27‏/11‏/2012

عبد اللطيف الروجا / مبدأ السيادة في ظل العولمة

اسم الطالب عبد اللطيف الروجا
عنوان الاطروحة : مبدأ السيادة في ظل العولمة في الإطارين النظري والتطبيقي
الشهادة الممنوحة : درجة الدكتوراه في الحقوق
التاريخ: 26/11/2012
الدرجة جيد جدا

 
يعتبر مبدأ السيادة القاعدة الأساسية التي يقوم عليها القانون الدولي، وتعد الدولة الكيان الهام والأقوى في المجتمع الدولي، وتستمد هذه الأهمية والقوة من خاصية تميزها عن غيرها، إنها مبدأ السيادة الذي يجعل الدولة تحتكر سلطة الإكراه، وتسن القوانين وتفرض الأنظمة وتحقق العدل بين الناس، وبشكل عام تتولى تدبير مصالح الناس وتدافع عن كيانها على الصعيد الداخلي.وعلى الصعيد الخارجي، تعني السيادة قدرة الدولة على الاستقلال في ممارسة شؤونها الداخلية والخارجية دون أن تخضع لأي سلطة داخلية في علاقتها بمواطنيها، أو أي قوة خارجية في علاقتها مع الدول الأخرى، فهي صاحبة السلطة داخل مجتمعاتها، وسيدة قراراتها في علاقاتها مع الدول الأخرى.
ومع التطور الذي شهده العالم منذ القرن العشرين في مجالات التكنولوجيا والاتصال والاقتصاد بسبب ظاهرة العولمة، بدأت الحدود تختفي فاسحة المجال أمام زحف العولمة التي قلصت المسافات وألغت عائق الزمن بين الأفراد والشعوب. لقد فرضت العولمة نفسها كمميز للنظام الدولي المعاصر بمعطياته وآلياته ومحدداته، لتصبح أهم عنصر في التحليل السياسي والاقتصادي خلال السنوات الأخيرة.
وتعددت انعكاسات العولمة على أرض الواقع لتؤثر بشكل كثير أو قليل على كل القطاعات الاقتصادية والسياسية والقانونية والإنسانية والثقافية... ويشهد العالم انتشارا غير مسبوق لكيانات جديدة فرضتها العولمة كالمنظمات الدولية والجمعيات التطوعية والشركات العملاقة، مما جعل مبدأ السيادة يعرف عدة تغيرات اختلفت باختلاف المجالات التي أثرت في دور الدولة ونشاطها وتدخلها نظرا لتراجع احتكار الدول لحلبة التنظيم الدولي. وتكمن اهمية الدراسة بالعديد من الاسباب ابرزها:
- شمولية الموضوع، فهو يرتبط بأهم مجالات الدراسة الحقوقية بدءا بالقانون الدولي العام والقانون الخاص والعلاقات الدولية والعلوم السياسية بينما يستلزم البحث في ظاهرة العولمة معالجة مواضيع متصلة بمجالات الإقتصاد والإعلام والتكنولوجيات.
- جدية الموضوع: لا شك أن الكتابات حول ظاهرة العولمة أو مبدأ السيادة كثيرة جدا. وهناك أبحاث ودراسات حول هذا الموضوع، ولكن بمكن الجزم بأن دراسة تأثير العولمة على مبدأ السيادة، وبيان هذا التأثير من الناحية النظرية واستعراض نماذج تطبيقية له لم يثر كموضوع لدراسة قانونية وسياسية سابقا، رغم وجود مقالات في المجلات العامة والمتخصصة حول هذا الموضوع.
اما لجهة افرضيات ،فقد ارتبط مفهوم الدولة بمبدأ السيادة، فلا يمكن الحديث عن دولة بدون سيادة. ولا كيان غير الدولة يتمتع بالمميزات الفريدة التي يتيحها مبدأ السيادة، فالمساس بالدولة يعني المساس بمبدأ السيادة، والمساس بمبدأ السيادة يعني المساس بالدولة.
