تداعيات نقل المحكمة إلى مجلس الأمن الدولي
د.خليل حسين
أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
أما وقد أصبحت المحكمة الخاصة في لبنان في أحضان مجلس الأمن وقلب الفصل السابع،بات على اللبنانيين معرفة حقيقة إن كانت المحكمة باتت وراءهم أم أمامهم،وإدراك ما ينتظرهم من مفاجئات لن تكون سارة بالتأكيد،إذ أن هذه النقلة النوعية ستوسِّع الشرخ بين اللبنانيين وستكون على حساب الحقيقة أولا وعليهم ثانيا،سيما وان ثمة الكثير من الأسباب الظاهرة والمستترة تنبئ باستثمارات سياسية ذات مروحة واسعة في الداخل اللبناني كما خارجه. ففيما تعتبر قوى 14 آذار الاستعانة بالأمم المتحدة لتسهيل ولادة هذه المحكمة المختلف على نظامها وهيكليتها، ضرورة حتمية بعد إغلاق باب المجلس النيابي أمامها، تصف المعارضة هذا التدبير بأنه رهن للبنان للوصاية الدولية والأجنبية، وإعدام للهدف من إنشاء المحكمة وهو معرفة القتلة الحقيقيين ومحاكمتهم ، وهروب من مناقشة خلفيات المحكمة وبنود نظامها وإجراء تعديلات طفيفة عليها لا تمسّ جوهرها ولا تبقي لبنان خاضعاً لمزاجية السياسة الدولية.وأيّاً يكن الأمر ما هو الإطار النظري والإجراءات المرافقة لسير قيامة هذه المحكمة وآثارها وتداعياتها؟.
بداية من الصعب القول أنّ مسألة نظام المحكمة مفصولة من الناحية الوظيفية عن الاتفاقية الثنائية الموقعة بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة المطلوب إبرامها فالأمران مرتبطان بهدف واحد وهو جلاء الحقيقة وتبيانها في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري،فصحيح أن نظام المحكمة هي بمثابة الآلية التي يمكن إصدارها بطريقة أخرى غير مقررة في الأساس حصرا بالمؤسسات الدستورية اللبنانية وهذا ما انطوى عليه جملة القرارات الصادرة والمؤسسة للمحكمة ونظامها الأساسي كالقرارات 1595 و1644 و1664 وجميعها مُدّرجة ضمن الفصل السابع.وصحيح أيضاً أنَّ إقرار المحكمة في الفصل السابع يمكن أن يكون متدرِّجا وليس بالضرورة البدء في المادة (42) وما يليها أي استعمال القوة بوجه من يعرقل سير عملها أو لا يتجاوب مع متطلباتها أو آليات إجراءاتها. إلا أن الصحيح أيضا أن التدرّج في فرض العقوبات الزاجرة في الفصل السابع أتى في سياق "حتمي" لا اختياري أو استنسابي وهو مرتبط أولا وأخيرا بالمزاج السياسي الدولي ومن يتحكّم به في دهاليز مجلس الأمن الدولي.إذ ليس ثمة سابقة دولية اتخذت في مجلس الأمن وفقا للمادة (41) مثلا والقاضية بالحصار البحري والبري وقطع العلاقات الدبلوماسية إلا واستكملت بإجراءات عقابية عسكرية لاحقة،وكأنه يمكن القول أن المادة (41) وضعت لالتقاط الأنفاس وتنظيم الأوضاع والأجواء قبل اللجوء إلى العقوبات العسكرية وفقا للمادة (42).وعليه يمكن القول إن المآل الأخير لهذه الخطوة ليست برأينا سوى مقدمة لإمكانية استعمال القوة ضد من يعنيهم الأمر.
