مبدأ الحياد في القانون الدولي العام
وشروط نجاحه وآثاره في لبنان
بروفيسور خليل حسين
رئيس قسم العلاقات الدولية في كلية الحقوق بالجامعة
اللبنانية
أستاذ القانون الدولي العام
القسم الأول
نظام الحياد في القانون الدولي العام
الحياد بشكل عام، هو كناية عن عدم التحيز إلى أجل غير
محدد. كما يعني الرغبة في التجرد والإمتناع عن مناصرة فريق على آخر.
أما من الناحية السياسية، فيعتبر الحياد إمكانية من
إمكانيات الخيار، الذي يحق للدولة اللجوء إليه، عند نشوب نزاع مسلح لا يعنيها، أو
لا يتعلق بمصالحها بشكل مباشر.
فالنزاعات العسكرية والحروب التي حدثت في الماضي، وضعت
الدول المستقلة أمام خيارين: إمَّا الإشتراك في هذه النزاعات والحروب، والتحالف مع
أحد أطرافها،
وإمَّا الإمتناع عن الإشتراك فيها، والبقاء بعيداً عن مسرح الأحداث القائمة.
إنَّ الخيار الثاني، أي الحياد، قد ينسجم في غالب
الأحيان مع المنافع والمصالح المباشرة للدول. فبعض الدول لم تكترث بالنزاعات بسبب
بعدها عن مسرح الأحداث، مثال الحياد الأميركي[1]،
منذ الإعلان عن مبدأ مونرو عام 1822 وحتى العام 1917. وبعضها الآخر لم يجرؤ بسبب
إمكاناتِه الضعيفة على الإنجراف نحو الحرب والمشاركة فيها رغم تعاطفه مع أحد أطراف
النزاع، كموقف الدانمرك في حرب 1870 الأوروبية. والبعض الآخر اتخذ موقف الحياد
لاعتقاده أنَّ موقفه هذا، سيؤمن له مصالح ومنافع اقتصادية وتجارية، كالاتحاد
السويسري والسويد.
أولاً ــ
جذور الحياد وتطوره:
نشأت فكرة الحياد نتيجة للحروب التي نشبت خلال القرون
الماضية في أوروبا. وكانت الأطراف المتحاربة آنذاك، تعتبر أنَّ من حقها طلب
المساعدة والعون من جاراتها ضد الأطراف المتحاربة الأخرى؛ بل لم تتوان عن فرض هذا
الحق حين تمكنها الظروف من ذلك. أما الدول غير المحاربة فكانت تقدم المساعدة في
أحيان كثيرة لأحد أطراف الحرب دون أن تعتبر نفسها داخلة فيها. كل ذلك يعتبر أمراً
طبيعياً وعادياً في وقت لم تكن علاقات الدول تحكمها قواعد قانونية ثابتة ومستمرة.
ولما كثرت اعتداءات الدول المحاربة على أموال الدول غير المحاربة وممتلكاتها، أخذ
كلا الفريقين يحاول صياغة حقوقه بمعزل عن مراعاة مصالح الآخرين وحقوقهم.
إنَّ المحاولة الأولى التي قامت بها الدول المحاربة كانت
إقامة «عصبة الحياد المسلح» أواخر القرن الثامن عشر، إذ عمدت كل من روسيا والسويد
والنروج والدانمرك سنة 1770 إلى إنشائها، في محاولة للدفاع عن حيادهم بالقوة،
ولمواجهة مخاطر الاعتداءات التي يمكن أن تقع عليهم من قبل كل من فرنسا وإنكلترا
المشتبكة يومذاك، كما عمدت هذه الدول إلى إنشاء عصبة ثانية في العام 1800 بعد
انضمام بروسيا إليها، لمواجهة اعتداءات فرنسا وبريطانيا على سفنهم وتجاراتهم[2].
لقد شهد النصف الأول من القرن التاسع عشر، نوعاً من
المراعاة والاستقرار للأعراف الدولية المتعلقة بشؤون الحياد. ومع انتصافه تكرست
هذه الأعراف بعدة تشريعات داخلية لبعض الدول، ومن ثم التزمت هذه الدول بتشريعاتها
في علاقاتها مع غيرها من الدول في ما يخص قضايا الحياد. بيد أنَّ بعض الدول إرتأت،
أنَّه من الأفضل أن تحدد قواعد الحياد وما يترتب عليه في اتفاقيات دولية، فعمدت في
تصريح باريس البحري عام 1856 إلى تخصيص بعض الفقرات المتعلقة بتجارة المحايدين[3].
إلَّا أنَّ الدول المعنية بشؤون الحروب وآثارها، وكذلك
الدول التي كانت تهتم بحيادها، لم توفق بتدوين قواعد الحياد وما يترتب عليه، إلَّا
في مؤتمر لاهاي الثاني سنة 1907، إذ خصصت الاتفاقيتان الخامسة والثالثة عشر لهذا
الغرض. فالخامسة نظَّمت حقوق المحايدين وواجباتهم ، فيما نظمت الثالثة عشر حقوق
المحايدين وواجباتهم في الحرب البحرية[4].
ثانياً ــ
أنواع الحياد:
يُقسم فقهاء القانون الدولي الحياد إلى نوعين: حياد عادي
مؤقت، وحياد دائم. الأول مؤداه عدم اشتراك دولة ما في حرب قائمة بين دولتين أو
أكثر، وامتناعها عن تقديم المساعدات لأي من طرفي القتال، مقابل عدم زجها في القتال
القائم وتجنيبها آثاره من دمار وخراب. ويقسم بعض الفقهاء[5]،
هذا النوع إلى عدة أشكال منها: حياد كامل، حياد ودي، حياد مسلح، حياد مشروط، حياد
عام وخاص، حياد إيجابي، حياد واقعي وقانوني.
أما النوع الثاني، أي الحياد الدائم، فيقتضي بموجبه بقاء
الدولة بعيدة عن مطلق حرب يمكن أن تقع بين غيرها من الدول. ويقابل ذلك امتناع
الدول المحاربة عن الاعتداء عليها بأية صورة كانت.
فالحياد العادي يعتبر مجرد موقف من قبل الدولة التي
تتخذه، وتستطيع متى شاءت أن تكون في حل منه ، بينما الحياد الدائم، يُعتبر مركزاً
قانونياً يُقيد الدولة التي توضع فيه، لجهة بعض نواحي سياستها.
إنَّ السياسة الأوروبية، في القرن التاسع عشر، ساهمت
بشكل أساسي في إيجاد نظام الحياد الدائم. ذلك من أجل تحقيق هدفين: الأول حماية
الدول الضعيفة التي أُعتبر وجودها ضرورياً للحفاظ على التوازن الدولي آنذاك، منعاً
لمحاولة الدول القوية من ضم الدول الضعيفة إليها. والثاني كان الهدف منه، حماية
السلم الدولي عبر إيجاد حاجز يفصل بين دولتين قويتين لتجنيب الاحتكاك بينهما[6].
ثالثاً ــ
خصائص الحياد الدائم:
يتميز الحياد الدائم عن غيره من أنواع الحياد بعدة أوجه
منها:
أ ــ إنَّه مستمر بعكس الحياد الطارئ الذي ينتهي بانتهاء
القتال.
ب ــ بأنَّه ينشأ عن معاهدة تعقد بين دولتين أو أكثر،
وتكون الدول الأخرى بمثابة الضامن لهذا الحياد. ويجوز أن يكون أساس الحياد الدائم
الذي تتخذه أية دولة، تشريعاً داخلياً، وتقره الدول الأخرى في ما بعد، مثال حياد
النمسا.
ج ــ إنَّ الحياد الدائم يتعلق بالدول، وليس بمناطق
معينة في إقليم الدولة، ويطلق على «إقليم» في الدولة، تسمية «تحييد».