وقد اعتبر الباحث ان الفرضية الأولى التي تطرحها الأطروحة هي أن مبدأ السيادة هو المحدد الرئيسي للدولة كبيرة كانت أو صغيرة. فهو أساس وجود الدولة وبانتفائه تندثر الدولة ، فما هو مبدأ السيادة ؟ وهل استطاع الصمود بالشكل الذي ظهر به مع معاهدة وستفاليا؟ أم تعرض للتغيير؟ اما الفرضية الثانية ما هي ظاهرة العولمة التي دفعت مبدأ السيادة في اتجاه التغيير؟ أسباب هذا التغيير ؟ وكيف حصل ؟ ولماذا حصل؟ وما هو حجم هذا التغيير ومجالاته؟
اعتمد الباحث على منهجية استندت إلى الوصف والتحليل والمقارنة للوصول إلى خلاصات وتوصيات ومقترحات تجيب عن الإشكالية الرئيسية "ما هو أثر العولمة في مبدأ السيادة؟" بينما تمت مناقشة الإشكاليات الفرعية من خلال تقسيمها إلى محاور تستند إلى المفاهيم التالية، مبدأ السيادة، ظاهرة العولمة، كيف أثرت العولمة في مبدأ السيادة، أولا من الناحية النظرية وثانيا من الناحية التطبيقية، وذلك من خلال استعارة آليات المناهج التالية:
- المنهج الوصفي للتعريف بالعولمة وبمبدأ السيادة.
- المنهج المقارن لاستعراض التطورات التي شهدها مبدأ السيادة وظاهرة العولمة.
- المنهج التحليلي لبيان مدى تأثر مبدأ السيادة في ظل العولمة.
حاول الباحث التوصل إلى جملة من الخلاصات حول واقع مبدأ السيادة في ظل العولمة، والاجابة على تساؤلات مركزية تطرحها الأطروحة، مع تعزيزها بحالات ونماذج عملية، وهي:مدى تأثير العولمة في مبدأ السيادة؟هل الدولة في عصر العولمة هي نفسها الدولة قبل هذا العصر؟ ما هي تجليات تأثير العولمة على مبدأ السيادة؟ما هي آفاق مبدأ السيادة في ظل العولمة؟
اعتمد الباحث على مروحة واسعة من المراجع العربية والأجنبية التي أغنت الاطروحة وأعطتها قيمة اضافية بأبعادها العلمية والأكاديمية.
ناقش الباحث عبد اللطيف الروجا أطروحته مبدأ السيادة في ظل العولمة في الإطارين النظري والتطبيقي امام اللجنة المكونة من الدكاترة محمد المجذوب وخليل حسين وجورج عرموني بتاريخ 26/11/2012 ،حيث قبلت اللجنة الاطروحة ومنحت صاحبها درجة الدكتوراه بتقدير جيد جدا.
بيروت : 26/11/2012 أ.د.خليل حسين

أولاً: نبذة عن موضوع الأطروحة

بدأت السيادة في صورة إشباع رغبات التسلط الفردية في المجتمعات البدائية لتنتقل إلى سلطات تختص بها القيادات القبلية، وتستقر كصفة لمعيار قانوني يميز شخص الدولة عن باقي أشخاص القانون الدولي الأخرى. وتحت عنوان التشبث بالسيادة اندلعت حروب ونزاعات حدودية بين الدول الحديثة الاستقلال، لا زال عدد منها لم يحل حتى اليوم.
ويعتبر مبدأ السيادة القاعدة الأساسية التي يقوم عليها القانون الدولي، وتعد الدولة الكيان الهام والأقوى في المجتمع الدولي، وتستمد هذه الأهمية والقوة من خاصية تميزها عن غيرها، إنها مبدأ السيادة الذي يجعل الدولة تحتكر سلطة الإكراه، وتسن القوانين وتفرض الأنظمة وتحقق العدل بين الناس، وبشكل عام تتولى تدبير مصالح الناس وتدافع عن كيانها على الصعيد الداخلي.
