حسين
استاذ العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية
نشرت في صحيفة الخليج الاماراتية بتاريخ 19/2/2013

        استقالة البابا بنديكت السادس عشر ليست سابقة بحد ذاتها،بقدر ما هي سابقة في مكانها وزمانها.فقد سبقه اربعة بابوات لذلك القرار،ورغم اختلاف الاسباب في كل حالة ،تبقى الخطوة جريئة بأبعادها وتداعياتها الزمنية والروحية على الكنيسة الكلثوليكية وإتباعها في غير زمان ومكان.
       المعلن في الاستقالة، الوهن والضعف وعدم القدرة على خدمة الرعية، وبصرف النظر عن ثقل العمر المتقدم للبابا ومدى أثره في قواه الجسدية والسلوكية،يبقى امرا من السهل تتبعه والتيقن منه. إلا ان ثمة جوانب أخرى تثير التساؤلات عما يمكن ان يكون وراء الاستقالة المفاجأة والتي يذهب البعض في تفسيرها، إلى ان ثمة استحالة للتكهن بها في سلوك البابا بنديكت السادس عشر ،إلا اذا تم الذهاب بعيدا في التأويل بما هو موجود من وقائع وأسباب مباشرة وغير مباشرة.
        عندما انتخب البابا بنديكت عام 2005 كان يدرك أنه رجل مسن (78 عاما) ويالتالي لن يعمر طويلا ، ومن ثم لم تكن أولوياته كتلك التي يهتم بها رجال السياسة عادة، وبحكم طبعه وسلوكه الاكاديميين بدأ في تلخيص أفكاره في أربع رسائل باباوية هي : عمل الخير والأمل والعدالة الاجتماعية والإيمان. فهل تمكن من ذلك في ثماني سنوات؟ ليس ثمة إشارة واحدة تحكم على ذلك لكن إذا كان قصده إعادة أوروبا والعالم للرب، فذلك لم يتحقق. رغم حراكه الديني واللاهوتي في غير بقعة من العالم،وبخاصة ما قام به في المشرق العربي وبصماته الواضحة في اعادة ثقة مسيحيي الشرق بمركزهم وامتيازاتهم وقدراتهم.
        ثمة مشاكل كثيرة عاصرت البابا في ولايته، كفضائح الفساد والاعتداءات الجنسية والصراع على السلطة والخلافات حول "عقيدة الإيمان"، وربما كانت هذه المشاكل ألقت بثقلها على البابا بحيث لم يعد قادراً على إدارة الحكم بنفس النهج الذي اتبعه حتى الآن.
      وفي المقابل ثمة وقائع أخرى مغايرة للأسباب السالفة الذكر،من بينها عدم مواكبة الكنيسة للعصر الحديث،فمنذ تسلم البابا منصبه عام 2005 أصبحت الكنيسة أكثر تزمتاً، وخاصة فيما يتعلق بفرضية الحقيقة الحصرية الصالحة لكل زمان ومكان كمعيار عالمي.وهذه الفرضية خلفت اعتراضات كثيرة في كنيسة روما باعتبارها تصر على أن المبادئ والقيم الكاثوليكية غير قابلة للنقاش ، وتنطبق على كافة المجتمعات والسياسات. ما ادى الى انغلاق الكنيسة تجاه العالم الآخر والحوار مع الديانات الأخرى.
     وثمة رأي شائع في الاوسط الكنسية ، إن بنديكت السادس عشر انتخب لتعزيز باباوية البابا يوحنا بولس الثاني التي استمرت 27 عاما، للخير أو الشر. وهذا ما حاول القيام به. فبابوية بنديكت كانت لاهوتيا وسياسيا وتنظيميا تعتبر استمرارا لتلك التي للبابا يوحنا بولس الثاني، بكل مزاياها وعيوبها. وميزتها الرئيسة أنها كانت ليبرالية ووسطية في سياساتها الاجتماعية، وغالبا ما كانت أيضا صريحة بشأن استخدام القوة في القضايا الدولية.أما عيوبها فتظهر في عدم القدرة على إعادة النظر في المذاهب الأخلاقية وموقفها الثابت من الشذوذ الجنسي والعزوبة والإجهاض وتحديد النسل التي تراود العقل الباطني للمجتمعات الغربية وبخاصة الأوروبية ، ما ادى بدوره الى تباين شديد في هذه المسائل بين رجال الدين والعلمانيين ، ما أدى بدوره الى غربة جماعية لهذه المجتمعات عن واقعها الديني. اضافة الى ذلك كان الانهيار في تعيين الكهنوت، الذي ادى بدوره أيضا الى الاتيان بقساوسة من آسيا وأفريقيا إلى اوروبا مع وجود  كم واضح من الفوارق الثقافية.
      استقالة البابا التي اعتبرت بنظر الكثيرين مفاجئة ، فيها القليل من المعلن والكثير من المضمر، وبصرف النظر عن هذه او تلك، فيها الكثير من العِبر التي ينبغي الاستفادة منها، ابرزها الجرأة في الاعتراف بواقع الأمور اولا،  ومحاولة افساح المجال للغير بهدف تقديم الجديد لإصلاح الواقع الموجود ثانيا.والعبرة الأهم في ذلك ان نحاول نحن العرب استنساخها على واقعنا حيث الزعامات باقية ما بقيت حية، فهل ستتغلغل هذه الواقعة الى عقولنا الباطنية ولو بصمت وتريح شعوبا ومجتمعات دفعت الكثير؟ انه سؤال محرج لكن الجرأة هي بالإجابة عنه عند البعض!