د ــ يحد الحياد الدائم من سيادة الدولة بشكل نسبي، لجهة
حريتها في ممارسة سياستها الخارجية.
هـ ــ ينشئ الحياد الدائم التزامات أشد صرامة على الدولة
التي تتخذه، إزاء علاقاتها مع غيرها من الدول، وخصوصاً إبان النزاعات والصراعات.
رابعاً ــ
أثر الحياد الدائم في سياسة الدولة المحايدة:
بما أنَّ الحياد الدائم يفرض على الدولة أن لا تقوم بأي
تدخل في شؤون غيرها من الدول، أو أن تبرم اتفاقاً يجرها ولو بطريق غير مباشر إلى
الحرب؛ فإنَّ هذا الوضع يؤدي إلى تقييد حريتها في ممارسة سيادتها الخارجية. لكن
ذلك لا يعني بالضرورة أنَّ الدول المحايدة تعتبر دولاً ناقصة السيادة. ذلك أنَّ
حالة الحياد الدائم، لا تفرض على الدولة رغماً عنها، بل غالباً ما تسعى إليها بمحض
إرادتها، أو تقبلها دون إكراه، لما فيها من مصلحة لها. إضافة إلى أنَّ الحياد
الدائم لا يحرم الدولة من الحقوق التي تترتب لها؛ ولا تعطي ممارسة هذه الحقوق
لغيرها، وإنَّما يؤدي فقط إلى وقف استعمالها طالما أنَّ حالة الحياد الدائم قائمة[7].
خامساً ــ
الحياد والحربان العالميتان الأولى والثانية:
إنَّ تدوين حقوق الدول المحايدة وواجباتها في اتفاقية
لاهاي، لم يحمها من ويلات الحربين العالميتين. فالحرب الأُولى التي بدأت بين دول
أوروبا الوسطى والدول الغربية، ما لبثت أن جرَّت خلفها العديد من الدول وأقحمتها
إلى جانبهما، ولم يبق إلَّا القليل من الدول على الحياد، ظناً منها، أنَّ هذا
الموقف سيدفع عنها أذى الحروب وآثارها، وبالتالي سيحمي سيادتها ورعاياها
وتجاراتها. بيد أنَّ سرعان ما خيَّبت أحداث هذه الحرب ومجرياتها آمال الدول
المحايدة. إذ أنَّ المحاربين لم يقيموا وزناً فعلياً للدول المحايدة. فانتِهكت
سيادتهم واعتديِّ على أموالهم ورعاياهم، وبذلك أصابهم ضرر الحرب، كما لو أنَّهم
كانوا طرفاً أساسياً فيها.
ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، تكرر الأمر نفسه
وعلى نطاق أوسع، وبددت معها جميع أُصول الحياد الدائم. واتخذت كثير من الدول،
أوضاعاً لم تكن ظاهرة من قبل، فلا هي بالمحايدة فعلاً، ولا هي بالمحاربة حقاً،
وأطلقت على نفسها صفة دولٍ غير محاربة، فقامت بتقديم العون والمساعدة بالوسائل
الممكنة لديها دون الاشتراك في المعارك عبر قواتها المسلحة. أما الدول التي اتخذت
جانب الحياد الدائم، فلم تنجُ كذلك من ويلات الحرب. فقد إكتسحت أراضيها وانتِهكت
سيادتها، وبددت تجاراتها وأغرقت سفنها في البحار دون وجه حق، ولم ينج من هذه
الدول، إلَّا البعيدة عن مسرح القتال. أو بمعنى آخر، الدول التي مكّنها وضعها
الجغرافي من عدم امتداد اليد إليها وإلحاق الأذية بها.
سادساً ــ
النظام الدولي بعد الحربين وفكرة الحياد:
إنَّ الظروف التي سادت المجتمع الدول قبل الحرب العالمية
الأُولى، أعطت فكرة الحياد قيمة للذين نادوا بها وطبقوها رغم أنَّها لم تجدِ نفعاً
عملياً لهم. ومع انتهاء الحرب العالمية الأُولى وظهور نظام دولي جديد، تمثل بإنشاء
عصبة الأُمم وإحلال فكرة التضامن الدولي للمحافظة على السلم والأمن الدوليين،
فإنَّ فكرة الحياد فقدت الكثير من قيمتها، على الرغم من عدم تمكن عصبة الأُمم من
تحقيق غاياتها وأهدافها.
أ ــ نظام
الحياد وعهد عصبة الأُمم:
لقد مسَّ عهد العصبة نظام الحياد بما ورد فيه من مواد
(10 إلى 16) من واجبات وقيود على عاتق الدول عند نشوب نزاع ما، أو حصول اعتداء على
إحداها. ويظهر مضمون هذه المواد في ثلاث قضايا:
1 ــ فقد نصَّت المادة (10)، على أنَّ نشوب أي حرب، أو
ظهور أي حالة تهدد بنشوب حرب، سواءً أكانت تمسُّ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أي
دولة عضو في العصبة، أو غير عضو فيها، وجب على العصبة أن تتخذ الإجراءات الكفيلة
بحماية السلم والأمن الدوليين حماية حقيقية.
2 ــ كما نصَّت المادة نفسها، على أنَّ كل دولة من دول
العصبة، تلتزم باحترام سلامة أقاليم الدول الأخرى، وضمان استقلالها السياسي ضد أي
اعتداء خارجي، كما نصَّت على وجوب اتخاذ الوسائل الكفيلة لتنفيذ هذا الالتزام من
جانب مجلس العصبة في حال الإخلال به.
3 ــ كما نصَّت المادة (16) من ميثاق العصبة: إذا شنَّت
إحدى الدول الأعضاء في العصبة حرباً (تشكل إخلالاً بنصوص العصبة)، اعتبرت وكأنَّها
شنَّت الحرب على جميع أعضاء العصبة. وعندئذٍ على الدول الأعضاء اتخاذ الإجراءات
اللازمة لقطع علاقاتهم وعلاقات رعاياهم التجارية والمالية مع الدولة المخلَّة. هذا
عدا الجزاءات العسكرية التي يمكن أن يقوم بها الأعضاء مجتمعين ضد الدولة المخلَّة
بناءً على قرار مجلس العصبة، وخلافاً للتسهيلات التي يمكن أن تقدم في أقاليم الدول
لمرور القوات التي تحركها العصبة ضد المعتدي.
إنَّ الواجبات السابقة الذكر في عهد العصبة، لا تلزم
الدول غير الأعضاء فيها، كما إنَّها تبقي للدول الحرية في اتخاذ الموقف الذي تراه
مناسباً لها. من أي نزاع قائم. كما أنَّ هذه الواجبات لا تلزم الأعضاء إلَّا في
حالة الحرب التي تنشب إخلالاً بنصوص الميثاق. كما أنَّ هناك دولة لم تقبل الانضمام
إلى العصبة، إلَّا على أساس الاحتفاظ بحيادها الدائم وهي سويسرا[8].
وعلى الرغم من ذلك، فلم تُوفق العصبة في تحقيق فكرة
التعاون الدولي للمحافظة على السلم. ولم تتمكن من دفع أعضائها للقيام بواجباتهم
عندما اعتدت اليابان على الصين، وإيطاليا على الحبشة، وألمانيا على النمسا
وتشيكوسلوفاكيا.. وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية حاولت الكثير من الدول
الاحتماء وراء نظام الحياد القديم. لكن سرعان ما تبيَّن لهذه الدول أنَّ نظام
الحياد أصبح غير ذي جدوى، بعدما إكتسحت نار الحرب أراضيها ولم توفر شأناً فيها
إلَّا وتأثر بها.