على الصعيد الخارجي، تعني السيادة قدرة الدولة على الاستقلال في ممارسة شؤونها الداخلية والخارجية دون أن تخضع لأي سلطة داخلية في علاقتها بمواطنيها، أو أي قوة خارجية في علاقتها مع الدول الأخرى، فهي صاحبة السلطة داخل مجتمعاتها، وسيدة قراراتها في علاقاتها مع الدول الأخرى.
ومع التطور الذي شهده العالم منذ القرن العشرين في مجالات التكنولوجيا والاتصال والاقتصاد بسبب ظاهرة العولمة، بدأت الحدود تختفي فاسحة المجال أمام زحف العولمة التي قلصت المسافات وألغت عائق الزمن بين الأفراد والشعوب. لقد فرضت العولمة نفسها كمميز للنظام الدولي المعاصر بمعطياته وآلياته ومحدداته، لتصبح أهم عنصر في التحليل السياسي والاقتصادي خلال السنوات الأخيرة.
وتعددت انعكاسات العولمة على أرض الواقع لتؤثر بشكل كثير أو قليل على كل القطاعات الاقتصادية والسياسية والقانونية والإنسانية والثقافية... ويشهد العالم انتشارا غير مسبوق لكيانات جديدة فرضتها العولمة كالمنظمات الدولية والجمعيات التطوعية والشركات العملاقة، مما جعل مبدأ السيادة يعرف عدة تغيرات اختلفت باختلاف المجالات التي أثرت في دور الدولة ونشاطها وتدخلها نظرا لتراجع احتكار الدول لحلبة التنظيم الدولي.
يتضح إذن أن مبدأ السيادة ركيزة أساسية للدولة، لأن المفهوم الحديث للدولة ارتبط بمبدأ السيادة منذ اتفاق مؤتمر وستفاليا سنة 1648 على إنهاء ويلات الحروب الدينية بين الكيانات القائمة آنذاك في أوروبا والاعتراف بأن شكل الدولة القادرة على البقاء هو الدولة القومية القائمة على مبدأ السيادة، وليس على أي أساس ديني أو إثني أو سلطوي.

ثانيا: دواعي اختيار الموضوع
اخترنا موضوع مبدأ السيادة في ظل العولمة لعدة أسباب أهمها :
 شمولية الموضوع، فهو يرتبط بأهم مجالات الدراسة الحقوقية بدءا بالقانون الدولي العام والقانون الخاص والعلاقات الدولية والعلوم السياسية بينما يستلزم البحث في ظاهرة العولمة معالجة مواضيع متصلة بمجالات الإقتصاد والإعلام والتكنولوجيات.
- جدة الموضوع: لا شك أن الكتابات حول ظاهرة العولمة أو مبدأ السيادة كثيرة جدا. وهناك أبحاث ودراسات حول هذا الموضوع، ولكننا نستطيع الجزم بأن دراسة تأثير العولمة على مبدأ السيادة، وبيان هذا التأثير من الناحية النظرية واستعراض نماذج تطبيقية له لم يثر كموضوع لدراسة قانونية وسياسية سابقا، رغم وجود مقالات في المجلات العامة والمتخصصة حول هذا الموضوع.

ثالثا: فرضيات الأطروحة
ارتبط مفهوم الدولة بمبدأ السيادة، فلا يمكن الحديث عن دولة بدون سيادة. ولا كيان غير الدولة يتمتع بالمميزات الفريدة التي يتيحها مبدأ السيادة، فالمساس بالدولة يعني المساس بمبدأ السيادة، والمساس بمبدأ السيادة يعني المساس بالدولة.