 

14‏/02‏/2013

دبلوماسية قمة مؤتمر التعاون الاسلامي


دبلوماسية قمة مؤتمر التعاون الاسلامي
د.خليل حسين
استاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
بيروت: 7/2/2013
نشرت في  صحيفة الخليج الاماراتية بتاريخ 14/2/2013


 
 
     
        كان من المفترض ان يكون اجتماع قمة التعاون الاسلامي الثاني عشر الذي عقد في القاهرة مؤخرا مغايرا لما سبقه،اقله في بعض القضايا ذات الخصوصية والمتعلقة بالدول الاسلامية العربية تحديدا. ففي قراءة اولية للبيان الختامي الصادر عن القمة ، يظهر بأنه استنساخ للقمم التي سبقت مع اختلاف طفيف بالتواريخ والأسماء وبعض القضايا،على الرغم من بروز وقائع لبعض القضايا تستدعي مواقف وأفعال جريئة لما لتداعياتها من اخطار على مجمل الواقع العربي والإسلامي في المنطقة.
       فالمؤتمر كان أشبه بدبلوماسية تحسين بعض العلاقات البينية وبخاصة بين الدول المحورية كإيران ومصر وتركيا والسعودية، واذا كان المؤتمر قد اعطى اولوية لبعض القضايا ، فقد تمَّ ذلك من خلال ابراز قدرة هذه الدول في الحل والربط والاستفادة منها في تحسين شروط الحضور الاقليمي،باختصار كانت حفلة مباريات لم تقدم حلولا للمشاكل ولا مهدت لتسويات لبعضها. بل حاولت ترسيخ صور نمطية للقدرات والطاقات غير المستفاد منها عمليا.
        في الازمة السورية، كرر البيان ضرورة العمل على وضع حد لمأساة الشعب السوري وتأكيد الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا ، وتأكيد الحوار بين الأطراف السورية، كما دعا مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته بشأن الوضع في سوريا. وفي الواقع تعكس هذه الدعوات مدى الانقسام الحاصل حول الازمة وطبيعتها وبالتالي وسائل حلها. وان ثقل الموضوع قد طرح اساسا في الاجتماع الثلاثي المصري الايراني التركي على هامش القمة، والذي أفضى بدوره الى هذا المستوى غير المناسب مع تداعيات الازمة السورية واستمرارها. اضافة الى ذلك ثمة نوع من الاعتراف بعدم القدرة حتى الآن الولوج في اطر تسووية طالما لجأ البيان الى الاستعانة بمجلس الامن ودوله للتدخل من باب تخفيف المعاناة ليس إلا.
         جانب آخر متعلق بالقضايا المركزية العربية والإسلامية لم يأخذ الحيز العملي المطلوب،لجهة فلسطين والقدس تحديدا. ففي الوقت الذي كان قادة الدول الاسلامية يجتمعون ويتداولون،كانت إسرائيل تروّج لفيلم دعائي حول هدم مسجد الأقصى وبناء هيكل سليمان المزعوم. فهل الدعوة للدول المانحة للشعب الفلسطيني كافية لدرء مخاطر التهويد الجارية في القدس والأراضي الفلسطينية الأخرى ، وما هي سبل وآليات اقامة شبكة امان اسلامية التي اقرت في المؤتمر؟ لقد مضى على فكرة انشاء المنظمة الاسلامية ما يربو على اربغة وأربعين عاما حين تم احراق المسجد الاقصى بدم بارد من قبل متطرف يهودي مايكل روهان في آب 1969، حيث كان مبدأ انشائها في الاساس حماية المسجد، فيما معالم القدس قد تغيرت فعلا دون التمكن من ايقافها.
        وكيف يمكن مواجهة قضية الاسلاموفوبيا بذريعة حرية الرأي والتعبير ،هل بالتمنيات،ام بإيجاد آليات عملية لذلك، لقد مرّت عشرات المناسبات التي تم فيها التطاول على المقدسات الاسلامية وظهر فيها عشرات القرارات والمواقف،فهل توقفت، ذلك يعني وجوب ابتداع وسائل وآليات ناجعة  تردع من يُدبر لها ويقوم بها.
        لقد انطلقت المنظمة في العام 1969 كفكرة مؤتمر،وتحوّلت مؤخرا الى منظمة للتعاون الإسلامي ، وهي من حيث المبدأ شرط ضروري ولازم للتصدي للتحديات الكثيرة التي واجهت وتواجه الامة الاسلامية ماضيا وحاضرا وبالتأكيد مستقبلا. لكن التدقيق في مفاصل عمل المنظمة وما آلت اليه اوضاعها لا تشجع على الرؤية الوردية لمستقبل المنظمة ووسائل عملها.فقد عصفت الكثير من الخلافات بين اقطابها،ووصل الأمر ببعضها الى مستوى النزاعات المسلحة والحروب التي كلفت  ملايين المسلمين وآلاف المليارات من الدولارات، فهل يكفي اقرار المساعدات وتقديم العون لبعض دولها  ومجتمعاتها الغاء سمة المنظمة او الجمعية الخيرية عنها ؟ ثمة ضرورة لأن تكون هذه المنظمة فاعلة بمستوى الطاقات والإمكانات المتوفرة لمعظم دولها، بعد معاناة احاطت بشعوبها لعقود خلت.
       لقد تمكنت الكثير من المنظمات القارية والعالمية من إثبات وجودها على المستويين الاقليمي والدولي، ودفعت بأعضائها الى واجهة الدول المؤثرة والفاعلة، فهل ستتمكن منظمة التعاون الاسلامي من فعل ذلك؟ الامر مرهون بأنفسنا قبل أي أمر آخر!

05‏/02‏/2013

عوامل الصراعات الداخلية في الوطن العربي


عوامل الصراعات الداخلية في الوطن العربي
د.خليل حسين

استاذ العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية

نشرت في صحيفة الخليج الاماراتية بتاريخ 5/2/2013

       تعتبر الصراعات الأهلية العربية ذات طبيعة مركبة فهي ذات طبيعة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ودينية، بأبعاد داخلية وخارجية، وكذلك ذات امتدادات تاريخية .ومن هنا فإن أسباب ومحركات الصراعات الداخلية العربية تداخلت مع هذه الطبيعة المركبة بكل جوانبها وأبعادها. ورغم ان هذه المسألة ليست عربية المنشأ في الأساس، إلا ان ثمة عوامل عدة كرّست وافعا مربكا ومخيفا في آن.

     اولى العوامل تكمن في ازمة شرعية السلطة السياسية الحاكمة في الوطن العربي، إذ أن غالبية الأنظمة لم تصل إلى السلطة بوسائل ديمقراطية حقيقية. لذا فإن انتماء الشعب للنظام السياسي محدود أو هامشي، ويكاد ينحصر في المصالح الضيقة لبعض فئات الشعب. وغياب الشرعية يعني غياب أهم أسس الطبيعة الديمقراطية للسلطة السياسية. فتعامل الأنظمة مع التنوع العرقي أو المذهبي أو الديني أو العشائري داخل الدولة العربية المعاصرة، لم يكن ديمقراطياً، فكان التعامل إما سلوكا تسلطيا إن كانت رافضة لـشرعية النظام السياسي أو رافعة لقوى التنوع أو الأقلية، إن كانت مناصرة ومؤيدة للنظام السياسي . وكلا الحالتين أو الوضعين تسببا في الصراعات الداخلية.