ب ــ
الحياد وهيئة الأُمم المتحدة:
لقد حاول ميثاق الأُمم المتحدة تلافي النقص الذي كان
موجوداً في عهد العصبة، والذي أفقد فكرة التضامن الدولي أي قيمة عملية. ولذلك بدأ
ميثاق الأُمم المتحدة بتحريم الحرب بصفة عامة. ثم أبرز واجبات الهيئة وأعضائها في
حال وقوع حرب أو عدوان، إذ فرض الواجبات في أكثر من موضع على الدول الأعضاء فيها.
أما النصوص الواردة في الميثاق، والتي تمسُّ مباشرة نظام
الحياد فهي:
1 ــ الفقرة الخامسة من المادة الثانية التي نصت على أن:
يقدم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى الأُمم المتحدة، في أي عمل تتخذه وفق
هذا الميثاق، كما يمتنعون عن مساعدة أي دولة تتخذ الأُمم المتحدة إزاءها عملاً من
أعمال القمع.
2 ــ نصَّت المادة (25) على أن «يتعهد أعضاء الأُمم
المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق الميثاق». ومن البديهي، أنَّه يدخل
ضمن هذه القرارات الإجراءات العسكرية التي يمكن للمجلس أن يتخذها ضد أي دولة
معتدية.
3 ــ نصَّت المادة (43) على أن يتعهد جميع أعضاء الأُمم
المتحدة، في سبيل المساهمة في حفظ السلم والأمن الدوليين، أن يضعوا تحت تصرف مجلس
الأمن بناءً على طلبه، وطبقاً لاتفاق أو اتفاقات خاصة، ما يلزم من القوات المسلحة
والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدوليين، ومن ضمنها حق المرور.
4 ــ نصَّت المادة (48) على أنَّ «الأعمال اللازمة
لتنفيذ قرارات مجلس الأمن، لحفظ السلم والأمن الدوليين، يقوم بها جميع أعضاء
الأُمم المتحدة، أو بعض هؤلاء الأعضاء، وذلك حسب ما يقرره المجلس».
5 ــ نصَّت المادة (49) على أن «يتضافر أعضاء الأُمم
المتحدة على تقديم المعونة المتبادلة لتنفيذ التدابير التي قررها مجلس الأمن».
إنَّ التدقيق في تلك النصوص، يظهر أنَّ الموقف الذي يمكن
أن يتخذ، في حال قيام حرب ما، متوقف على قرار مجلس الأمن ضد من يعتبره معتدياً.
وإذا استثنينا وضع الدول الدائمة العضوية، فإنَّ القرارات التي يمكن أن يتخذها
المجلس لن تلاقي مفعولاً عملياً، إلَّا على الدول الأخرى، أو في حال مناصرة إحدى
الدول الدائمة العضوية لإحدى الدول المعتدية. وهنا أيضاً سيتلاشى أي مفعول لهذه
القرارات.
لذلك، فإنَّ أثر هذه النصوص على وضع نظام الحياد، وفقاً
للتنظيم الدولي الحالي، يبرز كما يلي:
ا ــ إذا اعتدت إحدى الدول الدائمة العضوية في مجلس
الأمن على دولة أخرى، فإنَّ المجلس لن يكون بمقدوره اتخاذ قرارات، لأنَّ الدولة
المعتدية ستستعمل حق النقض ضد أي قرار لغير مصلحتها، وبذلك ستعطل الواجبات التي
فرضها الميثاق على أعضاء الهيئة الآخرين في حال قيام حرب أو وقوع اعتداء، ولهم أن
يقفوا عندئذٍ موقف الحياد، وتثبت لهم حقوق المحايدين ويلتزمون بواجباتهم.
اا ــ إذا نشبت الحرب بين دولتين دائمتي العضوية، فإنَّ
أحكام الميثاق في هذه الحال ستفرغ من مضمونها، وللدول الأخرى حينئذٍ أن تتخذ
الموقف الذي يناسبها. ويمكن أن تتخذ موقف الحياد. فتثبت لها قانوناً حقوق
المحايدين وتلتزم بواجباتهم. ولكن إلى أي مدى يمكن أن يُحترم الحياد في مثل هذه
الحال؟ يكفي تذكر ما حصل في الحربين العالميتين الأُولى والثانية للحكم على هذه
الفرضية.
ااا ــ إذا نشبت الحرب بين دولتين أو دول غير الدول
الخمس الدائمة العضوية، حين ذلك يمكن لمجلس الأمن أن يؤدي دوره في اتخاذ القرارات
والتدابير لوضع حد لهذه الحرب. وفي هذه الحالة يطلب فقط إلى الدول الأعضاء في
الهيئة أن تقوم بواجباتها المتقدمة، وفقاً لما يقرره مجلس الأمن، ولا يصح لها أن
تتنصل من هذه الواجبات والاحتجاج بنظام الحياد.
وبذلك فإنَّ نظام الحياد، لم يتأثر بميثاق الأُمم
المتحدة كما تأثر بعهد عصبة الأُمم. فالحياد في ظلِّ ميثاق الأُمم المتحدة يظلّ
وارداً من الناحية القانونية باستثناء الحالة الثالثة. فهو ممكن في حال الحرب بين
دولتين أو أكثر من الدول الخمس الكبرى، وهو ممكن أيضاً، في حال نشوب حرب بين دول
غير أعضاء في هيئة الأُمم المتحدة، وهو حتمي بالنسبة لدولة مثل سويسرا، نظراً
لمركزها القانوني الخاص المعترف به، كونها دولة في حالة حياد دائم.
سابعاً ــ
واجبات الدول المحايدة:
يفرض أُصول الحياد، واجبات على الدول المحايدة، وهي على
نوعين: واجبات منع، وأبرزها منع الدول المحايدة من القيام بأيِّ عمل حربي أو ما
يتصل به على إقليمها. وواجبات امتناع، وتعني عدم تقديم المساعدة لأيّ من طرفي
الحرب، ممَّا قد يضر بمصالح الطرف الآخر، وعلى الدول المحايدة أن تتقيد بدقة بهذه
الواجبات، إذا أرادت أن يبقى موقفها سليماً من الناحية القانونية. وعليها أن تتمسك
بحقوقها التي يفرضها الحياد الدائم. وكل مخالفة يمكن أن تعرضها لأحد أمرين أو
كلاهما: الأول إمكان المطالبة بالتعويض الناجم عن مخالفتها. والثاني إمكان إعلان
الحرب عليها من قِبَل الدول التي لحق بها ضرر من جرَّاء مخالفتها.
أ ــ
واجبات المنع:
وتظهر في عدة أمور أبرزها:
1 ــ منع
القيام بأي عمليات حربية في الإقليم المحايد:
وتتضمن واجبات المنع عدم السماح لأي من المحاربين
بالقيام بأيِّ عمل حربي على أقاليمها أو مياهها الإقليمية أو مجالها الجوي. ويفرض
على الدولة المحايدة أن تحول بكل ما لديها من وسائل دون وقوع مثل هذه الأعمال. كما
تتضمن هذه الواجبات التي لا تتعلق بالوحدات العسكرية لطرفي الحرب. مثال ذلك، أعمال
التفتيش والضبط للسفن التجارية سواءً كانت هذه السفن خاصة بالعدو أو بمحايدين.
فإذا كانت السفينة في المياه الإقليمية للدولة المحايدة، وجب على هذه الدولة العمل
على إطلاق سراحها وسراح من فيها، في حال تعرضها لعملية ضبط من قِبَل دولة أخرى،
وإذا خرجت عن حدود سلطانها فعلى الدولة المحايدة أن تطلب من الدولة التي ضبطتها أن
تخلي سراحها[9].
