مبادرة
خليجية للرئاسة اللبنانية
د.خليل حسين
رئيس قسم
العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
8-1-2023
ايست سابقة ان تهتم وتتابع دول الخليج العربية القضايا
اللبنانية وبخاصة المسائل والقضايا التي تحتاج الى دعم ومتابعة ومبادرات حية قابلة
للحياة.وتشكل حاليا قضية انتخابات رئاسة
الجمهورية اللبنانية مشكلة كبيرة بين الاطراف اللبنانيين والتي تحتاج الى مساعدة
للتمكن من تجاوزها، ومن بين هذه المبادرات ، ميادرة خليجية دولية يعلق عليها
الآمال ، وسط اغلاق أبواب المشاريع والمبادرات الاقليمية والدولية في المرحلة
السابقة.
وعماد هذه المبادرة جملة أسس عُرضت على
مجموعة دول مجلس التعاون الخبليجي الستة، في محاولة لانشاء بيئة تُخرج لبنان من
وضعه السياسي والاقتصادي الصعب، وهي محاولة لاعادة يناء مكونات السلطة بعد الفراغ
في موقع رئاسة الجمهورية ، ووسط ازمة حكم متصلة بصعوبة التوافق على اجتماعات
الحكومة المستقيلة التي تقوم مقام تصريف الاعمال.
والمبادرة التي تنطلق على قاعدتين
أساسيتين ، عبر محاولة التوصل الى تفاهمات بين الأطراف الللبنانية لانتخاب رئيس للجمهورية
ومحلولة التوصل أيضا الى تفاهمات حول مكونات الحكومة المقبلة ومساراتها في العهد
الجديد ؛ وهو امر ليس سهل المنال ويتخلله مطبات وعثرات لا تعد ولا تحصى بالنظر
لطبيعة تعقيدات الواقع اللبناني ومدى تضارب المصالح الداخلية وتقاطعها مع اطراف
إقليمية ودولية .
وفي طبيعة الامر ، لم تنطلق المباجرة من
فراغ، وانما انطلقت من تصورات ورؤى سابقة قامت
بها اطراف عربية وإقليمية ودولية، لذا تماذجت هذه المبادرة مع محاولات أميركية
وفرنسية طُرحت في غير محفل ومناسبة، ومن المفترض ان تكون هذه المبادرة محور لقاء
رباعي يعقد في باريس الأسبوع القادم ويضم الى المملكة العربية السعودية وقطر كل من
فرتسا والولايات المتحدة الأميركية، وهو محور اجتماع يأتي بعد انسداد أبواب الحلول
والمشاريع لفترة طويلة خلت.
ثمة
من يعلق آمالا كبيرة على هذه المبادرة لما تضم من اوزان سياسية اقيليمة
ودولية فاعلة، فالدولتان الخليجيتان السعودية وقطر تنطلقان من بيئة خليجية ضمن
مجلس التعاون الذي له آثار فاعلة في المحيطين العربي والدولي، ومن بينها مثلا
الحراك الذي تقوم به الامارات العربية المتحدة مؤخرا حين استقبلت العاهل الاردني
جلالة الملك عبدالله بن الحسبن، علاوة على زيارة وزير الخارجية الاماراتي سمو
الأمير عبدالله بن زايد الى دمشق حيث
التقى الرئيس السوري بشار الأسد، إضافة الى حراك سلطنة عُمان تجاه طهران.
ويصرف النظر عن ثقل الميادرة وعناصرها القابلة للحياة، ثمة ما
يشير الى جدية المبادرة وإمكانية البناء عليها، باعتبارها تضم فواعبل ذات وزن فاعل في الحياة السياسية
الإقليمية واللبنانية ، إضافة الى عدم وجود أي مبادرات جدية وازنة حاليا ، اضافة
أنها تحاول إرساء قواعد سياسية سلوكية
للواقع اللبناني وقضاياه التي لا تنتهي، ومن بينها ازمة النظام السياسي، التي تفاقمت في الفترة
الماضية وبدأت تعلو المطالبات بعقد سياسي
اجتماعي جديد يحدد اطر نظام الحكم في لبنان.
ويتواءم الحراك الخليجي حاليا مع محاولات
فرنسية لايجاد مخارج مشاريع حلول للأزمة اللبنانية القائمة ، ومع تعثر مساراتها
السابقة، تلقت مساندة أميركية ، ورغم ذلك
لن يصل الحراك الدولي الى نتائج محققة، لذا تبدو المواءمة الخليجية الفرنسية
الأميركية تأخذ موقعا متقدما في طبيعة المؤثرات القابلة للحياة، سيما وان سوابق اخذت
دورا متقدما في مشاريع الحلول كاتفاق الطائف 1989 الذي انهي نزاعا طويلا بين
اللبنانيين وافضى الى نظام سياسي امن فترة هدوء ، ما لبث ان اعيد ترميمه بما اتفق
على تسميته باتفاق الدوحة الذي انهي فراغا رئاسيا استمر لأكثر من عامين؛ فهل
سيستطيع اجتماع باريس الأسبوع القادم من
وضع المبادؤة الرباعية على الطريق الذي يرضي الاطراف اللبنانيين الذين لا زالوا
يعلقون كعادتهم الآمال على الميادرات
وتلقف الفرص في الوقت الضائع.