18‏/02‏/2012

العراق من الاحتلال الى الانحلال

العراق ... من الاحتلال إلى الانحلال
د.خليل حسين
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
نشرت في مجلة الشروق الإماراتية بتاريخ 15-2-2012
صورة لا يُحسد عليها مجتمع ولا دولة،باختصار فوضى سياسية عارمة، فلتان أمني،أنهر من الدماء،فساد ينخر النظام،دولة آيلة للسقوط!.ربما هذه الصورة السوداوية ليست بجديدة لا على المجتمع العراقي،ولا على من يتتبع أخباره، لكن الجديد فيها،إعادة تعويم أزمة سياسية عمرها من عمر سقوط نظام صدام حسين وما أعقبه من احتلال أمريكي لبلاد روافد الحضارات والثقافات.ولا تكمن المشكلة بالأزمة السياسية نفسها بقدر ما تكمن في خلفياتها وتداعياتها المستقبلية الكيانية.
انسحبت القوات الأمريكية من العراق وتركته لقدره، فتلقف سياسيوه الانسحاب ليكون منصة لتصفية الحسابات والانطلاق كل بمشروعه على ليلاه.كانت البداية بإشعال فتيل الخلاف بين رئيس الحكومة نوري المالكي ونائب الرئيس طارق الهاشمي،لأسباب ظاهرها المشاركة بأعمال عنف، أدت إلى قتل عراقيين،وباطنها سياسي – مذهبي على قاعدة الخلاف والاختلاف على تقاسم السلطة والاستئثار بالحكم والمقدرات.
مكونات سياسية بملامح مذهبية
ثمة واقع جديد ترسخت دعائمه ومرتكزاته إبان السنوات الثماني الماضية، قوامه فرز حاد في التركيبة الاجتماعية التي تفرّع عنها مكوِّنات ظاهرها سياسي وباطنها مذهبي – قومي، يصل مداها وتداعياتها إلى العرقي.ومما عزز هذا الفرز مجموعة من العوامل والأسباب الداخلية والخارجية المحيطة بالمجتمع العراقي ومكوناته ومعتقداته؛ويأتي في طليعتها عدم قدرة السياسيين الذين حكموا العراق بما يسمى الإدارة بالأزمات، لمجمل المشاكل التي واجهتهم إبان الاحتلال، ويبدو أنهم مستمرون به حاليا.
هذا الواقع الحاد بملامحه الانقسامية، جاء كنتاج لتموضع مذهبي في اطر ائتلافية ،جمعت متناقضات في السياسة وتقاطع في المصالح، وصل إلى حد التطابق في استغلال السلطة وتوزيع الغنائم كما الاسترسال في المفاسد.ويمكن تمييز عدة مكونات سياسية انخرطت في انتخابات آذار 2010، وما أعقبها من تشكيل حكومة ائتلافية، ولدت قيصرية بعد مخاض لامس سنة من المفاوضات والمساومات والتي لم تحسم إلا بضغوط خارجية.
أبرز المكونات الرئيسية الأربع ضم، القوى والأحزاب السياسية والدينية الشيعية ، التي وجدت نفسها فجأة في الحكم،ممسكة بسلطة واسعة وبمقدرات كانت بيد غيرها قبلا. لكن مشكلتها أنها لم تتعلم من تجارب غيرها السابقة، فمارست السلطة كما مورست عليها قبلا، وتواجه بما واجهته هي أيضا،تقف وراءها كتلة شعبية واسعة،لكنها غير منظمة وتعاني ما تعاني الكتل الشعبية الأخرى من التهميش والعوز. مارست النخب الشيعية السلطة بنوع من النرجسية السياسية،لكنها افتقدت إلى الكادر عالي التخصص،بفعل مشاركتها الفعالة في عمليات اجتثاث البعث، ما حرمها كادرات النظام السابق وخبراته، وبالتالي وجدت نفسها في أتون مشاكل السلطة بعدما حُرمت من نعيمه لقرون مضت.