      كما إن الطبيعة التسلطية للنظام السياسي ذي الشرعية الهشة رفضت مشاركة القوى السياسية في القرار، مما جعلها سبباً أساسياً في ردود فعل شعبية عنيفة ضد النظام السياسي. وفي أحيان كثيرة كان السلاح هو الحكم في العلاقة ما بين السلطة السياسية وفئات أو حركات سياسية معارضة لسياسات وقرارات النظام السياسي الحاكم في بعض الدول العربية.

      عامل آخر يتعلق بالتباعد والتعارض بين الانتماء الثقافي والأيديولوجي للشعب وللأمة ، والانتماء الثقافي والأيديولوجي للسلطة الحاكمة. فالشعب يغلب عليه الانتماء الحضاري العربي والإسلامي، في حين أن السلطة السياسية يغلب عليها الانتماء الثقافي الغربي على الأقل على صعيد السلوك والممارسة. فالشعب يرغب بالإرادة السياسية المستقلة للدولة، فيما سار النظام السياسي في سياسات التبعية للقوى العظمى في فترة الحرب الباردة وما بعدها. وهذا التباعد الثقافي والأيديولوجي والسياسي ترافق مع حالة الإحباط الشعبي العام جراء فشل السلطة السياسية الحاكمة في إدارة قضايا الوطن المحلية ، أو الفشل في قضايا الوطن الخارجية.ونتيجة هذا الفشل لم تعد الدولة قادرة على تحصيل شرعيتها من الأمة أو الشعب لذا لجأت إلى القوة المادية المجردة، مما ادى إلى نزاعات بينها وبين حركات معارضة داخلية مسلحة في عدد من الدول العربية.

      عامل آخر يرتبط بعلاقة السلطة السياسية والأقليات العرقية أو الدينية من جهة أخرى، ومرد ذلك غياب علاقة تعاقدية واضحة وملزمة وفي نفس الوقت عادلة، يضاف إلى ذلك غياب البعد المؤسسي للعلاقة التعاقدية ، مما يجعلها غير مستمرة أو مستقرة؛ بسبب فردية السلطة السياسية أو بسبب تغير طبيعة النظام السياسي أو تغيير الارتباطات الخارجية للقوى الفاعلة لدى العديد من الأقليات العرقية أو الدينية.

      والجهل بالنسبة للعالم العربي ذي البيئة الإنسانية القوية الالتصاق والاعتزاز بثقافتها ودينها، والمليئة بالتنوع العرقي، سلاح أو مصدر أساسي للعنف. وكما هو معروف فإن الإسلام هو الدين السائد في العالم العربي، فالجهل بالدين الإسلامي، هذا الدين ذو الطبيعة الديناميكية والقوة الأيديولوجية، تم التعامل معه بجهل بأسسه ومضامينه ومقاصده العامة، والابتعاد به عن العصر ومقتضياته، ووضعه في عزلة حضارية ادى بدوره إلى مناخات متشددة.

       ان نشوء الكيانات القطرية العربية بشكل قسري، ادى بالدولة القطرية إلى استقطاب مجتمعات غير متجانسة بل متصارعة أحياناً عرقياً أو طائفياً أو عشائرياً أو مذهبياً، وهذا التكوين أو النشوء القسري لكيانات قطرية جعل من الدول العربية في بعض الأحيان مهيأة تلقائياً للصراعات عند توفر أجواء سياسية واجتماعية ـ اقتصادية معينة.

      هذا التكوين القسري للدولة القطرية يفتح المجال للحديث عن مدى فشل الدولة القطرية المعاصرة في أن تكوّن هوية ثقافية موحدة للأمة من جهة، وأن تلبي متطلبات واحتياجات الأمة من جهة ثانية، وقدرتها على أدائها وظيفتها السياسية والأمنية للأمة من جهة ثالثة. ويبدو أن هذه الجوانب الثلاثة جعلت الدولة القطرية في حالة أزمة، وهذا الوضع كان سبباً أساسياً في المحيط الخارجي للعالم العربي؛ إما إلى سياسيات اندماج، أو تكتل مجموعة من الدول القطرية لتطوير قدراتها بدلاً من تطوير دورها وفاعليتها كما هو حال أوروبا. أو اتجاهها نحو التفكك إلى كيانات أضعف أو أكثر قطرية ولكن أكثر التصاقا بالهوية الثقافية والحضارية للأمة.

      كما يمكن أن تطرح قضية هيمنة الأقلية على الأغلبية في بعض الكيانات القطرية العربية مع عجز هذه الأقلية، غالباً، عن الحصول على شرعية الأغلبية بالإرادة الحرة كسبب للصراعات. فرفض هذه الأقلية أن تأخذ موقعها وحجمها الطبيعي ضمن فئات وطوائف المجتمع المختلفة؛ دفعها إلى استخدام القوة المادية للمحافظة على موقعها الاستثنائي. وفي المقابل، فإن تجاهل أو استثناء أو عدم اعتراف الأغلبية بحقوق الأقلية السياسية والثقافية، أو اضطهادها دفعها للجوء إلى القوة المادية لرفع الظلم والحصول على حقوقها. وكلا الوضعين تسببا في نزاعات مسلحة في بعض الدول العربية.

    كما كانت النخب السياسية عاملاً من العوامل الرئيسة في صنع الصراعات أو تسويتها. فقد أدت النخب السياسية أو العسكرية دوراً في داخل بعض الدول العربية على ابتعاد الدولة سياسياً وثقافياً عن مجتمعاتها. حيث مارست دوراً في إيجاد طبقة ثقافية وسياسية بعيدة عن الطبيعة الثقافية والحضارية الذاتية للمجتمع العربي. مما أوجد بيئة نفور ما بين السلطة السياسية الحاكمة من جهة، وما بين أفراد المجتمع ذي الارتباط العفوي والتلقائي مع حضارته العربية الإسلامية. كما ان هيمنة الفردية والمطامع السياسية والاقتصادية في بنية الدولة والنظام السياسي. أنتج فساداً مالياً وإدارياً وسياسياً. ما شكل إحباطاً وغياباً للعدالة. أما النخب السياسية والثقافية للأقليات فهي الأخرى تعد بمثابة قادة التوجيه والتأثير أو النفوذ في سلوك الأقلية السياسي، ومن هنا فإن طبيعة مواقفها وسلوكها كان يؤدي إلى التعايش أو الصراع بين الأقلية والدولة القطرية التي تستقر فيها. حيث غلب عليها الارتباط الخارجي مع دول ذات طبيعة عدائية لبعض النظم العربية الرافضة لمطامع ومصالح هذه القوى الخارجية.