2 ــ منع
اتخاذ قواعد للأعمال الحربية في الإقليم المحايد:
على الدولة المحايدة واجب الامتناع عن استقبال السفن
الحربية للدولة المحاربة، أو أن تكون مركزاً لتموين هذه السفن بالذخائر والأسلحة
وغيرها من مهمات الحرب. كما عليها أن تمنع المحاربين من إقامة محاكم غنائم في
إقليمها أو على سفينة موجودة في مياهها الإقليمية، لأنَّ القضاء في أمر الغنائم
يعتبر إجراءً متمماً لعملية الضبط[10].
3 ــ منع
التجنيد في الإقليم المحايد:
يمنع على الدولة المحايدة تجنيد قوات في إقليمها لصالح
إحدى الدول المحاربة، كما عليها أن تمنع فتح مكاتب لهذا الغرض. إنما ليس لها الحق
في منع رعايا إحدى الدول المحاربة الموجودين في إقليمها، والقابلين للتجنيد من
الالتحاق بقوات دولتهم[11].
4 ــ منع
القوات المحاربة المرور في الإقليم المحايد:
على الدولة المحايدة أن تحول دون مرور القوات المسلحة
للدولة المحاربة في إقليمها، كما عليها واجب منع القوافل التي تحمل الذخائر والمؤن
إلى هذه القوات[12].
لكن للدولة المحايدة أن تسمح بالمرور في إقليمها للجرحى والمرضى
التابعين للقوات المحاربة، شرط أن لا يوضع في الوسائل التي تنقلهم، أشخاص محاربون
أو أدوات حربية. كما أنَّ السماح للمرضى أن الجرحى بالمرور في إقليمها يجب أن يمنح
لطرفي القتال في الوقت نفسه، حتى ينتفي التحيز ويظل موقف الدولة المحايدة سليماً[13].
كما نصت اتفاقية لاهاي الخامسة في المواد من (10) إلى
(15)، أحكاماً خاصة بالمراكب الحربية. ومفادها أنَّ الدولة المحايدة لا تُلزم بمنع
مرور السفن في مياهها الإقليمية، شرط أن لا تتعدى الفترة أكثر من أربع وعشرين
ساعة، إلَّا في حال الظروف القاهرة كعطل السفينة أو هياج البحر.
أما بخصوص القوات الجوية، فلا يوجد في أحكام القانون
الدولي الوضعي، نصوص خاصة بالقوات الجوية، إنما جرى التعامل بخصوصها، وفقاً لقواعد
الحياد العامة. فعلى الدول المحاربة عدم التحليق فوق إقليم الدولة المحايدة، وعلى
هذه الأخيرة واجب منعها بكل ما لديها من وسائل. وقد أقر هذا العمل مشروع لاهاي
للحرب الجوية، ونص على واجب الدول المحايدة في منع الطائرات المحاربة من التحليق
فوق أجوائها، وعلى حقها في إرغام الطائرات على النزول وحجزها هي ومن عليها، لحين
انتهاء الحرب[14].
ب ــ
واجبات الامتناع:
وكما أنَّ على الدول المحايدة واجبات منع، فإنَّ عليها
أيضاً واجبات امتناع، على الدولة المحايدة أن تتبعها لكي تبقى في حال حياد سليم.
فعليها أن لا تمد أحد طرفي الحرب أو كلاهما بأية مساعدة، لئلَّا يطول أمد الحرب
بينهما، أو لضمان عدم التحيز بدقة.
1 ــ
الامتناع عن المشاركة في أعمال القتال:
يُحظر على الدولة المحايدة أن تمد أحد الأطراف المحاربة
بقوات نظامية برية أو بحرية أو جوية. وفي المقابل لا التزام على الدولة المحايدة
أن تمنع رعاياها من التطوع لصالح أحد المحاربين، ولا تُسأل عن نتائج هذا التطوع.
كل ما هنالك أنَّ المتطوعين باشتراكهم في أعمال القتال لا يمكنهم أن يحتجوا بصفة
المحايدين والاستفادة من الحماية المقررة لدولتهم، وللدولة المحاربة أن تعاملهم،
في هذه الحالة، سواءً بسواء كما تعامل العدو ورعاياه[15].
2 ــ
الامتناع عن إمداد المحاربين بالأسلحة والذخائر:
يُحظر على الدولة المحاربة مد أحد المحاربين، أو كلاهما،
بالأسلحة والذخائر أو غيرها من وسائل القتال. لكن هذا الحظر لا يمنع رعاياها من
الإتجار بالأسلحة وحتى تصديرها من موانئها[16].
إنَّ عدم التزام الدولة المحايدة بمنع أفرادها الذين في حدود سيادتها من الإتجار بالأسلحة
لصالح المحاربين، لا ينفي حقها في المنع، وإذا فعلت ذلك عليها، أن تفعله بصفة
عامة، بحيث يشمل المنع كلا الدولتين المتحاربتين[17].
3 ــ
الامتناع عن تقديم المعونة المالية لأحد المحاربين:
على الدولة المحايدة أن لا تقوم بعمليات إقراض للدول
المحاربة، مالياً أو عينياً، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. لكن هذا المنع لا يشمل
رعايا الدولة المحايدة، فلهم أن يكتتبوا في قرض عام تطرحه الدولة المحاربة. لكن
إذا صح ذلك بالنسبة للاكتتاب لا يصح لجهة الإعانات. فعلى الدولة المحايدة أن تمنع
رعاياها الموجودين في إقليمها من جمع الإعانات لإحدى الدولتين المتحاربتين أو
لكلاهما، إلَّا إذا كان الهدف مخصصاً لأعمال إنسانية[18].
4 ــ
الامتناع عن نقل الأخبار لصالح أحد المحاربين:
تلتزم الدولة المحايدة بواجب الامتناع عن نقل الأخبار
والمعلومات الحربية لصالح إحدى الدولة المحاربة، بأي طريق كان، سواءً بالهاتف أو
البرق أو بواسطة مبعوثيها الدبلوماسيين والقنصليين. لكن ليس لزاماً عليها منع
أفرادها من القيام بنقل مثل هذه المعلومات، لكنهم بالمقابل يتحملون نتائج أعمالهم.
كذلك لا تلتزم الدولة المحايدة بمنع المحاربين من استعمال خطوطها الهاتفية أو
اللاسلكية في حدود الاستعمال العادي المفتوح للجميع، إنما عليها في هذه الحالة أن
لا تحابي طرفاً على آخر[19].
لكن على الدولة المحايدة أن تمنع الدول المحاربة من
استعمال أراضيها لإنشاء محطات خاصة للاتصال اللاسلكي، أو أي أجهزة أخرى. وعليها
منع استعمال المنشآت التي أُنشئت قبل الحرب لهذا الغرض[20].
ثامناً ــ
حقوق الدول المحايدة:
إنَّ التزام الدولة المحايدة بواجباتها تجاه المتحاربين،
يقابله التزام الدول المحاربة بواجباتهم تجاه الدولة المحايدة. وعلى الدولة المحايدة
أن تلزم الدول المحاربة بمراعاة حقوقها، كما عليها أن تحول دون إخلالهم بها، كلما
كان الإخلال يتعارض مع الواجبات التي يفرضها أُصول الحياد. ولا يجوز أن تتغاضى عن
هذا، إلَّا إذا كان الضرر الناجم عنه مقتصراً عليها وحدها. أما إذا تعدى الضرر إلى
إحدى الدول المتحاربة، فعليها أن تحول دونه بكل الوسائل الممكنة. وهذا الأمر يبرز
التلازم بين الحقوق والواجبات للدولة المحايدة.