المكوِّن الثاني الوازن في الحياة السياسية العراقية، يتمحور حول السُنة العرب، الذين فقدوا السلطة عمليا بعد انهيار نظام صدام حسين.استنهضت هذه الجماعة قوتها إبان الاحتلال على قاعدتين أساسيتين،الأولى مواجهة الاحتلال،والثانية التشكيك بمفردات العملية السياسية من انتخابات وما أفرزت من نتائج تشريعية وتنفيذية على قاعدة بطلان أي مظهر يتمخض خلال الاحتلال.ما أدى إلى التشكيك في مجمل العملية السياسية وما نتج عنها، وظهر بشكل واضح وصريح بعد خروج القوات الأمريكية من العراق،تمثل بمطالب إعادة النظر بصياغة العديد من نصوص الدستور ،كما المطالبة بتحويل بعض المحافظات إلى أقاليم.علاوة على مجموعة من الاعتراضات التي تمثل نوعا من الإحساس بالقهر والاستئثار بالسلطة من قبل الجانب الآخر.
المكوِّن العراقي الثالث،يتمثل في التحالف الكردستاني الذي يقود مجموعة الكرد من الشعب العراقي، والذي قدّم نفسه بخطاب برغماتي، استفاد من خلاله وبه من تركيز بيئة الدولة القومية اذا ما أراد يوما إعلانها. وما عزَّز هذا المكوِّن الاجتماعي - السياسي من وضعه،هو استغلال التناحر والاختلاف بين المكونات العراقية الأخرى، الأمر الذي منحه الفرصة والهامش الواسعين للعب ادوار إضافية في التكتلات البرلمانية، كما ضمن مبدأ الفدرالية في الدستور الجديد، كما استتبعه بالبحث عمن يمنحه كركوك كثقل وازن إضافي في لعبة تقاسم القوة في الداخل العراقي. وما يعزز هذا التحرك وتلك الرؤية، احتضانه بتاريخ 28/1/2012 لمؤتمر الأكراد السوريين،حيث كانت الشعارات وبرامج عمل المؤتمر تعبّر عن الرؤية المستقبلية ذات الملامح الانفصالية حين نضوج الظروف الإقليمية والدولية.
أما المكوِّن الرابع الذي قدَّم نفسه بلبوس العلمانية، فكانت أدواته وقواعده مذهبية. وهو تشكَّل من قواعد شيعية وسنية برئاسة أياد العلاوي،لكن هذا المكوِّن لم يأخذ دورا وازنا كما كان منتظرا منه أو له، بفعل العديد من الأسباب والاعتبارات ،من بينها ابتعاده عن إيران،والخلافات التي نشبت بينه وبين مكونات سياسية شيعية وسنية أخرى،علاوة على مراهنة الأمريكيين عليه مما افقده الكثير من مقومات الانطلاق في بيئة تحتضن التيارات المقاومة للاحتلال.

جيش من الأزمات
في اليوم التالي الذي أعلن فيه رسميا عن خروج القوات الأمريكية من العراق،أثار رئيس الحكومة نوري المالكي،قضية نائب الرئيس،طارق الهاشمي،على قاعدة تسببه بمقتل عراقيين عبر أعمال غير مشروعه،من بينها تفجير البرلمان العراقي،ومحاولة اغتيال المالكي.كانت إثارة هذه القضية بمثابة الفتيل الذي أشعل كومة التناقضات والمشاكل والأزمات التي رافقت مسيرة الحكومة منذ ولادتها العسيرة قبل سنة تقريبا؛ولم تكن هذه الحادثة سوى نذير إشعال أزمة سياسية سرعان ما ستتحول إلى أزمة كيانية، بفعل الشعارات المرفوعة حاليا، علاوة على الحِراك القائم لجهة الانسحابات من الكتل البرلمانية الائتلافية، ما سيؤدي إلى إعادة خلط الأوراق السياسية وإعادة توزيع المشهد السياسي الذي يبدو سوداويا في أحسن حالاته كما تقدره مجمل المكونات الوازنة في الساحة العراقية.
