02‏/10‏/2014

اليمن مجددا بين الحسابات الاقليمية والدولية

اليمن مجددا بين الحسابات الاقليمية والدولية د.خليل حسين نشرت في صحيفة الخليج الاماراتية بتاريخ 30-9-2014 بعد أربع وعشرين سنة وحدة بين شطري اليمن، وبعد ثلاث سنوات من حراك شعبي واسع، تخللها شتى أنواع الصراع، وضع اليمن مجدداً في حالة هي أشبه بحالة انتظار لما ستكون عليه أوضاع المنطقة برمتها، سيما أن خصوصيات الواقع اليمني، جاهزة لهذا النوع من الاحتمالات . ورغم ما حدث من تبدل دراماتيكي سريع في موازين القوى الداخلية، بعد سيطرة الحوثيين على مفاصل السلطة السياسية والعسكرية، والتعفف السياسي الذي مارسته بعدم استلامها السلطة، والاكتفاء بتوقيع شراكة الحكم برعاية دولية، كل ذلك يشي مبدئياً أن التركيبة السياسية الداخلية القائمة حالياً، ستستهلك المزيد من الوقت والمزيد من ديناميات النزاع الداخلي، قبل الوصول إلى مرحلة استقرار النظام ولو بحدود وشروط معقولة . فاليمن المعاصر كما الحديث، كان عبر تاريخه السياسي مرتبط إلى حد كبير، بجملة توازنات داخلية طابعها الأساسي عشائري - طبقي ضمن تركيبة معقدة من السلطة، والتي يصعب اختراقها من دون إحداث تغييرات بنيوية في هيكلية التركيبة الحاكمة . علاوة على الواقع الجيو سياسي اليمني الذي كان عبر التاريخ، محط أنظار قوى إقليمية ودولية فاعلة للسيطرة عليه أو على سياساته، وهذا ما كان سبباً رئيسياً في تقسيمه، والعودة به أيضاً إلى الوحدة عام 1990 التي لم يستفد من هذه التجربة تحديداً، لإعادة هيكلة النظام السياسي الذي واجه متاعب كثيرة وصولاً إلى ما وصل إليه حالياً . وبصرف النظر عن آليات الحكم الداخلية وتوازناتها المصطنعة التي تم التوصل إليها عبر الاتفاق، يبقى للعامل الجيو سياسي الأثر الفاعل في تحديد موقعه ودوره، وبالتالي نسبة استقراره الداخلي، أسوة ببقية العوامل المحيطة به عربيا وغير عربي . فباب المندب الذي يقع في منتصف خط النفط العالمي الذي يربط مضيق هرمز بقناة السويس، ظل عبر التاريخ موقعاً سعت غير قوة للسيطرة عليه، في محاولة للتحكم بالرئة النفطية للعالم، بدءاً بأيام الحرب الباردة، مروراً بالتدخلات العربية وغير العربية في شأنه الداخلي، وصولاً، إلى السيطرة الأمريكية الكاملة عليه بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، كل ذلك جعل من اليمن ساحة اختبار إقليمي ودولي حقيقي، ويرتبط بشكل أو بآخر في محاور إقليمية غالباً ما كان الوضع الداخلي أداة طيعة ومرنة للاستخدام والاستثمار في غير سياسة ومحور . واليوم يبدو أن اليمن كان ساحة نموذجية للاشتباك والاستثمار الإقليمي والدولي، وثمة اعتقاد شائع وفيه نسبة عالية من الصحة، أن مقايضات قد حصلت وستحصل في غير موقع في الإقليم، بدءاً من العراق وليس انتهاءً بلبنان أو سوريا وغيرهما من البلدان الملتهبة، وثمة من يؤسس ويعزز لهذه الفرضيات السياسية التي لها كثير من السوابق، اللقاءات الجارية حالياً بين إيران والسعودية والولايات المتحدة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة . واليمن الذي كان مرتعاً رحباً للعمليات الإرهابية التي مارستها "القاعدة" ضد القوات الأمريكية وغيرها، يجد نفسه اليوم وسط عاصفة دولية - إقليمية لمحاربة الإرهاب "الداعشي"، وهو بالتأكيد سيكون جزءاً منه باعتباره مركزاً للشد والجذب وبخاصة الإقليمي، وعليه أن عاملاً إضافياً آخر، سيدخل على خط التوازنات الداخلية والتي لها ارتباطات خارجية واضحة، مما سيؤثر في مدى ونسبة الاستقرار الداخلي، وبالتالي ترجمة مقبولة ومعقولة للاتفاق السياسي الأخير . لقد تحوّل اليمن السعيد في زمن التحولات العربية، إلى بلد لا يشبه مكونات السعادة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشيء، بل إن مجمل مكونات الواقع اليمني لم يعد كافياً لأن يأخذ دوراً ولو مقبولاً في محيطه، وبات يدور في سياسات محاور لم تكن يوماً قادرة على حل مشاكله التي باتت لا تعد ولا تحصى، فهل أن الاتفاق المبرم برعاية دولية سيكون مدخلاً للملمة الوضع اليمني، أم أنه سيكون كغيره من الاتفاقات السابقة كالمبادرة الخليجية، إن واقع المنطقة التي تمر في مرحلة هلامية هجينة يعطي صورة قاتمة لوضع ربما سيستمر لأكثر مما يتصوره المراقبون، أو حتى أصحاب القرار في المنطقة . وعليه فاليمن غير السعيد بما يجري فيه وعليه، سيكون قدره في حال انتظار لحسابات إقليمية ودولية أخرى . - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/9debb039-16fc-403a-8485-5cdfee3d74c7#sthash.8AW9U0Op.dpuf