إنَّ اتفاقيتي لاهاي لسنة 1907 الخاصتين بحقوق الدول
المحايدة وواجباتها، لا تعتبران استعمال الدول المحايدة لحقوقها المترتبة على
الحياد، وما يتبعها من واجبات المنع، عملاً غير ودي بالنسبة للدول المحاربة. كما
لا تعتبران لجوءها إلى القوة لدفع أي اعتداء عملاً عدائياً[21].
أما أبرز حقوق الدول المحايدة فهي:
أ ــ
احترام إقليم الدولة المحايدة وسيادتها:
إنَّ أهم الحقوق التي تتمتع بها الدولة المحايدة، هو عدم
الاعتداء على إقليمها أو على سيادتها بأي وجه من الوجوه، واحترام حيادها وتمكينها
من القيام بواجباتها التي يفرضها أُصول الحياد. وبذلك على الدول المحاربة الامتناع
عن القيام بالأعمال الحربية، البرية والبحرية والجوية، وعليها الامتناع أيضاً عن
التجهيز أو التجنيد في إقليمها، أو اتخاذ قواعد حربية، أو مراكز لتموين قواتها،
إلى غير ذلك من الاعمال التي تتنافى مع الحياد وأُصوله.
ب ــ
احترام أشخاص رعايا المحايدين وأموالهم:
للدولة المحايدة حق آخر، ويتعلق بواجب احترام أشخاص
وأموال رعاياها الموجودين في إقليم الدول المحاربة، أو في إقليم تحتله إحدى الدول
المحاربة. كما على الدول المحاربة أن لا تميز بين الرعايا والسكان الأصليين،
وألَّا تحملهم أعباء الحرب إلَّا ما تفرضه الظروف الاستثنائية، شرط أن يطبق هذا
الفرض على الجميع دون استثناء. وهذه المعاملة تظل قائمة طالما أنَّ رعايا الدولة
المحايدة ملتزمون بواجبات الحياد. وعند خروجهم عنها، كأن ينقلوا الأخبار
والمعلومات لأحد أطراف الحرب، فعندئذٍ للدولة المحاربة أن تعاملهم وفقاً لما تقتضي
مصلحتها[22].
كذلك للدول المحاربة، إذا اقتضت حاجاتها الدفاعية أو
ضرورات الحرب، أن تستولي على ما يكون في إقليمها من أموال المحايدين وأملاكهم، شرط
أن تدفع لهم عن ذلك التعويض الملائم[23].
تاسعاً ــ
بعض الدول المحايدة ومميزاتها المشتركة:
أعلنت بعض الدول حيادها الدائم في فترات متباينة، نتيجة
ظروفها الداخلية الخاصة، وما رافقها من ظروف خارجية، خارجة عن إرادتها، أما أهم
هذه الدول[24]،
التي لا زالت تتبنى الحياد الدائم، أو غيره من أنواع الحياد فهي:
اسم
البلد |
سنة
إعلان حيادها |
المساحة
كلم2 |
عدد
سكانها بالآلاف عام 1981 |
سويسرا |
1814 |
41288 |
6370 |
بلجيكا |
1831 |
30513 |
9900 |
لوكسمبورغ |
1867 |
2586 |
260 |
الأرغواي |
1904 |
177508 |
2900 |
فنلندا |
1919 |
337022 |
4800 |
النمسا |
1955 |
83849 |
7500 |
لاووس |
1962 |
226800 |
3600 |
إنَّ عملية مقاربة للأرقام الواردة في الجدول، إضافة إلى
أوضاعها التاريخية، وظروفها الداخلية والخارجية، تظهر الصفات المشتركة في ما بينها
وأبرزها:
1 ــ تعتبر دولاً صغيرة بشكل عام، إن من حيث المساحة أو
عدد السكان.
2 ــ تقع بين
دولتين كبيرتين أو أكثر، وبالتالي بين قوميتين (أو أكثر) متصارعتين، فتأتي لتشكل
عازلاً بينهما، مثال:
ــ سويسرا بين إيطاليا وفرنسا وألمانيا.
ــ بلجيكا بين فرنسا وألمانيا.
ــ اللوكسمبورغ بين فرنسا، بلجيكا، وألمانيا.
ــ الأرغواي بين البرازيل والأرجنتين.
ــ فنلندا بين الاتحاد السوفياتي والسويد.
ــ النمسا بين ألمانيا وإيطاليا والدول السلاڤية.
ــ لاووس بين الصين وفيتنام وتايلاند.
3 ــ عانت الكثير من النزاعات الداخلية، والكثير من
التدخلات في شؤونها الداخلية من جيرانها والدول الكبرى. وذلك بسبب موقعها الجغرافي
وواقعها الاجتماعي ــ السياسي.
4 ــ تعتبر دولاً تعددية في تركيبتها الاتنولوجية ــ
الدينية ــ المذهبية. وغالباً ما تكون تركيبتها الاجتماعية ــ الدينية، إنعكاساً
لتركيبات الدول المجاورة لها.
5 ــ تعتبر دولاً مركبة لجهة تنظيم السلطات فيها ــ وهذا
طبيعي ــ لأنَّه انعكاس للتعددية والتنوع داخل المجتمع الذي يؤلف الدولة.
6 ــ تتمتع بموقع جغرافي إقليمي خاص، يتميز بالأهمية
الاستراتيجية بالنسبة للبلدان المجاورة لها، أو الدول العظمى في العالم وهذه
الأهمية تعود إلى عدة اعتبارات منها:
ــ أسباب بشرية ــ ثقافية (مدى التأثر والتفاعل بين
أبناء الدولة والمحيط المجاور).
ــ أسباب جيوبوليتيكية (التأثير على التوازن الإقليمي والدولي).
ــ أسباب طوبوغرافية (أهمية الأماكن العسكرية مثل وعورة
الجبال، حركة المواصلات).
ــ أسباب اقتصادية (منطقة ترانزيت للبضائع في اتجاهات
متعددة، بلاد ليست غنية بالثروات الطبيعية).
ــ تعتبر دولاً طبيعة جبلية على العموم، ونسبة حدودها
إلى مساحتها مرتفعة نسبياً، مما يعني استراتيجياً صعوبة الدفاع عنها عسكرياً، وإن
كانت تركيبتها الجبلية تشكل شبه مانع عسكري لها ضد الغزوات الخارجية.
القسم الثاني
شروط نظام الحياد وأثره في لبنان
للحياد
بشكل عام شروط من المفترض توافرها، لكي تتمكن مطلق دولة من تبنيه والاستفادة منه
عملياً. فما هي هذه الشروط؟ وهل بإمكان لبنان أن يوفرها لكي يكون باستطاعته تبنيه؟
وإذا تمكن لسبب أو لآخر من ذلك، فهل يكون هذا الحياد لمصلحته فعلاً، أم لا؟
أولاً ــ شروط نظام الحياد:
في
الواقع، يُجمع الاختصاصيون اللبنانيون[25]
في القانون الدولي العام، وحتى المطالبون[26]
بنظام الحياد فيه، على ضرورة توفر شروط ثلاثة على الأقل، لإمكانية تطبيقه في
لبنان، وهي: موافقة غالبية اللبنانيين
عليه، وموافقة الدول المجاورة له، وقدرة لبنان على حماية حياده بنفسه.
أ ــ موافقة غالبية اللبنانيين:
رغم
أنَّ الصعوبات تبدو كثيرة لتأمين شبه الإجماع اللبناني على الموافقة لتبني نظام
الحياد، نظراً للخلفيات التي يقف وراءها المطالبون به والرافضون له؛ فإنَّ معرفة
حجم المؤيدين أو المعارضين له بدقة، يبدو أمراً صعباً للعديد من الأسباب أبرزها:
ــ
حتى الآن لا يعرف أحد، تعداد سكان لبنان بدقة، نظراً لغياب العمليات الإحصائية
الرسمية. فلبنان منذ العام 1932، لم يشهد أي عملية رسمية لتعداد سكانه.