أولى مظاهر الأزمة وتداعياتها،الانسحابات التي جرت من القائمة العراقية التي يرأسها أياد العلاوي، حيث أعلنت حركة الوفاق انسحابها من الائتلاف وتشكيل حزب جديد، تبعه انسحاب شخصيات بارزة مثل شاكر الكتاب المقرب من طارق الهاشمي، أعقبه أيضا انسحابات شملت محافظات النجف والبصرة وواسط وبابل وذي قار ، مما أعطى الأزمة أبعادا إضافية يصعب السيطرة عليها وإدارتها في ظل أجواء سياسية – مذهبية ضاغطة وقاسية.
إن التدقيق في هذه الانسحابات والتبدّلات السياسية التي نجمت عنها، يظهر بشكل واضح تحوّل القائمة العراقية إلى مكوِّن سياسي يغلب عليه الطابع السني، بعدما كانت هذه القائمة تشكل تجمّع سياسي مختلط فيه قيادات سياسية شيعية وسنية بارزة، علاوة على قيادات كردية وتركمانية وصائبية،مضافا إليها الكتلة البيضاء، وبانسحاب نوابها من الكتلة البرلمانية،يزيد مظاهر الفرز العام،حيث يتجه الوضع العام إلى تأسيس ثلاث قوى،واحدة على أساس قومي كردي،والأخريتان على أساس مذهبي. وما يعزز هذا المشهد الموقف الكردي من مجمل الأزمة السياسية الحالية،حيث تمسك العصا من الوسط في سياق الوساطة المطروحة لقضية الهاشمي، علاوة على استضافة إقليم كردستان لزعماء سياسيين يشكلون جزءا من الأزمة مثل علاوي،والمطلك والملا والدملوجي إضافة إلى الهاشمي،الذي أثار حفيظة واستهجان ائتلاف دولة القانون .
ان الكتل السياسية الثلاث وما تحتويه من مكونات سياسية لم تتأسس على قواعد حزبية، ذات قناعات مشتركة،بل قامت على أسس ائتلافية فضفاضة. وآلت بها الأمور إلى نهايات معروفة كما تنتهي أية كتلة ائتلافية في أي نظام سياسي، حيث تقاسمت السلطة ومقدراتها بداية،وسرعان ما افترقت عند أول خلاف على مغانم ومصالح معينة.ففي الوقت الذي برز بشكل واضح ان القائمة العراقية فشلت في تقديم نفسها باعتبارها شريكا فعليا في السلطة، نجح الطرفان الآخران وان بوجهات سلبية في تنفيذ برامجهما، فائتلاف دولة القانون تمكّنت عبر رئيسها مثلا بإمساك السلطة بكافة مفاصلها وبشكل آثار حفيظة المكونات السياسية المقابلة، التي أخذت تنحو باتجاه مطالب خاصة متعلقة بالمحافظات ذات الأغلبية السنية مثل محافظات صلاح الدين والموصل وديالى والأنبار،وبموازاة الصعود الفارق للمكون الكردي الذي بات بمثابة الحكّم بين الطرفين بعدما انتزع قوته من ضعف الطرفين الآخرين.
أزمة ثقة
ثمة أزمة ثقة قائمة بين أطراف المكِّون السياسي العراقي،فالكل لا يثق بالكل، والجميع يدير أزمت النظام بافتعال أزمات موازية للمفاوضة والمقايضة،ما يوسّع فجوة الخلاف ويبعد المسافات ويؤجج النزاعات والصراعات، فمنذ العام 2003 حتى وقتنا الراهن،لا يخرج النظام من أزمة حكم إلا ويكون قد تهيأ للدخول في الثانية. نظام برلماني اتحادي فدرالي قائم على مثلث قومي كردي ومذهبي سني شيعي، اعتبره البعض حلا على الأقل في مرحلة انتقالية خلال فترة الاحتلال،سرعان ما حولته الكتل نفسها إلى وسيلة إما للقهر والاستئثار،وإما وسيلة للانفصال،فيما عامة المجتمع العراقي من كل الطوائف والمذاهب والقوميات عانت وتعاني من أشكل التهميش الاجتماعي والاقتصادي.
