02‏/10‏/2014

خصائص الإرهاب الداعشي

خصائص الإرهاب الداعشي خليل حسين صجبفة الحليج الاماراتية 10-9-2014 ثمة أنواع وصور كثيرة للإرهاب ظهرت عبر التاريخ البشري، إلا أن أسوأها وأبشعها، تلك التي تلفعت بعباءة الدين غاية وهدفاً لتنفيذ إجرامها . ففي القرون الوسطى ظهرت الحملات الصليبية ضد الشرق نموذجاً فجاً، وقبلها ظهرت عصابات السيكارى التي اختبأت تحت الديانة اليهودية قبل المسيحية، وصولاً إلى عصابات الهاغانا والشترن اليهوديتين في فلسطين، وما بينها من منظمات إرهابية قومية شوفينية ويسارية ويمينية، وصولاً إلى المنظمات التي لبست لبوس الدين الإسلامي وسيلة لتنفيذ مجازرها . إن أغلب المنظمات المتطرفة التي وصلت أفعالها إلى مستوى الإرهاب والإجرام، اشتركت في صور نمطية طغى عليها طابع بث الرعب والذعر بين الجماعات التي استهدفتها، وفي أغلب الأحيان تمكنت من الوصول إلى غاياتها بيسر وسهولة، نتيجة عدم وجود استراتيجيات موحدة لمواجهتها والقضاء عليها . ورغم وجود أوجه كثيرة للتشابه بين تلك المنظمات لجهة الفعل والنتيجة، إلا أن ما تقوم به داعش ميّزها عن غيرها لجهة الوسائل والأهداف والحالات التوظيفية التي تستفيد ويستفاد منها . فعلى الرغم من كونها منظمة تجمع مرتزقة العالم ومجرميه، أعلنت دولتها وخلافتها، وهي سابقة في أن تتمكن منظمة إرهابية من إعلان دولتها من دون مواجهة فعالة واستثنائية من المجتمع الدولي، سوى قرارات تفتقد إلى الآليات التنفيذية . كما أنها المنظمة الوحيدة في العالم، التي تمكنت من إعادة رسم خرائط الجغرافيا السياسية لمنطقة هي الأشد حساسية في العالم، وكسرت اتفاقات قام عليها النظام الجيو سياسي الشرق أوسطي منذ نحو تسعين عاماً، وفوق ذلك كله لها نيات واضحة بالتمدّد إلى غير اتجاه . كما باتت داعش أغنى منظمة إرهابية في العالم، بعدما سيطرت على مناطق شاسعة فيها حقول نفط تعتبر الأهم في العالم . ورغم إجماع دول العالم على وجوب التصدي لها والعمل على ضربها، تمكنت من فتح قنوات كثيرة في الأسواق السوداء لتصدير النفط وبالتالي، امتلاك ذاتية التمويل والاستمرار . وعلى الرغم من ذاتية التمويل، فلا تزال تعد من المنظمات ذات الطابع التوظيفي في إطار السياسات المحلية والإقليمية والدولية، والمفارقة أن الأعداء والخصوم والحلفاء والحكام والمعارضات في دول المنطقة، تجد سهولة واضحة في إيجاد الوسائل للاستفادة من أفعالها وإرهابها، وبطرق غير مكلفة سياسياً وعسكرياً وأمنياً . والمفارقة الأغرب والأسوأ في طبيعة المستهدفين من إجرامها، فهم البشرية برمتها، فداعش وجهت رعبها إلى جميع من يخالفها الرأي حتى ولو في أبسط الأمور تفصيلاً دينية أم دنيوية . فهي منظمة تكفيرية تؤمن بدين على شاكلتها، وتفتي بشرائع وقوانين لم تشهدها حتى مجتمعات العصر الحجري، وبالتالي الأمر لا يقتصر على دين أو مذهب، بل تشمل أفعالها الإنسان كإنسان، بصرف النظر عن عرقه أو قوميته أو دينه، وهنا تكمن بشاعة القضية، وكأننا أمام مشهد سريالي يمهّد لإنهاء البشرية وحضاراتها وثقافاتها . في الحقبات الماضية حتى يومنا هذا، ثمة أعداد من صور الصراعات التي وصلت إلى حد الإرهاب التي لا تعد ولا تحصى، وكانت جميعها، وبصرف النظر عن نتائجها، محاولات لتحسين صور البقاء نحو الأفضل، أما في عصر الداعشية، فثمة أمر مختلف، أقله العودة بالعالم وساكنيه إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث العدمية المطلقة . والسؤال الأهم في هذه الصور الظلامية، ما العمل لتفادي الأسوأ؟ إذا كانت سبل ووسائل مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، باتت أمراً مفروغاً منه، فإن مواجهة الإرهاب الداعشي يتطلب سبلاً ووسائل استثنائية، بقدر أخطاره وآثاره على الجنس البشري، وطالما أن الإنسانية مهدّدة به، فيستوجب النظر إليه بطرق مختلفة، أولاً الاقتناع بجدية خطره، وثانياً توفير آليات تنفيذية جدية لمواجهته والقضاء عليه، وثالثاً، والأهم من هذا وذاك، عدم تلبس صور الرعب والذعر منه، باعتبار أن أبرز وسائل نجاحاته، الخوف منه، وعدم مواجهته والهروب إلى الأمام منه . ألا تستحق هذه الخصائص الإرهابية طرقاً مختلفة؟ يبدو الأمر أكثر ضرورة ووجوباً من أي وقت مضى . د . خليل حسين - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/3a1e557c-cd81-4d89-8035-8511b3767650#sthash.umUh9k7M.dpuf