22‏/03‏/2025

 تحديات اليوبيل الماسي للأمم المتحدة

د.خليل حسين

رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية

      24-9-2020

       لطالما واجهت الأمم المتحدة تحديات متعددة الأوجه ومتنوعة الأسباب والخلفيات، بدءا من التحديات السياسية المتصلة بقراراتها، مرورا بالتحديات القانونية والإدارية المتعلقة بميثاقها ووسائل عملها، وصولا الى التحديات المالية لجهة مساهمة الدول في موازنتها. واذا كانت هذه التحديات قد باتت امرا معتاد عليها ومتكررة في غير حقبة من حياتها، الا ان تحديات أخرى برزت مؤخرا، وهي من النوع الذي شكل وسيشكل علامة فارقة في كيفية التعاطي معها ، سيما وان ثمة أوجه مستجدة باتت تهدد الجنس البشري بوجوده، وهو من النوع الوبائي الذي لا سابق له في هذا النوع والمجال، وبالتالي فقدان وسائل التعامل معه بطرق موثوقة .علاوة على تحديات الإرهاب والفقر وقضايا اللاجئين في مختلف اصقاع  العالم.

     ربما ما اسميناه تحديات تقليدية باتت من القضايا التي يمكن السيطرة عليها وبالتالي إيجاد طرق حل لها في الأوقات الحرجة، الا ان ما واجه ويواجه الأمم المتحدة حاليا، موجة من التحديات الإرهابية التي انتشرت في غير مكان من العالم والتي ضربت بقسوة معظم المجتمعات والأنظمة، حيث بات خطرها وتداعياتها تتعدى الإمكانات المتوفرة للمجابهة، ورغم الجهود الكبيرة التي قامت بها الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب عبر قرارات صدرت وفقا للفصل السابع، ثمة من يقول ان القضاء على بؤر الإرهاب يتطلب المزيد من الجهد والوقت ، في وقت لا زالت المنظمات الإرهابية تعود لتجدد اجرامها وبأشكال متطورة يصعب السيطرة عليها.

     كما تشكل الهجرة غير الشرعية واللجوء، عاملا إضافيا للضغط على عمل الأمم المتحدة، وقد سجلت الأمم المتحدة في العام 2026 سابقة في هذا المجال عبر تخصيص مؤتمر عالمي لذلك ،والذي تزامن أيضا مع ثلاث مؤتمرات إقليمية لهذا الغرض، ورغم ذلك لم تتمكن الأمم المتحدة أيضا من ولوج الطرق الفعالة لحل تداعيات الهجرة واللجوء غير الشرعيين، لذا باتت ظاهرة شائعة يصعب السيطرة عليها في وسائل تقليدية دون التوصل الى حلول جذرية تتصل بإعادة ترتيب أوضاع هذه الدول بكيفيات قابلة للاستمرار، ومن بينها مكافحة الأسباب الحقيقية لتلك الهجرات، ومن بينها مواجهة تداعيات الفقر وأسبابه في غير مكان من العالم والذي بات سببا رئيسا وكبيرة لموجات النزوح باتجاه الدول الأوروبية وأميركا الشمالية، بهدف التفتيش عن وسائل للعيش الكريم وهو امر غير متوفر في البيئة التي ينطلقون منها، سيما ان ثمة إحصاءات صحيحة الى حد كبير، تفيد ان عدد اللاجئين يتجاوز المعقول، وتعتبر تجمعاتها معا أكبر واضخم من أي دولة في العالم.

      اما التحدي الأكبر والأخطر الذي يواجه عمل الأمم المتحدة حاليا هو وباء الكورونا، الذي انتشر كالنار في الهشيم بين البشر دون وجود مؤشرات جدية على قرب التوصل لإنتاج لقاح فعال له، وما يثير الهلع والخوف أيضا عدم قدرة منظمة الصحة العالمية من قيادة الاعمال لمواجهة الوباء، بل ان دولا كبرى سحبت اعترافها بعمل المنظمة، في وقت ان وضعها كوكالة دولية من وكالات الأمم المتحدة تمر بظروف دقيقة تهدد عملها ووجودها أيضا.

      في الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الأمم المتحدة، تمر المنظمة الدولية بأشد الظروف حرجا، ففي الوقت الذي يفترض في الأمم المتحدة ان تكون قد اكتسبت الخبرات لمواجهة ما يعترضها، باتت اليوم في وضع يذكرنا بما أحاط عصبة الأمم من ظروف والتي أدت الى انهيارها وقيام الأمم المتحدة مكانها. فهل ستستيقظ الدول 193 المنضمة اليها وتحاول إعادة احياء الامل بفعالية عملها على الصعيد الدولي. ففي عيدها الماسي نفذت اجتماعها لقادة دولها عبر تقنية الفيديو وهي سابقة في هذا المجال، ما يشير ويدلل على خطورة الوضع الدولي وضرورة العمل الجدي في أن تأخذ دورها المفترض في قيادة النظام العالمي وحفظ الامن والسلم الدوليين بمعزل عن تأثير الدول المتنفذة فيها وبخاصة الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الامن.