      اليوم تحتفل مجتمعاتنا العربية بالعام الثاني لانطلاقة حراكها، وهي في نفس الوقت تغرق بعوامل الاقتتال والصراع. انه خليط غريب عجيب من العوامل التي باتت تقض مضاجع احلامنا بالغد الافضل.

 

نبز جمال كمال الدين / العلاقات الدولية بين القوة وتوازن المصالح

اسم الطالب : نبز جمال كمال الدين
موضوع الرسالة: العلاقات الدولية بين القوة وتوازن المصالح
الشهادة الممنوحة :درجة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية
التقدير: جيد
تاريخ المناقشة: 4/2/2013
        توصل الطالب في رسالته إلى ان العلاقات الدولية تهتم بمشكلات وتطورات المجتمع الدولي، وأيضاً بالسياسات الخارجية للدول. وعلى الرغم من عدم الاتفاق بين الباحثين والأكاديميين ودارسي العلاقات الدولية حول تعريف جامع مانع للعلاقات الدولية، إلا أن دراسة التعاريف المتعددة في هذا الحقل تعطي مفهوماً عاماً وشاملاً للعلاقات الدولية، باعتباره لا يقتصر على العلاقات بين الدول فقط، وإنما يمتد إلى كيانات أخرى من غير الدول. ولكن عندما نتحدث عن العلاقات الدولية فإننا على العموم نقصد دراسة العلاقات بين الدول، ولكن العلاقات الدولية هي في الوقت ذاته إنعكاس لعدد ليس بالقليل من الاتصالات بين الأفراد وفعاليات المنظمات الدولية والمؤسسات الأخرى. وبناءً على ذلك فإن العلاقات الدولية التي ندرسها ونرصدها هي العلاقات التي لها تأثيرات سياسية في البيئة الدولية.
        واعتبر ان  قوة الدولة في البيئة الدولية أو في المجتمع الدولي تتمتع بأهمية خاصة في حقل العلاقات الدولية، لان القوة هي التي ترسم أبعاد الدور الذي تقوم به الدولة في المجتمع الدولي، وتحدد إطار علاقاتها بالقوى الخارجية في المحيط الدولي. فالقوة تتجاوز في مضمونها الفكري المعنى العسكري التقليدي إلى مضمون حضاري أوسع يشمل القوة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتقنية... وما شابه ذلك. ومفهوم القوة يتداخل في الوقت ذاته مع عدة مفاهيم أخرى، مثل السلطة والنفوذ والقهر والردع والإرغام والإرهاب والإغراء... وما شابه ذلك. وهي تستخدم كمترادفات وكعناصر لتحليل القوة.فالقوة مفهوم حركي ديناميكي وغير ثابت. وهناك عناصر مادية وغير مادية في تكوينها. وهي شيء نسبي. وهي وسيلة لممارسة النفوذ والتأثير وليست هدفاً.
        وعلى الرغم من أن تعبير (توازن القوى) يعد من أكثر التعبيرات انتشاراً أو استخداماً على مرّ العصور، وفقاً لاختلاف وتطور الفكر والنظريات في كل عصر، إلا أن هذا التعبير قد ظل من أكثر المفاهيم غموضاً، إذ لا يكاد يوجد إتفاق على مفهومه. بل لعلّنا لا نتجاوز الحقيقة اذا قلنا بأنه لا يوجد تعريف جامع مانع لهذا التعبير.
        إن توازن القوى لا تسعى الدول لتحقيقها ولا تجاهد من أجله، بل تسعى للهيمنة والتفوق والسيطرة، ما يؤدي إلى نشوء توازن قوى. وهذا التوازن ليس حالة مقصودة لذاتها، بل هو حالة يتوصل إليها بشكل عرضي من خلال السعي للتفوق.
        وتختلف الدول عن بعضها البعض من ناحية عناصر القوة التي تملكها. وإذا كان من الصعب إجراء تقييم أو تحديد دقيق للعناصر المادية التي تساهم في تكوين قوة الدولة بالمقارنة مع دولة أخرى، فإنه يمكن التأكيد على أن قوة الدولة لا ترتكز على عامل واحد فقط، وإنما ترتكز على عوامل متنوعة، منها ما هو طبيعي ومنها ما هو مكتسب.
        تكمن اشكالية الدراسة كما يعتقد الطالب في الفكرة الرئيسية التي تحكم العلاقات الدولية في السابق وفي الوقت الراهن، هي تحكم القوة. وهي بحد ذاتها منافية لمقاصد الأمم المتحدة والسلم والأمن الدوليين. وتوازن المصالح في العلاقات الدولية هو أفضل وسيلة ملائمة لتحقيق أهداف المصلحة القومية للدولة بالوسائل السلمية بدلاً من استعمال القوة. فكيف تستطيع الدول أن تعتمد على فكرة توازن المصالح بدلاً من فكرة القوة لتحقيق أهدافها الخارجية ومصلحتها القومية؟
        وتكمن أهمية الدراسة  في مجموعة من الاعتبارات، كون الموضوع يمثل حدثاً متحركاً يلامس مصالح الأسرة الدولية بشكل مباشر وما لها من تداعيات غير محدودة.
        استند الطالب في الدراسة إلى عدة مناهج هي المنهج التأريخي، والمنهج التحليلي، والمنهج الواقعي.
      وقسم الطالب  الدراسة إلى فصلين، بالإضافة إلى فصل تمهيدي يتناول نشأة العلاقات الدولية وأهميتها وتطورها وأهم النظريات حولها. أما الفصل الأول فيعالج تأثير السياسة الدولية في العلاقات الدولية من خلال مبحثين:المبحث الأول: تأثير سياسة توازن القوى في العلاقات الدولية حتى إندلاع الحرب العالمية الثانية.والمبحث الثاني: العلاقات الدولية بعد قيام الأمم المتحدة وبروز الأحلاف الدولية.أما الفصل الثاني ، فيعالج العلاقات الدولية في النظام الدولي الجديد والمتغيرات الراهنة، من خلال مبحثين اثنين أيضاً هما:المبحث الأول أثر النظام الدولي الجديد في العلاقات الدوليةوالمبحث الثاني: العلاقات الدولية في الظروف الدولية الراهنة
        اعتمد الطالب على مجموعة واسعة من المراجع العربية والأجنبية ما اغنت الدراسة وأعطتها ابعادا اكاديمية واضحة،كما ظهر ذلك في الاستنتاجات والتوصيات.كما برزت في الدراسة معاجة الاشكالية والفرضيات بشكل واضح.
      ناقش الطالب نبز جمال كمال الدين رسالته المعنونة "العلاقات الدولية بين القوة وتوازن المصالح" بتاريخ 4/2/2013 ،امام اللجنة المكونة من الدكاترة محمد المجذوب وخليل حسين وجورج عرموني، وبعد المناقشة والمداولة رأت اللجنة ان الطالب يستحق درجة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية بتقدير جيد .
 