وفي الجانب الآخر من مشروع القرار وإن بدا مجلس الأمن قد حافظ على الصيغة الأساسية لنظام المحكمة التي لم تُقر في الأطر الدستورية اللبنانية،فان المضيَّ به وفقا لهذا الشكل من الإقرار يعني فيما يعنيه إبقاء آلية التنفيذ اللاحقة غير محددة عمليا،فكيف يمكن مثلا إجبار طرف لبناني أو غير لبناني لن يتعاون أو يتجاوب مع متطلبات المحكمة على الرضوخ؟إن الجواب ببساطة استعمال القوة فمن سيستعملها في هذه الحالة السلطات اللبنانية أم غيرها؟وإذا كان الأمر متعلقا بلبنانيين وتطال رموزاً معينة كيف سيتمُّ التعامّل مع هذه القضيّة؟ وإذا كان الأمر متعلقاً بغير لبنانيين هل ستكون السلطات اللبنانية هي مشروع صِدام مع دول أخرى؟وإذا كان ثمة نية باستعمال الأمم المتحدة لقواتها الموجودة في جنوب لبنان مثلا وسيلة متاحة لتنفيذ متطلبات المحكمة فما هو مصير هذه القوات وكيف سيكون التعامل معها من بعض الأطراف اللبنانيين؟جملة أسئلة خطيرة تطرح نفسها وتقودنا إلى أبداء الملاحظات التالية:
- بات من الواضح جدا أن الإسراع في نقل المحكمة إلى مجلس الأمن وإقرارها ضمن الفصل السابع في هذه الظروف تحديدا هو تدويل الوضع اللبناني برمته،وفتحه على احتمالات كثيرة من الصعب التنبؤ بنتائجها وتداعياتها القريبة والبعيدة إلا أن أقل ما يقال فيها وضع لبنان على لائحة الاستثمارات السياسية الإقليمية والدولية وإعادته إلى أجواء سني الحرب الماضية التي باتت محفورة في ذاكرة اللبنانيين.
- إن إقرار المحكمة بهذا الشكل يعني أنَّ القوى الخارجية الفاعلة في هذه القضية وضعت اللبنانيين أمام مبدأ الغالب والمغلوب وهي صيغة غالبا ما كلّفت لبنان أزمات وطنية حادة كانت بمثابة الوقت المستقطع لتمرير أمور إقليمية أخرى لا علاقة للبنانيين بها.فجميع الأطراف الدولية والإقليمية لها مصلحة حقيقية في تقطيع الوقت عبر المحكمة بهدف الوصول إلى مبادئ عامّة لمشاريع حلول لقضايا أكبر من لبنان وأكبر من الأهداف التي أُنشأت من أجلها المحكمة.
- إن إقرار المحكمة على توقيت الاستحقاقات الداخلية اللبنانية علامة فارقة في نية القوى الدولية تهريب هذه الاستحقاقات ووضع اللبنانيين أمام خيارات أحلاها مر،فانتخابات الرئاسة مرتبطة بالتوافق الداخلي الذي لم يكن ينقصه سوى هذا الانقسام الحاد على إقرار نظام المحكمة،كما لم ينقص حكومة الرئيس فؤاد السنيورة سوى هذه الخطوة للتأكيد أن خطوته تأتي في سياق تدويل القضايا اللبنانية بامتياز وبوكالة حصرية أمريكية - فرنسية.
- إن المعني الرئيس بهذا الإقرار هو سوريا تحديداً وليس أي احد آخر من الناحية المبدئية.فسوريا التي تعاونت وباعتراف رئيس لجنة التحقيق الدولية سيرج برامرتز في تقاريره السابقة، أكدت على لسان مسؤوليها سابقا أنها ليست معنية بموضوع المحكمة واعتبرتها مشروع اتفاقية لم تشارك بها،ويأتي هذا الإقرار في الفصل السابع ليلزم سوريا بما ستؤول إليه الأمور لاحقا،سيما وان الانفتاح الأمريكي على سوريا حاليا يستلزم بعض الكوابح الضرورية مستقبلا في عمليات الابتزاز الأمريكي لسوريا ولن تكون المحكمة وإجراءاتها سوى عدة الشّغل اللازمة للحوار أو بمعنى أدق التفاوض بين دمشق وواشنطن على قضايا عديدة ومتنوعة من بينها لبنان والعراق والعلاقة مع إيران وعلى رأس هذه المواضيع كلها ملفات الصراع العربي - الإسرائيلي بتفاصيله المملة.
- إن إقرار المحكمة وآلية تنفيذ إجراءاتها لاحقا ستنشئ أجواءً تصادمية داخلية وخارجية لن تتمكن السلطة من القيام بها منفردة،الأمر الذي سيستدعي اللجوء إلى خيارات أخرى على الأرجح ستكون قوات اليونفيل من بينها بعد تعزيز مقومات تحركها من الناحية القانونية وفقا للقرار 1701 ،وما يعزز هذا الاحتمال ما أقدم عليه مؤخرا مجلس الأمن في قرار رئاسي بتشكيل بعثة لتقصي الحقائق بين لبنان وسوريا،وبذلك ستكون الخطوات الدولية متلازمة ومترافقة مع بعضها البعض في هذا الاتجاه ما يُنذر بإمكانية تغيّرات دراماتيكية سريعة يمكن أن تعيد خلط الأوراق في المنطقة كلها.
