17‏/11‏/2011

كتوراه/ ادارة الأزمات الدولية

اطروحة دكتوراه رواد سليقا
اسم الطالب:رواد سليقا
عنوان الأطروحة ادارة الازمات الدولية في ظل نظام الامن الجماعي
الشهادة الممنوحة:دكتوراه في القانون الدولي العام
الدرجة :جيد جدا
تاريخ المناقشة: 17-10-2011

ومما جاء في مقدمة الاطروحة
عانى الإنسان على مر العصور والأزمان من الكوارث والأزمات على اختلاف أنواعها، و تعامل معها بأساليب عديدة، إختلفت طبيعتها ،على مر التاريخ ، إذ كانت تُسمى آنذاك ببراعة القيادة وحُسن الإدارة أو حسن التنظيم و التقدير والإدارة السليمة.
و كانت هذه الممارسات تشكل محكا رئيسيا، وعنوانا حقيقيا لإظهار قدرة الإنسان في التغلب على الأزمات ومواجهتها، هذه الممارسات التي تكوّن مفهوم إدارة الشيء، أي التعامل معه للوصول إلى أفضل النتائج الممكنة بما يُحقق مصالح القائم بالإدارة.
أما مصطلح إدارة الأزمات، بمفهومه العصري ، فلم يدخل حيّز التداول الدولي إلاّ في العام 1962 إثر أزمة الصواريخ الكوبية حينها ، التي كادت أن تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة بين القطبين الكبيرين الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد السوفياتي السابق.
أما وسائل إدارة الأزمات الدولية فإنها متعددة ومتباينة، وتتنوع بين وسائل دبلوماسية (المفاوضات، المساعي الحميدة والوساطة والتحقيق والتوفيق) و قانونية ( التحكيم الدولي والقضاء الدولي) إلى وسائل زجرية ( الضغوطات الإقتصادية والسياسية أو اللجوء إلى القوة العسكرية كخيار أخير). وقد عددت المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة مختلف هذه الوسائل، كما نص الميثاق في مواضيع أخرى منه على وجوب عرض النزاع ، إذا استعصى حله بإحدى هذه الوسائل على الهيئة الدولية للبت فيه. ([1])
ويجب ألاّ ننسى أن الأزمات متنوعة، فمنها الأزمات الطبيعية ، التي تتشابه مع الكارثة، ومنها الإقتصادية، ومنها الإجتماعية والمالية والأمنية والسياسية، كذلك تنقسم الأزمات من حيث المستوى إلى داخلية ، إقليمية أو دولية ، ثم إن للأزمة مراحل تمر بها ، كما للإدارة مناهج ومبادىء تعتمدها لحل هذه الأزمات. كل هذا سيبحث في الباب الأول من هذه الأطروحة حيث يركز قسمها الأول على الأزمة مفهوماً، ومراحلها وخصائصها وأنواعها وأدواتها من خلال الفصل الأول ، وعلى المناهج والمقومات والمبادىء والمراحل التي تتم بها إدارة الأزمات، بالإضافة إلى وسائل إدارة النزاعات الدولية من خلال الفصل الثاني .
أما موضوعنا التخصصي أي إدارة الأزمات الدولية في ظل نظام الأمن الجماعي، فسوف نعالجه في القسم الثاني من الباب الأول وفي الباب الثاني، حيث سنتعرف في القسم الثاني إلى ماهية الأمن الجماعي ،ونعالج جانبيه الوقائي والعلاجي ،ثم سوف نتكلم على الشلل الذي أصاب منظومة الأمن الجماعي في معالجتها للأزمات الدولية التي وقعت خلال الحرب الباردة وأبرزها ( الأزمة الكورية عام 1950 والكوبية 1962) والتي كانت تعالج فقط بين قادة القطبين الكبيرين نظراً لوقوعها ضمن مناطق نفوذ الطرفين، وخوفاً من أن تؤدي إلى مواجهات عسكرية تعصف بالإستقرار العالمي.وبعد وصول الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف MIKHAILGORBATCHEV إلى السلطة عام 1985، بدأ يظهر ملامح تغيير على الصعيد الدولي، ما أفسح المجال أمام الأمم المتحدة لتلعب دوراً جيداً في حفظ النظام والأمن الدوليين، من خلال عمليات حفظ السلام ، إلى أن تطور هذا الدور، وبشكل لافت ، خلال أزمة الخليج الثانية ، التي أدّت إلى تفعيل وتطوير نظام الأمن الجماعي ، ولكن ليس لفترة طويلة.