بيروت:4/2/2013                                                  أ.د.خليل حسين
 
 

 

 

02‏/02‏/2013

محمد فرحات / دبلوماسية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بين الثابت الإيديولوجي والمتحول البراغماتي

اسم  الطالب : محمد فرحات
موضوع الرسالة : دبلوماسية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بين الثابت الإيديولوجي والمتحول البراغماتي
الشهادة المستهدفة : شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية
تاريخ التسجيل: 28/1/2013
 
أولاً : الهدف من البحث
     تهدف هذه الرسالة الى محاولة تلمس موقع دبلوماسية الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإقليمي والدولي , الديني و العلماني , التراثي والعصري , القانوني والتشريعي الإلهي , الإستراتيجي والتكتيكي,  في ظل ثبات إيديولوجي منشؤه الثورة الإسلامية بقيادة روح الله الخميني ومتحولات براغماتية إقليمية ودولية متسارعة.
     من هنا كان لا بد من تحديد هذا الدور ، تحديداً واضحاً إن أمكن ، ورسم أبرز معالمه وخطوطه العريضة وحيثياته ، من خلال نظرة موضوعية شاملة تسبر آفاق المرحلة السياسية الحالية المفصلية والهامة التي تؤثر بدبلوماسية الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتتأثر بها , وما يمكن أن تحمل مستقبلاً من عناصر ومكونات وتجارب سياسية إيديولوجية وغيرها ، ترتسم من خلالها أبرز الخطوط الإستراتيجية لمرحلة ما بعد الإنتفاضات الشعبية المخترقة من قبل القوى الدولية العظمى
     لذلك كانت الحاجة ماسة إلى معرفة كنه هذا الدور الدبلوماسي وحقيقته ، وإبراز هويته قدر المستطاع , علنّا نتمكن من إستخلاص فهم أكثر واقعية وموضوعية لهذا الدور المتوازن والمحوري في مواجهة هذا الكم الهائل من الضغوط الدولية ، بشتى صنوفها وأنواعها ، وكذلك الأزمات الدبلوماسية المفتعلة ، علَّ هذا العمل يسهم في مراحل قادمة على مد جسور الثقة والتواصل أكثر فأكثر بما يعود على منطقة الشرق الأوسط عموماً وعلى لبنان خصوصاً بالخير و النفع والفائدة . 
ثانياً : أسباب إختيار البحث
1-                إن دبلوماسية الجمهورية الإسلامية الإيرانية المتمايزة من حيث الخلفيات الإيديولوجية والهيكليات السياسية والآليات القانونية ، تمثل حالة بارزة تجذب الباحثين والدارسين في الأوساط السياسية والقانونية والشرعية.
2-                مما يلفت أنظار الباحثين أيضاً قدرة دبلوماسية الجمهورية الإسلامية الإيرانية على المبادرة وتقديم الطروح وسط أشد الأزمات ، والدخول في مفاوضات والخروج منها بحسب ما تقتضيه المصلحة بخطوات واثقة رغم الإمكانيات المتواضعة والمحدودة نسبياً. .
3-                الإنجازات المتتالية التي حققتها هذه الدبلوماسية حتى الآن ، والتي تخطت بواسطتها أزمات وتجارب متعددة لا يستهان بها منذ بدء تشكل النظام الإسلامي في إيران والتي حوّلت أنظار الباحثين إليها جاعلة من نفسها مادة بحث ودراسة .
4-                المرونة والحيوية والتفاعل الذي تبديه هذه الدبلوماسية و أعضاء السلك في الأوساط الدولية،مما يجعلها محط أنظار القريب والبعيد , ومحوراً بحثياً يستحق الإهتمام والدراسة بعمق إن أمكن ، و بذل الوقت والجهد في سبيل التعرّف على دقائق وتفاصيل العملية الدبلوماسية في الجمهورية الإسلامية ، التي تأخذ بعداً رسالياً عالمياً حسب توجيهات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي.
ثالثاً : أهمية البحث
      تكمن الأهمية الأولى للبحث في إستخلاص وفهم أكثر عمقاً للسياسات الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية ، لاسيما الدبلوماسية منها مما يساعد على إيجاد السبل الملائمة لتقريب وجهات النظر بين البلدين اللبناني و الإيراني و القوميتين العربية و الفارسية ،والنزعتين العلمانية والدينية ، وإرساء أجواء من الإلفة والتواصل المستمر ، مما يقوي أواصر التعاون والتبادل على الصعد كافة.
     وتبرز الأهمية الثانية للبحث ، من خلال تظهير الصراع الخفي بين الإيديولوجيا والمصلحة في دول العالم النامي منها والمتقدمة, وإنعكاساته في دبلوماسيات الدول التي تتفاعل ضمن منظومة أممية مؤسسة على مفاهيم براغماتية و تحولات مصلحية .
     وتتأتى الأهمية الثالثة للبحث، بدراسة الجوانب العملية لدبلوماسية الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، وعدم الإقتصار على الحيثيات النظرية من خلال تقديم نموذجا بارزا أو أكثر، للتعاطي الدبلوماسي الثابت والمستقر في بعض المحطات السياسية والمتأرجح في محطات أخرى، في محاولة لتوضيح عوامل الثبات والإستقرار وعوامل التأرجح وعدم الإستقرار , إن في الجمهورية الإسلامية أو  في غيرها .
     ومما يزيد البحث أهمية ، محاولة إجتراح نظرية دبلوماسية مستمدة من التراث الإسلامي العريق ، لنبينا الأعظم محمد (ص) و الأئمة الأطهار (ع) - مع فائق إحترامنا للنظريات المطروحة – ومن الواقع المعاصر والتجربة العملية للدبلوماسية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، ملائمين وموائمين بين هذا وذاك عسى أن يكون التوفيق حليفنا و الله ولي التوفيق .
رابعاً : نقد المصادر والمراجع
       لم يتحدث الكثيرون حول هذا الموضوع " دبلوماسية الجمهورية الإسلامية الإيرانية ... " في الأوساط البحثية السياسية ، إذ لا زال هذا الموضوع غضاً طرياً يحتاج إلى مزيد من البحث والنقاش و الدراسة , وقد تناولته بعض المؤلفات والمصنفات بشكل جانبي أو حتى هامشي من باب إستكمال البحث فقط , و في الحقيقة أنّا وجدنا صعوبة في الحصول على المادة البحثية الكافية إلا أننا يمكن أن نذكر بعض المؤلفات التي قد تساعدنا في بحثنا منها
