16‏/01‏/2015

مفارقة الدولة الفلسطينية

د .خليل حسين- مفارقة الدولة الفلسطينية الخليج 2-1-2015 انقضى العام 2014 على ستة وستين عاماً على اغتصاب فلسطين، القضية الوحيدة المتبقية من مخلفات قضايا القرن الماضي . ومفارقة العام المنصرم بالتحديد، الحراك غير المسبوق الذي أعطي لمشروع القرار في مجلس الأمن، وسط ضبابية مرجعيته، لجهة من يقف وراء طرحه بالتحديد، أو لجهة صياغاته الملتبسة، هل هي الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني؟ أم قرارات الشرعية الدولية؟ أم اتفاقية أوسلو وتوابعها ؟ أم موازين القوى الراهنة وما تفرضه من أمر واقع؟ ثمة ثمانية تعديلات أدخلت على مشروع القرار، ما زاده التباساً وتوجساً، لدى شرائح سياسية واسعة من الشعب الفلسطيني، مع شعورها بتغييب الحقوق التاريخية المشروعة، والاستناد إلى قرارات الشرعية الدولية فقط لبناء الدولة الموعودة، وهو أمر يخالف الثوابت الفلسطينية المتعارف عليها في مسار المفاوضات التي دخلت فيها منذ مؤتمر مدريد للسلام 1990 وما زالت مستمرة ولو متقطعة من دون تحقيق مكسب ذات وزن يذكر . ثمة شبه إجماع فلسطيني على مبدأ التسوية السلمية للصراع مع "إسرائيل"، واعتراف بأهمية التعامل مع الشرعية الدولية وفي مقدمها الأمم المتحدة، شرط أن يكون ذلك استعادة الحقوق التاريخية في فلسطين وأقلها حدود إعلان الاستقلال في الجزائر في تشرين الثاني /نوفمبر عام ،1988 وهو الإعلان الذي أقرَّ لأول مرة الاعتراف بدولة فلسطينية اعتماداً على قرارات الشرعية الدولية، إلا أنه أكد على الحق التاريخي للفلسطينيين في فلسطين وبخاصة في قضايا القدس واللاجئين والحدود . لم تمنح القرارات الدولية يوماً حقوقاً تاريخية أو وطنية للشعوب إلا في حالات استثنائية جداً، بل دعمت الشعوب التي ناضلت لانتزاع حقوقها، وبالتالي فمصدر الحقوق ليس قراراً دولياً إن كان من الجمعية العامة أو مجلس الأمن، وهنا بصدد حق تاريخي فلسطيني يعود لأربعة آلاف عام مضت، الأمر الذي غاب عن صيغة القرار المقدم لمجلس الأمن الذي تعامل مع الشعب الفلسطيني وكأنه شعب أفرزته حروب ومشاكل المنطقة، وبالتالي ينبغي إيجاد حل يريح المنطقة من صراخه وضجيجه . ومشروع القرار لا ينقصه فقط الحق التاريخي، بل بالعكس من ذلك أضاف ضمن ثناياه نصاً ملتبساً، ينسجم مع الرواية "الإسرائيلية" التي تطالب بالاعتراف بيهودية دولة "إسرائيل"، إضافة إلى ذلك إن التدقيق في صيغة مشروع القرار حول القدس واللاجئين إضافة لغياب أية إشارة للحقوق التاريخية، سيتأكد وكأن القرار يشكل استجابة مبطنة للرواية التاريخية الصهيونية ويتطابق مع مطلب يهودية الدولة . ثمة من يتبنى الاقتداء بالتجربة "الإسرائيلية" تحديداً لجهة قيام الدولة "الإسرائيلية" عبر قرار الأمم المتحدة ،181 أي قرار التقسيم، إلا أن المقاربة هنا، لا تعدو مقاربة هشة، فقيام "إسرائيل" ليس في القرار الدولي، وإنما تظهير لمسار صهيوني طويل بدءاً بالأعمال الإرهابية التي تمت في فلسطين، وليس انتهاءً بالضغوط الصهيونية التي مورست في بريطانيا وغيرها من عواصم القرار آنذاك . إن خطوة الذهاب إلى الأمم المتحدة تم تفريغها من مضمونها ومن قوة الدفع الأساسية المفترضة لها، إذ إن الصيغة الراهنة للقرار والتي أكدت على العودة للمفاوضات (وعلى الرغم من الإشارة إلى أجل لإنهاء الاحتلال)، إلا أن المؤكد من القرار في حال صدوره هو العودة لطاولة المفاوضات ليس إلا، وغير المؤكد هو التوصل لتفاهمات خلال سنة من المفاوضات أو أن تستمر المفاوضات لسنة فقط، ومن غير المؤكد أيضاً وكالعادة التزام "إسرائيل" بالانسحاب خلال ثلاث سنوات، فلا ضمانات بإلزام "إسرائيل" بالمواعيد المحددة، ولا عقوبات أو آلية للمساءلة في حالة اختراق إسرائيل للمواعيد المقررة، سيما وأن القرار هو مندرج ضمن الفصل السادس وليس السابع، وبالتالي لا صيغة أو آلية إلزامية لتطبيقه، شأنه شأن أي قرار مثل 242 أو 338 أو غيرهما . منذ أيام قليلة فقط، تمكنت كوبا من إجبار الولايات المتحدة على تعديل سياساتها لجهة الحصار المفروض عليها منذ نصف قرن ونيف، حيث لم تتمكن الأمم المتحدة وقراراتها من إنهاء الحصار، ذلك تم بفعل إرادة وتصميم شعب وقيادة، على قيادة دفة المواجهة، علَّ وعسى أن نستفيد نحن العرب من تجارب غيرنا ونحاول الاقتداء ببعض وسائلها الناجحة . - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/ea3352b6-5ea1-4d9b-8adb-198e518cb8a1#sthash.IVyZSK9S.dpuf