23‏/03‏/2025

 

كورونا وتحديات العام 2021

د. خليل حسين

رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية

18-12-2020

 

           خلال عام واحد تقريبا تجاوز عدد مصابي فايروس كورونا ستين مليون شخصا، فيما حصد حياة مليون واربع ماية الف شخص، اما المتعافين فوصل الى حدود الأربعين مليونا ،علما ان هذه الأرقام تتحرك بشكل متسارع ومطرد، وبحسب احصاءات جامعة هوبكنز الأميركية تتصدر الولايات المتحدة قائمة الإصابات وقائمة الوفيات، اذ بلغت في يوم واحد 250000 إصابة و3500 حالة وفاة، فماذا تعني هذه الأرقام وما هي خلفياتها وتداعياته؟.

       استنادا الى اوبئة انتشرت حول العالم سابقا، كالانفلونزا الاسبانية والجدري والملاريا والطاعون والكولرا وغيرها، شكل كوفيد 19 تحديا غير مسبوق لجهة تداعياته وآثاره المدمرة في غير اتجاه، ورغم ذلك وقف العالم وبخاصة الدول المتطورة عاجزة عن مواجهته بالشكل المطلوب والحد من آثاره، علاوة على ذهاب الأمور الى اتجاهات متعددة تفسيرا لظهوره واستشرافا لخلفياته وتداعياته، وبصرف النظر عن أي تحليل ، يشكل سلوك الانتشار الوبائي صورة قاتمة تقترب من مفهوم الحروب البيولوجية وهي بطبيعتها وآثارها مدمرة ،إضافة الى ان سبل مواجهتها تتطلب جهودا مضنية وأكلافا باهظة وطاقات علمية لامعة وفارقة، سيما وان التعامل مع هذا الفايروس هو مستجد وحتى الآن لم يتبيّن فعالية أي بيئة علاجية له.

      فالتداعيات الاقتصادية والتجارية خلال العام 2020 على المستوى الدولي باتت كارثية، وهي مرشحة بالتأكيد للاستمرار، بالنظر لعدم معالجة الفايروس بالشكل الفعال رغم ظهور عدة لقاحات لا زالت في بداياتها الأولى، ما يعني ان استمرار التأثير المباشر سيتواصل مبدئيا لجهة حالات الإصابات والوفيات، علاوة على الجوانب الاجتماعية والسلوكية في حياة البشر، ما يعني أيضا مزيدا من الضغوط على البيئات المواجهة لذلك، وهي في غالب الأحيان باتت مستهلكة وغير قادرة على انتاج المزيد من وسائل الحل.

      فالعام 2021 يشكل تحديا موصوفا ليس لدول العالم ومجتمعاتها بل للبشرية مجتمعة، باعتباره وباءً يهدد الجنس البشري علاوة على المس بطبيعة السلوكيات الإنسانية للبشر، وبالتالي ان عمليات المواجهة من المفترض ان لا تقتصر او تقف عند حدود المعالجة الطبية، وانما ينبغي الانتقال الى إعادة ترميم للعلاقات السلوكية الاجتماعية الناظمة لحياة البشر، وهي بطبيعة الأمر من التحديات الكبيرة التي تتطلب جهودا استثنائية.

    ان المشكلة الأبرز في هذه التحديات توفير إمكانات مادية هائلة لسد حاجات الدول ومجتمعاتها في وقت بات العالم مجتمعا في حالات ركود اقتصادي غير مسبوق وما يتركه من آثار كارثية في غير موضع واتجاه ما يضاعف المشاكل ، ويضعف فعاليات المواجهة.

       ان الامر الأبرز والأخطر في كل ذلك، ان يكون هذا القايروس جزءا من حرب بيولوجية تشن لأهداف وغايات مختلفة، ويتم الاستثمار فيها والاستفادة منها في غير اتجاه، عندها لن تكون التحديات عادية وتقليدية، بل تتطلب بيئات قيمية متصلة بمستويات رفيعة في سلوك من يتولون صناعة القرار على المستوى العالمي.

      ثمة نظريات سادت ثم بادت، وكنا ننظر اليها بداية كنوع من أنواع الخيال ، ومن بينها النظريات المتصلة بالحروب وأهدافها، او بنظريات الاضطراد السكاني للعالم وسبل مواجهته ومن بينها الحروب ، فهل ان كورونا كوباء يشكل مسارا في هذا الاتجاه لجهة التخفيف والتخلص من الزيادات السكانية للعالم، ربما نظرية مالتوس لا زالت تطل برأسها في هذا الاتجاه، والتدقيق بالسوابق التاريخية تدلل على ذلك للأسف.

           نحن على اعتاب تسلم وتسليم بين عام سبق وعام خلف، فهل ستتمكن السياسات الدولية من رسم اطر لحلول مأمولة ام ان العام 2021 سيكون كسلفه مليئا بالمحطات السوداء، ثمة من يعلق آمالا على الإدارة الأميركية الديموقراطية القادمة في إرساء سياسات وعلاقات مختلفة تسهم في حل بعض الازمات الدولية ومنها الوبائية السائدة حاليا.