06‏/11‏/2015

روسيا والعودة العسكرية الى الشرق الأوسط


روسيا والعودة العسكرية الى الشرق الأوسط د.خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 12-9-2015 ليست سابقة أن تجدد روسيا تموضعها العسكري في بعض المناطق التي تعتبرها حيوية، أو تمثل هدفاً استراتيجياً، لكن الجديد هو زيادة منسوب التموضع في سوريا، والمترافق مع سياسات عسكرية تسليحية نوعية، اعتبرتها الولايات المتحدة «مقلقة»، وهو مصطلح تستعمله واشنطن تعبيراً عن أزمة قائمة تستلزم البحث فيها قبل انسيابها إلى أماكن يصعب السيطرة عليها، وهو ما صدر عن وزير الخارجية جون كيري، الذي كان بمثابة رسالة واضحة إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف. فالتواجد العسكري الروسي في سوريا، الذي بات يتخذ نقلات نوعية في العديد والعتاد، لا يعني بالضرورة فقط كما يفسره البعض، أنه دعم مباشر للقوى العسكرية النظامية وسياساتها الداخلية، بل يمكن أن يفسر أيضاً، بأن موسكو قد اتخذت قرارات من نوع استراتيجي، مرتبطة بسياسات دولية وليست مجرد دعم نظام أو فئة سياسية محددة، وما يعزز ذلك المسار، نوعية التعاطي الروسي مع الملفات السورية، ومن بينها مثلا ملف السلاح الكيميائي الذي كان لروسيا دور أساسي في إغلاقه، والتي حصلت دمشق في مقابله على وضع سوريا تحت المظلة النووية الروسية. فموسكو نشرت أعداداً إضافية من مستشارين وفنيين عسكريين في قاعدة طرطوس، وهي بالمناسبة الرئة المائية الوحيدة لموسكو في المياه الدافئة، وبحسب تقارير غربية، فإن الانتشار تمدد إلى مواقع ومناطق محاذية تقدر الأوساط نفسها، أنها ستكون بيئات عسكرية إضافية روسية على ساحل المتوسط، ما يعزز الاعتقاد أيضاً أن لموسكو برامج إقليمية خاصة أبعد من مسألة دعم عسكري لوجستي، وحتى قتالي للقوة النظامية السورية. وفي موازاة ذلك السلوك المدفوع بهاجس العودة إلى الشرق الأوسط، ثمة ديناميات متسارعة في العلاقات الأمنية والعسكرية الروسية الإيرانية، وهي ليست بالضرورة أيضاً مفصولة عن سياقات العلاقات مع سوريا، بل ثمة ربط موضوعي بها. فثمة حديث عن صفقة طائرات «سوخوي 30» ستعقد لمصلحة طهران، وهي طائرات استراتيجية ومزدوجة المهمات دفاعياً وهجومياً علاوة على التفاصيل والمزايا المتقدمة التي تتمتع بها، وهي بالمناسبة لا تمتلكها سوى دول قليلة جداً حليفة لموسكو، إضافة إلى صفقة صواريخ «إس إس 300»، التي باتت شبه منجزة بعد اتفاق الإطار الإيراني مع الدول الست بخصوص البرنامج النووي، وهنا يطرح السؤال الأكثر حراجة، هل إن موسكو وضعت إيران أيضاً تحت المظلة النووية بعد اتفاق الإطار؟ نظرياً ما ينطبق على دمشق من الممكن منطقياً أن ينطبق أيضا على طهران. في المحصلة ثمة حراك روسي متعدد الاتجاهات في الزمان والمكان المقلقين لواشنطن ول «إسرائيل» أيضاً، وما يعزز ذلك أيضاً ارتفاع منسوب تصريحات القيادات العسكرية والسياسية «الإسرائيلية» مؤخراً والمتوجسة من هذا الحراك، الذي اعتبرته «تل أبيب» خطراً على جبهتها الشمالية في حال ازدياد الاندفاع الجوي الروسي في سماء سوريا. في أي حال من الأحوال، لم تكن موسكو في يوم من الأيام غير مهتمة بمنطقة الشرق الأوسط، بل سعت بكل ثقلها لتكون طرفاً فاعلاً في أزماتها ومشاريع حلولها ماضياً ومستقبلاً، بل ظلت المنطقة باباً رئيسياً لعودتها للنظام العالمي، لكن مراقبة السلوكين السياسي والعسكري الحاليين، يشيران إلى جملة من الأسئلة التي ينبغي التوقف عندها، ومن بينها، هل تعتبر موسكو أن ظروف المنطقة مناسبة لهذه الاندفاعة؟ وهل بمقدورها حالياً الوصول إلى أهداف محددة عجزت عن تحقيقها خلال العقدين المنصرمين مثلاً؟ وهل ثمة فك وربط بين ما يجري في شرقي أوروبا، وتحديداً في البلقان، وما يجري في الشرق الأوسط؟ ثمة الكثير من يربط بين أزمات القرم سابقاً، وما جرى من حروب امتدت عالمياً، وكانت حساباتها مرتبطة بحسابات شرق أوسطية! لكن الأسئلة الأكثر إلحاحاً هي المرتبطة بقدرة المنطقة في ظل هذه الظروف على تحمّل هذه السياسات الخطرة، إن لم تكن مقلقة كما تدعي واشنطن، في الواقع، إن عودة أي قوة هادفة إلى المنطقة ومنها روسيا، ستتسبب بأوضاع ليست مريحة لدولها ولشعوبها، لاسيما وأن واشنطن ومن يتحالف معها، لن تقف مكتوفة الأيدي أمام من يندفع إلى منطقة تعتبرها مجالاً حيوياً لها، وفي أضعف الإيمان حديقة في فنائها الخلفي. فهل يعلم العرب ماذا ينتظرهم؟ يساورنا شك دائم في ذلك. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/3068e5c7-dd49-4fcc-aa05-085132e6a5ee#sthash.2QC67EsR.dpuf