ــ
الخلاف القائم بين اللبنانيين أنفسهم، حول من يجب أن يشملهم الإحصاء. فالمسيحيون
مثلاً، يصرون على أن تشمل هذه العملية، اللبنانيين في الخارج. فيما يصر المسلمون
غالباً على استبعاد المهاجرين، إلَّا في حال حُسمت قضية الجنسية لبعض مكتومي القيد
في لبنان، وغالبيتهم من المسلمين.
ــ
إضافة إلى السببين المذكورين، فإنَّ معرفة المؤيد والمعارض لنظام الحياد، من
الطبيعي أن يتم عبر استفتاء عام. فلو سلمنا جدلاً بتخطي هاتين العقبتين، فإنَّ
الدستور لا يتضمن نصاً على مثل هذا الإجراء. وفي هذه الحالة، من الممكن أن تنشأ
عقبة جديدة، تتمثل بتعديل الدستور أو عدم تعديله، وبالتالي تتعقد المسألة بدلاً من
أن تحل.
إنَّ
تضارب مصالح الفئات اللبنانية بشكل عام، يجعل الاتفاق على أمر ما، في ما بينهم،
أمراً صعباً[27]،
فكيف بأمر يتعلق بنظام الحياد، والذي به سيحدد لبنان سياسته الخارجية وفقاً لشروط
دقيقة يفرضها عليه هذا النظام. بعبارة أخرى، إنَّ مجرد طرح الفكرة يثير العديد من
التساؤلات وعلامات الاستفهام حول خلفيتها، فكيف ستبدو الصورة في حال طُرحت آلية
تنفيذها؟
إذن،
إنَّ أحد أبرز الأساليب لمعرفة من يؤيد ومن يعارض الحياد، غير متوفر، فكيف يمكن
تخطي هذه العقبة؟ وحتى لو توفرت، فهل يمكن تأمين غالبية مؤيدة له؟ إن لم يكن شبه
إجماع عليه.
إنَّ
قراءة دقيقة لمواقف الفئات اللبنانية بشكل عام، لجهة تقبلهم لما يفرضه نظام الحياد
من واجبات، تظهر عدم توفر الحد الأدنى لهذا القبول. فكيف يمكن، مثلاً، ملاءمة فكرة
الحياد عند بعض المسيحيين، ونظرتهم الإنحيازية تجاه فرنسا (الأم الحنون). وكيف
يمكن إقناع المسلمين بفكرة الحياد الذي يمنعهم من التطلع أيضاً إلى السعودية أو
إيران او سوريا او مصر مثلاً، أو أي قطب عربي مؤثر.
لذلك،
يمكن القول، إنَّ الشرط الأول غير متوفر، ومن الصعب معرفة اتجاهاته العامة بدقة،
في غياب عمليات استطلاع الرأي، وعدم وجود نص قانوني أو دستوري لإجراء عمليات
استفتاء على مثل تلك القضايا.
ب ــ موافقة دول الجوار الجغرافي:
إنَّ
دولتين على الأقل معنيتان مباشرة بحياد لبنان، هما سوريا «وإسرائيل»، إضافة إلى
بعض الدول الطامحة إلى لعب أدوار خارجية نشطة كإيران مثلاً.
إنَّ
حياد لبنان، يعتبر أمراً حساساً ودقيقاً بالنسبة لسوريا، خصوصاً وأنَّ دمشق تمر
حالياً بوضع حرجٌ لجهة عملية السلام الجارية في الشرق الأوسط. فسوريا بحاجة ماسة
لحيازة أية ورقة إقليمية يمكن أن تقوي موقعها التفاوضي، ولبنان المحايد يعني
بالتأكيد، ليس خسارة هذه الورقة فقط، وإنَّما وقوفه بمواجهة سوريا. وبعبارة أوضح،
إنَّ موقع لبنان في السياسة السورية بالنسبة للصراع العربي ــ الإسرائيلي، لا
يحتمل المساومة. فهو إمَّا أن يكون مع، أو يكون ضد، وحياد لبنان بنظر السوريين، هو
موقف عدائي. وهذا ما حاولت معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق صياغته بشكل أو بآخر.
أما
بالنسبة «لإسرائيل»، فإنَّ الأمر يبدو أكثر غرابة، فإن كانت القضايا القومية تملي
بعض الاعتبارات على السياسة السورية لجهة حياد لبنان، والتي من الممكن أن تصب في
مصلحته بشكل أو بآخر، فإنَّ الموقف الإسرائيلي من حياد لبنان سيكون بالتأكيد
سلبياً، لسبب واضح يتعلق بأطماعها في لبنان، خصوصاً إذا ما تمت ضمانة الحياد
دولياً. فالحياد من الناحية النظرية، على الأقل، يلزم «إسرائيل» بواجبات تجاه
لبنان، ويرتب للأخير حقوقاً على غيره. ولو سلمنا جدلاً بقبول «إسرائيل» بهذا
الحياد، فإنَّه على الأرجح سيكون موقفاً تكتيكياً عارضاً، ستحاول استغلاله لكسب
اعتراف لبنان بها قانونياً، أولاً، وعزله عن محيطه العربي ثانياً، ومن ثم انتهاز
الفرصة المناسبة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية بالتوسع على حسابه واستغلال مياهه[28].
أما
بخصوص الدول الإقليمية الأخرى، التي لها علاقة بحياد لبنان (على الأقل في هذه
المرحلة)، فتعتبر إيران أبرزها، نظراً لما حاولت أن تمد من جسور ثورتها الإسلامية
باتجاه الدول العربية. ولم تجد خياراً حاسماً لها سوى لبنان منفذاً لذلك الهدف.
إنَّ المسألة بالنسبة لإيران ليست مسألة عارضة، بل تتعلق بصلب المبادئ التي يحاول
النظام إرساءها. وعلى الرغم من البعد الجغرافي بينها وبين لبنان، إلَّا أنَّ
الأهمية التي تعلقها على بعض المسلمين فيه، تعتبر أحد الدوافع الأساسية لعدم
قبولها بحياده، باعتبار أنَّ الحياد سيلغي موقعاً هاماً بالنسبة لها، إن كان
باتجاه تصدير ثورتها، أو إمكانية تحريك بعض الأوراق المتعلقة «بإسرائيل» والقضايا
المتفرعة عنها.
إنَّ
الدول الثلاث السالفة الذكر لن توفر الشرط الثاني لحياد لبنان، لأنَّه على الأقل
يتعارض تماماً مع كنه السياسات التي تتبعها على الصعيد الخارجي. وبمعنى أوضح، إنَّ
معارضة تلك الدول لحياد لبنان، تنطلق من كون لبنان «حاجة إقليمية» بالقدر الذي
يناسب تحريك أوراقها ومشاريعها الاستراتيجية.
