29‏/07‏/2015

خلفيات القرار 2231 وابعاده

خلفيات القرار 2231 وابعاده الخليج 27-7-2015 د. خليل حسين * يعكس القرار 2231 مساراً طويلاً ومعقداً للاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الست، وهو بمثابة خريطة طريق يتعين على أطرافه وبخاصة إيران احترامه بدقة متناهية، باعتباره يتضمن نقاطاً إجرائية وتنفيذية لشبكة معقدة من الالتزامات المرتبطة بجداول زمنية طويلة نسبياً، إضافة إلى تعدد وتنوع البيئات المتصلة بها لجهة الرقابة وآلياتها، ونوعية الخطوات التي ستتبع في كل مرحلة من مراحله. علاوة على ذلك، فالقرار لا يعتبر سابقة دولية لجهة آليات التنفيذ المعقدة، بقدر ما هو ربط محكم لحالات يمكن أن تظهر مستقبلاً، ومرتبطة بتعهدات دولية وبخاصة من روسيا والصين لاتخاذ ما يلزم في حال الإخلال بآليات التنفيذ. فقد حددت مدة القرار بعشرة أعوام، وترتبط مدة التخفيض بتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا ما تضمن أن البرنامج النووي الإيراني سلمي بالكامل. واللافت هو في تحديد الفترات الزمنية المتتالية والمرتبطة بقيود على أسلحة ذات طابع خاص كالصواريخ البالستية، وهي مسألة حاولت الدول الست إدراجها في جولات المفاوضات، إلا أنها وجدت رفضاً قوياً من طهران، في المقابل يرفع القرار العقوبات الاقتصادية كبيع النفط والتحويلات المالية. استذكر قرار مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، القرارات الدولية التي صدرت بحق إيران، منذ العام ٢٠٠٦، بدءاً بالقرار ١٦٩٦ وانتهاءً بالقرار ١٩٢٩ الصادر عام ٢٠١٠. ونص على: «تعهد إيران في اتفاق جنيف عدم إنتاج أو حيازة سلاح نووي في أي وقت من الأوقات»، وكذلك: «الاستعداد لإخضاع برنامجها للشفافية اللازمة». وأكد منع الانتشار النووي والحل السياسي والدبلوماسي. ونص القرار على إطار قانوني معقد للوساطة حين الاشتباه في أي انتهاك. عبر لجنة متابعة مشتركة، تتكوّن من مجموعة الست وإيران، تقوم بمراجعة نظام العقوبات الصادر سابقاً عن مجلس الأمن، للتثبت من الالتزام الإيراني وإعادة فرضه في حال تم التأكد من انتهاكه جدياً. يشار إلى أن هذه الآلية، كانت في مقدمة القضايا التي تم التباحث بها وكادت أن تطيح بالمفاوضات في مراحلها الأخيرة، لولا الجهد الروسي والصيني آنذاك؛ إذ جرى تجاوز ذلك، بجعل الاتفاق مبنياً على قرارات مجلس الأمن المعتمدة حالياً، إذ يُعاد العمل فيها تلقائياً، حال بلوغ العملية السياسية والوساطة طريقاً مسدوداً في المفاوضات داخل مجلس الأمن. لقد رُبط القرار بشكل مباشر مع إعلان ١٤ يوليو/ تموز ٢٠١٥ في فيينا. وأعطى للوكالة الدولية للطاقة الذرية دوراً محورياً ومركزياً لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة للتثبت وللرقابة على برنامج إيران النووي، وألزم مدير الوكالة بتقديم تقارير منتظمة ومفصلة إلى حكام الوكالة الذرية ومجلس الأمن حول تنفيذ القرار، وفق اتفاق فيينا، وأن يقدم تقرير عند وجود «مبررات معقولة عن وجود شواغل تؤثر في تطبيق الاتفاق». كما يطلب بمجرد تأكيد الوكالة أن إيران طبقت المطلوب منها، كما وردت في الفقرات والملاحق، أن تقدم الوكالة تقريراً يؤكد هذه الوقائع لحكام الوكالة ولمجلس الأمن بالتوازي. ويطلب أن ترفع الوكالة استنتاجاتها بعد التحقق من سلمية البرنامج إليهما. وبذلك حدد القرار بدقة الإجراءات التنفيذية للتقرير الذي سيكون متوازياً ومترافقاً مع عمل كل من مجلس الأمن والوكالة، أي تم ربط الجانب التقني بالسياسي، بهدف تسريع اتخاذ القرار المناسب وفقا للجنة مجلس الأمن، وبهدف عدم كسب الوقت لأي طرف مخلٍ في الاتفاق. وبهدف التأكيد على الآلية، نص القرار استناداً للمادة ٤١ من ميثاق الأمم المتحدة، أنه إذا لم يتبنّ مجلس الأمن قراراً، وفق الفقرة ١١ من هذا القرار، يستأنف العمل بقرارات مجلس الأمن السابقة، ما لم يقرّر مجلس الأمن غير ذلك. ولا يجري تطبيق القرارات السابقة في هذه الحالة بأثر رجعي. ويتضمن القرار استثناءات على العقوبات المتصلة ببيع ونقل مواد ومعدات وسلع وتقنيات وخبرات وتدريب ومساعدة مالية واستثمارات وسمسرة وغيرها من الخدمات من الدول المشاركة في اتفاق فيينا، تتصل مباشرة بتعديل منشأة (فوردو) لكي تصبح صالحة لإنتاج النظائر المشعة، كما تشمل السماح للدول بالمساعدة على تحديث مفاعل (آراك) بناءً على التصميم المتفق عليه. كما حدد مجلس الأمن في قراره وجوب الدول إخطاره بأي مساعدة ستقدمها لطهران في غضون عشرة أيام فقط، أي ربط أي مساعدة بموافقة مسبقة من مجلس الأمن وبالتالي إتاحة الفرص للاعتراض وبالتالي التوقيف. وزيادة في التدقيق في برامج إيران للصواريخ البالستية، دعا القرار طهران، إلى وقف إجراء التجارب على صواريخ بالستية قادرة على حمل وإيصال رؤوس نووية إلى ما بعد ثمانية أعوام من تبني الاتفاق، وهذا الأمر كان مطلباً «إسرائيلياً» دائماً لإدراجه كبند مستقل في المفاوضات التي سبقت الاتفاق. وفي مقابل ذلك بإمكان الدول المشاركة في برامج إيران التقنية على أنواعها، بما في ذلك الصاروخية والخدماتية، تقديم خدماتها لإيران بعد الحصول على ترخيص من مجلس الأمن، ولكل حالة على حدة. قليلة هي القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن التي ظهرت بمظهر المتشدد، ذلك لطبيعة الفاعلين في تركيبة المجلس والظروف الدولية المحيطة به، إلا أن هذا القرار رسم خريطة طريق دقيقة جداً، فيها من الوعيد المستقبلي ما يلزم ويلجم أي محاولة للخروج عنه، وبصرف النظر هنا عن المستند القانوني والسياسي الذي أحاط بالقرار، تبقى العبرة في النية والإرادة للتطبيق والتنفيذ، إن كان في طهران أو عواصم الدول الست، علاوة على الإجراءات اللازمة للتصديق في كل من طهران وواشنطن، وهي بالمناسبة ليست آلية سهلة، إذ تتحكم فيها الكثير من العوامل السياسية قبل القانونية. *أستاذ القانون الدولي والدبلوماسي في الجامعة اللبنانية - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/837d113f-7b73-45fa-bfbf-639a82726e37#sthash.bM5eAQmm.dpuf