14‏/12‏/2014

النووي الإيراني بين التمديد والتحجيم

د .خليل حسين /النووي الإيراني بين التمديد والتحجيم / صحيفة الخاليج الاماراتية 19-11-2014 الطرفان الإيراني والغربي مضطران لتحديد أطر واضحة لمستقبل ملف طهران النووي الذي يرتبط بالكثير من القضايا التقنية ظاهرياً، والسياسية الإقليمية مضموناً، وفي هذه الحال من الطبيعي أن يصل أسلوب التفاوض وتقديماته المتبادلة إلى خطوط تبدو صعبة للطرفين . في المبدأ، وإن بدت مفاوضات مسقط الأخيرة نوعاً من سياسة حافة الهاوية التي تنطوي على شد وجذب تعدى الإطار التقني للملف، إلى سياسات متبادلة برزت مظاهرها في الرسائل المتبادلة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والمرشد علي الخامنئي، على قاعدة المشاركة في الحرب على الإرهاب . وإذا كان هذا الملف يعتبر مدخلاً للشراكة الغربية الإيرانية مستقبلاً، إلا أنه من المبكر التحدث عن تفاصيله في ظروف تغرق فيها المنطقة بكثير من أزمات مزمنة متشابكة ومعقدة لجهة المصالح وكيفية التعاطي معها لحلها . في الجانب التقني للمفاوضات، ما زالت المواقف عند حدها الأولي، طهران واصلت التشدد في مطالبها لجهة إبقاء أجهزة الطرد المركزي عند الحد الفعلي الذي تمتلكه، مع تقديم ليونة في عدم زيادتها، ذلك بالتوازي مع تقديم تسهيلات أخرى في إجراءات الرقابة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية . في مقابل الاقتراحات الغربية المتمثلة بتخفيض عدد أجهزة الطرد إلى عدة آلاف لا تتجاوز الخمسة، مع نقل وتخزين كميات اليورانيوم المخصب إلى روسيا ومساعدة هذه الأخيرة بإمداد طهران بالكميات التي تحتاج إليها في النسب التي تتخطى الخمسة في المئة . ما يعني أن إطار المفاوضات ظل في بدايته، رغم إصرار الطرفين على التوصل لأطر أخرى ولو كانت جزئية، ضمن سلة متكاملة يمكن تظهيرها في جولات مقبلة . وإن كان الجانب التقني على أهميته الإقليمية وبخاصة إلى الجانب "الإسرائيلي"، فإن ملفات أخرى يربطها الطرفان في سياق الحل النهائي للملف النووي، وعليه ستشهد الجولة المقبلة مزيداً من المزج والخلط التقني بالسياسي، على قاعدة عدم فصل القوة التكنولوجية عن الثقل السياسي للدول، وهو اعتبار غربي كما هو إيراني، ومن الصعب تجاهله والقفز فوقه في أية تسوية محتملة مستقبلاً . إضافة إلى ذلك، ثمة معطيات إضافية مستجدة لدى الطرفين الأمريكي والإيراني، ستدفعهما إلى التفكير ملياً قبل الإقدام على أي خطوات حاسمة، من بينها سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ مؤخراً، والواقع الذي يمكن من خلاله عرقلة الإدارة الأمريكية الديمقراطية ومنعها من التوصل إلى اتفاقات نهائية قبل سنتين من الانتخابات الرئاسية، في مقابل تربص المتشددين في إيران بالسلوك التفاوضي والسياسي للإصلاحيين، وعليه يبدو أن ثمة مصلحة متقاطعة لكل من الطرفين للتوصل إلى إنجاز ما، ولو كان جزئياً يحمي المفاوضات نفسها من الانهيار أولاً، ويحمي البيئة السياسية الداخلية لكلا الطرفين من مراقبة المتشددين . في أي حال من الأحوال، ثمة مصالح متقاطعة يبحث الطرفان إلى عدم ضياعها، وبالتالي إيجاد فرص أخرى للتواصل على قاعدة عدم الخسارة الكاملة والربح الكامل . تبدو طهران مضطرة لتقديم شيء ما في الجانب التقني، مقابل حاجتها للجانب الاقتصادي الذي أرهقته العقوبات مترافقاً مع كسب في ملفات سياسية وأمنية إقليمية تحاكي طموحاتها، مقابل مرونة غربية في الجانبين السياسي والاقتصادي لمصلحة التشدد في الجانب التقني الذي يريح الغرب ويطمئن "إسرائيل"، ويعطي الانطباع للطرفين بثقة غير المهزوم الذي يحاول قطف النصر الذي لم تكتمل شروطه حتى الآن . في أكتوبر/تشرين الأول ،2013 تم التوصل إلى اتفاق إطاري، جرى بعض التقدم الخجول فيه، وصولاً إلى تمديد ثان حتى 24 الحالي، يبدو أن الطرفين بحاجة إلى مزيد من الوقت لإنجاز اتفاق مبدئي جزئي، وهو أفضل السيناريوهات المطروحة جدياً وعملياً، على قاعدة أن قضم الحل قطعة قطعة، أفضل من بلعه من دون هضم، وهو مسار يعرف الطرفان كيفية المضي فيه والاستفادة منه ولو اتخذ أشكالاً وأنواعاً من الشد والجذب السياسي والأمني في المنطقة . - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/ef5356e8-852f-4d9a-be4b-aaff7800e036#sthash.ljTuTvHe.dpuf