02‏/10‏/2014

الانقسام عى محاربة الارهاب الداعشي

الانقسام عى محاربة الارهاب الداعشي د.خليل حسين نشرت في صحيفة الخليج الاماراتية بتاريخ 23-9-2014 انتشر الإرهاب ماضياً وحاضراً، وبلغ ذروة الإجماع الدولي على مواجهته والقضاء عليه، بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة، وتوّج بقرار دولي (1373) غير مسبوق لجهة الشمول والوسائل وآليات المواجهة . كما أسند القرار بإجماع دولي غير مسبوق إلى قضية محددة بعينها . وبعد بروز الإرهاب الداعشي وتمدده في غير مكان، جاء القرار 2170 ليعطي اندفاعة دولية جديدة، لكن سرعان ما انقسمت وجهات النظر حول خلفيات المواجهة، وباتت محاربة الإرهاب تجمع ضمن محور محدد، وسط غياب أطراف أخرى معنية فيه وبآثاره . فما هي تداعيات الانقسام؟ وهل يمكن مواجهة إرهاب بهذا المستوى والخطورة بعين واحدة؟ فالإمكانات التي وضعت لتنفيذ القرار 1373 - ،2001 لم يسبق لها مثيل، ورغم ذلك لم تتبدل صور الإرهاب، بل إن التدقيق في بعض مظاهره، يثبت العكس، رغم أن نية المكافحة والرغبة والإمكانات متوافرة، ما يعزز فرضية إما قدرة هذه المنظمات الإرهابية على تسويق نفسها في بيئات محددة والنمو فيها، وإما وجود ثغر هائلة في وسائل المكافحة وآلياتها . وفي مطلق الأحوال ثمة اعتقاد شائع وصحيح إلى حد كبير، مفاده إسناد فشل المكافحة إلى ازدواجية المعايير وكيفية التعاطي مع قضايا ذات خلفية وآثار واحدة . في العام 2001 احتلت أفغانستان ومن ثم العراق ،2003 وجرى العديد من الحروب التكتيكية الصغيرة هنا وهناك، على خلفية مكافحة الإرهاب، ورغم بعض الاعتراضات تابعت الولايات المتحدة بحجج وذرائع مختلفة للمضي في نفس الوسائل والأدوات لمواجهة من يعترضها بذريعة مكافحة الإرهاب، وبصرف النظر عن الأهداف المعلنة وغير المعلنة، لم تتمكن واشنطن لا من القضاء على الإرهاب ولا احتوائه، بل بالعكس أسهمت في زيادة منسوب معارضتها ومواجهتها عسكرياً وأمنياً في بعض مناطق العالم . وفي موازاة الفشل الأمريكي في مواجهة الإرهاب، نمت مظاهر إرهابية أشد أثراً وفتكاً بالبشرية وبالقيم الإنسانية، وما زالت الولايات المتحدة تحارب الإرهاب بنفس العدة والعقلية التي اتبعتها في السابق، ما يعزز الاعتقاد أن الخطر سيستمر وأن تداعياته ستكون أكثر إيلاماً وفتكاً بالمجتمعات وما تبقى من أنظمة ودول . فمن المتعارف عليه في علم الاجتماع السياسي، أن التراخي في مواجهة أي جماعات صاعدة، سيعزز من فرص وصولها إلى غاياتها بأثمان متواضعة، وبخاصة إذا ما تمت تجزئة مواجهتها، أو استثناء أطراف هم معنيون بمكافحتها وهذا ما يحصل حالياً في منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد في مواجهة الإرهاب الداعشي . إن مكافحة الإرهاب من منطلق محور إقليمي أو دولي، مهما بلغت قوة حشده ووسائل مواجهاته، سيظل عاجزاً عن تأمين متطلبات الحسم ولو في جزئيات محددة من المواجهة، وبالتالي إن تأمين الإجماع وعدم الاستثناء بالتأكيد سيعزز من فرص نجاح المواجهة المفترضة . كما أن الانقسام في سبل المواجهة، سيعزز من عزم الجماعات الإرهابية ويعطيها دفعاً إضافياً لتمكينها وتثبيت نفوذها وسيطرتها، وبالتالي تمكينها من تكريس صور نمطية في العقل الجمعي للمناطق التي تسيطر عليها، مقابل ضمور القوى المواجهة لها وانحلالها، ما يزيد الأمر تعقيداً، وبالتالي صعوبة القضاء عليها . إن أبرز وسائل اكتساب القوة والتغلغل في الوسط الاجتماعي، عندما تتمكن مطلق مجموعة الاستفادة من الانقسام في التعاطي معها، عندها وعندها فقط تجد البيئة الخصبة والمثالية لزيادة فعاليتها . وبالتالي إن تمترس قوى إقليمية ودولية في مواقع متقابلة لمواجهة الإرهاب عمل من شأنه إضعاف قوى الفريقين في الوقت الذي يُعتبر الطرفان هما المتضرران من الأفعال الإجرامية الإرهابية . ثمة إجماع لا سابق عليه، بأن الإرهاب الداعشي فعل إجرامي غير مسبوق، وهو موجه ضد الجنس البشري، وضد الإنسانية بقيمها وثقافاتها وحضاراتها، وبالتالي إن الجميع معني بالمكافحة والمواجهة، فلا يمكن استثناء أحد، وإلا اعتبرت المواجهة ناقصة وبالتالي سبل النجاحات منعدمة - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/cb14097d-ffbc-46ff-91c1-21f9c5f9dd81#sthash.RYH4akwt.dpuf