1-                دبلوماسية النبي محمد (ص) (دراسة مقارنة بالقانون الدولي المعاصر ) ل"سهيل حسين الفتلاوي"
2-                خليل حسين، التنظيم الدبلوماسي، منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت،2010..
3-                خليل حسين،قضايا دولية معاصرة ،دار المنهل اللبناني،بيوت،2006.
4-                محمد المجذوب،التنظيم الدولي،منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت،2006.
5-                القانون الدولي العام ل"محمد المجذوب" .
6-                دستور الجمهورية الإسلامية في إيران .
7-                صحيفة الثورة الإسلامية ( نص الوصية السياسية الإلهية للإمام الخميني قائد الثورة الإسلامية ) .
8-                الإمام الخميني وإستراتيجيا المستقبل ( أبحاث و دراسات في وصية الإمام الخميني ) ل"فرح موسى" .
9-                حزب الله ( المنهج .. التجربة .. المستقبل ) ل"نعيم قاسم" .
10-           مجتمعنا ( بين عالمية الإسلام و العولمة الغربية ) ل"علي حسن طه" .
11-           الإعلام الدولي والرأي العام ( الدعاية السياسية , أساليب الإقناع , الدعاية الرمادية ) ل"محمد مصطفى كمال " .
      وأما البحث الذي بين أيدينا ( دبلوماسية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بين الثابت الإيديولوجي و المتحول البراغماتي ) فهو يرتكز إلى أمورأربعة :
أولاً – مفهوم الدبلوماسية بشكل عام .
ثانياً – مفهوم الدبلوماسية الإسلامية .
ثالثاً – مفهوم الدبلوماسية الإسلامية لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية       ( المبادئ و المنطلقات , الرؤى و الأهداف ) .
رابعاً _ مفهوم الدبلوماسية الإسلامية لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بين الثابت الإيديولوجي والمتحول البراغماتي ( النظرية والتطبيق ) .
أما الأمرالأول و الثاني فهما مشتركان بين معظم المصادر والمراجع مع تفاوت في النظرية .
     أما الأمر الثالث والرابع فقد تمايز بهما بحثنا عن سائر البحوث , إن من حيث الطرح النظري أو من حيث التجربة العملية , لا سيما وأن الأمر الرابع هو قلب البحث ولبّه .
خامساً : منهجية البحث المعتمدة
       أما منهجيتنا في البحث فهي منهجية البحث الفلسفي التي تعتمد على التحليل والتركيب وتمتزج فيها بشكل أو بآخر ، كل المناهج العلمية المعروفة من إستقراء وإستنباط وفرض وجدل ... إلخ ، والتي تعتمد على آلة لغوية محددة تتميز بالدقة في الألفاظ (الحدود) والتعاريف , والوضوح في المعنى والتماسك في الفكر والأفكار المساقة , هي المنهجية التي تسود كل العلوم بعامة وتحتاجها . إذ أنه المنهج الذي يعنى بإتفاق الفكر مع نفسه ومع الواقع ويعتمد من أجل ذلك مجموعة من القواعد والقوانين والشروط التي يتحقق بها هذا الإتفاق المزدوج بين الفكر نفسه من ناحية , وبين الفكر و الواقع من ناحية     أخرى [1] .
     ولعل إختيارنا لهذا المنهج البحثي الفلسفي مرتبط إرتباطاً وثيقاً بموضوع البحث القريب جداً من ما يمكن تسميته بفلسفة السياسة الخارجية للدول , والدبلوماسية جزء من السياسة الخارجية ، إذ أن هذا المنهج يسمح لنا بالتطرق إلى عدة مواضيع ممتزج بعضها ببعضها الآخر،  في الواقع العملي منها والإيديولوجي والديني ومنها القانوني الوضعي ومنها التاريخي والتراثي ... إلخ . 
سادساً : التصميم العام للبحث
      يتشكل بحثنا من مقدمة تكون بمثابة نبذة تاريخية لأبرز السياسات الخارجية لإيران ماقبل الثورة الإسلامية ولعلاقاتها الدبلوماسية الإقليمية والعالمية من ناحية ، ولأبرز السياسات الخارجية لإيران الجمهورية الإسلامية ولعلاقاتها الدبلوماسية الإقليمية والعالمية من ناحية أخرى.
ويتبع المقدمة باب أول في النظرية الدبلوماسية يتشكل من فصلين , نتحدث في فصل أول عن الدبلوماسية بجانبها التاريخي والفني , وفي فصل ثان نتحدث عن الدبلوماسية الإسلامية بجانبها التراثي الإيديولوجي والفني أيضاً , وهذا يعني تشكل كل فصل من هذين الفصلين من مبحثين، المبحث الأول يتطرق للجانب التاريخي والمبحث الثاني للجانب الفني في فصل أول , وكذلك الفصل الثاني يتشكل من مبحثين الأول تراثي إيديولوجي إسلامي والآخر فني مع الأخذ بعين الإعتبار الصبغة الإسلامية  .  
      ويتبع الباب الأول باب ثان في التجربة الدبلوماسية ، يتشكل أيضاً من فصلين وكل فصل من مبحثين ، الفصل الأول في التجربة الدبلوماسية لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، نبحث في مبحث أول الخلفية الإيديولوجية للدبلوماسية الإيرانية وفي مبحث ثان الهيكليات السياسية والآليات القانونية .
     اما الفصل الثاني فيتشكل أيضاً من مبحثين، الأول في التجربة العملية مع ذكر أبرز العقبات والصعوبات وتقديم نماذج ومصاديق من الواقع السياسي العملي ، والثاني مقارنة التجربة بتجارب مشابهة مع نقد بناء وهادف .
     ويتبع الباب الثاني خلاصة البحث وفيها نذكر أبرز النقاط التي وردت في البحث والخروج بنتائج وتوصيات نافعة , والإلفات إلى الآفاق الجديدة التي تفتحها هذه الدراسة للباحثين المهتمين .
ثم قاموس لأبرز المصطلحات الواردة في نصوص البحث .
ثم فهرست المصادر و المراجع .
 ثم فهرست المحتويات.                                                                                                                             


[1] مهدي فضل الله ، أصول كتابة البحث وقواعد التحقيق، دار الطليعة ، بيروت ، ط 4 ، 2006 ، ص 15 .

