27‏/01‏/2016

إيران وعقبات رفع العقوبات

إيران وعقبات رفع العقوبات
الخليج الاماراتية 21-1-2016
د.خليل حسين
بعد مسار طويل من المفاوضات الشاقة، تمكنت إيران من إحراز هدف استراتيجي في محاولة للتخلص من أزمات متعددة الأوجه داخلياً وخارجياً. ورغم اعتبارها، لهذا الإنجاز نصراً سياسياً بأبعاد اقتصادية، إلا أن ثمة عقبات لا يستهان فيها تنتظر تنفيذ الأهداف التي سعت إليها طويلاً، والتي حدت منها مجموعة العقوبات التي فرضت عملياً منذ عام 1996 وتدرجت وتنوّعت فيما بعد خلال عقدين من الزمن.
لا شك، بأن رفع العقوبات عملياً، سيسهم في تعزيز علاقاتها الخارجية وبخاصة مع أعداء الأمس الولايات المتحدة والدول الأوروبية، كما سيعزز وضعها الإقليمي كلاعب مؤثر في مجموعة الأزمات المثارة حالياً. لكن ذلك مرهون بجوانب أخرى متصلة أولاً بكيفية الاستفادة من معطى رفع العقوبات، وقدرتها ثانياً على التحكم بمسار الآليات التي ستتبعها لاحقاً، وثالثاً كيفية مواجهة بعض المطالب الغربية المتصلة ببرنامجها الصاروخي الذي لا يزال مثار جدل كبير.
في الجانب المالي والتجاري والاقتصادي، ثمة معطيات جديدة ستفرضها عودة طهران إلى الساحة الدولية، لجهة حصولها على أموالها المجمّدة، والتي قفزت عن المئة مليار دولار في أقل تقدير، إضافة إلى قدرتها على زيادة الضخ المبدئي لنصف مليون برميل من النفط يومياً والذي يتوقع أن تصل زيادته إلى المليون برميل يومياً أواخر عام 2016. علاوة على عودة مئات الأطنان من المعادن الثمينة إلى خزائنها، معطوفة على فتح المجال واسعاً أمام الصادرات الإيرانية المتنوعة والمتعددة المجالات. ورغم ذلك، ثمة تساؤلات تطرح نفسها لجهة قدرة طهران على الاستفادة العملية والفعلية من زيادة الإنتاج النفطي، خاصة وسط تراجع سعر برميل النفط إلى 30 دولاراً، والذي يرجح استمرار هبوطه، وفي وقت زاد منسوب الخلاف على كميات الإنتاج والتسعير في منظمة أوبك وبخاصة بعد توتر علاقات إيران بمعظم دول الخليج العربية التي شهد بعضها، قطعاً للعلاقات الدبلوماسية، علاوة على ذلك ضبابية قدرة طهران على تسويق منتجها النفطي وفقاً لشروطها ورغبتها.
صحيح أن طهران تمكنت من استعمال وسائل دبلوماسية متعددة مقرونة بصور أمنية وعسكرية للوصول إلى ما هدفت إليه، إلا أنها ليست قادرة بالمطلق على التحكم بمسارات الاستفادة من صادراتها، إن لجهة الأطراف المستوردة، أو التحكّم بجدوى الأسعار، أو حتى تلافي التخمة التي أشبع السوق فيها، وبالتالي من الممكن أن تتحول هذه الفرص المتاحة إلى عوامل سلبية على العوائد المحتملة، وبالتالي الانخراط في دوامة اقتصادية صعب الخروج منها، إلا على قاعدة لحس المبرد.
وصحيح أيضاً، أن رفع العقوبات أسهم في تدفق الشركات الغربية على الاستثمار في الداخل الإيراني، إلا أن ذلك لا يعتبر بالضرورة شرطاً لنهضة الاقتصاد الإيراني، بخاصة إذا كانت أغلبية مجالات الاستثمار هي ذات صفة ريعية متصلة في جانب الطاقة، وهو على أهميته، يعتبر جانباً سلبياً، إذا لم تقترن عقود الشركات الأجنبية بمجالات استثمارية فعلية.
وعلى الرغم من تمكّن إيران خلال جولات المفاوضات السابقة حول البرنامج النووي، من إبعاد البرنامج الصاروخي الباليستي والذي لا يقل أهمية بنظر الغرب عن البرنامج النووي، فإن رفع العقوبات، لم يشمل هذا الجانب، الأمر الذي سيشكل مستقبلاً بيئة خصبة لعمليات الشد والجذب بين الطرفين الإيراني والأمريكي، والذي بالتأكيد سيفرض نفسه على رفع العقوبات، ما يعني إمكانية التراجع عنه مجدداً، إذا لم يُحسم ملف الصواريخ الباليستية.
لقد انتظر الغرب وإيران سنوات طويلة للتوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي، لكن ثمة جوانب كثيرة يمكن أن تظهر إما كحالات منفصلة عن الاتفاق، وإما كحالات متصلة به، وفي كلتا الحالتين، ثمة عقبات كثيرة تنتظر تطبيق رفع العقوبات عن طهران، وبخاصة في المدى المنظور. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/7f9d57e0-57cc-4ba6-a56e-42cb148d68a0#sthash.aKk5d3gS.dpuf