06‏/11‏/2015

عجز دولي عن محاربة الارهاب


عجز دولي عن محاربة الارهاب د.خليل حسين صحيفة الخليج الاماراتية 4-10-2015 في عيدها السبعين، رفعت قمة الأمم المتحدة شعار محاربة الإرهاب، علها تستفيد من اجتماع قيادات دول، يصعب جمعها حول موضوع واحد وفي مكان واحد. لكن المفارقة في ذلك، أن المجتمعين وإن عانوا الأمرين لم يتفقوا على بيئة تنفيذية عملية موحدة لمواجهة أخطر إرهاب تواجهه البشرية جمعاء، منذ نشأة الدول والمجتمعات، وحتى الأمم المتحدة نفسها. طبعاً للأمم المتحدة نفسها، دور حافل في التوصل إلى سبع عشرة اتفاقية دولية شارعة لمكافحة الإرهاب، علاوة على عشرات القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، بما فيها القرارات الملزمة تحت الفصل السابع، لكن أياً منها لم تتمكن حتى الآن من تحقيق الحد الأدنى للقضاء على المنظمات الإرهابية وتفادي تداعيات إجرامها وآخرها تنظيم «داعش». والمفارقة اليوم أن الهوة في مواجهة الإرهاب تزداد اتساعاً، فالتحالف الدولي الذي انطلق العام الماضي وفقاً للقرارين 2170 و2199، لم يحقق شيئاً يذكر، بل إن تنظيم «داعش» ورغم الضربات التي وجهت له جواً، ضاعف قدراته لجهة التمدد الجغرافي، كما نفوذه المادي والمعنوي في كثير من المناطق التي استحوذ عليها. وفي الوقت نفسه انقسمت القوى المتضررة منه، في كيفية مواجهته، حتى وصلت الأمور إلى حد تشكيل تحالف جديد لمواجهة التنظيم، إلى جانب التحالف الدولي القائم. طبعاً، كعادتها لم تتمكن الأمم المتحدة في دورتها الحالية من فعل شيء يذكر في هذا المجال، بل كانت مرتعاً رحباً لتنظير رؤساء الدول وقياداتها، ومكاناً مناسباً لتبادل اللياقات الدبلوماسية المعتادة، في وقت تكثر فيه تبادل الأدوار والمزايدات لمواجهة الإرهاب خارج قاعات الأمم المتحدة. فروسيا أطلقت ضرباتها الأولى في سوريا ضد تنظيم «داعش» وأخواته، ذلك في إطار حلف سوري عراقي إيراني مواز للتحالف الدولي، لكن السؤال الذي يطرح هنا، أليس الهدف واحداً والغاية مشتركة؟ فإذا كان الأمر كذلك لماذا لم يتم التوصل إلى استراتيجية مشتركة؟ أما إذا كان الأمر مختلفاً وهو كذلك، فإلى أين ستسير الأمور؟ وأين دور الأمم المتحدة التي أخذت الأمر على عاتقها عبر سلسلة من المعاهدات والقرارات الدولية الملزمة؟ في الواقع، تعتبر الأمم المتحدة انعكاساً لواقع القوى المتنفذة فيها، وبالتالي هي أعجز من أن تتمكن من تنفيذ قرار متخذ وسط خلاف دولي عليه، الأمر الذي سيزيد الوضع تعقيداً إذا سارت الأمور على هذه الحال، لاسيما إذا كان الانخراط العسكري الروسي الحالي، يمثل حالة استثمارية خاصة في مواجهة إرهاب تنظيم «داعش»، فربما سيتحول في المستقبل إلى مواجهات بين أطراف، يفترض أنها تحارب عدواً واحداً هو تنظيم «داعش». صحيح أن المنطلقات والتوجهات بين الطرفين متباينة تجاه العديد من الملفات الفرعية المتصلة بموضوع الإرهاب، إلا أن ظروف المنطقة لا تحتمل الكثير من الضغوط القابلة للانفجار بشكل يصعب السيطرة عليها. وهنا تكمن مفارقة الأمم المتحدة نفسها لجهة عدم قدرتها على إدارة أزمات بعض الملفات الفرعية المتصلة في المنطقة. إلا ما خلا بعض الحالات الناشئة عن الحروب، وهي في طبيعتها مسائل ذات طابع إنساني بوجهيه الاجتماعي والاقتصادي. لقد زُجّت الأمم المتحدة على مدى سبعة عقود في قضايا هي أكبر منها، ومن بينها قضايا الإرهاب، وعلى الرغم من أن هذه القضية هي ضيف ثقيل دائم على جدول أعمالها السنوي، إلا أنها لم، ولن تكون قادرة على إنجاز شيء يذكر في هذا المجال للعديد من الاعتبارات التي باتت معروفة في ظل آليات العمل المتوفرة لها. ومن هنا، يبدو أن ضرورات الأوضاع القائمة حالياً، تستدعي التفكير ملياً في البحث عن آليات جديدة مبتكرة لمكافحة الإرهاب، كإنشاء «مجلس دولي لمكافحة الإرهاب»، له سلطات وصلاحيات خاصة به، على غرار مجلس الأمن والصلاحيات المنوطة به. صحيح أن الأمم المتحدة أنشأت العديد من اللجان والمجالس المتخصصة في هذا الموضوع، إلا أن آليات عملها، كانت مرتبطة بأجهزة أخرى تخضع لأمزجة سياسية مختلفة، الأمر الذي عطل عملها وزاد الطين بلّة. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/d36c3707-4f02-44e2-bdec-35136650200a#sthash.4DXpqHQn.dpuf