إذن الفرضية الأولى التي تطرحها هذه الأطروحة هي أن مبدأ السيادة هو المحدد الرئيسي للدولة كبيرة كانت أو صغيرة. فهو أساس وجود الدولة وبانتفائه تندثر الدولة، فما هو مبدأ السيادة ؟ وهل استطاع الصمود بالشكل الذي ظهر به مع معاهدة وستفاليا؟ أم تعرض للتغيير؟
الفرضية الثانية ما هي ظاهرة العولمة التي دفعت مبدأ السيادة في اتجاه التغيير؟ خامسا: أسباب هذا التغيير ؟ وكيف حصل ؟ ولماذا حصل؟ وما هو حجم هذا التغيير ومجالاته؟

رابعا: المنهجية
للإجابة على هذه الفرضيات كان لا بد أولا من تحديد نطاق البحث، فمبدأ السيادة مبدأ قانوني يناقش في إطار عدة فروع قانونية كالقانون الدولي العام والقانون الدستوري والعلاقات الدولية والعلوم السياسية. ففيما يتعلق بالقانون الدولي العام يرتبط مبدأ السيادة بالدولة وهي شخص من أشخاص القانون الدولي العام. وعلى صعيد القانون الدستوري، فإن مبدأ السيادة يحدد أشكال الدول استنادا إلى درجة استقلالها، فهناك الدولة الكاملة السيادة والناقصة السيادة وعديمة السيادة.
وفيما يتعلق بالعلاقات الدولية فالدولة فاعل أساسي في التنظيم الدولي، وفيما يخص العلوم السياسية، فالدولة مفهوم ناقشه المفكرون السياسيون وفلاسفة القانون الذين كانوا من أوائل المنظرين لمبدأ السيادة وعلى رأسهم هوبز وجون جاك روسو.
أما بالنسبة للعولمة، فهي من أهم المفاهيم التي أثارت البحث والتمحيص الفكري، وتناولها الباحثون من كل الزوايا الاقتصادية والقانونية والاجتماعية، فهي ظاهرة شاملة ومتشعبة تتصل بكل مجالات المعرفة تقريبا من العلوم الاجتماعية والإعلام والاتصال والتكنولوجيات الحديثة والثقافة والاقتصاد والمالية. وستبقى ظاهرة العولمة تشغل المفكرين والباحثين في كل المجالات.
بعد تحديد نطاق البحث، نرى اعتماد منهجية تستند إلى الوصف والتحليل والمقارنة للوصول إلى خلاصات وتوصيات ومقترحات تجيب عن الإشكالية الرئيسية "ما هو أثر العولمة في مبدأ السيادة؟" بينما ستتم مناقشة الإشكاليات الفرعية من خلال تقسيمها إلى محاور تستند إلى المفاهيم التالية، مبدأ السيادة، ظاهرة العولمة، كيف أثرت العولمة في مبدأ السيادة، أولا من الناحية النظرية وثانيا من الناحية التطبيقية، وذلك من خلال استعارة آليات المناهج التالية:
- المنهج الوصفي للتعريف بالعولمة وبمبدأ السيادة.
- المنهج المقارن لاستعراض التطورات التي شهدها مبدأ السيادة وظاهرة العولمة
- المنهج التحليلي لبيان مدى تأثر مبدأ السيادة في ظل العولمة.

خامسا: أهداف الدراسة :
سنعمل على التوصل إلى جملة من الخلاصات حول واقع مبدأ السيادة في ظل العولمة، وأجوبة على تساؤلات مركزية تطرحها الأطروحة، مع تعزيزها بحالات ونماذج عملية، وهي:
- مدى تأثير العولمة في مبدأ السيادة؟
- هل الدولة في عصر العولمة هي نفسها الدولة قبل هذا العصر؟
- ما هي تجليات تأثير العولمة على مبدأ السيادة؟
- ما هي آفاق مبدأ السيادة في ظل العولمة؟
سادسا: مخطط الأطروحة
لمعالجة موضوع مبدأ السيادة في ظل العولمة من الناحية النظرية والتطبيقية تم اعتماد خطة مبنية على أساس التقسيم المزدوج، حيث سنخصص القسم الأول للحديث عن الإطار النظري لمبدأ السيادة والعولمة. والغاية من هذا القسم هو معالجة إشكالية البحث على الصعيد النظري، وهكذا سنتعرف في الباب الأول على مبدأ السيادة وعلى ظاهرة العولمة، وذلك بتخصيص فصل لكل منهما، كما يلي :
- الفصل الأول، سيعالج الطبيعة القانونية لمبدأ السيادة من خلال التعريف بهذا المفهوم والنظريات التي تناولته بالتحليل، وتطوره وخصائصه وعلاقة مبدأ السيادة بالدولة وبالتنظيم الدولي.
- الفصل الثاني، وسيبحث في تحديد مفهوم العولمة ونشأتها وخصائصها وآلياتها وتقييمها. كما سيستعرض مختلف أنواع العولمة، كالعولمة الاقتصادية والعولمة المالية والعولمة التجارية والعولمة السياسية والعولمة الثقافية والعولمة الاجتماعية والعولمة التكنولوجية والعولمة الإعلامية.
وفي الباب الثاني من القسم الأول المخصص دائما للمجال النظري لمبدأ السيادة في ظل العولمة سنتناول بعض التجليات النظرية للعولمة في مبدأ السيادة، من خلال أمثلة ونماذج نظرية ذات علاقة بالدولة والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، من خلال تقسيمه إلى فصلين:
- الفصل الأول، وسيعالج الكيفية التي أدت بها العولمة إلى انحسار الدور السياسي والاقتصادي للدولة، وبالتالي تراجع مبدأ السيادة. سياسيا، سيتم الحديث عن نظرية تقييد مبدأ السيادة وأثرها على مستقبل الدولة. ودور المتغير التقني وزحف الإعلام والاتصال في انكماش مبدأ السيادة الوطنية للدولة. إقتصاديا سنبين كيف تراجع الدور الاقتصادي للدولة بسبب تقهقر دورها الرقابي.
- الفصل الثاني، سيتناول نموذج المنظمات الحكومية والأهلية، من خلال التعرف على دور منظمة الأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية المتخصصة في تراجع مبدأ السيادة بمجرد انضمام الدولة إليها وقبول القيود التي تفرضها. وكيف أسهمت المنظمات غير الحكومية، التي أصبحت فاعلا ضمن الفاعلين الأساسيين على الساحة الدولية، في تراجع مبدأ السيادة.
القسم الثاني من الدراسة ويتعلق بدراسة الإطار التطبيقي لمبدأ السيادة في ظل العولمة، والغاية منه استكمال ما بدأناه في القسم الأول الذي خصص لتحديد المفاهيم الخاصة بمبدأ السيادة وظاهرة العولمة وتأثير العولمة في مبدأ السيادة.
وفي هذا القسم سنتطرق لبعض الحالات التي تجسد تأثير ظاهرة العولمة في مبدأ السيادة، من خلال نماذج تطبيقية يمكن أن نستشف منها حجم هذا التأثير، باستعراض وقائع ونصوص وتطبيقات تثبت أن ظاهرة العولمة أفرزت بالفعل تداعيات على مبدأ السيادة. وقد تم تحديد هذه الحالات العملية انطلاقا من المجالات الإنسانية والسياسية، التي خصص لها الباب الأول. والمجالات الاقتصادية والقانونية التي خصص لها الباب الثاني.
الباب الأول تناول المجالات الإنسانية والسياسية، وقسم إلى فصلين على الشكل الآتي:
- الفصل الأول تناول الانعكاسات الإنسانية للعولمة على مبدأ السيادة من خلال الحديث عن حقوق الإنسان، وكيف أدت حمايتها إلى تراجع مبدأ السيادة. حيث تم تحديد مفهوم وخصائص وتصنيفات الحماية الدولية لحقوق الإنسان، ثم بيان آليات هذه الحماية من خلال مجلس الأمن والاتفاقيات الدولية والتعاون الدولي، مع التركيز على نموذج اتفاقية الشراكة والجوار الأوروبي والمنهج الأمريكي في ربط المساعدات الخارجية باحترام حقوق الإنسان. كما ستشمل الانعكاسات الإنسانية أيضا حالات التدخل الإنساني لحماية حقوق الإنسان وحماية الأقليات.
وسنخصص الفصل الثاني من الباب الأول لبيان المجالات السياسية التي توضح تأثير مبدأ السيادة في ظل العولمة من الناحية التطبيقية، والتي تشمل:
- عمليات حفظ السلام: حيث سنعرفها ونبين مهامها وأهدافها وتطورها وكيف أثرت في مبدأ السيادة.
- العقوبات الاقتصادية الدولية، حيث سنستعرض الإطار القانوني لهذه العقوبات ونماذجها بالحديث عن العقوبات الاقتصادية الأحادية من خلال النموذج الكوبي والإيراني. والعقوبات الاقتصادية الجماعية بالاستناد إلى النموذج الجنوب أفريقي واليوغوسلافي.
- التدخل العسكري: للتعرف على هذا المفهوم سنعمد إلى الحديث عن مبدأ عدم التدخل الذي يمثل القاعدة العامة، ومبدأ التدخل الذي يشكل الاستثناء، وسنتحدث عن مرتكزاته وأنواعه، وتأثيره في مبدأ السيادة، ثم سنتحدث عن بعض حالات التدخل سواء في فترة الحرب الباردة أو ما بعدها من خلال التدخل العسكري في كل من أفغانستان والعراق.
الباب الثاني من القسم الثاني المخصص للحالات التطبيقية لمبدأ السيادة في ظل العولمة يتعلق بالمجالات الاقتصادية والقانونية. ويتناول الفصل الأول بعض النماذج العملية لتأثير العولمة على مبدأ السيادة من الناحية الاقتصادية، وهي:
- الشركات متعددة الجنسيات، حيث سنتعرف على هذه الشركات وخصائصها ونفوذها على الدولة وعلى الساحة الدولية.
- مؤسسات بريتن وودز، وسنتحدث عن هياكل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وآلياتهما وإمكانياتهما التي تمكنهما من التأثير في مبدأ السيادة.
- اتفاقية الجات ومنظمة التجارة العالمية: سنتحدث عن جولات الجات ودورها في تحرير التجارة الدولية، كما سنتطرق إلى منظمة التجارة العالمية وتقييمها لنصل إلى حجم التأثير الذي تمارسه على سيادة الدولة.
ويتضمن الفصل الثاني من الباب الثاني من القسم الثاني نماذج تطبيقية لتأثير العولمة على مبدأ السيادة من الناحية القانونية وتشمل:
- القضاء الدولي: سنتحدث عن النماذج الأولى لهذا القضاء بدءا من محاكم نورمبرغ وطوكيو ومحكمة يوغوسلافيا ومحكمة رواندا مع التركيز على المحكمة الجنائية الدولية التي أثارت اختصاصاتها تساؤلات حول مدى احترام الولاية القضائية للدولة التي تشكل إحدى ركائز سيادتها.
- ملاءمة القوانين الوطنية للأحكام الدولية: وسيتم تحليل موضوع الملاءمة استنادا إلى التزام الدول بتكييف قوانينها مع الاتفاقيات الدولية، مما يثير إشكاليات تتعلق بالقانون الأسمى، هل هو القانون الدولي أم القانون الداخلي، مع إعطاء أمثلة تتعلق بالمواءمة بين الاتفاقيات الدولية حول حقوق الإنسان والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وكذلك تكييف التشريعات الداخلية مع القرارات الدولية بشأن مكافحة الإرهاب، خاصة القرار 1373. وقد تم اعتماد التشريعين المغربي والانجليزي لمكافحة الإرهاب كنماذج لبيان تأثير هذه الأحكام الدولية على القوانين الوطنية.