رولا مرتضى / الاستراتيجية التركية في الشرق الأوسط منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة

اسم الطالبة : رولا مرتضى
عنوان الرسالة: الاستراتيجية التركية في الشرق الأوسط منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة
 الشهادة المستهدفة : الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية
تاريخ التسجيل : 28/1/2013  
 
      ظلت تركيا مركزاً للحكم العثماني حتى عام 1922م، وفي  تلك السنة ، تم خلع آخر السلاطين محمد السادس. وفي العام 1924ألغى مصطفى كمال أتاتورك الخلافة نهائياً بعد أن ألغى السلطنة في العام 1922. وشهدت تركيا بعد الحرب العالمية الأولى حركة قومية قادها مصطفى كمال أتاتورك وأعلن تركيا الجمهورية فتولى رئاستها عام 1923، حتى وفاته عام 1938، وقد قام باستبدال المبادئ الإسلامية بأعراف قومية علمانية واستبدل الكتابة في تركيا من العربية إلى اللاتينية. وظلت تركيا محايدة خلال معظم الحرب العالمية الثانية ، ولكنها دخلت إلى جانب الحلفاء في 23 شباط 1945 كبادرة حسن نية، وأصبحت في عام 1945 عضواً في ميثاق الأمم المتحدة.

       انتهى حكم الحزب الواحد في عام 1945. وتبع ذلك الإنتقال إلى الديمقراطية التعددية التي ظلت حاضرة بقوة على مدى عدة عقود، حيث تعطلت من جراء الإنقلابات العسكرية في أعوام 1960، 1971، 1980 و1997. خلف أتاتورك في الحكم عصمت انينو حتى عام 1950، وسيطر الحكم المدني على البلاد حتى عام 1973، وبعد مشاركة تركيا في قوات الأمم المتحدة في الحرب الكورية، انضمت لحلف شمال الأطلسي في عام 1952، وأصبحت حصناً منيعاً ضد التوسع السوفياتي في البحر المتوسط.
      غزت تركيا قبرص في 20 تموز / يوليو عام 1974 وحتى شهر آب / أغسطس من نفس العام، رداً على دعم المجلس العسكري اليوناني للإنقلاب على نظام الحكم في قبرص. وقد انتهت العملية العسكرية بانتصار القوات التركية، بعد انزال تركيا لجنودها في الجزء الشمالي من جزيرة قبرص في بداية الحرب (20 تموز / يوليو عام 1974)، وسقوط المجلس العسكري اليوناني في أثينا، بعدها بتسعة سنوات تم تأسيس جمهورية قبرص الشمالية التي لم تعترف بها سوى تركيا. عاد حكم العسكريين بعد عام 1973 فأدى ذلك إلى وضع غير مستقر  ، فاندلعت أعمال العنف عام 1980، وفي عام 1984، بدأ حزب العمال الكردستاني تمرداً مسلحاً ضد الحكومة التركية، الصراع الذي أودى بحياة أكثر من  40 ألف شخص، ولا يزال حتى اليوم حيث تعاني الحكومة التركية من معارضة الأكراد ، إذ أن الأكراد يمثلون بين 20-25 مليون نسمة، وفي عام 1911 سمح الرئيس التركي أوزال بلجوء الأكراد إلى الأراضي التركية إثر ثورتهم في العراق عام 1993.
      سقطت الدولة العثمانية بعد أن استمرت حوالي 600 سنة، وانهارت معها الخلافة الإسلامية بعد أن استمرت ما يزيد عن ألف سنة. بالرغم من ذلك، فإن إرث الامبرطورية العثمانية يشكل عمقاً تاريخياً لدى تركيا الأمر الذي يجعلها دائماً ذات حراك سياسي نشط.
اولا: اهمية البحث:
       هذا الحراك السياسي في الاستراتيجية التركية هو العامل الااساسي الذي يبرز اهمية الموضوع، اضافة الى ان مازال موضوعاً راهناً، فتشكل تركيا بذلك دوراً هاما على صعيد الشرق الاوسط، ومن خلال  دراسة الدور التركي يمكن فهم  وتحليل الادوار الاساسية لللاعبين الاساسسين في الاستراتيجية الشرق اوسطية.
ثانيا : دوافع اختيار موضوع البحث:
- اضافة الى انه موضوعاُ اقليمياً ساخناً وحيوياً على الساحة السياسية الاقليمية والدولية.
 - كون تركيا اليوم تشكل مداراً هاماً في ساحة المتغيرات الدولية، ولعل هذا الحراك السياسي لدى تركيا وانعكاساته على منطقة الشرق الأوسط  كان الدافع لاختيار هذا الموضوع.
ثالثا : الاشكالية:
    يبدو ان توجهات تركيا الحالية تتبلور كلاعب اقليمي رئيس في الشرق الاوسط من جهة ، وتشكيل قوة توازن لابد منها في مواجهة الدور الذي تلعبه ايران او ان تكون موازية ومنافسة لها من جهة اخرى لتكون بمثابة نموذج لاستراتيجية امريكية جديدة تراهن على لاعبيين محليين اكثر من الرهان على التورط العسكري المباشر في قضايا المنطقة وتعقيداتها الساخنة. وفي الاتجاهين تنشط الدبلوماسية التركية في عدة اتجاهات فمنها مايذهب الى الشرق الاوسط عبر العراق وسوريا ومحاولة التوسط مع اسرائيل.
الفرضيات او الاشكاليات التي يستلزمها هذا البحث:
- ما هي الإستراتيجية التركية في محيطها الاقليمي وانعكاساتها على الساحة الإقليمية والدولية
- هل هناك صلة ما لتركيا في تنفيذ المشروع الشرق الاوسطي الكبير؟
- ما هي اهم آثار الثورات العربية الراهنة على عملية التوازن للدور التركي-الايراني في الشرق الاوسط؟
رابعا : منهجية البحث:
        لمعالجة هذه الاشكالية انتهجت منهجاً مزدوجاً بين التحليل والاستقراء، لذا فكان لابد لي في هذه الدراسة أن اعمد إلى استقراء الأحداث والتحولات التي مرت بها تركيا منذ إلغاء الخلافة وقيام الجمهورية العثمانية، مروراً بالتغيرات الدولية متل إنهيار الأتحاد السوفياتي، وبروز الإتحاد الأوروبي، وصولاً إلى تحولها نحو الشرق، ومن ثم انتقلت الى تحليل دور تركيا في محيطها الإقليمي. ولذلك لضرورة المنهجين معاً في دراسة موضوع يتواصل فيه الماضي والحاضر والمستقبل، وخصوصاً انه موضوع يترابط فيه البعد التاريخي والسياسي، مما يفرض عدم التقيد بمنهج واحد.
خامسا : الاستنتاجات: الاوليّة
شكَل صعود الدور التركي في المنطقة بعض التحديات ومنها :
1-   إن السياسة الخارجية التركية في الشرق الأوسط كانت تخالف الموقف النطام العربي الرسمي في العديد من القضايا وأبرزها القضية الفلسطينية.
2-   برز تعارض النظام العربي للسياسة التركية في أكثر الملفات سخونة وهو الدور الإيراني. حيث كانت هذه الانظمة تأمل ان يكون الدور التركي عنصر توازن في مواجهة النفوذ الايراني، وهو الامر الذي لم يحصل .
3-   تدخل تركيا مع دخول حرب العدالة والتنمية الى منطقة الشرق الأوسط بعد انكفاء دام عقود منذ الحرب العالمية الأولى عن لعب دور ايجابي، منطقة بكراً، إذا جاز التعبير، وتسعى للتأسيس من الصفر وهذا يمثل صعوبة ويمكن أن تدفع تركيا الى التخبط والإرتباك في العديد من الملفات .