بعدها ، وفي الباب الثاني ، سوف نستعرض مرحلة جديدة ، على الصعيد الدولي، وهي مرحلة ما بعد الحرب الباردة ، وبداية سيطرة القطب الأميركي على المنظمة الدولية ، من دون أي منافس ، وتجلّى ذلك في معالجة بعض الأزمات الدولية ،كأزمة لوكربي، وأزمة البوسنة والهرسك ، وذلك من خلال الفصل الأول من الباب الثاني ، ومع بداية القرن الواحد والعشرين ، تطور نظام الأمن الجماعي بسبب تزايد الصراعات داخل الدول ، فضلاً عن أحداث 11 أيلول 2001 وما تلاها من تفاعلات على الساحة الدولية ، ما أدى إلى تغيرات لا يمكن إغفال آثارها على المجتمع الدولي ، بصفة عامة ، وعلى طبيعة الرؤى المختلفة للأمم المتحدة كمنظمة دولية فوق القومية ، كما أراد لها البعض أن تكون، وكما تصورها آخرون أنها سوف تكون إنتهاء للحرب الباردة.
ونظراً لأن مناطق الأزمات تقع في ما سماهُ المحافظون الجدد ، في الولايات المتحدة ، بالشرق الأوسط الكبير، فأن هذا القسم،سيبحث في الإستراتيجيات الأميركية تجاه مناطق الأزمات في الشرق الأوسط الكبير وأثره على دور نظام الأمن الجماعي والشرعية الدولية. ثم سنستعرض في القسم الثاني والأخير أبرز الأزمات الدولية التي حصلت في القرن الجديد ، والأخرى التي ما زلنا نعيشها كالملف النووي الإيراني ، مع تحليلنا لدور الأمم المتحدة في معالجة هذه الأزمات.
أما أهمية هذا الموضوع الذي نعالجهُ فتكمن في الإشكاليات العديدة التي يطرحها وأبرزها:
1- يتم إدارة الأزمات بعيداً عن المشروعية الدولية ونظام الأمن الجماعي، وهذا ما يظهره دور الأمم المتحدة الضعيف في إدارة الأزمات الدولية خلال الحرب الباردة نتيجة المصالح المادية للدول كالولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي والتي ظهرت بوضوح في إدارة الأزمة الكورية عام 1950 والأزمة الكوبية عام 1962.
2- من الإشكاليات المطروحة أيضاً، توسع المسائل التي دخلت في صلاحيات نظام الأمن الجماعي بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي، بالإضافة إلى تحريم اللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية ، أو التهديد باستخدامها .
3- إتساع مهام نظام الأمن الجماعي لتشمل حقوق الإنسان والأقليات وإرساء الديموقراطية والمساعدة في الإنتخابات والتدخل لأسباب إنسانية.
4- إن تدخل الأمم المتحدة في الأزمات الدولية ، التي حصلت ، إختلف باختلاف حجم الإهتمام بها ، ما أدّى إلى تصنيف أنماط تدخلها إلى ثلاثة أنماط،هي، النمط الإستبعادي، والنمط الإفتعالي، ونمط المشاركة المحسوبة.
5- الإشكالية الأخيرة المطروحة ،هي أثر المتغيرات الدولية ، بعد أحداث 11 أيلول على دور الأمم المتحدة في إدارة الأزمات الدولية ، والآثار المترتبة عن سوء الإدارة التي تؤدي ، في معظم الأحيان ليس إلى حل الأزمة، بل إلى خلق أزمات دولية أخرى،وعلى سبيل المثال ، إن الحرب الأميركية على أفغانستان عام 2001 وعلى العراق عام 2003 قد ولّدت آثاراً كبيرة على الدول المجاورة ، في باكستان وإيران وسوريا ولبنان والعالم العربي والإسلامي كله.