- ثمة توجّس وخوف كبيرين بأن إقرار المحكمة في الفصل السابع سينسحب على الوضع القانوني لقوات الطوارئ في جنوب لبنان، ربطا بسوابق مماثلة على الصعيد الدولي وان اختلفت تسمية ونوعية المحاكم.فجميع القوات التي أنشأت في يوغسلافيا السابقة وراوندا وتيمور الشرقية والتي ترافقت مع محاكم دولية خاصة ومختلطة أنشأت استنادا إلى الفصل السابع،بتبريرات متنوعة ومختلفة وبخاصة حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة في جرائم مماثلة.إن الحالات السابقة السالفة الذكر لم تمكن أصحابها من الوصول إلى الأهداف المرجوة وبخاصة في قضية سلوفودان ميلوسوفيتش، فيوغسلاقيا قُسمت قبل أن يتوفى هذا الأخير في سجنه وقبل صدور أي حكم بحقه.فهل سيكون الوضع في لبنان متشابها أو مماثلا؟.
إن الجرائم الكبيرة التي ترتكب في الأوطان الصغيرة غاليا ما تكون وسيلة لتمرير أهداف كبيرة أكبر من حجم وموقع الدول المرتكبة فيها،فهل سيكون إقرار المحكمة في مجلس الأمن الدولي مقدمة لعهد حكومتين مجددا في لبنان؟وهل ستكون المحكمة الأداة والوسيلة لتطويع من يمانع ويقاوم المشاريع الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة؟ وهل ستكون المحكمة أيضا صيدا سهلا لما تبقى من العرب للتطبيع مع إسرائيل؟ وهل ستتمكن المحكمة من كشف الحقيقة أم ستغيب إلى الأبد مع الكيان اللبناني المعروف حاليا؟ أسئلة محرجة يتردد صداها في نعيق الغربان السود في سماء لبنان.
د.خليل حسين
أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
أما وقد أصبحت المحكمة الخاصة في لبنان في أحضان مجلس الأمن وقلب الفصل السابع،بات على اللبنانيين معرفة حقيقة إن كانت المحكمة باتت وراءهم أم أمامهم،وإدراك ما ينتظرهم من مفاجئات لن تكون سارة بالتأكيد،إذ أن هذه النقلة النوعية ستوسِّع الشرخ بين اللبنانيين وستكون على حساب الحقيقة أولا وعليهم ثانيا،سيما وان ثمة الكثير من الأسباب الظاهرة والمستترة تنبئ باستثمارات سياسية ذات مروحة واسعة في الداخل اللبناني كما خارجه. ففيما تعتبر قوى 14 آذار الاستعانة بالأمم المتحدة لتسهيل ولادة هذه المحكمة المختلف على نظامها وهيكليتها، ضرورة حتمية بعد إغلاق باب المجلس النيابي أمامها، تصف المعارضة هذا التدبير بأنه رهن للبنان للوصاية الدولية والأجنبية، وإعدام للهدف من إنشاء المحكمة وهو معرفة القتلة الحقيقيين ومحاكمتهم ، وهروب من مناقشة خلفيات المحكمة وبنود نظامها وإجراء تعديلات طفيفة عليها لا تمسّ جوهرها ولا تبقي لبنان خاضعاً لمزاجية السياسة الدولية.وأيّاً يكن الأمر ما هو الإطار النظري والإجراءات المرافقة لسير قيامة هذه المحكمة وآثارها وتداعياتها؟.
