29‏/07‏/2015

ماذا في اتفاق الضرورة

ماذا في اتفاق الضرورة الخليج الاماراتية 18-7-2015 د. خليل حسين لا فرق أن يسمى اتفاق الضرورة بين إيران ومجموعة الدول الست، أو اتفاق «رابح - رابح» بالمصطلح الدبلوماسي، ففيه من الصياغات التي يمكن تأويلها، ما يتيح تفسير كل طرف فيه ما يقرأه مكسباً له، ومن هنا تبدو القراءة اللغوية والقانونية والدبلوماسية للنص، أكثر دقة في التعبير عن مضمونه وتداعياته مستقبلاً. رفض الإيرانيون بداية الأفخاخ اللغوية، أو التي تحمل معاني مزدوجة. وتمت الموافقة على تزامن رفع العقوبات مع إعلان الاتفاق، وعلى آلية تحرير الأرصدة الإيرانية، ومئات مليارات الدولارات في المصارف الغربية. كما تم الاتفاق على آلية قانونية مرنة لتقصير المهل، فإبلاغ المصارف بالاتفاق لا يجعل من تحرير الأرصدة المجمدة مسألة تلقائية. كما تم الاتفاق على تحديد أدق لحق إيران في استيراد تكنولوجيا نووية، تسمح بها اتفاقية التعاون مع وكالة الطاقة الدولية، وفق معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التي وقعت طهران عليها. كما تم حل الاعتراض الغربي على نوعية المعدات التي طالب بها الإيرانيون، والتي تدخل في مجال الاستخدام المزدوج العسكري والمدني، كما تم التوصل إلى آلية عمل اللجنة الدولية المشتركة التي ستتألف من ممثلين عن الدول الست (الخمسة الأعضاء في مجلس الأمن + ألمانيا)، وإذا ما كانت القرارات الصادرة عنها ستكون صالحة إذا ما صدرت بالإجماع أو بالأكثرية. وكان الاتفاق على تشكيلها حل محل اقتراح فرنسي، بإعادة فرض العقوبات تلقائياً على طهران، بمجرد انتهاك الالتزامات المقررة، بناءً على أي تقرير من مفتشي وكالة الطاقة الدولية، ومن دون المرور مجدداً بمجلس الأمن. في المقابل نص الاتفاق على استمرار حظر الأسلحة المفروض من قبل الأمم المتحدة على إيران خمس سنوات، وعلى ألا تُرفع العقوبات المتعلقة بالسلاح الصاروخي قبل ثماني سنوات. كما يسمح الاتفاق بإعادة فرض العقوبات خلال 65 يوماً إذا لم تلتزم إيران بالاتفاق. وفي المقابل، ستستمر المنشآت النووية الإيرانية بالعمل ضمن قيود محددة لجهة الطاردات المركزية أو التخصيب، أو أبحاث تطوير أجهزة الطرد مثل (أي.آر6 وأي.آر-5 وأي.آر4 وأي.آر8). كما سيرفع الحظر والقيود المفروضة على التعاون الاقتصادي في جميع المجالات، بما في ذلك مجالات الاستثمار النفطي والغازي. وسيجري رفع الحظر على الطيران الإيراني، والمصرف المركزي وشركة النفط الوطنية الإيرانية وخطوط الملاحة الإيرانية وإيران للطيران، وبعض المؤسسات الأخرى والأشخاص. إن التدقيق في نص الاتفاق يظهر بعض التنازلات المؤلمة التي قدمتها طهران، كالتجميد الذي لحق بأكثر أقسام البرنامج تقدماً، خصوصاً إنتاج البلوتونيوم بالمياه الثقيلة، وتحريم بناء منشآت جديدة، ووقف منشأة فوردو عن العمل، ولجم تطوير البحث في طاردات مركزية جديدة، واقتصار البرنامج والتخصيب على نماذج قديمة لمدة عشر سنوات. في المحصلة ينبغي الانتظار لظهور صورة جلية مستقبلاً حول ما ينتظر الإقليم من تسويات، من دون خلط الوقائع بالتوقعات لجهة المزايا المقدمة والأثمان المدفوعة، والتي من خلالها تأمل طهران حصول متغيرات في موازين القوى الإقليمية لمصلحتها. لكن الاتفاق في الحد الأدنى، سيفتح هدنة طويلة المدى مع واشنطن، وتحديداً في بعض ملفات العراق حيث تتقاطع مصالحهما حول «داعش»، وبنسبة أقل في اليمن وسوريا ولبنان، حيث لا تلوح إمكانات جدية للتعاون حتى الآن. في الواقع، يمكن لاتفاق فيينا أن يتعرض لهزات، لا تخلو منها عملية تطبيق الاتفاق، علاوة على أزمات محتملة حول ثغرات في تطبيقه، أو في جولات التفتيش التي ستقوم بها فرق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي قد تلجأ «إسرائيل» إلى استغلالها، وباعتبار أن ليس ثمة اتفاق كامل قابل للتطبيق بتفاصيله الدقيقة، لاسيما وأنه مرتبط بإرادات سياسية بين أطراف لا محل للثقة بينها. في المحصلة أيضاً، لقد جعل الاتفاق إيران رسمياً دولة نووية تقف عند عتبة النادي النووي، فهي قادرة ضمنياً على إنتاج السلاح النووي، لكنها لن تنتجه، كدول كثيرة تعمل في نادي العتبة النووية، كاليابان وكندا وأستراليا والأرجنتين وكوريا الجنوبية. ومهما يكن من أمر الاتفاق وضوابطه وتعقيداته، تبقى المسألة الأساس هي في نية التطبيق والالتزام بمضمونه، في ظروف هي الأشد تعقيداً في منطقة تعج دائماً بالمفاجآت غير المتوقعة، خاصة أن «إسرائيل» التي اعتبرت نفسها غير معنية به، لن تترك الاتفاق وشأنه كما المح إليه رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، وهو أمر ليس بمستغرب. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/15263aba-6b60-446a-bfbf-a6dedb988fca#sthash.LOgU5SOf.dpuf