ج ــ قدرة لبنان على حماية حياده
بنفسه:
وباعتبار
أنَّ الحياد يلزم الدولة التي تتبناه، أن لا تقيم أي تحالفات سياسية أو عسكرية مع
غيرها من الدول، فإنَّه في الوقت نفسه يجبر الدولة بشكل غير مباشر، (إذا أرادت أن
يستمر حيادها بشكل صحيح)، على تنمية قدراتها العسكرية للدفاع عن نفسها، في حال
تعرضت لخطر داهم، عند تعرضها لأي عمل أو فعل يمسّ حيادها. فهل يمكن للبنان حماية
حياده بنفسه؟
في
الواقع يعتبر لبنان الحلقة الأضعف في إطار الصراع العربي ــ الإسرائيلي، لسببين
أساسيين، الأول يتعلق بتركيبته الداخلية، والثاني بإمكاناته المحدودة التي انعكست
سلباً على قوته العسكرية وإمكانية تنميتها بوسائل حديثة ومستمرة، لقد حدا ذلك
الوقع بالمسؤولين اللبنانيين إلى رفع شعار «قوة لبنان في ضعفه»، محاولين بذلك
الابتعاد قدر الإمكان عن تبني خطط عملية وجدية لتطوير قدراته العسكرية. وفي ظل هذا
التغاضي، كانت الاعتداءات الإسرائيلية تتكرر على أرضه وشعبه في كل مرة كانت تتعرض
فيها «إسرائيل» لهجمات. وفي المقابل لم يكن لبنان يحرك ساكناً، باستثناء الأُطر
الدبلوماسية لإيقاف الاعتداءات عليه؛ فهل أنَّ نظام الحياد سيدفع بالمسؤولين
اللبنانيين إلى تغيير سلوكهم باتجاه عملي وجدي لتطوير قدراته العسكرية؟
إنَّ
شكوكاً كثيرة يمكن أن تحيط بتلك التساؤلات، لاعتبارات كثيرة. فالتجارب السابقة في
هذا المجال (لجهة تنمية القدرات العسكرية)، لا تزال ماثلة في الأذهان، وأبرزها على
سبيل المثال لا الحصر (صواريخ الكروتال في أواخر الستينيات)، وما جرى من ردود فعل
عليها، إذ. اعتبر الرافضون لهذا السلوك دخولاً لبنانياً مباشراً إلى جانب دول
المواجهة «لإسرائيل»، واعترضوا عليه كونه يكلف الخزينة مبالغ باهظة، رغم أنَّ
الدول العربية تبنت مشروعاً لتغطية القسم الأكبر من تكاليفه.
إنَّ
الأخطار التي تواجه لبنان من قِبَل «إسرائيل»، ليس بمقدوره أن يواجهها منفرداً.
فمن المعروف عملياً، أنَّ التفوق الإسرائيلي في مجال الدفاع وما يتعلق به، يفوق
بأضعاف مكررة قدرات الدول العربية مجتمعة، فكيف سيكون موقع لبنان أمام القوة
الإسرائيلية منفرداً.
إنَّ
قدرة لبنان على الدفاع عن حياده، أمر شبه مستحيل، إذ يتطلب قدرات هائلة، لا طاقة
له عليها في مطلق الأحوال.
لقد
لجأ بعض المطالبين بحياد لبنان، في معرض ردهم على ذلك، إلى الاحتجاج بإمكانية
السعي لضمانات دولية لهذا الحياد، عبر اتفاقيات مخصصة لذلك، على غرار ما فعلت
سويسرا على سبيل المثال.
صحيح
أنَّ الحياد في الدرجة الأولى قرار داخلي، يستلزم موافقة أصحاب الشأن عليه، ولا
يوجد مانع بعد إتمام هذه الخطوة من عقد اتفاقيات دولية لضمانه من الدول الكبرى.
بيد أنَّ الأمر يتطلب دقة موضوعية أخرى، فهل أنَّ هذه الدول مستعدة لقبول حياد
لبنان أم لا؟
في
الواقع أنَّ استقراء مواقف الدول المعنية بذلك، لا تشجع عملياً على ذلك لاعتبارات
كثيرة ، ولو سلمنا جدلاً، بأنَّ هذه الدول قبلت لسبب أو لآخر بحياده، فمن يضمن
استمرار هذا القبول؟
إنَّ
حسابات الدول الكبرى بخصوص سياساتها الدولية، دقيقة للغاية، فهي غالباً ما تتعاطى
مع المسائل الدولية بأسلوب برغماتي (مصلحي)، ولا تقيم وزناً للقيم والمبادئ عادة،
إذا تعارضت مع مصالحها الاستراتيجية. ولذلك من الصعب تصور احترام مواقفها بدقة،
عند تغير الظروف. والأمثلة على ذلك كثيرة. كخرق ألمانيا لحياد اللوكسمبورغ عام
1914، وخرق فرنسا (النابليونية) لحياد سويسرا عندما ضمت بعض المقاطعات السويسرية
إليها. إضافة إلى ذلك، فإنَّ مصالح الدول الكبرى، لا تشجعها غالباً على ضمان مسائل
حساسة لاعتبارات كثيرة. فاعتراف الدول الكبرى مثلاً بحياد النمسا لا يشتمل على
تعهد منها بضمان هذا الحياد، بل على تعهد باحترامه فقط.
إذن،
لا إمكانيات لبنان الدفاعية قادرة على حماية حياده بنفسه، ولا قضية الضمانات
الدولية يمكن أن تتوفر بيسر وسهولة وبشكل مستمر أيضاً؛ وبذلك فإنَّ هذا الشرط مفقود
إلى جانب الشرطين الآخرين.
إنَّ
الشروط السالفة الذكر التي يجب توفرها على الأقل لنجاح نظام الحياد، ليست بمتناول
لبنان، وليس من السهولة بمكان الوصول إليها. بل إنَّ بعضها يمكن أن يُوقع لبنان
بأزمات أخرى. لا تقل خطورة عن المشاكل التي يعاني منها أصلاً. وبذلك يصبح نظام
الحياد سبباً آخراً للخلاف بين اللبنانيين، بدل أن يكون مشروعاً لتخفيف مشاكله على
الأقل.
ثانياً ــ آثار تطبيق نظام الحياد:
لو
قدر للبنان أن يؤمن شروط حياده بشكل أو بآخر، فما هي الآثار التي يرتبها هذا
الحياد؟ وبالتالي هل تكون لمصلحته أم لا؟
إنَّ
نظرة موضوعية للآثار التي يرتبها نظام الحياد على مطلق دولة، تُظهر وجود إيجابيات
كثيرة، إلى جانب بعض السلبيات التي تنشأ من جراء وجوب تطبيق الدولة لبعض الواجبات
بدقة. ويختلف آثار الحياد بشكل عام على الدولة، وفقاً لوضعها وخصوصياتها الداخلية
والخارجية.
أما
بالنسبة للبنان، فإن قدر له أن يُحترم حياده بدقة، وأن يؤمن أيضاً ضمانة دولية له،
فإنَّ أول الآثار الإيجابية التي يمكن أن تظهر هي: إبعاد التدخلات الخارجية عنه،
وتجنيبه أثر النزاعات الإقليمية، وإبعاد سياسة المحاور العربية عنه، التي غالباً
ما كانت تنشط وتستغل خصوصية الوضع اللبناني للتحرك فيه.
بيد
أنَّ تلك الإيجابيات يقابلها وجه سلبي آخر، سينشأ بالضرورة نتيجة تقيد لبنان بما
يفرضه نظام الحياد لجهة سلوكه الخارجي في التعاطي مع القضايا المطروحة.
فالحياد
يفرض على لبنان أن لا يُقدم على أي تدخل في شؤون غيره من الدول، أو أن يبرم
اتفاقاً يجره ولو بطريق غير مباشر إلى الحرب، أو خلاف ذلك كمواقف يمكن أن تفرض
عليه اتخاذ جانب فريق ضد آخر. أو بعبارة أوضح، إنَّ نظام الحياد سيقيد حريته في
ممارسة سياسته الخارجية في حال رأى لسبب أو لآخر مصلحة له في اتخاذ موقف ما من
مسألة مطروحة.
وعليه
فإنَّ الأثر السلبي لنظام الحياد على لبنان، سيكون في ضرورة انسحابه من جامعة
الدول العربية مبدئياً، وتأكيداً من معاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون
الاقتصادي، إضافة إلى فسخ كل المعاهدات التي وقع عليها، وخصوصاً التي تجبره على
سلوك موقف انحيازي كمعاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بينه وبين سوريا على سبيل
المثال.