بداية من الصعب القول أنّ مسألة نظام المحكمة مفصولة من الناحية الوظيفية عن الاتفاقية الثنائية الموقعة بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة المطلوب إبرامها فالأمران مرتبطان بهدف واحد وهو جلاء الحقيقة وتبيانها في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري،فصحيح أن نظام المحكمة هي بمثابة الآلية التي يمكن إصدارها بطريقة أخرى غير مقررة في الأساس حصرا بالمؤسسات الدستورية اللبنانية وهذا ما انطوى عليه جملة القرارات الصادرة والمؤسسة للمحكمة ونظامها الأساسي كالقرارات 1595 و1644 و1664 وجميعها مُدّرجة ضمن الفصل السابع.وصحيح أيضاً أنَّ إقرار المحكمة في الفصل السابع يمكن أن يكون متدرِّجا وليس بالضرورة البدء في المادة (42) وما يليها أي استعمال القوة بوجه من يعرقل سير عملها أو لا يتجاوب مع متطلباتها أو آليات إجراءاتها. إلا أن الصحيح أيضا أن التدرّج في فرض العقوبات الزاجرة في الفصل السابع أتى في سياق "حتمي" لا اختياري أو استنسابي وهو مرتبط أولا وأخيرا بالمزاج السياسي الدولي ومن يتحكّم به في دهاليز مجلس الأمن الدولي.إذ ليس ثمة سابقة دولية اتخذت في مجلس الأمن وفقا للمادة (41) مثلا والقاضية بالحصار البحري والبري وقطع العلاقات الدبلوماسية إلا واستكملت بإجراءات عقابية عسكرية لاحقة،وكأنه يمكن القول أن المادة (41) وضعت لالتقاط الأنفاس وتنظيم الأوضاع والأجواء قبل اللجوء إلى العقوبات العسكرية وفقا للمادة (42).وعليه يمكن القول إن المآل الأخير لهذه الخطوة ليست برأينا سوى مقدمة لإمكانية استعمال القوة ضد من يعنيهم الأمر.
وفي الجانب الآخر من مشروع القرار وإن بدا مجلس الأمن قد حافظ على الصيغة الأساسية لنظام المحكمة التي لم تُقر في الأطر الدستورية اللبنانية،فان المضيَّ به وفقا لهذا الشكل من الإقرار يعني فيما يعنيه إبقاء آلية التنفيذ اللاحقة غير محددة عمليا،فكيف يمكن مثلا إجبار طرف لبناني أو غير لبناني لن يتعاون أو يتجاوب مع متطلبات المحكمة على الرضوخ؟إن الجواب ببساطة استعمال القوة فمن سيستعملها في هذه الحالة السلطات اللبنانية أم غيرها؟وإذا كان الأمر متعلقا بلبنانيين وتطال رموزاً معينة كيف سيتمُّ التعامّل مع هذه القضيّة؟ وإذا كان الأمر متعلقاً بغير لبنانيين هل ستكون السلطات اللبنانية هي مشروع صِدام مع دول أخرى؟وإذا كان ثمة نية باستعمال الأمم المتحدة لقواتها الموجودة في جنوب لبنان مثلا وسيلة متاحة لتنفيذ متطلبات المحكمة فما هو مصير هذه القوات وكيف سيكون التعامل معها من بعض الأطراف اللبنانيين؟جملة أسئلة خطيرة تطرح نفسها وتقودنا إلى أبداء الملاحظات التالية:
- بات من الواضح جدا أن الإسراع في نقل المحكمة إلى مجلس الأمن وإقرارها ضمن الفصل السابع في هذه الظروف تحديدا هو تدويل الوضع اللبناني برمته،وفتحه على احتمالات كثيرة من الصعب التنبؤ بنتائجها وتداعياتها القريبة والبعيدة إلا أن أقل ما يقال فيها وضع لبنان على لائحة الاستثمارات السياسية الإقليمية والدولية وإعادته إلى أجواء سني الحرب الماضية التي باتت محفورة في ذاكرة اللبنانيين.
- إن إقرار المحكمة بهذا الشكل يعني أنَّ القوى الخارجية الفاعلة في هذه القضية وضعت اللبنانيين أمام مبدأ الغالب والمغلوب وهي صيغة غالبا ما كلّفت لبنان أزمات وطنية حادة كانت بمثابة الوقت المستقطع لتمرير أمور إقليمية أخرى لا علاقة للبنانيين بها.فجميع الأطراف الدولية والإقليمية لها مصلحة حقيقية في تقطيع الوقت عبر المحكمة بهدف الوصول إلى مبادئ عامّة لمشاريع حلول لقضايا أكبر من لبنان وأكبر من الأهداف التي أُنشأت من أجلها المحكمة.