ان ما يصطدم به كل من التحالف الوطني وائتلاف دولة القانون في ظل الأزمة الحالية، خياران أحلاهما مرٌّ بالنسبة لكليهما. فإما الرضوخ لمطالب القائمة العراقية وبدعم من التحالف الكردستاني، بتنفيذ بنود مؤتمر أربيل 2010؛وإما انتظار تحالف خصومهم مع التحالف الكردي بشقيه في البرلمان بهدف إسقاط حكومة المالكي،ما يعني ان الدخول في هذا السيناريو المزيد من تعقيد العملية السياسية،حيث استغرق تشكيل حكومة المالكي بعد انتخابات آذار 2010 ما يقرب من السنة،فكيف سيكون عليه الوضع حاليا في ظل الانقسام االعامودي الحاد بين مختلف أطياف الشعب العراقي؟
لا تقتصر الأزمة الحالية على هذا الجانب،بل يتعداه الأمر إلى أسباب وخلفيات أخرى لا تقل شأنا أو خطرا على مستقبل العراق ومكوناته الاجتماعية والسياسية. فثمة أزمة في تركيبة السلطة وتوزيعها،التي استأثر بها تحالف دولة القانون، ما أدى إلى ظهور شعارات اللامركزية التي لامست الجانب السياسي عبر المطالبة بتحويل بعض المحافظات إلى أقاليم،وبالتالي تحوّل بعض مظاهر الأزمة السياسية إلى مظاهر أزمات ذات بُعد كياني مآلاته التفتيت والتقسيم والتجزئة كما ينظر إليها بعض العراقيين.
أبعاد خارجية
وما يراكم الخوف والقلق من تلك الأزمات الكيانية، الأبعاد الخارجية للأزمة الحالية، وهي متعددة الأوجه والأبعاد؛فهي عربية من جهة وغير عربية من جهة أخرى.باختصار باتت دول الجوار الجغرافي للعراق اللاعب الأقوى في تحديد سياساته الداخلية والخارجية،كما الأفعل في ترتيب أولوياته وتحالفاته.
فالعراق المتروك إقليميا ودوليا لقدره، محاط بدول طامحة للعب ادوار إقليمية عظمى، كما ان موقعه الجيو سياسي بات موقعا للشد والجذب المذهبي.شيعيا في شرقه وغربه،وسنيا في شماله وجنوبه؛وفي كلتا الحالتين ثمة تراخٍ وعدم قدرة واضحتين، على ان يكون للعراقيين دور في تحديد موقعهم السياسي،وباتوا مجرد توابع ارتدادية لهزات مذهبية وقومية تشهدها المنطقة حاليا.فإيران الفارسية الشيعية تبحث عن مواقع تشد أزر أذرع سياساتها الخارجية ومن بينها الساحة العراقية المهيأة لذلك؛ كما تركيا العثمانية السنية التي تخلت عن سياسة "تصفير المشاكل" وانطلقت أيضا للعب الدور نفسه من خلال الساحة العراقية وغيرها. ان هذين التجاذبين يجعل من العراق بيئة مناسبة للضم والفرز السياسي والمذهبي والقومي ما يعزز سيناريوهات الدخول بالأزمات المتلاحقة التي يصعب السيطرة عليها وإدارتها بأكلاف تقليدية معتادة.

المؤتمر الوطني ... أزمة سياسية منتظرة
ثمة آمال معلقة على انعقاد المؤتمر الوطني الذي دعا إليه،الرئيس العراقي جلال الطالباني، فهل هناك أمل من انعقاده أولا؟ وإذا كان الأمر ممكنا هل ثمة اتفاق على مكانه وجدول أعماله؟ وما هي مواقف الأطراف المفترض دعوتها لحضوره؟ أسئلة كثيرة بحجم المشاكل والأزمات التي يتخبط بها العراق،لكن الإجابة عليها تستلزم التدقيق في المواقف والخلفيات التي يقف وراءها كل طرف من الأطراف العراقيين.