ومهما
يكن من أمر هذا الحياد وقدرة لبنان على التلاؤم مع ما يتطلبه ، فإنَّ الكثيرين من
رافضي الحياد، يعتبرون أنَّ لبنان المحايد، محاولة للهروب إلى الأمام من المشاكل
بدلاً من المساهمة في حلها. في حين أنَّ الكثير من الاعتبارات تفرض في أحيان كثيرة
على الدول، التدخل والمشاركة في حل قضايا ليست بالضرورة من الأمور التي تعنيها مباشرة.
إنَّ
أدق وصف لحياد لبنان قدمه الراحل جورج ديب بقوله: «إنَّه ليس حياداً أيديولوجياً،
بمعنى أنَّه حكم على سياسة ما أنَّها خير، وعلى أخرى أنَّها شر. وهو ليس حياداً
طموحاً، بمعنى أنَّه مساهمة في حل مشاكل العالم عن طريق السياسة الحيادية، كما هو
الأمر بالنسبة إلى الهند مثلاً، وهو ليس حياداً قانونياً كالنمسا وسويسرا، ولكنَّه
حياد عملي واقعي. هو أشبه ما يكون بسياسة نفض اليد وعدم حرق الأصابع بنار الخصومات
والمشاكل الدولية، فالعمل أي عمل، مجازفة، والرأي أي رأي، يسبب مشاكل ومتاعب،
والحكمة كل الحكمة في حركة باطنها سكون، وكلمة باطنها التنصل»[29].
باختصار،
انحيازا كهذا، وما يمكن أن يرتب على لبنان، بالتأكيد لن يكون لمصلحته. فهل أنَّ
مصلحة لبنان تقتضي بعزل نفسه عن محيطه العربي وفضاياه، أو اعتماده سياسة نفض اليد
من كل التزام، والتنصل من كل أمر يوجب اتخاذ قرار فيه ذات معنى.
لقد
ظل لبنان في أغلب مراحل تاريخه الاستقلالي، مُبعداً عن القضايا التي ترتب عليه
أعباءً كبيرة، ومُستبعِداً نفسه لأسباب يعتبرها ضرورية لحماية وحدته الوطنية. ورغم
ذلك، لم توفر «إسرائيل» فرصة إلَّا واستغلتها لتمزيقه، واستغلال ضعفه؛ وأبرز مثال
على ذلك، اجتياحها الأول في العام 1978 في الوقت الذي كانت مشاريع السلام المصرية
ــ الإسرائيلية في أوجها، واجتياحها الثاني في العام 1982، في الوقت الذي كانت
تعيد فيه بعض الأراضي العربية المحتلة إلى أصحابها (سيناء مصر). وبعدها في الأعوام
1993 ة1996 و2006.
[1] راجع رياض الصمد،
العلاقات الدولية في القرن العشرين، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات
والنشر والتوزيع، دون تاريخ، ج1، ص24.
[2] J.
Lawrence, The principles of international law, London, 1928, p 528.
[3] Karl
Strupp, Eléments
du droit international public, Paris, 1930, p 595.
[4] Jene
Devarux, Traité
Elementaire de droit international public,
Paris, 1935, p 483.
[5] راجع بهذا
الخصوص، سموحي فوق العادة، القانون الدولي العام، دمشق، دون تاريخ، ص970 ــ
974.
[6] راجع علي صادق
أبو هيف، القانون الدولي العام، القاهرة، منشأة المعارف بالإسكندرية، دون
تاريخ، ط11، ص206 ــ 207.
[7] Rene
Foignet, Manuel Elementaire de droit international public, Paris, 1932,
pp 238 – 256.
[8] قارن ذلك في: Poul Fauchille, Tarité de droit international
public, Paris 1922, pp 652- 655.
وكذلك حامد سلطان، القانون
الدولي العام وقت السلم، القاهرة، 1962، ص217 وما يليها.
[9] راجع المادة
الأولى من اتفاقية لاهاي الخامسة، والمادتين (2) و(3) من اتفاقية لاهاي الثالثة
عشر.
[10] راجع المادتين
(4) و (5) من اتفاقية لاهاي الثالثة عشر.
[11] المواد (4) و (5)
و(6) من اتفاقية لاهاي الخامسة.
[12] المواد (2)
إلى (5) من اتفاقية لاهاي الخامسة.
[13] المادة (14) من
اتفاقية لاهاي الخامسة.
[14] Poul
Fouchille, Tail de droit international public, op. cit, pp 762- 771.
[15] المادة (17) من
اتفاقية لاهاي الخامسة.
[16] راجع المادة (7)
من اتفاقية لاهاي الخامسة، والمادتين (6) و (7) من الاتفاقية الثالثة عشر.
[17] Poul
Fouchille, Tail de droit international public, op. cit, No 1470.
[18] Poul
Fouchille, L bid, No 1475.
[19] المادتان (8) و
(9) من اتفاقية لاهاي الخامسة.
[20] الماداتن (3) و
(5) من اتفاقية لاهاي الخامسة، والمادة (5) من الاتفاقية الثالثة عشر.
[21] المادة (26) من
الاتفاقية الثالثة عشر، والمادة (10) من الاتفاقية الخامسة.
[22] المادة (16) من
اتفاقية لاهاي الخامسة، وأيضاً في Lefur et chklaver, Recueil de texts de droit
international public, Paris, 1934, p 218.
[23] Poul Fouchille, op.
cit, pp 786- 792.
[25] مثل جورج ديب،
محمد المجذوب، إدمون نعيم وغيرهم، راجع بخصوص ذلك، جورج ديب، «استحالة الحياد
اللبناني»، الثقافة العربية، عدد كانون الثاني/يناير 1968. وكذلك، محمد
المجذوب، الحياد اللبناني في التصريحات والخلفيات، بيروت، ندوة الأربعاء،
1984، ح42 ــ 43. وكذلك Edmond Naeam, Points de Vue, Beyrouth,
1959, pp 45- 46.
[26] مثل شارل مالك
الذي أكد على هذه الشروط، راجع العمل، بيروت، 29/1/1969. وكذلك شارل حلو في
حديثه إلى مجلة النهار العربي والدولي الذي قال فيه: «إنَّ هذا الحل (الحياد) يبقى
نظرياً، ما لم يتبناه اللبنانيون على أساس وفاق وطني حقيقي، وما لم تقبله الدول
المحيطة بنا، إذ أنَّ الخيار يحتاج إلى قبول الآخرين به، فتحقيقه يعني حيادنا حيال
الآخرين، وحياد الآخرين حيالنا». النهار العربي والدولي، العدد 218،
6/6/1982، ص26.
[27] فعلى سبيل المثال،
تُثار بين اللبنانيين خلافات عميقة، حول نقل مقعد نيابي من طائفة إلى أخرى، أو من
منطقة إلى أخرى. وحتى تتأجج الخلافات بينهم على توزيع الوظائف الإدارية في مؤسسات
الدولة، حتى في المستويات الوظيفية غير القيادية.
[28] يؤكد ذلك محمد
المجذوب بقوله: «أما «إسرائيل»، فلن توافق على حياده (لبنان)، لأنَّ هذا الحياد
سيقف عائقاً في وجه أطماعها التوسعية، ولو افترضنا أنَّها تساهلت ووافقت، فسيكون
غرضها من ذلك انتزاع الاعتراف بها منه، وإخراجه من المجموعة العربية واستفراده
عندما تسمح الفرصة». محمد المجذوب، مصير لبنان في مشاريع حياد لبنان أو تحييده
يعني عزله وعزلته، بيروت، منشورات عويدات، 1978، ص209.
[29] جورج ديب، «إستحالة
الحياد اللبناني»، بيروت، الثقافة العربية، عدد كانون الثاني/يناير 1968،
ص15.