- إن إقرار المحكمة على توقيت الاستحقاقات الداخلية اللبنانية علامة فارقة في نية القوى الدولية تهريب هذه الاستحقاقات ووضع اللبنانيين أمام خيارات أحلاها مر،فانتخابات الرئاسة مرتبطة بالتوافق الداخلي الذي لم يكن ينقصه سوى هذا الانقسام الحاد على إقرار نظام المحكمة،كما لم ينقص حكومة الرئيس فؤاد السنيورة سوى هذه الخطوة للتأكيد أن خطوته تأتي في سياق تدويل القضايا اللبنانية بامتياز وبوكالة حصرية أمريكية - فرنسية.
- إن المعني الرئيس بهذا الإقرار هو سوريا تحديداً وليس أي احد آخر من الناحية المبدئية.فسوريا التي تعاونت وباعتراف رئيس لجنة التحقيق الدولية سيرج برامرتز في تقاريره السابقة، أكدت على لسان مسؤوليها سابقا أنها ليست معنية بموضوع المحكمة واعتبرتها مشروع اتفاقية لم تشارك بها،ويأتي هذا الإقرار في الفصل السابع ليلزم سوريا بما ستؤول إليه الأمور لاحقا،سيما وان الانفتاح الأمريكي على سوريا حاليا يستلزم بعض الكوابح الضرورية مستقبلا في عمليات الابتزاز الأمريكي لسوريا ولن تكون المحكمة وإجراءاتها سوى عدة الشّغل اللازمة للحوار أو بمعنى أدق التفاوض بين دمشق وواشنطن على قضايا عديدة ومتنوعة من بينها لبنان والعراق والعلاقة مع إيران وعلى رأس هذه المواضيع كلها ملفات الصراع العربي - الإسرائيلي بتفاصيله المملة.
- إن إقرار المحكمة وآلية تنفيذ إجراءاتها لاحقا ستنشئ أجواءً تصادمية داخلية وخارجية لن تتمكن السلطة من القيام بها منفردة،الأمر الذي سيستدعي اللجوء إلى خيارات أخرى على الأرجح ستكون قوات اليونفيل من بينها بعد تعزيز مقومات تحركها من الناحية القانونية وفقا للقرار 1701 ،وما يعزز هذا الاحتمال ما أقدم عليه مؤخرا مجلس الأمن في قرار رئاسي بتشكيل بعثة لتقصي الحقائق بين لبنان وسوريا،وبذلك ستكون الخطوات الدولية متلازمة ومترافقة مع بعضها البعض في هذا الاتجاه ما يُنذر بإمكانية تغيّرات دراماتيكية سريعة يمكن أن تعيد خلط الأوراق في المنطقة كلها.
- ثمة توجّس وخوف كبيرين بأن إقرار المحكمة في الفصل السابع سينسحب على الوضع القانوني لقوات الطوارئ في جنوب لبنان، ربطا بسوابق مماثلة على الصعيد الدولي وان اختلفت تسمية ونوعية المحاكم.فجميع القوات التي أنشأت في يوغسلافيا السابقة وراوندا وتيمور الشرقية والتي ترافقت مع محاكم دولية خاصة ومختلطة أنشأت استنادا إلى الفصل السابع،بتبريرات متنوعة ومختلفة وبخاصة حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة في جرائم مماثلة.إن الحالات السابقة السالفة الذكر لم تمكن أصحابها من الوصول إلى الأهداف المرجوة وبخاصة في قضية سلوفودان ميلوسوفيتش، فيوغسلاقيا قُسمت قبل أن يتوفى هذا الأخير في سجنه وقبل صدور أي حكم بحقه.فهل سيكون الوضع في لبنان متشابها أو مماثلا؟.
إن الجرائم الكبيرة التي ترتكب في الأوطان الصغيرة غاليا ما تكون وسيلة لتمرير أهداف كبيرة أكبر من حجم وموقع الدول المرتكبة فيها،فهل سيكون إقرار المحكمة في مجلس الأمن الدولي مقدمة لعهد حكومتين مجددا في لبنان؟وهل ستكون المحكمة الأداة والوسيلة لتطويع من يمانع ويقاوم المشاريع الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة؟ وهل ستكون المحكمة أيضا صيدا سهلا لما تبقى من العرب للتطبيع مع إسرائيل؟ وهل ستتمكن المحكمة من كشف الحقيقة أم ستغيب إلى الأبد مع الكيان اللبناني المعروف حاليا؟ أسئلة محرجة يتردد صداها في نعيق الغربان السود في سماء لبنان.