أولا، ثمة خلاف على مكان انعقاد المؤتمر،فالأكراد يصرّون على عقده في أربيل،المكان الذي يعطيهم قوة معنوية إضافية لإدارته والتحكم بمساراته، فيما يطالب ائتلاف دولة القانون والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي والتيار الصدري وحزب الفضيلة وتيار الإصلاح الوطني انعقاده في بغداد.وثانيا لجهة ربط المكان بنوعية الحضور،فثمة سياسيون يربطون حضورهم بحضور سياسيين آخرين، فمثلا يربط أياد علاوي حضوره بحضور رئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني،فيما شدد آخرون على ضرورة حضور الرئيس العراقي جلال الطالباني،باعتباره صاحب الدعوة،والجهة الأكثر قدرة على الـتأثير في تقريب وجهات النظر،لكن غيابه لفترة ربما تطول بسبب العلاج في ألمانيا ، يعزز الشكوك بإمكانية انعقاد المؤتمر أصلا برعايته وحضوره في القريب العاجل كما يأمل البعض.
أما لجهة جدول أعمال المؤتمر، فقد شكّلت قضية نائب الرئيس طارق الهاشمي منصة للشروط والشروط المضادة، فبينما تضع القائمة العراقية شروطا ومطالب محددة بمسألة الهاشمي لحضور المؤتمر، يطالب التحالف الوطني بعدم إدخال القضية في أي ملفات سياسية كما يرفض إدراجها كقضية في جدول أعمال المؤتمر. في الوقت الذي لن تتاح الفرصة للهاشمي حضور المؤتمر سيُفرض ملفه عمليا على فعاليات المؤتمر وسياقات مناقشاته في حال انعقاده.
ان احتمالات الفشل تطغى على الأجواء السياسية السائدة، وما يؤكد هذه الفرضيات بعض المواقف، ومن بينها الخيارات التي طرحها رئيس القائمة العراقية أياد علاوي،والتي تتلخص في حل الحكومة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة،فيما الخيار الثاني قيام التحالف الوطني باعتباره الكتلة الأكبر في البرلمان بتسمية رئيس حكومة جديد ،وإما ثالثا تشكيل حكومة شراكة استنادا إلى اتفاقية أربيل الموقعة أواخر العام 2010 بين المالكي وعلاوي والبرزاني.فيما يدعو المالكي إلى حكومة أغلبية بعد انسحاب القائمة العراقية من الحكومة وتشكيلها كتلة برلمانية معارضة، في الوقت الذي تتحمس الكتلة البيضاء لهذه الطروح أملا بكسب بعض المقاعد الوزارية. فيما الأكراد يدعون إلى الالتزام باتفاقية أربيل وحل قضية الهاشمي عبر تسويات سياسية.
إنَّ التدقيق في مجمل مواقف وطروح الفئات السياسية العراقية تشير إلى ان العراق مرشح للدخول في أزمة أخرى ظاهرها سياسي وباطنها كياني ما يوجب البحث عن خيارات أخرى لتفادي الأسوأ والذي لن يكون أي طرف بمنأى عن تداعياتها وذيولها.
ما العمل؟
ان محاولة تجاوز الأزمة والولوج في رسم معالم المرحلة المقبلة يتطلب التوافق على سلة من المكونات الرئيسة من بينها:
- ان بناء دولة المؤسسات أمرا لازما وضروريا من خلال الشراكة التي ينظمها الدستور وبخاصة المادة 66.
- الشروع بعملية التعديلات الدستورية وبخاصة الثغرات الناجمة عن انتخابات آذار 2010،التي كانت سببا رئيسا للأزمات السياسية المتلاحقة.
- الالتزام بنصوص اتفاقية أربيل.
- تأسيس أحزاب سياسية عابرة للطوائف والمذاهب والقوميات.
- بناء القوات المسلحة على أسس وطنية لا فئوية تعيد دوره في الحفاظ على مكونات العراق.وتعزيز الثقة بالنظام القضائي.
- نقل بعض الصلاحيات من الحكومة المركزية إلى حكومات المحافظات.
- تطوير وتعزيز آليات المشاركة والابتعاد عن الاستئثار في السلطة والتفرد.
قدر العراق كغيره من البلدان العربية، التخبط بأزمات داخلية ذات أبعاد خارجية، لكن هذا القدر ليس بالضرورة واقع يستوجب الاستسلام، واعتباره أمرا مقضيا؛ فاستعراض تاريخ الدول وحضاراتها زاخر بالتجارب والمحن المماثلة،لكنها تمكنت بفضل إرادة شعوبها العبور إلى بر الأمن والأمان الذي بات مطلبا ضروريا لكل عراقي.