26‏/03‏/2025

 

الامارات عضوا في مجلس الامن

د.خليل حسين

رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية

18-1-2022

     تسلمت الامارات العربية المتحدة بداية شهر يناير / كانون الثاني الحالي مقعدها غير الدائم في مجلس الامن التابع للأمم المتحدة، بعدما انتخبت لهذا المقعد في يونيو/ حزيران الماضي، يذكر ان الامارات تشغل هذا المنصب للمرة الثانية بعدما شغلته لعامين متتاليين 1986 و1987 في القرن الماضي.

       العضوية الحالية ستستمر لمدة عامين 2022 و2023 بصفة عضوية غير دائمة في مجلس الامن، الى جانب اربع دول تم انتخابها هي البانيا والبرازيل والغابون وغانا، إضافة الى خمس دول غير دائمة تتابع عضويتها لعام واحد وهي الهند وكينيا وايرلندا والمكسيك والنروج ، وهي مجموعة العشرة غير الدائمة في المجلس التي تشكل كتلة تبدو متجانسة الى حد بعيد في الاطار السياسي لعمل مجلس الامن والتي من المتوقع ان لا تعترض هذه الدول عقبات ذات شأن عند التداول بمواضيع ذات طبيعة خاصة، ما يسهل على الامارات القيام بعملها بسلاسة ومرونة، سيما وان ما تنتظره الامارات في الفترة القادمة العديد من الاستحقاقات الإقليمية والدولية التي ينبغي التعامل معها بدراية وموضوعية في ظل أجواء دولية وإقليمية معقدة ومتشابكة الأهداف والمصالح.

       ثمة رأي شائع مفاده ، ان الأعضاء غير الدائمين في مجلس الامن لا يملكون الفعالية والقدرة المناسبة في تنفيذ سياسات دولهم، الا ان التدقيق في الامر يظهر عدم صحة هدا الرأي، سيما وان العديد من الصلاحيات المنفردة لمجلس الامن وأيضا المشتركة مع غيره من أجهزة الأمم المتحدة تتيح للدول غير الدائمة العضوية حرية الحركة والمناورة في اعمال مجلس الامن وطرق الوصول القرارات المستهدفة، ان كانت موضوعية او إجرائية ؛ صحيح ان ثمة بعض الخصوصيات التي تطبع عمل مجلس الامن والتي من خلالها تحدد نسبيا سياقات العمل ، الا ان العديد أيضا من الاعتبارات الوازنة التي تتيح للدول العمل بما تستسيغ، وهي أمور وإمكانات تمتلكها الامارات العربية المتحدة وسبق ان جربتها بكفاءة وفعالية عاليتين.

     والأعضاء غير الدائمين في المجلس يعملون على قدم المساواة مع الأعضاء الدائمين ، وفي بعض الحالات لا تستطيع الدول الخمسة التي تتمتع بحق النقض الفيتو من القيام بعمل ما دون التنسيق والاخذ بالاعتبار مواقف الدول غير الدائمة، ففي مطلق الأحوال ثمة قرارات لا يمكن تمريرها دون موافقة تسعة دول وان وافقت الخمسة الدائمة، وعليه تصبح هده الدول مركزا للاهتمام والتواصل لتمرير أي قرار مفترض، وبخاصة في القرارات الموضوعية التي تستلزم إجراءات خاصة في حال ان موشوع مشروع القرار ومضمونه ليس معروفا ان كان قرارا اجرائيا ام موضوعيا.

      علاوة على ذلك، ان أهمية العضوية التي تسلمتها الامارات مؤخرا، تنطلق في الأساس من السياسات العامة الإقليمية والدولية التي تعتمده الامارات ، وهي سياسات فاعلة وذات تأثير واضح في مجرى العلاقات السياسية والاقتصادية في العديد من الاتجاهات العربية والإقليمية والدولية، وهي ترتكز في الأساس على ابعاد وخلفيات محددة، ابرزها اطر السلام ومكافحة الإرهاب والقضايا ذات البعد الدولي الانساني كقضايا المرأة وحقوق الانسان بشكل عام، علاوة على الجوانب الاجتماعية كمستويات السعادة الاجتماعية، علاوة على التطوير العلمي والتي كان ابرزها العام الفائت الدخول بثقة عالية مجال الاستكشاف الفضائي عبر مسبار الامل الذي وصل الى المريخ.

       ينتظر الامارات العربية المتحدة مجموعة تحديات في مجلس الامن خلال السنتين القادمتين ، باعتبارها تمثل الحضور والصوت العربي في مجلس الامن بعدما حلت بديلا عن تونس، إضافة الى تمثيلها لدول الخليج العربية ومقعد آسيا، والبعد الإسلامي من خلال عضويته في منظمة التعاون الإسلامي، وبذلك، ستكون الامارات محور جذب لتقاطع الكثير من التفاعلات الإقليمية والدولية ذات الوزن في المرحلة القادمة.