4-   إن المنطقة العربية والشرق أوسطية التي تدخلها تركيا حديثاً ليست خالية من تأثيرات وأدوات لقوى إقليمية غير عربية، كالولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وإيران، والتي لن تتخلى عن أية حصة من أدوارها لقاء أن تفسح موطئ قدم لقوة جديدة ناهضة، وحتى إن كانت كل قوة تتحفظ أو تعارض الدور التركي الجديد من زاوية مختلفة عن الأخرى
        ومع توجهات حزب العدالة والتنمية راعى الدور التركي الجديد الذي يحمل توجهات إسلامية، لكن مع استمرار النظام العلماني في تركيا والترويج للنموذج التركي في الجمع بين الإسلام والعلمانية الذي يثير حفيظة التيارات الدينية الإسلامية في المنطقة ،التي تعتقد أن تركيا لبست ثوباً بنسج الإدارة الأميركية وينظر اليها على انها الوكيل الإقليمي لمشروع الشرق الأوسط الأميركي
       بالرغم من كل التحديات هذه لا يمكن أن نغفل بأن تركيا قد حققت دوراً هاماً في المنطقة ولقد وضعت بالتأكيد مرتكزا قويا في المنطقة ونجحت في إقامة علاقات متينة مبدئية ومصلحية مع معظم الدول العربية.
       إلا أن الحراك الشعبي الذي يحصل اليوم في أغلب العواصم العربية مثل : مصر ،ليبيا، البحرين وتونس وصولاً الى سوريا جاء ليقع تركيا تحت الإختبار الجدي والقاسي ولتشكل بالتالي حداً فاصلاً بين مرحلتين من سياسة تركيا الخارجية في ظل سلطة حزب العدالة والتنمية، إن ما حصل لم يكن متوقع لذا اتسمت أداء الدبلوماسية التركية بالإرتباك واختلطت المصالح بالمبادىء .
       تباينت المواقف التركية من الثورات العربية واتبعت تجاهها سياسة مركبة، فلكل بلد حالة معينة، إلا أن الثابت في سياستها تجاه الثورات هو أن تركيا ترى نفسها لاعباً من حقه أن يتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية .
       ولعل إحساس تركيا الوهمي بوجود فائض قوة لديها وفائض ثقة بالنفس يدفعها احياناً الى التصدي لملفات أكبر من قدرتها الدبلوماسية، وهو ما سيكون له آثار سلبية في صورة تركيا ودورها في المنطقة العربية .

خطة البحث:
وطبقاً لما طرحته من الإشكاليات، وللإلمام بأكثر عناصر البحث، قمت بتقسيم البحث إلى ثلاث فصول:

الفصل الاول: قيام الجمهورية التركية.

اولاً: سياسة أتاتورك الداخلية.
ثانياً:وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة.
ثالثاً: التوجه نحو أوروبا.
رابعاً: موقع تركيا ودورها في الساحة الاقليمية.

الفصل الثاني: المتغيرات الدولية والتحوّل التركي نحو الشرق.

اولاً:اسس السياسة الخارجية التركية.
ثانياً: المتغيرات الدولية
ثالثاً:الإهتمام بالشرق الأوسط.
رابعاً: صلة تركيا بمشروع الشرق الوسط الكبير.

الفصل الثالث:الصراع الإقليمي في الشرق الاوسط والدور التركي.

اولاً: الدور التركي تجاه المحيط العربي.
 ثانياً: النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
 ثالثاً: أثر الثورات العربية على عملية التوازن للدور التركي_ الإيراني.
رابعاً: مستقبل الدور التركي في المنطقة.

خاتمة
لائحة اولية للمصادر والمراجع:
كتب:
-         داود اوغلو أحمد، العمق الإستراتيجي:موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية، الدار العربية للعلوم ناشرون،بيروت،مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة،2010.
-      ضوان، وليد، العلاقات العربية التركية،الطبعة الأولى،شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت،2006.
-         صبح،علي،الصراع الدولي في نصف قرن1945-1995،الطبعة الأولى،دار المنهل اللبناني،بيروت،2006.
-         نور الدين،محمد،الدور التركي تجاه المحيط العربي،مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،2011.
-         نور الدين،محمد،تركيا الصيغة والدور،الطبعة الأولى،كتب رياض الريس، بيروت،2006.
-         نوفل،ميشال،عودة تركيا الى الشرق،الطبعة الأولى،الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت،2010.

تقارير ودوريات:
-         مجلة شؤون الأوسط، مركز الدراسات الإستراتيجية،العدد116،119،121،130، بيروت.

مواقع الكترونية: