27‏/01‏/2016

قراءة قانونية سياسية للقرار 2249

قراءة قانونية سياسية للقرار 2249
الخليج  ااماراتية 28-11-2015
د. خليل حسين
رغم فظاعة الأفعال الإرهابية التي نفذها تنظيم «داعش» في باريس ولبنان ومصر مؤخراً، أتى الرد الدولي عبر قرار مجلس الأمن 2249 تاريخ 20-11-2015 ، لا يلامس المطلوب، لا من الناحية القانونية، ولا السياسية.
فقياساً على أبعاد الجرائم المرتكبة وتداعياتها وآثارها في الجنس البشري، من الصعب تصنيف القرار، إلا من باب التذكير بمنهجية التراخي التي تعاطى فيها مجلس الأمن مع الكارثة، وهي بالمناسبة ليست سابقة، فكانت نسخة طبق الأصل، لما صدر عنه في القرارين 2170 و2199، في معرض مواجهة ومكافحة إجرام «داعش».
في القرار 2170 استند إلى الفصل السابع، وبالتحديد إلى المادة 42، أي استعمال القوة العسكرية، لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب "الداعشي" تحديداً، فيما أتى نص القرار 2199 ليستند عملياً وضمنياً إلى المادة 41 من الفصل السابع، أي اللجوء إلى الحصار وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي تسهّل عمليات التمويل، وبدلاً من التشديد، أتى القرار اللاحق 2199 يبدي الكثير من المرونة مقارنة مع سلفه.
اليوم أتى القرار 2249 ليخفي بين جنباته تراخياً موصوفاً، فأولاً لم يشر نص القرار لا صراحة ولا تلميحاً إلى استناده للفصل السابع، أي استعمال القوة للتنفيذ، رغم أن القرار جاء في سياق الرد على جريمة موصوفة، كان قد اتخذ فيها قرارات سابقة أشد تعاملاً من بينها 2170 و2199، وبالتالي أقله، ينبغي أن تكون الصياغات متناسبة مع حجم الجرائم والعقوبات، أو الإجراءات التي أشير إليها سابقاً. وثانياً، ورغم ذلك، أتت الصياغات المخففة لتأخذ القرار إلى صيغ الفصل السادس، وهي في المبدأ غير ملزمة وتستوجب قبول الدول لتطبيقها، ولا يجوز استعمال القوة هنا للتنفيذ، وهنا خطورة المسألة، إذ إن استمرار التراخي والتراجع في وسائل وأساليب المواجهة، يترك تساؤلات كثيرة عن الخلفيات، التي تصل إلى حد التشكيك في جدية المعالجة.
والمفارقة في ذلك، أن صدور القرار جاء بعد تنافس روسي فرنسي واضح على مشروعين قدمتهما كل من باريس وموسكو، ورغم وحدة الهدف، اختلف المشروعان بطرق ووسائل التنفيذ، وفي النهاية وافقت موسكو عملياً على وجهة النظر الفرنسية التي كانت أقل تشدداً، رغم أن تفجيرات باريس هي التي حركت مجلس الأمن، وأعطته دفعاً لإصدار القرار بشكل معجّل.
صحيح أن القرار اعتبر الأفعال الإجرامية «تهديداً عالمياً وغير مسبوق للأمن والسلم الدوليين»، والمفارقة أن القرار لم يستبعد إمكانية فرض الأمم المتحدة عقوبات جديدة على قادة وأعضاء هذا التنظيم وداعميه!، مشدداً على ضرورة إسراع الدول الأعضاء في المجلس، «باستكمال قائمة جزاءات لجنة 1267، حتى تعكس على نحو أفضل التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة»، وهي صيغ يُستشف منها حصول الأفظع لاستكمال الإجراءات.
والمفارقة الأخرى، أن السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا ديلاتر، اعتبر أن القرار يوفر إطاراً قانونياً وسياسياً للتحرك الدولي الرامي لاجتثاث تنظيم الدولة من ملاذاته في سوريا والعراق. فثمة عشرات القرارات التي ترعى مثل هذه الحالات العامة، فيما الأمر هنا يستلزم ليس الأطر القانونية بقدر الحاجة إلى الآليات العملية والتنفيذية لذلك، وهو أمر يبدو، أن المقررين في مجلس الأمن، غضوا النظر عن ذلك، ربما لغاية في نفس يعقوب.
ثمة ثوابت محققة في تاريخ التعامل مع الجماعات الإرهابية، وهي وجوب مواجهتها بقوة وعنف، وبمستوى يتناسب وحجم الإجرام الذي تتسبب به، وبالتالي عدم التساهل والمواربة في طرق مواجهتها ومكافحتها، فالسلوك الإجرامي لهذه «القوارض» الإرهابية يزداد عنفاً وقسوة، كلما رأت ضحاياها أقل قوة ومنعة في مواجهة إجرامها، وعليه فإن استعمال التدرّج رجوعاً في المواجهة، أمر لن يصيب الجماعات الإرهابية أو من يسهل أعمالها، بقدر ما يشكل فرصا قوية لإيجاد ضحايا آخرين، وهو أمر ظاهر إلى حد كبير في القرار 2249، وكما قبله 2199، وربما ما يمكن أن يصدر من قرارات لاحقة
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/bc13dc57-fc8d-405d-a2c9-6058431451c3#sthash.mP3GvVmP.dpuf