6- ولسبر أغوار الإشكاليات المطروحة ،كان لا بد لي من إعتماد المناهج التالية:
المنهج الأول ،هو المنهج التاريخي ومن خلاله تم الإحاطة بالموضوع من جوانبه المتعددة والإضاءة على معظم الأزمات الدولية ذات التأثير في النظام الدولي بدءاً من مرحلة الحرب الباردة ثم في المرحلة الإنتقالية المتمثلة بوصول الرئيس الأسبق للإتحاد السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة عام 1985 ثم مرحلة ما بعد الحرب الحرب الباردة وأخيراً المرحلة الممتدة منذ وصول المحافظين الجدد الى السلطة في الولايات المتحدة الأميركية.
المنهج الثاني،المنهج المقارن ومن خلاله تم توضيح الفروقات في أداء نظام الأمن الجماعي وتأثيرها على إدارة كل أزمة من الأزمات خلال المراحل التاريخية الآنفة الذكر.
المنهج التحليلي، حيث تم إعتماده لتحليل أثرالتغير في النظام العالمي بالإضافة إلى تحليل الإستراتيجيات الأميركية الممتدة من حلف بغداد حتى مشروع الشرق الأوسط الكبير وأثرها جميعا على نظام الأمن الجماعي ودوره في إدارة الأزمات الدولية وفي فرض السلم والأمن الدوليين .
هذا كله دفعنا إلى طرح التساؤل التالي:
ماذا بقي ، بعد هذا كله ، من الأمم المتحدة، من سلطتها ومن مرجعية ميثاقها ومن هيبة مؤسساتها؟ هل ما زال في وسعها أن تفعل شيئاً لحماية دورها بل وجودها؟ وهل أصبحت بعد أحداث 11 أيلول نظاماً للأمن الجماعي أم لإدارة الفوضى الدولية؟
وبناء عليه فقد قسمنا هذه الأطروحة على الشكل التالي:
v الباب الأول : الأزمة ،إدارة الأزمات خلال الحرب الباردة في ظل نظام الأمن الجماعي
§ القسم الأول:الأزمة وإدارة الأزمات
§ القسم الثاني : الأمن الجماعي في إدارة الأزمات الدولية
v الباب الثاني :إدارة الأزمات في ظل الأحادية القطبية
§ القسم الأول :إدارة الأزمات والإستراتيجيات الأميركية المتبعة
§ القسم الثاني : أبرز الأزمات الدولية في القرن الواحد والعشرين.
في الختام ،ان هذه الأطروحة تدرجت تسلسليا لتوثيق التاريخ بعد أن تم تحليل مراحله وتثبيت مواطن القوة والضعف التي تمثلت فيها المنظمة الدولية كاءطار تلجأ اليه الشعوب عبر حكوماتها لحلحلة المشاكل المعقدة .
وانجاز هذه الأطروحة ،لم ينج من العثرات والعوائق خاصة قلة المراجع المتخصصة باءدارة الأزمات بشكل عام والأزمات الدولية بشكل خاص وانحصارها بالمراجع الأجنبية ،بالاضافة الى ضيق الوقت لدي بسب وظيفتي الأمنية ،حيث أنه تم التغلب عليها بفضل الله أولا ،وبفضل رعاية المشرف البروفيسير كمال حماد الذي لا يمكنني الا وان اسدي اليه ومن خلاله الى كل من ساهم في اتمام عملي أسمى آيات الشكر والامتنان والتقدير ،وما توفيقي الا بالله عز وجل.
ناقشت اللجنة المكونة من الدكاترة محمد المجذوب وكمال حماد وخليل حسين،اطروحة الطالب رواد سليقا،فقبلت الاطروحة ومنحت صاحبها شهادة الدكتوراه في القانون الدولي العام بدرجة جيد جدا.