23‏/03‏/2025

 

الامارات في مجلس الامن

د.خليل حسين

رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية

23=7=2021

      الامارات العربية المتحدة التي انضمت الى عضوية الأمم المتحدة في العام 1971 بالتزامن مع تأسيسها، سبق وانتخبت أيضا لعضوية مجلس الامن للعامين 1986 و1987، ثم اعيد انتخابها في 11 يونيو/ حزيران الماضي لعامي 2022 و2023  بدءا من الأول من يناير / كانون الثاني القادم. ولانتخاب الامارات بأغلبية 179 صوتا في الجمعية العامة بعد توصية مجلس الامن دلالات سياسية ودبلوماسية رفيعة لما تستحوذ عضوية مجلس الامن من اهتمام ملفت بالنظر للدور والموقع الدي تشغله الدولة المنتخبة.

      ثمة خطأ شائع مفاده التقليل من أهمية الدول غير الدائمة في مجلس الامن، الا ان التدقيق في الأمر يثبت حقائق ووقائع مغايرة تبرز أهمية العضوية لما يمكن ان تقوم به الدولة العضو من ادوار اساسية او مكملة لقرارات ذات وزن دولي فاعل. فالدولة المرشحة ينبغي ان تحوز أولا على توصية مجلس الامن ومن ثم انتخابها من الجمعية العامة بالأغلبية المطلقة من أعضاء الجمعية العامة ، وبدلك تكتسب مشروعية التعامل الدولي من خلال القبول بالدور المفترض الذي ينبغي القيام به. والدولة المنتخبة تقوم بدور التصويت على القرارات الدولية الى جانب الدول الخمس الدائمة العضوية على قدم المساواة لجهة الوزن الانتخابي، ولا تتميز الدول الدائمة العضوية الا في حق النقض الفيتو الذي يمكن استعماله لأسقاط القرار وعدم تمريره، الا ان هذا الامتياز المنصوص عنه في ميثاق المنظمة الدولية يقابله مثلا أوضاع قانونية لمشاركة الدول غير الدائمة ، من بينها مثلا وجوب تصويت على الاقل تسعة أعضاء منها الى جانب الدول الخمسة لكي يتخذ القرار وضعية القرار القابل للتنفيذ.

     علاوة على ذلك، ان للدول غير الدائمة العضوية في المجلس ، دور متميز في مشاركتها في عملية التصويت على قرار ما للتفريق بين ما يعتبر قرار اجرائي او موضوعي، وهي الصفة القانونية غير الواضحة في الميثاق ويترتب عليها معرفة حق الدول الدائمة العضوية في استعمال حق النقض. ويأتي هنا دور الدول غير الدائمة في التصويت ليصل العدد المطلوب لصحة القرار. إضافة الى ذلك عمليات التصويت واتخاذ القرارات والمواقف في القضايا الدولية على قدم المساواة مع الدول الكبرى.

       والامارات التي ستمارس صلاحيات العضوية في مجلس الامن ، هو امتياز محقق بفعل الموقع الجيو سياسي الذي تتمتع به، والذي من خلاله تمكنت من بناء سياسة خارجية فاعلة ونشطة إقليميا ودوليا، ذلك أيضا بفعل الإمكانات المادية والمعنوية المتراكمة على مدى نصف قرن من التأسيس. فالإمارات اختيرت عضوا كدولة تقع جغرافيا في القارة الاسيوية، وهي أيضا عضو في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي إضافة الى عضوية عشرات المنظمات الإقليمية والدولية المتخصصة الفاعلة كالأوبك والأوابك وغيرها، وبالتالي الحضور الفاعل في غير محفل إقليمي ودولي ذات وزن مقرر.

       ان انتخاب الامارات في عضوية المجلس للمرة الأولى في منتصف ثمانينات القرن الماضي كان نتاج حضور فاعل في معالجة العديد من القضايا الهامة ومن بينها مثلا الحرب العراقية الإيرانية التي لعبت فيها دورا متميزا بالنظر لسياستها الخارجية المقبولة من دول ذات وزن مرموق إقليميا، إضافة الى احتفاظها بعلاقات حميمة مع مختلف دول العالم وبخاصة ذات الشأن في منطقة الخليج العربي. كما تلعب الامارات اليوم أدوارا محورية على الصعد السياسية والاقتصادية والمالية، كما وتمارس سياسات ذات بعد إقليمي في حل النزاعات القائمة في الشرق الأوسط، وهي أدوار تتقدم بها بخطى ثابتة نحو اهداف محددة.

      الامارات التي حلقت مؤخرا بعيدا عن كوكبنا باتجاه كوكب المريخ عبر مسبار الامل، تدخل غدا مجلس الامن بواقعية البحث عن مجتمع السعادة التي سعت اليه  وكرسته في اطر تنفيذية يبنى عليها؛ واليوم تحاول الامارات مجددا الدخول الى مستويات دولية ارقى عمادها المشاركة في صنع السلام الدولي والتنمية ونشر الوئام وغيره من القيم النبيلة التي لطالما حاولت القيام به.